
تجارب عربية معاصرة: صوت اللون ورسم الإيقاعالرسم والموسيقى: لغة واحدة بأداتين.. حوار الألوان والألحان
في كل عام، يحتفل العالم في 21 يونيو بـ"اليوم العالمي للموسيقى"، ذلك الفن الذي يلامس الروح بلا ترجمة، مخترقة الأذن والعقل والقلب معا، ويتجاوز اللغة والحدود، مثلما تفعل الفنون التشكيلية. وإن كانت الموسيقي تُعبّر عن إيقاع زمن الحياة بالأذن، فإن الرسّام يفعلها بالمكان والعين، كلا الفنين يتعاملا مع مبادئ النغم، الإيقاع، التوازن، الانفعال، الفراغ.
وتُعد العلاقة بين الفن التشكيلي والموسيقى من أعمق العلاقات العابرة للفنون، حيث يلتقي السمعي والبصري في بؤرة واحدة، مركز الوجدان الإنساني.
بين المرئي والصوتي: ما الذي يجمع الرسم بالموسيقى؟
رغم أن الرسم يُرى والموسيقى تُسمع، إلا أن بينهما قواسم جمالية عميقة، من أبرزها:
النغم بما يتضمنه من قيم وتدرحات، الإيقاع البصري أو الصوتي بنا يخويه من حركة، الانسجام والتناسق بين العناصر، التعبير التجريدي عن الانفعال والمشاعر، البُعد الروحي الذي يصعب ترجمته بالكلمات.
كما أن كلا الفنين قابلان للتأويل المفتوح، ويخلقان علاقة مباشرة مع المتلقي، تقوم على فردانية الحسّ الجمالي أكثر من الفهم المنطقي.
رموز عالمية: حين تتحول الأنغام
إلى ألوان وضربات فرشاة
فازلي كاندينسكي، رأى أن الألوان تُعزَف، وأن اللوحة يمكن أن تكون مقطوعة موسيقية صامتة.
بول كلي، جمع بين عزف الكمان والرسم، وأطلق على لوحاته أسماء موسيقية مثل "فوجة" و"إيقاع".
مارك شاجال، استلهم أعماله من موزارت وبيتهوفن، ودمج الرمزية الموسيقية داخل فضاء بصري حالم.
من السعودية: عندما تتحول الأصالة إلى نغمة مرئية، من طارق عبدالحكيم لباسم الشرقي.
عبدالحليم رضوي وعبدالله نواوي:
فنانان جمعا في أعمالهما بين الرسم والموسيقى، واستخدما في كثير من لوحاتهم مفردات بصرية مستوحاة من جلسات الرقص والطرب، والأنغام السعودية المنوعة من السامري والمجرور والمزمار والعرضة والخطوة، عبر تكوينات لونية تحاكي إيقاع المواويل والعرضات والعربية.
أحمد البار:
يستلهم أحمد البار من معزوفات الموسيقى روحًا تشكيلية مدهشة، حيث تتكرر في أعماله مفردات الإيقاع، والدائرة، والتكرار، وكأن اللوحة تنبض بضربات الطبول بطريقة تكعيبية مثيرة.
باسم الشرقي:
يرى في أعماله فنون الموسيقى هي الذاكرة الجمعية لكل مجتمع بما فيه التراث الموسيقي السعودي، مثل: طلال مداح، محمد عبده، عبادي الجوهر، أم كلثوم، عبدالحليم، ويحوّلها إلى عمل جماهيري ديناميكي يتنقّل بين الخطوط والألوان، في مشهدية تجمع بين الموسيقى والطرب والتكوين الحداثي.
مصر: تجليات النغمة في اللوحة
كمال عبده:
من الفنانين الذين تعاملوا مع الموسيقى كمصدر للرؤية البصرية، فتتحوّل الآلات والعازفين والمغني إلى موجات لونية فيها دفء صوت أم كلثوم، بأسلوب رمزي تأملي.
مها إبراهيم:
فنانة تشكيلية مصرية تجمع بين التأثيرات النفسية والحضارية، وغالبًا ما تدمج في أعمالها الإيقاع الداخلي للذاكرة، عبر تكوينات لونية رمزية تتأثر بنسق الموسيقى الشرقية وتوزيع طبقات الصوت، فتبدو اللوحة وكأنها مشهد مرئي من سمفونية فانتازية أو حلم بصوت صامت.
كيف تجسّد الموسيقى داخل اللوحة؟
دائرة الألوان/ السلّم الموسيقي طيف الألوان، الألحان: كل لون يحاكي طبقة صوتية، فالأحمر الصارخ يشبه نغمة حادة، بينما الأزرق العميق يقارب همسة.
الخطوط/ المقامات: الخط المنحني ناعم كآلة وترية، والخط المكسور صاخب كضربة طبل.
الفراغ/ الصمت الموسيقي: مثلما يلعب الصمت دورًا دراميًا في المقطوعة، كذلك تلعب المساحات الفارغة دورًا بصريًا في تنفس التكوين واحتواء عناصره ومفرداته.
التفاعل المعاصر: مزج الفنون في عصر الوسائط
في الفن المعاصر، أصبح الدمج بين الموسيقى والرسم أكثر حضورًا من أي وقت مضى:
العروض الحية حيث يرسم الفنانون على وقع العزف المباشر.
المعارض التفاعلية التي تصاحب اللوحات بموسيقى تُركّب خصيصًا لها.
عزف موسيقي على هامش معرض تشكيلي.
العلاج بالفن والموسيقى هناك مساعي لجعلها أدوات نفسية وجمالية مشتركة.
ختاماً، الرسم والموسيقى بوصفهما آلات عزف سمعية مرئي، في اليوم العالمي للموسيقى، نحتفي ليس فقط بالنغمة، بل بالصمت، بالإيقاع، باللون الذي يُسمع، وبالصوت الذي يُرى.
الرسم والموسيقى ليسا فنّين منفصلين، بل هما لغتان من روح واحدة، يلتقيان حين يعلو الصمت في الروح وتبدأ الأصابع – سواء كانت تعزف أو ترسم – في النطق الجمالي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مجلة سيدتي
منذ ساعة واحدة
- مجلة سيدتي
انطلاق فعاليات مرسم فن السعادة بالقطيف لتعزيز الهوية الثقافية ودعم المواهب المحلية
وسط حضور لافت وكبير من المهتمين بالفن والثقافة، انطلقت فعاليات مرسم " فن السعادة " للفنون الجميلة، في مشروع الرامس بوسط العوامية بمحافظة القطيف، التي ترمي إلى تعزيز الحراك الثقافي ودعم المواهب المحلية ضمن بيئة تفاعلية تحتضن الإبداع وتدمج الفنون في الحياة اليومية. أعمال فنية متنوعة في مرسم "فن السعادة" وشهدت تلك الفعاليات حضور عدد من الفنانين والناشطين الاجتماعيين وبعض الشخصيات، إلى جانب عدد من المهتمين بالفن والثقافة، مما يعكس حجم الاهتمام المجتمعي بالمبادرات والأعمال الفنية ودورها المتنامي في تعزيز الهوية الثقافية في المملكة العربية السعودية. نشر الثقافة البصرية وتجمع فعاليات مرسم "فن السعادة" بين عرض الأعمال الفنية المتنوعة وبيع أدوات الرسم والهدايا الفنية، بالإضافة إلى إقامة العديد من الورش والدورات التدريبية التي تسعى إلى نشر الثقافة البصرية وتنمية الذائقة العامة. دعم المواهب المحلية وتعزيز الهوية الثقافية وبهذه المناسبة، أكد مدير مشروع الرامس محمد التركي، أن هذه الشراكة تمثل إضافة نوعية للمشروع، مشيرًا، إلى أن استقطاب مبادرة بحجم وقيمة "فن السعادة" ينسجم تمامًا مع رؤية إدارة الرامس لخلق وجهة سياحية وثقافية حيوية، لا تقتصر على الترفيه والتسوق، بل تمتد لتكون منصة لدعم المواهب المحلية وتعزيز الهوية الثقافية لـ القطيف. وأوضح، أن هذه المبادرات الفنية تُحدث أثرًا مباشرًا في رفع الوعي البصري، وتسهم في تطوير البيئة الإبداعية، لافتًا، إلى أن المشروع سيظل منفتحًا على المبادرات التي تخدم الثقافة وتحقق تطلعات المجتمع. خلق فضاء فني حي يتفاعل مع الجمهور بدورها، أبانت الفنانة سعدية آل حمود، أن المرسم يتجاوز الهدف منه فكرة العرض والبيع إلى خلق فضاء فني حي يتفاعل مع الجمهور من خلال ورش تفاعلية ودورات تدريبية تستهدف كافة الأعمار. وأفادت، أن خطط المركز المستقبلية ترتكز على تفعيل الأنشطة الفنية المصاحبة، واستقطاب فنانين بارزين للمشاركة في المهرجانات والفعاليات التي يستضيفها المشروع، فضلًا عن السعي لتأسيس تعاقدات فنية مع قطاعات حيوية كالفنادق والمستشفيات، بما يخدم المجتمع المحلي ويرتقي بالذائقة الفنية العامة، ويجعل الفن جزءًا لا يتجزأ من الحياة العامة بما يتوافق مع مستهدفات رؤية السعودية 2030.


صحيفة سبق
منذ ساعة واحدة
- صحيفة سبق
موسم جدة يواصل تألقه بفعاليات مبتكرة وتجارب ترفيهية جديدة .. "جدة غير"
يواصل موسم جدة 2025 تألقه بتقديم فعالياته المتنوعة تحت شعار "جدة غير"، عبر عدد من الوجهات التي تقدم تجارب ترفيهية متجددة تلبي مختلف اهتمامات الزوار من العائلات والأفراد والأطفال. ويأتي ضمن أبرز الفعاليات "مهرجان جدة للتسوق" الذي يضم أنشطة تسويقية وترفيهية متكاملة تشمل عروضًا تجارية، وليالي موسيقية حية، إضافة إلى أنشطة تدعم الاقتصاد المحلي، وتوسّع الشراكات التجارية، بما يسهم في ترسيخ مكانة جدة مركزًا للتسوق والاستثمار والتجارة العصرية. ويقدّم موسم جدة 2025، فعاليات الساحل الغربي الذي يشمل أنشطة صيفية متنوعة تتضمن حفلات وعروضًا فنية، وتجارب طهي عالمية، تبرز مكانة جدة كونها وجهة صيفية ترفيهية على ساحل البحر الأحمر، وتجمع بين التنوع الثقافي والفعاليات الترفيهية. وتُعدُّ "غابة العجائب" واحدة من أبرز البرامج التفاعلية التي تستهدف العوائل خلال الموسم، وتأتي بتصميم مبتكر على شكل حديقة مغلقة مكيفة تناسب جميع الأوقات، تتيح للزوار استكشاف مجموعة من المغامرات والتجارب التفاعلية كاللقاءات المباشرة مع الحيوانات وإطعامها بطريقة آمنة، إلى جانب عروض مسرحية، وأخرى متجولة ومطاعم ومتاجر بطابع الأدغال، في نموذج يعكس ابتكار المحتوى، وقدرة الموسم على استيعاب الأنشطة الترفيهية غير التقليدية. ويستمر موسم جدة 2025، في تعزيز حضوره بمختلف المجالات السياحية والترفيهية والثقافية على مدار العام، وسيعلن عن فعاليات إضافية خلال الربع الأخير من السنة، عبر خارطة برامج وأنشطة متنوعة تتيح للمواهب المحلية فرصًا جديدة للإبداع، وتدعم مستهدفات جودة الحياة بما ينسجم مع رؤية المملكة 2030.


الشرق السعودية
منذ ساعة واحدة
- الشرق السعودية
صندوق البحر الأحمر يعلن قائمة الفائزين في منح ما بعد الإنتاج
كشف صندوق البحر الأحمر، التابع لمؤسسة البحر الأحمر السينمائي، عن قائمة المشاريع السينمائية الفائزة في المنح التمويلية عن أولى جولاته لعام 2025، والمخصصة لدعم المشاريع في مرحلة ما بعد الإنتاج، حيث تضمنت سرديات قصصية من العالم العربي وقارة آسيا، مما يؤكد التزام المؤسسة بدعم الأصوات السينمائية الصاعدة. وتشمل هذه الدورة 9 مشاريع سينمائية، مختارة من عدة دول من العالم العربي وقارة آسيا، من بينها: السعودية، وإندونيسيا، وماليزيا، وفرنسا، وتركيا وتونس، مما يعكس ثراء وتنوع الأصوات السينمائية في المنطقة. وتأتي هذه المنح لتسهم في استكمال مراحل ما بعد الإنتاج للمشاريع الفائزة، بما يعزز فرص وصولها إلى منصات العرض الدولية، ويمنح صُنّاعها دفعة قوية نحو تقديم قصص أصيلة تُثري المشهد السينمائي العالمي والإقليمي. المشاريع الفائزة وتضم قائمة المشاريع الفائزة، "سماء بلا أرض" إخراج إريج سهيري، و"فوكسي: الفرح في أربعة فصول" إخراج جيونجيونج كيو، و"الأم بهومي" إخراج كيات أون تشونج، و"PANGKU (ON YOUR LAP)" إخراج رضا رحاديان، و"مدرسة الأشباح" إخراج وإنتاج سيماب جول، و"الفائز يعرف من البداية" إخراج جاننات ألشانوڤا، و"البارونات" إخراج نبيل بن يدر، و"الجولة 13" محمد علي نهدي، و"VEHA" إخراج إليف سوزن. ومن جانبه، قال عماد إسكندر، مدير صندوق البحر الأحمر، في بيان صحافي، إنّ: "المشاريع الفائزة تُجسد ثراء السرديات الآسرة من العالم العربي وقارة آسيا، ونحن فخورون بأن نكون جزءاً من مسيرتهم الإبداعية"، متابعاً "لقد وسّعنا نطاق عملنا في العام الماضي ليشمل المشاريع الآسيوية، انطلاقاً من إيماننا العميق بالإمكانات الهائلة لصُنّاع الأفلام في تلك القارة. واليوم، نرى ثمار هذا التوجه من خلال هذه المجموعة المميزة من المشاريع ذات الرؤى السينمائية الفريدة". يذكر أن صندوق البحر الأحمر، قدّم دعماً لأكثر من 280 مشروعاً سينمائياً، تتضمن أفلاماً مميزة شقت طريقها نحو أبرز المهرجانات ومختلف الجماهير، منها فيلم "هوبال" الذي عُرض ضمن فعاليات الدورة الرابعة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي، وحقق إقبالاً واسعاً في صالات السينما السعودية، حيث تجاوزت مبيعاته 190 ألف تذكرة، بالإضافة إلى "ضي: سيرة أهل الضي"، الفيلم الافتتاحي للدورة ذاتها، الذي واصل رحلته ليُعرض ضمن برنامج مهرجان برلين السينمائي الدولي لعام 2024.