
ثروت موسى الرواشده تكتب : الاختلاف الإنساني حكمةٌ إلهيَّة*
أخبارنا :
هل خُلِقْنَا لِنَسِيرَ على خُطَى الآخَرين؟ أم أنّنا ذواتٌ مستقلَّة، يحملُ كلٌّ منّا بَصمَتَهُ الخاصَّة في هذا الوجود؟
وهل نعيشُ لإرضاءِ ذواتِنا، أم أنَّ لكلِّ واحدٍ منَّا رِسالةً أوجَدَهُ اللهُ ليؤدِّيَها؟
تتردَّدُ هذه الأسئلةُ في داخِلِنا، خاصَّةً حين نصطدمُ باختلافِنا عن الآخرين، أو حين يُفرَضُ علينا أن نُشَابهَهم لنُصبِحَ "مقبولين"
الاختلافُ في ضوءِ الرؤيةِ القرآنيَّة والفكرِ الإسلاميّ
تناوَلَ الراغبُ الأصفهانيُّ في كتابِه تفصيلِ النَّشأتين وتحصيلِ السَّعادتين مسألةَ التفاوتِ بين الناسِ من منظورٍ إيمانيٍّ فلسفيٍّ دقيق. فقد بيَّنَ أنَّ الأشياءَ - من حيث أصلُها - متساويةٌ لأنَّها صُنِعَت بالحكمةِ، إلّا أنَّها تختلفُ في خصائصِها ووظائفِها؛ فلكلِّ نوعٍ فائدةٌ واختصاص.
وقد استشهدَ بقولهِ تعالى:
﴿ ما تَرَى فِي خَلْقِ الرّحْمنِ مِنْ تَفَاوُتٍ ﴾
وقولهِ تعالى: (وقد خَلَقَكُمْ أطْوَاراً)
ثم فصَّلَ الأسبابَ التي تؤدِّي إلى اختلافِ الناسِ وتفاوتِهم، ومنها:
1. اختلافُ الأمزجةِ والطينةِ والخِلقةِ: فمن الناسِ السَّهلُ، ومنهم الحَزْن، ومنهم الطيِّبُ والخبيث.
قال تعالى: (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا)
2.اختلافُ حالِ الوالدَيْن في الصلاحِ والفسادِ:
قال تعالى: ( وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً ﴾
3. *اختلافُ ما تتكوَّن منه النُّطفه
روي عَن عُثْمَان بْنِ أَبِي العاص رضي الله عنه أنه قَالَ: (النَّاكِحُ مُغْتَرِسٌ، فَلْيَنْظُرْ أَيْنَ يَضَعُ غَرْسَهُ، فَإِنَّ عِرْقَ الْسُّوْءِ لَا بُدَّ أَنْ يَنْزِعَ وَلَوْ بَعْدَ حِيْنٍ) .
4. اختلافُ التربيةِ والتعويدِ على العاداتِ الحسنةِ:
كما قال عليه الصلاة والسلام: (مُروا أولادَكم بالصلاةِ وهم أبناءُ سبعِ سنينَ واضربوهُم عليها وهمْ أبناءُ عشرٍ وفرِّقوا بينهُم في المضاجعِ)
5. اختلافُ الاجتهادِ في تزكيةِ النفسِ.
6.اختلافُ مَن يُخالِطُهُ الإنسانُ ويتأثَّرُ به:
كما قيل: (عن المرءِ لا تسألْ، وأبصِرْ قرينه)
7. اختلافُ اجتهادهِ في تحصيلِ العلمِ والعملِ عند استقلالِهِ بنفسه
أما في علم النفس فقد بين كارل روجرز في نظريتِه حول "الصورةِ الذاتيَّة". فقد رأى أنَّ لكلِّ إنسانٍ إدراكًا خاصًّا للواقعِ ينبعُ من تجربتِه الفرديَّة، ولا يجوزُ الحكمُ عليه بمعاييرَ خارجية.
اما من المنظورُ الطاقيُّ والرُّوحيُّ للاختلاف فينظرُ للاختلافِ من زاويةٍ روحيَّةٍ تعتمدُ على الذبذباتِ والحقولِ الطاقيَّة المحيطةِ بكلِّ شخص ويُفسَّرُ هذا التفاوتُ بين الناسِ عبر عدّةِ عوامل گتردد الطاقةِ الشخصيَّة والبرمجةُ الطاقيَّةُ السابقة والوعيُ الرُّوحيُّ للفرد والرسالةُ الرُّوحيَّة والهدفُ من الوجود والبيئةُ الطاقيَّةُ المحيطة فجميع هذه العواملِ تُشكّلُ البصمةَ الطاقيَّةَ الفريدةَ لكلِّ إنسان، مما يجعلُه مختلفًا في تفاعلِه وتوجُّهاتِه .
أما رؤيتي للإختلاف فلطما وقعتُ في مواقفَ صعبةٍ بسببِ اختلافي، ومررتُ بفتراتٍ حاولتُ فيها تجاوزَهُ أو تذليلَهُ دونَ جدوى. ولكنني أدركتُ، مع مرورِ الوقت، أنَّ هذا الاختلافَ لم يكن عائقًا، بل كان بوّابةً لفهمٍ أعمقَ للذاتِ ووعيٍ أصفى بالحياة.
إنَّ الاختلافَ ليس تهديدًا، بل هو ثراءٌ.
ولم نُخلَق نُسَخاً بل خُلِقنا أفراداً لكلٍّ منّا حكايةٌ، وتجربةٌ، ودورٌ في هذا التنوعِ الذي أراده الله حِكمةً وميزاناً.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جو 24
منذ 2 ساعات
- جو 24
الأردن العظيم
جمال الدويري جو 24 : سلامًا أيها الغالي سلامًا أيا وطن الكرامة والنشامى عظيمٌ أيها الأردنّ سامي إليك المجد فخرا قد تسامى تليدٌ منذ آلافٍ توالت وصيت الصيد في الدنيا ترامى وهامك في السحاب ولا يُدانى لغير الله ما صغّرت هاما نحب ثراك يا وطني ونهوى ولا عشقا لغيرك أو هياما جنان الأرض فواح شذاها بطيب الندّ مع عطر الخزامى ويمٌّ يبسط الكفّين جودا ولو يطوي مدى دهرٍ صياما ونكرم ضيفنا لما أتانا ونرفق بالضعيف وباليتامى وإن عادٍ تجرأ او تخطّى حِمى وطني ورام به صداما براكين نثور ولا نداري وننثر في مدى الدنيا زؤاما ونيران تحرّق كل باغٍ أُوارٌ يلهب الدنيا ضراما صِرامٌ باللقاء وكم زرعنا بصدر المعتدين كذا صِراما وكم خضنا المعامع لا نبالي ولا قدرا نهاب ولا حِماما أسودٌ في العرين لها هصير وهل أسد تخاف رغا هواما وهل حرّ يطاوله غراب وهل للحرّ ان يخشى حَماما كريم أيها الأردن أرضًا وهل يحوي الكريم سوى كِراما تابعو الأردن 24 على


أخبارنا
منذ 3 ساعات
- أخبارنا
وكالة الشؤون النسائية بالمسجد الحرام تطلق مبادرة "عشر وارفة" لإثراء تجربة القاصدات في الحج
تتضمن دروس علمية لبيان قدسية عشر ذي الحجة.. أخبارنا : أطلقت وكالة الشؤون النسائية بالمسجد الحرام مبادرة "عشر وارفة" العلمية اليوم لإثراء تجربة القاصدات في موسم حج 1446هـ، وفق الخطة التشغيلية والتي اعتمدهاز لرئاسة الشؤون . وتتضمن المبادرة سلسلة دروس علمية منهجية مؤصلة تهدف لتعزيز القيم الإيمانية و بيان قدسية الأيام العشر المباركة وتهيئة الاجواء التعبدية للقاصدات وإروائهمً من فضائلها، وتغذيتهم الايمانية برحماتها، استغلال نفحاتها المباركة .وتهدف المبادرة بيان فضل العشر من ذي الحجة وفق منهج علمي رصين يعزِّز الجوانب الإيمانية لهذه الايام المباركة .و تتضمن المبادرة حزمة من البرامج ؛ لتعميق أثر شعيرة الحج في وجدان وسلوك حاجَّات بيت الله الحرام، وإثرائهن بكل ما من شأنه إنجاح رحلتهن الإيمانية، وأداء الركن الخامس من أركان الإسلام،


أخبارنا
منذ 5 ساعات
- أخبارنا
الرئاسة تعضد مسار الدروس العلمية وتطلق اول بث مباشر صوتي ومرئي ..
أخبارنا : عززت رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي المسارات الاثرائية للدروس العلمية في موسم ، حيث أطلق اليوم أول بث مباشر صوتي ومرئي، وذلك ضمن جهود الرئاسة لتعزيز المسار التقني والرقمي لموسم حج هذا العام، واثراءا لتجربة حجاج بيت الله الحرام، وذلك عبر حساب إدارة التوجيه الرقمي على منصة يوتيوب (YouTube) ومنصة مكسلر (Mixlr) .. واكد معالي معالي رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، الشيخ الأستاذ الدكتور عبدالرحمن السديس أن الرئاسة حريصة على تعزيز المسار التقني للدروس العلمية لاثراء تجربة ضيوف الرحمن رقميا لايصال رسالة الحج الوسطية للعالم . وقد تم اليوم بث أول درس علمي مباشر صوتي ومرئي لفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور حمزة الفعر، المدرس بالمسجد الحرام، في شرح كتاب "الحج' من بلوغ المرام، وذلك من موقع الدرس بتوسعة الملك فهد – رحمه الله –، الدور الأول، باب ٩١.