
حكاية جامع.. جولة في رحاب أشهر مساجد المغرب 'مولاي اليزيد في مراكش'(الحلقة 20)
في هذه الحلقة من سلسلتكم 'حكاية جامع' نعود إلى حاضرة
أعدها للنشر- عبد المراكشي
le12
اشتهر المغرب بكونه يتوفر على عدد كبير جدا من
.
بناء على هذه المعطيات لا تكاد تخلو أية قرية نائية أو مدشر موغل في أعماق 'المغرب غير النافع' من مساجدَ يُذكر فيها اسم الله، فما بالك بمُدن المركز وباقي الحواضر الكبرى في بلاد الـ مسجد
.
في هذه الحلقة من سلسلتكم 'حكاية جامع' نعود إلى حاضرة مراكش لنتوقّف عند جامع مولاي اليزيد أو جامع القصبة أو جامع المنصور، مسجد المنصور الموحدي، مسجد المنصورية.. هذا المسجد التاريخي الذي بُني بين عامي 1185 و1190 م على يد الخليفة الموحدي يعقوب المنصور. وتم ترميمه وتجديده عدة مرات عبر تاريخيه الطويل، كانت أهمّها في عهد السلطان السعدي عبد الله الغالب في القرن السادس عشر الميلادي، وبعدها في عهد السلطان العلوي سيدي محمد بن عبد الله في القرن الثامن عشر الميلادي
.
وقد تمّ تسجيل المسجد (الذي لا يزال متضرّرا من آثار الزلزال الأخير) في قائمة 'يونسكو' للتراث العالمي في 1985 كجزء من تاريخ مدينة مراكش
.
شيّده السلطان يعقوب المنصور الموحدي ما بين سنتي 581 هـ/ 1185 م و586 هـ/ 1190 م وهو متوجه إلى الأندلس في غزوته الشهيرة (غزوة الأراك) ولما عاد مظفرا في 594 هـ/ 1197 م وجد الجامع قد تم تشييده على أحسن صورة
.
يقول ابن أبي زرع كما جاء في 'القرطاس': 'إن يعقوب أنفق في بنائه أخماس غنائم الروم'. ويقول الحسن الوزان في 'وصف إفريقيا': 'مسجد في غاية الجمال والعظمة، تعلوه صومعة متناهية الجمال، وفي أعلاه ركز عمود من حديد فيه ثلاث تفاحات من ذهب أكبرها السفلي، وأصغرها العليا. وقد أراد كثير من الملوك أن يزيلوا هذه التفاحات وصكّها نقدا عندما اشتدت حاجتهم إلى المال، لكنهم في كل مرة تحدث لهم حادثة غريبة تلزمهم بتركها، حتى أنهم تطيروا من مسها
'.
بعد بنائه وتعاقب السلاطين عليه، شهد الجامع عدة إصلاحات وترميمات غيرت من شكله الأصلي. وللجامع الحالي أربعة أبواب عمومية: واحد على الجهة الشمالية قبالة المحراب، وثلاثة على الجهة الغربية، رغم أن المراجع تشير إلى أن الجامع كان يتوفر على سبعة أبواب. يقول ابن أبي زرع 'وصنعوا للجامع سبعة أبواب على عدد أبواب جهنم، فلما دخله أمير المومنين أعجبه وسر به، فسأل عن عدة أبوابه، فقيل له إنها سبعة، والباب الذي يدخل منه أمير المومنين هو الثامن، فقال عند ذلك: لا بأس بالغالي إذا قيل حسن وفرح به غاية
'.
ويتحدث صاحب 'الاستقصا' عن انفجار وقع في الجامع في 981 هـ/ 1573 م وسببه كما جاء في أعلام التعارجي: 'كان بقصبة مراكش جماعة من أسارى النصارى من لدن أيام أبي العباس الأعرج وأخيه عبد الله الشيخ السعدي، فرأوا الحجم الغفير من أعيان المسلمين وأهل الدولة يحضرون كل جمعة للصلاة مع السلطان بجامع المنصور (مولاي اليزيد) فحدثتهم نفسهم بأن يصنعوا مكيدة يهلكون بها السلطان ومن معه. فحفروا في خفية تحت الجامع حفرة ملأوها بالبارود ووضعوا فيها فتيلا تسري فيه النار على مهل كي ينقلب الجامع بأهله وقت الصلاة. فنفطت المينا وانهدمت بها القبّة الواسعة من الجامع المذكور، وانشقّ منارها شقا كبيرا ما زال ماثلا إلى الآن'. كما جُدّد الجامع بعد ذلك من قِبَل السلطان محمد بن عبد الله، ثم السلطان مولاي عبد الرحمان
.
وقد بُويِع في الجامع الخليفة السلطان إدريس المامون بن يعقوب المنصور بعد صلاة العصر من يوم الأربعاء 28 شوال 624 هـ. فكان أولَ ما صنع لما دخل مراكش هو سب المهدي بن تومرت على منبر الجامع. وبعد أيام جمع رؤساء الموحّدين وقطع منهم نحو أربعة آلاف رأس، كما أورد صاحب 'إيليغ قديما وحديثا
'.
وورد في 'القرطاس': 'قُرِئت على هذا المنبر بيعة السلطان محمد بن عبد الله سنة 1757 م التي وُجِّهت من فاس إلى مراكش. وبويع بالجامع أيضا السلطان يحيى بن محمد الناصر بن يعقوب المنصور، وهو شاب غر وسنه حينئذ 16 سنة، عام 624 هـ/ 1227 م، كما في 'الدرر الفاخرة
'.
ويعدّ هذا الصرح الديني، الذي يوجد غير بعيد عن مسجد الكتبية العريق، وبجانبه عدد من المآثر التاريخية، أهمّها قبور السعديين، ضمن معالم حضارية عديدة بنيت في زمن الموحدين، من أكبر المساجد في المدينة بمساحة تقدر بحوالي 6 آلاف و500 متر مربع، وأحسنها هندسة ورونقا. ويتوفر هذا الجامع على أربعة أبواب عمومية، في حين ذكر المؤرّخون أنه كانت له سبعة أبواب وباب خاص بالسلطان. ومئذنته لا تمثل الصفة والخاصية التي طبعت وتميز بها الشكل المعماري للصومعة المغربية من حيث الكبر والضخامة، وبخاصة مع بداية القرن السادس الهجري، كما هو الشأن بالنسبة إلى صومعتي الكتبية وإشبيلية في الأندلس
.
وقد شُيّدت المئذنة في الركن الشمالي الغربي من الجامع، مربّعة القاعدة ضلعها 8,8 أمتار، ملساء إلى حدود سقف الجامع ومزخرفة بعد ذلك إلى القمة، حيث إفريز من الخزف
.
كما جرت في عهد الملك محمد السادس عمليات إعادة إصلاح وترميم كبيرة في هذه المعلمة الدينية استغرقت أربع سنوات، شملت الواجهة الجنوبية للمسجد والأسقف والقباب، مع تدعيم أرضية وجدران المسجد، وترميم العناصر الزخرفية على الخشب والجبص، وتأهيل الشبكة الكهربائية والصوتية. كما تمت تهيئة الساحة المجاورة له بخلق مناطق خضراء وتجهيز النافورات
.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أريفينو.نت
منذ ساعة واحدة
- أريفينو.نت
المجلس العلمي المحلي للناظور يحتفي بختم الطالبة آية أصغر للقرآن الكريم عن سن لا تتجاوز 14 سنة..
أريفينو : 24 مايو 2025. في أجواء إيمانية مفعمة بالخشوع والتقدير لكتاب الله تعالى، نظّم المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور، يوم الجمعة 25 ذوالقعدة 1446 الموافق 23 ماي 2025م، حفلاً دينياً بهيجاً بمناسبة ختم الطالبة آية أصغر، البالغة من العمر أربعة عشر سنة، للقرآن الكريم كاملاً، وذلك بفضاء كتاب ابن عاشر التابع لمعهد الإمام مالك للتعليم العتيق. وشهد الحفل حضور عدد كبير من النساء ، إلى جانب أسرة الطالبة وطالبات المعهد، حيث تخللت المناسبة تلاوات عطرة من الذكر الحكيم، وكلمة توجيهية لعضو المجلس العلمي الأستاذة حليمة الغازي، ركّزت فيها على فضل حفظ القرآن، ودور الأسرة والكتاتيب ومعاهد تحفيظ القرآن وتعليم العلوم الشرعية في تنمية هذا المسار المبارك لدى الناشئة. كما نوهت بمجهودات كل من المشرفة على طالبات المعهد حبيبة قيشوح والفقيه محمد أبركان والدعاء لهما بدوام الصحة والعافية والاستمرار في تخريج أجيال من الحافظات والخاتمات. إقرأ ايضاً وتُعد الطالبة آية أصغر نموذجاً مشرفاً للجيل الصاعد، حيث تمكنت من إتمام حفظ المصحف الشريف في سن مبكرة، وهو إنجاز يُحسب لها ولمعهد الإمام مالك للتعليم العتيق، ويُجسد ثمار المثابرة والإخلاص في طلب العلم الشرعي. وفي ختام الحفل، تم تكريم الطالبة بشهادة ختم القرآن وهدايا رمزية، عربون وفاء وتحفيز لمزيد من التألق في مسيرتها القرآنية والعلمية. كما عبّر الحاضرون عن سعادتهم بهذا الحدث، مؤكدين أن مثل هذه المبادرات تُسهم في ترسيخ القيم الدينية والوطنية لدى الشباب. ويأتي هذا النشاط ضمن البرامج التي دأب المجلس العلمي المحلي للناظور على تنظيمها، دعماً لطلبة التعليم العتيق، وتشجيعاً على حفظ القرآن الكريم والتخلق بأخلاقه.


صوت العدالة
منذ 11 ساعات
- صوت العدالة
انطلاق فوج الحجاج لاداء فريضة الحج بعمالة المضيق الفنيدق.
صوت العدالة : عبدالقادر خولاني. كانت مدينة المضيق محطة لانطلاق فوج الحجاج لهذه السنة من أمام مجلس عمالة المضيق الفنيدق ،العملية التي اعدها و اشرف على مختلف مراحلها رئيس مجلس العمالة السيد احمد حلحول لفائدة الحجاج بهدف تيسير السفر الى مطار طنجة ابن بطوطة حيث سيسافرون جوا الى الديار المقدسة بالمملكة العربية السعودية لاداء فريضة الحج. اللهم اجعله حجاً مبروراً واجعل سعيهم مشكوراً وذنبهم مغفوراً وعملهم مقبولاً وتجارة لن تبور يا عزيز يا غفور وارجعهم الى اهلهم ان شاء الله سالمين. والشكر موصول للسيد رئيس مجلس العمالة على هذه البادرة التي اصبحت عرفا طيبا بعمالة المضيق الفنيدق.


بالواضح
منذ 16 ساعات
- بالواضح
باحثون يؤكدون في الرباط: لا مستقبل للتعليم دون قيم
في الجلسة العلمية الأولى ، قدّم الدكتور سعيد هلاوي مداخلة وازنة حول الجامعة بوصفها مؤسسة نموذجية في ترسيخ القيم ، مؤكداً أن دور الجامعة يتجاوز التعليم نحو التكوين القيمي للمواطن ، مشيرًا إلى الحاجة الماسة إلى تجديد العلاقة بين الجامعة والزوايا في إطار من التعاون والتكامل . كما تناول الدكتور عبد المغيث بصير بالدراسة والتحليل الدور التاريخي للزاوية البصيرية في نشر القيم والأخلاق ، مستعرضاً مساهماتها في بناء الإنسان المغربي المؤمن بوطنه ، والمتمسك بثوابته الدينية . أما الدكتور محمد نصيحي فقد قدم مداخلة متميزة بعنوان ' مظاهر التكامل بين الجامعة والزوايا '، دعا فيها إلى بناء شراكات علمية وروحية تحفظ الهوية وتعزز الانتماء . وفي سياق الجلسة العلمية ذاتها، قدّم الأستاذ حسن الطويل ، الباحث في سلك الدكتوراه، مداخلته الموسومة بـ' المؤسسات العلمية التربوية ودورها في بناء القيم'، تناول من خلالها إشكالية تراجع المنظومة القيمية في المجتمع المعاصر، محذرًا من انعكاساتها السلبية على التماسك الاجتماعي والسلوك العام. واعتبر أن أزمة القيم الراهنة هي في عمقها أزمة تربية، تستدعي إعادة الاعتبار للمؤسسات التعليمية والتربوية بصفتها الحاضنة الطبيعية لبناء الوعي الأخلاقي والوطني. كما شدّد على أهمية التكامل بين المؤسسات الحديثة والتقليدية، ولا سيما الزوايا، لما لها من رصيد روحي وتربوي أصيل، داعيًا إلى مراجعة السياسات التربوية بما يجعل من سؤال القيم مدخلًا لكل إصلاح تنموي ومجتمعي . وتواصلت أشغال الندوة بجلسة علمية ثانية خُصصت لقراءة تربوية صوفية في أطروحة ' معالم التربية السلوكية في تجربة العلامة الشيخ محمد المصطفى ماء العينين قدّمها الدكتور عبد الهادي السبيوي ، حيث بسط معالم التصوف السني كمدرسة للقيم السلوكية والروحية المؤسسة على التزكية والتدرج ، مبرزًا كيف أن هذه التربية تسهم في بناء الإنسان القيمي الواعي . كما شهدت الجلسة ذاتها مداخلتين نوعيتين لكل من الدكتورة النجاة ماء العينين ، التي تناولت مفاهيم الأخوة والسمو الروحي في التجربة التربوية الصوفية ، والدكتور سعيد هلاوي الذي قارن بين هذا النموذج الصوفي ومدارس التصوف الكبرى في التراث الإسلامي . الجلسة الختامية كانت بامتياز لحظة تأمل في مسار رجل من رجال القيم والوطن ، المقاوم محمد بصير ، من خلال عرض وثائقي توثيقي شيق بعنوان ' محمد بصير … القصة الحقيقية ' ، سلط الضوء على شخصيته النضالية وتكوينه العلمي وانخراطه في مشروع وطني قيمي مقاوم . وقد تخللت الندوة لحظات تكريم وعرفان ، تم خلالها توزيع الشهادات والدروع ، بعدها تمت قراءة برقية ولاء وإخلاص مرفوعة إلى السدة العالية بالله ، صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ، واختمت أشغال اللقاء العلمي بالدعاء الصالح لأمير المؤمنين ، في أجواء امتزج فيها العلم بالوفاء ، والتاريخ ب الروح ، والوطنية بالإيمان .