
الذكاء الاصطناعي والروبوتات: جسر جديد للشراكة الصينية العربية
بقلم الكاتب الصحافي في شينخوا: لي تنغ
ينشر بالتعاون بين «الجريدة» ووكالة أنباء «شينخوا»
كلما عادت ابنتي من مدرستها الإعدادية وشرعت في مذاكرة دروس مادتي الرياضيات واللغة الإنكليزية، تستخدم جهاز اللابتوب المزوّد بنماذج الذكاء الاصطناعي التي تفسر لها المسائل الرياضية المعقدة بكل صبر ودقة، كما لو كانت تجلس أمام معلم خاص ذو خبرة. كما تتولى هذه النماذج تصحيح واجباتها المنزلية تلقائيًا، ثم تطرح عليها أسئلة مماثلة أخرى لتعزيز قدرتها المعرفية. وبعد ذلك، أساعدها في تنقيح موضوعات التعبير باستخدام الذكاء الاصطناعي على هاتفي المحمول ليجعل أسلوبها أكثر بلاغة وسلاسة.
خلال رحلتنا السياحية في أرجاء البلاد أثناء عطلة ابنتي الشتوية، أقمنا في عدة فنادق حيث لفت انتباهنا مشهد الروبوتات التي تجوب أروقتها بمهارة، لتنظف الأرضيات بلا كلل أو ملل. وفي مطاعمها، شاهدناها وهي تنقل الأطباق من المطابخ إلى موائدنا بانسيابية ودقة مذهلتين، وكأنها تعزف سيمفونية لا مثيل لها من التناغم والإتقان.
كانت تلك تجربة عشتها بنفسي منذ عودتي إلى الوطن، بعد ست سنوات قضيتها في العمل كصحافي في العالم العربي. ولا شك أن التقدم المذهل في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي قد غيّر أسلوب الحياة بشكل لم نعهده من قبل.
تعمل الصين اليوم على تعزيز الابتكار العلمي والتكنولوجي في مجالات المعرفة المتقدمة والقطاعات الناشئة، وتسعى إلى تطوير القوى الإنتاجية الحديثة النوعية، وتعزيز التنمية عالية الجودة في البلاد. وقد شكّل هذا التوجه محورًا رئيسيًا على جدول أعمال الدورتين السنويتين اللتين اختُتمتا مؤخرًا في بكين، وهما الاجتماعان السنويان لكل من المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، أعلى هيئة تشريعية في الصين، والمجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، أعلى هيئة استشارية سياسية في البلاد.
وبصفتي متابعًا ومشجعًا للعلاقات الصينية العربية، أرى أن جهود الصين في تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والروبوتات تُضفي زخمًا جديدًا يُعزز التعاون الصيني العربي بما يحقق المنفعة المتبادلة.
الذكاء الاصطناعي: تطلع مشترك
نظرًا لكون الذكاء الاصطناعي أحد المجالات المحورية في التنافس التكنولوجي العالمي، وضعت الصين خطة طموحة لتطوير الذكاء الاصطناعي من الجيل الجديد، بهدف بناء بيئة صناعية شاملة. فبحلول أواخر العام الماضي، صار لديها أكثر من 4500 مؤسسة متخصصة في هذا المجال، فيما تقدر قيمة هذه الصناعة بحوالي 600 مليار يوان (اليوان الواحد يعادل حوالي 7.28 دولار أمريكي). وتتضمن السلسلة الخاصة بها جوانب عدة بدءًا من وحدات المعالجة المركزية وأساليب الحوسبة وصولًا إلى البيانات والمنصات والتطبيقات.
أما في العالم العربي، فقد أدرجت كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية الذكاء الاصطناعي ضمن إستراتيجاتهما الوطنية سعيًا لتكونا مركزين للابتكار في المنطقة. كما تبنت الصين والدول العربية إطارًا للتعاون ضمن «طريق الحرير الرقمي»، بهدف دفع عجلة التعاون بين الجانبين في مجالات المدن الذكية والتجارة الإلكترونية. ومن هنا، أصبح تعزيز التعاون في مجال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي توافقًا مشتركًا وتطلعًا واعدًا للجانبين.
لقد حققنا بالفعل إنجازات أولية في هذا المجال الحيوي، حيث شهدنا دخول عدد من الشركات الصينية الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي إلى الأسواق العربية، ولا سيما أسواق الخليج، ومن بينها «ديبسيك» و«تنسنت كلاود». لكن طموحنا لا يتوقف عند ما تحقق حتى الآن، ونسعى إلى توسيع آفاق تعاوننا بخطوات أوسع.
يمكننا، على سبيل المثال، إنشاء ممر ابتكاري صيني عربي للذكاء الاصطناعي وإقامة مراكز للبحوث والتطوير في الدول العربية، بما يسهم في مواءمة التكنولوجيا بالظروف المحلية وتعزيز تكاملها مع متطلبات المنطقة. كما بوسعنا الاستفادة من إمكانيات مؤسسات أكاديمية مثل جامعة شنتشن في دبي والجامعة الصينية في مصر وغيرهما من الجامعات المتميزة لإطلاق برامج مشتركة تهدف إلى إعداد أجيال جديدة من المتخصصين في الذكاء الاصطناعي.
أما على المدى البعيد، فمن الممكن دراسة جدوى مسألة تطبيق الحلول الصينية للذكاء الاصطناعي في المشاريع الكبرى مثل العاصمة الإدارية الجديدة في مصر ومدينة نيوم في السعودية، فضلاً عن دراسة إنشاء نموذج ثلاثي للتعاون، يجمع بين التكنولوجيا الصينية ورأس المال الخليجي والسوق الأفريقية، وذلك بهدف توسيع نطاق الأنشطة التكنولوجية وتعزيز حضورها في العالم العربي.
خلاصة القول، يتمتع التعاون الصيني العربي في مجال الذكاء الاصطناعي بتكامل إستراتيجي وقابلية للتطبيق. ومن خلال التنسيق السياساتي والأبحاث التكنولوجية المشتركة والتفاعل الرأسمالي والتقاسم المشترك للمخاطر، يستطيع الجانبان خلق بيئة جديدة للذكاء الاصطناعي تتجاوز الحدود الإقليمية لتصبح نموذجًا يُحتذى به في التعاون التكنولوجي بين بلدان الجنوب.
صناعة الروبوتات: قوة دفع
في ظل السعي الحثيث الذي تبذله دول مجلس التعاون الخليجي للحد من الاعتماد على صناعة النفط وتعزيز التنوع الصناعي بوتيرة متسارعة، أصبحت الروبوتات الصناعية ركيزة محورية في عملية تحديث قطاع التصنيع. وفي هذا الإطار، يشهد سوق الروبوتات الصناعية في الدول العربية نموًا متزايدًا، حيث من المتوقع أن «يرتفع هذا الطلب بنسبة تزيد عن 15% على أساس سنوي»، وفقًا لما جاء في تقرير صيني. ومن المتوقع أن يتجاوز حجم سوق الروبوتات الصناعية في الدول العربية 12 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030.
في هذا السياق، تعد الصين من أبرز الدول في صناعة وإنتاج الروبوتات الصناعية عالميًا، حيث بلغ عدد المؤسسات العاملة في صناعة الروبوتات الذكية 451.7 ألف مؤسسة، بزيادة 206.73% عن نهاية عام 2020.
وتتجلى مجالات التعاون الصيني العربي في تكنولوجيا الروبوتات في أربعة محاور رئيسة:
1. الروبوتات المستخدمة في صناعة الطاقة: وتشمل الروبوتات المتخصصة في تفقد أنابيب النفط والغاز، وكذلك روبوتات اللحام المقاومة للحرارة العالية والمضادة للانفجارات، ما يساعد في تعزيز كفاءة وأمان هذه الصناعات الحيوية.
2. الروبوتات الطبية: المستخدمة في العمليات الجراحية والتعافي الصحي، حيث يتم اعتمادها في بناء المستشفيات الذكية في دول مثل الإمارات وقطر وفق نموذج «الآلة + منصة الحوسبة السحابية»، ما يفتح آفاقًا جديدة للرعاية الصحية الذكية.
3. الروبوتات الذكية: المستخدمة في إدارة وصيانة الألواح الشمسية، والتي يتم الاستعانة بها في دول تمتلك حقولًا كبيرة لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية، ما يساهم في رفع كفاءة الإنتاج والاستدامة البيئية.
4. الروبوتات البشرية: المستخدمة في الخدمات المنزلية، التي تسهم في تحسين جودة الحياة عبر تقديم حلول تقنية متطورة في المجال الخدمي.
«مانوس» و«ديبسيك»
ربما لم نكن نبالغ حين أطلقنا على عام 2025 اسم «عام ميلاد الذكاء الاصطناعي»، أو بشكل أدق «عام ميلاد الوكيل المجسد للذكاء الاصطناعي». يمثّل هذا الوكيل الجسر الذي يُترجم أفكار ونماذج الذكاء الاصطناعي إلى واقع ملموس، معلنًا بذلك الخطوة الأولى لدخول الذكاء الاصطناعي إلى العالم الحقيقي.
في عصرنا الحالي، يحظى وكيل الذكاء الاصطناعي «مانوس»، الذي طورته شركة «مونيكا. أي إم» الصينية الناشئة، باهتمام واسع في الأوساط المتخصصة في الذكاء الاصطناعي داخل الصين وخارجها. بلغ الحماس ذروته، حيث يتنافس أكثر من مليوني طالب للحصول على فرصة تجربة هذا الوكيل المبتكر، فيما لم يتردد بعض الراغبين في عرض مبالغ تفوق 14 ألف دولار أميركي للحصول على حساب تجريبي بدعوة خاصة.
سواء كان برنامج الذكاء الاصطناعي الذي نعرفه «دماغًا» أو «مستشارًا»، فإن «مانوس» يُشبه إلى حد بعيد «اليد الماهرة» أو «العامل المتمكن». فعلى سبيل المثال، إذا كنت مديرًا للموارد البشرية ولديك ملف يحتوي على مائة طلب توظيف، يمكنك إسناد المهمة إلى «مانوس»، الذي سيتولى تلقائيًا فك الملف وتحليل بيانات المتقدمين لاختيار الأنسب والأكثر تأهيلًا. وإذا كنت ترغب في شراء عقار في مدينة كبرى، فإن «مانوس» سيقوم بالولوج إلى قاعدة بيانات الجرائم لاختيار المجمع السكني الأكثر أمانًا، إلى جانب متابعة العقارات التي تتمتع بأفضل الموارد التعليمية والمعيشية والترفيهية، ليقدم لك تقريرًا شاملاً يساعدك في اتخاذ القرار الأمثل.
عندما تُبهرنا الإمكانات الفائقة والفعالية المذهلة لـ«مانوس»، لا يسعنا إلا أن ندرك الدور المحوري لنماذج الذكاء الاصطناعي الرائدة عالميًا، ومن بينها النموذج الأميركي «جي بي تي» ونظيره الصيني «ديبسيك». واللافت أن «ديبسيك» يتميز بتكلفة تدريب منخفضة للغاية، حيث بلغت تكلفة تطوير نسخة «في 3» منه 5.58 مليون دولار مقارنة بـ78 مليون دولار لتطوير «جي بي تي 4». علاوة على ذلك، يتمتع «ديبسيك» بدقة أعلى بنسبة لا تقل عن 15% في فهم السياقات المعلوماتية في المجالات المتخصصة مثل الطب والقانون وغيرها، متجاوزًا بذلك النماذج الأجنبية المماثلة. كما يوفر التفويض التجاري مجانًا، ما يجعله خيارًا واعدًا على الساحة التقنية العالمية.
ومن المتوقع أن تصل قيمة شركة «ديبسيك»، التي لا يتجاوز عدد موظفيها 25 شخصًا، إلى 30 مليار دولار. فقد قامت كبرى شركات الخدمات السحابية مثل «هواوي كلاود» و«تينسنت كلاود» و«علي بابا كلاود» و«بايدو كلاود للذكاء الاصطناعي» بدمج نماذج «ديبسيك» الكبيرة ضمن منصاتها. كما نجحت الشركات المصنعة لرقائق الذكاء الاصطناعي والشركات العاملة في سلسلة توريد الطاقة الحاسوبية في الاندماج مع «ديبسيك». وبناءً على ذلك، يُتوقع أن يحدث نموذج الذكاء الاصطناعي ووكيله، اللذان يكملان بعضهما البعض، إضافة إلى الروبوتات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، تحولًا جذريًا وشاملاً في حياة الإنسان.
وفي ضوء هذه المجالات الواعدة، تحظى الصين والدول العربية بفرص هائلة لتعزيز تعاونهما في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات نحو آفاق أرحب ومستقبل واعد. ومن أجل مواكبة التطور التكنولوجي المتسارع، لا بد أن يبذل الجانبان جهودًا حثيثة لتوظيف إمكانياتهما التكاملية وتحقيق الاستفادة المثلى منها. وأخيرًا، ندعوكم، أيها القراء الأعزاء، إلى تخمين من كتب هذه المقالة: إنسان أم تطبيق ذكاء اصطناعي أم روبوت ذكي؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرأي
منذ يوم واحد
- الرأي
«القبة الذهبية» الأميركية تنذر بعصر جديد من «عسكرة الفضاء»
أعاد مشروع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لبناء منظومة الدفاع الصاروخية المعروفة باسم «القبة الذهبية» إحياء مبادرة ظهرت منذ عقود وأثارت الجدل، وقد يؤدي الشروع في بنائها إلى انقلاب في الأعراف المتبعة في الفضاء الخارجي وإعادة تشكيل العلاقات بين القوى الفضائية الأكبر في العالم. ويقول محللون متخصصون في الفضاء، إن الإعلان عن «القبة الذهبية»، وهي شبكة واسعة من الأقمار الاصطناعية والأسلحة في مدار الأرض بتكلفة متوقعة تبلغ 175 مليار دولار، قد يفاقم عسكرة الفضاء بوتيرة حادة، وهو اتجاه اشتد خلال العقد الماضي. وفي حين أن القوى الفضائية الأكبر في العالم، وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين، وضعت أصولاً عسكرية واستخباراتية في مدارات فضائية منذ ستينات القرن الماضي، فقد فعلت ذلك سراً في معظم الأحيان.وفي عهد الرئيس السابق جو بايدن، طالبت قوة الفضاء الأميركية بزيادة القدرات الهجومية في الفضاء الخارجي بسبب التهديدات الفضائية من روسيا والصين. وعندما أعلن ترامب خطة «القبة الذهبية» في يناير الماضي، كان ذلك تحولاً واضحاً في الاستراتيجية عبر التركيز على خطوة جريئة نحو الفضاء بتكنولوجيا باهظة الثمن وغير مجربة من قبل، وقد تمثل كنزاً مالياً لشركات الصناعات الدفاعية. وتتمثل الفكرة في إطلاق صواريخ من الفضاء عبر أقمار اصطناعية لاعتراض الصواريخ التقليدية والنووية المنطلقة من الأرض. وقالت فيكتوريا سامسون، مديرة أمن واستقرار الفضاء في مؤسسة سيكيور وورلد فاونديشن للأبحاث في واشنطن، في إشارة إلى نشر الصواريخ في الفضاء «هذا أمر لا تحمد عقباه... لم نفكر حقاً في التداعيات طويلة الأمد لذلك». وأضافت سامسون وخبراء آخرون، ان «القبة الذهبية قد تدفع دولا أخرى إلى نشر أنظمة مماثلة في الفضاء أو إنتاج أسلحة أكثر تطوراً لتجنب الدرع الصاروخي، مما سيؤدي إلى تصعيد سباق التسلح في الفضاء». وتباينت ردود فعل روسيا والصين، إذ عبر ناطق باسم وزارة الخارجية الصينية عن «قلقه البالغ» إزاء المشروع، وحض واشنطن على التخلي عنه، مضيفاً أنه يشكل «تداعيات خطيرة للغاية» ويزيد من مخاطر عسكرة الفضاء الخارجي وسباق التسلح. وأعلن الكرملين ان «القبة الذهبية قد تجبر موسكو وواشنطن على إجراء محادثات حول الحد من الأسلحة النووية في المستقبل المنظور». وتهدف الخطة في المقام الأول إلى التصدي لترسانة متنامية من الصواريخ التقليدية والنووية لخصوم الولايات المتحدة، روسيا والصين، ودول أصغر مثل كوريا الشمالية وإيران. وتعد إحياء لجهود بدأت في حقبة الحرب الباردة من جانب مبادرة الدفاع الاستراتيجي للرئيس السابق رونالد ريغان، والمعروفة باسم «حرب النجوم». وكانت مبادرة الدفاع الاستراتيجي تهدف إلى نشر مجموعة من الصواريخ وأسلحة الليزر القوية في مدار رضي منخفض بإمكانها اعتراض أي صاروخ نووي بالستي يُطلق من أي مكان على الأرض، سواء بعد لحظات من إطلاقه أو في مرحلة الانطلاق السريع في الفضاء. لكن الفكرة لم تنفذ بسبب العقبات التكنولوجية في الأساس، إضافة إلى التكلفة العالية والمخاوف من احتمال انتهاكها معاهدة الحد من الصواريخ البالستية التي تم التخلي عنها لاحقاً. «نحن مستعدون» لـ «القبة الذهبية»، حلفاء أقوياء أصحاب نفوذ في مجتمع التعاقدات الدفاعية ومجال تكنولوجيا الدفاع الآخذ في النمو، واستعد كثير منهم لخطوة ترامب الكبيرة في مجال الأسلحة الفضائية. وقال كين بيدينغفيلد المدير المالي لشركة «إل.3.هاريس» لـ «رويترز» الشهر الماضي «كنا نعلم أن هذا اليوم سيأتي على الأرجح. كما تعلمون، نحن مستعدون له». وأضاف «بدأت إل.3.هاريس في وقت مبكر بناء شبكة الاستشعار التي ستصبح شبكة الاستشعار الأساسية لبنية القبة الذهبية». وذكرت «رويترز» أن شركة «سبيس إكس» للصواريخ والأقمار الاصطناعية التابعة لإيلون ماسك، برزت كشركة رائدة في مجال الصواريخ والأقمار الاصطناعية إلى جانب شركة البرمجيات «بالانتير» وشركة «أندوريل» لصناعة الطائرات المسيرة لبناء المكونات الرئيسية للنظام. ومن المتوقع أن تُصنع العديد من الأنظمة الأولية من خطوط إنتاج قائمة. وذكر الحاضرون في المؤتمر الصحافي الذي انعقد في البيت الأبيض مع ترامب يوم الثلاثاء، أسماء شركات «إل.3.هاريس»، و«لوكهيد مارتن»، و«آر.تي.إكس»، كمتعاقدين محتملين للمشروع الضخم. لكن تمويل «القبة الذهبية» لا يزال غير مؤكد، فقد اقترح مشرعون من الحزب الجمهوري استثماراً مبدئياً بقيمة 25 مليار دولار في إطار حزمة دفاعية أوسع بقيمة 150 ملياراً، لكن هذا التمويل يرتبط بمشروع قانون مثير للجدل يواجه عقبات كبيرة في الكونغرس، وقد تكون أكثر كلفة بكثير مما يتوقعه الرئيس الأميركي الذي تحدث عن نحو 175 مليار دولار في المجموع. غير أن هذا المبلغ يبدو أقل بكثير من السعر الحقيقي لمثل هذا النظام. وأوضح الأستاذ المساعد للشؤون الدولية وهندسة الطيران والفضاء في معهد جورجيا للتكنولوجيا توماس روبرتس ان الرقم الذي طرحه ترامب «ليس واقعياً». تهديدات متزايدة وبحسب وكالة غير حزبية تابعة للكونغرس الأميركي، فإن الكلفة التقديرية لنظام اعتراض في الفضاء لمواجهة عدد محدود من الصواريخ البالستية العابرة للقارات تتراوح بين 161 مليار دولار و542 ملياراً على مدى 20 عاماً. لكن الوكالة أكدت أن النظام الذي يتصوره ترامب قد يتطلب قدرة من حيث اعتراض الصواريخ في الفضاء «أكبر من الأنظمة التي تمت دراستها في الدراسات السابقة»، موضحة أن «تحديد كمية هذه التغييرات الأخيرة سيتطلب تحليلاً معمقاً». وعام 2022، أشار أحدث تقرير للمراجعة الدفاعية الصاروخية التي يجريها الجيش الأميركي Missile Defense Review إلى التهديدات المتزايدة من روسيا والصين. وتقترب بكين من واشنطن في مجال الصواريخ البالستية والصواريخ الأسرع من الصوت، في حين تعمل موسكو على تحديث أنظمة الصواريخ العابرة للقارات وتحسين صواريخها الدقيقة، وفق التقرير. ولفتت الوثيقة نفسها إلى أن التهديد الذي تشكله المسيّرات، وهو نوع من الأسلحة يؤدي دوراً رئيسياً في الحرب في أوكرانيا، من المرجح أن يتزايد، محذرة من خطر الصواريخ البالستية من كوريا الشمالية وإيران، فضلاً عن التهديدات الصاروخية من جهات غير حكومية. لكن مواجهة كل هذه التهديدات تشكل مهمة ضخمة، وهناك الكثير من القضايا التي يتعين معالجتها قبل أن يتسنى اعتماد مثل هذا النظام. وقال الخبير في مؤسسة «راند كوربوريشن» للأبحاث تشاد أولاندت إن «من الواضح أن التهديدات تزداد سوءاً»، مضيفاً «السؤال هو كيف يمكننا مواجهتها بالطريقة الأكثر فعالية من حيث الكلفة». وتابع «الأسئلة المرتبطة بجدوى المشروع تعتمد على مستوى التحدي. كم عدد التهديدات التي يمكنك التصدي لها؟ ما نوعها؟ كلما ارتفع مستوى التحدي، ازدادت الكلفة». وأوضح الباحث المشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة Royal United Services Institute توماس ويذينغتون أنّ «هناك عدداً من الخطوات البيروقراطية والسياسية والعلمية التي يتعين اتخاذها إذا كان من المقرر أن تدخل القبة الذهبية الخدمة بقدرات مهمة». وأكد أن المهمة «باهظة للغاية، حتى بالنسبة إلى ميزانية الدفاع الأميركية. نحن نتحدث عن مبلغ كبير من المال»، مبدياً تحفظه حيال إمكان أن يرى هذا المشروع النور يوماً.


الرأي
منذ 3 أيام
- الرأي
3 تريليونات ليتر من المياه على ارتفاع 8 آلاف قدم!
بدأت الصين بتخزين المياه في مشروع «شوانغجيانغكو» الهيدروليكي، في مقاطعة سيتشوان، الذي يُعد أضخم مشروع من نوعه على مستوى العالم، حيث سيخزن أكثر من 3 تريليونات ليتر من المياه على ارتفاع يصل إلى 8 آلاف قدم. المشروع الذي انطلق عام 2015، بدأ فعلياً في تخزين المياه منذ الأول من مايو 2025، استعداداً لتوليد طاقة كهربائية نظيفة تُقدّر بـ7 مليارات كيلوواط/ساعة سنوياً، وفقاً لما ذكره موقع «Eco Portal»، واطلعت عليه «العربية Business». ويقع السد على نهر دادو، أحد روافد حوض سيتشوان، ويبلغ ارتفاعه 315 متراً، ما يجعله أعلى سد في العالم. وقد تم تمويل المشروع بـ36 مليار يوان (نحو 4.9 مليار دولار)، وتنفذه شركة «باور تشاينا» الحكومية، التي أعلنت أن منسوب المياه بعد المرحلة الأولى من التخزين بلغ 2344 متراً فوق سطح البحر، أي أعلى بـ80 متراً من مستوى النهر الأصلي. لكن خلف هذا الإنجاز، يلوح في الأفق تساؤل علمي: هل يمكن لمثل هذا المشروع الضخم أن يمر من دون آثار جيولوجية؟ ويحذر خبراء من احتمال حدوث هزات أرضية نتيجة الضغط الهائل للمياه، إضافة إلى تغيرات في تدفق الأنهار وتأثيرات محتملة على القشرة الأرضية. ومع ذلك، يرى المهندسون أن فوائد المشروع في تقليل الاعتماد على الفحم وخفض انبعاثات الكربون بنحو 7.18 مليون طن سنوياً، تفوق هذه المخاطر المحتملة.


الجريدة
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- الجريدة
بورنيسك: الأمن الغذائي تحدٍّ يواجه دول الخليج
أكد مساعد مدير تطوير البرامج في مكتب البرامج الدولية والزراعة بجامعة بيردو د. غاري بورنيسك، أن الأمن الغذائي يعد أحد التحديات الأساسية التي تواجه دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، نظراً لاعتمادها الكبير على الواردات لتلبية احتياجاتها الغذائية، بسبب محدودية الموارد الطبيعية، خصوصاً المياه والأراضي الصالحة للزراعة. جاء ذلك خلال المحاضرة التي نظمها قسم الدبلوماسية العامة في السفارة الأميركية في الكويت بعنوان «الاعتبارات الاستراتيجية للأمن الغذائي في دول مجلس التعاون الخليجي» ظهر اليوم في كلية العلوم الحياتية بجامعة الكويت. وأضاف بورنيسك، أنه في ظل الأزمات العالمية المتكررة، مثل جائحة كورونا والحروب، أصبح من الضروري وضع خطط استراتيجية لتحقيق نوع من الاكتفاء الذاتي، وتقليل الاعتماد على الخارج. وأشار إلى أن دول الخليج تواجه تحديات عديدة في الأمن الغذائي في الإنتاج الزراعي أبرزها: نقص المياه ودرجات الحرارة القصوى، وتلوث التربة، والهواء، والماء، وتدهور النظم البيئية، إضافة إلى إدارة ما بعد الحصاد وتخزين المحاصيل، وهدر الغذاء وفقدانه على طول سلسلة القيمة وسلامة الغذاء. وقال «ان الاعتماد على واردات الغذاء 85 في المئة من احتياجات الغذاء، حيث يشكل استيراد الأغذية في دول الخليج 53.1 مليار دولار في 2020». وأضاف أن «إجمالي هدر الطعام في دول مجلس يبلغ نحو 1.3 مليون طن في 2022، أي ما يعادل خسارة تتراوح بين 4 و7 مليارات دولار».