logo
لبنان تحت سطوة السلاح وفوضى القانون!

لبنان تحت سطوة السلاح وفوضى القانون!

الديارمنذ 2 أيام

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
لم تعد أخبار إطلاق النار والقتل في لبنان تثير الصدمة. فبين إشعال الخلافات الفردية وسرعة اللجوء إلى السلاح، تبدو الرصاصة وكأنها باتت وسيلة تعبير شائعة، تتجاوز الخلافات الشخصية لتصيب الأبرياء وتكشف هشاشة الردع القانوني. من صحراء الشويفات إلى بوداي، ومن الشياح إلى الروشة، سلسلة دامية من الأحداث الأمنية، تعكس حجم الانفلات المستشري وسهولة الضغط على الزناد.
إلى الروشة… الدم يسبق العدالة
في منطقة صحراء الشويفات، تحول خلاف فردي بين شخصين من العائلة نفسها إلى مأساة، بعدما أقدم أحدهما على إطلاق النار باتجاه الآخر، فأصابه مباشرة. المأساة لم تقف عند هذا الحد، إذ تزامن الحادث مع مرور حافلة مدرسية، ما أسفر عن إصابة تلميذ لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره، ليجد نفسه فجأة وسط مشهد دموي لا علاقة له به.
في الروشة – بيروت، بدت الحادثة في البداية وكأنها تصادم مروري بين دراجة نارية وسيارة. لكن سرعان ما تكشّفت خلفيات الجريمة: سائق الدراجة تلقى ثلاث رصاصات في ظهره أُطلقت من داخل السيارة، ما أدى إلى وفاته على الفور. الدفاع المدني الذي حضر على أساس حادث سير، وجد نفسه أمام جريمة قتل مدبّرة، أضيفت إلى سجل الجرائم المفتوحة التي لا تنتهي.
وفي مشهد آخر لا يقل مأساوية، تحوّل حفل زفاف في بلدة بوداي البقاعية إلى ساحة اشتباك مسلح بين شابين من "آل ز" و"آل م". الرصاص العشوائي أنهى حياة شخصين هما "ح.م" و"ع.ز"، فيما أصيب اثنان آخران بجروح بالغة، نُقلا على إثرها إلى المستشفى. مشاهد الفوضى والذعر تم توثيقها عبر فيديوهات انتشرت على مواقع التواصل، ما زاد من وقع الجريمة على الرأي العام.
أما في الشياح، فقد سقط شاب من آل الحسيني قتيلاً ، إثر إشكال فردي مع مجموعة من آل فقيه تطور إلى إطلاق نار كثيف في منطقة مارون مسك، ما أعاد إلى الواجهة الحديث عن النزاعات العائلية، التي سرعان ما تخرج عن السيطرة بفعل السلاح المنتشر بيد الجميع.
السلاح "المرخّص" والممنوع:
في ظل غياب الضبط الحازم وتراخي تنفيذ القوانين، لا يعود العنف سلوكاً شاذاً بل نمطاً يومياً. ولمعالجة هذه الظاهرة، شرحت المحامية جاكلين الحلاني لـ"الديار" الإطار القانوني المنظّم لموضوع إطلاق النار وحيازة السلاح في لبنان. فأشارت إلى "أن قانون الأسلحة والذخائر الصادر عام 1959 وتعديلاته، إضافة إلى بعض مواد قانون العقوبات، يشكّلون الأساس التشريعي للمعالجة القانونية لهذه الأفعال. كما أن القانون 71/2016 شدّد العقوبات على إطلاق النار العشوائي، خصوصاً في الأماكن العامة والمناسبات، وهي ظاهرة باتت تأخذ بعداً جنائياً خطيراً".
وتضيف "أن القانون يفرّق بين الأسلحة الفردية كالمسدسات – التي تستوجب ترخيصا من وزارة الداخلية – والأسلحة الحربية الممنوعة كلياً على الأفراد. فحيازة مسدس من دون ترخيص تعرّض حاملَه للحبس من ستة أشهر إلى سنتين، في حين أن امتلاك أسلحة حربية يعرّض الشخص للأشغال الشاقة من ثلاث إلى عشر سنوات".
أما في حال استخدام السلاح في جريمة، تقول فياض "ينص القانون في مادته 74 على مضاعفة العقوبة المقررة للجريمة المرتكبة. وتشدد المادة 75 المعدّلة بموجب القانون 71/2016 على أن إطلاق النار في الهواء أو الأماكن العامة يعاقب بالسجن من 6 أشهر إلى 3 سنوات، إضافة إلى غرامات مالية باهظة، ومصادرة السلاح المستخدم، والمنع من الترخيص مدى الحياة، مع إحالة المرتكب إلى المحكمة العسكرية".
واكدت انه "في حال أسفر إطلاق النار عن إصابة أو وفاة، فإن العقوبة تُشدَّد تلقائياً بموجب قانون العقوبات اللبناني، وقد تصل إلى المؤبد في حال ثبت أن الجاني كان مدركاً لخطر فعله، وفق المادة 76".
تشديد العقوبات في 2025:
وفي تطور لافت، شهد لبنان بتاريخ 15 أيار 2025 خطوة تشريعية جديدة للحد من فوضى السلاح، إذ أقر مجلس النواب اقتراح القانون المعجّل المكرر القاضي بتعديل القانون رقم 71 (الصادر بتاريخ 27/10/2016)، والمتعلّق بتجريم إطلاق النار العشوائي، بعد تبنّي التعديل المقترح من النائب أشرف بيضون.
وينص التعديل الجديد على مضاعفة العقوبات بشكل صارم على مطلق النار، بحيث تشمل العقوبات المحددة ما يلي:
- غرامة مالية تصل إلى 90 مليون ليرة لبنانية.
- تسليم السلاح المستخدم (كالبارودة أو المسدس) للدولة.
- الحبس لمدة 28 يومًا كحد أدنى.
- ضبط رسمي بقيمة 1000 دولار أميركي يُسجَّل كمستند دائم في الملف الأمني للمخالف.
هذا التعديل ، تقول فياض "يُعدّ خطوة جريئة للحد من هذه الظاهرة، لكنه يبقى مرهونًا بجدّية تطبيقه على الأرض، بعيدًا عن الاستثناءات والتدخلات السياسية أو العشائرية التي لطالما شكّلت مظلة للهروب من المحاسبة".
السلاح تبدأ من البيت وتنمو في البيئة
ولفتت الحلاني إلى عامل بالغ الخطورة "يتمثل في تساهل بعض الأهالي مع حمل السلاح من قبل أبنائهم القاصرين، بل وتسهيله أحيانًا تحت ذرائع الحماية أو الرجولة المبكرة". وشدّدت على أن "هذا التساهل لا يشكّل فقط مخالفة قانونية بل يُسهم في تربية أجيال ترى في السلاح امتدادًا لسلطتها ومكانتها الاجتماعية، لا وسيلة دفاع استثنائية ومضبوطة بالقانون".
كما توقّفت عند الواقع الخاص بمنطقة البقاع، حيث "لا تزال بعض العادات العشائرية تلعب دورًا سلبيًا في تطبيع حيازة السلاح"، معتبرة أن "السلاح في بعض القرى يُعدّ جزءًا من المظهر اليومي، يحمله الشاب إلى جانب هاتفه، حتى بات مشهد المسدس على الخصر مألوفًا في الأعراس، وفي السوق، وفي الطريق العام". ودعت إلى "مقاربة شاملة تتضمن وعيًا تربويًا وقانونيًا وثقافيًا، لتفكيك هذه العقلية التي تشرعن العنف قبل أن يقع".
وتختم الحلاني بأن المناسبات الاجتماعية التي يُستخدم فيها السلاح، باتت تندرج قانوناً ضمن "الجرائم الجنائية"، حتى في حال عدم وقوع ضحايا"، مشددة على "أن الرصاص الاحتفالي هو عمل إجرامي بحد ذاته، والمحاسبة لا تتعلق فقط بالنتائج بل بالفعل بحد ذاته".
ففي بلدٍ يعيش أزمات متتالية اقتصادية وسياسية، يبدو أن الرصاص أضحى الوسيلة الوحيدة التي تعبّر عن الغضب، أو تنهي خلافًا، أو حتى تواكب فرحا. لكنّ الثابت الوحيد أن الضحية دائماً بريئة، وأن الرصاصة – ما لم تُضبط – ستستمر في خطف الأرواح واحدة تلو الأخرى.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

المحقق العدلي طارق البيطار حدد تاريخ 13 حزيران موعداً لاستجواب الوزير السابق غازي زعيتر في ملف انفجار مرفأ بيروت. وقد تم إعلام زعيتر بموعد الجلسة، بينما لم يحسم الوزير السابق قراره بعد بشأن المثول من عدمه.
المحقق العدلي طارق البيطار حدد تاريخ 13 حزيران موعداً لاستجواب الوزير السابق غازي زعيتر في ملف انفجار مرفأ بيروت. وقد تم إعلام زعيتر بموعد الجلسة، بينما لم يحسم الوزير السابق قراره بعد بشأن المثول من عدمه.

الديار

timeمنذ 2 ساعات

  • الديار

المحقق العدلي طارق البيطار حدد تاريخ 13 حزيران موعداً لاستجواب الوزير السابق غازي زعيتر في ملف انفجار مرفأ بيروت. وقد تم إعلام زعيتر بموعد الجلسة، بينما لم يحسم الوزير السابق قراره بعد بشأن المثول من عدمه.

Aa اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب الأكثر قراءة «التبريد» في عين التينة يُعيد «الودّ» بين سلام وحزب الله ترقب لخليفة أورتاغوس... وعرقجي لن يبحث ملف السلاح تحذير أمني من التوتر داخل المخيّمات...خلافات بين بعض الفصائل مُقلقة الصراع السعودي - التركي – "الإسرائيلي" حول سوريا هل انتهى "شهر العسل " بين "القوات" و"الكتائب"؟ الحكومة "تهتزّ"... الخلافات حول الأولويّات ... والاتصالات تتسارع لاحتواء التصعيد اشترك بنشرة الديار لتصلك الأخبار يوميا عبر بريدك الإلكتروني إشترك عاجل 24/7 15:21 المحقق العدلي طارق البيطار حدد تاريخ 13 حزيران موعداً لاستجواب الوزير السابق غازي زعيتر في ملف انفجار مرفأ بيروت. وقد تم إعلام زعيتر بموعد الجلسة، بينما لم يحسم الوزير السابق قراره بعد بشأن المثول من عدمه. 15:20 وفد وزاري وأمني رفيع المستوى برئاسة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني سيزور لبنان نهاية الشهر الحالي ومن المقرر أن يناقش الوفد مع الحكومة اللبنانية ملفات أمنية وحدودية واقتصادية، بالإضافة إلى ملف إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم 14:47 زلازال بقوة 5.3 درجات بمقاس رختر يضرب اليونان 14:34 جهاز الأمن الأوكراني: نفّذنا عملية فريدة من نوعها بتفجير في جسر القرم للمرّة الثالثة عبر تفخيخ من تحت الماء 13:06 الرئيس عون خلال لقائه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي: - لبنان يتطلع الى تعزيز العلاقات من دولة الى دولة مع ايران 13:06 عون: الحوار الداخلي هو المدخل لكل المسائل المختلف عليها، وكذلك الحوار بين الدول بعيداً عن العنف

أدلة تقلب الموازين.. تطور جديد في قضية محاكمة سعد لمجرد
أدلة تقلب الموازين.. تطور جديد في قضية محاكمة سعد لمجرد

الديار

timeمنذ 2 ساعات

  • الديار

أدلة تقلب الموازين.. تطور جديد في قضية محاكمة سعد لمجرد

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أعلنت الجهة التي تمثلّ النجم المغربي سعد لمجرد عن قرار المحكمة الفرنسية المختصة تأجيل جلسات المحاكمة التي كانت محدّدة، وذلك بعد تقديم أدلة جديدة قلبت الموازين. وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صوراً للنجم المغربي من أمام المحكمة، ظهر فيها وهو يغطي أذنه بضمّادة طبّية بعد خضوعه لعملية جراحية، وكان برفقة زوجته غيثة العلاكي ووالديه نزهة الركراكي والبشير عبدو، لمساندته في محاكمته بتهمة الاعتداء الجنسي على الشابة الفرنسية لورا بريول، أواخر سنة 2016. وأشار بيان صادر عن إدارة أعمال النجم المغربي الى أن المحكمة وافقت على إعادة النظر في الملف، بعدما تبيّن وجود شُبهات قوية بمحاولة ابتزاز تعرض لها سعد لمجرد من الشابة الفرنسة المدّعية لورا بريول ووالدتها مع شخص مقرّب منها، بمبلغ وصل إلى 3 ملايين يورو مقابل التنازل عن القضية. وجاء في البيان: "نحيطكم علماً بأن سعد لمجرد، سواء بشكل مباشر أو من طريق مدير أعماله، قد تم التواصل معه مرات عدة منذ نهاية شهر كانون الأول 2024 من جانب أطراف مقرّبين من الطرف الآخر، عارضين عليه صفقة تسوية، وتضمنت هذه العروض مقترحاً بأن يتراجع الطرف المدني عن اتهاماته المتعلقة بالاغتصاب خلال جلسة المحكمة، وذلك مقابل مبلغ مالي قدره ثلاثة ملايين يورو". وأضاف البيان: "نظراً لخطورة هذه الوقائع التي قد تشكل جريمة محاولة ابتزاز ضمن عصابة منظّمة، فإن لمجرد يعتزم التقدّم بشكوى رسمية أمام الجهات المختصة بهدف الكشف الكامل عن ملابسات هذه المعطيات الجديدة، وبالتالي قررت محكمة الجنايات تأجيل النظر في القضية وأصدرت أمراً بفتح تحقيق قضائي". يُذكر أن سعد لمجرد يصرّ على براءته، وكان قد غيّر فريقه القانوني، مُستبدلاً المحامي جون مارك فيديدا بمحاميين جديدين هما: زوي روايو وكريستيان سان باليه.

سعد لمجرد أمام القضاء... ومصدر موثوق يتحدّث عن وضعه النفسيّ
سعد لمجرد أمام القضاء... ومصدر موثوق يتحدّث عن وضعه النفسيّ

الديار

timeمنذ 2 ساعات

  • الديار

سعد لمجرد أمام القضاء... ومصدر موثوق يتحدّث عن وضعه النفسيّ

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب يبدو أن مشاكل الفنان المغربي سعد لمجرد مع القضاء الفرنسي، لم تنته بعد، إذ يقف مجدداً اليوم الاثنين أمام محكمة الاستئناف الفرنسية، في فال دو مارن، في جولة جديدة لمواجهة تهم الاغتصاب والاعتداء الجنسي العنيف على شابة سنة 2016. وكشف مصدر موثوق أن فصول المحاكمة أثرت بشكل جدي على نفسية لمجرد رغم القوة والإيجابية التي يحاول الظهور بها، مشيراً إلى أن نجومية الفنان تأثرت كثيراً بسبب هذه القضية، كما أن مردوديته تراجعت كثيرا. وتابع أنه من الطبيعي أن يتأثر أي شخص نفسيا في حال كانت لديه ملفات عالقة أمام القضاء، معتبراً أن الأمر يكون مضاعفا عندما يتعلق الأمر بفنان أو نجم يحظى بشعبية كبيرة في وطنه وخارجه. (العربية)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store