logo
سبعة مغاربة وأردني ولبناني وسعودي ومصريان يفوزون بجوائز ابن بطوطة لأدب الرحلة 2024

سبعة مغاربة وأردني ولبناني وسعودي ومصريان يفوزون بجوائز ابن بطوطة لأدب الرحلة 2024

اليوم 24١٢-٠٢-٢٠٢٥

أعلن في أبوظبي ولندن عن نتائج « جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة » للعام 2024 – 2025 في دورة سنتها 23، والتي يمنحها « المركز العربي للأدب الجغرافي- ارتياد الآفاق » في أبوظبي ولندن، ويرعاها الشاعر محمد أحمد السويدي ويشرف عليها مدير عام المركز الشاعر نوري الجراح.
وكانت جائزة ابن بطوطة قد تأسست في العام 2000، ومنحت للمرة الأولى سنة 2003، وتقدم سنوياً لأفضل الأعمال المحققة والمكتوبة في أدب الرحلة، وجاءت انسجاماً مع طموحات الدار في إحياء الاهتمام العربي بالأدب الجغرافي.
لجنة الجائزة:
تشكلت اللجنة العلمية للجائزة من الأساتذة د. خلدون الشمعة، د. عبد الرحمن بسيسو، د. أحمد برقاوي، والأستاذ ابراهيم الجبين، ود. أحمد إيبش، ولجنة التحكيم من الأساتذة: د. عبد النبي ذاكر، د. الطائع الحداوي، د. شعيب حليفي، الأستاذ مفيد نجم، الأستاذ فاروق يوسف، أعضاء. الأستاذ شادي علاء الدين (منسقاً).
بلغ عدد المخطوطات المشاركة هذا العام 43 مخطوطاً جاءت من 9 بلدان عربية، توزعت على الرحلة المعاصرة، والمخطوطات المحققة، واليوميات، والرحلة المترجمة. وقد نُزِعَتْ أسماءُ المشاركين من المخطوطات قبل تسليمها لأعضاء لجنة التحكيم لدواعي السريّة وسلامة الأداء.
وجرت تصفية أولى تم بموجبها استبعاد الأعمال التي لم تستجب للشروط العلمية المنصوص عليها بالنسبة إلى التحقيق، والدراسة، أو ما غاب عنها المستوى بالنسبة إلى الجائزة التي يمنحها المركز للأعمال المعاصرة. وفي التصفية الثانية بلغ عدد المخطوطات 26 مخطوطاً. وفي التصفية النهائية، جاءت النتائج على النحو الآتي:
الأعمال الفائزة:
الرحلة المحققة
رحلة الهشتوكي
هداية الملك العلّام، إلى بيت الله الحرام
لأبي العباس الجزولي التَّملي أَحُزِي الهشتوكي
(ت 1127 هـ 1715/ م)
دراسة وتحقيق: د. عبد الهادي الكديوي(المغرب)
***
شفاء الغرام في حج بيت الله الحرام
وزيارة قبر المصطفى عليه الصلاة والسلام
1329هـ/ 1911م
محمد بن محمد بن الحسن الحجوجي الدمناتي
تحقيق ودراسة: د. حرية الريفي(المغرب)
***
سِياحةُ البُلدان
مصطفى بن حُسين الحمويّ الدّمشقيّ الشَّافعيّ
المعروف باللَّطِيفي
(ت : 1123هــ- 1711م)
تحقيق ودراسة: د. طه الشاذلي علي (مصر)
***
الرحلة المَكِّية
فرنسا – الحجاز – الجزائر
(1334-1335هـ/ 1916- 1917م)
أحمد بن العياشي سُكَيْرِج
دراسة وتحقيق: د. محمد الأندلسي (المغرب)
الرحلة المترجمة
رحلة إلى مصر وسوريا
1783 و1784 و1785
قسطنطين فرانسوا فولني
ترجمة وتقديم: عصام محمد الشحادات (الأردن)
الرحلة المعاصرة:
باريس التي عشتُ
دفتر يوميات
عيسى مخلوف (لبنان)
***
الفُتوحاتُ البُوهِيمِيَّة
رِحلاتٌ في بلادِ التِّشيك والمَجَر وإيطاليا
محمد سالم عبادة (مصر)
اليوميات
على وقْع خَطَوَات كريستُوفر كُولُومبُوس
رحلة إلى أمريكا الجنُوبيّة كَأنّكَ تَعيشُ فِيهَا وتَرْحَلُ عَبْر تاريخِهَا
د. محمّد محمّد خطّابي(المغرب)
***
ما أحمله معي
حياة وأسفار وتصورات أخرى
مشعان المشعان (المملكة السعودية)
الدراسات
الرحلة الأمريكية إلى الديار الطنجية
عبد العزيز جدير(المغرب)
الرحالون المغاربة وفرنسا
(في عصر الحماية)
مستويات التقاطع والاختلاف
محمد النظام (المغرب)
***
صَدى المَشَاهد
تَشكُّلُ المشَاعرِ في الرّحلة المعاصرة
عبد الرحمن التمارة (المغرب)
***
الأعمال المنوه بها
فرع اليوميات
الصـــعـــود إلى الـــصـــيـــن
في وصف المكان وطبغرافيا الإنسان
مصطفى محمد بشارات (فلسطين)
***
فرع الترجمة
تحت الخيمة
ذكرياتي في حرب تطوان 1860
ترجمة: د. سفيان بلحاج (المغرب)
***
من موسكو إلى سمرقند 1934
فريدا أتلي
ترجمة: أحمد أبو دياب (مصر)
نشر الأعمال الفائزة
تصدر الأعمال الفائزة والمنوه بها عن « دار السويدي » في سلاسل « ارتياد الآفاق » للرحلة المحققة والرحلة المعاصرة « سندباد الجديد » ودراسات أدب الرحلة بالتعاون مع « المؤسسة العربية للدراسات والنشر » في بيروت. أما الرحلة المترجمة وأدب اليوميات فتنشر بالتعاون مع « دار المتوسط » في ميلانو. ومن المنتظر أن يقام حفل توزيع الجوائز على مرحلتين في كل من الرباط وأبوظبي في موعدين يحددان لاحقاً، وسترافق توزيع الجوائز ندوة حول أدب الرحلة والأعمال الفائزة. يشارك فيها إلى جانب الفائزين وأعضاء لجنة التحكيم نخبة من الدارسين عرباً وأجانب.
هذه الدورة
استهل الشاعر نوري الجراح مدير عام « المركز العربي للأدب الجغرافي » والمشرف على الجائزة الحديث عن هذه الدورة بالإشارة إلى أن الأعمال المتسابقة هذا العام تميزت كالعادة بوفرة المخطوطات التي تنتمي إلى فروع تحقيق المخطوطات، ودراسات الرحلة، و بدرجة أقل الرحلة المعاصرة واليوميات، والرحلة المترجمة.
في فرع الدراسات يعيد بيان هذا العام الإشارة إلى الاهتمام المتزايد بأدب الرحلة تحقيقاً ودرساً، وفق وعي متنام بخطورة هذا الأدب، وأهميته في استكشاف نظرة العربي إلى ذاته في علاقته بثقافته، وإلى الآخر في اختلافه الثقافي، وبالتالي تظهير تطور الوعي بالاختلاف من خلال دراسة الظواهر الناجمة عن السفر والتواصل مع الآخر.
وفي الرحلات المحققة اثنتان من المخطوطات الثلاث المحققة تنتمي إلى رحلات الحج، واثنتان تعودان إلى القرن الثامن عشر، والأعمال في هذا الفرع مخطوطات تحقق للمرة الأولى، وتثري بظهورها إلى النور خزانة أدب الرحلة، وفي اليوميات والرحلة المعاصرة، تبتعد الأعمال أكثر فأكثر عن الوصفي والسياحي نحو التعبير عن ذات الرحالة في علاقته بذاته وبالعالم، فالرحلة مغامرة فكرية وروحية تعكس تفاعل الذات مع الآخر من منظور فكري وأدبي يكرس صورة الرحالة شاعراً وأديباً. تغطي الأعمال بمجملها مساحة واسعة من السفر شرقاً وغرباً، هبر أميركا وأوروبا والمشرق والمغرب.
أشير أخيرا إلى أن الرحلة المترجمة التي جرى اختيارها للفوز هذا العام هي رحلة قسطنطين فرانسوا فولني المدونة في القرن الثامن عشر أيضا، ووجهتها بلدان عربيان هما مصر وسوريا.
الشاعر محمد أحمد السويدي راعي المركز والجائزة رأى أن حصاد ربع قرن من نشاط المركز العربي للأدب الجغرافي وجائزته المكرسة لأدب الرحلة الذي انطلق سنة 2000 إنما يبرهن على صوابية الخيار في إنشاء هذا المشروع الثقافي الاستراتيجي، فقد تحول أدب الرحلة بفضل كوكبة كبيرة من الدارسين والمحققين والكتاب المتحلقين من حول مشروع ارتياد الآفاق وجائزته إلى خزانة عامرة بالنصوص الكلاسيكية والوسيطة المحققة في هذا الجنس الأدبي العريق والدراسات التي تناولته بالبحث، إلى جانب الاحتفاء بكتابات الرحالين المعاصرين، وهو ما يبرهن على أن ميل العربي نحو السفر وتدوين الرحلة إنما يعبر عن نزوع أصيل لدى الثقافة العربية للتواصل والتعرف والحوار مع الآخر بوصفه شريكا حضارياً. وبالتالي فإن هذا المنجز الرائع الذي تحقق في ربع قرن إنما يرفع الإلتباس، إذ ينفي عن العربي تلك الصورة النمطية الظالمة التي ترميه بالإنغلاق، وتكرس فكرة اللقاء بين الثقافات والحضارات، وهو ما يعتبر، بكل المقاييس، إنجازاً فريداً من نوعه لثقافتنا العربية، الفضل، كل الفضل في تحققه في رصيد تلك النخبة الرائعة التي تشاركت، وأشركت المغرب والمشرق في تحقيقه.
وهنأ الفائزين جميعا، وأشيد خصوصا بالنشاط المغربي في حقل أدب الرحلة، فالدارسون والمحققون المغاربة لهم دائما قصب السبق في حقل أدب الرحلة، ولهم هذا العام، الحصة الأكبر في الإنجاز والفوز.
ونبه البيان أخيراً، إلى أن من بين برامج « المركز العربي للأدب الجغرافي » إقامة ندوتين كبيريين بالتعاون مع مؤسسات ثقافية عربية واحدة حول (رحلات الحج، وطرقه، وأدبياته)، والثانية (حول حاضرة دمشق بوصفها ممراً للرحالة ومنطلقاً لها، ومقصداً للرحالة العرب والمسلمين، والأوروبيين) .

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مقال رأي.. إبراهيم أوحسين : جواد بصهيل
مقال رأي.. إبراهيم أوحسين : جواد بصهيل

شتوكة بريس

timeمنذ 11 ساعات

  • شتوكة بريس

مقال رأي.. إبراهيم أوحسين : جواد بصهيل

الأستاذة مدينة الحدادي في كتابه ' مسامير ' ذكر الراحل إبراهيم أوحسين قولا لعبد الله القصيمي أثار دهشتي 'كن صهيلا بلا جواد ، لا جوادا بلا صهيل 'ص،9 لم يكن يدرك إبراهيم أنه جواد أصيل أثخنه الرسن ، لكن صهيله لا يعرف الوسن. لم يدرك أنه هو الجواد و هو الصهيل حفيد الرافعي ، هكذا كنت أناديه في اتصالاتنا و حواراتنا ، تعرفت إليه ذات ربيع ، في سياق ثقافي بمدينة أيت ملول بكلية اللغات ، توالت بعدها اللقاءات الثقافية و الفكرية و العلمية في العديد من الأنشطة المشتركة بجهة سوس ماسة . إبراهيم كان رجلا نبيل الخصال ، كريم الخلال ، رقيق الحاشية ، لطيف العبارة ، سمح الخلق ، طيب القلب ، سمته التعاطف ، و الصدق و العطاء بلا قيد أو شرط ، لم تكن تعرف الضغينة إلى قلبه بابا ، و لا الحقد إلى نفسه منفذا ، حارب الجهل بخيوط النور ، وحصد البخل بمناجل الكرم ، و هدم الجور و الحيف بمنطق الإنصاف ، سعى على الدوام إلى مد جسور الود و المحبة بين معارفه ….. إبراهيم رغب في عمره القصير في نقاء يسود العالم ، و رفاهية للغرثى و الثكالى و اليتامى و البائسين و المعطوبين … إبراهيم اجتمعت فيه خصال تفرقت في غيره ، كره الأضواء و بريقها فأثار الظل لأن الله حباه بنعمة التواضع و القناعة و الرضى . إبراهيم المبدع و الفنان و الكاتب ، كان مرهف الحس ، سلس الكلام ، بليغ اللسان ، خطيبا و شاعرا ذا بيان ، حريصا كل الحرص على اللغة العربية في اشتقاقها و تصريفها و إعرابها ، و بلاغتها و مفرداتها و فصاحتها و بيانها ، كان ضابطا لأحكام تغير أواخرها من رفع و نصب و جر و جزم . فقد أخذ من المنفلوطي و الرافعي والعقاد دقة اللغة و جزالة اللفظ ، و أخذ من النابغة الذبياني و امرئ القيس و طرفة بن العبد و عنترة ، البساطة وعدم التكلف و القول الجامع و فصاحة التركيب ، لقد كان أوحسين مرجعا في اللغة لأنه أجادها مطلعا على عيون المصادر و أمهات المراجع . إبراهيم أوحسين هو حفيد الرافعي بحق ، فكثيرا ما دعاني و بإلحاح لقراءة ' وحي القلم ' و كتاب ' على السفود ' في كل تواصل كان يسألني إذا ما كنت قد قرأت الكتابين ، و كنت أتعلل بعدم وجود الكتابين في المكتبات المجاورة ، فأرسل لي كتاب ' على السفود' إلكترونيا . كان متتبعا للأنشطة الثقافية لرابطة كاتبات المغرب محليا و جهويا ووطنيا ،سعيدا بما حققه الفرع الإقليمي لاشتوكة أيت باها من أنشطة في المعارض الجهوية و الدولية للكتاب ، حيث كان مشرفا و محكما في صنف العربية و الأمازيغية لمسابقة ' مبدع الغد ' التي ننسقها و نؤطرها مع الأكاديمية الجهوية للتربية و التكوين ، و طيلة اشتغالنا معا لم يظهر إبراهيم مللا و لا تبرما ، أسبل الله عليه نعمة رحابة الصدر ، الذي لم يعرف ضيقا أبدا . إبراهيم – حفيد الرافعي- لم يقرأ لي مقالا أو نصوصا إبداعية أو تصريحا إذاعيا أو مداخلة ، إلا و اتصل و هنأ و شجع و حفز و ثمّن . إبراهيم أوحسين ناصر المرأة و قضاياها ، فكان مدافعا و مترافعا ، ظل يقدر المرأة أما و أختا و زوجة و ابنة و زميلة و صديقة ، لا أنسى أنه عرفني على العديد من الكاتبات و المبدعات داخل الجهة و خارجها داعيا إيانا إلى توحيد الجهود و التعاون ، فكان نعم الأخ مناصرا و داعما و محفزا نكران الذات زين خلقه، فكان نعم الموجه و نعم الناصح . إبراهيم أوحسبن كانت قضايا المهمشين رسالته و التعاطف مع المستضعفين دأبه ، و مناصرة الضعفاء ديدنه . فبرحيلك إبراهيم أوحسين و فقدك ، نكون قد فقدنا أخا داعما ، ناصحا ، موجها ، مصاحبا في نجاحاتنا و إخفاقاتنا ، و تكون سوس قد فقدت ابنا بارا من أبنائها و علما من أعلامها . . المنسقة الجهوية لرابطة كاتبات المغرب ، سوس ماسة .

الشاب 'انوار اليوسفي' يبدع في رسم بروفيلات الشخصيات المحلية و الوطنية
الشاب 'انوار اليوسفي' يبدع في رسم بروفيلات الشخصيات المحلية و الوطنية

المغربية المستقلة

timeمنذ 21 ساعات

  • المغربية المستقلة

الشاب 'انوار اليوسفي' يبدع في رسم بروفيلات الشخصيات المحلية و الوطنية

المغربية المستقلة : متابعة رشيد ادليم الشاب يبدع في رسم بروفيلات الفنانيين والفنانات و الشخصيات و المشاهير المغربيه ، انوار اليوسفي لم يتجاوز من العمر 16 سنة إبن جماعة أورير بحي ايضوران شمال أكادير، بدأ مسيرته الفنية مند صغاره رغم ضعف الامكانيات في كل مرة يبدع في رسم احد الوجوه المعروفة بطريقة فنية رائعة جدا ، سابق أن شارك في مسابقة الرسم في معرض الفرس بالجديدة لمولاي رشيد سنة 2023 من بين الصور التي ابدع فيها جدارية رائعة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بإحدي المدارس العمومية و صورة السيد لحسن لمراش رئيس المجلس الجماعي السابق و قائد قيادة أورير حاليا و عدد من الشخصيات المحلية و الجهوية ، لا يوجد عائق امام الفنان ابدا هوة يدة تريد ان تعبر باى شئ هنالك من يرسم بالملح و احدث بالرمل و اهناك بالفحم باابسط التكاليف يبدع و القم الرصا و احدث بالجاف لا تستطيع مواهبه الاختباء كثيرا ابداع جميل جدا ، استخدام الرصاص للوحه فنية جميلة , رسومات ثلاثية الابعاد… موهبه تستحق التقدير ان تكون جميع امكانياتك هى القلم و الورقه فقط و تظهر تلك اللوحه الفنيه المبدعة من صور لبعص المشاهير من الفنانين و الممثلين و لاعبى الكره المميزه الفن يجب ان يقدر منا جميعا لانه تعبير عن الحضارات على مدى التاريخ و رعايه اصحاب الحرف و الصناعه و تشجيعهم على مواصلة الفن الراقي من الجداريات على الجدران و الصور لشخصات عامة أو المواطن العادي

الجاهلية الرقمية: لو عاش سيد قطب في عصر الميتافيرس
الجاهلية الرقمية: لو عاش سيد قطب في عصر الميتافيرس

لكم

timeمنذ يوم واحد

  • لكم

الجاهلية الرقمية: لو عاش سيد قطب في عصر الميتافيرس

' إن الحياة في ظلال القرآن نعمة لا يعرفها إلا من ذاقها … نعمة ترفع العمر وتباركه وتزكيه. ' – سيد قطب. لكن، ماذا لو امتدت هذه الظلال في زمنٍ لم تعد فيه السماء هي مصدر النور، بل شاشة مضيئة تغمر العيون بألوان الواقع الافتراضي؟ ماذا لو عاش سيد قطب بيننا اليوم، في عصر الميتافيرس، حيث تُصنع العوالم وتُخلق الهويات بكبسة زر، ويُختزل الإنسان إلى كيانٍ رقمي سابح في مدارات الخيال التقني؟ هل كان سيد قطب سيُعيد تعريف الجاهلية في ظل هذا الواقع الجديد؟ وهل كانت 'الحاكمية لله' لتقاوم طغيان الخوارزمية؟ لماذا سيد قطب؟ سؤال قد يخطر ببال القارئ، وهو مشروع. فهل هذا المقال محاولة للدفاع عن الإخوان؟ أو إحياء لأطروحات الإسلام السياسي؟ الجواب ببساطة: لا. ما دفعني إلى استحضار فكر سيد قطب هنا ليس الانتماء الحركي، ولا الاصطفاف السياسي، بل الرغبة في مساءلة أفكاره في ضوء تحولات العصر. قطب كان – أحببناه أم اختلفنا معه – ظاهرة فكرية لا يمكن تجاوزها حين نتحدث عن الجاهلية، الحاكمية، والإنسان المعاصر. لم يكن اختياري له إلا لأنني أراه منجمًا للتأمل في علاقة الإنسان بالقيم والسلطة والمجتمع. لم أستدعِ سيد قطب لأتبناه، بل لأفككه، وأرى كيف كانت عيناه سترى عصر الميتافيرس. هذا النص ليس بيانًا إيديولوجيًا، بل تجربة فكرية تستلهم العقل الناقد لا العقيدة الجامدة. في فكر سيد قطب، الجاهلية ليست مجرد ماضٍ قبليّ، بل هي حالة انفصال عن الله، خضوع الإنسان لقيم بشرية تضع نفسها موضع الإله، سواء تجلّت في سلطة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية. فهل يختلف كثيرًا حال الإنسان اليوم، حين بات يخضع لقيم رقمية تُفرض عليه من وادي السيليكون، وتُبرمج حياته وفق منطق السوق والربح، حتى صار مستهلكًا دائمًا لسلع ليست مادية فقط، بل رمزية: إعجابات، متابعات، هويات وهمية؟ في زمن سيد قطب، كانت الجاهلية ترتدي عباءة 'القانون الوضعي'، واليوم ترتدي ثوب 'الخوارزمية'. الجاهلية الرقمية هي عبودية الإنسان لآلة لا يراها، لكنها تراه وتراقبه وتوجّهه، تحدد رغباته وتتحكم في مسارات وعيه. من صلب مشروع سيد قطب الفكري فكرة الحاكمية، أن يكون الله وحده مصدر القيم والتشريع. لكن، في عالم الميتافيرس، من يحكم؟ من يُملي القيم؟ أليس أصحاب المنصات الرقمية، ومهندسو العوالم الافتراضية، هم الآلهة الجدد لعقول البشر؟ لو عاش سيد قطب هذا التحول، لربما رأى فيه امتدادًا خطيرًا للجاهلية، لكنه أخطر من سابقاتها، لأنها تخدع الإنسان بالحرية بينما تقيده دون أن يشعر. فالمستخدم يظن نفسه فاعلًا، وهو مجرد موضوع تُشكّله معطيات الشبكة. ولعل سيد قطب، صاحب الرؤية القطعية للفصل بين الحق والباطل، كان ليعلن أن 'الميتافيرس' هو فتنة العصر، حيث تضيع الحقيقية بين واقع مصطنع وزيف مستتر خلف بريق التقنية. من أبرز ما كان سيد قطب يدعو إليه هو عودة الإنسان إلى فطرته، إلى صفاء علاقته بخالقه، بعيدًا عن تشويش الجاهلية. فهل يمكن للإنسان أن يعود إلى الفطرة وهو غارق في محيط رقمي، لا يعرف فيه أين تنتهي الذات وأين تبدأ النسخة المصطنعة منها؟ الميتافيرس لا يخلق فقط واقعًا بديلًا، بل يخلق إنسانًا بديلًا، يُفرّغ من أبعاده الروحية، ويُغذّى بأحلام الاستهلاك، بالمتعة الفورية، بالهروب من المعنى. في مثل هذا العالم، قد يرى سيد قطب أننا أمام جاهلية مطلقة، ليس لأنها تنكر الله صراحة، بل لأنها تنسى الله في زحمة الأكواد. لو كان سيد قطب بيننا، لربما دعا إلى جهاد من نوع آخر، جهاد تحرير العقول من سطوة التقنية، من وهم السيطرة على الكون. جهاد يعيد للإنسان كرامته الكونية، بأن يتذكر أنه مخلوق لله، لا مخلوق لخوارزمية. الجاهلية الرقمية ليست مجرد تطور طبيعي للتقنية، بل هي مرحلة نزع الإنسان من إنسانيته، وتذويبه في بحر من الافتراضات اللامحدودة. هي ثورة ناعمة ضد المعنى، ضد الهوية، ضد الغاية. في ظلال الميتافيرس، هل يمكننا أن نستعيد ظل القرآن؟ هل نملك الشجاعة لنقول: لا، لن نسجد إلا لله، ولن نركع لشاشة، ولن نُعيد صياغة ذواتنا إلا على نهج السماء؟ لو عاش سيد قطب بيننا، لما تردد أن يصف هذه المرحلة بأنها الجاهلية الكبرى، لأن الإنسان فيها نسي أنه عبد لله، وظن أنه إله صغير يتحكم في العوالم. لكن في النهاية، ما الإنسان إلا ظل… والظل لا يستقيم إن لم يعرف مصدر انبثاق النور.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store