
سوسن بدر: بوسي شلبي عرفناها زوجة وفية للفنان الكبير محمود عبد العزيز
علقت الفنانة سوسن بدر على الخلاف الذي ترددت أصداؤه خلال الأيام الماضية، بين ورثة الفنان الراحل محمود عبد العزيز والإعلامية بوسي شلبي.ونشرت سوسن بدر عبر صفحتها الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي إنستجرام صورا جمعت بين محمود عبد العزيز وبوسي شلبي، وكتبت في التعليق: 'رحمة الله على الفنان المبدع و الرجل المحترم استاذ محمود عبد العزيز وكلنا عرفناه عن قرب وعارفين ان من المستحيل انه ممكن يتصرف بشكل لا يليق بتاريخه واسمه واخلاقه'.تابعوا قناة FilFan.com على الواتساب لمعرفة أحدث أخبار النجوم وجديدهم في السينما والتليفزيون اضغط هنامنشور سوسن بدروأضافت سوسن بدر: 'زى ما عرفنا بوسى شلبى من قبل ما تعمل بالإعلام عرفنا بيتها واسرتها وتربيتها .. عرفناها اعلامية تحترم عملها وجمهورها ..عرفناها زوجة وفية للفنان الكبير وقفت معاه فى شدته بمنتهى الحب ولحد النهاردة ورغم الفقد هو مازال حيا عندها وكل الناس تشهد .. ولا حول ولاقوة الا بالله العلي العظيم'.بوسي شلبي ومحمود عبد العزيزوكان ورثة الفنان الراحل محمود عبد عزيز، ابناه كريم ومحمد، فجروا مفاجأة من العيار الثقيل بإبرازهم لحكم محكمة يؤكد أن مقدمة البرامج بوسي شلبي لم تكن زوجته حتى وفاته بل كانت طليقته منذ عام 1998، وبالتحديد بعد شهر ونصف الشهر من زواجهما!طالع أيضا – تفاصيل أزمة بوسي شلبي مع ورثة محمود عبد العزيز … طليقته أم أرملته؟بوسي شلبي ومحمود عبد العزيزوجاء بيان ورثة محمود عبد العزيز بعد أشهر قليلة، تحديدا في فبراير الماضي، من انتشار شائعة طلاق بوسي شلبي من محمود عبد العزيز دون تأكيدات أسرته، وخرجت بنفسها لتنفيها ناشرة صورة بطاقتها وجواز السفر مكتوبا بهما أنها زوجة الراحل.وردت بوسي شلبي وقتها في بيان صحفي يؤكد أن الخبر الذي تداولته بعض المواقع الإخبارية وصفحات التواصل الاجتماعي، الخاص بواقعة طلاقها من الفنان الراحل غير صحيح، مؤكدة أن زوجها كان فوق مستوى الشبهات وعاش وتوفي وهي ما زالت على ذمته.كما أوضحت أن كل ما في الأمر أن البعض قام بتزوير بعض الأوراق والمستندات، من أجل الحصول على قطعة أرض بدون وجه حق، مشيرة إلى أن الأمر محل تحقيق قضائي حاليا.بوسي شلبي ومحمود عبد العزيزوأشارت بوسي شلبي إلى أنها ظلت الزوجة الوحيدة للفنان محمود عبد العزيز قبل وفاته، منوهة أن الشائعة التي ترددت أساءت لها ولزوجها الراحل.وفي مايو 2025، رد أبناء الراحل في بيان مؤكدين أنها كانت طليقته منذ عام 1998، وأن علاقة الراحل بها بعد ذلك لم تتعدى كونها منسقة أعمال ومديرة إدارية لتنظيم الارتباطات والمهرجانات.اقرأ أيضا:بوسي شلبي ترد على بيان ورثة محمود عبد العزيز: علاقتي به كانت علاقة زوجية شرعية قانونية يعلمها الجميعتفاصيل خلاف جوري بكر وطليقها … وصل للضرب أمام طفلهما والخادمةشيرين عبد الوهاب تقاضي المسئول على صفحتها بمواقع التواصل الاجتماعي … رفض إعطائها كلمات السر#شرطة_الموضة: عمرو دياب بإطلالتين كاجوال في حفله بدبي .. سعرهما 42 ألف و526 جنيهلا يفوتك: في الفن يكشف حقيقة وليد فواز مبدع أدوار الشرحمل آبلكيشن FilFan … و(عيش وسط النجوم) جوجل بلاي| ستور| آب جاليري|

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بوابة ماسبيرو
منذ 35 دقائق
- بوابة ماسبيرو
هاجس الإنسان الدائم الموت.. إجابة النهاية
ضع نفسك فكريا فى أرض الموت.. ظهرك للجدار وعليك أن تواجه مصيرك المجهول القادم.. هذه المرة بلا قدرة على المقاومة أو المغامرة أو المقامرة فجميع الاحتمالات مفتوحة. لا شك أن الموت هو هاجس الإنسان طويل الأجل، فهو الذى سكنه و خيم على حقيقة وجوده فى الحياة، فكانت حياة مفعمة بالصراع والجدل وإثارة التساؤلات، وكان السؤال الأساسى هو هل يمكن التغلب على فكرة الموت وهل حتميته تعنى الفناء الكامل؟ يقول جان بول سارتر: لعل من فكرة الموت هذه قد نشأت بالضد الحياة، لذا وقع الإنسان حائرا بين نقيضين فسأل كيف سيعيش وإلى متى؟ و من هنا أصبح مشهد الزوال عالقًا فى الأذهان الحية كنبوءة يجب أن تتحقق مهما حاول أى كائن التهرب منها ومن كونها سنة الحياة. قضية الموت كم من أسئلة فلسفية قادت بشكل أو بآخر إلى التفكير اللا منطقى فى الأشياء، ولعل البحث وراء فكرة الموت أهمها و أطولها، ليبدو الأمر كأنه تحقق من الوجود ذاته عبر التفكير فى نهايته، و يكون الموت بهذا جزء لا يتجزأ من الحياة نفسها. فى قراءة بكتاب "الوجيز فى تاريخ الموت" نتلمس مناقشة واضحة حول فكرة الموت من خلال إحدى الملاحم الشهيرة، وهى ملحمة جلجاميش حيث يجد جلجاميش نفسه واقفا أمام الفناء من خلال موت صديقه الذى يرفض أن يسلم جسده للدفن ليأكل الدود جسمه ويخرج من أنفه.. هنا يشعر بطل الملحمة لأول مرة بأنه فان رغم أسطورته المشهورة، و آيل للسقوط رغم قوته وعظمته، وبالتالى أحس الخوف والرهبة من هذا القادم لا محالة فقرر أن يترك أى شىء و يهيم فى الأرض لاكتشاف سر الخلود، وهو ما سيؤدى به إلى خوض المغامرات الكثيرة والعجيبة برفقة العقرب الذى من المفترض سيتولى حمايته أثناء المرور الحتمى على مياه الموت نحو اللا فناء المزعوم. و تبعا لهذا المنطلق تبدو ملحمة جلجاميش وكأنها تتحدث عن هذه العلاقة الجدلية الأزلية للحياة و الموت ليكتشف الجميع الحقيقة الوحيدة وراء هذه الثنائية الخالدة بأن سر الخلود يكمن فى الأعمال و المعانى الإنسانية ومجموعة القيم التى عاش بها الإنسان فتلك التى ستتبعه إلى الحياة الثانية فإما إلى نعيم أو جحيم. أما عن تتبع أصل الموت فنجد القصة قد بدأت مع نزول آدم وحواء إلى الأرض بعد استبعادهما من جنة الله الأبدية ليكون الموت هو نهاية البداية لأى كائن فتتجلى كلمات الله "أن كلكم لآدم و آدم من تراب"، ولذا يبدو الموت كفرض أو كورث أو إن جاز التعبير كعقاب إلهى جزاء عصيان أمر الله و طاعته بعدم أكل التفاحة المحرمة، وهو ما يأتى جليا بهذه الصورة فى سفر التكوين بالإنجيل المقدس، وفى القرآن الكريم الذى يوضح كون الموت أقصى و أقسى نهاية و خاصة للإنسان العاقل فشبهه بالمصيبة فى قوله "أينما كنتم تدرككم مصيبة الموت" وقوله "كل من عليها فان"، ولكن الإنسان عدو ما يجهل، لذا فالخوف هنا من هذا المجهول المصيرى و الإجبارى و هو ما جعل الموت مادة خصبة للمناقشة حتى مع الذات، حيث تتملك الحواس الهواجس فتكون قضية الموت قدرا لا يمكن تفهمه بسهولة. يقدم الأستاذ الجامعى أندرو دويج فى كتابه "تاريخ الموت" صورة مذهلة عن الموت عبر التاريخ، حيث أكد أن أسباب الوفاة نفسها قد تغيرت عبر الزمن.. ففى غضون عدة قرون انتقل العالم من معرفة أن الموت كان نتيجة مواجهة قوى الطبيعة أو الحيوانات الضارية إلى كونه نتيجة كبر العمر أو الأمراض المعدية إلى أن أصبح مع الوقت نتاج هجرات و مجاعات حتى وصل إلى الوقت الذى يموت فيه الإنسان نتيجة الاكتئاب و كأن للموت أشكال مع حركة الزمن وتغير الأجيال حتى جاء اليوم الذى أسس فيه القائم على الكنيسة الإنجليزية برنامجا على الهاتف ليساند أولئك المقدمين على الموت نتيجة الصدمات العاطفية، و تتبع الأمر هنا يثير التعجب فقد بدأ الموت من خلال حادثة قتل فيها قتل ابنى آدم أحدهما الآخر ليكون أول إنسان يوارى جسده التراب هو جسد ابن من أبناء عدم الطاعة. وربما من يومها ظهرت هذه الضبابية الميتافيزيقية المترنحة بين الحقيقة و الخوف منها، وسلك الإنسان طريق الأسئلة اللا متناهية عن جدلية الموت والحياة والتى لم تبلغ أبدا منتهاها و لا حدها الأقصى.. ما دفع الإنسان حيالها لاتخاذ ردات فعل مختلفة تراوحت بين التوق الجامح للخلود أو الغوص فى فلسفة الفناء حيث التعالى على مشاعر الخوف من الموت بل البحث السريع عنه دون انتظاره. الموت العبادة الغائبة فى وصف للمؤلف الأمريكى وول ديورانت بكتابه "الموت فى الحضارات القديمة" يقول: إن الموت كان بمثابة عبادة غائبة حين عبد الإنسان القديم القوى الكائنة آنذاك قاصدا تحدى الموت والظروف المؤدية إليه، وقد عبر عن هذا المعنى فى الأسطورة الإغريقية مثلا حين أنقذ أورفيوس حبيبته من عالم الأموات للأبد مخالفا بذلك رغبة الإله زيوس. وكما تعددت أسباب الموت وطرق التعامل معه تعددت صوره التى صورتها الأساطير فى الحضارات المختلفة، ففى مصر القديمة مثلا كان الموت الأول هو طريق للحياة الأخرى بعد البعث، لذا أخذ المصرى القديم معه كل ما يعينه فى هذه الرحلة الطويلة من زاد و أثاث بل و خدم و صور وتماثيل تصور له منحوته ومنقوشة ومرسومة صورا واضحة لحياته الأولى حتى يستطيع تذكرها بعد رحلة الرجوع، بل وذهب إلى الرضوخ إلى عمليات التحنيط حفاظا على جسده من التحلل وواستعان على عودة الروح له ثانيا بالتعاويذ وحبه للآلهة وبخاصة إله الحساب والبعث أوزوريس، وقد جاء هذا مخالفا مثلا لتصور الموت فى الأساطير الفينيقية وغيرها من الحضارات القديمة، ولكن كان القاسم المشترك دائما وسط الاختلاف هو فى ضرورة مواجهة الموت. ميثولوجيا الموت صدر عن المركز العربى للأبحاث و الدراسات السياسية كتاب "الموت بين المجتمع و الثقافة" من تأليف الباحث أحمد زين الدين الذى شرح فى ثلاثة أقسام و أربعة وعشرين فصلا تيمة الموت ومعناها المختلف بين الأمم والشعوب والمجتمعات، وذلك بناء على مساهمة الأديان والمعتقدات فى هذا الشأن فيقول الباحث: إن الموت فكرة ينفر منها الجمع الأعظم من الناس لما تسببه من اضطرابات و هواجس ووانطباعات سلبية قادمة من هذا المجهول المتجاوز لأى مفهوم يمكن الإمساك به فى محاولة لاستيعابه عقلا، و يؤكد على أن بالرغم من أن الأحياء يواجهون موت الأقرباء منهم أو حتى غير القريبين كل لحظة.. ذلك حين يدق الباب فيخطف أحدهم فلا يرى مرة أخرى إلا أن مشاعر الحزن و الفقد و الحرمان تزيد من مشاعر الرهبة و الخوف منه، و مع هذا فإن فترة الحداد و الحسرة تفصل الأحياء عن البحث فيما وراء السؤال الصعب، و هو ماذا إن زارنا نحن هذا الزائر المخيف؟ وبالطبع بخلاف الإنسان فجميع المخلوقات التى ستموت هى الأخرى حتما لا تخشى الموت وإن ذهب البعض منهم إلى إظهار بعض التأثر عبر إصدار حركات وأصوات تنم عن الحزن ليبقى بنى آدم وحده فى هذه المفردة وهى الموت، لذا فقد عمل على مواجهتها باختراع القصص أو الاستماع إلى معانى طيبة تستحضر الصفات الحميدة فى شخص الميت التى ستشفع له بالتأكيد فور ملاقاة ربه، و لهذا ربما لعبت المعتقدات و الأديان دورا بارزا فى لعبة الموت، فكانت الممارسات الشعائرية و الطقوس الجنازية التى بلورت من ناحية قدسية الموت ومن ناحية رسمت هالة حول بهاء الحياة مهما كانت صعبة ومأساوية. ومما لا شك فيه أن الموت يجبر البشر من الأحياء على آلا يديروا له ظهورهم أو يحاولوا نزع فتيل الهيبة عنه، و لهذا خضعوا لأن يخوضوا معه أثناء الحياة معركة لا تضع أوزارها إلا بانتصار الموت فى كل مرة، وبخاصة أن الحياة نفسها بعيدا عن الموت الحقيقى متشبعة أصلا و لأقصى درجه بصور منه ولا مفر منها إلا بهذا الموت الحقيقى. هذا و يرى أحمد زين الدين فى كتابه أن الثقافات المختلفة كانت و لا تزال أدوات عبقرية لإخفاء وجه الموت و حقيقته أو علها تزينه أحيانا باحتمالات التعايش مع فكرته بما يضمن على الأقل التخفيف من أثر الخوف منه، لذا كان الموت طوال الوقت مشهدا يخص الأحياء أكثر ما يخص الأموات، و بقى فى الذاكرة الحاضرة أكثر الظواهر الميتافيزيقية تساؤلا فكر ست الثقافات من أجل هذا أرثى لقصة التكيف مع حتميته فكانت التقاليد و العادات الاجتماعية، وكذا السرديات التى حاولت بمعناها استيعاب الانفعالات الناجمة عن فكرة انتزاع أحد أفراد الجماعة بلا رجعة تحت أى سبب مهما كان متوقعا. و هكذا ظلت إشكالية الموت إشكالية متوارثة طرحت وستطرح فى جميع الأزمنة والأمكنة الأسئلة غير المجاب عنها، و قد حاول المفكرون والفلاسفة و الأدباء و الشعراء بل و اختصاصى علم النفس و الاجتماع ملامستها، فكان الاستنتاج المتفق عليه رغم اختلاف الرؤى أن الجسد بالموت الطبيعى فان أما الروح فبشكل أو بآخر باقية، و فى هذا كانت التصورات الثقافية التى تقر هذا المفهوم بما لا يمكن إنكاره و الذى يطرح موجودا مكملا لدورة الحياة. الموت فى الضوء يقول المفكر لويس لافال إن من المستحيل الفصل بين التأمل فى الموت دون التأمل فى الحياة، حيث إن الموت علامة دالة على قيمة الحياة و هو نفس ما ذهب به أفلاطون مثلا من أن مادام الموت و الحياة زوجا له سمة التضاد فإن التأمل فى أحدهما يعنى بالضرورة التأمل فى الآخر، و ذلك بأن و بمجرد استبعاد فكرة الموت عن الحياة تبدو الحياة كمزحة أو مجرد تسلية أو زمن مهدر مهما كان حجم الإنجاز فيه، فالموت يجبرنا على النظر للحياة بأنها دار فناء محتم و الموت دار بقاء طويل و أن نسيان ذلك ينتهى بنسيان كلاهما معا. وعليه فإن الحياة و الموت قدر لا فرق بينهما إلا أننا بلحظة الميلاد نكون حاضرين فقط بأجساد ضئيلة بينما قبل الموت فنحن موجودون بذواتنا وأفكارنا و أعمالنا بجانب جسد أصبح ضعيفا، و لذا فالموت لحظة ضوء حيث حياتنا قد تشكلت بالفعل بفعل ماض، أما الحياة فمحدودة مؤقتة بفعل حاضر و مستقبل ممكن. وبنظرة خاصة كان الموت مؤرقا للفلاسفة فاعتبره سقراط مثلا نهاية المعرفة و غياب الوعى بينما رآه سارتر إقصاء للحرية و لدى الفلاسفة الرواقيون، فكان التعبير بأنه ليس شرا بل عودة عبر التحلل من العناصر الأربعة المكونة للحياة إلى الصورة الطبيعية فى الأرض أى إلى الحالة الأولى، أما عند فرويد فهو نهاية العلاقات الإنسانية و العواطف مثل الحقد و الأنانية و الحب والمصلحة... الخ، و لكن بنظرة عامة كان الموت فلسفيا عادلا يطل على الجميع بسواء ولم يفرق بين وطن أو عرق و هو ما يذكره مفكر مثل جاك شورون مؤلف كتاب "الموت فى الفكر" فيقول بأنه حالة لا تفرق بين غنى وفقير و لا غبى وذكى هذا و إن اختلفت الأسباب والأساليب ليبقى الفرق الأكيد هو بين ميت مؤمن وميت غير مؤمن، وذلك فى ظل وجود رب يحاسب مبدئيا على هذا الأساس وبالطبع لا فرق هنا أيضا بين أن تكون الحياة كانت قصيرة أم طويلة و هذا وفقا لتفسيرات الأديان لهذه المسألة الكبرى.


بوابة ماسبيرو
منذ 36 دقائق
- بوابة ماسبيرو
سامح عبد الوهاب الأسوانى يروى حكاية والده الذى أبدع فعاش
هكذا تشكلت شخصية أبى بين الإسكنـدرية وجزيرة المنصورية «أبو غالى والشعراء الشعبيون» أدخلوه عالم السرد من بابه الواسع «سلمى الأسوانية» و«هبت العاصفة» و«اللسان المر» و«أخبار الدراويش».. أعمال تناولت المجتمع الأسوانى بشكل رائع الأسوانى كان حريصا على حضور ندوة نجيب محفوظ بمقهى ريش دموعه كانت قريبة.. وأفتقد حضوره الصادق وحكمته الهادئة طفولة الأسوانى فى جزيرة المنصورية كانت الخزان الذى نزح منه رواياته وقصصه من دواعى فخرنا نحن أبناء مجلة الإذاعة والتليفزيون أن الروائى والقاص الكبير عبد الوهاب الأسوانى واحد من أبناء المجلة.. فالرجل فوق أنه أديب بارع وواحد من كبار أدباء مصر والوطن العربى شهد له كبار الأدباء والنقاد بالتفرد والإبداع المختلف هو إنسان عظيم بمعنى الكلمة.. مشهود له من الجميع ومن كل من عرفه بالنبل والمروءة والإنسانية.. هو ابن الجنوب الذى ترسخت فيه قيمه وتجذرت أصوله فصار مبدعا استثنائيا وإنسانا استثنائيا.. مع زميلنا سامح الأسوانى نائب رئيس تحرير المجلة والابن البار لعبد الوهاب الأسوانى وخلفه الطيب النبيل سعدت بهذا الحوار عن ابن أسوان الكبير عبد الوهاب الأسوانى.. عبد الوهاب الأسوانى.. الأب والإنسان.. كيف كان؟.. ماذا عن علاقته بأبنائه.. وبأهله فى جزيرة المنصورية؟.. من هم أصدقاؤه المقربون؟.. هذا سؤال دائم الإرباك لى، ولم أسلم، فى كل مرة يوجه لى، من الشعور بالحزن، حزن منبعه الفقد الكبير والخواء الذى أشعر به منذ أن قرر أبى الذهاب بعيدا، وهو أمر لم أتصوره، أو ربما كنت أنكره فى وجدانى العميق، على الرغم من إيمانى بأن أقدار الله آتية بلا ريب، كنت أعيش فى قلب النهر فلم أشعر بالظمأ أبدا، ثم توقف النهر فجأة عن التدفق، وظهرت الأرض جافة قاسية ملأى بالأشواك، وحين أتذكر تنهمر عليّ المشاعر المتضاربة ويغمرنى حزن واكتئاب. هذا النهر كان فيضا من المحبة على كل الكائنات، وهذا ليس تشبيها مجازيا؛ إذ حمل أبى فى قلبه قدرًا غير محدود من الحنية، خاصة مع الضعفاء، محبة لا يجهد نفسه فى إظهارها، إذ تنسال دموع من عينيه أمام أى مشهد إنسانى مهما كان خافتا، دموعه قريبة كما يقال، فالعين التى لا تدمع لا ترى. وفى تعامله مع أهله كان حريصًا على أن يشعر كل فرد بأنه مسموع، وبأن له مكانًا لا يُنتزع فى قلبه، يفعل هذا بإيمان حقيقى وإنسانية بالغة، ولم يكن الحديث عن القيم أو المبادئ مجرد تنظير، بل سلوك يومى بسيط: طريقة فى النظر، فى الإصغاء، فى التصرّف، فى شهامته السريعة مع الآخرين، التى لا تنظر إلى حسابات الربح والخسارة، بل إلى الحق والحق فقط، حتى لو كانت النتائج فى غير صالحه، فلا غرو إذن أن يناديه الأهل والأصدقاء والمحبون بالخال والعم والعمدة وشيخ العرب. الآن، وأنا أفتقده، لا أفتقد الصوت فقط أو الصورة، بل تلك المسافة التى كان يملؤها بالحضور الصادق، بالحكمة الهادئة، بالحس الإنسانى النادر، أفتقد أبى.. كريم القلب. أيام الغربة فى حياة الأسوانى.. ماذا عن إبداعاته فى سنوات تغريبته.. وهل كان للغربة تأثير فى إبداعات الأسوانى؟ فُرضت الغربة على أبى، مثلما فرضت على غالبية المصريين منذ السبعينيات، حيث شهدت مصر موجات متتالية من هجرة العمالة إلى الخارج، خاصة إلى دول الخليج، وهى ظاهرة حملت فى طياتها أبعادًا اقتصادية واجتماعية عميقــة، وزادت سياســة «الانفتــاح الاقتصادي» من وطأة التفاوت الطبقى، ما دفع كثيرين من الطبقة الوسطى والعمالية إلى البحث عن فرص أفضل خارج الحدود. اجتماعيا، أدت الهجرة إلى تغيّر النسق القيمى والاجتماعى؛ إذ أدخلت أنماطًا جديدة من الاستهلاك، وأصبح الإنفاق على الكماليات علامة على النجاح، وتحوّل تقييم الأفراد بالتعليم والمكانة المهنية إلى ربطه بالقدرة المادية. هل لكل هذا علاقة بإبداع عبد الوهاب الأسوانى؟ أقول نعم، فإذا كانت الغربة سببا فى عرقلة الوالد عن الكتابة الإبداعية، فقد كانت سببا أيضا فى رؤيته، وبوضوح، لهذه التغيرات الاجتماعية وعلى رأسها اعتلاء ثقافة الاستهلاك، بأمراضها الاجتماعية، سلم القيم، إذ إن البعد عن مصر والعودة إليها بعد وقت جعله ينتبه إلى هذه التبدلات، التى قد لا تستوقف بعض من يعيشون فى مصر بحكم الألفة، وهذا بالضبط ما حصل مع رواية النمل الأبيض. لقد كانت روايات أبى الأولى، سلمى الأسوانية وهبت العاصفة واللسان المر وأخبار الدراويش، تتناول مجتمع صعيد أسوان بتقاليده المتماسكة وقيمه الصارمة، واكتفائه الذاتى، يقول أبى عن قريته المنصورية: «... كل حقل مقسم إلى أجزاء، الجزء الأكبر قمح وبرسيم، والثلث تقريبًا عبارة عن أحواض، حوض طماطم، وذلك باذنجان، وآخر كوسة، ورابع بامية، وخامس ملوخية، وسادس ثوم، وهكذا، هذه الأحواض للاستهلاك الخاص، وما يزيد منها يشتريه صغار التجار ليبيعوه فى المنادر القريبة، بحيث لم يكن البيت يشترى من خارجه إلا السكر والشاى والبن وبعض الأشياء الأخرى مثل الملح والفلفل الأسود..البنات فى البيوت، بعد أن يفرغن من الواجبات المنزلية، وإطعام الدجاج والحمام والبط، يتفرغن لغزل صوف النعاج. فى القرية المجاورة نجع اسمه نجع النصارى، يأتى منه رجل اسمه عم سيفين، مرة كل أسبوع، ليشترى خيوط الصوف التى غزلتها البنات، يحولها فى أنواله إلى نسيج، تُصنع منها عباءات الرجال وجلاليبهم فضلا عن عباءات النساء، أكثر من ستين فى المائة من ملابس أهالى المنطقة، كانت من صنع أيديهم». فى زيارة أبى للإسكندرية وقريته، بعد فترة غياب عنهما هاله ما رآه: «... بعد غيابى عن الإسكندرية وعودتى إليها، وجدت الجو قد تغير تمامًا، الكثير من الفيلات تحولت إلى أبراج شاهقة ولا وجود للحدائق أو للأشجار، أغلب سكان هذه الأبراج من غريبى الأطوار.. يأكلون البطيخ فى الشرفات العالية ويلقون بالقشر الذى تصدر عنه فرقعات فى الشارع تشبه بمب الأطفال!.. فى بلدنا وجدت المناخ قد اختلف أيضًا، أصبحت لا هى بالقرية ولا بالمدينة، تشترى خبزها من أفران البندر، أغلب الدواوين تحولت إلى ما يشبه البوتيكات، غاصة بالمعلبات والملابس الفاخرة، كلها مستوردة.. التليفزيونات تسهر حتى الصباح.. بعض الشباب يتحدثون عن البانجو وأسعار الدولار! على ضوء هذه المعطيات كتبت روايتى النمل الأبيض، وأكثر قصص مجموعتى شال من القطيفة الصفراء». بين بيئتين عبد الوهاب محمد حسن عوض الله.. بداية التشكل بين جزيرة المنصورية والإسكندرية..حدثنا عن هذه الثنائية الغريبة ما بين أقصى الجنوب وأقصى الشمال المصرى فى حياة الأسوانى.. هل كانت المكون الأول والأساسى لشخصيته الإبداعية؟.. ولد أبى فى جزيرة المنصورية بأسوان، مخزون الحكايات والذكريات، وتعلم فى الإسكندرية. تقع المنصورية قبالة معبد كوم أمبو، لكنها أقرب إلى الضفة الغربية، جغرافيا وثقافيا، ويقطنها صعايدة أسوان من أبناء القبائل العربية، ومن ثم تختلف عن المناطق النوبية التى تمتاز بثقافة ولغة خاصة. وكان لجدى تجارة فى الإسكندرية، لذا كان يمكث بها فترة الصيف، وهو موسم عمله وأرباحه، إذ كان يتاجر فى المياه الغازية وألواح الثلج، والأخيرة كانت أمرا حيويا لا يستغنى عنه تجار الأسماك واللحوم والبقالون، وباقى العام يقضيه فى قريته، وفى هذه الرحلة، ذهابا وإيابا، يصطحب عائلته. فى المنصورية كان نجع جدى، النجع الشرقى، يغص بالشعراء الشعبيين، يجتمعون مرة كل أسبوع فى إحدى الساحات الواسعة، يقيمون فيها عرسًا مجانيًا يمتد حتى الفجر، يحييه أهل النجع بالغناء والإنشاد، وكثيرًا ما كان يتبارى شاعران أو أكثر، يرتجلان الشعر فى لحظته، فيما ينقسم الحضور بين مشجعٍ لهذا أو لذاك، فى جوٍ من الحماسة والانبهار. كما تأثر أبى بالسيرة الهلالية التى كان يرويها الفنان الراحل «أبو غالى»، ابن النجع الشرقى، بصوت رخيم وحضورٍ آسِر، وكانت شخصياتها تتجسد أمام عينيه، كأنها تتحرك بين الناس، يتلمسها بعينيه وذاكرته، ربما كان ذلك ما أورثه الشغف بالحكاية، بالقص، بالسرد الطويل. ثمة جانب آخر كان وراء فهم أبى لمجتمعه الجنوبى، قوانينه وعلاقته المتشابكة، تقاليده الصارمة وتعقيده المستتر. يقول أبى عن أبيه فى شهادة عن نشأته وتكوينه كتبها للناقد الكبير يوسف الشارونى: «فى بلدنا، لا يفعل شيئًا غير أن يستقبل الضيوف، ويصلح بين المتخاصمين، فكان العمدة والمشايخ يحولون إليه أى بلاغ يصلهم، فيقوم هو بدور قاضى العرب ـ كما يطلقون عليه ـ وطبعًا التكاليف تكون على حسابه؛ ذبيحة، أو غداء أو عشاء مكلف. فكانت لديه مقدرة عجيبة على مصالحة الأطراف المتخاصمة؛ حيث يحفظ تقاليد المنطقة عن ظهر قلب، ويعرف أنساب العائلات ـ فى بلدنا والقرى المجاورة بما فيها كثير من قرى محافظة قنا ـ كأى مؤرخ متخصص، ويحفظ الكثير من الأشعار الشعبية التى تدعم ما يقول. سواء فى الأنساب أو فى القضية المطروحة فى حين لا يعرف غير كتابة اسمه، لكنه فى الحساب كأنه كمبيوتر مجالس الصلح هذه.. وتعقد مثلها عند جدى لأمى، وهو من نجع آخر وقبيلة أخرى ـ أفادتنى كثيرًا فى معرفة أسرار المجتمع وتقاليده ومشكلاته وطريقة تفكيره، تشربتها بلا وعى فى البداية، ثم بدأت فى تأملها فيما بعد» انتهت شهادة أبى. والتأمل الواعى يعنى الفهم العميق لمجتمعه الجنـــوبى، عبــر الخبرات المتوارثة، وفك شفرات المكان من طقوس معقدة وتحالفات خفية، وصراعات مقنّعة، والوصول لجذور المشكلات التى تتشابك مع الميراث والعرف، ومعرفة العقل الجمعى شديد الحذر والفطنة، باختصار معرفة أهله وناسه. هذه المعرفة والفهم العميق فتحتها أبواب الإسكندرية، فقد كان أبى يسافر مع جدى منذ صغره إلى الإسكندرية، وهناك وجد نفسه وحيدا أو لنقل غريبا، فثمة فجوة حضارية وثقافية بين المجتمعين، مجتمع القرية الجنوبية التى تفتح له كل أبوابها، فيدخل البيوت بلا وجل، ومجتمع كوزموبوليتانى استعلائى بقيمه الاستعمارية فى الإسكندرية، ويقول أبى عن ذلك: «كنا نقيم فى منطقة سيدى جابر، فى الغرب منها الإبراهيمية وكامب شيزار والأزاريطة وحتى محطة الرمل، وفى الشرق كليوباترا الحمامات وسيدى جابر وستانلى وحتى محطة فيكتوريا، جميع السكان أجانب، يونانيون وإيطاليون ومالطيون وأرمن ويوغسلاف وقليل من المصريين، فضلا عن أغنياء اليهود الذين يحملون جنسيات إنجليزية أو فرنسية، الغالبية العظمى من المحلات التجارية فى المنطقة يملكها الأجانب، محلات البقالة والحلوى يونانيون، المطاعم للإيطاليين، محلات الساعات والأحذية للأرمن، مطاعم الفول لليوغسلافيين، الجزارون يهود، المقاهى للقبارصة، وهكذا،.. ثمة ساحة كبيرة بين ثلاث عمارات، أرضيتها من البلاط الملون، يتجمع فيها أطفال الأجانب يلعبون الكرة، ذهبت لكى ألعب معهم فحملوا الكرة وعادوا إلى بيوتهم وتركونى فى الساحة وحدى، انعزلت تمامًا». من هنا بدأ رحلته مع القراءة التى كانت منجاته من العزلة التى فرضت عليه فى وطن استولى عليه الغرباء، وتشكلت أولى تجليات المعرفة والوعى. بدأ الأمر مع الشيخ إبراهيم، وهو أزهرى لم يكمل تعليمه كان قريبا لجدى ويدير حسابات تجارته، كان يقرأ مجلات الهلال الشهرية و«الاثنين والدنيا» و«الرسالة»، ويقرأ الصحف، وبعض الكتب الدينية والتاريخية فضلا عن دواوين الشعر القديم، ثم ازداد الشغف بالكتاب فقرأ فى جميع المجالات تقريبا، حتى صارت ثقافته موسوعية. أغلب إبداعات عبد الوهاب الأسوانى تتناول الجنوب.. رغم أنه عاش منذ طفولته بعيدا عنه.. هل كان الحنين للجذور هو السبب أم أن الأسوانى لم ينقطع عن جذوره واستمر متواصلا مع أهله وقريته وناسه؟ ثمة مقولة شهيرة ترى أن الطفولة مخزن الروائى، ولعلها تنطبق تمامًا على أبى، الذى لم تكن طفولته مجرد مرحلة زمنية، بل كانت خزانًا حيًا يتدفق بالحكايات والصور والأصوات، والمعانى، لقد عرف أبى البيئة الصعيدية، وتحديدًا الأسوانية، يعرفها أكثر من أى بيئة أخرى، لا من موقع المشاهدة فحسب، بل من موضع الاندماج التام مع الناس والأرض واللغة والعادات. ومثلما أشرت، لم يكن يستطيع، فى طفولته، دخول بيوت "الخواجات" فى الإسكندرية، بينما فى قرية المنصورية، كان الأمر مختلفًا: يدخل كل البيوت، يعرف كل كبيرة وصغيرة عن ناسها، يشاركهم أفراحهم وأحزانهم، يسمع الحكايات الطيبة وآلام الناس، ويستقر كل ذلك فى وجدانه. وإذا كانت معظم شخصيات أعماله تنتمى إلى أسوان المكان، فإن المعنى العام لما كتبه يخص مصر كلها، كأنما جعل من القرية الصغيرة مرآة للوطن الكبير، ومن الحكاية المحلية تعبيرًا عن المصير الجمعى. وهو لم ينقطع يومًا عن التواصل مع أهله، كان يزورهم كلما سنحت له الفرصة، يجلس معهم فى ديوان جدى الكبير، يستقبل المرحبين به، يستعيد ذكرياته، ويحيى ذكريات أقرانه التى طواها الزمن والنسيان، فيعجبون من هذه القدرة المذهلة على استدعاء التفاصيل الصغيرة المدهشة، التى ينفخ فيها من روحه الروائية فيحيلها إلى لوحة من الفسيفساء متكاملة ومتأنقة. سلمى الأسوانية سلمى الأسوانية كانت محل تقدير لجنة التحكيم فى المسابقة التى أجريت فى بدايات سبعينيات القرن العشرين.. ما قصة هذه المسابقة ولماذا حققت هذه الرواية كل هذا النجاح؟ فى الإسكندرية اختلط أبى بعالم الأدباء والنقاد والمثقفين، وبدأت تستهويه الكتابة الإبداعية، وكان «أدب اللا معقول» قد بدأ يتسيد المشهد السكندرى فى الستينيات، وهى تقنية سردية رأى أبى أنها لن تعينه على التعبير عن موضوعاته، عن أهله وناسه، عن مجتمع جنوبى لا يعرفه أبناء المدن البعيدة، هو بالفعل حاول الكتابة وفق هذا التكنيك أو الشكل، لكنه لم يسترح معه، وبعد صراع تصالح مع نفسه، وقرر أن يكتب القصة والرواية الواقعية، مع الاستفادة من الإنجازات التكنيكية الحديثة بشرط ألا تعطل التوصيل. وقد قرأ فى الصحف عن ثلاث مسابقات، منها مسابقتان للقصة القصيرة فى نادى القصة بالقاهرة ونادى القصة بالإسكندرية، ومسابقة للرواية، اشترك فيها المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب مع نادى القصة، وجعلها مفتوحة لكل أدباء العالم العربى، واشترك فيها جميعًا وحصل على الجائزة الأولى فى المسابقات الثلاث. لقد فوجئ بفوز «سلمى الأسوانية»؛ إذ كان أقصى ما كان يأمله هو قراءة تقارير محكمى المسابقة عن الرواية، ليرى «عيوبه وأخطاءه» فيتجنبها مستقبلا، وقد كانت المنافسة صعبة، فتلك هى المرة الأولى التى يشترك بها روائيون من كل المنطقة العربية فى هذه المسابقة. وحين تسلم أبى الجائزة من يوسف السباعى، رئيس نادى القصة، قال له: «ما فائدة أن تفوز روايتى دون أن أعرف إن كانت ستنشر أم لا؟» والتفت السباعى إلى الدكتورة سهير القلماوى، التى كانت حاضرة فى الحفل، وقال ضاحكاً: «لا يفتى ومالك في المدينة» وكانت الدكتورة سهير مسئولة عن «هيئة الكتاب»، فقالت لأبى: «سنكافئك على تفوقك ونصدرها لك فى طبعة خاصة»، وصدرت «سلمى الأسوانية» فى طبعة جيدة خلال شهور. ولاقت الرواية احتفاء كبيرا من النقاد، لأسلوب الكتابة الجذابة والرشيقة، والقدرة على رسم الشخصيات، كما أنها صورت مجتمعا مصريا لا يعرفه أدباء كثيرون، هو قرية المنصورية، بأهلها وطقوسها، لقد أضاءت الرواية جزءًا من الهوية المصرية البعيدة فى الجنوب. لكن أهم عناصر هذا النجاح، فى تصورى، صدقه الفنى النابع من عيش حقيقى بين الناس الذين كتب عنهم، ومن ارتباط وجدانى بالأرض، هذا الصدق الذى استبعد التقنيات الغريبة، التى تشبه اللا معقول. مجتمع القبائل العربية فى أسوان كيف عبر عنه عبد الوهاب الأسوانى فى قصصه ورواياته؟ وما هو الفارق بين قبائل العرب ومجتمع النوبة من الناحية الثقافية؟ هذا المجتمع هو الذى أدهش كثيرا من كبار الأدباء، وغالبية سكان أسوان من القبائل العربية، الجعافرة والعبابدة والأنصار وعرب العليقات، وغيرها من القبائل، وتقاليدهم تختلف عن تقاليد النوبة، وهذا التوضيح مهم جدا لأن أكثر النقاد يعتقدون أن الوالد يصور مجتمعا نوبيا. ووصول القبائل العربية إلى أسوان كان جزءًا من حركة تاريخية أكبر من الهجرة العربية إلى مصر وبلاد النوبة والسودان، وهى عملية تمت على مراحل، عبر قرون. ومجتمع جزيرة المنصورية من هذا النسيج العربى، الذى تأثر بالصعيد مثلما تأثر أيضا بالنوبة، لكنه يخالط الصعيد، أكثر مما يخالط النوبة، ويزوج بناته للصعايدة، ومن النادر أن يحدث هذا مع النوبة. وكثير من أسماء الأدوات والمفردات الزراعية فى أسوان لا تزال تحمل جذورًا فرعونية، رغم انتشار اللغة العربية، وهذا ما يدل على تراكم حضارى طويل. رواية كرم العنب من الروايات المهمة فى الأدب المصرى من حيث الرؤية والبناء..فى اعتقادك لماذا احتلت هذه الرواية هذه المكانة فى مشروع عبدالوهاب الأسوانى الروائى؟ أهمية رواية كرم العنب تتجلى فى قدرتها على التقاط التحولات التى حدثت بعد 50 عاما من هزيمة الثورة العرابية، وتُبنى الرواية على هذا الحدث التاريخى الفاصل، إذ شكل سقوط الثورة واحتلال بريطانيا لمصر نقطة ارتكاز أساسية فى تشكيل البنية السردية. ويسلط السرد الضوء على مرحلة ما بعد الاحتلال، وكيف انتقم هذا الاحتلال، وأذرعه، من عمد وأعيان الصعيد الذين ساندوا أحمد عرابى وأمدوا جيشه بالمال والمؤونة، وأحل محلهم من يدينون بالولاء للمستعمر والخديو. وتتعدد الأصوات فى الرواية؛ إذ يسرد أحداثها 9 شخصيات من وجهة نظرها، لكن من دون تكرار لهذه الأحداث، وقد استخدم الروائى تكنيكا لم يطرق من قبل، وفق ما قال عدد من النقاد والأدباء. محطة مختلفة رواية إمبراطورية حمدان آخر ما نشر للكاتب الكبير الراحل عبدالوهاب الأسوانى.. كيف ترى خصوصيتها وهل المجتمع الذى تعرضه له علاقة بالسيرة الذاتية للكاتب عبدالوهاب الأسوانى؟ يمكن القول إن «إمبراطورية حمدان» محطة مختلفة فى مشواره الروائى، إذ إن معظم أرضها يقع فى الإسكندرية، وليس فى صعيد أسوان، مثلما اعتدنا فى أعماله الروائية والقصصية، وإذا كانت الشخصية المحورية من أسوان فإن الأحداث تدور فى المدينة الساحلية، التى كانت سببا فى أن يتفتح وعى أبى بالأدب. وتدور الأحداث فى الفترة من 1914 إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية التى انتهت 1945، مثلما لاحظ الناقد الكبير جمال الطيب، فى قراءته النقدية للرواية والتى جاءت بعنوان «الوحدة أو الطوفان»، وهى العبارة التى تقع فى نهاية الرواية، والتى كانت بمثابة تحذير من أن استمرارنا فى هذا التناحر لا يعنى سوى استمرار السيطرة الاستعمارية على مقدراتنا، أيا كان شكل هذه السيطرة، عسكرية أم اقتصادية، وعن هذه الجزئية يقول الشاعر محمد هشام فى قراءة أخرى للرواية: «الوحدة أو الطوفان.. ربما انتهى كاتبنا الكبير عبد الوهاب الأسوانى، من حيث أراد أن يبدأ، فى عمله الروائى الأخير إمبراطورية حمدان، مُسدلا الستار بهذه الجملة على القصة الملحمية التى نسجتها الرواية، أو بالأحرى فاتحا ستائر أخرى، لنرى من خلفها أى الخيارين اللذين طرحهما الكاتب قد سلكنا، وأى مصيرٍ حتمى انتهينا إليه!» ويقول جمال الطيب إن أخبار الحالة السياسية التى كانت عليها مصر والمنطقة العربية جاءت على لسان موظفين ثلاثة فى شقة كانوا يجتمعون فيها مع كبار التجار، يتحدثون عن الجلاء الخادع الذى وعدت به إنجلترا فى حال انتصارها على ألمانيا فى الحرب الكونية الأولى، ونكوصها عن وعدها بعد انتصارها وعدم استطاعة الشعب القيام بثورة، خاصة بعد وفاة مصطفى كامل، بل ويتم اعتقال سعد زغلول ونفيه إلى مالطة لمطالبته بالجلاء، ثم الإفراج عنه بعد المظاهرات الاحتجاجية التى عمّت البلاد، كما تناول الموظفون ما حدث فى بلاد الشام من هجوم فرنسا على الملك فيصل بن الشريف حسين ملك الحجاز واستيلائها على سوريا وطرده منها، لتقوم بريطانيا باسترضائه وإجلاسه على عرش العراق، وكأن العراق عزبتها! وفى لفتة وكأنها ترصد واقعنا العربى على الرغم من مرور تلك السنوات الطويلة، وكأننا لا نتعلم أو نأخذ العظة من التاريخ! يقول المؤلف/ الراوى على لسان الموظف الأول: «واضح أن هناك اتفاقات سريّة بين بريطانيا وفرنسا. قال الثالث: وستظل هذه الاتفاقات السريّة بين الدول الكبرى سارية لعشرات السنين القادمة لتتحكم فينا ما لم نستيقظ نحن- معشر العرب- وننسّق سياستنا فيما بيننا». وبعد الحرب العالمية يتم تقسيم المنطقة عبر «سايكس بيكو» بعد خروج بريطانيا وحليفتها فرنسا منتصرين فى حربهما مع ألمانيا، لتضع يدها على مصر والسودان والعراق وفلسطين وشرق الأردن، وتترك لفرنسا سوريا ولبنان ومراكش والجزائر وتونس، وكأن المنطقة تحوّلت إلى «تورتة» يقومون بتقسيمها فيما بينهما والتهامها. رسائل الأسوانى كيف كانت العلاقة بين عبدالوهاب الأسوانى ونجيب محفوظ ورجاء النقاش وكيف تناولوا أعماله وكيف قرأوها؟ كان أبى شغوفا بأعمال الأديب الكبير نجيب محفوظ، وحين أقام فى القاهرة كلن حريصا على حضور ندوة نجيب محفوظ بمقهى ريش كل يوم جمعة، ثم انتقل معه إلى كازينو قصر النيل، وحين يتحدث الحاضرون عن قصة ما لكاتب ما نشرت فى مجلة أدبية، كان كثيرا ما يطلب محفوظ من أبى أن يقرأها عليه وعلى الحاضرين. لكن بعد حصول محفوظ على جائزة نوبل، امتنع أبى عن الذهاب إلى ندوته بسبب الزحام الشديد. أما عن الناقد الكبير رجاء النقاش، فالعلاقة بدأت بينهما بالرسائل، واللقاء الأول كان فى الإسكندرية. ذاع صيت أبى فى عالم الأدب بعد الجوائز التى حصل عليها بالتزامن وأهمها جائزة «سلمى الأسوانية»، وكان فاروق حسنى، وزير الثقافة الأسبق، فى هذه الفترة مديرا لقصر ثقافة الأنفوشى، وكان إذا استضاف ضيفا كبيرا من القاهرة لإلقاء محاضرة، يدعو أربعة أو خمسة من أدباء الإسكندرية، الذين بدأت الساحة الأدبية فى القاهرة تعرفهم، ليكونوا معه فى استقباله، وكان أبى مدعوا دائما فى هذه اللقاءات. وذات يوم دعى رجاء النقاش، فقال لأبى: «طوال قراءتى لروايتك سلمى الأسوانية وأنا أضحك.. هل تحب العمل معى فى الصحافة؟»، ووافق أبى على الفور، وكان رجاء رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير مجلة الإذاعة واالتليفزيون. وفى فترة لاحقة قضى أبى ثلاث سنوات فى قطر مع رجاء النقاش، حيث أسسا مع عدد من الزملاء، جريدة الراية القطرية، وكان أبى مسؤولا عن الملحق الثقافى الأسبوعى الذى تصدره فضلا عن صفحتين يوميتين فى الجريدة. على أن الرسائل كانت هى المفتاح الحقيقى للصداقة، وعنها يقول «النقاش» فى واحد من 3 مقالات نشرها عنى أبى بالتتابع فى مجلة المصور: «كانت رسائل الأسوانى طويلة، ومكتوبة بخط هو غاية فى الأناقة والجمال، وكانت على طولها خالية من أى أخطاء فى اللغة العربية، وهذه الأخطاء كانت تزعجنى كثيرا بعد أن لاحظت شيوعها على أقلام الأدباء الشباب، مما جعلنى أشعر أن اللغة العربية تنهار تحت أقلام وأقدام الجيل الجديد.. على أن سلامة اللغة وجمال الخط وأناقته لم تكن هى وحدها المظاهر التى لفتت نظرى إلى عبد الوهاب الأسوانى فى رسائله، فتلك كلها علامات الصحة الجسدية، ولابد من البحث عن صحة النفس والروح، بعد الاطمئنان على أن الجسد سليم وغير عليل، والحقيقة أننى وجدت فى رسائل الأسوانى درجة عالية، بل وفائقة من الصحة النفسية والروحية. كان أسلوب الأسوانى فى رسائله الطويلة المتقنة أسلوبا جميلا مريحا شديد العذوبة، فالجملة قصيرة وبسيطة وليس فيها أى تعقيد، وفى هذه الرسائل كان هناك بريق هو بريق الموهبة الحقيقية التى تعب صاحبها فى تنميتها وتغذيتها بصورة دائمة، وأحسست أن صاحب هذه الموهبة الجميلة ليس من المصابين بداء الغرور القاتل.. والذين يصابون بهذا الداء من أصحاب المواهب يتركون ما وهبهم الله للمصادفة، ويعاملونه بإهمال شديد، ويظنون أن الموهبة وحدها تكفى فى معركة الحياة. كل جمال وكل موهبة هى فى حاجة إلى جهد وعناية ورعاية وخطة شاقة للمحافظة على ما قدمته الطبيعة للإنسان من إمكانات. وهذا هو ما لاحظته بوضوح فى رسائل عبد الوهاب الأسوانى الكثيرة والغزيرة، فقد كان وراء كل رسالة قراءة ومتابعة دقيقة لحركة الثقافة. وكان الأسوانى فى هذه الرسائل يعلق على ما يقرأ، وكان يفهم ما يقرأه بدقة وعمق ووضوح، ووصل فى آخر الأمر إلى تلك «النعمة» العالية وهى «نعمة» القدرة على اختيار ما يقرأ، فلم يكن يقرأ «أى كلام» بل كان يهتدى إلى ما يفيده وينفعه ويضيف إليه. وقد لاحظت فى رسائل الأسوانى أنه مندفع اندفاعا غير معهود فى شباب جيله إلى قراءة التراث العربى، مع الاهتمام العجيب بتاريخ الأمة العربية، ومحاولة فهم الأزمات التى تعرضت لها هذه الأمة، ودراسة الشخصيات الكبرى التى ظهرت فى هذا التاريخ. وكان هذا النبع الذى اهتدى إليه الأسوانى وظهر فى التعليقات المختلفة التى تمتلئ بها رسائله يرضينى ويسعدنى، فعبد الوهاب الأسوانى من جيل كان - ولايزال - على خصومة مع التراث العربى، لا يرى فى هذا التراث العظيم نفعا ولا فائدة.. ولعل هذا الموقف من التراث العربى كان مصدره عند الأجيال الجديدة هو الهزائم المتواصلة التى تعرضت لها الشخصية العربية فى العصر الحديث، وبخاصة فى معارك العرب مع الحضارة الأوربية. فقد هزمتنا أوربا عقليا وبحثيا وفنيا واقتصاديا قبل أن تهزمنا فى معارك الحرب والسياسة. ولكن الأصلاء أصحاب الوعى الفطرى من أمثال عبد الوهاب الأسوانى أدركوا أن الانتصار لا يأتى بالتقليد، ولكن بالبحث عن عناصر القوة الخفية الكامنة فينا وإعادتها إلى النشاط والحياة، وبذلك يمكننا أن نواجه غيرنا دون أن نخاف من الهزيمة بالضربة القاضية، وهى الضربة التى تلقى بنا أرضا فلا نستطيع بعدها القيام والوقوف على الأقدام.


تحيا مصر
منذ 41 دقائق
- تحيا مصر
غدًا.. محمد رمضان يطرح أغنية جديدة بعنوان "لسه بدري عليه"
طرح الفنان محمد رمضان يطرح أغنية لسه بدري عليه غدًا كشف الفنان محمد رمضان عن مقطع من أغنية لسه بدري عليه التي طرحها عبر حسابه الرسمي على موقع تبادل الصور والفيديوهات انستجرام الذي يرصده موقع بوستر أغنية لسه بدري عليه آخر أعمال محمد رمضان من ناحية أخرى يواصل الفنان محمد رمضان الفترة الحالية الاستعداد إلى فيلم أسد الذي من المقرر طرحه الفتية القليلة المقبلة فور الانتهاء من تصويره، وكان روج له محمد رمضان من خلال صور من الكواليس نشرها عبر حسابه الرسمي على موقع تبادل الصور والفيديوهات انستجرام مما شوق الجمهور لترقب طرح الفيلم في جميع السينمات ودور العرض السينمائي، وتدور أحداث فيلم أسد في عصر المماليك ويقدم محمد رمضان شخصية عبد يحاول التغلب على نظام الحكم الفاسد ويأتي فيلم أسد من بطولة كوكبة من نجوم الفن العربي من مختلف الجنسيات، منهم الفنان الفلسطيني كامل الباشا، والفنان المصري ماجد الكدواني، والفنانة السودانية إسلام مبارك، واللبنانية رزان جمال، وغيرهم والفيلم من إخراج خالد دياب. أغنية لسه بدري عليه لمحمد رمضان خلاف محمد رمضان وكزبرة اعتقد البعض أن محمد رمضان بهذه الأغنية يشير إلى كزبرة خاصةً بعد الأغنية التي كان طرحها كزبرة منذ بضعة أيام بعنوان " انت مش جاي معايا"، خاصة وأنه استخدم في كلماتها الجملة الشهيرة لمحمد رمضان ومن كلماتها: "ثقة في الله هدلعك، ثقة في الله هسمعك، انت مش جاي معايا"، واعتبر الجمهور أن الثنائي يدور بينهما نزاع بالأغاني والكلمات المبطنة دون تصريح من أيا منهم عن حقيقة الأمر.