
ما هي أول دولة زرعت الشاي؟
في كل صباح، يحتسي ملايين الناس حول العالم كوبًا من الشاي، في طقس يومي يعكس الراحة والدفء أو التأمل والتركيز. ومع هذا الانتشار الكبير، يتساءل الكثيرون: ما هي أول دولة زرعت الشاي؟ ما أصل هذا المشروب الذي أصبح رفيقًا للبشر في العمل والمنزل والمناسبات؟ يعود أصل زراعة الشاي إلى الصين، حيث كانت الأرض الخصبة والمرتفعات الضبابية في الجنوب الصيني مهدًا لنبات الكاميليا الصينية، وهو النبات الأساسي لصنع جميع أنواع الشاي. ولم تكن زراعة الشاي في بداياتها مجرد نشاط زراعي، بل ارتبطت بالفلسفة والروحانيات والطب، وأصبحت لاحقًا جزءًا من القوة الاقتصادية والثقافية التي شكّلت العلاقات بين الشرق والغرب.
الصين: الموطن الأول للشاي والتقاليد العريقة
تُعد الصين بلا منازع أول دولة في العالم زرعت الشاي، وقد ظهرت أولى الإشارات إلى استخدامه قبل أكثر من 5 آلاف عام. ويُروى في الأسطورة الصينية أن الإمبراطور "شن نونغ" كان يغلي الماء ذات يوم حين سقطت أوراق من شجرة في القدر، لتنبعث منها رائحة عطرة وتنتج مشروبًا أعجب الإمبراطور، فكان ذلك بداية الاكتشاف.
ومع مرور القرون، تحوّلت زراعة الشاي من استخدام طبي في الطب التقليدي إلى عادة اجتماعية وروحية، خاصة خلال عهد أسرتي تانغ وسونغ. وقد كتب العالم الصيني لو يو في القرن الثامن الميلادي أول كتاب متخصص بعنوان "كلاسيكيات الشاي"، مما عزز من مكانة هذا المشروب كرمز للحكمة والبساطة والجمال الطبيعي في الثقافة الصينية. وتنوعت المناطق المنتجة للشاي، لا سيما في يوننان وفوجيان وسيتشوان، حيث ظلت هذه الأقاليم مراكز لإنتاج الشاي حتى اليوم.
انتقال الشاي من الصين إلى العالم: من سلعة ثمينة إلى مشروب شعبي
لم يكن الشاي حكرًا على الصين لفترة طويلة. مع توسع طرق التجارة مثل طريق الحرير، بدأ الشاي ينتقل إلى مناطق أخرى مثل التبت ومنغوليا وكوريا واليابان. وفي القرنين السادس عشر والسابع عشر، حمله التجار البرتغاليون والهولنديون إلى أوروبا، حيث أصبح رمزًا للترف في البداية، ثم تحوّل إلى مشروب شعبي. كما نقل البريطانيون زراعة الشاي إلى الهند وسريلانكا في العهد الاستعماري، مستفيدين من المعرفة التي جمعوها في الصين. ولكن على الرغم من انتشار زراعته عالميًا، بقيت الصين حافظة للريادة، ليس فقط في الكمية ولكن في النوعية وثراء التقاليد المرتبطة به، إذ لا تزال طرق إعداد الشاي مثل "قونغ فو تشا" تحتفظ بأصالتها في القرى والمدن الصينية حتى يومنا هذا.
التأثير الثقافي والديني لاكتشاف الشاي في الصين
منذ أن اكتُشف الشاي في الصين، لم يُستخدم فقط كمشروب للتسلية، بل ارتبط بفلسفة "الزن" وطقوس التأمل والصفاء الذهني. وقد تبنّى الرهبان البوذيون شرب الشاي لأنه يساعدهم على البقاء يقظين أثناء التأمل، ولأن تحضيره يتطلب تركيزًا وهدوءًا يعزز الانسجام مع الذات والطبيعة. هذه القيم تم نقلها لاحقًا إلى اليابان عبر راهب بوذي في القرن التاسع، لتبدأ في الظهور هناك "طقوس الشاي اليابانية" المستوحاة من النماذج الصينية.
وحتى اليوم، تحتفظ الصين بعلاقتها الروحية بالشاي، فهو ليس مجرد صناعة أو تجارة، بل وسيلة لفهم الحياة وتقدير اللحظة. فكل رشفة شاي في الثقافة الصينية تعني توقفًا عن الضجيج الخارجي والتفاتًا إلى الداخل، وهذا ما جعل الشاي جزءًا من الهوية الثقافية التي تفتخر بها الصين عالميًا.
من قمم جبال يوننان الملبدة بالضباب إلى موائد العائلات حول العالم، يبقى الشاي رمزًا عالميًا، لكن جذوره الأولى تعود إلى الصين. فهي أول دولة زرعت الشاي وطوّرت تقاليده وأعطته بعدًا ثقافيًا وفلسفيًا فريدًا. وقد انتقل هذا المشروب عبر الحضارات والقارات، لكنه لم يفقد صلته العميقة بأصله الصيني، الذي لا يزال ينبض بالحياة في مزارع الشاي وفي طقوس التقديم الهادئة.
وفي كل مرة نمسك فيها بكوب شاي دافئ، فإننا نشارك لحظة إنسانية ممتدة عبر التاريخ، بدأت في الشرق واستمرت لتصبح عادة يومية تربطنا جميعًا ببعضنا البعض.
تم نشر هذا المقال على موقع
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
منذ 25 دقائق
- سعورس
نائب أمير مكة يتفقد المشاعر المقدسة للتأكد من جاهزيتها لموسم الحج
واستهل سموه جولته بزيارة نقطة الفرز بمركز الشميسي, واستمع إلى شرح عن دور القوات الخاصة لأمن الطرق في المركز والإجراءات الأمنية المطبقة لتسهيل دخول الحجاج لمكة المكرمة وآلية ضبط المخالفين ومنعهم من الدخول ويضم (16) مسارًا مزودة بأحدث التقنيات الذكية، وتحتوي على مكاتب إدارية لأمن الطرق، ومبنى مخصص ل(10) جهات حكومية، ومساكن للعاملين، وتسهم النقطة في تسهيل حركة المركبات، والتيسير على القادمين إلى مكة المكرمة خلال المواسم. وزار مركز العمليات الأمنية الموحد (911) بالعاصمة المقدسة، واستمع إلى شرح من قائد المركز الوطني للعمليات الأمنية العقيد عمر بن عيضة الطلحي، حول مهام المركز ودوره في تقديم الخدمات الأمنية والإنسانية للمواطنين والمقيمين والزوار. واطّلع على سير العمل في المركز الذي يضم 47 غرفة عمليات، وآلية استقبال البلاغات وتصنيفها وتحويلها للجهات المختصة في وقت قياسي، باستخدام أحدث الوسائل التقنية، ضمن منصة موحدة تعزز سرعة الاستجابة وكفاءة التنسيق بين الجهات، بما يضمن أمن وسلامة ضيوف الرحمن. وتابع سموه آلية استقبال المكالمات الواردة من الحجاج بعدة لغات على مدى الساعة، واطلع على غرفة المتابعة الأمنية التي تبث مباشرة من محافظات المنطقة والمشاعر المقدسة، إلى جانب تفقده قاعة إدارة الأزمات والكوارث ودورها في التعامل مع الحالات الطارئة خلال موسم الحج. وفي مشعر عرفات ، اطلع نائب أمير منطقة مكة المكرمة على عدد من المشاريع التي تنفذها شركة "كدانة" استعدادًا لموسم الحج، شملت مشروع تخفيف أثر الإجهاد الحراري في محيط مسجد نمرة، على مساحة تُقدّر ب(85) ألف متر مربع، ويهدف إلى توفير بيئة أكثر راحة وأمانًا للحجاج يوم عرفة، من خلال زراعة أكثر من (2,000) شجرة، وإنشاء (320) مظلة، وتركيب (350) مروحة رذاذ، مع تجهيز بنية تحتية كاملة لشبكات المياه والكهرباء. ووقف على مشروع تظليل المسارات في مشعر عرفات ، المنفذ على مساحة 60 ألف متر مربع، ويهدف إلى تلطيف الأجواء وتوفير سُبل الراحة للحجاج. وفي مشعر مزدلفة، تفقد نائب أمير المنطقة, مشروع مسار المشاعر للمشاة الذي يمتد على مساحة (170) ألف متر مربع، بأرضيات مطاطية وزراعة (20) ألف شجرة، ويسهم في تعزيز جودة الخدمات ورفع مستوى السلامة لراحة الحجاج. واطلع على مشروع مراكز الانطلاق للمساعدات الأولية، الذي يضم 71 موقعًا موزعًا على مسارات المشاة في منى ومزدلفة وعرفات ، لتقديم الإسعافات الأولية والدعم اللوجستي العاجل للحجاج. واختتم سموه جولته التفقدية بالوقوف على مشروع إنشاء مستشفى الطوارئ في مشعر منى، الذي يقام على مساحة (5,300) متر مربع، ويضم أكثر من (180) سريرًا، ما يعزز الطاقة الاستيعابية للرعاية الصحية الطارئة في المشاعر المقدسة خلال موسم الحج.

مصرس
منذ 26 دقائق
- مصرس
موعد مباراة فاركو وبتروجت في الدوري المصري
يلتقي الفريق الأول لكرة القدم بنادي فاركو مع نظيره فريق بتروجت اليوم الجمعة الموافق 9 مايو الحالي في لقاء منتظر بينهم بستاد حرس الحدود ضمن منافسات الجولة 5 من دوري نايل. موعد مباراة فاركو وبتروجتوتنطلق صافرة بداية مباراة فاركو وبتروجت مساء اليوم في تمام الساعة 8:00 بتوقيت القاهرة والسعودية والدوحة والساعة 9:00 بتوقيت أبوظبي.الزمالك يخطط مع أيمن الرمادي: هدفان رئيسيان وإنهاء الموسم بأفضل صورةاتحاد الكرة يفتح تحقيقًا في شكوى زيزو ضد الزمالك بشأن مستحقاته الماليةالقنوات الناقلة لمباراة فاركو وبتروجتتردد ontime sportsتردد القناة: 11861الاستقطاب: رأسيمعدل الترميز: 27500معامل التصحيح: 5/6القمر الصناعي: نايل سات


جو 24
منذ 26 دقائق
- جو 24
الجيش المصري يرفع جاهزيته القتالية على الحدود الغربية
جو 24 : في ظل التوترات المتصاعدة التي تشهدها ليبيا الجارة، كثّفت مصر من جهودها لتأمين حدودها الغربية من خلال تنفيذ مناورات عسكرية استباقية تحسبا من أي طارئ في المنطقة الغربية . وشهد الفريق أول عبدالمجيد صقر، القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربي، المرحلة الرئيسية لمشروع مراكز القيادة التعبوية، الذي استمر عدة أيام، بحضور الفريق أحمد خليفة، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وعدد من قادة الأفرع الرئيسية. وأكد قائد المنطقة الغربية العسكرية اللواء أ.ح حاتم مصطفى زهران خلال كلمته أن مقاتلي المنطقة يسعون للوصول إلى أعلى درجات الجاهزية القتالية للدفاع عن أمن الوطن وسلامة أراضيه، مهما كانت التضحيات. وتضمنت المناورات عرضًا للفكرة التعبوية والقرارات المتخذة من القادة، حيث ناقش الفريق أول صقر مع القادة والضباط أساليب تنفيذ المهام وقدرتهم على مواجهة المتغيرات الطارئة أثناء إدارة العمليات. وفي سياق تعزيز الروح المعنوية نقل القائد العام للقوات المسلحة المصرية تحيات وتقدير الرئيس عبدالفتاح السيسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة لرجال المنطقة الغربية، مشيدًا بجهودهم في حماية الاتجاه الاستراتيجي الغربي ضد كافة التهديدات. وأشاد القائد العام للقوات المسلحة المصرية بالأداء المتميز للقوات، مؤكدًا التزام القوات المسلحة بتطوير نظمها القتالية وتعزيز قدراتها لتنفيذ المهام بكفاءة عالية. كما شملت المناورات إجراءات تنظيم التعاون والتنسيق بين العناصر المشاركة، مع فرض مواقف تكتيكية مفاجئة لاختبار قدرة القادة على اتخاذ القرارات السليمة تحت الضغط. وتفقد الفريق أول صقر جوًا عددًا من نقاط التأمين الحدودية، مؤكدًا الدور الحيوي للمنطقة الغربية في حماية الحدود المصرية من التهديدات الخارجية. وشارك القائد العام المقاتلين وجبة الغداء، في لفتة تعكس الروح الوطنية والتضامن بين القيادة والجنود، وتأتي هذه المناورات في إطار استراتيجية مصر لتعزيز قدراتها العسكرية على الحدود الغربية، حيث تسعى القاهرة إلى ضمان استقرار المنطقة في مواجهة التحديات الأمنية الإقليمية المتصاعدة. تتزامن هذه التحركات مع تصاعد التوترات في ليبيا، حيث تشهد البلاد صراعات داخلية وانقسامات سياسية تهدد بزعزعة استقرار المنطقة، وتعمل مصر على تعزيز جاهزيتها العسكرية لمواجهة أي تداعيات محتملة، سواء على صعيد الأمن الحدودي أو حماية مصالحها الاستراتيجية في المنطقة. المصدر: RT تابعو الأردن 24 على