
تحقيق لبي بي سي: وثائق مسرّبة تكشف تلوثاً بيئياً "خطيراً" تسببت فيه شركة نفط عملاقة في كولومبيا
كشف تحقيق أجرته بي بي سي الخدمة العالمية أن شركة الطاقة الكولومبية العملاقة "إيكوبترول" تسببت في تلويث مئات المواقع بالنفط، من بينها مصادر مياه ومستنقعات ذات تنوع بيولوجي واسع.
وأظهرت بيانات، سرّبها موظف سابق في الشركة، وجود ما يزيد على 800 حادثة في مواقع شهدت تلوثاً خلال الفترة بين عامي 1989 و2018، فيما لم تقم الشركة بالإبلاغ عن نحو خُمس تلك المواقع.
وحصلت بي بي سي على بيانات كشفت أن الشركة استمرت في تسريب النفط مئات المرات منذ ذلك الوقت.
وتقول شركة "إيكوبترول" إنها تلتزم التزاماً كاملاً بالقانون الكولومبي، وتتبنى نهجاً رائداً في الاستدامة.
وتقع المصفاة الرئيسية التابعة للشركة في مدينة بارانكابيرميخا، على مسافة 260 كيلومتراً شمال العاصمة الكولومبية بوغوتا.
يشغل هذا التجمع الهائل من مصانع المعالجة والمداخن الصناعية وصهاريج التخزين مساحة تصل إلى نحو كيلومترين (1.2 ميل) على ضفاف نهر ماغدالينا، أطول أنهار كولومبيا، الذي يُعد مصدراً مائياً رئيسياً لملايين الأشخاص.
ويعتقد الصيادون في تلك المنطقة أن التلوث الناجم عن النفط يؤثر سلباً على الحياة البرية في النهر.
وتضم المنطقة الأوسع مجموعة من السلاحف النهرية المهددة بالانقراض، وخراف البحر، وقردة العنكبوت، مما يجعلها جزءاً من بقعة غنية بالأنواع الحية في واحدة من أكثر دول العالم تنوعاً بيولوجياً، كما تعد الأراضي الرطبة القريبة موئلاً محمياً للنمور.
وعندما زارت بي بي سي المنطقة في يونيو/حزيران الماضي، كانت العائلات تصطاد في المجاري المائية التي تتقاطع معها أنابيب النفط.
وقال أحد السكان المحليين إن بعض الأسماك التي اصطادوها كانت تنبعث منها رائحة نفط قوية أثناء طهيها.
كما ظهرت على سطح المياه، في بعض المواقع، طبقة لامعة متغيرة الألوان، في دلالة واضحة على التلوث الناتج عن النفط.
BBC
أحد الصيادين غاص في المياه وعاد بمجموعة من النباتات، تغطيها طبقة سميكة من الوحل الأسود اللزج. تقول يولي فيلاسكيز، رئيسة اتحاد "فيديبيسان" وهو اتحاد يضم شركات الصيد في المنطقة، عن الطبقة التي تعلو تلك النباتات "هذه كلها دهون ومخلفات مصدرها المباشر هو مصفاة إيكوبترول".
وتنفي شركة "إيكوبترول"، التي تملك الحكومة الكولومبية 88٪ من أسهمها والمُدرجة في بورصة نيويورك، ادعاءات الصيادين بشأن تسببها في تلوث المياه.
وأكدت الشركة، رداً على استفسار من بي بي سي، أنها تعتمد أنظمة فعّالة لمعالجة مياه الصرف، فضلاً عن خطط طوارئ محكمة للتصدي لتسرب النفط.
BBC
وقال أندريس أولارت، الذي كشف عن مخالفات الشركة وشارك بياناتها، إن التلوث الذي تسببت فيه الشركة يمتد لعدة سنوات.
وكان أولارت قد انضم للعمل في شركة "إيكوبترول" في عام 2017، وبدأ في وظيفة مستشار للمدير التنفيذي، وقال إنه سرعان ما أدرك أن "هناك شيئاً غير صحيح".
وأضاف أنه واجه المديرين بشأن ما وصفه بـ "البيانات المروعة" عن التلوث، لكنهم رفضوا استفساراته وردّوا عليه بعبارات مثل: "لماذا تطرح هذه الأسئلة؟ أنت لا تفهم طبيعة هذا العمل".
ترك أولارت العمل بالشركة في عام 2019، وشارك قدراً كبيراً من بياناتها مع "وكالة التحقيقات البيئية" الأمريكية (EIA) وهي منظمة غير حكومية أمريكية، ثم لاحقاً مع بي بي سي. وتأكدت بي بي سي من أن البيانات مصدرها خوادم شركة "إيكوبترول".
تتضمن إحدى قواعد البيانات التي كشف عنها، والتي يرجع تاريخها إلى يناير/كانون الثاني 2019، قائمة تضم 839 حالة أُطلق عليها "تأثيرات بيئية غير معالَجة" في جميع أنحاء كولومبيا.
وتستخدم "إيكوبترول" هذا المصطلح للإشارة إلى مناطق لم يتم تنظيفها بالكامل من النفط في التربة والمياه. وتظهر البيانات أنه، حتى عام 2019، كانت بعض هذه المواقع ملوَّثة بهذه الطريقة لما يزيد على عشر سنوات.
ويقول أولارت إن الشركة تعمّدت إخفاء بعض هذه المواقع عن السلطات في كولومبيا، لافتاً إلى أن نحو خُمس السجلات صُنّفت تحت عبارة "معروفة فقط لإيكوبترول".
ويضيف أولارت: "يظهر في ملف الإكسل تصنيف يُبين أي المواقع التي جرى إخفاؤها عن أعين السلطات وأيها بقي معروفاً، مما يعكس نهج إخفاء المعلومات عن الحكومة".
BBC
واستطاعت بي بي سي تصوير أحد المواقع المصنّفة على أنها "معروفة فقط لإيكوبترول"، والذي يعود تاريخه في قاعدة البيانات إلى عام 2017، وبعد سبع سنوات، ظهرت مادة سوداء كثيفة ذات مظهر زيتي، محاطة بحواجز بلاستيكية، على أطراف إحدى المناطق الرطبة.
فيما قال فيليب بايون، الذي شغل منصب الرئيس التنفيذي لإيكوبترول خلال الفترة بين أعوام 2017 و2023، لبي بي سي، إنه ينفي بشدة التلميحات التي تشير إلى أن الشركة تبنّت سياسة لحجب معلومات عن التلوث.
وأضاف: "أؤكد لك بكل ثقة أنه لا توجد، ولم تكن هناك في أي وقت مضى، أي سياسة أو توجيهات تقضي بعدم مشاركة هذه المعلومات".
وعزَا بايون العديد من حالات تسرب النفط إلى حدوث أعمال تخريب.
ولدى كولومبيا تاريخ طويل من الصراعات المسلحة، وقد استهدفت الجماعات المسلحة غير القانونية منشآت النفط، بيد أن مصطلحي "السرقة" أو "الهجوم" ذُكِرا فقط في 6 في المئة من الحالات المدرجة في قاعدة البيانات.
وقال بايون إنه يرى "تقدماً ملموساً" تحقق في التصدي للمشكلات التي تسهم في تلوث النفط.
وعلى الرغم من ذلك أظهرت مجموعة بيانات منفصلة أن إيكوبترول واصلت تلويث البيئة.
وكشفت أرقام حصلت عليها بي بي سي من الهيئة الوطنية للتراخيص البيئية، الجهة المنظمة للبيئة في كولومبيا، أن إيكوبترول أبلغت عن مئات من حوادث تسرب النفط سنوياً منذ عام 2020.
ورداً على استفسار بشأن قاعدة بيانات المواقع الملوثة لعام 2019، اعترفت إيكوبترول بوجود سجلات لـ 839 حادثاً بيئياً، لكنها نفت أن تكون جميعها مصنفة على أنها مواقع "غير معالجة".
وتقول الشركة إن 95٪ من المواقع الملوثة التي صُنفت على أنها مواقع غير معالجة منذ عام 2018 - جرى تنظيفها.
وتضيف أن جميع حوادث التلوث تخضع لإجراءات إدارية، ويجري إبلاغ الجهة التنظيمية بها.
BBC
وتشير بيانات الجهة التنظيمية إلى وقوع المئات من حوادث تسرب النفط في منطقة بارانكابيرميخا. وفي تلك المنطقة تعيش فيلاسكيز والصيادون.
دأبت فيلاسكيز، التي تعمل في صيد الأسماك، وزملاؤها على مراقبة التنوع البيولوجي في الأراضي الرطبة بالمنطقة، التي تصب في نهر ماغدالينا.
ووصفت، في يونيو/حزيران الماضي، ما حدث بأنه "مجزرة" للحياة البرية، وأضافت: "عثرنا خلال العام الجاري على ثلاثة خراف بحر وخَمس جواميس نافقة، كما عثرنا على ما يزيد على عشرة من التماسيح، إضافة إلى سلاحف وخنازير الماء وطيور وآلاف الأسماك، جميعها نافقة".
ولم يتضح بعدُ السبب الدقيق وراء نفوق هذه الكائنات، إلّا أن ظاهرة النينيو المناخية والتغير المناخي قد يكونان من بين العوامل المؤثرة.
وأدرجت دراسة أجرتها جامعة نوتنغهام عام 2022 التلوث الناجم عن إنتاج النفط ومصادر صناعية ومنزلية أخرى، كأحد العوامل العديدة التي تسهم في تدهور حوض نهر ماغدالينا، إلى جانب التغير المناخي.
وترك أولارت عمله في شركة إيكوبترول عام 2019، وانتقل إلى منزل عائلته القريب من بارانكابيرميخا، ويقول إنه التقى بصديق قديم سأله عن فرص عمل، وتلقّى بعد ذلك بوقت قصير اتصالاً هاتفياً من مجهول يهدده بالقتل.
وقال: "فهمت خلال المكالمة أنهم ظنوا أنني تقدمت بشكاوى ضد شركة إيكوبترول، وهو أمر غير صحيح".
وأضاف أولارت أن التهديدات استمرت، من بينها رسالة أطلعت عليها بي بي سي، وقال إنه لا يعلم مصدر هذه التهديدات، كما لا يوجد أي دليل على أن شركة إيكوبترول قد أمرت بها.
BBC
كما قالت فيلاسكيز، إلى جانب سبعة أشخاص آخرين، لبي بي سي إنهم تلقوا تهديدات بالقتل بعد تحدّيهم شركة إيكوبترول.
وأضافت أن مجموعة مسلحة أطلقت أعيرة نارية تحذيرية باتجاه منزلها، كما كُتبت كلمة "ارحل" على الجدار باستخدام الطلاء.
وعلى الرغم من أن السيدة تحظى حالياً بحماية حارسين شخصيين مسلحين، تتكفل الحكومة برواتبهما، إلا أن التهديدات لم تتوقف.
ورداً على سؤال بشأن التهديدات التي وصفها أولارت، قال الرئيس التنفيذي السابق، بايون، إنها "غير مقبولة على الإطلاق".
وأضاف بايون: "أود أن أؤكد بكل وضوح... أنه لم يصدر في أي وقت من الأوقات، أي أمر من هذا القبيل".
وتدرك فيلاسكيز وأولارت أن المخاطر حقيقية، فكولومبيا تعد أخطر دولة في العالم بالنسبة للمدافعين عن البيئة، وفق منظمة "غلوبال ويتنس" غير الحكومية، إذ شهدت مقتل 79 شخصاً خلال عام 2023.
ويقول الخبراء إن عمليات القتل هذه مرتبطة بالصراع المسلح الذي تشهده كولومبيا منذ عقود، إذ خاضت القوات الحكومية والجماعات شبه العسكرية المتحالفة معها معارك ضد الجماعات اليسارية المتمردة.
وعلى الرغم من جهود الحكومة لإنهاء النزاع، لا تزال الجماعات المسلحة وعصابات المخدرات تواصل نشاطها في بعض المناطق في البلاد.
يقول ماثيو سميث، محلل النفط والصحفي في الشؤون المالية والمقيم في كولومبيا، إنه لا يعتقد أن المدراء في شركة إيكوبترول متورطون في التهديدات التي تصدر من جانب الجماعات المسلحة.
غير أنه يلفت إلى وجود "تداخل كبير" بين الجماعات شبه العسكرية السابقة وقطاع الأمن الخاص.
ويرى أن شركات الأمن الخاصة كثيراً ما تستعين بأفراد سابقين من الجماعات شبه العسكرية، وتتنافس الشركات على إبرام عقود مربحة لتوفير الحماية لمنشآت النفط.
وكشف أولارت عن رسائل بريد إلكتروني داخلية من شركة إيكوبترول، توضح أن الشركة دفعت في عام 2018 نحو 65 مليون دولار لما يزيد على 2800 شركة أمن خاصة.
يوضح سميث: "هناك مخاطر دوماً في انتقال النفوذ بين شركات الأمن الخاصة، والأشخاص الذين توظفهم، ورغبتها المستمرة في الحفاظ على عقودها".
ويضيف أن ذلك قد يصل إلى حد اختطاف أو قتل قادة المجتمع أو المدافعين عن البيئة بهدف "ضمان استمرار عمليات إيكوبترول دون عوائق".
BBC
وقال بايون إنه "مقتنع بأن عمليات الفحص والتحقق اللازمة قد أُجريت" فيما يخص علاقات الشركة مع شركات الأمن الخاصة.
وتؤكد شركة إيكوبترول أنها لم يكن لها أي علاقات مع جماعات مسلحة غير شرعية، مؤكدة أنها تتبع إجراءات تدقيق صارمة، وتُجري بانتظام مراجعات دقيقة لمدى تأثير أنشطتها على حقوق الإنسان.
وتواصلت بي بي سي مع أعضاء آخرين من قيادة إيكوبترول السابقة خلال فترة عمل أولارت، ونفوا بشكل قاطع الادعاءات الواردة في متن هذا التقرير.
يعيش أولارت حاليا في ألمانيا، وقدَّم شكاوى بشأن السجل البيئي لإيكوبترول إلى السلطات الكولومبية وإلى الشركة نفسها، ولكن دون التوصل إلى نتائج حتى الآن.
كما أنه شارك في سلسلة دعاوى قضائية مرفوعة على إيكوبترول وإدارتها، ذات صلة بفترة عمله السابق لديها، وهي قضايا لم يُبتّ فيها بعد.
ويقول: "فعلت ذلك دفاعاً عن بيتي وأرضي ومنطقتي وشعبي".
فيما أكد بايون على الدور الاقتصادي والاجتماعي البارز الذي تنهض به شركة إيكوبترول في كولومبيا.
وقال: "توجد 1.5 مليون أسرة تفتقر إلى مصادر الطاقة أو تعتمد على الطهي بالحطب والفحم. أرى أنه ينبغي لنا مواصلة الاعتماد على الإنتاج النظيف للنفط والغاز وسائر مصادر الطاقة، لضمان الانتقال السلس دون القضاء على الصناعة المهمة بالنسبة للكولومبيين".
ولا تزال فيلاسكيز عازمة على مواصلة التعبير عن رأيها رغم التهديدات.
وقالت: "إذا لم نخرج للصيد، فلن نأكل. وإذا تكلمنا وقدمنا شكاوى، نُقتل... وإذا لم نُبلغ، نقتل أنفسنا، لأن كل هذا التلوث الشديد يدمر البيئة حولنا".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأنباء العراقية
٢٥-٠٤-٢٠٢٥
- الأنباء العراقية
أكتشاف أدلة واعدة على وجود حياة في كواكب بعيدة
متابعة - واع أعلن باحثون في جامعة كامبريدج أكتشاف أدلة أولية على وجود كوكب بعيد يدور حول شمس أخرى قد يكون صالحاً للعيش. وقالت بي بي سي إن "فريقا من جامعة كامبريدج، يدرس الغلاف الجوي لكوكب يُدعى K2-18b، أكتشف علامات على وجود جُزيْئات في ذلك الكوكب لا تنتجها إلا الكائنات الحية البسيطة على كوكب الأرض". وأضافت، أن "تلسكوب جيمس ويب الفضائي التابع لناسا أكتشف تلك المواد الكيميائية ذات الصلة بالحياة في الغلاف الجوي لكوكب K2-18b، وتعد هذه المرة الثانية التي يعلن فيها عن أكتشاف مماثل بواسطة تلسكوب ناسا". وأشارت الى أن "الفريق القائم على الدراسة وعلماء فلك مستقلين، أكدوا الحاجة إلى مزيد من البيانات لتأكيد هذه النتائج".


شفق نيوز
٢٥-٠٤-٢٠٢٥
- شفق نيوز
هل يكون زلزال إسطنبول الأخير مقدمة للزلزال الأكبر المنتظر؟
في أعقاب الزلزال بقوة 6.2 درجة الذي ضرب بحر مرمرة الأربعاء، أصبح من المثير للفضول معرفة كيف يمكن لهذا الزلزال أن يؤثر على خطوط الصدع حول إسطنبول. ويدور جدل علمي حول ما إذا كان الزلزال الأخير، هو زلزال إسطنبول "الكبير" المتوقع منذ سنوات. إذ يقول خبراء إن زلزالاً بقوة 6.2 درجة، ليس كافياً لتنفيس أو إفراغ طاقة الصدع الزلزالي الخطير في إسطنبول. علق عضو أكاديمية العلوم، البروفيسور الدكتور ناجي غورور، على حسابه على موقع إكس قائلاً: "هذه ليست الزلازل الكبيرة التي نتوقعها في مرمرة. بل أنها تزيد من الضغط المتراكم على هذا الصدع. بمعنى آخر، إنها تجبره على الانكسار. الزلزال الحقيقي هنا سيكون أقوى وأكبر من 7 درجات". وقال البروفيسور غورور إن الزلزال وقع في منطقة صدع كومبورغاز. "مقدمة للزلزال الأكبر"؟ وفي رده على أسئلة خدمة بي بي سي التركية، قال عضو أكاديمية العلوم ومهندس الجيولوجيا البروفيسور الدكتور أوكان تويسوز إن الزلزال الذي بلغت قوته 6.2 درجة "مهم بسبب القلق من أنه قد يكون مقدمة لزلزال كبير". وأشار البروفيسور تويسوز إلى أنه يتوقع منذ حدوث زلزال 17 أغسطس/آب 1999، حدوث زلزال جديد على هذا الصدع، قائلاً: "الصدع مقفل في هذه المنطقة، أي أن الضغط عليه يتراكم باستمرار. تنكسر بعض أجزاء الصدع التي لا تتحمل كل هذا الضغط وتتسبب بهذا النوع من الزلازل". وأضاف البروفيسور تويسوز، الذي قال إن الأمر يتطلب حوالي 30 زلزالاً بقوة 6 درجات لإفراغ طاقة زلزال متوقع بقوة 7 درجات، هذه النقاط: . "الزلزال الأخير أفرغ بعض الطاقة هنا ولكنه ليس زلزالاً من شأنه أن يؤثر بشكل كبير على الزلزال الذي تبلغ قوته 7 درجات والذي نتوقعه". . "إسطنبول، أو بالأحرى منطقة مرمرة بأكملها، حامل بزلزال. قد يكون ما حصل بمثابة تحذير في هذا الصدد". "هزة لا تنذر بقدومه" من جهته، قال البروفيسور الدكتور جلال شنغور، الذي حضر برنامج الصحفي فاتح ألتايلي على يوتيوب، في تصريحاته المستندة إلى تحليلات الصدع التي تلقاها من مرصد قنديلي، إن الهزة التي حدثت في 23 أبريل/نيسان "ربما تكون قد قرّبت توقيت زلزال إسطنبول الكبير المتوقع قليلاً، لكنها لم تكن هزة تنذر بقدومه". وأكد شنغور، الذي ذكر أن المناطق الساحلية مثل يشيلكوي وتوزلا معرضة للخطر بشكل خاص، أن الهزة الأخيرة أظهرت أن خط الصدع لن ينكسر في قطعة واحدة وأن حجم الزلزال الكبير المتوقع انخفض من 7.6 إلى 7.2. دعا شنغور أيضاً السكان إلى البقاء في منازلهم. وعلى الجهة المقابلة، يزعم أساتذة وخبراء آخرون بأن الهزة التي حدثت يوم 23 أبريل/نيسان كانت بالفعل "زلزال إسطنبول الكبير المتوقع". وفي حديثه لخدمة بي بي سي التركية، أكد بوراك تشاتلي أوغلو، رئيس مجلس إدارة غرفة مهندسي الجيوفيزياء فرع إسطنبول، أنّ زلزالا بقوة 6.2 درجة لا يمكن اعتباره زلزالاً صغيراً، وأضاف: "انكسر الجزء الشرقي من هذا الخط في زلزال إزميت عام 1999، والجزء الغربي في زلزال مورفته عام 1912. كان هذا هو الجزء الوحيد المتبقي الذي لم ينكسر، والآن هو أيضاً انكسر". ومن جهته، أكد البروفيسور عثمان بكتاش من قسم الهندسة الجيولوجية في جامعة كارادينيز التقنية، لخدمة بي بي سي التركية، أن الصدع في هذه المنطقة يستهلك طاقته ببطء من خلال تحركات تسمى "الزحف" باللغة الإنجليزية و"الانجراف" باللغة التركية. ولذلك، يقول البروفيسور بكتاش إنه لا يتوقع حدوث زلزال أكبر في المنطقة. أما الرئيس المؤسس لمركز أبحاث الزلازل بجامعة غازي، البروفيسور سليمان بامبال، فاعتبر أنّ كلا الجانبين في هذا النقاش "توصلا إلى استنتاجاتهما الصحيحة". مضيفاً: "لا يمكن القول إنّ أحدهما صحيح بالتأكيد والآخر ليس كذلك". كما ذكّر بأن هذا الصدع نفسه كان تسبب في زلزالين عام 1766، وقال: "من المعلوم أن هناك قسماً لم ينكسر حتى الآن باتجاه الشرق. إذا انكسر هذا الصدع، ولا نعرف متى سينكسر، لديه القدرة في رأيي، على إحداث زلزال تبلغ حدته أقل من 7 درجات، أي ما بين 6.5 و7 درجات". اختلاف في توقع الآتي وبحسب الدكتورة ياسمين كوركوسوز أوزتورك، عضوة هيئة التدريس في معهد تقنيات الزلازل بجامعة بن علي يلدريم في إرزينجان، "يبدو أن الزلزال قد كسر الجزء الغربي الأقصى من الأجزاء الثلاثة التي ظننا أنها مغلقة تماماً، شرق خندق مرمرة المركزي مباشرةً. وذلك لأن توزيع الهزات الارتدادية يتلاشى فوراً عند الطرف الغربي من جزء صدع كومبورغاز". إلا أنها ذكّرت بأن هناك تراكماً للطاقة على مدى 259 عاماً في الطرف الشرقي للصدع الذي تمزق الأربعاء، وقالت إن القسم الأقرب إلى وسط مدينة إسطنبول قد يشكل خطراً. لكنها أضافت أنه من غير الممكن التنبؤ بموعد حدوث الزلازل. أما هيئة تنسيق الكوارث في بلدية إسطنبول (AKOM)، فقالت في بيان أصدرته يوم 23 أبريل/نيسان، إن الزلزال الأخير والهزات الارتدادية التي ستستمر لفترة من الوقت لم تزيل خطر الزلازل الذي تواجهه إسطنبول ومنطقة مرمرة".


شفق نيوز
٢٣-٠٤-٢٠٢٥
- شفق نيوز
سلسلة زلازل تهز المباني في إسطنبول، ولا تقارير حتى اللحظة عن سقوط ضحايا
ضربت ثلاثة زلازل أرضية مدينة إسطنبول في تركيا، الأربعاء، أشدها كان بقوة 6.2 درجة في بحر مرمرة قرب الضواحي الغربية للمدينة. وشعر السكان في كل أنحاء المدينة الأكبر في تركيا بالزلزال، فيما هرع الناس إلى الشوارع، بحسب ما نقلت وكالة فرانس برس للأنباء. وقال وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، عبر منصة إكس إنّ "زلزالاً بقوة 6.2 درجة ضرب منطقة سيلفري على بحر مرمرة في إسطنبول"، مضيفاً أن السكان شعروا به في المحافظات المحيطة. وأفاد مركز الأبحاث الألماني لعلوم الأرض بأن مركز الزلزال الرئيسي يقع على عمق 10 كيلومترات تحت الأرض. في البداية، ضرب زلزال بقوة 3.9 درجة، بعد ظهيرة الأربعاء بالتوقيت المحلي، تبعه زلزال آخر بقوة 6.2 درجة بعد نحو نصف ساعة، ثم زلزال ثالث بعد نحو دقيقتين بقوة 4.4 درجة. وأفادت مراسلة بي بي سي في إسطنبول، بأن الناس في المدينة تجمعوا خارج المباني، وقد بدت عليهم علامات الصدمة، فيما لم ترد تقارير حتى الآن عن وقوع إصابات. وصرّح مسؤولون في إسطنبول بأنهم لم يتلقوا أي بلاغات عن أضرار ناجمة عن الزلزال حتى الآن. فيما طلبت السلطات من السكّان عدم الاقتراب من المباني التي قد تكون متضررة. وقال الجيولوجي التركي وخبير الزلازل، ناجي غورور، إن الزلازل التي وقعت اليوم حدثت على صدع كومبورغاز. ويُعد صدعا كومبورغاز وأدالار الأقرب إلى إسطنبول، وكلاهما قد يكون السبب في الزلزال الأكبر الذي كان متوقعاً منذ فترة طويلة في المدينة. وقال غورور في منشور على منصة إكس، إن زلازل اليوم "ليست الزلازل الكبيرة التي نتوقعها"، والتي يعتقد أنها ستكون بقوة أعلى من سبع درجات. لكن هذه الزلازل تزيد من الضغط على صدع كومبورغاز وتجعله أكثر عرضة للكسر. ودعا غورور الحكومة وبلدية إسطنبول والسكّان إلى العمل معاً لإعداد المدينة للتعامل مع مثل هذه الزلازل. وتركزت الزلازل في منطقتي سليفيري وبويك شكمجة، في الضواحي الغربية لمدينة إسطنبول، وهما منطقتان بعيدتان نسبياً عن مركز المدينة. وتستقبل المنطقتان في العادة أعداداً من الزوّار خلال فصلي الربيع والصيف. وشهدت إسطنبول توسعاً جغرافياً على مدار السنوات القليلة الماضية، حيث اختار العديد من الأشخاص الانتقال إلى مناطق أقل من حيث الكثافة السكانية، خارج مركز المدينة. وتقع إسطنبول على خط صدع شمال الأناضول، ما يجعلها عُرضة للزلازل. وقد شهدت المدينة هزات أرضية مُميتة من قبل، ولطالما خشي سكانها من زلزال أقوى. وقدّر مرصد "قنديلي" للزلازل احتمالية تعرض إسطنبول لزلزال بقوة 7 درجات، بحلول عام 2030، بنسبة 64 في المئة. وفي عام 1999، أودى زلزال بقوة 7.4 درجة بحياة 17 ألف شخص. وفي العام الماضي، حذَّر وزير البيئة التركي، مراد قوروم، من أن إسطنبول لا تملك القدرة على تحمّل زلزال آخر. وقال قوروم: "واحد من كل خمسة منازل في إسطنبول، غير مستقر هيكلياً، أي ما يقارب 1.5 مليون منزل". وفي فبراير/شباط 2023، ضرب زلزالان مدمّران جنوب شرق تركيا وسوريا، بقوة 7.6 و7.7 درجة على التوالي، وأسفرا عن مقتل 55 ألف شخص. وتُقاس الزلازل بمقياس يُسمى درجة العزم. وقد حلّ هذا المقياس محل مقياس ريختر الأكثر شهرة، والذي يُعتبر الآن قديماً وأقل دقة. ويعبّر الرقم الذي يقيس شدّة الزلزال عن المسافة التي تَحرّكها خط الصدع الذي وقع عنده الزلزال، والقوة التي حرّكت خط الصدع. لا يمكن في العادة الشعور بالهزات الأرضية التي تقل قوتها عن 2.5 درجة، ولكن يمكن رصدها عبر الأجهزة، أما الزلازل التي تزيد قوتها على خمس درجات، فيمكن الشعور بها. فيما تُعد الزلازل التي تزيد قوتها على ست درجات، قوية، ويمكن أن ينجم عنها أضرار بالغة. وتتسبب الزلازل التي تتجاوز قوتها ثماني درجات في أضرار كارثية.