logo
الدكتور محمد الهواوشة يكتب: حرق محمد الحميدي: جريمة تهز الضمير وفضيحة في منظومة التعليم الأردنية

الدكتور محمد الهواوشة يكتب: حرق محمد الحميدي: جريمة تهز الضمير وفضيحة في منظومة التعليم الأردنية

بقلم : الدكتور محمد الهواوشة
في قلب النظام التعليمي الأردني، حيث يُفترض أن تكون المدارس بيئة آمنة تحتضن أطفالنا وتربيهم، انفجرت مأساة تكشف عن حجم الفساد والتقصير والإهمال الذي ينهش في جسد هذا القطاع. الطفل محمد الحميدي، طالب في إحدى مدارسنا الحكومية، لم يكن يعلم أن دخوله إلى مطبخ المدرسة لإحضار مكنسة، بأمر من أحد معلميه، سيكون نقطة تحول في حياته، بل وكاد أن يكون لحظة النهاية.
الجريمة المروّعة: من المسؤول؟
داخل مطبخ المدرسة، وُجد محمد أمام زميلين له، مع جالون من الكاز المستخدم -كما يبدو- للتدفئة، ليُسكب عليه الكاز ثم يُشعل بواسطة ولاعة، ليتحوّل جسده الغض إلى شعلة من اللهب! مشهد مأساوي لا يمكن لعقل أن يتقبله، خاصة أنه وقع داخل أسوار مؤسسة تربوية من المفترض أن تكون ملاذًا آمنا للأطفال.
لكن ما زاد الطين بلة، هو محاولة مدير المدرسة التغطية على الجريمة والضغط على الطفل المحروق ليعترف -كذبا- بأنه هو من أحرق نفسه! هنا، يصبح السؤال مصيريا: لماذا حاول المدير طمس الحقيقة؟ ولصالح من كان يعمل؟ كم من مدراء المدارس لدينا مستعدون للتلاعب بالحقيقة لحماية مصالحهم الخاصة على حساب الأطفال الأبرياء؟
مدارس بلا بيئة آمنة.. من المسؤول؟
لنكن صريحين، مأساة محمد الحميدي ليست مجرد حادثة فردية، بل هي نتيجة طبيعية لواقع مزرٍ تعاني منه مدارسنا الحكومية، خاصة في الأرياف والبوادي. فمدارس كثيرة تفتقر لأبسط المقومات الأساسية، ومنها:
غياب "الآذن" المدرسي: في العديد من المدارس، يُكلَّف الطلاب بأعمال النظافة، لأنها ببساطة لا تملك موظفا رسميا لهذا الغرض! من المسؤول عن هذا الإهمال؟ وكيف يُسمح بإرسال الأطفال إلى أماكن غير آمنة كالمطابخ المدرسية، حيث تتكدس المخاطر؟
التدفئة القاتلة: بينما تكافح الدول المتقدمة لتوفير بيئات تعليمية متطورة وآمنة، لا تزال مدارسنا تُدفّأ بصوبات الكاز والديزل، رغم مخاطرها الجسيمة. الحريق الذي أصاب محمد الحميدي دليل حي على الكارثة الكامنة في هذه الوسائل البدائية، لا سيما عندما لا يكون هناك شخص مسؤول عن تشغيلها وإطفائها.
هل يُعقل هذا يا معالي الوزير؟
في بلد كالأردن، الذي يمتلك فائضا في إنتاج الكهرباء ويسعى لتصديرها، كيف لا تستطيع الحكومة تأمين تدفئة آمنة ومستدامة لمدارس أطفالها؟ هل يعقل أن أطفالنا ما زالوا يُعانون من البرد القارس في مدارسهم، بينما يتم تخصيص الميزانيات لمشاريع لا تخدم سوى فئات محددة؟
رسالة إلى الحكومة: كفى إهمالًا!
مأساة محمد الحميدي يجب أن تكون نقطة تحوّل، لا حادثة تُطوى مثل غيرها. نطالب بما يلي:
1. محاسبة المدير والمسؤولين عن الجريمة، وعدم السماح بأي تلاعب بالتحقيقات.
2. توفير "آذن" رسمي لكل مدرسة، حتى لا يتم استغلال الأطفال في أعمال لا تليق بهم.
3. إلغاء استخدام صوبات الكاز والديزل في المدارس فورا، واستبدالها بتدفئة كهربائية آمنة.
4. إعادة النظر في بيئة المدارس الحكومية، وتحسينها بشكل يضمن سلامة الطلاب وكرامتهم.
تحية للدكتور فراس حماد الجحاوشة
في خضم هذه المأساة، برز موقف نبيل يستحق الإشادة. فقد تكفَّل الدكتور فراس حماد الجحاوشة مشكورًا بتدريس الطفل محمد في مدرسة خاصة على نفقته، متحملًا جميع المصاريف. هذا هو الوجه الحقيقي للمواطنة الصادقة والإنسانية التي نحتاجها، عندما تعجز الدولة عن القيام بواجبها.
الخاتمة: لن نصمت!
هذه القضية ليست مجرد خبر عابر، بل هي صرخة في وجه كل مسؤول صامت ومتخاذل. لن نصمت عن حقوق أطفالنا، ولن نسمح بمرور هذه الجريمة دون محاسبة. اليوم محمد

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

10 دنانير تدفع بصاحبها للسجن 3 سنوات وغرامة 3500 دينار .. ما القصة
10 دنانير تدفع بصاحبها للسجن 3 سنوات وغرامة 3500 دينار .. ما القصة

timeمنذ 5 ساعات

10 دنانير تدفع بصاحبها للسجن 3 سنوات وغرامة 3500 دينار .. ما القصة

صادقت محكمة التمييز، على قرار، لمحكمة أمن الدولة، يقضي بوضع شاب، تم تجريمه بتهمة ترويج المواد المخدرة، بالأشغال المؤقتة، ثلاث سنوات، وأربعة أشهر، والغرامة، ٣٥٠٠ دينار. وخفضت محكمة أمن الدولة، العقوبة والغرامة للمتهم، من الوضع بالأشغال المؤقتة، خمس سنوات، والغرامة، خمسة آلاف دينار، نظراً لظروف القضية، ولكونه شاب في مقتبل العمر، ولإعطائه فرصة، لإصلاح نفسه، وتصويب مسار حياته، مما تعتبره المحكمة، من الأسباب المخففة التقديرية. وتتلخص تفاصيل القضية، بأن معلومات وردت لمكافحة المخدرات، حول ترويج المتهم للمواد المخدرة، إذ جرى تكليف أحد مصادر المكافحة، بالتواصل مع المتهم، وطلب ٦ حبات كبتاجون مخدرة، واستعد المتهم لتلبية الطلب، مقابل عشرة دنانير، ثمناً لها. وفي وقت الإستلام والتسليم، رافق المصدر، أحد عناصر مكافحة المخدرات، ولعب دور المشتري، واستلم الحبوب المخدرة، من المتهم، وسلمه عشرة دنانير، وقبض عليه في حينه، وجرى اصطحابه للتحقيق، وهناك اعترف بترويج المواد المخدرة، على متعاطيها، وجرى إحالته للقضاء، لاتخاذ المقتضى القانوني بحقه.- الراي

توقيف شخص اعتدى على مياه قناة الملك عبد الله بالأغوار الشمالية
توقيف شخص اعتدى على مياه قناة الملك عبد الله بالأغوار الشمالية

timeمنذ 11 ساعات

توقيف شخص اعتدى على مياه قناة الملك عبد الله بالأغوار الشمالية

أوقفت الحاكمية الإدارية في لواء الأغوار الشمالية، شخصًا اعتدى على موظف من كوادر سلطة وادي الأردن في منطقة ابو سيدو أثناء ضبطه بالتعدي غير المشروع على مياه قناة الملك عبد الله. وقال محافظ إربد رضوان العتوم، اليوم الجمعة، إن هذا الإجراء يأتي ضمن التنسيق والتشاركية بين مختلف المؤسسات لغاية تجاوز تحديات الوضع المائي خلال الصيف الحالي في ظل ضعف الموسم المطري. وأكد العتوم، عدم التهاون مع حالات الاعتداءات على كميات المياه المتاحة، ومنها مياه الري في قناة الملك عبد الله من خلال سحب المياه بطرق غير مشروعة بهدف تأمين المزارعين بحقوقهم أراضيهم الزراعية من المياه بعدالة.

خبراء يبرزون الأبعاد الاجتماعية والقانونية لجهود إحباط تهريب المخدرات وحماية المجتمع من الإدمان
خبراء يبرزون الأبعاد الاجتماعية والقانونية لجهود إحباط تهريب المخدرات وحماية المجتمع من الإدمان

timeمنذ 13 ساعات

خبراء يبرزون الأبعاد الاجتماعية والقانونية لجهود إحباط تهريب المخدرات وحماية المجتمع من الإدمان

حالت الأجهزة الأمنية وإدارة مكافحة المخدرات دون وقوع كارثة على شباب أردنيين من جميع الفئات من خلال احباط محاولة تهريب كميات كبيرة للمخدرات اخيرا . ومنعت الاجهزة الامنية من محاولة إدخال 45 كغم من مادة الكريستال المخدرة، المصنعة كيميائيًا، عبر قطع آليات ثقيلة قادمة من الخارج على يد أشخاص من جنسية أجنبية. وأكد مختصون في علم الاجتماع والقانون أنَّ هذا الجهد الأمني يُرسل رسالة كبيرة ومهمة للمجتمع بأنَّهم حاضرون وساهرون على أمن الإنسان في المملكة، ورسالة أخرى للأسر وأربابها بأن يرتفع وعيهم بخطورة هذه المواد وأن يرفعوا مراقبتهم لأبنائهم في كل وقت وحين. وتقول مديرية الأمن العام في مقاطع مصورة عن مادة الكريستال إنَّه مخدر الشبو وهو مخدر الشيطان ومنشط من مجموعة الإمفيتامين والفينيثيلامين ويتم تصنيعه كيميائيًا ويدخل في تصنيعه مواد مدمرة لصحة الإنسان ومنشطات شديدة التأثير وسريعة الإدمان تبدأ في المرة الأولى بالهلوسة السمعية والبصرية وتبدأ باستهلاك الجسد أولا بأول والجرعة الأولى هي البداية الفعلية لرحلة الموت المبكرة والفعلية، إما بقتل نفسه أو ارتكاب جريمة بحق الآخرين، وهذه أشد أعراض إدمان الكريستال والسلوك العدواني الرهيب والعصبية الزائدة، وارتفاع نبضات القلب وضغط الدم، وارتباك وظائف الدماغ، وجنون العظمة. أستاذة علم الاجتماع في الجامعة الأردنية الدكتورة ميساء الرواشدة قالت إنَّ إحباط أكبر محاولة تهريب لمادة الكريستال المخدرة منذ سنوات، لا يُمثل مجرد نجاح أمني تقني بل يتجاوز ذلك ليشكّل فعلًا اجتماعيًا وقائيًا من الدرجة الأولى، يُجسّد درعًا حقيقيًا لحماية الشباب والمجتمع من الانزلاق إلى دوائر الإدمان والعنف والانهيار القيمي. وأضافت أنه: 'ومن منظور سوسيولوجي (اجتماعي)، لا يمكن النظر إلى تهريب مادة الكريستال بوصفه جريمة عابرة، بل كتهديد لبنية المجتمع ذاته، باعتبار أن هذه المادة تنتمي إلى أخطر أنواع المخدرات الاصطناعية، التي تستهدف الفئة العمرية الأكثر حيوية، وهي فئة الشباب وهذا يجعلنا أمام محاولة مدمّرة لاختراق المجتمع من الداخل، عبر تفكيك أفراده، وتدمير منظومة العلاقات الاجتماعية من خلال الإدمان والاضطرابات النفسية والسلوكية التي تخلّفها هذه السموم'. ولفتت إلى أنَّ 'الأمن العام في هذه العملية لم يقم فقط بضبط شحنة مخدرات، بل مارس دورًا مجتمعيًا عميقًا في الوقاية من التفكك، وفي منع ولادة بؤر إجرامية أو مساحات اجتماعية هشة. ولذلك فإن هذا الجهد يجب أن يُفهم ضمن سياق أوسع، يربط بين الأمن التقليدي والأمن الاجتماعي، ويعزز من دور الدولة كمؤسسة حامية للتماسك المجتمعي'. وأكدت أنَّ هذا النجاح، يذكّرنا أيضًا بأن المواجهة الحقيقية مع آفة المخدرات لا تكتمل إلا عبر أدوات الوقاية والتثقيف، وتفعيل دور الأسرة، والمدرسة، والإعلام، والبيئة القانونية والاجتماعية، لبناء مناعة داخلية في المجتمع. إن حماية الشباب من هذه السموم لا تكون فقط في منع دخولها، بل في بناء وعي قادر على رفضها، ونظام اجتماعي واقتصادي يوفر البدائل الآمنة للانتماء، والتعبير، وتحقيق الذات. أستاذ القانون الدكتور سيف الجُنيدي أوضح، أنَّ قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 23 لسنة 2016 وتعديلاته هو الإطار التجريمي للأفعال المتعلقة بالمواد المخدرة بأشكالها كافةً: تعاطي المواد المخدرة أو حيازتها أو نقلها أو إنتاجها أو فصلها أو تصنيعها أو الاتجار بها. وأشار الى أنَّ قانون المخدرات يتَّسم بشمولية التجريم لجميع أشكال التعامل مع المواد المخدرة، وسياسة العقاب المقترنة بالإثم الجزائي، حيث إن العقاب المقرر لجميع جرائم المخدرات مقترن بنوع المادة المخدرة وأثرها. وقال إنه وفق النظام الدستوريّ الأردنيّ، فإن جرائم المخدرات من الجرائم الأشد خطورة على المجتمع، والتي ينعقد الاختصاص بها إلى محكمة أمن الدولة. وقال إنَّ محكمة أمن الدولة تمتاز بثلاث صفات من منظور عملي عند التعامل مع قضايا المخدرات، وهي سرعة فصل القضايا وفق مقتضيات العدالة الناجزة ومراعاة ضمانات المحاكمة العادلة، حقوق الدفاع، وقرينة البراءة الدستوريّة، ووجود سياسة عقابيّة راسخة تستند إلى تحليل واقعيّ ومبادئ مستقرة تستهدف تحقيق الصالح العام. ولفت إلى أنَّ جرائم المخدرات تعد تهديداً حقيقاً للحق في السلامة الجسدية، والحق في الصحة، والحق في الحياة، وسياسة الأردن في مكافحة المخدرات أخذت منحنيين: إجرائي علاجي، ووقائي، وهو طرف في العديد من الاتفاقيات الدولية والاتفاقيات الإقليمية لمكافحة المخدرات، إدراكاً من الدولة الأردنية لخطورة هذه الجريمة، وأنها جريمة غير وطنية أي عابرة للحدود وتستوجب تكاتف المجتمع الدولي لمكافحتها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store