logo
دانييل لي يُقدم لـ«بيربري» أقوى «عرض» شهدته منذ سنوات

دانييل لي يُقدم لـ«بيربري» أقوى «عرض» شهدته منذ سنوات

الشرق الأوسط٢٧-٠٢-٢٠٢٥

سيغادر أم لا يغادر؟ هذا هو السؤال الذي كان يدور في أوساط الموضة حول مصير المصمم دانييل لي في دار «بيربري»، حتى مساء الاثنين الماضي. أي قبل أن يقدم عرضاً كان مسك ختام أسبوع لندن لخريف وشتاء 2025. بكل تفاصيله وبهاراته، بشَّر بأن «بيربري» استعادت السحر الذي افتقدته في المواسم الماضية، وأن كل ما يدور من شائعات لا يتعدى كونها كذلك. أو على الأقل هذا ما خرج الحضور وهم يتهامسون به. كان هناك إجماع بينهم على أن العرض استوفى كل مقومات الإبهار والإبداع، بدءاً من عدد النجوم الذين شاركوا في العرض على اختلاف مقاساتهم وأعمارهم، أو احتلوا المقاعد الأمامية، وصولاً إلى الأزياء والإكسسوارات التي تفتح النفس على كل ما له علاقة بالريف الإنجليزي، بما في ذلك الطقس المتقلب.
عاد المصمم في هذه التشكيلة إلى الجذور والأساسيات (بيربري)
أقيم العرض في متحف «تيت بريتان» Tate Britain الواقع على مسافة خطوات قليلة من المقر الرئيسي الجديد لـ«بيربري». بمعماره النيوكلاسيكي شكل خلفية رائعة لعرض كان بمثابة قصيدة شعر تتغزل بالجمال الطبيعي والتاريخي لبريطانيا، فاجأ به دانييل لي الجميع بأنه يتمتع بلمسة ميداسية قادرة على تحويل التراب ذهباً. مهارة ظهرت لديه عندما كان في دار «بوتيغا فينيتا» قبل أن يلتحق بـ«بيربري». هنا أيضاً تجلت هذه المهارة والقدرات في تشكيلة حرَّكت الحواس وأيقظت إرثاً اعتقد البعض أنه فقد صلاحيته في ظل التغيرات الاقتصادية والثقافية التي يمر بها العالم عموماً وبريطانيا خصوصاً.
كونه بريطاني المولد، يعرف دانييل جيداً أن «بيربري» جزء لا يتجزأ من الثقافة البريطانية. كانت دائماً تتوجه لكل الطبقات، المتوسطة والأرستقراطية على حد سواء. وعكتها في السنوات الأخيرة تطلبت منه بذل كل الجهد لحمايتها من دوائر الزمن. وهذا ما كان. جمع نجوماً بريطانيين مثل ريتشارد إي غرانت، وليزلي مانفيل، وإليزابيث ماكغوفرن وناعومي كامبل وغيرهم لمساعدته في تلميع صورتها. هؤلاء شاركوا في العرض وأضفوا عليه بريقاً بنكهة إنجليزية طريفة، بعد أن شاركوا في شهر أكتوبر الماضي في حملة ترويجية أطلقتها الدار بعنوان «إنه دائماً طقس (بيربري)».
أبدع دانييل لي مجموعة من المعاطف تنوعت تصاميمها وخاماتها بشكل مدهش (بيربري)
بيد أنه حتى من دون مشاركتهم، فإن الاقتراحات التي أبدعها دانييل لي كانت كافية لإعادتها إلى قواعدها سالمة غانمة وتذكيرنا بماضيها الغني. يمكن القول إن تشكيلته لخريف وشتاء 2025، كانت من بين أقوى التشكيلات التي تم تقديمها منذ رحيل المصمم البريطاني السابق كريستوفر بايلي في عام 2018 إلى الآن.
دانييل لي مثل بايلي، ابن البلد. فيه تربى ودرس وغاص في وحله واحتمى من مطره، كما يعرف جيداً مدى أهمية «بيربري» في المجتمع البريطاني وتأثيرها على ثقافته. لهذا كانت ورقته الرابحة في هذه التشكيلة العودة إلى الأساسيات التي بُنيت عليها الدار منذ أكثر من قرن من الزمن، وإحياء العلاقة الحميمة التي تربطها بالريف البريطاني وما يتخلله من فروسية ونزهات صيد وفخامة تطبع جدران وستائر ومفروشات بيوته وقصوره.
من كل هذه العناصر، استقى قطع أزياء وإكسسوارات تتعدى الفصول والمواسم. زاد عليها حبة مسك بتطريزها وضخها بتفاصيل مبتكرة عصرية ارتقت بها إلى مستوى جديد.
تكاثف البريطانيون نجوماً وعارضات لإضفاء البريق على دار متجذرة في الثقافة البريطانية (بيربري)
من بين الأقمشة المتنوعة التي استعملها، برزت الجلود الطبيعية والبروكار المخملي والصوف المنسوج بسماكة. الممثل ريتشارد إي غرانت، البالغ من العمر 67 عاماً، مثلاً ظهر على المنصة مرتدياً معطفاً من الصوف مزدوج الصدر، وكنزة بياقة عالية. حمل معه أيضاً قفازات جلدية ومظلة صفراء بنقشات «بيربري» المربعة؛ تحسباً لأي تقلبات جوية قد تداهمه.
تصاميم أخرى كثيرة اقترحها المصمم، استوحى بعضها من عالم الفروسية تشمل سترات وسراويل وغيرها، وبعضها الآخر من أجواء الريف الإنجليزي وحياة المدن بإيقاعها السريع؛ الأمر الذي يحتاج إلى قطعة تحمل صاحبها من النهار إلى المساء بسهولة، مثل معطف باللون الأرجواني ظهرت به ناعومي كامبل، البالغة من العمر 54 عاماً. جاء بتصميم مزدوج الياقة من قماش الجاكار تم تنسيقه مع تنورة متعددة الطبقات وحذاء أسود عالي الساق.
إلى جانب المعاطف التي كانت نجم العرض تألقت العارضات في فساتين بتفاصيل مميزة (بيربري)
هذه هي خامس تشكيلة يقدمها دانيال لـ«بيربري» منذ التحاقه بها في عام 2022، والثانية بعد أن تسلم جاشوا شولمان وظيفته رئيساً تنفيذياً. استراتيجية هذا الأخيرة كانت العودة إلى جذور الدار، أي إلى تلك العلاقة التي تربط تصاميمها بالهواء الطلق، إضافة إلى إعادة النظر في أسعارها، والتي تم رفعها بشكل كبير في عهد الرئيس التنفيذي السابق رغبة منه في الارتقاء بها إلى مصاف بيوت الأزياء العالمية الأوروبية. لكن ما يصلح في باريس وميلانو لا يصلح بالضرورة في بريطانيا. فهذه لها ذائقة مختلفة تماماً في كل شيء، بما في ذلك روح النكتة.
هذا ما استوعبته الدار في هذه التشكيلة. جاءت متنوعة تخاطب الطبقات المتوسطة والأرستقراطية على حد سواء، بألوانها التي تباينت بين درجات متنوعة من البني، والرمادي، والأخضر والعنابي، وأيضاً بخاماتها التي تبث الدفء في الجسم بمجرد النظر إليها.
فساتين السهرة كادت أن تسرق الأضواء من المعاطف المتنوعة (بيربري)
الجميل في المعاطف الصوفية مثلاً أنها على الرغم من أنها تبدو سميكة، فهي تنسدل على الجسم بشكل أنيق، والمعاطف الواقية من المطر مطبوعة بالجاكار ما يُدخلها مناسبات المساء من أوسع الأبواب، بينما صُنعت التايورات من البروكار المخملي وهلم جراً.
اللافت أيضاً، أن أزياء السهرة والمساء، التي لم تكن يوماً تُشكِّل قوة كبيرة للدار، نالت اهتمام المصمم. ضخها بجرعة عصرية أكسبتها جمالاً وجاذبية. غلبت عليها نغمة رومانسية خفيفة وتفاصيل عملية، كادت أن تسرق الأضواء من المعاطف التي كانت نجم العرض بلا منازع، خصوصاً المصنوعة من البروكار الدمشقي والمطرزة بالورود.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عائلة أمريكية تصدم بجثمان غريب في تابوت فقيدهم
عائلة أمريكية تصدم بجثمان غريب في تابوت فقيدهم

رواتب السعودية

timeمنذ 3 أيام

  • رواتب السعودية

عائلة أمريكية تصدم بجثمان غريب في تابوت فقيدهم

نشر في: 21 مايو، 2025 - بواسطة: خالد العلي أثارت عائلة أمريكية جدلاً واسعاً في وسائل الإعلام، بعدما تفاجأ ذوو الراحل بوجود جثمان رجل غريب داخل التابوت، يرتدي ملابس الفقيد. وكانت عائلة المتوفي أوتيس أتكينسون رفعت دعوى قضائية ضد دار »هاريسون..روس« للجنائز في منطقة كومبتون بولاية كاليفورنيا، متهمةً إياها بالخلط بين جثة فقيدهم وجثة شخص آخر. يُذكر أن الحادث وقع عندما حضرت العائلة إلى صالة عرض الجثامين التابعة للمؤسسة الجنائزية لتوديع أتكينسون، لكن المفاجأة كانت بانتظارهم: الجثمان داخل التابوت لم يكن للفقيد، بل لرجل غريب تماماً، رغم أنه كان يرتدي بدلة أتكينسون الخاصة. واضطرت العائلة إلى الانتظار قرابة ثلاث ساعات حتى جرى استبدال الجثمان، ما حرمهم من لحظات الوداع الأخيرة، وترك في نفوسهم أثرًا نفسيًا بالغًا. الرجاء تلخيص المقال التالى الى 50 كلمة فقط أثارت عائلة أمريكية جدلاً واسعاً في وسائل الإعلام، بعدما تفاجأ ذوو الراحل بوجود جثمان رجل غريب داخل التابوت، يرتدي ملابس الفقيد. وكانت عائلة المتوفي أوتيس أتكينسون رفعت دعوى قضائية ضد دار »هاريسون..روس« للجنائز في منطقة كومبتون بولاية كاليفورنيا، متهمةً إياها بالخلط بين جثة فقيدهم وجثة شخص آخر. يُذكر أن الحادث وقع عندما حضرت العائلة إلى صالة عرض الجثامين التابعة للمؤسسة الجنائزية لتوديع أتكينسون، لكن المفاجأة كانت بانتظارهم: الجثمان داخل التابوت لم يكن للفقيد، بل لرجل غريب تماماً، رغم أنه كان يرتدي بدلة أتكينسون الخاصة. واضطرت العائلة إلى الانتظار قرابة ثلاث ساعات حتى جرى استبدال الجثمان، ما حرمهم من لحظات الوداع الأخيرة، وترك في نفوسهم أثرًا نفسيًا بالغًا. المصدر: صدى

حكايات مهاجرين مثقلة بالوعود والهزائم
حكايات مهاجرين مثقلة بالوعود والهزائم

الشرق الأوسط

time٠٤-٠٥-٢٠٢٥

  • الشرق الأوسط

حكايات مهاجرين مثقلة بالوعود والهزائم

في كتابه «مليون كلمة طافية معبراً لقوم نوح» يطرح الكاتب والروائي المصري وجدي الكومي مقاربات خيالية لموضوع الهجرة إلى أوروبا، عبر 12 قصة قصيرة تتخذ من الموروث الإنساني والتاريخي متكأً فنياً لسردية «العبور» من الأوطان وصولاً للشواطئ الأوروبية، حيث البشر هنا مدفوعون بالوعود، ومُثقلون بالهزائم. صدرت المجموعة أخيراً عن دار «العين» للنشر بالقاهرة، وفيها يبدو الأبطال سجناء الغربة والحنين معاً، يتفرقون بين أزمنة القصص المُتخيلة التي تتقاطع مع سردية «سفينة نوح»، التي توحي بأنهم يواجهون مصائر عجيبة وهم على متنها في زمن آخر، حيث يتصدى لهم خفر السواحل الأوروبية، لكنهم يلوذون بكل ما يشفع بقبول لجوئهم. أحد أبطال المجموعة يخضع لمقابلة مسؤولة المساعدات الاجتماعية للمهاجرين وكأنه يخضع لاختبار تفتيش عن «النوايا»، فيصير طلبه منها مواصلة دراسته العلمية أمراً عبثياً، وهو يشرح لها أن مؤهله الجامعي الذي حصل عليه في بلاده «قبل طوفان نوح» لا يؤهله لوظيفة أكبر من «غسيل المراحيض» في بلادها، فيما تُبدي الموظفة قلقها من مخالفة قانون المساعدات حيث لا يمكن دعم شخص بإعانات دافعي الضرائب للحصول على شهادة «الماجيستير»، في واحدة من المفارقات التي تخلقها المجموعة على أنقاض الفجوة السياسية والثقافية بين الشعوب المُتباعدة، التي لا تردمها هجرة سفينة. في عصف الريح ينهل السرد القصصي من تلك الهوّة السحيقة بين زمن ما «قبل الطوفان» وما «بعده»، حيث الهوية في عصف الريح؛ الأبطال يلوذون بالكتابة والتدوين في مواجهة التيه الذي يرتحل بهم من ظُلمة إلى مجهول، يقول أحدهم: «بعد مرور سنتين على إغراق سفينتنا، صار عندي بطاقة سفر في القطارات وصارت لي هوية جديدة كلاجئ، وبت لا أستطيع كتابة قصة عما حدث. بعد وصولي مع نوح وقومه، تفرقنا، وصرنا حينما نلتقي في مقاهٍ بأوروبا نتحاشى استعادة ما حدث، تفضحنا أحياناً بشرتنا، سمرتنا التي تُميزنا، فلا يمكن لقوم صارعوا الطوفان، وخفر السواحل، أن يخرجوا من المعركة دون أن تتلون بشرتهم، وتمتلئ ملامحهم بالندوب». يجد بطل قصة «مليون كلمة طافية» نفسه وقد تجاوز كتابة «ألف قصة» تختلط فيها ضفاف الشواطئ، ورحلات النجاة، وحكايات المهاجرين لكن لا سبيل سوى أن يودِع قصصه في عرض البحر لتطفو على سطحه: «أخذ سائق الفان يراقبني وهو يشعل سيجارة، وراء سيجارة، متعففاً عن مساعدتي، بينما يراني أضع دفاتري بدءاً من شاطئ البحث حتى أحشائه، دفتراً دفتراً، مكوناً ممراً طويلاً». أما بطل قصة «تقرير مُفصّل عن البشرية» فيكتب الرسائل إلى زوجته من «المدينة الجرانيتية العظيمة» في زمن فانتازي غائم يصفه بزمن «ما بعد الحرب»، يدوّن رحلة اختطافه ومن معه من «بنائين» لتشييد تلك المدينة خارج كوكب الأرض؛ كوكب لا يمكن قصفه بالقنابل الهيدروجينية، يصف كيف أنهم اعتقدوا في البداية أنه وكر لطيور ديناصورية ضمن أوصاف لكابوسية تلك المدينة العجيبة ذات «نجوم أقل، وشمسين، وأربعة أقمار، والكثير من ثاني أكسيد الكربون، ولا تسكنها الطيور»، فيبدو المكان الجديد بغرائبيته موطناً جديداً للفزع. ويلوح كوكب آخر في قصة أخرى بالمجموعة تحمل تناصاً مع قصة «الأمير الصغير» للأديب الراحل أنطوان دي سانت إكزوبيري، حيث تتخيّل القصة الأمير الصغير وقد غادر «الكويكب» الشهير الذي تسكنه زهرته الوحيدة، ليرتحل إلى كوكب أكبر بعد أن استطال حجمه، وصار «ملكاً في عالم الكبار»، في سرد فانتازي ينتقل بالأمير الصغير إلى عالم تسوده «فرق المرتزقة» حيث أحلام التوسّع والسيطرة تحكم عالمه الجديد، وتبدد عالم الدهشة وبراءة الأسئلة التي كانت تحيط بعالمه الأول «الصغير». حالة العزلة يضاعف الكاتب حالة العزلة التي تضع أبطاله في مواجهات خيالية مع الآخر المجهول، ففي إحدى القصص يُحاصر الناس بأوامر سيادية داخل جدران بيوتهم «الأوروبية» الباردة بعد توحّش «الوباء»، فيبدو حينها مجلد «ألف ليلة وليلة» في مكتبة بطل إحدى القصص بوابة مفتوحة على النجاة والخيال الجيّاش الذي يُسيّج عالم صاحبه وعزلته، فتظل صلته بالواقع مقتصرة على تطورات الوباء في نشرات الأخبار، وتلك التي يلمسها مع زيادة أو نقصان حصته الغذائية التي كانت تصله مع مندوبي توزيع المعونات الغذائية على البيوت، وسط مفارقات تجعل نقص الطعام وزيادته مؤشراً لحركة حصد الوباء للأرواح: «حين تضاعفت أعداد الموتى، مع استشراء الوباء، ضاعفوا هذه الكميات، الغالب أنه كلما مات شخصٌ، حصل حيٌّ من الأحياء على نصيبه، وهكذا صار للموت مزية بعدما كان أمراً مرعباً»، وتخلق القصة تناصاً بين وباء الخارج الراهن، وبين حكايات «الطاعون» في «ألف ليلة وليلة»؛ حيث «عجز الناس عن دفن موتاهم، فكانت الوحوش تدخل إلى البيوت، وتأكل من لحوم الموتى، وكان الناس يسدون على الأموات باب الدور، حتى لا تدخل إليهم الوحوش»، فيبدو وباء المدينة الحديثة في القصة وكأنها عزف على خلفية الحكاية الألف ليلية التي تؤنس صاحبها الوحيد. كما أن الكاتب يستعين في بعض عناوين القصص بالحالة التراثية المتناغمة مع الليالي العربية، وأجوائها المشحونة بالخرافة؛ مثل «كاتب البيست سيللر في مدينة القمقم المسحور»، و«موجز مختصر في دورة حياة الأشجار» التي يتخيّل فيها ميليشيا مسلحة تُبيد مدينة، حتى تجد نفسها في مواجهة عنيفة مع الأشجار التي تتحوّل أغصانها في لعبة خرافية إلى «أذرع وحوش».

أنجلينا جولي... بين الأسود والألوان الترابية
أنجلينا جولي... بين الأسود والألوان الترابية

الشرق الأوسط

time٢٢-٠٤-٢٠٢٥

  • الشرق الأوسط

أنجلينا جولي... بين الأسود والألوان الترابية

أي متابع لتحركات أو مهتم بإطلالات أنجلينا جولي، سيتفق على أنها سيدة الألوان الحيادية والأناقة الهادئة بلا منازع. فلا أحد مثلها ظل وفياً للألوان الترابية أو الأسود، من دون التأثر بتغير موجات الموضة أو الخضوع لإملاءاتها الموسمية. كل الصور تُشير إلى أنها ألوانها المفضلة منذ أكثر من عقدين من الزمن أو أكثر. أي منذ بداياتها وحتى قبل أن تصبح «البُنيات» بما في ذلك لون هذا العام «موكا موس» موضة رائجة مضادة لألوان الدوبامين المتوهجة. المرات التي ظهرت فيها بألوان الطبيعة المتفتحة أقل بكثير من أن تُذكر، وغالباً ما تنسقها مع الأسود للتخفيف من «صراخها». الأسود وموكا موس... لوحة هادئة وراقية (إ.ب.أ) من هذا المنظور، يُحسب لجولي أنها على الرغم من أن هذه الدرجات الترابية كانت متجاهلة بوصفها مملة، تمسَكت بها. ليس هذا فحسب، بل أضفت عليها عملية راقية يمكن استشفافها في كل مرة تُطل علينا، سواء كانت متوجهة إلى المطار أو خارجة من «سوبر ماركت» أو تحضر مهرجاناً سينمائياً عالمياً لافتتاح فيلم من أفلامها أو إخراجها. تعتمده تارة في فستان سهرة من الموسلين يستحضر أميرات الأساطير، وغالباً مع بنطلون أو قميص أو فستان أسود. فستان سهرة بني من الموسلين تصميم أنطوني فاكاريلو مصمم دار «سان لوران» في مهرجان البندقية السينمائي (إ.ب.أ) كل هذه الإطلالات تخلَف الانطباع بأن فضلاً كبيراً في الترويج للدرجات الترابية، بل وربما إرساء أسلوب الفخامة الهادئة، يعود إليها. ففي كل قطعة بالبيج أو البني الغامق، ترسم لوحة تثير الإعجاب وفي الوقت ذاته تذوب أي شكوك قد تخامرنا حولها. تُقنعنا بأن تنسيقها لا يحتاج إلى جهد كبير، يكفي أحمر شفاه فاقع أو أقراط أذن من الماس أو الزمرد المتوهج تتدلى لتعزز لون عيونها أو حقيبة وحذاء بألوان صارخة تخلق تناقضاً متناغماً. فهذه التفاصيل البسيطة تضمن دائماً إخراج هذه الألوان من هدوئها وتحقنها بالديناميكية. هذه القدرة على رسم هذه اللوحة الهادئة والمؤثرة في الوقت ذاته، تُذكرنا بمقولة الراحلة كوكو شانيل إن «الموضة تتغير والأسلوب الخاص يبقى». وهذا ما تتمتع به جولي: الأسلوب الخاص. المتعارف عليه في العقود الأخيرة، توطد علاقة مصلحة بين صناع الموضة ونجمات من الصف الأول وحتى الثالث. علاقة أشبه بعملية مقايضة بينهما يُقدم صناع الموضة بموجبها آخر الصيحات من أزياء وإكسسوارات هدايا، غالباً قبل طرحها في الأسواق، وتظهر بها النجمات في صور يتم التقاطها في أماكن معينة، باتفاق مسبق. الفكرة أن تظهرن وكأنهن من اخترنها ودفعن ثمنها، في عملية ترويجية كانت ولا تزال الأسهل والأكثر شيوعاً. فستان طويل من الكشمير بلون موكا موس نسقته مع حذاء بني (روجيه فيفييه) أنجيلينا جولي، في المقابل، ظلت خارج هذه المنظومة تُغرِد خارج السرب. هذا لا يعني أن المصممين وبيوت الأزياء العالمية لا يتوددون إليها أملاً في نيل رضاها، أو أن ترفض الأمر رفضاً تاماً. فقد ظهرت بحقائب من «سيلين»، و«سان لوران»، وغيرها في مناسبات عدة، إلا أن ما يشفع لها أنها قليلة ومتفرقة مقارنة مع غيرها، والأهم من هذا تخضع للمعايير نفسها التي تؤمن بها. إطلالة بالأسود مع حذاء بدرجة بيج المُطعّم بالوردي وحقيبة عملية تعكس أسلوبها من «سيلين» (سيلين) فغالباً ما تختار تصاميم عملية وحقائب كلاسيكية بعيدة عن الصرعات الموسمية، كونها تعكس شخصيتها وتعبِر عن ميولها ومبادئها. فإلى جانب أن أنجلينا نجمة وأيقونة جمال، هي أيضاً ناشطة حقوقية ورافعة لشعار الاستدامة وحقوق العمال أينما كانوا، وهو ما يظهر جلياً في تجنبها كثرة التفاصيل، ويُفسِر ميلها إلى الألوان الترابية والهادئة، باعتبارها مستدامة لسهولة دمجها مع ألوان أخرى، بما في ذلك الأسود. فبمجرد إدخال لون آخر أو اعتماد ماكياج جريء أو إكسسوار، حقيبة أو قطعة مجوهرات، تتجدد الإطلالة لتواكب الزمان والمكان. فستان بيج مع وشاح من الفرو باللون نفسه من دار «تمارا رالف» (إ.ب.أ) العام الماضي وحده يؤكد مدى استحقاقها للقب سيدة الموضة الحيادية. كان من الصعب إحصاء عدد المرات التي اعتمدت فيها على ألوان ترابية، من درجة الكريم إلى درجة القهوة والشوكولاته مروراً بدرجات الجملي والعسلي وطبعاً لون العام الحالي «موكا موس» الذي ظهرت به منذ زمن، وقبل أن يختاره معهد «بانتون» لوناً لعام 2025. في كل إطلالة ظهرت بها للترويج لفيلمها الأخير «ماريا» الذي جسدت فيه جانباً من حياة السوبرانو ماريا كالاس الشخصية، كان البني بكل درجاته، إلى جانب الأسود والأبيض، المفضل لديها. في مهرجان «تيلورايد السينمائي» بكولورادو، مثلاً اختارت فستاناً من صوف الكشمير بدرجة تُعرف بـ«غريج»، هي مزيج من الرمادي والبيج، نسقته أيضاً مع حذاء من دون كعب بلون بني من «روجيه فيفييه». بمعطف ممطر من «سيلين» نسقته مع الأسود (سيلين) وفي نيويورك وخلال افتتاح الفيلم ذاته، اختارت معطفاً ممطراً من «سيلين» ارتدته فوق فستان أسود. قبل ذلك بأيام قليلة، أطلت علينا من مهرجان «البندقية» بمعطف ممطر آخر، هو أيضاً بلون البيج في النهار، أبدلته في المساء بفستان سهرة طويل مع وشاح من الفرو الصناعي من علامة «تمارا رالف»، أيضاً بالبيج. فستان أسود ناعم في افتتاح فيلم «Without Blood» في مهرجان تورنتو السينمائي (دولتشي أند غابانا) ولأن علاقتها بالأسود لا تقل قوة، فإنها في الحالات الأخرى ظهرت بتايورات مفصلة أو فساتين ناعمة ولسان حالها يقول إن خياراتها في الحياة مثل خياراتها للموضة. هي مقننة ومحدودة إلا أنها متينة مبنية على الوفاء.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store