
قراءة في رواية "مع مرتبة الشرف" لِـ عمرو حسين
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
لقد حاول كثيرون من كتّاب الأدب، وخصوصًا الروائيين منهم الهروب في أثناء كتابة السيرة، بأن صنّفوا كتابتهم بأنها سيرة روائية أو رواية سيرية أو غير ذلك، ولكن أن تقرأ رواية مشغولةً بأسلوب السيرة والمذكرات، فهو تبسيط لا يتوقّعه المتلقي من كاتب معاصر، في ظلّ الهجمة الكبيرة على الروايات التاريخية أو الروايات التي فيها من الألعاب السردية والجديد والتعقيد وغير المتوقَّع الكثير، هذه الرواية هي "مع مرتبة الشرف" (دار دوّن 2025) لعمرو حسين.
هي حكاية، أو مذكّرات الشاب المصري، وليد أبو المكارم، ابن الطبيب سعيد والطبيبة منيرة، وشقيق الطبيبة مروة، وكما كان متوقَّعًا، كان لا بدّ وأن نلاحق قصة الطبيب وليد، ولكننا سنلاحق حكاية شابّ مصريّ، تشبه حكايات آلاف الشباب في مصر، وفي العالم العربي، وفي العالم إن جاز التعبير، أراد "التحرّر" من السائد ومن المتوقَّع وملاحقة حلمه، الباشمهندس وليد، مهندس الاتصالات، والذي سيحصل مع مرتبة الشرف على شهادة الدكتوراه مع نهاية النصّ. المهندس وليد يشبه في تخصصه تخصّص عمرو حسين، وهو بالفعل في مثل سنّه، ولكن من هو "وليد أبو المكارم" بالفعل؟
أقول إنّه أنا، وعمرو، وغيرنا من الذين أرادوا ملاحقة أحلامهم، وواجهوا ما واجهوه من تعقيدات مجتمعاتهم وعاداتها، ومن تعقيدات قوانين بلادهم البالية، وواجهوا الحبّ وقاوموا في سبيله، كما فعل وليد مع وسام، اللذان سيسيران معًا أخيرًا نحو الزواج، تعقيدات قصتهما التي كانت متوقَّعة، وجميع أحداث قصتهما بما شابها من أزمات مالية وتشطيبات الشقة التي لم تنتهِ حتى نهاية النص، وطلبات الأهل، ومحاولات الوغد حاتم في العمل، كلها متوقَّعة وقد يظن من يقرأ كلامي بأنها كانت متوقّعة أنّ ما سيقرأه سيكون تكرارًا، وسيكون استهلاكًا وضعفًا، ولكن برأيي، كان الغاية الأولى المقصودة من الرواية، وهي أن أقرأ قصتي البسيطة عن حياتي البسيطة فيها، فتثير فيّ الحنين والنوستالجيا والبكاء، وقد نجح الكاتب بالوصول إلى تلك الأعماق، وهذه برأيي براعة وحنكة، وجديد.
قصة الطموح وملاحقة الحلم، وحكايات الألف ميل التي لن تنتهي مع نهاية الميل رقم ألف، وحكاية الدكتورة "حنان" التي عاملت الطالب بلؤم ليشتد عوده فيقوم بتحديها وتحدي ذاته، والتي ستخبره في النهاية بأنها تعلّمت منه أيضًا، والعمل والتعب في وظيفتين أو أكثر، والصديق، محسن، الذي بدأت علاقته به من خلال التحدي الدراسي على المراكز الأولى، كلها أمور متوقَّعة أيضًا، والسفر والتعب والدراسة، وكيف أوشك وليد على إقامة علاقة مع سارة التي اكتشف أنها ملاك وشيطان في آن والتي معها كتشف الفوارق في المجتمعات وعادات أفرادها، كلها من ضمن المتوقَّع الذي ما عدتُ انتظرتُ أن أقرأ غيره، فكيف أقرأ قصّتي، إن لم أكن أعرف أحداثها؟
سيقرأ المتلقي قصته بالفعل، وهي أن يلاحق حلمه وحبّه، والتي كانت مع وليد من خلال ملاحقة حلم البحث العلمي، والتي يمكن أن يكون كل منا قد لاحقه بوصفه فنّانًا أو حرفيًّا أو مدرّسًا حتى، وقد بسّط حسين القصة لتمسّ كلّ واحد ممن سيقرأها، فهو بالفعل ستكون لديه علاقات مع بلّاط أو سبّاك أو متعهّدٍ كذب عليه، وسيكون قد جلس مع والده وناقش أمورًا ما، وسيكون قد فقد عزيزًا كما فقد وليد أمه، وسيفرح لخطبة أخته أو شخص قريب يحبّه، وما أكرّره في الكلام هنا هو بالفعل ما كررته الرواية، ليس تكرارًا في أحداثها، فهي بدأت مع فصل بعنوان "أجمل يوم في حياتي"، وهو ما سيذكره لنا وليد عندما قرر كتابة مذكراته، وهنا حاول حسين أن يقدّم لعبة سردية، ولكنها كانت ببساطة قصة نصّه، وكانت مناسبة له بشكل كبير ومقبول جدًّا.
"مع مرتبة الشرف" هو نصّ روائي لغته سردية وسلسة وسريعة بشكل أعطاها ميزة كبيرة لأنها مناسبة للنص، فسرعة السرد كانت بسبب سرعة الأحداث، وسلاسة اللغة وبساطتها، مع سلامتها وقوتها، مناسبة لبساطة الأحداث، وقربها من لغة أيّ قارئ بسبب قرب الأحداث من حياة هذا القارئ. أما العنصر الأقوى والأعمق، فهو إبعاد الكاتب نصه إلى حدّ كبير جدًّا عن المحكية، لأنّ النص، وهنا أكرر أيضًا، هو مذكرات وسيرة كل طالب من أبناء مجتمعاتنا العربية أو المشرقية.
حاول الكاتب، وهنا أقول إنّه مأخذ على الرواية، أن يُقحِم بعض الكلام التنظيري الذي قاله وليد، في بعض مقدّمات الفصول، ربطه في أهمية السعي وراء تحقيق الذات والأحلام، وأهمية الحرية والتحرر من التقاليد والقيود المجتمعية، وهذا أمر أثّر على فرادة النصّ، والتي برأيي كانت بالتبسيط الذي قدّمه، فمهما حاول الكاتب إضفاء مزيد من الثقافة والذكاء والعمق والمميزات على كلام شخصياته، إلا أنّ الواقعية، أو "الحقيقيّة" إن أمكن القول التي ظهرت بها، هي ما ميزتها، فلو تُرِكت على سجيّتها، لكانت كل صفحات الرواية متشابهة، وكل شخصياتها تشبهنا من دون تنميق.
قبل أن أنهى أودّ الإشارة إلى بعض الصور التي أثارت فيّ بشكل شخصيّ شعورًا بالحنين ضربت على أوتار لا يصل إليها أيّ نصّ أدبي. اختيار الجامعة وإيجاد الوقت المناسب للحديث مع الأب. العلاقة مع طبيخ الأم. العلاقة مع الدكتورة المشرفة في النهاية. وأهمها العلاقة مع "وسام"، واختيار اسم غريب، أمر ذكيّ من الكاتب وهو تأكيد على ما ذكرته من إغراق في الواقعية، وصراعات الشابّ بين عقله وقلبه، وقد ذكرها النصّ بهذه المسميات بكل بساطتها، ومواقف والدها... فمن منّا لم يمرّ بمثل تلك المواقف، وهو بعدُ طالبًا، يظنّ أنه يستطيع تغيير العالَم!
هذا النصّ هو حاجة للرواية العربية المعاصرة، لأنّ التبسيط عندما يصبح غايةً، تُشغَل بعناية وحِرفية وإتقان، سيقدَّم كما قدّمه عمرو حسين، ونجح فيه نجاحًا باهرًا، مع مرتبة الشرف.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 6 ساعات
- الديار
راغب علامة يتلقى تهنئة خاصة من عاصي الحلاني عن اغنية 'ترقيص'
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب وجّه فارس الغناء عاصي الحلاني رسالة تهنئة لزميله السوبر ستار راغب علامة بمناسبة إصدار أغنيته الجديدة 'ترقيص'، كتب فيها: 'أبو خالد الغالي، ألف مبروك وبالنجاح الدايم، بيلبقلك التجدّد.' وردّ راغب قائلاً: 'شكراً حبيبي، إن شاء الله دايمًا حليفنا النجاح كلنا سوا، أغنية 'ترقيص' التي أصدرها راغب منذ أيام قليلة، والتي تحقق تفاعلاً لافتاً على مواقع التواصل، وسط إشادات جماهيرية ونقدية بأداء راغب وتجدّد أسلوبه. هذا ويعكس التفاعل بين عاصي وراغب وحدة جميلة بين نجمين من الصف الفني اللبناني الأول.


صدى البلد
منذ 8 ساعات
- صدى البلد
من نشر رقم هاتفي؟.. سلاف فواخرجي تتعرّض لمحاولات اختراق على السوشيال ميديا
كتبت الفنانة سلاف فواخرجي، منشورًا مطولًا عبر حسابها الرسمي على موقع اكس -تويتر سابقًا - أعلنت من خلاله عن تعرّض صفحاتها على السوشيال ميديا، لمحاولات اختراق. وكتبت سلاف فواخرجي: «محاولات التهكير على كل صفحاتي في السوشيال ميديا والايميلات ورقم الهاتف على قدم وساق .. ولم تتوقف ، وكأنها من سُبل الاستقواء والانتصار !». وتابعت سلاف فواخرجي: «ولا أعرف على مَن ولماذا وعلى ماذا ؟! .. وفي كل مرة أعيد وأكرّر ، هناك الكثير في حياتنا وأوطاننا أهم مني بكثير ، ومن نشر رقم هاتفي ومن تهكير حساباتي .. اليوم العديد من المنشوارت لدي حُذفت .. بما فيها الفنية والاجتماعية … لحد الآن … ولا أعلم السبب .. وشكرًا». سلاف فواخرجي ترد على جمال سليمان وقبل عدة أيام، كتبت الفنانة السورية سلاف فواخرجي، منشورًا مطولاً عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، لترد فيه على تصريحات الفنان جمال سليمان الأخيرة، بشأن ما فهم منه مطالبة فواخرجي باعتقال الفنانة مي سكاف والتي رحلت خلال فترة اعتقالها. وكتبت الفنانة سلاف فواخرجي، في منشورها: «عذرًا مي سكاف ولكن يبدو أنني كنت صادقة معك أكثر من أصدقائك الأحرار.. وتحملتُ ما تحملته من اتهامات وشتائم بعد أن كذبوني واستهزأوا بكلامي عنك، وكعادتي لا أعرف أن أتكلم حتى على من اختلف معه إلا بكل احترام». وتابعت سلاف فواخرجي: «حينما قلت إنك أنت من طلبتي من الأمن اعتقالك مع مجموعة من الشباب لأنك لم ترض إلا أن تكوني معهم ومنذ قرابة الشهرين وأنا أخوّن وأشتم أمام كل العالمين بالأمر، واتهموني بالتقليل من رموز ثورتهم، كالمرحومة مي، والمرحوم خالد تاجا الذي قلت إنه توفي في المستشفى ولم يمت بالشكل الذي تم تداوله فكُذبت! حتى ظهر لنا أحد الأحرار وقال ما قلته! فأصبح ما قاله حقيقة». وواصلت سلاف فواخرجي: «شهران آثرت فيهما عدم الخوض في الموضوع احترامًا وترفعًا ولكن أصرار البعض على إقحام اسمي في كل مرة من أجل التريند ربما أو لأن كما يبدو للعيان أن معركتهم معي وليس مع نظام سابق لبلد بأكملها! هذا كله يجعلني اليوم مضطرة للرد آسفة ويبدو أن الترفع في هذا الزمن خطأ كبير». وأضافت سلاف فواخرجي: «هذا فيديو أمامكم بالصوت والصورة للمرحومة مي سكاف وهي تسرد القصة! وفيديو آخر لخالتها الفنانة الكبيرة فايزة شاويش على منصة يوتيوب وهي تسرد القصة كاملة، وهي تقول: بتتذكري ياميوش كيف حبّستي حالك، فإما مي رحمة الله عليها كاذبة! أو عائلتها كاذبة! أو جيرانها كاذبون! أو أنا عندما صدقتها فبقيت كاذبة مثلها! وإما من اتهمني بالكذب واستهزأ ضاحكا.. هو الكاذب أو من اتهمني بتعاطي ما لا يعرف! هو المتعاطي أو الصامتون جميعا على تكذيبي وشتمي هم الكاذبون لأنهم جميعًا يعرفون الحقيقة جيد».


الديار
منذ يوم واحد
- الديار
مرقص: توقعوا في هذا العهد احتراماً تاماً للاستحقاقات الدستورية
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب جال وزير الإعلام بول مرقص في مديريات الوزارة للاطلاع على سير عمل الفريق في النهار الانتخابي الطويل، مثنياً على جهود المحررين والمندوبين والإداريين. وتفقد مرقص الذي رافقه رئيس مصلحة الديوان وليد فليطي، المديرية العامة للإعلام، ثم مصلحة الديوان، قبل ان ينتقل إلى مكاتب 'الوكالة الوطنية للإعلام' حيث استقبله مدير الوكالة زياد حرفوش شارحا له طبيعة العمل في مختلف دوائر 'الوكالة الوطنية'، لا سيما لناحية مواكبة الاستحقاق الانتخابي بجهد دؤوب من المحررين والمندوبين. ثم تفقد مديرية الدراسات والمنشورات اللبنانية، واطلع من مديرها خضر ماجد على سير العمل. واختتمت الجولة في 'اذاعة لبنان' حيث زار مرقص الاستوديوهات، في حضور رئيسة ديوان الاذاعة ثريا إسماعيل ومديرة البرامج ريتا نجيم ورئيس مصلحة الصيانة علي جباوي. وخصّ الاذاعة بمقابلة مباشرة على الهواء نقلها 'تلفزيون لبنان' و'الوكالة الوطنية'، شكر فيها فريق العمل في الوزارة على جهوده. وأثنى على 'أهمية الاعلام الوطني في نقل الصورة والصوت والحركة للناس، بإمكانات ضئيلة'، قائلاً: 'أطمئن إلى أن إذاعة لبنان، رغم حاجاتها الكثيرة، هي اليوم أفضل مما كانت، بفضل من هم وراء أثيرها ووراء شاشة تلفزيون لبنان والوكالة الوطنية للاعلام، من دون كلل، من أجل نقل الحقيقة للناس من دون تحريف أو اصطفاف، وميزة الاعلام الوطني انه لا ينقل الانتماءات عبر الهواء، ولذلك أسعى دائما إلى دعمه'. وأشار إلى أن 'رسالة الحكومة الأولى في انتخابات الجنوب هي قدسية الآجال والمواعيد الانتخابية والاستحقاقات الدستورية، ففي عهد الرئيس جوزاف عون لم يعد هناك تأجيل للانتخابات، وهذه بدعة انتهينا منها. والرسالة الثانية ان الانتخابات تجرى من دون منة، فهذا واجب على الحكومة. وتوقعوا في هذا العهد احتراما تاما للاستحقاقات الدستورية'. وتوجه إلى اهل الجنوب بالقول: 'هم أكثر من ضحوا ولا يزالون، ويستحقون منا أن تجرى هذه الانتخابات في موعدها ومكانها، وهذا جزء يسير مما يستأهلونه، ونحن في صدد تخصيص صندوق يعمل بشفافية، او من خلال جولات فخامة الرئيس ورئيس الحكومة والوزراء في الخارج لتأمين الموارد اللازمة'. وسئل عن قانون الانتخابات النيابية فأجاب: 'يجب عدم المزج بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. أقصى ما يمكن الحكومة فعله، هو أولا أن ترسل مشروع قانون إلى المجلس النيابي ليقوم بإقراره، وثانيا، أن تجيب عن الأسئلة والاستجوابات وأن تبقى تحت رقابة المجلس'. وعن جولته التي أجراها في أقسام وزارة الإعلام، وزيارته مكاتب 'الوكالة الوطنية' واستديوهات 'إذاعة لبنان'، قال مرقص: 'إن وجودي بينكم أمر طبيعي، فأنا فرد منكم، وزيارتي لكم ليست الأولى، لكون مكتبي موجودا في المبنى نفسه. وكنت قبل ان أتولى منصبي الوزاري، صديقا للإعلاميين، وسأبقى إلى جانبهم بعد مغادرتي'. ط وأكد 'أننا والإعلاميين في شراكة مستمرة، لا أحد يريد ممارسة السلطة بالمعنى السلبي على الآخر، بل من واجبي أن أضع ملفاتكم في الإطار الصحيح وأن نحقق معا الإنجازات'. ولاحظ ردا على سؤال آخر ان 'الأمور في البلد تغيرت، وستتحسن أكثر عندما يُسلّم سلاح المخيمات الفلسطينية وفقا لجدول زمني، كما أن معظم جنوب لبنان أصبح تحت سيطرة الجيش اللبناني، ولولا الاعتداءات الإسرائيلية لكنا أنهينا عملية الانتشار'. وكشف أن 'قائد الجيش العماد رودولف هيكل عرض على طاولة مجلس الوزراء، بالوقائع والأرقام والوثائق، الترسانة العسكرية غير الشرعية التي باتت في حوزة الجيش'.