logo
آلاء.. غزة!

آلاء.. غزة!

صحيفة الشرقمنذ 2 أيام

165
في غزة، لا توجد استثناءات من الموت. لا مهنة تحميك، ولا أمومة تعفيك، ولا وجود للخطأ في توجيه الصواريخ. الحكايات في هذه المدينة ليست مشاهد درامية ولا سرديات خيالية، بل وقائع دامغة تسير على الأرض، وتُسجل في ذاكرة من تبقى. واحدة من هذه القصص هي قصة الطبيبة الفلسطينية آلاء النجار.
آلاء لم تكن في البيت حين سقط عليه صاروخ إسرائيلي. كانت في المستشفى، في عملها اليومي كطبيبة أطفال. تؤدي واجبها الإنساني في رعاية من نجا من الموت، تعالج المصابين وتواسي المفجوعين، وتقاتل بيديها وضميرها من أجل إنقاذ أرواح صغيرة. وبينما كانت تقوم بذلك، لم تكن تعلم أن تسعة من أطفالها كانوا يُقتلون في اللحظة ذاتها، في بيتها، الذي تحول في دقيقة إلى ركام.
حين عادت، لم تجد بيتًا. لم تجد أصواتًا مألوفة، لم تجد حتى فرصة للوداع. لم تجد سوى أنقاض، وجثث ممزقة، وأشلاء صغيرة متناثرة، كل منها يحمل اسمًا من أسماء أبنائها. تسعة أطفال، لم يكن فيهم مقاتل، ولا مستهدف عسكريا، ولا من يشكل تهديدًا لأي طائرة أو صاروخ أو جندي. كانوا أطفالا فقط!
هذه ليست حادثة معزولة، وليست 'أضرارًا جانبية'. هذا قصف مباشر لمنزل مدني، في حي سكني، أثناء وجود الأطفال فيه، في لحظة غياب للأم. الصاروخ لم يخطئ. كان دقيقًا في إصابته. هذه هي طبيعة العدوان الذي يتعرض له سكان غزة؛ لا أحد في مأمن، ولا منزل يُستثنى، ولا طفل يُعفى.
الطبيبة آلاء لم تُقتل. نجت، فقط لتظل شاهدة حيّة على جريمة مكتملة الأركان. وهذا بحد ذاته عقاب آخر. أن تُترك أم بلا أطفالها، أن ترى البيت بلا أصوات، بلا لعب، بلا فوضى الحياة اليومية، أن تُجبر على حمل صورهم بدلًا من أيديهم، وعلى تذكّرهم بدلًا من تربيتهم. نجت، لتروي الحكاية، لتكون شاهدًا حيًا على المجزرة.
هذه القصة، على قسوتها، ليست الأشد غرابة في غزة. في كل يوم، هناك أم فقدت أبناءها، هناك أب حمل أشلاء طفله بيديه، هناك منزل تحول إلى قبر جماعي. لكن في قصة آلاء تتجلى المفارقة البالغة: طبيبة أطفال تفني يومها في محاولة إنقاذ أطفال الناس، وتفقد في المقابل أطفالها جميعًا بصاروخ واحد.
من واجبنا ألا نقرأ هذه القصة كخبر، بل كوثيقة إدانة. هذه الحكاية شهادة دامغة على نوع الحرب التي تُشن على غزة، وعلى الاستهداف المباشر للمدنيين، وعلى انهيار كل ما يمكن أن يُسمى قانونًا دوليًا أو معايير إنسانية. ما يحدث في غزة ليس مجرد 'ردود فعل'، ولا مجرد 'نزاع معقّد'، بل هو عدوان منظم ضد شعب كامل، يُعاقب جماعيًا في كل تفاصيل حياته.
آلاء لم تكن تحمل سلاحًا، ولم يكن بيتها مخزنًا للذخيرة، وأطفالها لم يكونوا مقاتلين. كانوا تسعة أرواح تنام في البيت، مثل أي أطفال في العالم. لكن في غزة، لا يُمنح الأطفال حق النوم الآمن، ولا الأمهات حق الحياة العادية، ولا البيوت صفة الحماية.
حين نكتب عن هذه القصة، لا نحتاج إلى زخارف لغوية أو استعارات أدبية. يكفي أن نقول الحقيقة كما هي؛ قصف بيت فيه تسعة أطفال، فقتلوا جميعًا، وبقيت أمهم شاهدة. هذه جريمة لا تحتاج تفسيرًا، ولا تحليلًا، ولا تبريرًا. هذه مأساة لا ينبغي أن تمر بصمت.
صوت آلاء اليوم ليس مجرد صوت أم مكلومة، بل هو صوت غزة كله. هو الصوت الذي يصرخ في وجه العالم: انظروا جيدًا. هذا ما يحدث هنا. ليس في الخيال، بل في الواقع، كل يوم.
مساحة إعلانية

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ارتفاع عدد الصحفيين الشهداء في غزة إلى 221 شهيدا
ارتفاع عدد الصحفيين الشهداء في غزة إلى 221 شهيدا

صحيفة الشرق

timeمنذ 6 ساعات

  • صحيفة الشرق

ارتفاع عدد الصحفيين الشهداء في غزة إلى 221 شهيدا

عربي ودولي 26 رام الله - قنا أعلنت نقابة الصحفيين الفلسطينية، ارتفاع عدد الصحفيين الشهداء في قطاع غزة إلى 221 شهيدا، عقب استشهاد الصحفي في قناة القدس الفضائية معتز محمد رجب اليوم. وأدانت النقابة في بيان لها، جريمة اغتيال رجب، الذي ارتقى شهيدًا أثناء تأديته واجبه المهني في تغطية الجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني، حيث استهدفت طائرات الاحتلال مركبة مدنية في شارع النفق بمدينة غزة، ما أدى إلى استشهاده على الفور. وأكدت النقابة أن هذا الاستهداف الدموي المتكرر للصحفيين والطواقم الإعلامية الفلسطينية يأتي في إطار سياسة ممنهجة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، لفرض التعتيم الإعلامي على جرائمه، ومنع إيصال الرواية الفلسطينية إلى العالم. وبينت أن عدد شهداء الأسرة الصحفية ارتفع منذ بداية العدوان الإسرائيلي إلى (221) شهيدًا من الصحفيين والعاملين في المجال الإعلامي، في خرق لكل الأعراف والمواثيق الدولية التي تضمن الحماية للصحفيين أثناء النزاعات. وطالبت النقابة، المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيقات جادة وسريعة في جرائم الاحتلال ضد الصحفيين الفلسطينيين، وإصدار أوامر اعتقال فورية بحق قادة الاحتلال المسؤولين عن هذه الانتهاكات.

طفل سعودي تجرفه مياه النهر في تركيا.. ومحافظ طرابزون يتابع ميدانياً عمليات البحث
طفل سعودي تجرفه مياه النهر في تركيا.. ومحافظ طرابزون يتابع ميدانياً عمليات البحث

صحيفة الشرق

timeمنذ 8 ساعات

  • صحيفة الشرق

طفل سعودي تجرفه مياه النهر في تركيا.. ومحافظ طرابزون يتابع ميدانياً عمليات البحث

218 A- طفل سعودي تركيا يتابع محافظ ولاية طرابزون التركية عزيز يلدريم، ميدانيًا، عمليات البحث عن الطفل السعودي "فيصل رمزي" 9 أعوام الذي جرفته مياه نهر هالديزين في منطقة تشايكارا، حيث تستمر فرق الإنقاذ في أعمال البحث المكثفة منذ لحظة اختفائه. ووفق وسائل إعلام تركية وسعودية، تواصل فرق الإنقاذ التركية عمليات البحث المكثفة عن الطفل السعودي الذي جرفته مياه نهر هالديزين بولاية طرابزون بتركيا. وتفقد محافظ طرابزون، ، موقع الحادث ميدانيًا لمتابعة الجهود المبذولة، مؤكدًا أن فرق البحث تعمل بلا توقف منذ لحظة اختفاء الطفل. وكانت مياه النهر قد فاضت بشكل مفاجئ بسبب الأمطار الغزيرة، مما أدى إلى جرف الطفل أثناء تواجده بالقرب من مجرى المياه. من جانبها، ذكرت سفارة المملكة العربية السعودية لدى جمهورية تركيا، أن السلطات التركية بدأت منذ اللحظة الأولى لحادثة سقوط طفل سعودي في نهر هالديزان عمليات بحث مكثفة للعثور عليه. وأضافت السفارة أنها تواصلت مع عائلة الطفل ومع الجهات التركية المختصة التي تبذل جهوداً مكثفة في المنطقة وضواحيها.

انتصار قانوني لباريس سان جيرمان على مبابي
انتصار قانوني لباريس سان جيرمان على مبابي

صحيفة الشرق

timeمنذ 13 ساعات

  • صحيفة الشرق

انتصار قانوني لباريس سان جيرمان على مبابي

رياضة عالمية 108 ألغت المحكمة القضائية في العاصمة الفرنسية باريس الحجز الاحتياطي على مبلغ 55 مليون يورو في حسابات نادي باريس سان جيرمان لكرة القدم، وذلك في إطار نزاعه المالي مع لاعبه السابق ونجم ريال مدريد الإسباني الحالي كيليان مبابي. وأمر قاضي تنفيذ الأحكام في المحكمة القضائية في باريس "برفع الحجز الاحتياطي" على ثلاثة من حسابات النادي- حسب قناة بين سبورت. وتقدم محامو باريس سان جيرمان بطلب إلغاء الحجز الاحتياطي في 12 مايو، معتبرين أنّ مبابي: "لم يقدم دليلاً كافياً على وجود ديون ولم يثبت أيّ خطر بعدم التسديد". ودخل الطرفان في خلافات طويلة أمام السلطات الرياضية، ومن المتوقع الآن أن تستمر القضية أمام محكمة العمل. ويشير باريس سان جيرمان إلى أن الطرفين توصلا إلى اتفاق شفهي في صيف عام 2023 ينص على أنّ اللاعب الذي كان من المتوقع أن يرحل من دون مقابل انتقالي، سيتنازل عن جزء من المبالغ المستحقة له في نهاية عقده للحفاظ على الميزان المالي للنادي لكن معسكر مبابي ينفي حدوث ذلك. مساحة إعلانية

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store