logo
#

أحدث الأخبار مع #ALMALTV

في لقاء المؤسس والرئيس التنفيذي مع «CEO Level Podcast» «كور بي».. كيف لعبت دور المستشار والمعالج السريع لحلول التحول الرقمي داخل المؤسسات المالية
في لقاء المؤسس والرئيس التنفيذي مع «CEO Level Podcast» «كور بي».. كيف لعبت دور المستشار والمعالج السريع لحلول التحول الرقمي داخل المؤسسات المالية

جريدة المال

time٣٠-٠٤-٢٠٢٥

  • أعمال
  • جريدة المال

في لقاء المؤسس والرئيس التنفيذي مع «CEO Level Podcast» «كور بي».. كيف لعبت دور المستشار والمعالج السريع لحلول التحول الرقمي داخل المؤسسات المالية

يواصل برنامج CEO Level Podcast تقديم حلقاته المثيرة واستكشاف القطاعات المتنوعة التى تهم المشاهد العادى ومجتمع الأعمال أيضًا، فى هذه المرة فضلنا أن نتوجه إلى قطاع الخدمات المالية الذى يركز على التحول الرقمى والتكنولوجيا. استضاف حازم شريف، رئيس تحرير جريدة 'المال' ومقدم 'CEO Level Podcast'، أحمد جابر المؤسس المشارك والرئيس التنفيذى لشركة CoorB 'كور بي' المتخصصة فى تمكين الخدمات المالية وتقديم الحلول الرقمية فائقة السرعة للمؤسسات المالية المختلفة. أفادت خبرت 'جابر' فى شركة 'فيزا' العالمية، والتى امتدت لأكثر من 16 عاما تدرج فيها حتى تولى رئاسة منطقة شمال افريقيا، فى انطلاقة قوية لـ 'كور بي' فى أسواق المنطقة والسوق السعودية بشكل خاص، واقتناص عقد للبنك الأهلى السعودى اكبر البنوك الخليجية. وكشف 'جابر' فى لقائه، عن تمكن شركة 'CoorB – كور بي'، خلال فترة لم تتجاوز 15 شهرًا من إطلاقها مطلع 2024، من توقيع نحو 100 عقد مع مؤسسات مالية، وتحقيق إيرادات تجاوزت 10 ملايين دولار، مع فريق يضم أكثر من 200 موظف فى السعودية ومصر ولبنان. 'جابر' يؤمن بنصيحة 'تولستوي' عن 'أهمية الجمع بين العمل والإيمان بأنواعه المختلفة ليكون الشخص إنسانًا متوازنًا' والتى يعتبرها مؤسس 'كور بي' أحد أسباب نجاحه فى رحلته العملية بقطاع التكنولوجيا، كما تحدث 'جابر' عن الأخطاء الكلاسيكية فى ريادة الأعمال وكيف يمكن لشباب الأعمال تجنبها. وإلى نص الحوار المتاح على قناة 'ALMAL TV' بموقع 'يوتيوب' ومنصات البودكاست والتواصل الاجتماعى. ● حازم شريف: يسعدنا أن نستضيف اليوم الأستاذ أحمد جابر، الرئيس التنفيذى والمؤسس لشركة 'كور بي'، فى لقاء يحمل طابعًا خاصًا لسببين. أولًا، لأنه اللقاء الثانى الذى يجمعنا به بعد استضافته الأولى فى CEO LEVEL عام 2021، حين كان يشغل منصب نائب المدير الإقليمى لشركة 'فيزا' فى شمال أفريقيا ومصر. وثانيًا، لأن نشاط شركته الجديدة يمثل تجربة واعدة فى قطاع الخدمات الرقمية، وهو ما يثير فضولنا للتعرف أكثر على تفاصيلها. أستاذ أحمد، أهلًا وسهلًا بك مرة أخرى. أحمد جابر: أهلًا بك أستاذ حازم، سعيد جدًا بهذه الاستضافة وأشكرك على كلماتك الطيبة. يشرفنى أن أكون معكم مجددًا، خاصة فى هذا السياق المختلف والمميز. ● حازم شريف: اليوم أنت تقود شركتك الخاصة من مقرها الرئيسى فى دبى بعد مسيرة مهنية طويلة فى واحدة من كبرى شركات التكنولوجيا المالية فى العالم. هل هذا الوصف دقيق؟ أحمد جابر: نعم، دقيق تمامًا. بدأت هذه المرحلة الجديدة منذ نحو عام، وهى تجربة مختلفة تمامًا من حيث التحديات والطموحات. ● حازم شريف: دعنا نعد قليلًا إلى البدايات. من هو أحمد جابر؟ كيف بدأت رحلتك الدراسية والمهنية؟ أحمد جابر: بداية، أشكرك مرة أخرى على هذا الحوار، وأود أن أثنى على التطوير الملحوظ فى بودكاستك بالموسم الرابع، حيث أصبحت الحلقات أكثر عمقًا واحترافية، وتعلّمنا منها الكثير. أما عن بدايتى، فقد كانت مثل كثير من الشباب، مليئة بالمفاجآت والانحرافات غير المتوقعة عن المسار المخطط له. تخرجت فى عام 2000، رغم أنه كان من المُفترض أن أتخرج فى 1999، وهناك قصة طريفة وراء هذا التأخير. ● حازم شريف: هل لنا أن نعرف تفاصيلها؟ أحمد جابر: بالتأكيد. كنت أدرس فى كلية الهندسة بالأكاديمية البحرية بالإسكندرية، لكننى تأخرت فصلًا دراسيًا لأننى كنت أطمح أصلاً فى الالتحاق بكلية التجارة. لطالما كنت أميل إلى عالم الأعمال، لكن، كما تعرف، رغبات الأهل كثيرًا ما تكون هى الفيصل. ● حازم شريف: مفهوم 'كليات القمة'.. وقتها لم يكن لعالم الأعمال البريق نفسه الموجود اليوم. أحمد جابر: بالضبط. قدمت أوراقى إلى كلية التجارة فى آخر يوم للتقديم، ظنًا منى أن الأهل سيقبلون بالأمر الواقع. لكن والدى، وهو أستاذ جامعى فى كلية الطب، ووالدتى – رحمها الله – وكانت تشغل منصبًا رفيعًا فى وزارة العدل، أصرا على توجهى نحو أحد المسارات الأكاديمية الكبرى. وبالفعل، بعد فصل دراسى واحد فقط، قررت الانضمام إلى كلية الهندسة فى الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا. ● حازم شريف: وهل بدأت الدراسة مع بداية عام دراسى جديد؟ أحمد جابر: الأكاديمية تعتمد نظام الفصول الدراسية وليس السنوات، لذا التحقت فى الفصل الدراسى الثانى، وهو ما يمكن اعتباره بداية حقيقية لمسارى الهندسى. ● حازم شريف: إذن، يمكننا أن نقول إنك دفعت 'ثمن' نصف عام من التردد؟ أحمد جابر: هذا صحيح تمامًا. لكنه كان درسًا مبكرًا فى أهمية اتخاذ القرار فى الوقت المناسب وتحمل تبعاته. ● حازم شريف: هل تعتبر تلك المحاولة الأولى لتغيير مسارك الدراسى بمثابة أول مناورة أو مخاطرة قمت بها فى حياتك؟ أحمد جابر: نعم، أراها بالفعل أول مخاطرة حقيقية. وفى هذا السياق، أود أن أوجه نصيحة مهمة لكل الشباب: فى تلك المرحلة، كان والداى غاضبين جدًا، وكان لديهما كل الحق. فى النهاية، دراسة الهندسة ساعدتنى كثيرًا أكثر مما كنت أتصور. الحقيقة أن الأهل غالبًا ما يملكون رؤية أوسع وخبرة أعمق بالحياة. فى سن الشباب نعتقد أننا نعرف كل شيء، لكن الأهم أن نتعلم كيف نصغى، وكيف نتحمل مسؤولية قراراتنا. ● حازم شريف: وما الذى حدث بعد التخرج فى كلية الهندسة؟ أحمد جابر: تخرجت عام 2000 فى قسم الكهرباء، ورغم أننى كنت لا أزال متأثرًا بتأخرى الدراسى، جاءت صدمة أخرى غير متوقعة: تم قبولى كضابط احتياط فى الجيش، على عكس توقعاتى بأن أخدم سنة واحدة كجندى. قضيت ثلاث سنوات كاملة فى الخدمة العسكرية. ● حازم شريف: تجربة طويلة… هل كانت مفيدة رغم التحديات؟ أحمد جابر: جدًا. رغم الضيق فى البداية، إلا أن تلك السنوات الثلاث كانت من أكثر الفترات التى أثرت فى تكوينى الشخصى. تعلمت خلالها الكثير عن الانضباط والمسؤولية والتعامل مع طبقات مختلفة من المجتمع. خلال دراستى فى الأكاديمية، كنت أحتك غالبًا بنخبة من مستويات اجتماعية مرتفعة، لكن فى الجيش، كنت أتعامل يوميًا مع أفراد من خلفيات متعددة. هذه التجربة أثرت فيّ جدًا وأغنت شخصيتى. ● حازم شريف: وماذا عن العمل خلال فترة الخدمة؟ أحمد جابر: كنت أعمل كضابط احتياط فى مصنع بنها للإلكترونيات، وكان يومى يبدأ فى السادسة صباحًا لأصل إلى المصنع قبل الثامنة. وبعد الانتهاء من عملى فى المصنع، كنت أذهب مباشرة إلى شركة 'كاش نت' حيث كنت أعمل مساءً من الخامسة حتى منتصف الليل. ● حازم شريف: حدثنا عن 'كاش نت'. ما طبيعة عمل الشركة وما دورك فيها؟ أحمد جابر: 'كاش نت' كانت تجربة فريدة. أسسها الأستاذ محسن البردعى مع مجموعة من المستثمرين، وكانت أول شركة فى مصر تقدم خدمات متكاملة لإدارة وتشغيل ماكينات الصراف الآلى (ATM Driving). فى السابق، كانت البنوك مسؤولة عن كل ما يخص هذه الماكينات: من الاستيراد والصيانة إلى التغذية المالية وتأمين نقل الأموال. جاءت 'كاش نت' لتأخذ هذا العبء عن البنوك، وتقدم الخدمة بجودة أعلى وتخصص أكبر. ● حازم شريف: وماذا كانت مهامك فى الشركة آنذاك؟ أحمد جابر: كنت أعمل كمهندس تركيبات. إذا كانت هناك ماكينة صراف جديدة متجهة إلى شرم الشيخ مثلًا، كنت أسافر بنفسى لتسلّمها وتركيبها. أحيانًا أكون بمفردى، فأطلب المساعدة من موظفى المكان أو من فريق الشحن. كنا نتولى تركيب الماكينة بزوايا دقيقة جدًا، ثم نوصلها بالنظام البنكى، ونقوم بإجراء الاختبارات الفنية. ● حازم شريف (ضاحكًا): كنت تطلب المساعدة من الناس فى المكان؟ 'لو سمحت يا بشمهندس تعالى ساعدني'؟ أحمد جابر (مبتسمًا): بالضبط كده! طبعًا ليس من الشارع مباشرة، لكن من الموظفين فى المولات أو الأماكن التجارية، أو من طاقم شركة الشحن. لم يكن منطقيًا أن نسافر كفريق كامل فقط لتركيب ماكينة. كنا نوفر على الشركة وننجز العمل بالكفاءة نفسها. كنا نتابع كل شيء: من فكّ الماكينات وتركيبها، إلى ضبط البرمجيات وربطها بالبنك من خلال شركة 'إيجى نت'، التى كانت تتولى الاتصال بين الماكينات والنظام المصرفى. التجربة كانت ثرية جدًا ومليئة بالتفاصيل التقنية والعملية. ● حازم شريف: بعد الانتهاء من تركيب ماكينة الصراف الآلى، هل كنت تُغادر الموقع مباشرة؟ أحمد جابر: إطلاقًا. لم يكن ممكنًا أن أتحرك قبل أن أتأكد أن الماكينة تعمل بكفاءة تامة وتنجز أول عملية سحب نقدى بنجاح. هذا هو جوهر عملها. كنت أتابع كل شيء: من التركيب إلى البرمجة والتشغيل، ثم أنتظر حتى تصل شركة التغذية بالأموال، وأشرف على أول عملية سحب. ● حازم شريف: كنت تظل جالسًا بجوار الماكينة حتى يتم تنفيذ أول عملية سحب؟ أحمد جابر: بالضبط، وأحيانًا لم أكن أمتلك حتى رصيدًا كافيًا لأجرى تجربة بنفسى، فكنت أبحث عن أحد المارة وأطلب منه أن يجرب السحب من الماكينة. كنت أقول له: 'لو سمحت، دى ماكينة جديدة من كاش نت، ممكن تجرب؟'. ● حازم شريف: لكن الناس كانت يترددون، أليس كذلك؟ أحمد جابر: الناس بطبيعتهم يميلون لما يعرفونه، وعندما يرون شابا غريبا يطلب منهم استخدام ماكينة غير تابعة لمصرفهم، فيكون التردد طبيعيا. لكن فى حالات كثيرة، كانوا يتعاطفون معى من طول جلوسى بجانب الماكينة، ويقررون التجربة. ولو لم تنجح العملية؟ أعيد المحاولة من جديد، وأنتظر مستخدمًا آخر. هذه التجربة علمتنى الصبر، وعلّمتنى أيضًا مهارات الإقناع وكسب ثقة الناس. ● حازم شريف: كم استمر عملك فى 'كاش نت'؟ أحمد جابر: قضيت حوالى عامين كاملين. ● حازم شريف: هل استمررت طوال تلك الفترة فى دورك كمهندس تركيبات؟ أم بدأت تتطور مهنيًا داخل الشركة؟ أحمد جابر: حصلت على ترقيات خلال هذه الفترة. بعد مرور عام تقريبًا، أصبح هناك فريق مختص بالتركيبات، وتوليت مسؤوليته. بدأت أعمل على تدريبهم والإشراف على العمل بدلًا من تنفيذه بنفسى. انتقلت من العمل الميدانى إلى المتابعة الفنية والإدارية من المكتب، وكنت أضع نظمًا للعمل وأتابع الأداء. ● حازم شريف: يبدو أنك كنت تعمل فى ظروف مزدوجة صعبة… بين الجيش والشركة! أحمد جابر: كنت أبدأ يومى فى السادسة والنصف صباحًا، أذهب إلى مصنع بنها للإلكترونيات ضمن خدمتى كضابط احتياط، أخرج فى الثالثة عصرًا، ثم أذهب مباشرة إلى 'كاش نت' وأعمل حتى منتصف الليل. ثم أعود للمنزل، أنام لساعات قليلة، وأبدأ من جديد. كانت فترة شاقة، لكنها مليئة بالحماس والطموح. ● حازم شريف: وماذا حدث بعد ذلك؟ أحمد جابر: بعد هذه الفترة، تغير اسم الشركة إلى 'NPC – National Processing Company'، وكانت أول شركة فى مصر تقدم خدمات متكاملة فى مجال المدفوعات الإلكترونية تشمل إصدار البطاقات، ومعالجة العمليات، وتشغيل ماكينات الصراف الآلى، وخدمات الدفع المختلفة. وفى عام 2006، تم الاستحواذ على 'كاش نت' من قبل شركة Network International، إحدى كبرى شركات المدفوعات الرقمية فى المنطقة، وأكملت مشوارى معهم. ● حازم شريف: وكيف تطورت مسيرتك بعد الاستحواذ؟ أحمد جابر: واصلت العمل بعد الاستحواذ، وتوليت منصب رئيس قسمين: قسم التنفيذ، وقسم الدعم الفنى. هذا المنصب منحنى خبرة متكاملة، جمعت بين الجانب التقنى العميق والإدارة، وأتاح لى فهمًا شاملًا للبنية التحتية لقطاع الدفع الإلكترونى، من الألف إلى الياء. كانت هذه التجربة حجر الأساس فى مسيرتى، وبداية تشكل الرؤية التى بنيت عليها خطواتى التالية. ● حازم شريف: هل يمكن اعتبار ما اكتسبته فى تلك الفترة مجرد خبرة هندسية فقط؟ أحمد جابر: لا، الحقيقة إنها كانت خبرة هندسية وإدارية فى آنٍ واحد. تخيّل أنك مسؤول عن الدعم الفنى لستة أو سبعة بنوك تعمل معنا، وأى مشكلة كبيرة تحدث، فإن أول من يتلقى الاتصال هو أنت. كنت دائمًا فى الواجهة، ولابد أن تكون قادرًا على احتواء غضب العميل، وتوضح له بكل شفافية طبيعة المشكلة، وكيف ومتى سيتم حلها. الثقة تُبنى من هنا. الناس بطبيعتهم لا يحبون المراوغة. من يتهرب من قول الحقيقة يخسر على المدى الطويل. أما حين تكون صادقًا، حتى لو كانت لديك مشكلة، وتشرح للعميل كيف تتعامل معها، يبدأ فى الوثوق بك بشكل حقيقى. ● حازم شريف: وهل كان دورك يقتصر على الدعم الفنى فقط؟ أحمد جابر: لا أبدًا، كنت مسؤولًا أيضًا عن تنفيذ المشاريع الجديدة. كل مشروع يبدأ بفهم احتياجات البنك، ثم وضع خطة تنفيذ واضحة مع مديرى المشاريع، ثم الإشراف على التنفيذ. الدور كان تقنيًا بالأساس، لكنه تضمن جانبًا إداريًا مهمًا جدًا. ● حازم شريف: ومتى حدث التحول الكبير فى مسارك المهني؟ أحمد جابر: فى 2006، وبدون أى تخطيط مسبق. كنت أتصفح موقع شركة 'فيزا'، وكنت منبهرًا بأسلوبهم الاحترافى. كنت بالفعل أتعامل معهم من خلال منتجات خاصة ببنوك نعمل معها، وبدأت أتابع صفحة الوظائف لديهم. فوجئت بوجود وظيفة شاغرة فى مصر، فتقدمت لها. بعد فترة قصيرة، تواصلوا معى من مكتب التوظيف فى لندن، وأبلغونى بأنهم يرغبون فى إجراء مقابلة، ولكن ليس فى مصر… فى دبي! ● حازم شريف: كيف كان وقع هذا الخبر عليك؟ أحمد جابر (مبتسمًا): فى الحقيقة فرحت جدًا، ليس فقط بسبب فرصة العمل، لكن لأنه لأول مرة فى حياتى، شركة تدفع لى تذكرة سفر وتحجز لى فندقًا راقيًا. فى ذلك الوقت، السفر إلى دبى كان فى حد ذاته مغامرة غير متاحة لى بسبب ظروفى المادية.. فكانت سعادتى بالسفر إلى دبى أكبر من الوظيفة نفسها. ● حازم شريف: كيف سارت المقابلات؟ أحمد جابر: أجريت ثلاث مقابلات متتالية: الأولى مع مسؤول التوظيف، والثانية مع مدير شركة 'فيزا' فى السعودية، والثالثة مع مدير العمليات لمنطقة الشرق الأوسط. وبعدها اتصلوا بى وقالوا: 'لدينا خبر لك ويجب أن تتخذ قرارك'. للوهلة الأولى ظننت أنه رفض، لكنهم أخبرونى أننى تم قبولى فى وظيفتين! الوظيفة الأولى فى دبى كمسؤول عن تحسين جودة خدمات المدفوعات، والثانية فى السعودية كمدير مشروع لدمج الشبكة المحلية للمدفوعات SPAN مع نظام 'فيزا'. المشروع كان بدأ عام 2001 ولم يكتمل بعد. وكان مطلوبا دمج بطاقة الدفع المحلية مع شعار 'فيزا' فى بطاقة واحدة. كان أول مشروع من نوعه فى المنطقة. ● حازم شريف: وكيف اتخذت القرار؟ أحمد جابر: قررت أن أذهب إلى السعودية، لأن التحدى كان أكبر، وكنت أشعر أن المشروع سيُضيف لى الكثير. هناك فرق كبير بين تحسين نظام قائم، وبين بناء منظومة من الصفر. بدأت عملى هناك فى أبريل 2006. ● حازم شريف: ومتى تم الانتهاء من المشروع؟ أحمد جابر: فى فبراير 2008، أنهينا المشروع بالكامل. ثم انتقلنا للعمل مع البنوك على إصدار البطاقات وتدريب الفرق على النظام الجديد. هذا الإنجاز فتح لى بابًا جديدًا داخل 'فيزا'، حيث تم اختيارى للانضمام إلى فريق الأعمال بالشركة. ● حازم شريف: وماذا كانت أولى مسؤولياتك بعد الانتقال لهذا الفريق؟ أحمد جابر: أصبحت مسؤولًا عن عدد من البنوك، أهمها بنك الراجحى – أكبر بنك فى السعودية من حيث عدد البطاقات آنذاك. وكانت أول صفقة أوقعها بنفسى فى هذا المجال، والحمد لله نجحت. توالت بعد ذلك الصفقات، وفى نهاية 2009، تم اختيارى لمنصب نائب مدير المنطقة، ثم فى نهاية 2010 أصبحت المدير العام لشركة 'فيزا' فى السعودية. ● حازم شريف: كانت تلك أول تجربة قيادية حقيقية لك؟ أحمد جابر: بالضبط. أصبحت مسؤولًا عن سوق ضخمة وفريق عمل كبير فى واحدة من أهم دول المنطقة. كانت تجربة غنية ومليئة بالدروس، ومن خلالها بدأت تتبلور رؤيتى حول ما يمكن أن أقدمه على مستوى أوسع. ● حازم شريف: إذن، بعد سنوات فى السوق السعودية، أصبحت المدير العام لشركة 'فيزا' هناك فى عام 2011؟ أحمد جابر: صحيح. كنت نائبًا للمدير العام لمدة عامين قبلها، وهذا لأن سنى وقتها كان صغيرًا نسبيًا على هذا المنصب؛ كنت فى أوائل الثلاثينيات، تحديدًا حوالى 33 سنة. والآن أنا أقترب من الخمسين. وفى عام 2015، تم اختيارى لقيادة أربع دول خليجية ضمن شركة 'فيزا': السعودية، والكويت، وعمان، والبحرين. وبموجب ذلك، أصبحت نائب رئيس الشركة فى المنطقة. ثم فى 2018، انتقلت لتولى قيادة منطقة شمال أفريقيا، وكان مقرها فى القاهرة. التجربة كانت مختلفة تمامًا؛ فبيئة العمل فى الخليج لا تُقارن بتعقيد السوق فى شمال أفريقيا. ● حازم شريف: ننتقل الآن إلى المقارنة بين التجربتين: الخليج العربى وشمال أفريقيا. ما الفرق الجوهرى بين السوقين، خصوصًا فى مجال المدفوعات الإلكترونية الذى يمثل جوهر خبرتك؟ أحمد جابر: كنت مسؤولًا عن 11 دولة: أربع منها فى الخليج، وسبع فى شمال أفريقيا، والفرق كان أكبر مما توقعت بكثير. خذ مثلًا ليبيا، التى عاشت مرحلة ما بعد الحرب. الوضع هناك كان فريدًا جدًا، وكانت هناك قيود مشددة على التحويلات المالية، لدرجة أن كل معاملة مالية كانت تخضع لتدقيق من الدولة لمنع تهريب الأموال. الأكثر تعقيدًا أن البلاد كان بها بنك مركزى فى طرابلس وآخر فى بنغازى، ولكل منهما لوائحه وأنظمته المختلفة. ونحن كشركة 'فيزا'، كنا نتعامل مع الطرفين فى الوقت نفسه، ما شكّل تحديًا كبيرًا على المستويين الإدارى والسياسى. حازم شريف (مازحًا): هذا يعنى أنك كنت الشخص الوحيد الذى يستطيع أن يسافر بين الجهتين بنى غازى وطرابلس ويمر وسط المعركة؟ أحمد جابر (ضاحكًا): تقريبًا، لكن فى النهاية كنا ملتزمين بالتعامل مع البنك المعترف به من قبل الأمم المتحدة، وهو بنك طرابلس فى ذلك الوقت. ومن أبرز التجارب اللى أعتز بها كانت فتح السوق السودانية. فى ذلك الوقت، كانت هناك عقوبات مالية مفروضة على السودان، ولم تكن هناك أى بطاقة 'فيزا' فعالة فى السوق. قدّمت عرضًا رسميًا لمجلس إدارة 'فيزا' فى سان فرانسيسكو لإقناعهم بدخول السوق السودانية. كنا نعمل على هذا الملف كأنها مهمة دولية حقيقية: قابلنا رئيس الوزراء، ووزير المالية، ومحافظ البنك المركزى، وعددًا من قيادات البنوك، وأجرينا جولات ميدانية مكثفة. والحمد لله، نجحنا فى إطلاق شبكة 'فيزا' فى السودان، من الصفر. أما فى دول المغرب العربى مثل المغرب وتونس والجزائر، فالوضع كان مختلفًا تمامًا. حتى عام 2021، لم تكن هناك بطاقات ائتمان فعلية (Credit Cards) متداولة، بل فقط بطاقات خصم مباشر (Debit Cards). وهذا نابع من تأثير الثقافة الفرنسية على أنظمة الدفع فى هذه الدول، حيث لم يكن هناك إيمان كبير بفكرة الشراء بالائتمان. ● حازم شريف: وماذا عن السوق المصرية؟ كيف رأيتها مقارنة ببقية الأسواق؟ أحمد جابر: السوق المصرية قصة مختلفة تمامًا وتستحق حلقة خاصة للحديث عنها تفصيليا، فى الفترة من أواخر 2018 وحتى 2021، كانت مصر تمر بمرحلة قوية جدًا من التحول الرقمى. أُطلق مشروع بطاقة 'ميزة'، وظهرت شركات ضخمة أصبحت من 'اليونيكورن' (شركات أصبحت تقدر بمليار دولار كقيمة سوقية)، مثل شركة 'فوري'. كانت هناك حركة غير مسبوقة فى السوق، ونمو سريع فى الطلب على الخدمات الرقمية. القيمة المضافة كانت حقيقية. الفرق بين الأسواق يظهر فى كل شيء: فى نموذج العمل، فى ثقافة المستخدم، وفى مستوى الوعى المالى. فى الخليج، كنت تقدم الخدمة لبنوك تعمل مع عملاء من جنسيات مختلفة، من الهند وباكستان وبريطانيا وغيرها، فكنت تتعامل مع خبرات متنوعة وثقافات متعددة، فلكل دولة طبيعتها وثقافتها. فى بعض الدول، كان علينا أن نبدأ من نقطة الصفر، وأن نقوم بتثقيف السوق بمفهوم الدفع الإلكترونى. ● حازم شريف: وكيف تعاملت مع هذا التنوع؟ أحمد جابر: هذا هو التحدى الحقيقى للقائد: أن يتأقلم مع كل بيئة، ويوجه الفريق بما يتناسب مع واقع السوق، مع الحفاظ على معايير الأداء العالية التى اعتدناها فى 'فيزا'. و'فيز'ا نفسها كانت تؤمن بأهمية تنقل المديرين بين المناطق كل 3 أو 4 سنوات، لاكتساب خبرات جديدة وتقديم رؤى مختلفة لكل سوق. شخصيًا، كنت دائمًا أتعلم من فرق العمل، وفى الوقت نفسه أحاول أن أضيف لهم شيئًا حقيقيًا. وهذا، فى رأيى، هو جوهر القيادة فى أسواق دائمة التغير. ● حازم شريف: فى بيئة العمل متعددة الجنسيات، ما الفائدة التى يمكن أن تجنيها مقارنة بالعمل مع فريق من جنسية واحدة؟ أيهما برأيك يثرى بيئة العمل بشكل أكبر؟ أحمد جابر: بالنسبة لى، أفضّل العمل مع فريق متعدد الجنسيات. ليس لأنه الأفضل دائمًا، لكننى شخصيًا أجد فيه ثراء فكريًا، لأن كل فرد يأتى من خلفية ثقافية مختلفة. على سبيل المثال، الأوروبيون لديهم طريقة تفكير وأداء مميزة، وكذلك الهنود والمصريون. هذا التنوع يخلق بيئة مليئة بالأفكار المتنوعة والأساليب المختلفة. أما الفريق الذى يضم أفرادًا من الجنسية نفسها، فله ميزات أخرى، خاصة إذا كان هناك تناغم قوى بين الأعضاء، مثل فريق رياضى متجانس. فمثلا لو جلبت أفضل اللاعبين فى العالم إلى فريق، لكنهم لم يتعودوا على بعضهم البعض، فإن أداءهم لن يكون بالكفاءة نفسها. لذا، التناغم داخل الفريق له دور كبير فى تحقيق النجاح. ● حازم شريف: بعد 16 عامًا من النجاح فى شركة 'فيزا'، لماذا قررت الرحيل؟ أحمد جابر: فى الواقع، لم أترك 'فيزا' بشكل مفاجئ. لقد قضيت 16 سنة فى الشركة، وكانت لدى الفرصة لخدمة العديد من دول الشرق الأوسط. لكن كل شخص يصل إلى نقطة فى مسيرته المهنية يتعين فيها أن يقرر ما إذا كان سيستمر أم لا، وكانت قد حانت تلك اللحظة فى حياتى. كانت مرحلة صعبة على المستوى الشخصى، خاصة مع احتياج والدتى، رحمها الله، لرعاية خاصة. فى تلك الفترة، كانت مهمتى فى الشرق الأوسط قد انتهت، وكان من الطبيعى أن أبحث عن فرص جديدة داخل 'فيزا'. ولكن التحدى كان فى الانتقال إلى دولة جديدة بعيدًا عن والدتى، وهو ما كان صعبًا للغاية. وعلى الرغم من أن 'فيزا' توفر فرصًا كبيرة فى عشرات الدول، فإن الظروف الشخصية جعلت الانتقال إلى مكان بعيد صعبًا. وفى تلك الأثناء، جاءنى عرض للعمل فى شركة 'The Entertainer'، وهى شركة عالمية تأسست فى دبى. ● حازم شريف: وماذا كانت مهمتك الأساسية فى 'The Entertainer'؟ أحمد جابر: كانت مهمتى فى 'The Entertainer' هى تسريع عملية التحول الرقمى للشركة. الشركة بدأت ككتاب يحتوى على قسائم شراء، وكانت فكرة بسيطة وناجحة: 'اشترى منتجًا واحصل على آخر مجانًا'. هذا الكتاب كان مشهورًا جدًا، خاصة بين المقيمين الجدد فى الإمارات. على سبيل المثال، إذا كنت فى دبى، كان الناس يوصونك بكتاب 'The Entertainer' كأداة لا غنى عنها. كانت قسائم الشراء هذه تتيح للناس مثلاً الحصول على وجبة إضافية مجانًا عند شراء وجبة أخرى فى المطاعم. لكن فى مهمتى الجديدة، كان التحدى يكمن فى تحويل هذه الفكرة إلى تطبيق رقمى بالكامل، بحيث يتم التحول من الدفع النقدى إلى الدفع الإلكترونى. إضافة إلى ذلك، كان من أهداف المستثمرين زيادة الربحية من خلال تحسين تجربة المستخدم والابتكار فى الكفاءة التشغيلية. ● حازم شريف: كم من الوقت قضيت فى شركة 'The Entertainer' قبل أن تبدأ فى تأسيس 'كور بي'؟ أحمد جابر: قضيت سنتين فى 'The Entertainer'، من بداية عام 2022 حتى نهاية عام 2023، وهى الفترة نفسها التى بدأت فيها التفكير الجدى لتأسيس 'كور بي'. منذ مغادرتى لشركة 'فيزا'، كان هدفى الواضح هو تأسيس شركة خاصة بى. وفى رأيى المتواضع، الذى قد يكون صوابًا أو خطأ، فإن أى شركة أو مشروع يجب أن يكون نابعًا من رغبة حقيقية فى حل مشكلة ماسة. فبدون مشكلة حقيقية لتقديم حلول لها، تصبح فرصة بقائك فى السوق مهددة. ● حازم شريف: إذن، ما المشكلة التى تسعى 'كور بي' لحلها؟ أحمد جابر: المشكلة التى كانت واضحة بالنسبة لى من خلال تجربتى الطويلة فى 'فيزا' هى سرعة تنفيذ الحلول فى القطاع البنكى. على الرغم من أن المنتجات التى تقدمها البنوك مثل بطاقات الدفع، ونقاط البيع، وماكينات السحب هى نفسها فى كل الأسواق، لكن المشكلة تكمن فى مدى سرعة تنفيذ هذه الحلول. بعض البنوك كانت تطلق المنتجات فى غضون ثلاثة أشهر، بينما كانت بنوك أخرى تستغرق سنة أو أكثر، وبعضها استغرق ثلاث سنوات. والغريب أننى وجدت أن هذه المشكلة ليست مرتبطة بالتكنولوجيا أو التمويل، لأن البنوك كانت تتمتع بملاءة مالية جيدة، والتكنولوجيا كانت متوفرة. المشكلة الحقيقية كانت فى العقلية: فى التنفيذ، التخطيط، البيروقراطية، والإجراءات. كنت دائمًا أتساءل: كيف يمكن لبنك فى دولة ذات اقتصاد غير قوى أن يطلق منتجًا بسرعة، بينما بنوك فى دول مستقرة اقتصاديًا تستغرق سنوات لتحقيق ذلك؟ ● حازم شريف: إذن، كنت تقول للبنك المتأخر فى تنفيذ الحلول: 'عندك مشكلة فى العقلية؟'! كيف كنت تطرح هذا الموضوع؟ أحمد جابر: بالطبع لا! لو كنت طرحت الأمر بشكل مباشر، لكان الاجتماع انتهى فى أول خمس دقائق! لكن الفكرة كانت تكمن فى معالجة هذه المشكلة دون التصريح بها بشكل صريح. كنت أؤمن بأن الحل يكمن فى تقديم شركة تجمع بين التقنية المتقدمة فى الحلول المالية الرقمية، وبين معالجة العوامل المؤثرة فى الأداء مثل التحليل، المتابعة، وهندسة الإجراءات، بالإضافة إلى تقديم الاستشارات. من هنا جاءت فكرة تأسيس 'كور بي'. اليوم، تقدم 'كور بي' توجهين رئيسيين فى عملها: الأول الحلول التقنية فنحن نقدم مجموعة من المنتجات التقنية التى تشمل: ‏Core Banking Solution: حل مصرفى شامل فى الوقت الفعلى عبر الإنترنت، يتمتع بأعلى درجات الأمان، يركز على العملاء ويغطى جميع الأنشطة المالية للمؤسسات. ‏Middleware Solution: حلول البرمجيات الوسيطة التى تتيح نقل البيانات والمعلومات بين الأنظمة المختلفة بطريقة آمنة وموثوقة. تصميم تجربة المستخدم (UX/UI): تصميم واجهات التطبيقات التى يستخدمها العملاء يوميًا، بحيث تكون أكثر سلاسة وفعالية. نحن فى 'كور بي' نصمم هذه المنتجات بأنفسنا، ونعتمد على فريق تقنى ضخم- ضمن آخرين- يضم أكثر من 100 مهندس ومبرمج مصرى من أفضل الكفاءات فى مجال التكنولوجيا. التوجه الثانى هو الاستشارات والتحليل المؤسسى: فنحن نركز أيضًا على تقديم استشارات وتحليل يساعد فى تحسين الأداء الإدارى والبشرى داخل المؤسسات المالية. فى هذا الجانب، نعمل مع البنوك وندير المشاريع من الألف إلى الياء، ليس فقط فى مجال المدفوعات أو التقنية، ولكن أيضًا فى إدارة الموارد البشرية، التوظيف، وتمويل الموظفين. لدينا فريق استشارى من محترفين ذوى خبرات قوية فى شركات كبيرة، وهم يعملون على تحليل بيانات المشاريع، وإعادة توجيه الإجراءات، وتقديم حلول مستدامة للتطوير المستمر. ● حازم شريف: ما الذى يميز 'كور بي' عن الشركات الأخرى فى هذا المجال؟ أحمد جابر: السر وراء قوة 'كور بي' يكمن فى الدمج بين الحلول التقنية والاستشارات. عندما يعمل فريق التقنية بلغة واحدة مع فريق الاستشارات، فإن الانسجام فى العمل يؤدى إلى تنفيذ أسرع وأعلى كفاءة. فعندما يكون لدينا هذا التكامل بين الجانبين، فإن ذلك يعزز من سرعة الإنجاز وفاعلية النتائج، 'كور بي' لا تقتصر فقط على تقديم الحلول التقنية، بل تساهم أيضًا فى تحسين البيئة التنظيمية والإدارية للمؤسسات المالية، مما يتيح لهم التكيف بسرعة مع التغيرات فى السوق وتحقيق نتائج مستدامة. ● حازم شريف: دعنا نلخّص الأمر، أنت لاحظت فراغًا حقيقيًا فى السوق من خلال تجربتك فى 'فيزا'، حيث كانت بعض المؤسسات المالية تتأخر فى التحول الرقمى، مما خلق فجوة فى التنفيذ. فقررت أن تلعب دور الوسيط والمستشار لتسريع العملية وتنظيم الهيكلة، مع تقديم الدعم التقنى فى الوقت نفسه. هل هذا صحيح؟ أحمد جابر: نعم، هذا صحيح جدًا. ● حازم شريف: كيف بدأت فى تأسيس 'كور بي'؟ أحمد جابر (مازحا): بصراحة، هناك الكثير من الكتب التى تحذر من ارتكاب الأخطاء الكلاسيكية فى ريادة الأعمال، لكننا تقريبًا ارتكبنا جميعها! ● حازم شريف: إذن ما أبرز الأخطاء التى وقعتم فيها، حتى يستفيد الآخرون منها؟ أحمد جابر: دعنى أبدأ بالأخطاء التى تعلمنا منها. أول شيء، فى تأسيس أى شركة، خاصة فى هذا المجال، يجب أن تكون أوراقك القانونية مكتملة %100. من المهم أن يكون لديك عقود جاهزة ومحامون مختصون يتعاملون مع جميع الجوانب القانونية، لأنك قد تجد نفسك فى موقف مفاجئ، مثل أن يأتى إليك بنك كبير يطلب التعاون، ويجب أن تكون جاهزًا لذلك. لحسن الحظ – أو لسوء الحظ – بعد تأسيس الشركة، جاءنا أحد أكبر البنوك فى السعودية، وربما فى الشرق الأوسط وقتها، وهو البنك الأهلى السعودى. كان البنك بصدد إنشاء بنك رقمى جديد، وطلب منا العمل على أول مشروع لهم: المساهمة فى تأسيس البنك الرقمى وتصميم التطبيق الإلكترونى الخاص به، الذى كان يسمى 'نيو'. وكانت لديهم أيضًا خدمة تحويل الأموال، وطلبوا منا تطوير تطبيق خاص بها. كانت هذه هى المرة الأولى التى نعمل فيها فى السوق، وكان ذلك فى يناير 2024، والشركة كان عمرها شهرًا واحدًا فقط! ● حازم شريف: هل اضطررتم لتغيير خططكم وتأسيس الشركة بطريقة مختلفة؟ أحمد جابر: نعم، اضطررنا للبدء فى السعودية على عكس خطتنا الأولية التى كانت تقضى بتأسيس شركة قابضة فى الإمارات. كانت الفكرة أن تكون الشركة الأم مسؤولة عن فروعنا المختلفة فى الأسواق. لكننا فوجئنا بأننا بحاجة لتوقيع عقد مع البنك خلال يومين فقط، فقررنا فتح شركة صغيرة فى السعودية. لم نأخذ محاميًا ولم نؤسس شركة قابضة كما كنا نخطط. دفعنا ثمن هذا القرار غاليًا، سواء فى الضرائب أو فى التعديلات التى كانت ضرورية على العقود فيما بعد. فى السعودية، مثلًا، يتم إنشاء الشركة باسم أحد أعضاء الفريق، وهذا يخلق تحديات كبيرة على المدى الطويل. ● حازم شريف: لكن فى النهاية كان المشروع مهمًا جدًا. فهل لو عاد بك الزمن، كنت ستكرر الخطأ نفسه؟ أحمد جابر: نعم، كنت سأكرر القرار نفسه، والغلطة نفسه، حتى لو كان ذلك مئة مرة. ● حازم شريف: هل تعتقد أن هناك أخطاء تستحق أن تُكرر فى بعض الأحيان؟ أحمد جابر: بالتأكيد. فى بعض الأحيان، تكون الأخطاء جزءًا من التجربة، وقد تعلمنا منها الكثير، وتداركناها فى الوقت المناسب، لكن فى تلك اللحظة، كانت الفرصة أكبر من أى مخاوف. ● حازم شريف: دعنى اتطرق إلى الخطأ الآخر الذى ذكرته، وهو 'الكاش فلو'. ماذا تعنى بذلك؟ أحمد جابر: هذه كانت ثانى أكبر مشكلة، عندما تعمل على مشروع ضخم مثل هذا، من الضرورى أن تعرف كيفية تأمين تمويل كافٍ فى الوقت المناسب لتغطية التزاماتك. فى مشروعات البنوك، يوجد عادة مرحلة طويلة من التقييم قبل البدء الفعلى فى التنفيذ، وهذه المرحلة تشمل: تقييم الوضع الحالى للبنك، وتقييم التقنية المتاحة، وتقييم فريق العمل، ووضع رؤية عامة وخارطة طريق، وإعداد إطار محدد للمشروع وتقديمه للعميل، التفاوض على الإطار، ثم توقيع العقد، وإصدار قرار الصرف، وأخيرًا، بدء التحصيل المالى. المشكلة أننا لم نقدر هذه المرحلة بشكل صحيح، كان لدينا تصور أن هذا سيستغرق شهرين أو ثلاثة، ولكن فى الواقع كان يستغرق من 4 إلى 6 شهور. هذا يعنى أننا كنا نشغل فريقًا كاملًا، ندفع له رواتب، نبنى تقنيات، نجهز حلولًا، وكل ذلك دون أن نحصل على أى مقابل مباشر. كان هذا استثمارًا فى الأمل والثقة، ولكن كان بحاجة إلى حسابات دقيقة وإدارة تمويل حذرة. ● حازم شريف: فى مرحلة التأسيس، هل كانت هناك صفقات بالفعل أم كنت فقط تقوم بالإجراءات؟ هل كان هناك مقابل مادى من البداية؟ أحمد جابر: لا، فى البداية كانت الصفقات 'بدون مقابل' البنك الذى تعاملنا معه فى البداية كان يرى أننا شركة جديدة، رغم أننا فى 'كور بي' نعتبر أنفسنا من أقدم الشركات الناشئة فى العالم! كان لدينا شراكة مع شركة 'Clifton Myers Enterprises (CME)'، وهى شركة أمريكية موجودة حاليًا فى لبنان، ولها خبرة تمتد لأكثر من 40 عامًا فى بناء التقنيات. استفدنا كثيرًا من التكنولوجيا التى وفرتها لنا الشركة لكن من منظور البنوك، كنا شركة ناشئة جديدة، لذا قال لنا البنك: 'أنتم ستعملون معنا مجانًا أولًا، إن وافقتم فهو كذلك!' وبالفعل، عملنا لمدة ستة أشهر تقريبًا بدون أى مقابل، وإذا سألتنى اليوم إذا كنت سأكرر هذه التجربة، أقول لك: نعم، بالطبع سأكررها، لأننا كنا واثقين من قدرتنا على النجاح، وبعد مشروعنا المجانى الأول، وصلنا اليوم مع خمسة عملاء إلى العقد رقم 100، ونحن لا نزال نوقع عقودًا جديدة حتى اليوم، خلال سنة وثلاثة أشهر فقط. ● حازم شريف: لنتحدث عن لحظة التأسيس، فهى لحظة مهمة جدًا، هناك من قد يظن أن الأخطاء التى ارتكبتها كانت تصرفات عشوائية، لكن الحقيقة أنك لست شخصًا جاء من 'الشارع' أو فكرت فجأة فى هذه الخطوة. لديك شركاء، ومعرفة، وعلاقات قوية جدًا فى المجال. لذا من الصعب أن أطلب منك أن تفعل شيئًا غير الذى فعلته. أحمد جابر: كلامك صحيح، وبالفعل كانت مخاطرة محسوبة، لكننى لم أتوقع أن تكون التكاليف بهذا الحجم. بدأت أدرك تمامًا معنى 'تضحيات المؤسسين'، كنت مضطرًا لبيع سيارتى فى مصر وأخرى فى الإمارات، بالإضافة إلى بيع عقار، كل ذلك من أجل تمويل المشروع. ● حازم شريف: من هم شركاؤك فى هذه الرحلة؟ وكيف تم تأسيس الشركة؟ وما تفاصيل هيكل الملكية ورأس المال؟ أحمد جابر: رأس المال الذى جمعناه استخدمناه بالكامل فى تطوير المنتجات، استثمرنا حوالى مليون دولار أنا والشركاء من أجل بناء أنظمة 'كور بانكنج' (Core Banking)، والحلول الذكية مثل 'ميدل وير'. أيضًا، أبرمنا وثائق تعاون مع شركات مثل 'بايمنتولوجي' لاختبار النظام الذى طورناه. كان نصيبى فى الشركة %33، كما كان لشركة 'CME' أيضا %33، وكان لدينا شريك سعودى كمستثمر مالى، وكان يمتلك خبرة كبيرة فى مجال التكنولوجيا. لكن بما أنه ليس معنا الآن، فأنا أود الحفاظ على خصوصية اسمه. كنا جميعًا شركاء مؤسسين. بدأنا فى تعيين المهندسين، وكان النواة الأساسية للفريق تأتى من شركة 'CME'، لأن لديهم خبرة عميقة فى مجال التكنولوجيا. كانوا يعرفون تمامًا كيف يديرون المشروعات، وكيف يقومون بتحليل البيانات، وتقديم خطط واضحة لضمان الجودة والخروج بمنتج متميز. جلبوا لى فريقًا من بيروت، وما زالوا يعملون معنا حتى الآن. لديهم معلومات مذهلة، وأنا ممتن لهم جدًا. شركة 'CME' تعمل فى عدة دول حول العالم مثل الولايات المتحدة، فرنسا، السويد، الإمارات، والصين، ولديهم خبرات كبيرة فى العمل مع شركات مثل 'باى بال'. ومع ذلك، استطعنا تكوين فريق قوى داخل مصر، حيث قمنا بتعيين حوالى 100 إلى 108 مهندسين مصريين. وأشعر بالفخر بما حققوه. ● حازم شريف: كيف يتم اختيار المهندسين فى 'كور بي'؟ أحمد جابر: التوظيف فى شركتنا معقد، لكننا نحرص على الحفاظ على أعلى مستوى من الجودة. جزء من عملية المقابلات يتم عبر تقنيات الذكاء الاصطناعى، حيث يُطلب من المتقدمين كتابة كود معين فى امتحان مدته ساعتان على الكاميرا. نسبة النجاح فى هذه المرحلة تتراوح بين 8 إلى %11 فقط، وهو ما يساعدنا فى ضمان أن لدينا أفضل الكوادر الفنية فى السوق. ● حازم شريف: إذن، كانت البداية مليئة بالتحديات، لكن اليوم أنتم تحتفلون بالعقد رقم 100. ما السر وراء هذه النجاحات السريعة؟ أحمد جابر: السر ببساطة هو الثقة فى قدراتنا، والتزامنا بتحقيق الجودة فى كل جانب من جوانب عملنا، من البداية وحتى اليوم. ● حازم شريف: عندما تكون فى مصر لاختيار مهندسين، هل تعتمدون على شركات توظيف، أم أن هناك طرقا أخرى لاختيار الكوادر؟ أحمد جابر: الحقيقة أنه ليس أنا من يقوم بذلك. لدينا فريق توظيف مكون من أربعة أفراد بالإضافة إلى مدير للموارد البشرية، وهم المسؤولون عن البحث العميق عبر مواقع مثل LinkedIn للعثور على الوظائف المطلوبة. اليوم، هناك أدوات حديثة تسهّل عملية التوظيف بشكل كبير. بعد البحث، يمر المرشحون بمجموعة من الإجراءات، تبدأ باختبار يعتمد على الذكاء الاصطناعى، ثم مقابلة تقنية، وفى النهاية مقابلة شخصية. فريقنا فى التوظيف لديه خبرة كبيرة، نظرًا لأن شركة 'CME' التى تعاوننا معها قبل تأسيس 'كور بي' كانت تدير نصف قوة العمل فى أسواق الشرق الأوسط من مصر. جلبنا العديد من المهندسين من مصر، وبعضهم من لبنان، وكنا نبرم تعاقدات مع شركات خارجية عندما نحتاج إلى سرعة فى التوظيف، خاصة عندما يكون لدينا مشروع يتطلب تعيين 50 شخصًا بسرعة. فى بعض الأحيان، نتعاقد مع شركات فى الهند لتوفير موارد بشرية مؤقتة لمدة سنة، خاصة عندما يكون مصير المشروع غير مؤكد. التعاقد المؤقت يكون شفافاً، مع ضمان المسؤولية عن الجودة. أما بالنسبة للمهندسين التابعين لنا بشكل دائم، فنعرف أنهم سيستمرون معنا لسنوات قادمة، وهذا ما يمنحنا الاستقرار فى فريق العمل. ● حازم شريف: ومن حيث هيكل الملكية، كيف تبدو الأمور اليوم بعد هذه التوسعات؟ أحمد جابر: اليوم، أصبحت الشركة مملوكة بنسبة %50 لى، و%50 لشركة 'CME'. وبعد سنة وثلاثة أشهر من التأسيس، أصبحنا قادرين على تغطية استثماراتنا بالكامل. ● حازم شريف: يبدو أنكم حققتم نجاحًا ملحوظًا فى وقت قصير. هل يمكننا الحديث عن الإيرادات التى حققتموها فى 2024؟ أحمد جابر: لا أستطيع الإفصاح عن الأرقام الدقيقة فى الوقت الحالى، لأننا فى محادثات استثمارية جارية وأنا مرتبط باتفاقية عدم إفصاح. لكن يمكننى القول إننا حققنا إيرادات تفوق توقعاتنا بشكل كبير. ● حازم شريف: وماذا عن التحديات التى ظهرت نتيجة هذا النمو السريع؟ أحمد جابر: الحقيقة أن النمو السريع خلق عبئًا كبيرًا علينا. عندما يكون لديك حوالى 200 موظف، من الصعب تخيل حجم الإيرادات التى تحتاج لتحقيقها لتغطية التكاليف. لدينا حوالى 100 موظف فى مصر، و40 فى بيروت، والبقية فى الهند والسعودية. الإيرادات فى السنة الأولى تجاوزت 10 ملايين دولار، وهو رقم كان مرعبًا بعض الشيء لنا، خاصة أننا كنا فى أول عام تأسيس، ولم نكن قد بنينا بعد الثقافة المؤسسية الكاملة داخل الشركة. ● حازم شريف: وكيف تم التعامل مع هذه التحديات؟ أحمد جابر: التحديات تم التعامل معها بفضل خبرة شركائنا فى 'CME'، الذين ساعدونا فى تحسين إدارة الجودة وتقنيات العمل. عملنا بسرعة على بناء محاور واضحة لأعمالنا، ووضعنا إجراءات داخلية قوية ورؤية واضحة. استفدنا بشكل كبير من تجربتهم، مما جعل عروضنا اليوم تضاهى فى جودتها منتجات شركات عالمية، وليس مجرد شركة ناشئة. ● حازم شريف: إذًا، هل تعتبرون أنفسكم شركة ناشئة، أم أنكم انتقلتم إلى مرحلة أخرى؟ أحمد جابر: فى الوقت الحالى، لم نعد نعتبر أنفسنا شركة ناشئة. نحن فى مرحلة 'التحجيم' (Scale-up)، بمعنى أننا شركة قائمة بذاتها فى مرحلة التوسع. اليوم، لدينا أكثر من 200 موظف ونعمل بشكل مريح على تلبية احتياجات السوق والنمو بشكل مستدام. ● حازم شريف: فى حال قررت جمع تمويل فى المستقبل، هل ستتوجه إلى رأس المال الجريء (Venture Capital)؟ أم أن هناك خطة للاعتماد على صناديق استثمار تقليدية أو مستثمرين ماليين عاديين؟ وما نوعية المساهمين الذين تخطط لجذبهم؟ أحمد جابر: وضعنا المالى فى الوقت الحالى جيد جدًا. طبعًا، هناك أشهر سهلة وأخرى صعبة، وهو شيء تعلمته كـرائد أعمال. عندما كنت موظفًا، كنت أنتظر نهاية الشهر للحصول على الراتب والإجازات، لكن اليوم أصبحت أقلق بشأن نهاية الشهر وأعمل على تأمين رواتب الأشهر المقبلة. الهدف الرئيسى لدينا هو جذب المستثمر الإستراتيجى، وهو الهدف الذى نتطلع إليه جميعًا. فى بعض الأحيان، عندما نحتاج فقط إلى سيولة نقدية، يمكننا الحصول على تمويل من أى مستثمر يقدم عرضًا ماليًا جيدًا. لكن إذا كان هناك مستثمر إستراتيجى مهتم فعلًا بالتحول الرقمى ويفهم ما نقوم به، ويساعدنا فى التوسع فى أسواق جديدة، فهذا هو النوع من المستثمرين الذى أود أن نعمل معه فى المرحلة المقبلة. ● حازم شريف: عند تأسيس 'كور بي' فى 2024، هل كانت الأسواق السعودية والإماراتية والمصرية ضمن خططكم المستهدفة من البداية، أم أن السعودية فرضت نفسها على أولوياتكم؟ أحمد جابر: الحقيقة أننا كنا مستهدفين هذه الأسواق الثلاثة من البداية: مصر، والسعودية، والإمارات. لكن بما أن آخر فترة لى فى 'فيزا' كانت فى مصر، كانت السوق المصرية هى الأولى استهدافا بالنسبة لى، لأسباب عديدة، أبرزها أن التحول الرقمى فى مصر يحدث بوتيرة سريعة جدًا، وهو وقت مثالى لشركات التكنولوجيا للانطلاق هناك. ● حازم شريف: بعد سنة وثلاثة أشهر من التأسيس، كيف تقسمون إيرادات الشركة بين الأسواق المختلفة؟ لا أقصد الأرقام، بل النسب فقط. أحمد جابر: حاليًا، السعودية هى السوق الأولى بالنسبة لنا، بحصة تتجاوز %90 من الإيرادات، أما الإمارات، فهى تمثل حوالى %10، وبالنسبة لمصر، حتى الآن لم نتمكن من توقيع أى صفقات، وأعتقد أن هذا يرجع إلى انشغالى الشديد بالسوق السعودية. فى الواقع، قضيت عامًا كاملاً فى غرفة فندقية فى السعودية، ولم أكن أتوقع أن يستغرق الأمر هذه الفترة. كلما انتهينا من مشروع، بدأنا فى آخر فورًا. ● حازم شريف: هل حقًا وصلتم إلى 100 مشروع فى السعودية؟ وهل هذه المشروعات مع البنك نفسه أم مع مؤسسات مختلفة؟ أحمد جابر: نعم، وصلنا إلى 100 مشروع فى السعودية، ومع أربع مؤسسات مالية رئيسية: البنك الأهلى السعودى، الشركة الوطنية للتمويل، بنك البلاد، وبنك رابع لا يمكننى الإفصاح عنه حالياً لأنه بنك رقمى جديد لم يُطلق رسميًا بعد فى السعودية. هناك مشروعات صغيرة قد تستغرق شهرًا أو أقل، ولكننا فخورون جدًا بمساهمتنا فيها حتى إن كانت جزءًا صغيرًا من كل مشروع. ● حازم شريف: ما الدرس الأهم الذى تعلمته من هذا النمو السريع خلال عام واحد؟ مجرد توقيع 100 عقد فى هذه المدة القصيرة هو أمر غير اعتيادى. أحمد جابر: النمو السريع خلال عام واحد كان درسًا مهمًا جدًا. ما تعلمته هو أنه عندما تنمو بسرعة، يجب عليك التوقف ومراجعة نفسك. يجب أن تسأل: أين نحن الآن؟ ما وضعنا الحالي؟ ويجب إعادة ترتيب الهيكل المؤسسى بالكامل. النمو السريع يتطلب بناء شركة منظمة تستطيع استيعاب هذا التوسع. اليوم، لدينا فرق فى الهند، ومصر، والإمارات، بالإضافة إلى موظفين من شركائنا فى 'CME'. والتحدى كان كيفية خلق تناغم بين هذه الفرق المتنوعة ثقافيًا. لذلك، قررنا فى الربع المالى الحالى ألا نبيع أى منتجات، بل اعتبرناها 'وقفة تعبوية' لإعادة بناء الهيكل المؤسسى بشكل مضبوط. عملنا مع متخصصين فى التخطيط الإستراتيجى، من بينهم محترفون من بنك استثمار جولدمان ساكس، لأنك لا تستطيع أن تكون خبيرًا فى كل المجالات. رغم أن 'فيزا' كانت لها الفضل فى تعليمى التخطيط الإستراتيجى فى جامعة هارفارد، إلا أننى أدركت أننى بحاجة للعمل مع أفضل المتخصصين فى هذا المجال. ● حازم شريف: هل استعنت بـInvestment Banker (مستشار مالى خبير) فى جولات التمويل أو التوسع الخاصة بشركتك؟ أحمد جابر: نعم، استعنا بمستشار متميز للغاية، وهو الأستاذ عادل أفيونى، الذى كان وزير الاستثمار فى لبنان سابقًا، هو عضو فى شركة CME، ويعد إضافة كبيرة لشركتنا، لديه خبرة كبيرة فى مجال الاستثمار فى السعودية ودول الخليج، وبدأنا نتحدث بأسلوب أكثر عقلانية بشأن الاستثمار، ورغم أن الموارد قد تكون مكلفة، لكن الاستعانة بشخص ذى خبرة يعطينا فرصة للتعلم المستمر وتطوير الأعمال. ● حازم شريف: ننتقل الآن إلى تجربتك العملية فى ثلاث أسواق مختلفة: مصر، السعودية، والإمارات. كيف ترى التحول الرقمى فى كل سوق على حدة؟ وما أبرز الملاحظات التى يمكن أن تشاركها معنا حول هذه الأسواق؟ أحمد جابر: التحول الرقمى بشكل عام، مثل العديد من الصناعات، يبدأ من الحكومة، لأن الحكومة تلعب ثلاثة أدوار رئيسية: التنظيم، تقديم بعض الخدمات الأساسية مثل جوازات السفر والتوثيق، وكذلك القدرة على التغيير والتطوير المستمر، أما الأهداف فهى زيادة الإنتاجية، رفع الكفاءة، وتسهيل الخدمة على المواطنين. فيما يخص مصر، أنا فخور جدًا بالتغييرات التى تحدث فى البنية التحتية، مثل المدن الجديدة، خطوط المترو، والمونوريل. التغيير أصبح واضحًا جدًا للجميع. ما نراه فى مصر هو مثال حقيقى على التحول الرقمى فى البنية التحتية. السعودية الآن تحتل المرتبة الرابعة عالميًا فى مؤشر الأمم المتحدة للخدمات الحكومية الرقمية، حيث أن %97 من الخدمات المقدمة للمواطنين هناك أصبحت إلكترونية. نموذج آخر يعجبنى هو دولة إستونيا، التى وصلت إلى %99 من خدماتها إلكترونية، رغم أن عدد سكانها لا يتجاوز مليون و700 ألف نسمة. ورغم أن السعودية كانت فى المرتبة الرابعة فى المؤشر فى السابق، أعتقد أنها ستتقدم للمرتبة الثالثة، وهى بالفعل رائدة فى مؤشرات أخرى كثيرة. ● حازم شريف: ما الذى يمكن أن تتعلمه الدول العربية الأخرى من التجربة الإستونية فى التحول الرقمي؟ أحمد جابر: تجربة إستونيا مذهلة. رغم أنها دولة صغيرة، لكنها استطاعت تحقيق تقدم هائل فى التحول الرقمى. فى السنة الواحدة فقط، توفر إستونيا إنتاجية تعادل 1400 سنة عمل بفضل تحولها الرقمى الكامل. ومن المهم أن نلاحظ أن هذا التحول لم يكن محصورًا فى قطاع معين، بل شمل جميع الخدمات الحكومية والأعمال، مما أدى إلى تحسين شامل فى مستوى الحياة الاقتصادية والاجتماعية. ● حازم شريف: شركتك تنقسم إلى جانب استشارى وآخر تقنى. ما أبرز المنتجات التى طورتها شركتكم، وهل هناك أمثلة على منتجات ساعدتم الآخرين فى بنائها؟ أحمد جابر: فى البداية، أخطأنا فى اختيار نموذج الأعمال. أسسنا الشركة على ثلاثة منتجات رئيسية: أولًا 'الكور بانكينج'، وهو الحل البنكى المركزى الذى يدير حسابات العملاء والمقاصة اليومية. ثانيًا، 'الميدل وير'، وهو حل يربط بين الأنظمة البنكية المختلفة، سواء داخليًا أو مع شركات عالمية. ثالثًا، تطبيق الهاتف الخاص بالبنك، الذى يعد من أكثر الحلول التقنية تعقيدًا. فى السنة الأولى، لم نبع أيًا من هذه المنتجات بالكامل، بل قمنا ببيع أجزاء صغيرة منها. اكتشفنا أن السوق لا تقبل الحزمة الكاملة دفعة واحدة، ولحسن الحظ أن خدماتنا قابلة للتفكيك والتخصيص. ● حازم شريف: من الغريب أنكم طوّرتم ثلاث منتجات رئيسية ولم تبيعوا أيًا منها بالكامل فى البداية! أحمد جابر: صحيح، كان هذا أحد الدروس المهمة لنا. بعنا فقط أجزاء صغيرة من المنتجات، وكان ذلك فى صالحنا. لو كنا تعاقدنا على أنظمة كاملة، كنا سنواجه التزامات ضخمة، وهو ما لم نكن نرغب فيه. المرونة فى التعامل مع الشركاء سمحت لنا بتقديم حلول تراعى هدفنا الرئيسى: تسريع التحول الرقمى ودعمه فى الأسواق التى نعمل فيها. ● حازم شريف: هل لا تزال تمارس الرياضة حتى الآن؟ أحمد جابر: نعم، أمارس الرياضة بشكل مستمر، وخاصة الملاكمة. ولكن فى شهر رمضان، لم أتمكن من التمرين. بدأت الملاكمة فى عام 2020، مع بداية جائحة كورونا. قبل ذلك، كنت أمارس الرياضة بشكل عام، مثل الذهاب إلى 'الجيم' أو الركض، أو حتى الاستعانة بمدرب خاص، كما يفعل الكثيرون للحفاظ على لياقتهم البدنية. فى عام 2020، صديقى العزيز شادى، وهو رياضى معروف، قال لى: 'هنبدأ نتخن، تعال نلعب بوكس.' وافقت على الفور، ورغم أن الصالات الرياضية كانت مغلقة بسبب الجائحة، لكن شادى كان يعرف شخصًا لديه صالة تدريب خاصة، بدأنا التدريبات مع الكابتن محمد رضا، بطل مصر فى الملاكمة، ومن ثم تطور الأمر إلى تدريبات فى الفنون القتالية المختلطة. الكثير من الناس يستهينون بالرياضة والموسيقى، لكن فى رأيى هما ضروريان للغاية. بالنسبة لى، الموسيقى تساعدنى على التفريغ الإيجابى للطاقة، الرياضة لها التأثير نفسه؛ تمنحنى طاقة وحافزًا لمواجهة التحديات. وكذلك القراءة، خاصة قراءة القرآن، فهى تسهم فى تقوية الروحانيات. لا أود تحويل الحديث إلى موضوع دينى، لكننى أؤمن بأن الروحانيات أساسية جدًا فى حياة أى إنسان، مهما كان دينه. كما قال ليو تولستوى فى كتابه 'اعتراف': 'لكى تكون إنسانًا متوازنًا، يجب أن يكون فى حياتك العمل والإيمان.' هذه العناصر معًا تشكل شخصية متوازنة وقوية. ● حازم شريف: التوازن بين العمل والإيمان كما ذكر تولستوى، هو فكرة رائعة لنختتم بها هذا الحوار المميز معك. واستمتعت بالحديث عن هذه الشركة.. ولكن هل هناك نية للطرح فى البورصة خلال الفترة القادمة؟ أحمد جابر: شكرًا لك، استمتعت بالحوار أيضًا. بالنسبة للطرح فى البورصة، الأمر لا يزال مبكرًا بعض الشيء، لكننا بالفعل نناقشه. بالطبع، هذا لن يحدث قبل دخول مستثمر. نحن الآن فى مرحلة حاسمة من عمر الشركة، وهى مرحلة 'أكون أو لا أكون'. التحدى الرئيسى الآن هو: هل سنتمكن من الحفاظ على ما بنيناه، أم ستواجهنا تحديات جديدة؟ ● حازم شريف: أنا شخصيًا متفائل جدًا بمستقبل شركتكم، خاصة أن لديكم خبرات قوية وتفكيرا إستراتيجيا فى جذب مستثمرين. خلفيتك القوية فى العمل مع شركات متعددة الجنسيات، بالإضافة إلى فريق قوى ومؤسسة راسخة، تجعلنى واثقًا من نجاحكم. أحمد جابر: إن شاء الله. وأتمنى من هذا المنبر أن نرى المزيد من التقدم التكنولوجى فى الدول العربية. لو تمكنا من توفير آلاف السنين من الإنتاجية عبر التحول الرقمى، وهذا ما سيحدث الفارق الكبير، وسيكون لذلك تأثير هائل على اقتصاداتنا ورفاهيتنا جميعًا.. فالرقمنة لم تعد اختيارًا للجميع. أطلقنا الشركة فى يناير 2024.. ووقعنا 100 عقد خلال 15 شهرًا فقط حققنا إيرادات تفوق 10 ملايين دولار فى عامنا الأول.. وما زلنا فى طور التأسيس عدد موظفينا تجاوز 200 فى 3 دول.. والهيكل المؤسسى ما زال قيد البناء بدأنا من مشروع «بدون مقابل».. واليوم نغلق مشروعًا كل أسبوع تقريبًا %90 من إيراداتنا حاليًا من السعودية.. ومصر لم نبدأ فيها بعد بنية البنوك التقنية ليست المشكلة… الأزمة فى سرعة اتخاذ القرار نعيد هندسة البنية الداخلية للمؤسسة بعض المشروعات تحتاج 6 أشهر للتقييم قبل تقاضي أول دفعة منتجاتنا قابلة للتفكيك.. والمصرف يشترى ما يحتاجه فقط السعودية فى المركز الثالث عالميًا فى التحول الرقمى الحكومي الرقمنة يمكن أن توفّر لمصر آلاف السنين من الإنتاجية سنويًا بعت سيارتى فى القاهرة والإمارات لتمويل أول مشروع لـ«كور بي» ارتكبنا كل الأخطاء الكلاسيكية فى ريادة الأعمال.. وتعلمنا منها بسرعة أبحث عن مستثمر إستراتيجى يفهم التكنولوجيا… لا مجرد ممول تعلمت الملاكمة فى أثناء كورونا.. والانضباط فى التدريب علمنى قيادة الفرق

أحمد على عبد الرحمن الرئيس التنفيذى للشركة لـ «CEO Level Podcast»: «البريد للاستثمار».. رحلة التحول من أنشطة الاستثمـارات التقليدية إلى أسلوب الإدارة المحترف
أحمد على عبد الرحمن الرئيس التنفيذى للشركة لـ «CEO Level Podcast»: «البريد للاستثمار».. رحلة التحول من أنشطة الاستثمـارات التقليدية إلى أسلوب الإدارة المحترف

جريدة المال

time١٧-٠٤-٢٠٢٥

  • أعمال
  • جريدة المال

أحمد على عبد الرحمن الرئيس التنفيذى للشركة لـ «CEO Level Podcast»: «البريد للاستثمار».. رحلة التحول من أنشطة الاستثمـارات التقليدية إلى أسلوب الإدارة المحترف

شهدت الحلقة الجديدة من برنامج 'CEO LEVEL PODCAST'، لقاءً موسعًا مع رئيس واحدة من أبرز الشركات فى قطاع الاستثمار، وهى 'البريد للاستثمار' والتى تأسست فى عام 2006 لتكون الذراع الاستثمارية للهيئة القومية للبريد. استضاف حازم شريف رئيس التحرير ومقدم برنامج «CEO LEVEL PODCAST» فى حلقة هذا الأسبوع، أحمد على عبد الرحمن، الرئيس التنفيذى لشركة البريد للاستثمار – PFI، المملوكة للهيئة القومية للبريد المصرى، والذى كشف عن مسيرة مهنية مميزة بدايةً من عمله فى القطاع المصرفى وانتقاله لمجال بنوك الاستثمار وحقوق الملكية فى مصر والخليج. تطرق عبد الرحمن خلال الحلقة إلى خطته فى تغيير الصورة الذهنية عن الاستثمار الحكومى وتنفيذ عمليات ناجحة وعوائد مجزية مستفيدًا من خلفيته الطويلة ببنوك الاستثمار والمؤسسات المالية والكبرى. وكشف عن الخطة التوسعية للشركة وحجم محفظتها الاستثمارية وسياستها الجديدة خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى كواليس الشراكة مع 'أكسا' لتدشين أول شركة تأمين متناهية الصغر والتى ستخلق بدورها فرص واعدة فى السوق المصرية، كما ستفتح آفاقًا جديدة للنمو فى هذا القطاع. وتحدث الرئيس التنفيذى للشركة عن مستهدفات عام 2025 والتى تتمثل فى إطلاق ذراع جديدة لإقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وإعادة هيكلة استثماراتها فى 'شاري' و'وان فاينانس'، بالإضافة إلى تأسيس كيان لرقمنة خدمات البريد المسجل. ويرى عبد الرحمن أن الانتشار الجغرافى هو مركز القوة الرئيسى لهيئة البريد والبريد للاستثمار، خاصة مع توافر قاعدة عملاء تصل إلى 20 مليون فرد. وإلى نص الحوار المتاح على قناة «ALMAL TV» بموقع «يوتيوب» ومنصات البودكاست والتواصل الاجتماعي. ● حازم شريف: ضيفى اليوم ينتمى إلى القطاع المالى بمختلف أنواعه، وهو من ذوى الخبرات المتعددة والتى تخطت 25 عامًا، معنا أحمد على عبد الرحمن، الرئيس التنفيذى لشركة البريد للاستثمار، الذراع الاستثمارية للبريد المصري.. أهلًا بك. أحمد علي: أشكرك على الاستضافة الكريمة، وأهلا بك. ● حازم شريف: بدايتنا الكلاسيكية هى التعريف بالضيف، أنا أعرفك جيدا والقطاع يعرفك، لكن الشريحة الأوسع سيكون لديها الشغف أيضًا، وبالتالى نود أن نعرف من هو أحمد على عبد الرحمن؟ أحمد علي: تخرجت فى كلية التجارة جامعة القاهرة، دفعة عام 1990، وبعد قضاء الخدمة العسكرية التحقت بالعمل فى القطاع المصرفى، وتحديدًا البنك المصرى الأمريكى، والمعروف حاليًا بــ'كريدى أجريكول'، واستمر عملى هناك لمدة 5 سنوات. عملت بعد ذلك فى العديد من القطاعات حتى وصلت إلى قطاع ائتمان الشركات، ثم التحقت بالعمل فى 'سيتى بنك' خلال عام 1997 فى المجال نفسه لمدة عامين، حتى بدأ قطاع أسواق المال فى مصر مع قانون 95 لسنة 1992 والتى نشط بعدها نشاط قطاع البورصة وأسوق المال والصنادق، فانتقلت حينها إلى شركة 'برايم' وذلك فى عام 1999، وكنت مسئولًا عن نشاط بنوك الاستثمار على مدار 5 أعوام، وقتها كانت فترة رواج لسوق المال وكانت تلك الفترة بمثابة نهاية مرحلة وبداية رحلة جديدة لأسواق المال، انتهى بطرح 'أوراسكوم تيليكوم:. ● حازم شريف: تعنى ما حدث من رواج للاكتتابات فى هذه الفترة ثم انتهى؟ أحمد علي: نعم، كانت البورصة نشطة، حتى أحداث 11 سبتمبر 2001، والتى كانت بداية لركود عالمى استمر حتى التصحيح مع بداية برنامج الإصلاح الاقتصادى فى 2003. ● حازم شريف: هذه أسوأ فترة عاصرتها من 2001 حتى 2004، مع حرب الخليج الثانية، ولم تكن هيّنة حقًا وجرى التعويم الأول وقتها. أحمد علي: بالفعل هى من أصعب الفترات، ولكنى أعتقد أن برنامج الإصلاح المصرفى الذى قام به الدكتور فاروق العقدة وقتها، حتى إنه عندما حدثت الأزمة المالية فى 2008 لم تتأثر بها مصر، وأتذكر التاريخ فى فبراير 2003، بدأ التغيير وعملية تخفيض قيمة العملة، ووقتها كنت فى دبى، فى 'برايم'، وقررت أن أنتقل إلى الاستثمار فى الصفقات بدل من بيع الصفقات، وكانت الفرصة مع إحدى الشركات العائلية فى السعودية. ● حازم شريف: أى فى سوق جديدة بتحديات مختلفة. أحمد علي: كان هذا جزءًا من التحفيز، بينما كان الفرق الأساسى أن طبيعة عملى فى مصر كانت فى اتجاه البيع، بينما دورى فى السعودية كان الاستثمار فى صفقات، وأشير إلى أن السوق المصرية حين كانت الأنشط فى المنطقة، متقدمة للغاية عن الأسواق الخليجية. وبحلول 2005 تقريبًا، ظهر قانون سوق المال فى السعودية، واستدعوا وقتها أهم صناع السوق من العالم؛ لدراسة الأسواق المحيطة والعالم، وقيّموا أغلب التجارب، وكانت النتيجة هذا القانون. ومن أهم دوافعى أيضًا أن هذا العرض تزامن مع الاكتتاب العام لشركة الاتصالات السعودية 'STC' فى عام 2003، وكان بمثابة ثورة فى البورصة السعودية، ومنها بدأت الدورة الاقتصادية، والتى انتهت فى 2008. ● حازم شريف: فى أى الشركات العائلية كنت تعمل؟ أحمد علي: 'سعد جروب'، وأغلب طبيعة عمل هذه العائلات كانت فى القطاع العقارى، وقطاع سوق المال، أى الاستثمار فى الأسهم والمحافظ؛ ولكنها لم تمثل لى نقلة بالمعنى الحرفى، على الرغم من أننى أستثمر مع كبار المستثمرين الموجودين فى العالم وليس فى مصر فقط، وكانت تجربة هائلة؛ ولكننى لم أشعر بالانتماء للمؤسسات العائلية. بعد فترة طلبت 'برايم' منى العودة للانضمام إليهم فى ظل توسعاتهم بالإمارات؛ لرئاسة عملياتهم، فقضيت معهم تقريبًا من 2006 حتى 2008 – الأزمة المالية العالمة، حيث شهدنا فترة للفوران والركود، وكل المؤشرات كانت تشير إلى خطورة الموقف عالميًا، ثم حدث الانهيار المفاجئ بينما لم يكن الناس ينتبهون. وتأثرت الإمارات بشكل أسوأ عن أسواق المنطقة، وهو ما أشعل الأسواق العالمية والمحلية، وارتفعت أسعار المنتجات والأصول وحتى البورصة، ولم تكن عادلة أبدًا.. على عكس ما حدث فى مصر، ولم يكن أثرها متداعيًا علينا. وكانت 'بلتون' من بين الشركات فى الإمارات، وفى 2008 قاموا بإعادة هيكلة، وانضممت إليهم. ● حازم شريف: أى أنك انتقلت من 'برايم' إلى 'بلتون' فى الإمارات؟ أحمد علي: نعم، قضيت سنة ونص، وعندما كانت بدايات 2009 بدأت الأسواق تتعافى، وتستعيد جزءًا مما فقدته، وفى ظل هذا الهدوء، عرضت على 'كامكو للاستثمار' تعيينى كرئيس تنفيذى للشركة فى مصر، فى ذلك الوقت كانت تتوسع بقوة، وتأثرت بالأزمة المالية العالمية، وكانت الشركة لديها بالفعل رخص إدارة الًاصول وبنوك الاستثمار والسمسرة، وكانت لديهم الخطة لتأسيس بنك استثمار متكامل 'full-fledged investment bank'. ثم عرضوا عليّ تولى مهام الرئيس التنفيذى للشركة فى مصر، فى أبريل 2010، ووقتها كنت أتابع وأؤمن بتطور السوق المصرية من قبل الأزمة المالية العالمية؛ لأننى بدافع ممارسة عملى أتابع الأسواق الأخرى، ويمكننى أيضًا أن أرى العوامل ومصادر القوة. ● حازم شريف: لا أود أن أتخطى شيئًا، وذكرت جملة سأتوقف عندها، أنك مؤمن بالسوق المصرية والنجاح فى السوق المصرية يكون ملموسًا، وبعيدًا عن الديباجة، ما الفرق بين النجاح فى مصر أو فى دولة أخرى بالخليج مثلا؟ أحمد علي: فى هذه المرحلة لم تكن الأسواق الأخرى تشهد مثل النجاحات التى تحدث فى مصر، وفى 2005 كانت بداية التحديات التى حدثت فى سوق المال فى السعودية، بأحجام تداول مهولة، مع تقنين سوق المال والأنشطة، فحدث تنظيم للقطاعات الأساسية، وهى الأسهم والعقارات، وسبقتهم الإمارات قليلًا، ولكنك هنا أمام أسواق مختلفة بقوانين مختلفة إلى حد بعيد. ويحب ألا نغفل أن حجم السوق نفسها مهم، فالإمارات كسوق تختلف عن السعودية ويختلف عن مصر، وبالتالى فإن تنوع حجم السوق مع تنوع درجة رقابتها وتنظيمها، يؤثر بطريقة أو بأخرى. ولكن اليوم، السعودية أصبحت فى مكان آخر، ونحن إلى حد ما تراجعنا، والفكرة أن تلك الفترة التى تحدثنا عنها، كانت هناك رقابة للسوق المصرية ترى الفرص الموجودة، وهذه الفرص – كما قلت – هى الحجم، والتنوع والموارد ودرجة التعليم، بالإضافة إلى العلاقة والتعرض إلى مؤسسات دولية ومستثمرين أجانب. وكل هذه العناصر لم تكن موجودة فى هذه الأسواق فى ذلك الوقت، وبالتالى كان لدينا من عناصر القوة التى تجعلنا منافسًا ومعيارًا للأسواق الأخرى، وهذا ما دفعنى للعودة إلى مصر فى أبريل 2010. ● حازم شريف: وعُدت إلى مصر كعضو منتدب لـ'جلوبال إنفست هاوس'؟ أحمد علي: نعم، وتحوّلت بعدها إلى 'كامكو للاستثمار'، وهى إحدى قصص النجاح والفشل فى آن واحد بدأت مع الألفية الجديدة ثم تحولت إلى أحد أكبر مديرى الأصول والاستثمارات المباشرة والسمسرة والأبحاث فى المنطقة، وتوسعوا توسعًا غير مدروس، متزامنًا مع الانتعاش الذى شهدته الأسواق الخليجية، فحدث الانفجار. ● حازم شريف: وهل كانوا يستثمرون فى الأسهم الخاصة؟ أحمد علي: كل شيء، كانوا مديرى أصول ومديرى أموال ولهم استثمارات مباشرة، وكانوا أصحاب الاستثمار أى أنهم المصدر والعميل، أى أنه كان يدير أمواله وأموال غيره، وعندما حدثت صدمة 2008، كان تأثيرها مدمرا على الشركة، وقامت بإعادة هيكلة كاملة، تخارجوا من الكثير من الأسواق بعدما كانوا داخل 40 سوقا، وهذا أيضًا رقم كبير على شركة لم تكمل 10 سنوات وانتهى بها الأمر أنها بمرحلتين من إعادة الهيكلة، المرة الأولى حدثت فى 2008، وقد وضعت البنوك قيودا بسبب الدين على الميزانية العامة للشركة. ● حازم شريف: قبل استكمال قصة 'جلوبال'. ألاحظ أغلب تجارب الاستثمار المباشر فى المنطقة لم تحقق المرجو منها، ولا أحصى أسماءً، ولكن شركة 'أبراج' مثلًا باعتبارها مثالًا واضحًا، ما نموذج شركة الاستثمار المباشر الذى تراه ناجحًا فى المنطقة بآخر 20 سنة؟ أحمد علي: فى رأيى الشخصى، ما حدث لـ'أبراج'، يتعلق بممارسات غير منضبطة من القائمين عليها فى هذا الوقت، ولكن كنموذج عمل يتعلق باستثمار أموال الآخرين وفى خلق قيمة وتعظيم هذه القيمة والتخارج الناجح، أعتقد أن 'أبراج' كانت من أنجح التجارب. والدليل اكتسابهم رؤوس أموال ومستثمرين من كل الجهات، وآخرهم 'بيل جيتس'، وهو ما حدثت بسببه المشكلة، وبالتالى فنموذج العمل نفسه ناجح، وتنفيذه كان نجاحًا؛ ولكن فى بعض الوقت، ما يحدث أنك بعدما تصدق نفسك، وتعتقد أنك يمكنك التغلب على أى مشكلة، يمكننا أن نقول إنه 'جنون العظمة'، وفى هذه المرحلة تشعر وكأنك فوق المراقبة، ولا تسمح لأى مستثمر أن يشكك فى مصداقيتك، وهذا هو السبب الأساسى للمشكلة. ● حازم شريف: ولكن كان هناك مشاكل قانونية؟ أحمد علي: ما حدث أشار إلى سوء الإدارة والحوكمة، ولكن كنموذج عمل فهو ناجح. ● حازم شريف: نستنتج أنك ترى أن 'أبراج' هو أنجح نموذج عمل تم تطبيقه، بغض النظر عن النهايات التى آلت إلى محاكمتهم أمام القضاء الأمريكي. أحمد علي: بالضبط، ويوجد نماذج عمل أخرى، ولنضع فى الاعتبار أن نموذج عمل الاستثمار المباشر أو الملكية الخاصة يعتمد فى الأساس على القيمة الحقيقية التى تقدمها، وله عوامل أساسية، فى البداية تقديم رأس المال، والاستثمار فى الشركات فى مراحل محددة بالأخص فى مراحل النمو والتوسع، ثم الجزء الثانى من الخبرات الفنية الموجودة بفريق العمل إستراتيجيًا وفيما يتعلق بالتشغيل ومؤشرات كفاءة معينة والتوسع فى الأسواق، وعملية نقل المهارات المتكاملة والخبرات إلى فريق الإدارة، وهذا هو الهدف الأساسي. ● حازم شريف: نعود إلى 'جلوبال' فى أبريل 2010، أخبرنى ماذا حدث؟ أحمد علي: كنت محظوظًا جدًا؛ لأننى رجعت إلى مصر مع 'جلوبال' فى أبريل 2010، وكل الرخص كانت موجودة، وبدأنا فى إعادة الهيكلة، وبناء وتنظيم فريق العمل، مع اهتمامهم الشديد بالإعلام والترويج للشركة، حصلنا على أول عملية مع 'بلتون' فى اكتتاب 'عامر جروب'، وكان بمثابة إنجازًا كبيرًا، إذ إن خلال هذه الفترة من 2008 إلى 2011 لم تحدث اكتتابات غير 'عامر جروب'. ● حازم شريف: فى أى شهر كان ذلك، وكيف كان المشهد وقتها؟ أحمد علي: فى نوفمبر 2010، وقمنا بحملة ترويجية قوية، وتمت تغطية الاكتتاب لأكثر من 4 و5 مرات، وجمعنا تمويلًا ضخمًا من الكويت والإمارات، وتم الطرح فى 2011، مع انتشار حالة 'لا سلم ولا حرب'، ولا أحد يستطيع فهم أو توقع أى شيء. وكانت الرؤية وقتها أن ننتظر حتى يتضح المشهد السياسى، وبالتالى تم طلبى للعمل فى فرع الشركة فى السعودية مع فريق عمل كامل وكبير. ● حازم شريف: وهل أغلقت الشركة مكتبها بمصر؟ أحمد علي: اتفقنا وقتها أن يكون المكتب قيد الانتظار، وحافظنا على نشاطى إدارة الأصول والسمسرة كما هما، أما بنوك الاستثمار فكنت مسؤولًا عنها فى مصر والسعودية، وذهبت فى 2012 إلى المكتب فى السعودية حتى 2015 لتولى مهام الرئيس التنفيذى هناك. وأول قرار اتخذته هو إغلاق نشاط السمسرة، بعد تجارب سابقة، لأن السوق السعودية غير المصرية فى هذا الوقت، إذ يتحكم فيها القطاع المصرفى، من خلال الشركات الخاصة به، ويعتمد اعتمادًا كليًا وجزئيًا على عملاء القطاع المصرفى. وقتها لم يكن نموذج السمسرة ناجحا فى السعوديةً، لما له من خسائر مالية كبيرة، مع عدم وجود فرصة مناسبة فى السوق السعودية، ودعمتنى الإدارة فى هذا القرار، ثم ركزنا على إدارة الأصول وبنوك الاستثمار، بنموذج عمل بسيط. وبعد 2013، وبعد أحداث الثورة، بدأت مصر تستقر وكنا نستعد للمؤتمر الاقتصادى فى 2015، وأشير هنا إلى الاختيار الثانى، بعد العودة أول مرة فى أبريل 2010 إلى مصر، وكان رهانى عليها دائما، وعدت مرة أخرى فى 2015، وأيضاُ مازال رهانى فى محله. وفى ظل السنوات الثلاثة فى السعودية، وصلت الأصول تحت الإدارة إلى حوالى 300 مليون دولار، وحققنا التصنيف الأول بالنسبة للشركات المستقلة، فكان نموذج العمل فريدا من نوعه، وبالنسبة لى كانت تجربة مختلفة. وفى 2015 كانت الرؤية متفائلة؛ بسبب المؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ. وكانت فترة مبشرة بالخير، وحتى ردود الأفعال السعودية كانت متوجهة لحضور المؤتمر، فكان قرارى بالعودة لمصر. ● حازم شريف: وهل عدت بدون أى عروض أخرى؟ أحمد علي: هذا ما حدث، وعدت متوجهًا إلى المؤتمر فى شرم الشيخ. وقد شجعت حالة التفاؤل العامة الكثيرين للحضور والاطلاع على ما سيُقدم، وبدأت فى رحلتى مع شركائى فى شركة 'صميم'، وكنت أعرف خالد راشد وقد عملنا سويًا من قبل حتى اتضحت فكرة المستثمر النشط. ● حازم شريف: حتى تتضح الصورة لمشاهدينا، فإن شركة 'صميم' هى شركة هدفها الاستثمار فى الشركات المقيدة فى البورصة بأسلوب الاستثمار النشط، ويتمثل فى الاستحواذ على حصص فى شركات، ثم الضغط لتعديل الإستراتيجية الخاصة بها، لتحقيق عوائد، والتخارج بعدها. أحمد علي: الفكرة نفسها كانت محفزة، وخالد كان صاحب الاقتراح والفكرة، وقمنا بالتخطيط ودراسة نماذج العمل العالمية؛ لأن المستثمر النشط من أحد المعايير الأساسية لنجاحه، أن تكون لديه المنظومة متكاملة، ولهذا حقق نجاحًا فى الخارج؛ لأنهم بدأوا فى تطبيقه منذ زمن، وأعتقد أن من الدروس المستفادة أن تبحث عن جاهزية السوق لهذا النوع من الاستثمار. ● حازم شريف: عندما تقارن بين تطبيق نماذج العمل عالميًا وتطبيق المنظومة فى مصر.. ما الذى يجعل السوق غير جاهزة للاستثمار؟ أحمد علي: أعتقد أن أحد الأسباب الأساسية هو التطور فى الإطار التشريعى الذى يحمى حقوق الأقلية، ودعنى أوضح أننا من سنة 92، تطورنا مع الوقت، ولكن حدثت حالة من الركود والتثاقل، إذ إن هناك عدم تقبل لثقافة دخول حصة الأقلية إلى مجالس الإدارات، وعلى الرغم من الاتفاق مع المساهمين بشروط محددة، إلا أن hostile takeover ليست فكرة مرحب بها بين حصص الأغلبية أن تقوم باستحواذ عكس رغبتهم. ● حازم شريف: حتى نوضح هذه الفكرة 'hostile takeover' هو نوع من الاستحواذ يعتبر عدائيًا، أى يتم دون الاتفاق مع المساهمين الرئيسيين. أحمد علي: نعم، وكان نموذج العمل بسيطًا جدًا، وكنا ندرس الشركات الموجودة بأقل من قيمتها الحقيقية، وقمنا بحصر السوق ووجدنا أكثر من 35 شركة، إذ كنا نتابع روافد النمو والتوسع فى هذا الوقت، والتى تمثلت فى الأنشطة المالية غير المصرفية، بما فيها من فرص واعدة، واخترنا شركة 'برايم'؛ لأنها كانت إحدى الشركات المهيأة للاستفادة من هذه الطفرة، بالإضافة إلى علامتها التجارية القوية، بالإضافة لمعرفتى السابقة بقدرات فريق العمل، ومما أثار انتباهنا، أن الشركة بها سيولة تعادل القيمة السوقية لها أو تزيد عليها. ودعنى أوضح أيضًا أن هناك فرقا بين أن أستثمر فى شركة وأديرها لفترة قصيرة، وبين أننى أخوض استثمارًا؛ لأنفذ خطة تضيف قيمة على المدى البعيد للشركة، وكمجموعة شركاء كانت هذه رؤيتنا تجاه جميع أنشطة الاستثمار منها غير المصرفية ومنها سوق المال؛ لنتوسع من خلالها، فدرسنا الشركة وقمنا بتحليلها، ثم استثمرنا بها، وعندما وصلنا لـ%5 أعلنّا، وتحدثنا إلى الإدارة المتمثلة فى المساهمين الأساسيين، وبلغناهم خطتنا وكان هناك ترحيب فى البداية. ● حازم شريف: ومتى تخارجت من هذه الشركة؟ أحمد علي: لقد أسسنا «صميم» فى 2016، ورفعنا رأس المال واستثمرنا، ثم قضينا مع الإدارة التنفيذية حوالى سنة ونصف من المناوشات والشكاوى فى هيئة الرقابة المالية وحضرنا فى الجمعيات للاعتراض على القرارات، وضغطنا فى هذه المعركة، وكنّا أحد الأسباب الأساسية لصدور قانون التصويت التراكمى والتمثيل النسبى، وهو يعطى الأقلية حق التمثيل بنسب معينة فى مجلس الإدارة، وكان هذا أصل الخلاف وبعدها شعرت أننا وصلنا لحائط سد، فقررت التخارج، وبالنسبة لى كان القرار مبنيا على عدم الاستعداد للتعامل مع هذه البيئة، ثم فى 2018 عملت مع 'بلتون'. ● حازم شريف: وأى وظيفة توَليت؟ أحمد علي: كنت نائب الرئيس التنفيذى ورئيس قطاع الاستثمار، وقد تم الاستحواذ على 'بلتون' فى فترة سابقة، من قبل 'نجيب ساويرس' ومجموعة 'ACT'، وكان الهدف التوسع إقليميًا، وكانوا قد استحوذوا على شركة 'أورباخ جرايسون' للسمسرة فى أمريكا وقاموا بمجموعة طروحات مثل 'ابن سينا' و'إم تى آى MTI'، فكانت الشركة 'نجمة صاعدة'، ثم طرحنا 'كونتاكت – CONTACT'، وواجهنا بعض المشاكل، حيث اعتذر الفريق وقررت الاستمرار. وتعيّن إبراهيم كرم رئيسًا تنفيذيًا وكنت قد عملت معه فى السابق، وكانت أهدافه فى التوسع، ووضعنا خطتنا فى 2020، وشرعنا فى بناء منصة لإدارة الأنشطة المصرفية والمالية الدولية، بدأنا بشركة تأجير وتمويل استهلاكى، المعروفة اليوم بـ'SEVEN'، ثم أسسنا شركة تأجير، وأخرى لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة، وما كدنا نؤسس شركة تمويل عقارى حتى تفشى وباء كورونا فى 2020، وقرر المساهم الرئيسى لأسباب مختلفة أن يغير إستراتيجيته، وتخارج لصالح 'شيميرا' الإماراتية، ومن ناحيتى، قررت البحث عن تحدٍ جديد، حتى انتقلت إلى 'البريد للاستثمار'. ● حازم شريف: ومنذ متى انضممت إليهم؟ أحمد علي: انضممت إليهم فى مارس 2023. ● حازم شريف: وماذا كانت طبيعة هذا العرض أو التصور؟ أحمد علي: كانوا يبحثون عن رئيس تنفيذى جديد، وكانت الشركة تمر بمرحلة انتقالية وكانوا بحاجة لإدارة قادمة من داخل الصناعة ذات خلفية استثمارية، والتوجه نحو تحويلها لشركة استثمارية، قد يصل بها إلى طرح جزءٍ منها فى البورصة، كان توجها إستراتيجيا بعيد المدى. ● حازم شريف: إذا وصفنا الشركة بأنها الذراع الاستثمارية، لماذا تحتاج هيئة البريد لأن يكون لها ذراع استثمارية؟ أحمد علي: شركة البريد للاستثمار تأسست فى 2006، وكان الهدف منها الشراكة مع القطاع الخاص، إذ أرادت الحكومة المصرية المساهمة مع الشريك الإماراتى فى رخصة المحمول المُصدرة فى 2006 وهى 'اتصالات مصر'، فتأسست 'البريد للاستثمار' ككيان ذى غرض خاص للدخول فى هذا الاستثمار. ● حازم شريف: وأصبحت حصتها %20 فى 'اتصالات مصر' أى أنها شركة عملاقة منذ تأسيسها. أحمد علي: هذا كان أول استثمار وظلت الشركة هكذا حتى الموجة الثانية من الاستثمارات فى بدايات 2015 حيث بدأت استثمارات مختلفة فى قطاعات مختلفة. وأصبحت الشركة الامتداد الطبيعى لـ'البريد'، وتقدم خدمات وتضيف قيمة، ولكن من خلال شركات منفصلة وليس من خلال 'البريد'، فأسست كيانات تقوم على خدمة أعمال الهيئة القومية للبريد، فبدأت بشركات نقل أموال، وحراسة، ونظم معلومات، وتوريدات. ● حازم شريف: عندما بحثت عن 'البريد للاستثمار' لم أستوعب بشكل كامل حجم الأعمال التى تقوم بها، فلنوضح لمتابعينا طبيعة استثمارات الشركة؟ وإذا ما كانت رؤيتك فى الاتجاه نفسه أم قررت تطويرها؟ أحمد علي: البدايات الأولى فى تأسيس 'البريد للاستثمار' انتهت، وتم تحقيق الهدف منها ثم تطورت الشركة لمرحلة تالية لتصبح ذراعًا خدمية للهيئة القومية للبريد، وأسست – كما قلنا – شركات للمقاولات، ونقل الأموال، والحراسة، ونظم المعلومات. وكان الهدف تأدية الخدمة بجودة وكفاءة أعلى. واستمرت الشركة على هذا المنوال من قبل انضمامى، متجهين نحو الخروج عن منظومة البريد وبدء المنافسة فى القطاعات نفسها، فأصبحت هناك قاعدة أساسية وخبرات متقدمة واستقرار يجعلك تستطيع التوسع والمنافسة داخل السوق، وأعتقد هذا هو الاتجاه الأساسي. ● حازم شريف: عندما انضممت إلى الفريق، كيف كان وضع الشركة بشكل عام؟ وكيف كان وضع السيولة؟ والاستثمارات المختلفة الموجودة فعليًا؟ وما رؤيتك التى حددتها مع الإدارة؟ أحمد علي: أحد أهم الروافد الأساسية للشركة كان حصتها فى شركة 'اتصالات'، التى وفرت عوائدها سيولة فى الشركة، سمحت لها بالاستثمار فى الشركات سابقة الذكر، وبحلول 2022 كانت القيمة الدفترية للاستثمارات حوالى 6 مليارات جنيه. ● حازم شريف: وهل قمتم بتقييم الشركة فى البداية؟ أحمد علي: قمنا فيما بعد بذلك، ووضعنا سياسة استثمارية واضحة، وكان الهدف أيضًا واضحًا، لأننا الذراع الاستثمارية للبريد؛ ولكننا فى الوقت نفسه نمارس نموذج عمل الملكية الخاصة أو الاستثمار المباشر، وبالتالى تنوعت استثماراتنا بكل القطاعات، بفضل الخبرات والكوادر المتنوعة، وكان هذا تحديًا فى خلق فريق عمل حاضر فى الصناعة ولديه خلفية استثمارية وبنوك استثمار، وبدأنا ندرس الـ DNA للهيئة القومية للبريد؛ لنستطيع تنسيق هذه الخبرات مع المحفظة القائمة، بالإضافة إلى عناصر القوة متمثلة فى الانتشار، وقاعدة العملاء، وأيضا العلامة التجارية والثقة التى يدعمها العملاء. واعتمدنا على تلك العوامل مع المحفظة وفريق العمل لتحقيق مستهدفاتنا ولتحقيق سياسة استثمارية واضحة. ● حازم شريف: وما محددات هذه السياسة؟ أحمد علي: 'نحن نستثمر فى أغلبية وليس فى أقلية'، على عكس الأسهم الخاصة، إذ إن نظام الأسهم الخاصة التقليدى يدفع نحو الاستثمار بحصص الأقلية فى الشركة بمحددات أساسية، ولا أعتقد أن تجربة الأقلية قد نجحت فى السوق المصرية أو فى أسواق المنطقة. وكان أهم أسباب هذه السياسة أنها تعطيك القدرة والمرونة للتحرك ومواجهة أى تغيرات على مستوى الاقتصاد الكلى أو حتى على المستوى التنفيذى والتشغيلى وتغيير الاستراتيجية، وهذا ما تعلمته من التجربة. وحتى إذا استثمرنا بحصص الأقلية فإنها تكون مؤثرة، ويوجد محددات واضحة واتفاق لحدود كل مساهم أو شريك فى التصرف والقرار بالشركة. ثانيًا، الدراسة أوضحت أن لدينا خبرات متراكمة ومحافظ قائمة فى نشاطين أساسيين، وهما النشاط المالى بكل ما يتعلق به من إقراض واستثمار وإدارة اصول، والآخر هو القطاع اللوجستى، ولدينا فيه تجربة شركة البريد للتوزيع، وهى إحدى كبرى الشركات العاملة فى مجال والتابعة لهيئة البريد المصرى، ووضعنا الخطوط العريضة للقطاعات وركزنا على الـ FINTECH، وحددنا الاستثمارات وحصلنا على الموافقات الداخلية وموافقة الهيئة القومية، وبدانا العمل بالفعل. ● حازم شريف: قمتم بتحديد مبدأ الاستثمار بالأغلبية، وحددتم حالات الأقلية لضمان قدرتكم على السيطرة أو التحكم، ثم حددتهم القطاعين المالى واللوجيستى، ولكن بدون وضع حجم للاستثمارات فى كل شركة سواء كبيرة أو صغيرة. أحمد علي: هذ الأمر كان يمكن القيام به وكذلك ضخ الأموال وقت بناء الشركة على الورق، لكننى حاليًا أمتلك محفظة استثمارات فى شركات متنوعة، وبالتالى من الصعوبة تحديد قيمة معينة للاستثمار فى كل شركة أرغب فى الدخول بها. ● حازم شريف: هل تخارجكم من 'تمويلي' كان له علاقة بهذه السياسات؟ أم كانت فرصة مناسبة؟، وما ظروف التخارج؟ أحمد علي: نعود مرة أخرى إلى نموذج العمل التقليدى، والذى تمثله دورة رأس المال فى الاستثمار المباشر، وهى الدورة الاستثمارية بين 5 إلى 7 سنوات. 'تمويلي' كانت ظروفها مختلفة، وكنا قد وصلنا لدورة رأسمال متكاملة، ونمتلك %30 من 'تمويلي' من 2017، وكانت رؤية جميع الشركاء واحدة ومتفقة إستراتيجيًا، مع شريك متفاهم وهو 'NI CAPITAL'. ● حازم شريف: 'NI' هى الذراع الاستثمارية لبنك الاستثمار القومى. أحمد علي: نعم، وقمنا بهذا الاستثمار فى 2017 حتى جاءت فرصة مناسبة للتخارج منها، بحلول 2023 وفى أواخر 2024 تخارجنا منها، وأصبحت 'تمويلي' مثالا حيا وواضحا لنموذج العمل الخاص بنا والذى نرغب أن نسير عليه فى الفترة المقبلة. 'نحن نستثمر لخلق قيمة طبقًا لسياسة وإستراتيجية واضحة ثم أقوم بتعظيم هذه القيمة عن طريق اسمى التجاري'، وخلق القيمة فى حالة 'تمويلي' تم من خلال علاقة مباشرة بتمثيل من مجالس الإدارات المختلفة، إذ إننا لا ندير فعليًا حتى وإن كنا ضمن مجالس الإدارة، فاختيار المديرين هو العامل الأساسى لنجاح أى استثمار من عدمه، وكذلك التناسق والتناغم بين المساهمين، بالإضافة إلى خطة عمل واضحة قابلة للتغيير طبقا للتغيرات والتحديات التى تواجهنا، وفى النهاية يجب أن تكون نية التخارج موجودة؛ لأن الهدف هو إعادة ضخ دورة رأس المال فى فرص استثمارية أخرى، وبذلك تصبح 'تمويلي' حالة واضحة لنموذج العمل الناجح الذى نرغب تقديمه. ● حازم شريف: كيف تتعامل مع الاستثمارات القائمة بما يتمشى مع السياسات الحالية للشركة؟ بمعنى أنه إذا كانت لديك حصة صغيرة فى أحد الاستثمارات دون وجود تأثير فعلى لكم، فهل تفكرون فى بيع هذه الحصة أو الاستحواذ على نسبة أكبر منها؟ أم أنك وضعت خطًا واضحًا بين ما تم قبل تطبيق السياسة الجديدة وما بعدها؟ أحمد علي: لا بالعكس، وبالمناسبة أنت تطرقت إلى نقطة مهمة والتى ربما تعتبر أحد التحديات التى واجهناها لفترة طويلة والمتمثلة فى كيفية دمج المحفظة الاستثمارية القائمة حاليًا بتشكيلاتها وتنوعاتها المختلفة مع الإستراتيجية الجديدة، ومن هنا كان لابد من وجود توجه إستراتيجى على مستوى أعلى، بحيث يتم تحديد ماهية الاستثمارات التى تتمشى مع تلك الإستراتيجية وكذلك ما الذى ينبغى التخارج منه، فليس بالضرورة أن تكون ملائمة لنا بالكامل الآن. وبناءً على ذلك قمنا بتقسيم المحفظة الخاصة بنا إلى جزء أطلقنا عليه استثمارات إستراتيجية وتشغيلية، وركزنا على الجزء الذى يخدم قطاعات الهيئة بالكامل، وهو قطاع مهم وإستراتيجي. ● حازم شريف: سبق أن مرت أمامى أمثلة تاريخية لشركات تم إنشاؤها بغرض خدمة الهيئة أو الشركة أو حتى الكيان الأكبر وهو ما يُعد تحديًا، لأن الانطباع السائد فى مثل هذه الحالات هو ضمان ايرادات كبيرة فى البداية على أن يتم التوسع لاحقا، لكن الواقع كثيرًا ما يخالف ذلك، فهل ينطبق هذا النموذج عليكم؟ وإذا كانت الإجابة بنعم، فهل أنت راضٍ عن هذه الحالة؟ أحمد علي: لا.. بالتأكيد لن أكون راضيًا عن تلك الحالة وهى غير موجودة لدينا بالمناسبة، وأود أن أوضح أن هناك فرقًا كبيرًا بين النظرة إلى الأمر من زاوية المستثمر أو المساهم فى مجلس الإدارة والذى يمارس ضغطًا أو يدفع نحو اتجاه معين، وبين التنفيذ الفعلى على أرض الواقع بواسطة الإدارة، فالدور الإشرافى والرقابى لفريق العمل يتمثل فى الضغط المستمر فى الاتجاه الذى تتبناه. وأعتقد أنه قبل أن أتولى المسئولية كان هناك توجه بالخروج من المنطقة المضمونة الخاصة بالاعتماد على الهيئة، لأسباب قد تتعلق بمخاطر مختلفة مرتبطة بنمو 'البيزنس' نفسه والقابلية للتوسع خارج إطار المنظومة ذاتها، فهناك أسباب كثيرة تدعم فكرة أن ذلك يمثل تحديا كبيرا. والسؤال هنا هل نجحنا فى ذلك؟ أعتقد أننا حققنا نجاحًا مقبولًا ومازلنا نطمح لتحقيق المزيد، وبصفتك مساهم أو ممثل للشركة لدى مجلس الإدارة ومن خلال فريق إدارة المحفظة فإنك مطالب دائما بأن تضغط فى الاتجاه الذى يحقق هذا الهدف وهو ما يمثل تحديًا ولكن النجاح يُقاس بنتائج الأعمال ونسبة المكون الخارجى ضمن 'Capital Business' الحالي. وأنا أعتقد أن نسب الإنجاز التى تحققت حتى الآن تُعد جيدة رغم أنه قد يكون هناك تفاوت فى مستويات الأداء من إدارة إلى أخرى، فمثلًا القطاعات المرتبطة بالتكنولوجيا والـ'System Integration' والـ'Managed Services' قد يكون لديها فرصة أكبر للنمو من شركات مرتبطة بقطاعات أخرى مثل نقل الأموال. ● حازم شريف: القيمة الدفترية لأصول الشركة تمثل نحو 6.2 مليار جنيه.. كم عدد الشركات التى تندرج تحت هذه القيمة ضمن محفظة استثماراتكم؟ أحمد علي: نحو 18 شركة. ● حازم شريف: وما عدد الشركات التى تعمل فى مجال الخدمات اللوجستية والمالية؟ أحمد علي: نمتلك نحو 5 شركات تعمل فى قطاع الخدمات المالية، من بينها شركة لإدارة الأصول تم تأسيسها خلال العام الماضى، وهى تحقق نتائج جيدة من حيث حجم الأموال المُدارة والتنوع. وتتركز أنشطة هذه الشركات فى قطاعات الخدمات المالية غير المصرفية، مثل التمويل الاستهلاكى، وذلك بعد تخارجنا من شركة 'تمويلي' المعنية بالتمويل المتناهى الصغر، كما نملك شركتين فى قطاع الملكية الخاصة ورأس المال المخاطر 'Venture Capital'، بالإضافة إلى شركة متخصصة فى إدارة الأصول. ● حازم شريف: 5 شركات حاليا فى القطاع المالى من أصل 18 شركة.. وماذا عن الكيانات التى تعمل فى مجال الخدمات اللوجستية؟ أحمد علي: نمتلك حاليًا شركتين فقط فى الخدمات اللوجستية، وهو القطاع الذى نرى ضرورة التوسع والنمو به بشكل أكبر، ولذلك نقوم حاليًا بدراسة إطلاق شركتين جديدتين فى هذا الشأن. ● حازم شريف: لديكم حاليًا 7 كيانات من أصل 18 شركة تتمشى مع الإستراتيجية الحالية.. فهل هناك نية للتخارج من الـ 11 المتبقية، أم أن الوضع سيبقى كما هو عليه؟ مع الأخذ فى الاعتبار أن من بين هذه الشركات 'اتصالات'، والتى أعتقد أن التخارج منها غير مطروح نظرًا لطبيعة القرار السيادى المرتبط بها، وبالتالى إذا تم استبعادها فماذا عن باقى الاستثمارات؟ أحمد علي: كما ذكرت مسبقًا، ليس من الضرورى أن نتخارج من الاستثمار ولكن الأهم هو تعظيم العائد من هذا الاستثمار، لأن هناك حالات تكون فيها مستثمرا سلبيا 'Passive Investors' أى مجرد متلقٍ، ومع ذلك يمكننا خلق قيمة مضافة من خلال التكامل والتنسيق مع باقى شركات المحفظة، وقد شهدنا هذا النموذج فى عدد من الشركات مثل 'تمويلي' قبل التخارج منها. ● حازم شريف: لكن أليست شركة 'تمويلي' كانت تصلح بأن تستمر وفقاً لاستراتيجيتك؟ أحمد علي: نعم، وبالمناسبة هو ليس قرار تخارج، بل بالعكس هو قرار خلق قيمة، وتلك القيمة ستأتى من خلال التوسع فى المنظومة غير البريدية، وبالتوازى مع عمل شراكات إستراتيجية. وأعتقد أن أحد المحددات الأساسية للإستراتيجية الخاصة بنا، هو كيفية تعظيم الأصول المتاحة من خلال الدخول فى شراكات، لنتمكن من خلق قيمة والوصول إلى حد ما من الخبرة فى قطاع معين مغاير للتحدى الخاص بالنمو خارج نطاق البريد، لكنه يتمتع بمقومات واضحة للنجاح. ومن ضمن الأمثلة على ذلك شراكتنا الإستراتيجية مع شركة التأمين متناهى الصغر 'AXA'، والتى تُعد ضمن المبادرات القوية التى قامت بها الهيئة العامة للرقابة المالية فى إطار تقنين قانون التأمين الأخير والفصل بين الخدمات، ويعتبر القانون بمثابة طفرة إذ سيكون أول تشريع مقنن ومستقل على مستوى العالم لشركات التأمين متناهى الصغر. وأود أن أؤكد أن هذه الشراكة بين 'AXA' والهيئة القومية للبريد ستخلق بدورها فرصة كبيرة واعدة فى السوق المصرية، وستفتح آفاقًا جديدة للنمو فى هذا القطاع. ● حازم شريف: هل تم الاستقرار على اسم الشركة؟ أحمد علي: ليس بعد. ● حازم شريف: هل تم تحديد رأسمال الشركة؟ أحمد علي: لقد حددنا 100 مليون جنيه كرأسمال للشركة وقت توقيع عقود التأسيس، وبعد الانتهاء من اللائحة التنفيذية للتشريع الجديد، أقر القانون أن الحد الأدنى 70 مليون جنيه، وبالتالى يمكن أن يتجاوز رأس المال هذا المبلغ. ● حازم شريف: كم تبلغ نسب الشراكة؟ أحمد علي: %51 لشركة البريد للاستثمار، و%49 لشركة 'AXA'، وهذه الشراكة تتسق مع إستراتيجيتنا التى تحدثت عنها مسبقا بأن نمتلك زمام الإدارة مع وجود الشريك الإستراتيجي. ● حازم شريف: وهل ستكون هذه أول شركة تأمين متناهية الصغر؟ أحمد علي: نعم، ونحن تقدمنا بطلب للحصول على ترخيص للشركة. ● حازم شريف: ومتى سيتم الحصول على الترخيص؟ أحمد علي: أعتقد خلال النصف الثانى من العام الجاري. ● حازم شريف: هل ستستخدم الشركة الجديدة مقار فروع البريد؟ أحمد علي: لا، فالشركة ستكون مرخصة ومنفصلة تمامًا، والهدف الأساسى من الشراكة مع الهيئة القومية للبريد هو تعظيم قاعدة العملاء والفروع، وأود أن أنوه بأن البيانات الخاصة بعملاء البريد تتمتع بسرية كاملة ولا تتم مشاركتها، بل يُركز التعاون على تعظيم الأصول وتعزيز الوجود فى السوق. وأود الإشارة مجددًا إلى سبب اعتبارنا شركة 'تمويلي' نموذجا لقصة نجاح، هو أن أحد الروافد الأساسية لنمو 'تمويلي' كان الهيئة القومية للبريد، من خلال الوجود الفعلى فى الفروع واستخدام الشركات الصغيرة والمتوسطة (SMEs) والشركات 'المايكرو' التى تعمل مع الهيئة، كما أنه تم تنفيذ %63 من عمليات الصرف والتحصيل من خلال فروع الهيئة القومية للبريد، وهو ما أضاف قيمة حقيقية للشركة بفضل وجود البريد للاستثمار كشريك إستراتيجى، وهذا النموذج نسعى لتكراره. ● حازم شريف: إذن، لدينا شركة تأمين التمويل متناهى الصغر بالشراكة مع 'أكسا' والتى لم يتم الإعلان عن اسمها حتى الآن، وقد سبق أن صرحت بأن هناك 5 شركات تعمل فى قطاع الخدمات المالية وتُعد هذه الشركة واحدة منها.. فماذا عن الكيانات الأربعة الأخرى؟ أحمد علي: لدينا شركة 'ستاندرز' والتى تُعد واحدة من أكبر مقدمى خدمات إدارة المنشآت. ● حازم شريف: هل شركة 'ستاندرز' لها علاقة بالخدمات المالية؟ أحمد علي: لا ليست لها علاقة بذلك. ● حازم شريف: لكن هل هناك شركة ضمن الخمسة كيانات لها علاقة بالقطاع المالي؟ أحمد علي: نعم هناك شركة 'وان فاينانس'. ● حازم شريف: وما النشاط الأساسى لشركة 'وان فاينانس'؟ أحمد علي: متخصصة فى التمويل الاستهلاكي. ● حازم شريف: حدثنا عن الوضع الحالى لشركة 'وان فاينانس'؟ أحمد علي: 'وان فاينانس' تم تأسيسها فى عام 2020، وبدأت نشاطها الفعلى فى 2021، وهى شركة صاعدة فى مجال التمويل الاستهلاكى، بالشراكة مع 'إن آى كابيتال'. ● حازم شريف: ما حجم الحصة المملوكة للشركة فى 'وان فاينانس'؟ أحمد علي: نمتلك نسبة %39 تقريبًا. ● حازم شريف: وماذا عن شركة 'إن آى كابيتال'؟ أحمد علي: 'إن آى كابيتال' و'أيادي' يمتلكان النسبة المتبقية والبالغة %61. ● حازم شريف: لكن لدى انطباع بأن شركة 'وان فاينانس' لم تحقق نقلة نوعية واضحة فى السوق منذ عام 2020، فهل هذا الانطباع دقيق؟ أحمد علي: لا، ولكن ينبغى النظر إلى طبيعة القطاع ذاته، فالقانون المنظم لهذا النشاط لم يصدر إلا فى عام 2018، بينما تأسست شركة 'وان فاينانس' فى عام 2020، وبدأت ممارسة نشاطها فعليًا بعد عام من التأسيس، وبالتالى فإن عمر الشركة لا يتجاوز الـ 4 أعوام. واليوم أصبحت الشركة تحقق أرباحًا فعلية، وقد تجاوز حجم إصداراتها حاجز الـ 2.5 مليار جنيه، كما أنها مدعمة بهيكل رأسمالى قوى إلى حد كبير، فضلًا عن أنها شهدت مؤخرًا تغييرًا على مستوى الإدارة، إلى جانب رفع حجم رأس المال. ● حازم شريف: كم بلغ حجم رأس المال بعد الزيادة؟ أحمد علي: 400 مليون جنيه. ● حازم شريف: هل هناك أى إصدارات جديدة مستهدف إطلاقها قريبًا تتعلق بالتوريق أو شيء من هذا القبيل؟ أحمد علي: نحن بالفعل أتممنا عمليتى توريق، إحداهما نفذت خلال العام الماضى، والأخرى فى العام الجاري. ● حازم شريف: هل من المخطط تنفيذ عملية توريق جديدة؟ أحمد علي: نعم، فهذا يأتى ضمن برنامج مدته 3 أعوام، ومن المقرر إجراء عملية توريق فى نهاية 2025، فالأمور تسير فى الاتجاه الصحيح، ولابد أن نوضح أن قطاع التمويل الاستهلاكى واجه تحديات كبيرة بداية من عام 2024، خاصة مع رفع سعر الفائدة. ● حازم شريف: هل تعتبر أن التباطؤ فى النمو ميزة؟ أقصد أنكم قمتم بتغيير الإدارة التنفيذية وذلك بالتأكيد لأسباب، وفى الوقت ذاته ترى أن حالة التباطؤ بمثابة ميزة ولذلك يُمكن القول إنك محظوظ، إذ إن الأمور انقلبت لصالحك فى التوقيت المناسب. أحمد علي: لا، لأنه فيما يتعلق بالتباطؤ الذى شهده عام 2024، أعتقد أنه لم تكن هناك شركة توقعت ما سيحدث فى ذلك العام عندما كانت تضع خططها خلال 2023. ولكن إذا نظرنا بشكل عام سنجد أنه فى العام الماضى، بلغ حجم الإصدارات حوالى 80 مليار جنيه، وهذه الصناعة تم تقنينها فى 2018، وكانت واحدة من أكثر الصناعات نموًا وتسارعًا خلال السنوات الأربع أو الخمس الماضية، وأعتقد أن 2025 سيكون أفضل مع التوقعات بخفض أسعار الفائدة. ● حازم شريف: وما حجم حصتكم السوقية فى عام 2024؟ أحمد علي: لا أتذكره حاليًا. ● حازم شريف: أتوقع أنه كان محدودًا؟ أحمد علي: أعتقد أن حصتنا أقل من %4. ● حازم شريف: إذن لديكم %4 من الـ 80 مليار جنيه؟ أحمد علي: يجب الأخذ فى الاعتبار أن السوق يمكن أن تُقاس بعدة طرق، منها حجم الإصدارات الجديدة أو حجم المحفظة. ● حازم شريف: كم يبلغ حجم المحفظة؟ أحمد علي: فى عام 2024 بلغ 1.7 أو 1.9 مليار تقريبًا بما يمثل نسبة من 2.5 إلى %3. ● حازم شريف: ما المستهدف لحجم المحفظة خلال السنوات الثلاث المقبلة؟ أحمد علي: معظم الشركات فى هذا القطاع تنظر عند تخطيطها المالى إلى القيمة المضافة من خلال النمو فى حجم المحفظة، وهناك أكثر من 40 شركة تعمل فى السوق حاليًا، وأعتقد أنه فى عام 2025، ستختفى من 10 إلى 15 شركة نتيجة للتحديات المختلفة، وبالمناسبة فهذا أمر صحى للسوق على المدى الطويل، خاصة أن التوريق لم يعد سهلًا كما فى السابق، ولذلك فاللاعبون الذين يقفون على أرض صلبة ويدعمهم شركاء أقوياء سيكونون الرابحين. ● حازم شريف: ما معدل النمو المستهدف للمحفظة؟ أحمد علي: نستهدف الوصول إلى 3 مليارات جنيه فى عام 2025، أى بنمو نسبته %50. ● حازم شريف: هل خروج تلك الشركات سيُتيح فرصة للاستحواذ على محافظها؟ أحمد علي: رغم حداثة الصناعة، فإن عمليات الاستحواذ التى تم تنفيذها فى هذا القطاع محدودة، لأنك فى النهاية تشترى محفظة، ومدى جودتها يُعد عاملًا مهمًا، ربما تكون الفرص أفضل لمن يأتى من خارج القطاع. أما بالنسبة لنا، إذا كنا نرغب فى مضاعفة حجم محفظتنا من 2 إلى 4 مليارات جنيه مثلا، فمن الأفضل التفكير فى منتج جديد ومختلف وفريق عمل أكثر كفاءة، لذلك لا تشهد الصناعة الكثير من الاندماجات أو الاستحواذات. ● حازم شريف: سؤالى الأخير فى هذا الشأن، هل تستخدم فروع البريد فى الترويج للتمويل الاستهلاكي؟ أحمد علي: لدينا خطة بهذا الشأن، ومع تغيير الإدارة والتحديات التى واجهناها فى 2024، فإن هدفنا هو تعظيم أصول البريد، سواء على صعيد الفروع أو قاعدة العملاء. ● حازم شريف: هل سيكون هناك منتج جديد؟ أحمد علي: نعم. ● حازم شريف: ما طبيعة هذا المنتج؟ أحمد علي: كنا نفكر فى منتج جديد لطرحه فى السوق منذ فترة، وهو عبارة عن بطاقة (كارت) يتيح للمستخدم شراء السلع وتقسيط ثمنها. ● حازم شريف: هل من الممكن أن نرى خدمات تأمين متناهى الصغر وتمويل استهلاكى فى مكاتب البريد بالصعيد؟ أحمد علي: نعم، هذا موجود. ● حازم شريف: نعود إلى 'الكارت' الذى تحدثت عنه منذ قليل فهو متوفر حاليًا فى السوق من خلال عدة شركات مثل 'فوري'.. ولكن أرى أن ميزة البريد هى الانتشار الجغرافى، أليس كذلك؟ أحمد علي: نعم، هذه نقطة القوة الأساسية لدينا، ونموذج عمل 'فوري'- من وجهة نظرى- مختلف إذ يركز على الشركات، أما إستراتيجيتنا فهى موجهة للأفراد والمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر خاصة أننا نمتلك قاعدة عملاء تصل إلى 20 مليون عميل، وأغلب استثماراتنا فى إدارة الأصول أو التخصيم سواء التى تمت خلال العام الماضى أو المرتقبة ستخاطب هذه الفئة. ● حازم شريف: هل لديكم شركات أخرى تعمل فى مجال الخدمات المالية؟ أحمد علي: لدينا 'وان فاينانس' والشركة القابضة 'شاري'، وهى مختصة فى الخدمات المالية غير المصرفية بالشراكة مع أحد البنوك التجارية، وتعمل فى نشاطين هما التمويل متناهى الصغر والتمويل الاستهلاكى، وللعلم هدفنا لم يكن التواجد فى كيانين يمارسان النشاط نفسه. ● حازم شريف: هل تعتزم التخارج من شركة 'شاري' منعًا لتعارض المصالح؟ أحمد علي: لا، ولكن الشركة حاليًا فى مرحلة إعادة هيكلة، إذ نمتلك %17 من 'شاري'، وهناك شركاء آخرون. ● حازم شريف: وما اسم البنك التجاري؟ أحمد علي: البنك المصرى الخليجى، وكان الهدف حينها هو تفعيل التعاون مع الهيئة القومية للبريد من خلال هذا الاستثمار، إذ واجهنا بعض التحديات التكنولوجية فى ذلك الوقت وتم تغيير الإدارة، وبدأنا فى تنفيذ إعادة هيكلة والتى بدأت تؤتى ثمارها حاليًا، وأعتقد أننا نسير فى الطريق الصحيح. ● حازم شريف: أحتاج إلى توضيح أكثر.. تخيل أننى عضو مجلس إدارة فى البنك المصرى الخليجى، وأراك تعقد شراكة مع 'أكسا' للتأمين، وتؤسس شركة تمويل استهلاكى، وتجلب إدارة جديدة، إذن لماذا عقدت مع البنك تلك الشركة؟ أحمد علي: لكن هذا الاستثمار لم يحدث اليوم. ● حازم شريف: نعم، لكن هناك تضارب مصالح أليس كذلك؟ أحمد علي: بالطبع، هناك تضارب ولو عدنا بالزمن للوراء لم أكن سأقوم بالاستثمارين معًا. ● حازم شريف: ولكنك لم تكُن موجودًا حينها على حد علمي. أحمد علي: بغض النظر إن كنتُ موجودًا أم لا. ● حازم شريف: وما الذى ستُسفر عنه إعادة الهيكلة؟ أحمد علي: الهدف الأساسى هو خلق قيمة لأن الهيكلة ستحقق هذا الهدف. ● حازم شريف: هل تفكر فى بيع 'شاري'؟ أحمد علي: للعلم أحد السيناريوهات المطروحة هى البيع، ولكن هناك زاوية أخرى أنه يُمكن أن تُحقق الشركة عوائد، أو يمكن أن نتخارج من الشركة الأولى التى تعمل فى النشاط نفسه. ● حازم شريف: وماذا عن الشركتين الرابعة والخامسة؟ أحمد علي: لدينا شركة إدارة الأصول. ● حازم شريف: ما طبيعة عملها؟ وهل تُدير صناديق عادية؟ أحمد علي: نعم، هى شركة مُرخصة من الهيئة العامة للرقابة المالية وتُدير محافظ وصناديق. ● حازم شريف: ما حجم الأصول التى تقع تحت إدارتها؟ أحمد علي: أفضل عدم الإفصاح عن الرقم فى الوقت الحالى، فمعظم الشركات لا تفصح عن حجم المحافظ، وللعلم ما يتم إعلانه من خلال الجمعية المصرية لإدارة الاستثمار يخص الصناديق فقط وليس المحافظ، ونحن لا نمتلك حتى الآن صناديق، بل محافظ مؤسسية فقط. وأود التنويه بأن السبب وراء تأسيس شركة لإدارة الأصول أن هناك جانبا آخر مرتبطا بها يتمثل فى شركة التوزيع ذاتها، وهى كيان تم إنشاؤه بالتعاون مع 'إن آى كابيتال'، وكان الهدف من تدشينها الحصول على رخصة التوزيع لصناديق الاستثمار. ● حازم شريف: هل يمثل هذا النشاط شركة منفصلة عن إدارة الأصول؟ أحمد علي: نعم منفصلة تمامًا. ● حازم شريف: وإدارة الأصول مملوكة لك بالكامل؟ أحمد علي: نعم. ● حازم شريف: وشركة التوزيع مناصفة بينكم وبين 'إن آى كابيتال'؟ أحمد علي: نعم، وكان ذلك جزءًا من التمرين الإستراتيجى لبناء منصة استثمارية متكاملة هدفها الأساسى هو خدمة الأفراد، ولذلك كان من الضرورى أن نمتلك ذراعا للتوزيع وقررنا بالتالى الاستحواذ على حصة 'إن آى كابيتال' وهو ما حدث بالفعل فى العام الماضى وأصبحت الشركة مملوكة لنا بالكامل. ● حازم شريف: هل هناك شركات جديدة تستهدف تأسيسها فى مجال الخدمات المالية خلال الفترة المقبلة؟ أحمد علي: كما ذكرت سابقًا، نحن نطمح إلى تغطية جميع مجالات الخدمات المالية غير المصرفية، ولذلك هناك قطاعات جديدة نحتاج إلى الدخول بها خاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر والذى يُعد قطاعا حيويا ومهما، ويزخر بالفرص. ● حازم شريف: هل تقصد شركات مختصة بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة؟ أم شركات تأمين مثلًا؟ أحمد علي: أقصد تأسيس شركات تخاطب قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر (SMEC)، وقد يتضمن ذلك أيضًا استثمارًا مباشرًا سواء عبر تأسيس شركات جديدة أو الاستحواذ على كيانات قائمة فى هذا القطاع. ولكن نُفضل تأسيس شركات لأن عملية الاستحواذ تتطلب تقييمًا دقيقًا، ومستشارًا ماليًا، وتقديرًا للقيمة العادلة، أما فى حال تأسيس كيان جديد فغالبًا ما تكون الإجراءات أسرع وهو ما قمنا به سابقًا وقد أثبت نجاحه. وللعلم، الاستثمار المباشر لا يتجه عادة إلى الشركات الناشئة أو الدخول فى مراحل مبكرة جدًا، ولكننا نُفضل إنشاء شركات جديدة لأننا نرى أن الوقت للوصول إلى السوق سيكون أسرع خاصة مع الخبرات المتوفرة لدينا وقد نتحالف مع فرق عمل ذات خبرة أو نقوم بتكوينها كما حدث مع شركتى 'وان فاينانس' و'تمويلي'. ● حازم شريف: هل لديكم نية للاستثمار فى الشركات الصغيرة والمتوسطة؟ أحمد علي: نحن نعتقد أن الاستثمار المباشر أو الملكية الخاصة فى الشركات الصغيرة ليس هو النموذج الأمثل لنا ولذلك لا نستثمر فيه بشكل مباشر بل نُفضل تمويله، والقانون الصادر مؤخرًا بشأن الإقراض للشركات الصغيرة والمتوسطة يمثل دفعة قوية، ونحن نهدف إلى الاستفادة منه. قد نقوم بتأسيس شركة بغرض الإقراض لتلك الشركات أو نركز على منتج بعينه مثل التخصيم، والذى أرى أن مشكلته فى مصر تكمُن فى أنه رغم ارتباطه بشكل أساسى بنشاط التأجير التمويلى فإنه لم يشهد وتيرة النمو نفسها، وهناك أسباب لذلك على رأسها المخاطر المرتبطة بالاحتيال، فالتخصيم بطبيعته نشاط قصير الأجل عادة لا تتجاوز مدته العام الواحد. ولا تزال البنوك تسيطر على هذا النشاط إلى حد كبير حتى الآن بشكل أو بآخر، ولم يشهد طفرة مماثلة لتلك التى شهدتها أنشطة مالية أخرى، ونحن نعمل على نموذج عمل جديد يعتمد على التكنولوجيا فى اختيار الشركات القابلة للحصول على التمويل، والتحقق من الموردين، ومتابعة عمليات السداد، فالتكنولوجيا عنصر أساسى فى هذا الشأن. ● حازم شريف: هل تعتزم إنشاء شركتين إحداهما للتخصيم والأخرى للإقراض؟ أحمد علي: نعم، هذا وارد فكل واحدة منهما لها تراخيص مختلفة ويمكن إطلاق كل نشاط على حدة، أو قد نبدأ بشركة واحدة ثم نقوم بتوسيع أنشطتها لاحقًا من خلال الحصول على ترخيص إضافى، فالأهم هو ألا ندخل إلى نشاط لمجرد الوجود به، لكن نبحث دائمًا عن منتج يعالج مشكلة حقيقية ويواجه تحديات قائمة فى السوق، خاصة أننا نتمتع بخبرات متراكمة خاصة فى الأنشطة المالية غير المصرفية. كما أن التكنولوجيا ستساعدنا فى ذلك لأنها ستستهدف بشكل رئيسى الشركات الصغيرة والمتوسطة، فمعظم التحديات التى تواجه هذا القطاع حاليًا تكمن فى أن هذه الكيانات غير قابلة للإقراض، لأسباب عديدة من بينها عدم توافر القوائم المالية، وغياب التدفقات النقدية المنتظمة والفكر التجارى، هذا بجانب افتقارها لهيكل مؤسسى واضح. ● حازم شريف: لاحظت أنك تطرقت إلى التكنولوجيا، وفى الوقت ذاته تحدثت عن رأس المال المخاطر، وهو يتطلب قدرًا كبيرًا من التكنولوجيا. فهل أنتم بحاجة إلى الاستثمار فى شركات تساعدكم فى هذا المجال؟ أحمد علي: نحن نُفكر فى كيفية التعامل مع رأس المال المخاطر فإستراتيجيتنا واضحة نحن نرغب دائمًا فى الحفاظ على قدر من التحكم فى الشركات التى نستثمر فيها، إما من خلال حصة أغلبية أو حتى حصة أقلية ولكن مع حقوق واضحة وصريحة. هذا التصور لا يتناسب مع طبيعة الاستثمار فى رأس المال المخاطر، ولذلك بدأنا نفكر فى حلول بديلة، إذ ندرس حاليًا إنشاء ذراع للاستثمار المباشر أو الملكية الخاصة تسمح لنا بالدخول بحصص أقلية فى قطاعات خارج نطاق القطاعات الأساسية التى نركز عليها. ومن خلال هذه الذراع، نستطيع الدخول فى قطاعات قادرة على خلق قيمة حتى إن لم يكن لدينا فيها تحكم كامل ولكن سيكون هناك قدرة على ممارسة نوع من أنواع الرقابة على الشركات، من خلال نموذج الشريك المسؤول عن الإدارة، فى حين يكون الطرف الآخر مستثمرًا ماليًا فقط. ● حازم شريف: هل هناك خطة زمنية لتنفيذ تلك الخطط سواء فى مجال الخدمات المالية والتخصيم والإقراض، أو الذراع المستهدف إنشاؤها للاستحواذ على كيانات لا تنطبق عليها شروط السياسات العامة لديكم؟ أحمد علي: بالضبط. ● حازم شريف: وهل تتوقع تنفيذ كل ذلك خلال عام 2025؟ أحمد علي: بإذن الله، وأعتقد أن الاستثمار المباشر سيتم تنفيذه بوتيرة أسرع من ذراع رأس المال المخاطر والذى سيستغرق وقتًا أطول نسبيًا، لكن ما يحدث الآن فى القطاع سيدعم خططنا حينما نكون مستعدين لتقديم نموذجنا الخاص فى هذا المجال. ● حازم شريف: وهل سيتم تنفيذ هذا النموذج «رأسمال المخاطر»؟ أم من خلال شراكة مع طرف آخر؟ أحمد علي: لا، هذه المشروعات تحتاج إلى فرق عمل متخصصة، والأساس فى نجاحها هو وجود فريق إدارى محترف ونحن حاليًا ندرس النموذج الأنسب، إذا كنا سنستعين بشركة متخصصة لإدارة هذه المحفظة، أم نقوم نحن بتكوين الفريق المناسب واستقطاب الكفاءات القادرة على إدارتها. ● حازم شريف: ما هى الشركات التابعة لكم العاملة فى قطاع اللوجستيات؟ أحمد علي: كما ذكرت سابقًا لدينا استثماران فى قطاع اللوجستيات، إحداهما 'رودرز' وهى من الكيانات الواعدة. ● حازم شريف: وما طبيعة عمل هذه الشركة تحديدًا؟ أحمد علي: تربط مقدمى خدمات التوصيل من الأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة بمقدمى خدمات التجارة الإلكترونية والتجزئة. ● حازم شريف: ومن هم الشركاء فى هذه الشركة؟ أحمد علي: شركاؤنا هم 'فوري' وآخرون مثل 'Last Milers'، بقيادة الأردنى سامر، وكنا بدأنا المفاوضات عليها منذ فترة وانتهينا مؤخرًا من زيادة حجم رأسمالها وإتمام الشراكة. وقد بدأت الشركة فى العمل فعليًا ولكن يمكن القول إنها فى مرحلة التشغيل الأوّلى، فنموذج العمل الخاص بها مبتكر وجديد، لأن هذه الصناعة كما ذكرت ضخمة للغاية، وجزء كبير منها مرتبط بما يُعرف بـ 'Last Milers' (الطيارين) ويتحكمون بنسبة كبيرة من السوق. التحدى الرئيسى يكمن فى أن هذه الصناعة تعتمد على منتج أو بائع يقدم سلعة يتم توصيلها للمستهلك عن طريق خدمات التوصيل، ولكن المشكلة تكمن فى الفترة الزمنية التى تمر من لحظة تقديم العميل للطلب وحتى استلامه للسلعة ثم استرجاع الأموال إلى المورد والتى قد تتراوح ما بين أسبوع وأسبوعين. لذلك، إذا تمكنا من إنشاء كيان يستطيع تنفيذ هذه العملية بسرعة أكبر فهذه فرصة كبيرة للغاية، وهو ما يقوم عليه نموذج العمل لدينا، أما النقطة الثانية أن هذا النموذج يتيح لنا تقديم خدمات إضافية مثل خدمات التأمين متناهى الصغر إذ يمكن تقديم وثائق تأمين على الحياة أو ضد المرض أو ضد فقدان العمل، فهناك العديد من الخدمات التى يمكن إضافتها لهذه القاعدة التى ننشئها من خلال شركة 'رودرز'. ● حازم شريف: وما الشركة الأخرى فى قطاع اللوجستيات؟ أحمد علي: لدينا شركة أخرى فى هذا القطاع لكنها مملوكة للهيئة القومية للبريد. ● حازم شريف: هل لديكم شركات أخرى تحت التأسيس؟ أحمد علي: نعم، لدينا شركة أخرى قيد التأسيس فى مجال خدمات البريد المسجل. ● حازم شريف: وما طبيعة عمل هذه الشركة بالتحديد؟ أحمد علي: رقمنة منظومة البريد المسجل بالكامل، وستكون أول شركة تقدم هذه الخدمة. ● حازم شريف: ما المقصود بذلك، فمثلًا إذا أردت إرسال دعوة لجمعية عمومية عبر البريد المسجل فكيف ستعمل هذه المنظومة؟ أحمد علي: بالضبط، سواء أردت إرسال دعوات جمعيات عمومية أو كشوف حسابات بنكية أو إخطارات أو إشعارات قانونية، فالشركة ستقوم بتنفيذ ذلك بشكل رقمى، وذلك ضمن سياسة الدولة للتحول الرقمي. ● حازم شريف: هل تم تأسيس الشركة رسميًا؟ أحمد علي: فى فترة الانتهاء من إجراءات التأسيس. ● حازم شريف: كم يبلغ حجم رأسمال الشركة؟ ومن هم الشركاء؟ أحمد علي: نحن لا نزال فى المفاوضات النهائية. ● حازم شريف: هل تم الاستقرار على الإدارة؟ أحمد علي: نحن حاليًا فى مرحلة اختيار فريق العمل. ● حازم شريف: هل تمتلك شركتك الحصة الأكبر فى هذا الكيان؟ أحمد علي: لا، ولكن مع الهيئة القومية للبريد نمتلك معًا حصة الأغلبية. ● حازم شريف: ما القطاعات الأخرى التى تبدى الشركة اهتمامًا بها بخلاف الخدمات المالية واللوجستية؟ أحمد علي: دعنى أعطيك مثالًا، وهو أن الشركة التى نؤسسها حاليًا فى مجال التخصيم كانت هناك رغبة بأن نستثمر بها كرأسمال مخاطر ولكننا غيرنا النموذج وقلنا لابد أن نؤسس شيئًا مختلفًا، لأن هدفى هو أن أتعامل مع فكرة وتكنولوجيا وفريق قادر على التنفيذ وفى الوقت نفسه لا أتحمل المخاطر التقليدية الناتجة عن رأس المال المخاطر. وفى الشركة الجديدة لديّ التحكم بنسبة %90 فى الاستثمار وفى الوقت ذاته هو نموذج عمل تقليدى ولكن القيمة الحقيقية خُلقت من التكنولوجيا الموجودة، ولذلك حينما تجمع بين الاثنين فى نموذج عمل لا يصبح جديدًا تمامًا وإنما الزاوية التكنولوجية فيه هى التى أضافت له قيمة، ولذلك نقوم حاليًا بتأسيس الشركة. ● حازم شريف: أنت تمتلك %90 من الشركة؟ أحمد علي: بالضبط، فأنت حولت الأمر إلى نموذج عمل تقليدى ولكن بطريقة مختلفة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store