منذ 13 ساعات
علي البستكي المال الجريء: شجاعة الاستثمار في زمن المخاطر الأحد 29 يونيو 2025
في عالم المال، كثيرون يبحثون عن الأمان، لكن القليلين فقط يغامرون بدخول العاصفة بحثًا عن الكنز. ومن بين هؤلاء القلة، يظهر ما يُعرف بـ 'المال الجريء' — رأس المال الذي لا يخشى الخسارة، ولا يتطلب ضمانات، بل يبحث عن فرص التغيير والابتكار في أكثر اللحظات خطورة.
ما هو المال الجريء؟
المال الجريء (Venture Capital) هو تمويل خاص يُمنح للشركات الناشئة أو الريادية التي تحمل أفكارًا مبتكرة، لكنها لم تُثبت بعد نجاحها في السوق. وغالبًا ما تكون هذه الشركات غير مؤهلة للحصول على تمويل مصرفي تقليدي.
إنه مال لا يدخل إلا حيث تخشى الأموال الأخرى الدخول. يغامر ليكون شريكًا في الفكرة، لا دائنا ينتظر الأقساط. ولذلك، سُمّي 'جريئًا' لأنه يتحمل ما لا يجرؤ عليه غيره.
لماذا هو 'جريء' فعلًا؟
1. يتحمل مخاطرة عالية: الشركات الممولة قد تفشل بنسبة كبيرة.
2. لا يطلب ضمانات: يعتمد على الفريق والفكرة، لا على أصول مرهونة.
3. يُضخ في الأوقات الصعبة: حين تعجز المؤسسات الأخرى عن التمويل.
4. ينتظر المكاسب على المدى الطويل: يراهن على أن تتحول الشركة إلى قصة نجاح استثنائية.
أمثلة حقيقية على المال الجريء
1. Google: كانت 'Google' مجرد مشروع جامعي. استثمر فيه John Doerr وAndy Bechtolsheim مبلغ 100 ألف دولار. النتيجة؟ تحول هذا الاستثمار إلى مليارات الدولارات بعد عقد واحد فقط.
2. Amazon: قبل أن تصبح عملاق التجارة، واجهت 'أمازون' صعوبات كبيرة. حصلت على تمويل من شركة Kleiner Perkins في مرحلة مبكرة. اليوم، القيمة السوقية للشركة تجاوزت تريليون دولار.
3. Uber: واجهت 'أوبر' في بداياتها انتقادات قانونية وتشريعية. ومع ذلك، راهنت عليها شركة Benchmark Capital، واستثمرت ملايين الدولارات في الفكرة. النتيجة: أوبر اليوم شركة عالمية بقيمة تفوق 70 مليار دولار.
4. كريم (Careem): في الخليج، تلقت 'كريم' استثمارات من صناديق رأس مال جريء محلية وإقليمية. وكانت النتيجة صفقة استحواذ تاريخية من أوبر مقابل 3.1 مليار دولار.
ما هو تأثير المال الجريء على الاقتصاد:
يعزز الابتكار ويخلق بيئة محفّزة للأفكار الجديدة. يخلق وظائف من خلال دعم الشركات الناشئة. ينقل الاقتصاد من الاستهلاك إلى الإنتاج المعرفي. يدعم القطاعات المستقبلية مثل التكنولوجيا، الذكاء الاصطناعي، والطاقة المتجددة.
كيف تبحث عن المال الجريء؟
إذا كنت صاحب فكرة واعدة أو شركة ناشئة، فهذه خطواتك للوصول إلى المال الجريء:
1. طوّر فكرتك إلى نموذج أولي أو خطة واضحة، اشرح ما المشكلة؟ ما الحل؟ كيف ستربح؟ ومن هم منافسوك؟ وهل السوق كبير بما يكفي؟
2. ابنِ فريقًا قويًا الفكرة وحدها لا تكفي. الفريق هو من يجذب المستثمر، خصوصًا إن كان يجمع بين المهارات التقنية والإدارية والتجارية.
3. ابحث عن حاضنات ومسرّعات الأعمال
انضم إلى برامج الحكومي لدعم تمويلي وتوجيهي في مرحلة مبكرة.
4. حضّر عرضًا احترافيًا:
عرض تقديمي مبسط يوضح: الفكرة والمشكلة والحل والفريق - السوق والنموذج الربحي
التوقعات المالية و المبلغ المطلوب واستعمالاته
5. استهدف الصناديق المناسبة
هناك صناديق استثمارية في هذا المجال خاصة في منطقة الخليج و مملكة البحرين.
6. شارك في الفعاليات والمؤتمرات
مؤتمرات ريادة الأعمال ، تُتيح لك الفرصة للقاء مستثمرين، بناء شبكة علاقات، وربما الفوز بتمويل مباشر.
الخلاصة:
المال الجريء ليس مجرد استثمار، بل شراكة في الحلم. هو تمويلٌ يُمنح لمن يملك فكرة ورؤية، ومستعد أن يضع جهده وحياته في سبيل تحقيقها. هو مال لا يبحث عن ضمانات، بل عن إيمان، وقيادة، ونموذج يستطيع تغيير السوق. في وقتٍ يخاف فيه الجميع من الخسارة، المال الجريء يغامر... لأنه لا يبحث عن العوائد فقط، بل عن الأثر.