#أحدث الأخبار مع #AnneVanhoestenbergheالرجل٠٤-٠٥-٢٠٢٥صحةالرجلقراءة الأفكار وفك شيفرة الدماغ فماذا بعد..؟فيسبوك تفك شيفرة الدماغ لعقود طويلة، ظلّت فكرة قراءة الأفكار مجرد ضربٍ من ضروب الخيال العلمي، أما اليوم، وبفضل المساحات المشتركة بين مجالات مثل علم الأعصاب والذكاء الاصطناعي، أصبحنا أقرب لاقتحام خلايا المخ أكثر من أي وقتٍ مضى، بل الحقيقة أن أدمغتنا قد اقتُحِمت بالفعل! محاولات منذ سنوات، وتحديدًا في 2017، نشرت الجارديان تقريرًا بعنوان: فيسبوك لديها 60 شخصًا يعملون على كيفية قراءة أفكارك. ذكر التقرير إعراب سيدة الأعمال الأمريكية ومديرة مختبر الهاردوير السري لفيسبوك "Building 8"، عن قلقها بشأن إدمان الهاتف. وذكر أيضًا أن فيسبوك تعمل على تطوير تقنية لقراءة موجات الدماغ بحيث لا يُضطر المستخدم للنظر إلى الهاتف في أثناء كتابة الرسائل؛ فقط يُفكر فيها وستُكتَب تلقائيًّا. وكما يتضح من عنوان التقرير، كونت الشركة وقتها فريقًا من 60 شخصًا، منهم خبراء في التعلم الآلي والأطراف الصناعية، للوصول إلى هذا الهدف الذي سيجعل الإنسان يكتب 100 كلمة في الدقيقة بعقله فقط، وهو مُعدل أسرع بخمس مرات مما يمكنك كتابته على الهاتف الذكي بالطريقة التقليدية. على الرغم من أن هذا الهدف لم يتحقق بعد، فإن فيسبوك قد نجحت بالفعل في بناء خوارزمية لفك شيفرة النشاط الدماغي وتحويله إلى كلمات يمكن ترجمتها وفهمها على شاشة الحاسوب وفي الوقت الفعلي real time، وكل هذا موثّق ومنشور في دراسة بدورية nature communications في 2019. هناك هدفان من هذا الإنجاز، أحدهما قصير المدى لمساعدة المصابين بالشلل على التحدث عبر فك إشارات أدمغتهم دون تحريك عضلات الفك، والآخر طويل المدى وهو جعل المستخدمين يتحكمون في أجهزتهم دون لمسها عن طريق التفكير فحسب، وهذا من شأنه أن يوسع قاعدة المستخدمين بشكلٍ كبير. المصدر: Getty Images الأمر ليس جديدًا إن فكرة التحكم بالعقل وقراءة الأفكار ليست بالفكرة الجديدة، ففي الستينيات والسبعينيات على سبيل المثال زرع الباحثون أقطابًا كهربائية electrodes في أدمغة القطط لتعديل السلوك العدواني لديهم؛ الأمر الذي أظهر الفرص المبكرة للتلاعب العصبي. وفي أوائل الألفية الحالية، أظهرت التجارب أن القرود يمكنها تحريك مؤشر الفأرة الموجود على شاشة الحاسوب باستخدام أفكارها فقط. على هامش هذه الإنجازات التي قطعناها تقول آن فانهوستنبرغ Anne Vanhoestenberghe، وهي أستاذة الأجهزة الطبية النشطة القابلة للزرع في كلية كنجز بلندن: "إنه ليس بالشيء الجديد، غير أن زرع التكنولوجيا بالأدمغة يستغرق وقتًا طويلًا". ويمكن إرجاع بداية هذه التكنولوجيا إلى خمسينيات القرن الماضي عندما أثبت جراح الأعصاب خوسيه ديلجادو José Delgado أنه يستطيع التأثير على سلوك الحيوانات عن طريق تحفيز دماغه باستخدام قطب كهربائيّ مزروع، ما أطلق عليه "التحفيز الإلكتروني للدماغ- electronic stimulation of the brain". أرسى هذا العمل الرائد الأساس لتطوير ما يُسمى بالتحفيز العميق للدماغ DBS، والذي أصبح الآن علاجًا مُعتمدًا للكثير من الأمراض مثل باركنسون، والرعّاش مجهول السبب، واضطراب الوسواس القهري وغيرهم. أما اليوم، فتتولى شركات مثل Synchron مهمة قيادة وتطوير ما يُعرَف بواجهات الدماغ الحاسوبية Brain-computer interfaces (BCIs)، وهي الشرائح المسؤولة عن مهمة قراءة نشاط الدماغ وتحويلها إلى بيانات مرئية على شاشات الحاسوب أو الهاتف الذكي، فأدمغتنا تحتوي على 86 مليار خلية عصبية تقريبًا، وكل خلية عصبية تتصل بالأخرى عن طريق ما يُسمى بالوصلات العصبية synapses، التي بدورها تعمل كجسر لنقل الإشارات التي تنشأ كلما تحدثنا أو مشينا أو شَعرنا، إلخ. المصدر: Getty Images نيورالينك.. الخيال أصبح حقيقة من قبل فيسبوك وSynchron وغيرهما، تتصدر شركة نيورالينك Neuralink مشهد التحكم بالدماغ وأفكاره، ربما لأن صاحبها هو إيلون ماسك وربما لأنها تقدم شيئًا جديدًا لم نشهده من قبل على مستوى البشر. تمتلك نيورالينك جهازًا صغيرًا جدًا، بحجم عملة معدنية تقريبًا، يُزرع في الدماغ وعن طريق أسلاكه الميكروسكوبية تجري قراءة نشاط الخلايا العصبية وتحويلها إلى بيانات يمكن فهمها وقراءتها على الشاشات. حصل الجهاز على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA في مايو 2023، وأجرت نيورالينك التجارب على الخنازير، كما ادعت أنها مكنت القرود من لعب نسخة بسيطة من لعبة Pong. ما يجعل نيورالينك استثنائية أنها تمكنت بالفعل من زرع شرائحها داخل أدمغة البشر، وحتى يومنا هذا تسير الأمور على ما يرام، ففي بداية العام الجاري زُرعت الشريحة وبعدها بشهرٍ تقريبًا قال إيلون ماسك إن الشخص تمكن من التحكم بمؤشر الفأرة بدماغه. هذا وقد نجح شخص آخر مُصاب بالشلل أن يلعب الشطرنج بدماغه فقط، دون أن يلمس أي شيء، باستخدام شريحة نيورالينك أيضًا. قراءة الأفكار والمعضلات الأمنية والخُلقية على الرغم من أن مستقبل قراءة الأفكار وواجهات الدماغ الحاسوبية BCIs يبدو مُشرقًا من الناحية التقنية والطبية، فإنه ليس كذلك إطلاقًا من الناحية الأمنية والخُلقية. إن زرع شرائح مثل هذه في دماغك يعني أن أفكارك، ومشاعرك، ونياتك يمكن أن تُنتهك، لا سيما أن شريحة الدماغ الحاسوبية هي شريحة تقنية بالأساس، أي أنها يمكن أن تُخترق أيضًا أو يُساء استخدامها. علاوة على ذلك، قد يُبهر الشخص بما يمكن لهذه الشرائح أن تُقدمه ويغفل عن مخاطرها، وهذا التحدي الخلقي الأول؛ أن تتأكد كونك مسؤولًا أو صانع قرار من مدى فهم المستهلك لطبيعة هذه الشرائح. التحدي الخلقي الثاني يكمُن في معضلة التخيير والتسيير، إذ هل ستكون مُخيرًا بعد أن تُركب هذه الشرائح أم ستؤثر عليك بشكلٍ أو بآخر؟ ثالثًا، إذا اعتمدنا على هذه الشرائح بشكلٍ كبير، وهو المتوقع لما لها من قدرات جبارة، ما الذي سيحدث لآدميتنا؟ هل سيظل النتاج الإنساني -في شتى المجالات- إنسانيًّا أم سنتحول لروبوتات على شكل بشر؟ هذا ولم نتحدث بعد عما إذا كان لواجهات الدماغ الحاسوبية تأثير على الصحة أم لا، ولكن في كل الأحوال، المستقبل وحده من سيجيب على هذه الأسئلة والأمور ستتضح بشكلٍ أكبر.
الرجل٠٤-٠٥-٢٠٢٥صحةالرجلقراءة الأفكار وفك شيفرة الدماغ فماذا بعد..؟فيسبوك تفك شيفرة الدماغ لعقود طويلة، ظلّت فكرة قراءة الأفكار مجرد ضربٍ من ضروب الخيال العلمي، أما اليوم، وبفضل المساحات المشتركة بين مجالات مثل علم الأعصاب والذكاء الاصطناعي، أصبحنا أقرب لاقتحام خلايا المخ أكثر من أي وقتٍ مضى، بل الحقيقة أن أدمغتنا قد اقتُحِمت بالفعل! محاولات منذ سنوات، وتحديدًا في 2017، نشرت الجارديان تقريرًا بعنوان: فيسبوك لديها 60 شخصًا يعملون على كيفية قراءة أفكارك. ذكر التقرير إعراب سيدة الأعمال الأمريكية ومديرة مختبر الهاردوير السري لفيسبوك "Building 8"، عن قلقها بشأن إدمان الهاتف. وذكر أيضًا أن فيسبوك تعمل على تطوير تقنية لقراءة موجات الدماغ بحيث لا يُضطر المستخدم للنظر إلى الهاتف في أثناء كتابة الرسائل؛ فقط يُفكر فيها وستُكتَب تلقائيًّا. وكما يتضح من عنوان التقرير، كونت الشركة وقتها فريقًا من 60 شخصًا، منهم خبراء في التعلم الآلي والأطراف الصناعية، للوصول إلى هذا الهدف الذي سيجعل الإنسان يكتب 100 كلمة في الدقيقة بعقله فقط، وهو مُعدل أسرع بخمس مرات مما يمكنك كتابته على الهاتف الذكي بالطريقة التقليدية. على الرغم من أن هذا الهدف لم يتحقق بعد، فإن فيسبوك قد نجحت بالفعل في بناء خوارزمية لفك شيفرة النشاط الدماغي وتحويله إلى كلمات يمكن ترجمتها وفهمها على شاشة الحاسوب وفي الوقت الفعلي real time، وكل هذا موثّق ومنشور في دراسة بدورية nature communications في 2019. هناك هدفان من هذا الإنجاز، أحدهما قصير المدى لمساعدة المصابين بالشلل على التحدث عبر فك إشارات أدمغتهم دون تحريك عضلات الفك، والآخر طويل المدى وهو جعل المستخدمين يتحكمون في أجهزتهم دون لمسها عن طريق التفكير فحسب، وهذا من شأنه أن يوسع قاعدة المستخدمين بشكلٍ كبير. المصدر: Getty Images الأمر ليس جديدًا إن فكرة التحكم بالعقل وقراءة الأفكار ليست بالفكرة الجديدة، ففي الستينيات والسبعينيات على سبيل المثال زرع الباحثون أقطابًا كهربائية electrodes في أدمغة القطط لتعديل السلوك العدواني لديهم؛ الأمر الذي أظهر الفرص المبكرة للتلاعب العصبي. وفي أوائل الألفية الحالية، أظهرت التجارب أن القرود يمكنها تحريك مؤشر الفأرة الموجود على شاشة الحاسوب باستخدام أفكارها فقط. على هامش هذه الإنجازات التي قطعناها تقول آن فانهوستنبرغ Anne Vanhoestenberghe، وهي أستاذة الأجهزة الطبية النشطة القابلة للزرع في كلية كنجز بلندن: "إنه ليس بالشيء الجديد، غير أن زرع التكنولوجيا بالأدمغة يستغرق وقتًا طويلًا". ويمكن إرجاع بداية هذه التكنولوجيا إلى خمسينيات القرن الماضي عندما أثبت جراح الأعصاب خوسيه ديلجادو José Delgado أنه يستطيع التأثير على سلوك الحيوانات عن طريق تحفيز دماغه باستخدام قطب كهربائيّ مزروع، ما أطلق عليه "التحفيز الإلكتروني للدماغ- electronic stimulation of the brain". أرسى هذا العمل الرائد الأساس لتطوير ما يُسمى بالتحفيز العميق للدماغ DBS، والذي أصبح الآن علاجًا مُعتمدًا للكثير من الأمراض مثل باركنسون، والرعّاش مجهول السبب، واضطراب الوسواس القهري وغيرهم. أما اليوم، فتتولى شركات مثل Synchron مهمة قيادة وتطوير ما يُعرَف بواجهات الدماغ الحاسوبية Brain-computer interfaces (BCIs)، وهي الشرائح المسؤولة عن مهمة قراءة نشاط الدماغ وتحويلها إلى بيانات مرئية على شاشات الحاسوب أو الهاتف الذكي، فأدمغتنا تحتوي على 86 مليار خلية عصبية تقريبًا، وكل خلية عصبية تتصل بالأخرى عن طريق ما يُسمى بالوصلات العصبية synapses، التي بدورها تعمل كجسر لنقل الإشارات التي تنشأ كلما تحدثنا أو مشينا أو شَعرنا، إلخ. المصدر: Getty Images نيورالينك.. الخيال أصبح حقيقة من قبل فيسبوك وSynchron وغيرهما، تتصدر شركة نيورالينك Neuralink مشهد التحكم بالدماغ وأفكاره، ربما لأن صاحبها هو إيلون ماسك وربما لأنها تقدم شيئًا جديدًا لم نشهده من قبل على مستوى البشر. تمتلك نيورالينك جهازًا صغيرًا جدًا، بحجم عملة معدنية تقريبًا، يُزرع في الدماغ وعن طريق أسلاكه الميكروسكوبية تجري قراءة نشاط الخلايا العصبية وتحويلها إلى بيانات يمكن فهمها وقراءتها على الشاشات. حصل الجهاز على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA في مايو 2023، وأجرت نيورالينك التجارب على الخنازير، كما ادعت أنها مكنت القرود من لعب نسخة بسيطة من لعبة Pong. ما يجعل نيورالينك استثنائية أنها تمكنت بالفعل من زرع شرائحها داخل أدمغة البشر، وحتى يومنا هذا تسير الأمور على ما يرام، ففي بداية العام الجاري زُرعت الشريحة وبعدها بشهرٍ تقريبًا قال إيلون ماسك إن الشخص تمكن من التحكم بمؤشر الفأرة بدماغه. هذا وقد نجح شخص آخر مُصاب بالشلل أن يلعب الشطرنج بدماغه فقط، دون أن يلمس أي شيء، باستخدام شريحة نيورالينك أيضًا. قراءة الأفكار والمعضلات الأمنية والخُلقية على الرغم من أن مستقبل قراءة الأفكار وواجهات الدماغ الحاسوبية BCIs يبدو مُشرقًا من الناحية التقنية والطبية، فإنه ليس كذلك إطلاقًا من الناحية الأمنية والخُلقية. إن زرع شرائح مثل هذه في دماغك يعني أن أفكارك، ومشاعرك، ونياتك يمكن أن تُنتهك، لا سيما أن شريحة الدماغ الحاسوبية هي شريحة تقنية بالأساس، أي أنها يمكن أن تُخترق أيضًا أو يُساء استخدامها. علاوة على ذلك، قد يُبهر الشخص بما يمكن لهذه الشرائح أن تُقدمه ويغفل عن مخاطرها، وهذا التحدي الخلقي الأول؛ أن تتأكد كونك مسؤولًا أو صانع قرار من مدى فهم المستهلك لطبيعة هذه الشرائح. التحدي الخلقي الثاني يكمُن في معضلة التخيير والتسيير، إذ هل ستكون مُخيرًا بعد أن تُركب هذه الشرائح أم ستؤثر عليك بشكلٍ أو بآخر؟ ثالثًا، إذا اعتمدنا على هذه الشرائح بشكلٍ كبير، وهو المتوقع لما لها من قدرات جبارة، ما الذي سيحدث لآدميتنا؟ هل سيظل النتاج الإنساني -في شتى المجالات- إنسانيًّا أم سنتحول لروبوتات على شكل بشر؟ هذا ولم نتحدث بعد عما إذا كان لواجهات الدماغ الحاسوبية تأثير على الصحة أم لا، ولكن في كل الأحوال، المستقبل وحده من سيجيب على هذه الأسئلة والأمور ستتضح بشكلٍ أكبر.