أحدث الأخبار مع #BridgespanGroup


الوطن
منذ 3 أيام
- علوم
- الوطن
مراكز الدراسات في العمل غير الربحي: ضرورة استراتيجية لأثر مستدام
مع تعاظم الدور الذي تؤديه المنظمات الخيرية وغير الربحية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ومواجهة التحديات المجتمعية، تبرز الحاجة الملحّة إلى مراكز أبحاث ودراسات متخصّصة في القطاع غير الربحي. فهذه المراكز لا تُعدّ مجرد وحدات بحثية تقليدية، بل تُمثّل محوراً معرفياً يوفر البيانات والتحليلات والتوصيات التي تعزّز من جودة القرارات، وفعالية البرامج، واستدامة الأثر. تشير بيانات OECD Centre on Philanthropy (2023) إلى أن 70% من المنظمات غير الربحية في الدول النامية لا تعتمد على أبحاث علمية أو دراسات ميدانية عند تصميم تدخلاتها، مما يؤدي إلى ضعف الفعالية، وازدواجية في الجهود، وهدر في الموارد. وفي المقابل، توضح دراسة أعدتها Bridgespan Group أن المؤسسات التي تستند إلى مراكز دراسات موثوقة تحقق أثراً تنموياً أعلى بنسبة 34% مقارنةً بغيرها. تلعب مراكز الدراسات المتخصّصة دوراً محورياً في دعم القطاع الخيري وغير الربحي على عدة مستويات: 1. تحليل الواقع وقياس الاحتياج: من خلال أدوات بحثية موثوقة مثل التحليل الديموغرافي، والخرائط الحرارية للاحتياج، يمكن توجيه التمويل للقطاعات والمناطق الأكثر أولوية. 2. تصميم البرامج على أُسس علمية: فبدلاً من المبادرات العاطفية أو الموسمية، تساهم الأبحاث في وضع خطط مبنية على دلائل واضحة. 3. تقييم الأثر وقياس النتائج: عبر أدوات مثل SROI (العائد الاجتماعي على الاستثمار)، وتقييمات الاستدامة، ومسوحات المستفيدين. 4. اقتراح السياسات والتشريعات: تساعد هذه المراكز الجهات الرسمية في تطوير أنظمة داعمة للعمل الخيري وغير الربحي. 5. رصد الاتجاهات المستقبلية: مثل التحولات في أولويات المتبرعين، وتوجهات التطوع الرقمي، وأثر الأزمات على العطاء. وهناك عدد من المراكز البحثية الدولية أسّست نماذج رائدة يمكن الاستفادة منها: • Nesta - المملكة المتحدة: مؤسسة ابتكار اجتماعي أنشئت عام 1998، تعمل على تطوير حلول مبنية على الأبحاث لمواجهة تحديات مجتمعية معقدة مثل التعليم المبكر والصحة والاستدامة. تقوم بإجراء تجارب ميدانية وتحليل البيانات لدعم الحكومات والمؤسسات الخيرية في تحسين البرامج والخدمات. •Stanford Center on Philanthropy and Civil Society (Stanford PACS) – أمريكا: يقدم هذا المركز أبحاثاً معمقة حول مستقبل العمل الخيري، والتمويل الاجتماعي، ويصدر تقارير استراتيجية تُستخدم من قبل كبرى المؤسسات المانحة. • Harvard Kennedy School – Global Philanthropy Program – أمريكا: يدرس العلاقة بين الجهات المانحة والقطاعين الحكومي وغير الربحي، ويوفر أدوات لدعم الشراكات والحوكمة الرشيدة في العمل الخيري العالمي. • BRAC Institute of Governance and Development - بنغلاديش: أحد أهم مراكز البحث العملي في العالم، يدمج التقييم الميداني مع تصميم السياسات ويخدم أكثر من 100 مليون شخص في آسيا وأفريقيا. • مركز الدراسات غير الربحية في جامعة سنغافورة الوطنية – سنغافورة: منصة تحليلية رائدة ساعدت في تصميم السياسات الحكومية الهادفة لدعم العمل الأهلي المؤثر. الاعتماد على البيانات الموثوقة، والتحليل المقارن، والتقارير الميدانية، يمكّن المنظمات من التحوّل من نمط "ردة الفعل" إلى "القرار المبني على الدليل". وهذا بدوره يرفع من كفاءة البرامج بنسبة تفوق 30%. ويُحسّن صورة المؤسسة أمام المانحين والشركاء، وكذلك يُساعد على تخصيص الموارد بدقة، وتقليل الهدر المالي والإداري. وأخيراً يُسهّل التوسّع المؤسسي بناءً على نتائج قابلة للقياس. في عالم أصبح فيه قياس الأثر والحوكمة الرشيدة مطلباً لا رفاهية، تُمثّل مراكز الدراسات المتخصّصة حجر الزاوية في بناء قطاع خيري فعّال، مستدام، وقائم على المعرفة. ومن دون هذه المراكز، يبقى العمل الخيري معرّضاً لاجتهادات فردية، وتأثير محدود، وغياب عن دوائر التأثير الاجتماعي والاقتصادي.


الوطن
٢٦-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- الوطن
بناء قدرات المنظمات غير الربحية: ركيزة أساسية لتحقيق الأثر والاستدامة
تُعدّ عملية بناء القدرات المؤسسية إحدى الركائز الحيوية لنجاح واستدامة المنظمات الخيرية وغير الربحية، فهي لا تقتصر على تطوير المهارات الفردية للعاملين فحسب، بل تشمل أيضاً تعزيز البنية التنظيمية، وتحسين العمليات الداخلية، ورفع الكفاءة التشغيلية لضمان تقديم خدمات فعّالة ومستجيبة لاحتياجات المجتمع. تشير الأبحاث إلى أن المنظمات غير الربحية التي تستثمر بشكل منهجي في بناء قدراتها المؤسسية تكون أكثر قدرة على مواجهة التحديات وتحقيق نتائج ملموسة. ووفقاً لتقرير Bridgespan Group، فإن 80% من المنظمات التي تبنّت خططاً استراتيجية شاملة لبناء القدرات تمكّنت من مضاعفة أثرها المجتمعي خلال خمس سنوات، مقارنة بنظيراتها التي لم تعطِ هذا الجانب أولوية. تشمل مجالات بناء القدرات المحورية: القيادة الرشيدة، والإدارة المالية الشفافة، والتخطيط الاستراتيجي، وتنمية الموارد، وإدارة المعرفة، والتقنية الرقمية، إضافة إلى تعزيز ثقافة التعلّم والتقييم. فعلى سبيل المثال، تُسهم القدرات التكنولوجية الحديثة في تمكين المنظمات من تحسين آليات جمع البيانات وتحليلها، مما يُتيح قرارات أكثر دقة واستجابة أكثر فاعلية للاحتياجات المجتمعية. من الجدير بالذكر أن التمويل التقليدي غالباً ما يُخصّص لتنفيذ البرامج والمشاريع، بينما يُهمل جانب الاستثمار في البنية المؤسسية. وقد دعت منظمات عالمية مانحة مثل Ford Foundation وMacArthur Foundation إلى إعادة النظر في هذا النهج، مؤكدين أهمية تخصيص نسبة من التمويل لبناء القدرات التنظيمية لضمان استدامة الأثر. وفي السياق العالمي، برزت تجارب متعدّدة تُعدّ نماذج يُحتذى بها. فعلى سبيل المثال، أطلقت مؤسسة Bill & Melinda Gates Foundation برامج شراكة مع منظمات محلية في أفريقيا وآسيا لتطوير أنظمتها الداخلية ومهارات كوادرها التنفيذية. كما اعتمدت منظمة CARE International نهجاً تكاملياً لبناء القدرات يشمل التعلّم المؤسسي، والمساءلة، وتمكين القيادة المحلية، وهو ما عزّز فعالية تدخلاتها في مناطق النزاع والكوارث. كذلك، تبنّت منظمة Oxfam نموذجاً تدريبياً يركّز على تطوير القيادات النسائية المحلية ضمن شبكاتها الإقليمية، ما ساهم في ترسيخ الحوكمة المحلية وتحقيق نتائج تنموية طويلة الأمد. أما منظمة TechSoup Global، فقد لعبت دوراً محورياً في تمكين آلاف المنظمات غير الربحية حول العالم من الوصول إلى أدوات رقمية بأسعار مدعومة، وتوفير تدريبات على إدارة البيانات والأمن السيبراني. إنّ بناء القدرات ليس ترفاً تنظيمياً، بل ضرورة استراتيجية لتمكين المنظمات من تحقيق رؤيتها ورسالتها بفعالية وكفاءة. ويتطلب ذلك شراكات واعية بين المانحين، والقيادات المؤسسية، والمستشارين، لتأسيس بيئة داعمة للتعلّم والتطوير المستمر، مما يُسهم في تعزيز الأثر المجتمعي وبناء مستقبل أكثر استدامة وعدالة.