#أحدث الأخبار مع #Doctrineبوابة الأهرام١٦-٠٥-٢٠٢٥سياسةبوابة الأهرامإستراتيجية الأمن القومى الأمريكى.. صراع القوة أم تواطؤ الصفقات؟!أحد أهم المحددات التى يتم بها تقييم الرئيس الأمريكى تاريخيا ــ هو ما يعرف فى السياسة الأمريكية «بمبدأ الرئيس الأمريكى للأمن القومي»؛ الذى يتضمن رؤيته للإدارة الاقتصادية فى الداخل الأمريكى وخارجه، وما يترتب عليها من بلورة ما يُعرف بعقيدة Doctrineالرئيس المنتخب الحاكمة والموجهة للسياسة الخارجية الأمريكية وكيف يسير العلاقات الدولية التى تربط الولايات المتحدة الأمريكية بدول العالم فى شتى القارات خلال الفترة الرئاسية لكل رئيس أمريكي. ويرجع للرئيس الأمريكى الخامس فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية «جيمس مونرو» (1758 ــ 1831، الذى أنتخب فترتين رئاسيتين فى 1816 و1820) الفضل فى صياغة أول مبدأ للأمن القومى الأمريكى الذى عُرف «بمبدأ مونرو».ومن ثم أصبح تقليدا على كل رئيس لاحق أن يتخذ له المبدأ الذى يتناسب والسياق السياسى المواكب أمريكيا وعالميا. ثم أصبح هذا التقليد ملزما بحكم القانون الذى عمل على إصداره الرئيس هارى ترومان سنة 1947. ومن ثم أصبح على كل رئيس أمريكى أن يصدره فى الأشهر الأولى من تنصيبه الذى يبدأ فى 20 يناير من العام الذى يلى اجراء الانتخابات (التى تُجرى فى 4 نوفمبر). هكذا بات على كل رئيس أمريكى جديد، بحكم القانون وليس عرفا بعد، أن يصدر وثيقة للأمن القومى تعكس مدى تطابق ما أعلنه الرئيس فى حملته الانتخابية من وعود تتعلق باستراتيجيته المزمع تطبيقها وما يتم تنفيذه منها، ونسبته، وفاعليته، ومصداقيته عمليا. وتشير القراءة التاريخية إلى أن رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية منذ «ترومان» قد حرصوا على إعلان «المبدأ» الذى سيتبعونه فيما يتعلق بالأمن القومى الأمريكى خلال الأشهر الأولي، من بدء فترة رئاستهم. بيد أن ترامب كسر هذا التقليد القانونى فى فترة رئاسته الأولى إذ تأخر ما يقرب من السنة لإعلان رؤيته للأمن القومي. وها هو بعد مرور أربعة أشهر على تنصيبه لفترة رئاسة ثانية لم يعلن بعد، توثيقا، عقيدته للأمن القومي. فى هذا الإطار، ترصد لنا الدراسة الافتتاحية لدورية فورين أفيرز (عدد مايو/يونيو 2025) المعنونة: صعود وسقوط تنافس القوى العظمي؛ الذى حاولت فيه أستاذة العلوم السياسية «ستايسى جودارد» فهم رؤية ترامب للأمن القومى فى فترتى رئاسته الأولى والثانية. وذلك من خلال دراسة مقارنة بين مجالات حركته للتأثير فى المنظومة العالمية فى كل فترة رئاسية من الفترتين. بداية، تؤصل الباحثة للمسار التاريخى للأمن القومى الذى حكم ممارسات رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وإبان الحرب الباردة، بأنهم كانوا يعملون دوما ــ بدرجة أو أخرى على دمج القوي/الدول الأخرى فى المنظومة الدولية تحت قيادتها. ولكن مع انطلاقة عهد ترامب الأول سادت روح «تنافسية» هدفها بقاء أمريكا متقدمة على منافسيها وتحديدا: الصين وروسيا. وتستعيد الباحثة الوثيقة «الترامبية» للأمن القومى التى صدرت متأخرة كثيرا فى فترة رئاسته الأولي، حيث ورد فيها نصا:»أن خصوم واشنطن «يتصارعون حول ما نتميز به من مزايا جيوسياسية، ويحاولون تغيير النظام الدولى لخدمة مصالحهم». انطلاقا من هذا المبدأ تحرك «ترامب» يخلخل النظام الدولى تحت شعار «أمريكا أولا». ثم جاء «بايدن» محاولا بناء إجماع دولى ضد ما أطلق عليه» القوى الاستبدادية التى تتبنى سياسات خارجية رجعية»، من خلال «التمايز (فى المنافسة) على الصين والسيطرة على العدوانية الروسية». صحيح أنه لم تحظ محاولة «بايدن» بالإجماع اللازم، لكنها فى الحد الأدنى لم تؤثر سلبيا على بنية النظام الدولي. وتوقع المراقبون مع عودة ترامب الثانية أن ترتفع وتيرة الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين منافسيها الصاعدين.إلا أن ترامب، وبالرغم من إسراعه بتنفيذ التعريفات الجمركية المبالغ فيها والتى كان لها تداعيات على الداخل الأمريكى فإنه فى نفس الوقت سعى إلى عقد صفقات منفردة مع روسيا، كما أشار إلى رغبته فى التوصل إلى تسوية شاملة مع الرئيس الصيني. وعن السلوك الترامبى فى تعاطيه مع الصين وروسيا يرصد كثير من المراقبين كيف أن هذا السلوك قد عبر عن قفز أمريكى على الشراكة الأمريكية الأوروبية ــ الغربية الأطلسية ــ التاريخية. مما دفع هؤلاء المراقبين إلى وصف التحرك الترامبى «بالتواطؤ» Collusion؛ من خلال الصفقات. وهو ما أشرنا له فى أكثر من مقام، مبكرا، فى مقالاتنا التى تتبعنا فيها أداءات ترامب التى وصفناها بالزمن الترامبى منذ 2017 وكيف أن الذهنية «الصفقاتية» deal mentality؛ تحكم تسييره الأمن القومى الأمريكي. وعن هذا التسيير الذى يمكن أن نطلق عليه: الانقلابي؛ على الكثير من تقاليد مبادئ الأمن القومى التى اتبعها الرؤساء الأمريكيون الذين سبقوا ترامب، يقول المنظر الروسى الذى وصفناه «بعقل بوتين، ألكسندر دوجين» فى كتابه الذى عرضنا له حين صدوره مطلع هذا العام: «ثورة ترامب: نظام جديد للقوى العظمي»؛ يقول دوجين إن ما يأخذه ترامب من قرارات هو بمثابة '' تسونامى أيديولوجى وجيوسياسى Ideological & Geopolitical Tsunami ''؛ وحوله تقول «ستايسى جودارد»، ووفقا للتاريخ، إن: «مقاربة ترامب الجديدة التواطئية الصفقاتية، مهددة بخاتمة غير طيبة». إذ إن «تسونامي» ترامب الراهن يندفع دون غطاء ــ بدرجة أو أخرى من القوى التاريخية الحليفة لأمريكا، إضافة لعدم الثقة الذى بات واضحا بين المنظمات الدولية كمنظمة الصحة العالمية والمحكمة الجنائية الدولية، ومنظمة التجارة العالمية وبين أمريكا. ولا ننسى فى هذا المقام، التنصل الأمريكى الترامبى تحديدا ــ من الالتزامات حيال اتفاقات مواجهة التدهور المناخى والانهيار البيئى والحد من انتشار الأسلحة النووية. الخلاصة، من الصعب تصور نجاح ترامب فى تطبيق إستراتيجيته للأمن القومى القائمة على عقد الصفقات المتبادلة التى تعتمد الترهيب والابتزاز والرشاوى لحث الشركاء (القوي/الدول الأخري) على التواطؤ. وفى ضوء الخبرة التاريخية لم تنجح هكذا استراتيجية لأنها لا تحسم الصراعات أو تخفف من حدتها. والسؤال الذى تطرحه الباحثة وغيرها من الاستراتيجيين ما الضمان فى عدم انقلاب ترامب على الحالة التواطئية ؟ وهل يمكن للصين وروسيا القبول بها طويلا؟؛ نتابع...
بوابة الأهرام١٦-٠٥-٢٠٢٥سياسةبوابة الأهرامإستراتيجية الأمن القومى الأمريكى.. صراع القوة أم تواطؤ الصفقات؟!أحد أهم المحددات التى يتم بها تقييم الرئيس الأمريكى تاريخيا ــ هو ما يعرف فى السياسة الأمريكية «بمبدأ الرئيس الأمريكى للأمن القومي»؛ الذى يتضمن رؤيته للإدارة الاقتصادية فى الداخل الأمريكى وخارجه، وما يترتب عليها من بلورة ما يُعرف بعقيدة Doctrineالرئيس المنتخب الحاكمة والموجهة للسياسة الخارجية الأمريكية وكيف يسير العلاقات الدولية التى تربط الولايات المتحدة الأمريكية بدول العالم فى شتى القارات خلال الفترة الرئاسية لكل رئيس أمريكي. ويرجع للرئيس الأمريكى الخامس فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية «جيمس مونرو» (1758 ــ 1831، الذى أنتخب فترتين رئاسيتين فى 1816 و1820) الفضل فى صياغة أول مبدأ للأمن القومى الأمريكى الذى عُرف «بمبدأ مونرو».ومن ثم أصبح تقليدا على كل رئيس لاحق أن يتخذ له المبدأ الذى يتناسب والسياق السياسى المواكب أمريكيا وعالميا. ثم أصبح هذا التقليد ملزما بحكم القانون الذى عمل على إصداره الرئيس هارى ترومان سنة 1947. ومن ثم أصبح على كل رئيس أمريكى أن يصدره فى الأشهر الأولى من تنصيبه الذى يبدأ فى 20 يناير من العام الذى يلى اجراء الانتخابات (التى تُجرى فى 4 نوفمبر). هكذا بات على كل رئيس أمريكى جديد، بحكم القانون وليس عرفا بعد، أن يصدر وثيقة للأمن القومى تعكس مدى تطابق ما أعلنه الرئيس فى حملته الانتخابية من وعود تتعلق باستراتيجيته المزمع تطبيقها وما يتم تنفيذه منها، ونسبته، وفاعليته، ومصداقيته عمليا. وتشير القراءة التاريخية إلى أن رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية منذ «ترومان» قد حرصوا على إعلان «المبدأ» الذى سيتبعونه فيما يتعلق بالأمن القومى الأمريكى خلال الأشهر الأولي، من بدء فترة رئاستهم. بيد أن ترامب كسر هذا التقليد القانونى فى فترة رئاسته الأولى إذ تأخر ما يقرب من السنة لإعلان رؤيته للأمن القومي. وها هو بعد مرور أربعة أشهر على تنصيبه لفترة رئاسة ثانية لم يعلن بعد، توثيقا، عقيدته للأمن القومي. فى هذا الإطار، ترصد لنا الدراسة الافتتاحية لدورية فورين أفيرز (عدد مايو/يونيو 2025) المعنونة: صعود وسقوط تنافس القوى العظمي؛ الذى حاولت فيه أستاذة العلوم السياسية «ستايسى جودارد» فهم رؤية ترامب للأمن القومى فى فترتى رئاسته الأولى والثانية. وذلك من خلال دراسة مقارنة بين مجالات حركته للتأثير فى المنظومة العالمية فى كل فترة رئاسية من الفترتين. بداية، تؤصل الباحثة للمسار التاريخى للأمن القومى الذى حكم ممارسات رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وإبان الحرب الباردة، بأنهم كانوا يعملون دوما ــ بدرجة أو أخرى على دمج القوي/الدول الأخرى فى المنظومة الدولية تحت قيادتها. ولكن مع انطلاقة عهد ترامب الأول سادت روح «تنافسية» هدفها بقاء أمريكا متقدمة على منافسيها وتحديدا: الصين وروسيا. وتستعيد الباحثة الوثيقة «الترامبية» للأمن القومى التى صدرت متأخرة كثيرا فى فترة رئاسته الأولي، حيث ورد فيها نصا:»أن خصوم واشنطن «يتصارعون حول ما نتميز به من مزايا جيوسياسية، ويحاولون تغيير النظام الدولى لخدمة مصالحهم». انطلاقا من هذا المبدأ تحرك «ترامب» يخلخل النظام الدولى تحت شعار «أمريكا أولا». ثم جاء «بايدن» محاولا بناء إجماع دولى ضد ما أطلق عليه» القوى الاستبدادية التى تتبنى سياسات خارجية رجعية»، من خلال «التمايز (فى المنافسة) على الصين والسيطرة على العدوانية الروسية». صحيح أنه لم تحظ محاولة «بايدن» بالإجماع اللازم، لكنها فى الحد الأدنى لم تؤثر سلبيا على بنية النظام الدولي. وتوقع المراقبون مع عودة ترامب الثانية أن ترتفع وتيرة الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين منافسيها الصاعدين.إلا أن ترامب، وبالرغم من إسراعه بتنفيذ التعريفات الجمركية المبالغ فيها والتى كان لها تداعيات على الداخل الأمريكى فإنه فى نفس الوقت سعى إلى عقد صفقات منفردة مع روسيا، كما أشار إلى رغبته فى التوصل إلى تسوية شاملة مع الرئيس الصيني. وعن السلوك الترامبى فى تعاطيه مع الصين وروسيا يرصد كثير من المراقبين كيف أن هذا السلوك قد عبر عن قفز أمريكى على الشراكة الأمريكية الأوروبية ــ الغربية الأطلسية ــ التاريخية. مما دفع هؤلاء المراقبين إلى وصف التحرك الترامبى «بالتواطؤ» Collusion؛ من خلال الصفقات. وهو ما أشرنا له فى أكثر من مقام، مبكرا، فى مقالاتنا التى تتبعنا فيها أداءات ترامب التى وصفناها بالزمن الترامبى منذ 2017 وكيف أن الذهنية «الصفقاتية» deal mentality؛ تحكم تسييره الأمن القومى الأمريكي. وعن هذا التسيير الذى يمكن أن نطلق عليه: الانقلابي؛ على الكثير من تقاليد مبادئ الأمن القومى التى اتبعها الرؤساء الأمريكيون الذين سبقوا ترامب، يقول المنظر الروسى الذى وصفناه «بعقل بوتين، ألكسندر دوجين» فى كتابه الذى عرضنا له حين صدوره مطلع هذا العام: «ثورة ترامب: نظام جديد للقوى العظمي»؛ يقول دوجين إن ما يأخذه ترامب من قرارات هو بمثابة '' تسونامى أيديولوجى وجيوسياسى Ideological & Geopolitical Tsunami ''؛ وحوله تقول «ستايسى جودارد»، ووفقا للتاريخ، إن: «مقاربة ترامب الجديدة التواطئية الصفقاتية، مهددة بخاتمة غير طيبة». إذ إن «تسونامي» ترامب الراهن يندفع دون غطاء ــ بدرجة أو أخرى من القوى التاريخية الحليفة لأمريكا، إضافة لعدم الثقة الذى بات واضحا بين المنظمات الدولية كمنظمة الصحة العالمية والمحكمة الجنائية الدولية، ومنظمة التجارة العالمية وبين أمريكا. ولا ننسى فى هذا المقام، التنصل الأمريكى الترامبى تحديدا ــ من الالتزامات حيال اتفاقات مواجهة التدهور المناخى والانهيار البيئى والحد من انتشار الأسلحة النووية. الخلاصة، من الصعب تصور نجاح ترامب فى تطبيق إستراتيجيته للأمن القومى القائمة على عقد الصفقات المتبادلة التى تعتمد الترهيب والابتزاز والرشاوى لحث الشركاء (القوي/الدول الأخري) على التواطؤ. وفى ضوء الخبرة التاريخية لم تنجح هكذا استراتيجية لأنها لا تحسم الصراعات أو تخفف من حدتها. والسؤال الذى تطرحه الباحثة وغيرها من الاستراتيجيين ما الضمان فى عدم انقلاب ترامب على الحالة التواطئية ؟ وهل يمكن للصين وروسيا القبول بها طويلا؟؛ نتابع...