منذ 11 ساعات
"حرب إيران وإسرائيل" تشعل أزمة جديدة بين المغرب والجزائر على مواقع التواصل
كتبت- سهر عبد الرحيم:
في حلقة جديدة من سلسلة الأزمات بين الجزائر والمغرب، الجارتان اللتان اعتادتا على التوتر شبه المستمر في علاقاتهما، تصاعدت حرب الدعاية المتبادلة عبر منصات التواصل الاجتماعي بعدما تداولت حسابات مغربية وجزائرية مزاعم عن مقتل ضباط من البلدين خلال مشاركتهم في الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل.
مقتل ضباط جزائريين في إيران
زعمت وسائل إعلام مغربية خلال اليومين الماضيين، مقتل ضباط جزائريين في إيران جراء مشاركتهم في صفوف الحرس الثوري في الحرب ضد إسرائيل. وتداولت حسابات مغربية وثيقة قيل إنها "مُفبركة" تتعلق بالموضوع.
والو غير نردو ليهم الصرف و صافي
وثيقة مسربة من سفارة الجزائر في طهران حول مقتل ضباط جزائريين ساميين في منشأة تابعة للحرس الثوري الايراني
— Anas Sh (@anass004e) June 22, 2025
وقالت بعض وسائل الإعلام المغربية والتي كانت أبرزها موقع "هسبريس"، إن ضباط جزائريين قُتِلوا خلال الهجوم الجوي الذي شنّه جيش الاحتلال الإسرائيلي على مواقع تابعة للحرس الثوري الإيراني في العاصمة طهران.
وأثناء الهجوم الإيراني، قُتِل 4 عناصر جزائرية برتب عالية، وهم: لمين زوقار، ومصطفى دحروش، والسعيد راشدي وتاج الدين مغولي، وفق ما ادعاه موقع "هسبريس" الإلكتروني المغربي.
وهاجمت حسابات مغربية ما نشره "هسبريس" المغربي، إذ علق أحد مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي على منصة "إكس" على الخبر قائلًا: "هادوا الي يقولوا كذب روحوا شوفوا الصحف العالمية الي نشرت الخبر". كما شكك آخرون في مصداقية الموقع والأخبار التي ينشرها بشأن الجزائر.
— Mouna Idrissi (@Moun_245) June 20, 2025
مقتل ضباط مغاربة في إسرائيل
وفي المقابل وردًا على ما تداولته وسائل إعلام مغربية، شنت حسابات جزائرية حملة مضادة زعموا فيها مقتل ضباط مغاربة في إسرائيل خلال مشاركتهم في الحرب ضد إيران. كما تم تداول وثيقة قيل إنها "مُفبركة" في هذا الشأن.
— 🇮🇷/🇲🇦/🇮🇱 وثيقة مسربة تؤكد مقتل جنديين مغربيين وإصابة آخر إثر ضربات إيرانية على مواقع عسكرية إسرائيلية، بما في ذلك قاعدة ميرون.
وتم التعرف على هوية الضابطين القتيلين وهما النقيب مهدي جنور
والقائد جمال إدريسي. #المغرب_تايلند_أفريقيا #الجزائر #IranVsIsrael
— Ⓜ️ 🇩🇿نسيم النايلي 🇩🇿♥ (@Algeriahbb17) June 22, 2025
ووفق الوثيقة التي قيل إنها مسربة، فإن جنديين مغربيين قُتِلا وأُصيب آخر إثر ضربات إيرانية على مواقع عسكرية إسرائيلية، بما في ذلك قاعدة ميرون. وتم التعرف على هوية الضابطين القتيلين وهما النقيب مهدي جنور والقائد جمال إدريسي.
مصرع أربعة ضباط مغاربة في إسرائيل
الحادثة لم تعد مجرد إشاعة عابرة، بل جرس إنذار لحقيقة أعمق: أن المغرب، رسميًا أو ضمنيًا، بات جزءًا من التحالف العسكري الذي يواجه إيران في صراع إقليمي متفجر. ويبقى السؤال: هل يدرك صانع القرار في الرباط حجم النار التي يقترب منها؟
— SEHIL سهيل🇩🇿🇩🇿 (@sehilelhadj2) June 20, 2025
وعلق موقع "هسبريس" المغربي على ما تم تداوله، قائلًا إن شكل هذه الوثيقة "المزعومة" وصياغتها الركيكة، إضافة إلى مضمونها الدعائي السطحي، لا يحتاج إلى جهد كبير لاكتشاف زيفها، وكذا هدفها الرامي إلى خلق ضجة إعلامية زائفة وتأجيج الرأي العام العربي والإسلامي ضد المغرب في توقيت محسوب بعناية.
عقود من الصراع الطويل بين البلدين
لم تكن هذه الأزمة الوحيدة بين الجزائر والمغرب، إذ تطورت الصراعات بين البلدين على مر السنين والتي تعددت وجوهها بين سياسية واقتصادية وحدودية، فضلًا عن النزاع حول ملكية الصحراء الغربية، القضية المحورية في الصراع.
بدأت الخلافات بين المغرب والجزائر بعد استقلال الأخيرة عام 1962، إذ وقع خلاف حدودي بين البلدين حول منطقتي تندوف وبشار اللتين طالب بهما المغرب، ما تطور إلى إندلاع مواجهات عسكرية بينهما عُرِفت بـ"حرب الرمال" عام 1963.
الصحراء الغربية
الصراع على الصحراء الغربية، من أبرز أسباب التوتر في العلاقات الجزائرية المغربية، إذ يطالب المغرب بفرض سيادته الكاملة على المنطقة، بينما تدعم الجزائر جبهة البوليساريو الإنفصالية، التي تأسست عام 1973 بهدف إقامة دولة مستقلة عن المغرب في الصحراء المتنازع عليها.
ويسيطر المغرب حاليًا على نحو 80% من أراضي الصحراء الغربية، وهي المناطق التي يُطلق عليها اسم "الأقاليم الجنوبية"، بينما تسعى جبهة البوليساريو، المدعومة جزائريًا، إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير الذي أقرته الأمم المتحدة عام 1991 ضمن اتفاق وقف إطلاق النار، غير أنه لم يُنفذ حتى الآن.
قطع العلاقات وإغلاق الحدود
في مارس 1976، قرر المغرب بشكل مفاجئ وفردي قطع علاقته مع الجزائر، على خلفية دعم الأخيرة لجبهة "البوليساريو". ولكن في عام 1988 تم تطبيع العلاقات بين البلدين.
وفي أعقاب تفجيرات بمدينة مراكش المغربية عام 1994 واتهام المغرب جزائريين بالتورط فيها فضلًا عن فرضها استخراج تأشيرة دخول على المواطنين الجزائريين وطرد من لا يحمل رخصة إقامة، قررت الجزائر إغلاق حدودها البرية مع جارتها الإفريقية.
وعُقِدَ أول لقاء رسمي في الجزائر بين الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وملك المغرب محمد السادس في مارس 2005. وزار وزير خارجية المغرب السابق سعد الدين العثماني الجزائر في يناير 2012، وفي مارس من العام ذاته زار الناطق باسم الحكومة المغربية مصطفى الخلفي الجزائر بهدف تعزيز العلاقات.
لكن عادت العلاقات إلى مأزق مرة آخرى في أكتوبر 2013 عندما أعلن المغرب سحب سفيره في الجزائر ردًا على ما جاء في مضمون رسالة للرئيس الجزائري بوتفليقة إلى اجتماع "مؤتمر دعم الشعب الصحراوي"، في إشارة إلى الصحراء الغربية، بالعاصمة النيجيرية أبوجا.
وفي محاولة جديدة لإحياء العلاقات بين البلدين، دعا ملك المغرب محمد السادس، نوفمبر2015، الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، إلى الارتقاء بالعلاقات الثنائية لمستوى تطلعات الشعبين، وجاء ذلك في برقية تهنئة بمناسبة احتفال الجزائر بالذكرى الـ60 تخليدًا لثورة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي.
ولكن في يناير 2016، اتهم المغرب الجزائر بدورها في "عدم تقدم" مفاوضات قضية الصحراء. وفي مارس 2017، وقعت مشادة كلامية بين مندوبي المغرب والجزائر بجامعة الدول العربية، عقب رفض المندوب الجزائري إدراج بند لمشروع القرار الذي سيرفعه المندوبون الدائمون لاجتماع وزراء الخارجية يرحب بعودة المغرب للاتحاد الإفريقي.
واستدعى المغرب السفير الجزائري لديه في أبريل 2017، وأعرب عن "قلقه البالغ" إزاء أوضاع نازحين سوريين على الحدود مع الجزائر، وفي المقابل، استدعت الخارجية الجزائرية السفير المغربي لديها لإبلاغه رفضها القاطع لما وصفته بـ"الادعاءات الكاذبة" التي وجهها المغرب لها بمحاولة ترحيل رعايا سوريين نحو أراضي المملكة.
وفي أكتوبر 2020، أغلق ناشطون صحراويون المعبر الحدودي الوحيد الذي افتتحه المغرب عام 2002 لإيصال منتجاته إلى غرب أفريقيا عبر الأراضي الموريتانية. ومن جانبه، أعلن المغرب نوفمبر من العام ذاته، إقامة "حزام أمني" لتأمين تنقل الأشخاص ونقل السلع عبر معبر الكركرات الحدودي.
وشهدت العلاقات تصعيدًا خطيرًا في أغسطس 2021، عندما أعلنت الجزائر قطع علاقاتها مع المغرب. وفي أكتوبر 2021، أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عدم تجديد عقد استغلال خط أنابيب الغاز الذي يزود إسبانيا بالغاز الجزائري مرورًا بالمغرب.
وفي محاولة جديدة لإحياء العلاقات المتدهورة بين المغرب والجزائر، وبعد أشهر من قطع العلاقات، أطلق العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في عام 2022، مبادرة لرأب الصدع؛ لكنها لم تنجح.