منذ 12 ساعات
بانه تقدّم "جازيات" على مسرح دبي... الكلمة في مواجهة هوس الأرقام
وأنت تشاهدها على المسرح، لا بدّ لك من أن تشعر بأمرين: أولاً، أنها فنانة موهوبة، تستمتع معها بصوتها الجميل، وتسافر من خلالها إلى روائع الأغاني العربية والأجنبية التي تصوغها بروح مشروعها "جازيات". وثانياً، تحاكيك بعفويتها وصدقها، فتشعر كأنك في جلسة دافئة مع صديقة مقربة.
هذا ما اختبرته في أول حفل موسيقي أحضرته للفنانة البحرينية-الفلسطينية بانه. لكن التجربة لم تقتصر على الفنانة فحسب، بل شملت أيضاً الإنسانة التي تحدّثت معها بعد الحفل، والمذيعة التي حظيت بفرصة لقائها في إذاعة Plus FM في البحرين.
اليوم، تستعد بانه لتقديم حفلها الجديد بعنوان "Jazziyat" على مسرح زعبيل في دبي، في 27 حزيران/يونيو. وبعد نجاح حفلها في لندن، تؤكّد أن "هذا اللقاء يعني لي الكثير، خصوصاً أنه أول عرض لـ"جازيات" في العالم العربي. وشرف كبير أن أقدّمه في الإمارات... وإن شاء الله ينال إعجاب الجمهور".
منذ سبع سنوات، بدأت بانه تتعمّق في الموسيقى العربية، تدرس المقامات وتستمع إلى عمالقة الطرب العربي مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ. وعلى الرغم من نشأتها على الموسيقى الغربية، فقد جذبتها الكلمة واللحن العربي، فدفعها شغفها إلى المزج بين هذين العالمين، ونتج عن ذلك مشروعَا "جازيات" و"إلكترونيات"، في محاولة لخلق مساحة فنية تجمع ما بين الشرق والغرب.
وبهدف الابتعاد عن التكرار، تتحضّر بانه لكل حفل بشكل مختلف، فتختار أغاني جديدة، وتزيّن كل واحدة منها بقصة صغيرة تُذيب الحاجز بينها وبين الجمهور، وتحوّل الحفل إلى مساحة تفاعلية نابضة بالحياة.
عفويتها تعكس صدقها
بانه، التي كانت تعمل في مجال إدارة الأعمال، وجدت في الموسيقى مساحة لتحقيق ذاتها، بعيداً عن إرضاء الآخرين فقط. وهذا ما يفسّر توجّهها المتزايد إلى الكتابة والتلحين، انطلاقاً من رغبتها في تقديم قصص حقيقية تحاكي الواقع وتترجم تجارب الناس. من هذه المواضيع: النرجسية في الحب، والأمومة وتلاشي هوية بعض الأمهات، وضغط العصر الحديث الذي يمنع الناس من الاستمتاع باللحظة.
وهي ترى أن "جوهر الفن أن يقدّم الفنان عمله من قلبه، وأن يكون حقيقياً". وتضيف: "عفويتي على المسرح هي جزء من هويتي. لستُ شخصاً يسعى وراء الشهرة، بل أطمح إلى أن تصل أغنياتي وتنجح". وتتابع: "أظنّ أنني أكثر صدقاً من أن أكون فقط عفوية. حتى على المسرح، وفي برنامجي الإذاعي، أتحدّث عن حياتي بلا أقنعة. ليس لدي ما أخسره، وعندي حسن الظن بالناس". وتشدد على أن الجمهور اليوم، في زمن السرعة والسطحية على مواقع التواصل، بحاجة ماسّة إلى رؤية ما هو حقيقي.
الكلمة في مواجهة هوس الأرقام
فما الذي تخشاه بانه اليوم؟ "أخاف أن أنجرف مجدداً في دوامة الأرقام وهوس المشاهدات والإعجابات (Likes)، كما حصل سابقاً"، تقول. وتشير إلى أنها تعتبر نفسها محظوظة بفضل انطلاقتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً خلال جائحة كورونا، حين حققت أغنيتها "القعدة الحلوة" ملايين المشاهدات على "تيك توك"، ورافقتها رقصة ترند.
لكنها تعلّمت أن "التسويق مهم، لكن لا يجب أن يتحوّل إلى هوس". وتقرّ بأنها كانت سابقاً مهووسة بالحضور الدائم والمنافسة، لكن التجربة علّمتها أن ذلك لا يجلب لها الامتنان، مضيفة: "أصبحت أركّز على تقديم شيء جميل، وكلام يحاكي الجيل الجديد والقديم".
وترى أن الزمن اليوم هو زمن الكلمة أكثر من اللحن. "الكلمة التي تحمل موضوعًا جديدًا وواقعياً، ستصل إلى الجمهور، لأنه سيشعر بصلة تربطه بها... وبالتالي، بالفنان".