logo
#

أحدث الأخبار مع #JusExclusivae

الكونكلاف: هل انتخاب البابا بمنأى عن أي شكل من أشكال التأثير؟
الكونكلاف: هل انتخاب البابا بمنأى عن أي شكل من أشكال التأثير؟

فرانس 24

time٠٦-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • فرانس 24

الكونكلاف: هل انتخاب البابا بمنأى عن أي شكل من أشكال التأثير؟

في الأيام الأخيرة، أشعلت وسائل إعلام إيطالية محافظة جدلا واسعا باتهامها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمحاولة التأثير على مجريات الكونكلاف الذي يتوقع أن يبدأ أعماله الأربعاء وذلك من خلال إجراء لقاءات خاصة مع شخصيات ذات نفوذ داخل الفاتيكان. وذكرت هذه الوسائل أن ماكرون استضاف مؤسس جماعة "سانت إيجيديو" التي تتمتع بنفوذ كبير في دوائر الكرسي الرسولي لتناول العشاء. كما نظم أيضا غداءً رسميًا في فيلا بونابرت (سفارة فرنسا لدى الفاتيكان) مع أربعة كرادلة فرنسيين يملكون حق التصويت في الكونكلاف. وأوردت صحيفة "إل تيمبو" الإيطالية أن ماكرون يعول خصوصا على الكاردينال جان-مارك أفيلين لإعادة الحبرية إلى فرنسا، بعد مرور أكثر من ستة قرون على انتخاب البابا غريغوار الحادي عشر، آخر بابا فرنسي. فيما أعاد هذا الجدل إلى الواجهة سؤالا قديما: هل يستطيع رؤساء الدول التأثير فعلا على انتخاب البابا؟ فمن الناحية القانونية، لم تعد الدول تمتلك أدوات رسمية للتدخل في عملية الانتخاب، بعد أن ألغى البابا بيوس التاسع عام 1904 ما كان يُعرف بـ"حق الاستثناء" أو "Jus Exclusivae"، والذي كان يتيح لبعض القوى الكاثوليكية الأوروبية، مثل (ممالك فرنسا وإسبانيا والإمبراطورية النمساوية ثم النمساوية-المجرية)، الاعتراض على انتخاب أي مرشح لا يخدم مصالحها. الإليزيه ينفي تورطه في التدخل لكن رغم زوال هذا الحق، لا تزال بعض الدول تسعى، بطرق غير مباشرة، إلى التأثير على توجهات الكنيسة واختيار البابا، وذلك عبر لقاءات دبلوماسية، وتعيينات استراتيجية داخل الكنيسة، وضغوط إعلامية، وأحيانا من خلال مجموعات ضغط فكرية تعمل داخل الأوساط الكاثوليكية. خليفة محتمل للبابا فرنسيس من أفريقيا؟ 01:53 تاريخيا، ظل الكونكلاف يشكل ساحة للتوازنات السياسية بقدر ما هو لحظة دينية. وكان انتخاب البابا دائمًا يعكس صراعات نفوذ بين الدول الكاثوليكية الكبرى. لكن قصر الإليزيه نفى بشدة الاتهامات بالتدخل التي طالت الرئيس، حيث إن الدول لا تملك إمكانية التأثير الحاسم أو الرسمي على نتيجة المجمع الانتخابي. ومع ذلك، فإن ذلك لا يمنع بعض الدبلوماسيات أو بعض الأجهزة أو القادة من إبداء اهتمام كبير بهذا الأمر. وتُمارَس هذه التدخلات من خلال الاستقبالات والتعيينات الاستراتيجية داخل الكنيسة نفسها، أو من خلال الضغوط عبر وسائل الإعلام أو الرأي العام، أو عبر جماعات الضغط الإيديولوجية عن طريق التيارات المختلفة المتواجدة داخل الكنيسة الكاثوليكية. هذا، وتشير بعض التحليلات إلى أن انتخاب البابا فرنسيس قد تأثر ببعض الاعتبارات الجيوسياسية، لا سيما الرغبة في موازنة الديناميكيات العالمية للسلطة من خلال اختيار بابا من الجنوب. وقد تم اعتبار انتخابه بعد ذلك استجابة لتطلعات المؤمنين في المناطق النامية. في العصر الحديث، ورغم التشديد على استقلالية الكنيسة، لم تختف الاعتبارات الجيوسياسية من خلفيات بعض الانتخابات البابوية. فقد رأى محللون أن انتخاب البابا فرنسيس عام 2013 جاء استجابة لرغبة في كسر المركزية الأوروبية ومنح صوت أقوى للكنائس في بلدان الجنوب، خصوصا أمريكا اللاتينية. قبل ذلك، وفي عام 1978، اعتُبر انتخاب يوحنا بولس الثاني – أول بابا غير إيطالي منذ 455 عاما – حدثا له دلالة سياسية قوية، خاصة أن الفاتيكان حينها كان تحت أنظار العالم في ظل الحرب الباردة. وكان دعم الولايات المتحدة غير معلن، لكنه محسوس، لا سيما أن اختيار الكاردينال البولندي كارول فويتيلا وُصف بأنه رسالة موجهة إلى الكتلة السوفياتية. هذا، ويشير مؤرخ العلاقات الدولية آرون باتيمان إلى أن الاستخبارات السوفياتية (الكي جي بي) شعرت بقلق بالغ بعد انتخاب البابا البولندي. وأفاد باتيمان، نقلا عن وثائق أرشيفية، أن يوري أندروبوف، رئيس الكي جي بي آنذاك، تفاجأ بشدة من اختيار شخصية تنتمي إلى بلد شيوعي. كما أظهرت وثائق رفعت عنها السرية من وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) أن انتخاب بابا بولندي كان من شأنه أن ينعش الحس القومي في بولندا، ويشكل تحديا حقيقيا لسلطة الاتحاد السوفياتي في أوروبا الشرقية. "ماكرون لا يملك أي نفوذ فعلي على مجريات الكونكلاف" بالعودة إلى الحاضر، يرى الباحث الفرنسي أوليفييه ماتونا، المتخصص في دراسة وسائل الإعلام والاتصال في سياق الفاتيكان، أن لقاء الرئيس ماكرون بالكرادلة الفرنسيين لا يحمل بالضرورة تأثيرا مباشرا ولن يتوصل إلى نتيجة بشكل حتمي. ويوضح: "أن الرغبة في رؤية كاردينال من بلد معين يصبح بابا، أمر طبيعي. لكنه ليس عاملًا حاسما". وقال هذا المتخصص: "هناك شيء من الحماسة الوطنية، لكنه غير مؤذ"، مضيفا بنوع من التحذير: "لكن إذا تم التعبير عن ذلك بأساليب دبلوماسية ضاغطة أو متكررة، فقد تكون النتائج عكسية. الكرادلة لا يحبذون أن يشعروا بأنهم يستخدمون أو يستغلون". في السياق نفسه، صرح فريديريك مونييه، المراسل السابق للجريدة الفرنسية «لا كروا" في روما، بأن ماكرون "لا يملك أي نفوذ فعلي على مجريات الكونكلاف". رغم ذلك، لا تجري الانتخابات البابوية في ظل وجود فراغ سياسي. بل إن محاولات التأثير، وإن اختلفت أساليبها، لا تزال حاضرة. هذا، وتلعب جماعات كاثوليكية مؤثرة مثل جمعية "سانت إيجيديو" دورا فاعلا في الكواليس، نظرا لدورها التاريخي في الوساطات الدولية، خاصة في أفريقيا والشرق الأوسط، وعلاقاتها الوثيقة مع قيادات الفاتيكان. في المقابل، أصبح الإعلام ساحة جديدة لصناعة صورة "البابا المحتمل" عبر الشبكات الاجتماعية، والمؤتمرات الصحفية، والمقالات، وحتى الشائعات، تبني أو تُهدم صور المرشحين. طرق عديدة للتأثير؟ خلال الأسابيع الماضية، تداولت مواقع كاثوليكية محافظة في الولايات المتحدة وإيطاليا شائعات عن الوضع الصحي للكاردينال بيترو بارولين، الذي يُعد من أبرز المرشحين. نُشرت هذه الشائعات على وسائل التواصل الاجتماعي الكاثوليكية اليمينية في الولايات المتحدة، وفي صحيفة إيطالية محافظة. لكن المتحدث الرسمي باسم الفاتيكان نفى صحتها، ووصفت وسائل الإعلام الإيطالية الأمر بأنه "محاولة لتقويض فرص بارولين". كما ظهر بعد وفاة البابا فرنسيس فيديو قديم يعود لعام 2019 يُظهر الكاردينال الفلبيني لويس أنطونيو تاغلي وهو يغني مقطعا من أغنية "Imagine" لجون لينون. اتُّهم تاغلي بـ"الهرطقة"، رغم أنه لم يغن المقطع الذي يتحدث عن غياب الدين أو الجنة. وكتبت مواقع محافظة تتساءل: "هل هذا هو الشخص الذي نريده ليصبح بابا؟" من جهة أخرى، وزع صحافيان محافظان من بريطانيا والولايات المتحدة كتيبا مكونا من 200 صفحة على الكرادلة، قبيل بدء اجتماعات ما قبل الكونكلاف. احتوى الكتيب على ملفات شخصية لثلاثين كاردينالا، مع تحليلات لمواقفهم العقائدية والاجتماعية. أما الأصوات الإصلاحية، فقد عبرت بدورها عن مواقفها. إذ نشر شبان كاثوليك من شمال أوروبا رسالة مفتوحة دعوا فيها الكرادلة إلى اختيار بابا يكمل نهج فرنسيس، مؤكدين أنه "فتح الأبواب وكسر المحظورات". واستغلت مجموعات أخرى الجدل المتواصل حول قضايا الاعتداءات الجنسية داخل الكنيسة، ونظمت مؤتمرات صحفية في روما لتسليط الضوء على مواقف بعض الكرادلة من هذه الفضائح، متهمة بعضهم بالتقصير أو التواطؤ. كل هذه التحركات، سواء كانت علنية أو خلف الأبواب المغلقة، تؤكد أن انتخاب البابا لم يفقد طابعه السياسي. ورغم الجدران الصامتة للكنيسة السيستينية، تبقى الانتخابات البابوية حدثا عالميا يحمل رهانات تتجاوز الدين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store