#أحدث الأخبار مع #Larmedufaibleبديل٠٨-٠٥-٢٠٢٥ترفيهبديلالضحك في السياسة والسخرية من السلطة تزعج الحاكم وتغضبه، كما يقول مايكل بيل (Michael Billig) في كتابه 'الضحك والسخرية' (Laughter and Ridicule).في هذا الكتاب، يفرق الكاتب بين السخرية كأداة 'نقد اجتماعي وسياسي'، والسخرية التافهة المخصصة فقط للضحك من أجل الضحك. يرى بيل أن (السخرية السياسية تساهم في إنتاج نقاش عمومي غير رسمي، وهي تعبير عن مشاركة غير نخبوية في السياسة، مشاركة عفوية في حقل مضاد، لكنها قد تكون منتجة وقادرة على التأثير). لماذا تزعج السخرية السياسية من يحكم؟ ليس لأن صاحب السلطة مكتئب طوال الوقت، وليس لأنه جاد متجهم دائمًا… لا. السلطة تكره السخرية منها، لأنها تزيل الهيبة عن قداستها، وتعمم النقد المغلف بعبارات مضحكة في أوساط الشعب. وثانيًا، لأن السخرية من بطش السلطة تسعد الضحايا، وتدخل إلى قلوبهم نوعًا من التعويض السيكولوجي عن المعاناة والقهر الذي تعرضوا له. خذوا مثلًا: في أربعينيات القرن الماضي، كان أشهر فيلم ساخر من هتلر هو 'الخياط الصغير'، الذي لعب دور البطولة فيه شارلي شابلن، تحت اسم 'هينكل' بدلًا من 'هتلر'… لكن التشابه كان صارخًا لا يخطئه الخيال. وقد أغضب هذا الفيلم الساخر هتلر أكثر مما أغضبه أي حدث آخر في مغامرته للسيطرة على العالم! ولهذا السبب، لم يُمنع عرض الفيلم في ألمانيا فقط، بل مُنع أيضًا في الدول التي كان النازيون يسيطرون عليها مثل بلجيكا، والنمسا، وفرنسا، وبولندا وغيرها. السخرية، كما يقول الفلاسفة، هي 'سلاح الضعيف' (L'arme du faible). – في عالم السياسة، لا شيء أكثر خطورة من الضحك والسخرية ! لأنهما لا يكتفيان بفضح العيوب، بل يسحبا الهيبة من فوق الرؤوس الكبيرة والمحاطة بالكثير من البروتوكولات والتقاليد المرعية بعناية لإبقائها فوق مستوى النقد والمساءلة . – اليوم، نأخذكم في رحلة بين طرائف الحكام، وسخريات الشعوب، لنكتشف كيف كان الضحك دائما… حيلة الضعفاء وسلاحهم السري! لما طال مرض الجنرال فرانكو الذي كان يخنق الأنفاس في إسبانيا لعقود طويلة بعد ان تسلم السلطة بمساعدة فيالق مغربية استقدمها من ريف المغرب يحارب بها خصومه في الحرب الاهلية الإسبانية، المهم بعد مرضه، بدأ الإسبان يطلقون نكتًا عنه. واحدة من هذه النكت تقول:( إن جمهورًا من أنصار فرانكو جاءوا أمام قصره ليودعوه، بعد أن أصبح مرضه بلا شفاء، وقد بلغ من العمر عتيا،استفاق الجنرال من غيبوبته، فسأل طبيبه:– 'ما هذه الجلبة خارج القصر؟' فرد الطبيب: – 'هذا شعبك يا جنرال، جاء يودعك.' ابتسم فرانكو وقال: – 'إلى أين يسافر شعبي؟ حتى يأتي ليودعني؟' لم يتصور الديكتاتور للحظة أنه هو المسافر إلى العالم الآخر، بل ظن أن الشعب هو المسافر، أما هو فباقٍ لا يتحرك ولا يموت ! كانت هذه نكتة عن تشبث الديكتاتور فرانكو بالسلطة حتى وهو على فراش الموت … وفي المغرب… كان الناس، خاصة في سنوات ما يُسمى بـ'سنوات الرصاص'، يطلقون نكتًا عديدة عن الملك الراحل الحسن الثاني ووزيره القوي في الداخلية. النكتة كانت وسيلة للتنفيس، وأحيانًا للانتقام من قسوة الأوضاع. يُروى أن الحسن الثاني التقى شابًا مراكشيًا عاطلًا عن العمل جالسًا في جامع لفنا في صيف حارق. اقترب الشاب بسرعة وقبّل يد الملك، فسأله الملك بود: – 'أين تشتغل ياولدي؟' رد الشاب بلهجته المراكشية المحببة: – 'في المرسى، نعماس!' استغرب الملك وقال له: – 'وهل يوجد بحر في مراكش لتعمل انت في المرسا ؟' فرد الشاب سريع البديهة: – 'وهل يوجد نعماس خدمة في مراكش، لتسألني عنها؟!' أما إدريس البصري، الذي كان الفنان أحمد السنوسي (بزيز) يلقبه ساخرًا بـ'ministre d'état chose'، فتدور عنه نكتة شهيرة: ذات مرة، كان البصري راجعًا مع الملك الحسن الثاني من فرنسا. وفي الطائرة، أراد أحد المؤنسين أن يخفف الجو، فقال للملك: – 'يا مولاي، إذا ألقيت 25 مليون من هذه الطائرة التي دخلت الأجواء المغربية، ربما تسعد 25 مواطنًا هذا اليوم!' رد عليه الملك ضاحكًا: – 'وماذا أفعل إذا أردت أن أسعد 25 مليون مغربي؟' رد المؤنس بلا تردد: – 'سهلة يا مولاي… ألقي لهم إدريس البصري من الطائرة!' ضحك الحسن الثاني وكل من كان بالطائرة… بمن فيهم البصري، الذي ابتسم مجبرًا، وأسرها في نفسه إلى أن يجد الفرصة للانتقام لما جاء عبد الإله بنكيران، المعروف بروح النكتة حتى ولو كانت حامضة أحيانًا، اشتكى فنانو السخرية والكوميديا في المغرب من أنه حرمهم من رزقهم! لم يعد المغاربة يتابعون أعمالهم، لأن بنكيران حول البرلمان إلى عرض فكاهي أسبوعي. لكنه حين دخل في محنة 'البلوكاج'، دفع أغلى ثمن مقابل كل تلك النكات التي كان يحكيها تحت القبة إلا يقول المغاربة عندما يضحكون الله يخرج هاد الضحك على خير . الخلاصة: ان الخطاب الساخر يُقرأ بوصفه خطابًا مقاومًا يشتغل على تقويض 'الخطاب الرسمي'، خصوصًا حين يكون مشبعًا بالإيديولوجيا السلطوية .. السخرية تُمارَس كـ'معرفة من تحت'، كما يسميها ميشيل فوكو – معرفة المهمَّشين، التي تزعزع يقينيات النخبة الحاكمة. اما لورنس ليفين (Lawrence Levine فاعتبر أن السخرية في الثقافة الشعبية الأمريكية كانت دومًا وسيلة 'للحديث عن الممنوع'، وأنها تعبر عن صراع طبقي مقنَّع بالضحك…) لكن يبدو ان ترامب اليوم يضحك على الجميع … وهكذا علمتنا السياسة أن الضحك سلاح… سلاح في يد الشعوب حين تخنقها الجدية الزائفة والخطب الرنانة. السخرية كانت وستبقى 'معرفة من تحت، تهز يقينيات النخب الحاكمة، وتفتح للأمل نافذة وسط جدران القمع. (جزء من سكريبت حلقة السبت من كلام في السياسة الرابط في اول تعليق ) ———-/————————————- شاهد وعلق وشارك حلقات بودكاست كلام في السياسة لا تدع اي حلقة تفوتك نتكلم حيث يصمت الآخرون مادمنا قادرين على الكلام الكلام صار مكلف في بلادنا لكن الصمت اكثر كلفة لا تنسوا هذا
بديل٠٨-٠٥-٢٠٢٥ترفيهبديلالضحك في السياسة والسخرية من السلطة تزعج الحاكم وتغضبه، كما يقول مايكل بيل (Michael Billig) في كتابه 'الضحك والسخرية' (Laughter and Ridicule).في هذا الكتاب، يفرق الكاتب بين السخرية كأداة 'نقد اجتماعي وسياسي'، والسخرية التافهة المخصصة فقط للضحك من أجل الضحك. يرى بيل أن (السخرية السياسية تساهم في إنتاج نقاش عمومي غير رسمي، وهي تعبير عن مشاركة غير نخبوية في السياسة، مشاركة عفوية في حقل مضاد، لكنها قد تكون منتجة وقادرة على التأثير). لماذا تزعج السخرية السياسية من يحكم؟ ليس لأن صاحب السلطة مكتئب طوال الوقت، وليس لأنه جاد متجهم دائمًا… لا. السلطة تكره السخرية منها، لأنها تزيل الهيبة عن قداستها، وتعمم النقد المغلف بعبارات مضحكة في أوساط الشعب. وثانيًا، لأن السخرية من بطش السلطة تسعد الضحايا، وتدخل إلى قلوبهم نوعًا من التعويض السيكولوجي عن المعاناة والقهر الذي تعرضوا له. خذوا مثلًا: في أربعينيات القرن الماضي، كان أشهر فيلم ساخر من هتلر هو 'الخياط الصغير'، الذي لعب دور البطولة فيه شارلي شابلن، تحت اسم 'هينكل' بدلًا من 'هتلر'… لكن التشابه كان صارخًا لا يخطئه الخيال. وقد أغضب هذا الفيلم الساخر هتلر أكثر مما أغضبه أي حدث آخر في مغامرته للسيطرة على العالم! ولهذا السبب، لم يُمنع عرض الفيلم في ألمانيا فقط، بل مُنع أيضًا في الدول التي كان النازيون يسيطرون عليها مثل بلجيكا، والنمسا، وفرنسا، وبولندا وغيرها. السخرية، كما يقول الفلاسفة، هي 'سلاح الضعيف' (L'arme du faible). – في عالم السياسة، لا شيء أكثر خطورة من الضحك والسخرية ! لأنهما لا يكتفيان بفضح العيوب، بل يسحبا الهيبة من فوق الرؤوس الكبيرة والمحاطة بالكثير من البروتوكولات والتقاليد المرعية بعناية لإبقائها فوق مستوى النقد والمساءلة . – اليوم، نأخذكم في رحلة بين طرائف الحكام، وسخريات الشعوب، لنكتشف كيف كان الضحك دائما… حيلة الضعفاء وسلاحهم السري! لما طال مرض الجنرال فرانكو الذي كان يخنق الأنفاس في إسبانيا لعقود طويلة بعد ان تسلم السلطة بمساعدة فيالق مغربية استقدمها من ريف المغرب يحارب بها خصومه في الحرب الاهلية الإسبانية، المهم بعد مرضه، بدأ الإسبان يطلقون نكتًا عنه. واحدة من هذه النكت تقول:( إن جمهورًا من أنصار فرانكو جاءوا أمام قصره ليودعوه، بعد أن أصبح مرضه بلا شفاء، وقد بلغ من العمر عتيا،استفاق الجنرال من غيبوبته، فسأل طبيبه:– 'ما هذه الجلبة خارج القصر؟' فرد الطبيب: – 'هذا شعبك يا جنرال، جاء يودعك.' ابتسم فرانكو وقال: – 'إلى أين يسافر شعبي؟ حتى يأتي ليودعني؟' لم يتصور الديكتاتور للحظة أنه هو المسافر إلى العالم الآخر، بل ظن أن الشعب هو المسافر، أما هو فباقٍ لا يتحرك ولا يموت ! كانت هذه نكتة عن تشبث الديكتاتور فرانكو بالسلطة حتى وهو على فراش الموت … وفي المغرب… كان الناس، خاصة في سنوات ما يُسمى بـ'سنوات الرصاص'، يطلقون نكتًا عديدة عن الملك الراحل الحسن الثاني ووزيره القوي في الداخلية. النكتة كانت وسيلة للتنفيس، وأحيانًا للانتقام من قسوة الأوضاع. يُروى أن الحسن الثاني التقى شابًا مراكشيًا عاطلًا عن العمل جالسًا في جامع لفنا في صيف حارق. اقترب الشاب بسرعة وقبّل يد الملك، فسأله الملك بود: – 'أين تشتغل ياولدي؟' رد الشاب بلهجته المراكشية المحببة: – 'في المرسى، نعماس!' استغرب الملك وقال له: – 'وهل يوجد بحر في مراكش لتعمل انت في المرسا ؟' فرد الشاب سريع البديهة: – 'وهل يوجد نعماس خدمة في مراكش، لتسألني عنها؟!' أما إدريس البصري، الذي كان الفنان أحمد السنوسي (بزيز) يلقبه ساخرًا بـ'ministre d'état chose'، فتدور عنه نكتة شهيرة: ذات مرة، كان البصري راجعًا مع الملك الحسن الثاني من فرنسا. وفي الطائرة، أراد أحد المؤنسين أن يخفف الجو، فقال للملك: – 'يا مولاي، إذا ألقيت 25 مليون من هذه الطائرة التي دخلت الأجواء المغربية، ربما تسعد 25 مواطنًا هذا اليوم!' رد عليه الملك ضاحكًا: – 'وماذا أفعل إذا أردت أن أسعد 25 مليون مغربي؟' رد المؤنس بلا تردد: – 'سهلة يا مولاي… ألقي لهم إدريس البصري من الطائرة!' ضحك الحسن الثاني وكل من كان بالطائرة… بمن فيهم البصري، الذي ابتسم مجبرًا، وأسرها في نفسه إلى أن يجد الفرصة للانتقام لما جاء عبد الإله بنكيران، المعروف بروح النكتة حتى ولو كانت حامضة أحيانًا، اشتكى فنانو السخرية والكوميديا في المغرب من أنه حرمهم من رزقهم! لم يعد المغاربة يتابعون أعمالهم، لأن بنكيران حول البرلمان إلى عرض فكاهي أسبوعي. لكنه حين دخل في محنة 'البلوكاج'، دفع أغلى ثمن مقابل كل تلك النكات التي كان يحكيها تحت القبة إلا يقول المغاربة عندما يضحكون الله يخرج هاد الضحك على خير . الخلاصة: ان الخطاب الساخر يُقرأ بوصفه خطابًا مقاومًا يشتغل على تقويض 'الخطاب الرسمي'، خصوصًا حين يكون مشبعًا بالإيديولوجيا السلطوية .. السخرية تُمارَس كـ'معرفة من تحت'، كما يسميها ميشيل فوكو – معرفة المهمَّشين، التي تزعزع يقينيات النخبة الحاكمة. اما لورنس ليفين (Lawrence Levine فاعتبر أن السخرية في الثقافة الشعبية الأمريكية كانت دومًا وسيلة 'للحديث عن الممنوع'، وأنها تعبر عن صراع طبقي مقنَّع بالضحك…) لكن يبدو ان ترامب اليوم يضحك على الجميع … وهكذا علمتنا السياسة أن الضحك سلاح… سلاح في يد الشعوب حين تخنقها الجدية الزائفة والخطب الرنانة. السخرية كانت وستبقى 'معرفة من تحت، تهز يقينيات النخب الحاكمة، وتفتح للأمل نافذة وسط جدران القمع. (جزء من سكريبت حلقة السبت من كلام في السياسة الرابط في اول تعليق ) ———-/————————————- شاهد وعلق وشارك حلقات بودكاست كلام في السياسة لا تدع اي حلقة تفوتك نتكلم حيث يصمت الآخرون مادمنا قادرين على الكلام الكلام صار مكلف في بلادنا لكن الصمت اكثر كلفة لا تنسوا هذا