#أحدث الأخبار مع #MissItalyالعربي الجديد٠٩-٠٥-٢٠٢٥ترفيهالعربي الجديد"إنقاذ مسابقة ملكة جمال إيطاليا": صراخ في غرفة صدىبين تسليع الجسد وتمجيد الذّكاء والحذاقة، وبين النسويّة الراديكاليّة والدفاع عن التقاليد بوصفها عنصراً من الهوية الوطنية، يأتي فيلم Miss Italy Must Not Die (إنقاذ مسابقة ملكة جمال إيطاليا) الصادر عام 2025 عن " نتفليكس "، للمخرجين بيترو دافيدي وديفيد غاليرانو، ليرسم لوحة سينمائية وثائقية معقدة عن أزمة مسابقة ملكة جمال إيطاليا. هذا الوثائقي لا يقدم حقائق موضوعية، بل انعكاسات ملتقطة عبر عدسة موجهة تعكس صراعاً أعمق بين المحافظة والحداثة، فالمسابقة التي تقدّم معايير الجمال مجسّدة بامرأة، تتحوّل إلى ساحة حرب لاختبار حدود الأنوثة والسياسة. يسرد المخرجان قصة انهيار مسابقة ملكة جمال إيطاليا، ويشاركان مع شخوصهما السينمائية في تشريح جثة نظام أبويٍّ يحتضر، ذلك في مجتمع تنحني فيه القيم القديمة أمام رياح التغيير التي تهب من الثقافة الإيطالية المعاصرة. يركز الفيلم في تقديم قصته عبر سرد مخاتل يركز على الشخصيات بدل البُنى الحكائية، ليكشف ما وراء كواليس المسابقة عبر مقابلات مع القائمين عليها. تبدأ الحكاية مع مديرة المسابقة المثابرة، باتريشيا ميريلياني، التي تحمل عبء إرث عائلي يعود إلى والدها إنزو، مؤسس المسابقة. تُصوَّر المديرة بطلةً تراجيدية تحارب لإنقاذ إرث عائلتها، بينما تُختزل الأزمة المؤسسية في صراعها الشخصي مع الذكورية ونسوية العالم الحديث. هنا، تتحول الأيديولوجيا إلى دراما إنسانية، تُبرر فيها المعاناة الفردية استمرارَ نظامٍ فاسد، ويلتقط الفيلم التناقض الصارخ: امرأة تقود مؤسسة تُتهم بتهميش النساء. تدرك باتريشيا أن المسابقة فقدت بريقها في عصر " إنستغرام " و" تيك توك "، ولم تعد أجساد النساء حكراً على منصات المسابقات. في أحد المشاهد، تواجه باتريشيا اتهامات تسليع جسد المرأة، بينما تدافع عن حق النساء في الاختيار. هذا المشهد يُجسد الصراع الأخلاقي الذي تعيشه؛ فتصويرها ضحيةً، يطمس النظام البطريركي الذي صنعها، حتى رفضها لمشاركة النساء المتحولات جنسياً في المسابقة يُقدّم لنا بوصفه حماقةً بريئة، وليس تناقضاً جذرياً في خطابها النسوي. تتصاعد أصوات النسويات لكننا لا نَراهنّ. ينتقدن رجالاً يقيمون أجساد فتيات في عمر أحفادهن. يخفف المخرجان حدة الصراعات عبر شخصية أورورا، الفتاة ذات الشعر القصير، فالمسابقة ليست شرّاً مطلقاً، ومن الممكن أن تكون وسيلة للتمرد من الداخل على المعايير نفسها. هذه كانت رسالة أورورا عبر مشاركتها في المسابقة، فتفضيلها الجمالي يتناقض مع جوهر المسابقة ويتجاوز الشكل. عندما ترفض القنوات الحكومية الإيطالية RAI بثّ المسابقة، تتحول القصة إلى معركة سياسيّة رمزيّة بين اليمين المحافظ الذي يرى في المسابقة جزءاً من الهوية الوطنية، واليسار التقدمي الذي يرفضها لأنها ترويجٌ لتسليع النساء وأجسادهنّ. مشهد آخر يدين الفكر المحافظ للقائمين على المسابقة هو محاولة باتريشيا لتقديم رقصة إجبارية كانت قد اشتهرت على "تيك توك"، وكانت هذه إحدى محاولاتها الكثيرة لاسترضاء الجمهور من دون المساس بالبنية الحقيقية للمسابقة. هذا يذكرنا بأن جسد النساء كان دوماً ساحة لصراعات السلطة. يُستوعب تمرّد أورورا ضمن إطار السوق، فتظهر بجانب ستة آلاف متسابقة يتنافسن بفساتين متطابقة وابتسامة محدّدة. الخطاب النسوي الموجه إلى المتشاركات يُختزل إلى سلعة كالجمال الذكي والمرأة القوية والتنوع العرقي. هذه الشعارات تُباع للمشاهد بوصفها بديلاً حضارياً عن البكّيني، وكل ما ذكر هو إكسسوارات توضع على الجسد المُشيّأ لرفع فرص نجاحه في المسابقة. المشهد الذي تُوزَّع فيه القضايا الإنسانية كالحرب والتغير المناخي على المتسابقات هو ذروة السخرية، إذ تتحوّل المعاناة العالميّة إلى ديكور لمسابقة جمال. الفيلم يعتمد على خطابٍ رومانسيّ تقليديّ أركانه هي الحلم والتضحية والإرث. باتريشيا تُقدّم نفسها أمّاً تحتضن فتيات المسابقة، وحقيقة أن هذه العائلة مبنية على منافسة قاسية، وأن فتاة واحدة ستنتصر فهي حقيقة مهمشة. سينما ودراما التحديثات الحية صدام مرتقب بين ترامب ونجوم الصناعة: رسوم جمركية تهدد مستقبل هوليوود من جهة أخرى، يتعامل الوثائقي مع النسوية على أنها ظلّ طويل يحاول مطاردته. المشاهد التي تهاجم فيها ناشطات المسابقة باعتبارها معرضاً لبيع الجسد، تقابلها لقطات لنساء مشاركات يرين في المسابقة فرصة للتمكين الاقتصادي والاجتماعي. الإجابات ليست واضحة عن هذه الأسئلة والقضايا المركبة، وهذا ما يجعل العمل ثريّاً. ينجح "إنقاذ مسابقة ملكة جمال إيطاليا"، بالرغم من طوله المبالغ فيه قليلاً (ساعة و38 دقيقة)، في أن يكون مرآة لصراعات إيطاليا، ينتهي بتتويج فرانشيسكا بيرجيزيو التي تبدو نسخة حديثة من ملكة تقليدية. نجاة المسابقة من الموت والتركيز على أزمتها، دليلٌ على أقطاب سياسية واقتصادية تتصارع في ما بينها، ويبدو في مواضع معينة أن المخرجين يقدمان انحدار المسابقة والمعارضة الشديدة لها بوصفها بدايةً لنهاية حقبة من التسلط الذكوري.
العربي الجديد٠٩-٠٥-٢٠٢٥ترفيهالعربي الجديد"إنقاذ مسابقة ملكة جمال إيطاليا": صراخ في غرفة صدىبين تسليع الجسد وتمجيد الذّكاء والحذاقة، وبين النسويّة الراديكاليّة والدفاع عن التقاليد بوصفها عنصراً من الهوية الوطنية، يأتي فيلم Miss Italy Must Not Die (إنقاذ مسابقة ملكة جمال إيطاليا) الصادر عام 2025 عن " نتفليكس "، للمخرجين بيترو دافيدي وديفيد غاليرانو، ليرسم لوحة سينمائية وثائقية معقدة عن أزمة مسابقة ملكة جمال إيطاليا. هذا الوثائقي لا يقدم حقائق موضوعية، بل انعكاسات ملتقطة عبر عدسة موجهة تعكس صراعاً أعمق بين المحافظة والحداثة، فالمسابقة التي تقدّم معايير الجمال مجسّدة بامرأة، تتحوّل إلى ساحة حرب لاختبار حدود الأنوثة والسياسة. يسرد المخرجان قصة انهيار مسابقة ملكة جمال إيطاليا، ويشاركان مع شخوصهما السينمائية في تشريح جثة نظام أبويٍّ يحتضر، ذلك في مجتمع تنحني فيه القيم القديمة أمام رياح التغيير التي تهب من الثقافة الإيطالية المعاصرة. يركز الفيلم في تقديم قصته عبر سرد مخاتل يركز على الشخصيات بدل البُنى الحكائية، ليكشف ما وراء كواليس المسابقة عبر مقابلات مع القائمين عليها. تبدأ الحكاية مع مديرة المسابقة المثابرة، باتريشيا ميريلياني، التي تحمل عبء إرث عائلي يعود إلى والدها إنزو، مؤسس المسابقة. تُصوَّر المديرة بطلةً تراجيدية تحارب لإنقاذ إرث عائلتها، بينما تُختزل الأزمة المؤسسية في صراعها الشخصي مع الذكورية ونسوية العالم الحديث. هنا، تتحول الأيديولوجيا إلى دراما إنسانية، تُبرر فيها المعاناة الفردية استمرارَ نظامٍ فاسد، ويلتقط الفيلم التناقض الصارخ: امرأة تقود مؤسسة تُتهم بتهميش النساء. تدرك باتريشيا أن المسابقة فقدت بريقها في عصر " إنستغرام " و" تيك توك "، ولم تعد أجساد النساء حكراً على منصات المسابقات. في أحد المشاهد، تواجه باتريشيا اتهامات تسليع جسد المرأة، بينما تدافع عن حق النساء في الاختيار. هذا المشهد يُجسد الصراع الأخلاقي الذي تعيشه؛ فتصويرها ضحيةً، يطمس النظام البطريركي الذي صنعها، حتى رفضها لمشاركة النساء المتحولات جنسياً في المسابقة يُقدّم لنا بوصفه حماقةً بريئة، وليس تناقضاً جذرياً في خطابها النسوي. تتصاعد أصوات النسويات لكننا لا نَراهنّ. ينتقدن رجالاً يقيمون أجساد فتيات في عمر أحفادهن. يخفف المخرجان حدة الصراعات عبر شخصية أورورا، الفتاة ذات الشعر القصير، فالمسابقة ليست شرّاً مطلقاً، ومن الممكن أن تكون وسيلة للتمرد من الداخل على المعايير نفسها. هذه كانت رسالة أورورا عبر مشاركتها في المسابقة، فتفضيلها الجمالي يتناقض مع جوهر المسابقة ويتجاوز الشكل. عندما ترفض القنوات الحكومية الإيطالية RAI بثّ المسابقة، تتحول القصة إلى معركة سياسيّة رمزيّة بين اليمين المحافظ الذي يرى في المسابقة جزءاً من الهوية الوطنية، واليسار التقدمي الذي يرفضها لأنها ترويجٌ لتسليع النساء وأجسادهنّ. مشهد آخر يدين الفكر المحافظ للقائمين على المسابقة هو محاولة باتريشيا لتقديم رقصة إجبارية كانت قد اشتهرت على "تيك توك"، وكانت هذه إحدى محاولاتها الكثيرة لاسترضاء الجمهور من دون المساس بالبنية الحقيقية للمسابقة. هذا يذكرنا بأن جسد النساء كان دوماً ساحة لصراعات السلطة. يُستوعب تمرّد أورورا ضمن إطار السوق، فتظهر بجانب ستة آلاف متسابقة يتنافسن بفساتين متطابقة وابتسامة محدّدة. الخطاب النسوي الموجه إلى المتشاركات يُختزل إلى سلعة كالجمال الذكي والمرأة القوية والتنوع العرقي. هذه الشعارات تُباع للمشاهد بوصفها بديلاً حضارياً عن البكّيني، وكل ما ذكر هو إكسسوارات توضع على الجسد المُشيّأ لرفع فرص نجاحه في المسابقة. المشهد الذي تُوزَّع فيه القضايا الإنسانية كالحرب والتغير المناخي على المتسابقات هو ذروة السخرية، إذ تتحوّل المعاناة العالميّة إلى ديكور لمسابقة جمال. الفيلم يعتمد على خطابٍ رومانسيّ تقليديّ أركانه هي الحلم والتضحية والإرث. باتريشيا تُقدّم نفسها أمّاً تحتضن فتيات المسابقة، وحقيقة أن هذه العائلة مبنية على منافسة قاسية، وأن فتاة واحدة ستنتصر فهي حقيقة مهمشة. سينما ودراما التحديثات الحية صدام مرتقب بين ترامب ونجوم الصناعة: رسوم جمركية تهدد مستقبل هوليوود من جهة أخرى، يتعامل الوثائقي مع النسوية على أنها ظلّ طويل يحاول مطاردته. المشاهد التي تهاجم فيها ناشطات المسابقة باعتبارها معرضاً لبيع الجسد، تقابلها لقطات لنساء مشاركات يرين في المسابقة فرصة للتمكين الاقتصادي والاجتماعي. الإجابات ليست واضحة عن هذه الأسئلة والقضايا المركبة، وهذا ما يجعل العمل ثريّاً. ينجح "إنقاذ مسابقة ملكة جمال إيطاليا"، بالرغم من طوله المبالغ فيه قليلاً (ساعة و38 دقيقة)، في أن يكون مرآة لصراعات إيطاليا، ينتهي بتتويج فرانشيسكا بيرجيزيو التي تبدو نسخة حديثة من ملكة تقليدية. نجاة المسابقة من الموت والتركيز على أزمتها، دليلٌ على أقطاب سياسية واقتصادية تتصارع في ما بينها، ويبدو في مواضع معينة أن المخرجين يقدمان انحدار المسابقة والمعارضة الشديدة لها بوصفها بدايةً لنهاية حقبة من التسلط الذكوري.