logo
#

أحدث الأخبار مع #Wattpad

جيل اللمسة الذكية: طلاب في زمن الشاشة والكتاب
جيل اللمسة الذكية: طلاب في زمن الشاشة والكتاب

المدن

time٢٣-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • المدن

جيل اللمسة الذكية: طلاب في زمن الشاشة والكتاب

في أروقة معرض بيروت العربي الدولي للكتاب – بنسخته السادسة والستين – الذي ينظمه النادي الثقافي العربي، كان المشهد مختلفًا هذا العام. مئات الطلاب يتنقلون بين الرفوف، يلمسون الكتب، يقلّبون الصفحات، ويغوصون في عناوين منسية. مشهد قد يبدوغريبًا في زمن يحتله التابلت والهاتف الذكي. هذا الحدث السنوي يعكس محاولة صادقة من جيل جديد لاحتضان الورق في ظل عالم يزداد رقميّةً يومًا بعد يوم. تحت سقف هذا المعرض العريق، الذي نُقل موعده من كانون الأول إلى أيار استثنائيا بسبب الاوضاع التي مرت بها البلاد، توافدت مدارس وجامعات من مختلف المناطق اللبنانية، وارتفع عدد الطلاب الزائرين ليتجاوز الـ5000 خلال الأيام الخمس الأولى من المعرض، بحسب ما أفادت إدارة المعرض. خطوة التوقيت هذه لم تكن تفصيلًا بسيطًا، بل ساهمت في تسهيل تنظيم رحلات مدرسية كانت محظورة سابقًا بسبب الامتحانات أو سوء الطقس.لكن ما الذي يبحث عنه هذا الجيل بين الرفوف؟ هل يبحث عن معرفة؟ عن تسلية؟ أم عن شيء من الحنين لعالم لم يعرفه كاملًا؟ بين الروايات والكتب النفسية...خرائط اهتمامات جديدة في حديث مع ليلى ترحيني من دار فيلوسوفيا، أشارت إلى أن الكتب الأكثر طلبًا من قبل الطلاب هذا العام تمحورت حول الروايات، والقصص، وكتب علم النفس والتنمية الذاتية، مع إقبال أقل على الكتب السياسية والفكرية رغم تخفيض أسعارها. وقالت: "الطلاب عندهم فضول، بس مش كلهم قرّاء. في منهم بيشتروا كتب لأنهم حابين يقرأوا، وفي منهم بيشتروا كذكرى من المعرض. بس اللي واضح هو إنه الروايات عم تجذب الطلاب أكتر من غيرها". خلال الجولة، التقينا بمجموعة من الطلاب من مدارس مختلفة. قالت إحدى الطالبات: "أنا بحب الكتب البوليسية، وبحس الكتاب الورقي بياخدني على عالم غير، بعيد عن ضجة الشاشة". فيما عبّرت طالبة أخرى تبلغ من العمر 12 عامًا عن سعادتها بالعثور على كتب تعليمية تساعدها في دراستها، وأضافت: "الورقة ما بتوجع العين متل التابلت، وبحب أكتب ملاحظاتي جنب كل صفحة". لكن بالرغم من المشهد الإيجابي العام، لا يمكن تجاهل الجانب الآخر من الصورة، فبعض الطلاب، الذين حضروا مع مدارسهم، تعاملوا مع الزيارة كأنها نزهة لا أكثر. إحدى المعلمات قالت لنا بصراحة: "في طلاب ما عندن أي حافز حقيقي، بيجوا كنزهة مع المدرسة، وبيفضلوا يبقوا على تليفوناتهم بدل ما يفتشوا على كتاب". وعدد من التلاميذ، عبّر بوضوح عن تفضيلهم للمطالعة الرقمية. أحدهم قال: "أنا بقرأ بس على التلفون، الكتاب الورقي تقيل وما بحب أحمله، بفضّل أقرأ على Wattpad أو بالـPDF." بينما أضاف آخر: "الكتاب الورقي حلو شكله بس ما بحب ضل واقف قدامه… بفضّل أعمل Scroll على فيديوهات بتشرح القصص أو الكتب بدل ما أقرأ كل شي". هذه الآراء بالرغم من مناقضتها للمشهد العام، لكنها واقعية، وتعكس تنوّع العلاقة بين الجيل الجديد والقراءة: البعض لا يزال يرى فيها شغف، والبعض الآخر يراها مجرد مهمة ثقيلة... أو خيار رقمي سهل الاستهلاك، أما البعض الاخر من المعلمات، فلاحظن تغيرًا في سلوك طلابهن. فتقول إحدى المعلمات: "المرة الماضية، الطلاب كانوا عم يتعاملوا مع المعرض كرحلة، أما هالمرة عم شوف إنه في طلاب عم يسألوا، عم يفتشوا، عم يناقشوا شو بدهم يشتروا". بين الورق والشاشة: علاقة مشبوهة أم تكامل؟ لا يمكن إنكار أن التكنولوجيا تفرض نفسها بقوة على هذا الجيل. التطبيقات التعليمية، الكتب الإلكترونية، الفيديوهات، ومنصات التواصل، كلها باتت جزءًا من حياة الطالب اليومية. ومع ذلك، فإن لمس الورق، شمّ رائحة الكتب الجديدة، والاحتفاظ بكتاب في حقيبة المدرسة، لا تزال أمورًا تحافظ على مكانتها في قلوب الكثيرين. الطلاب لا يرفضون الشاشة، بل يسعون لخلق توازن بين العالمين، وهذا التوازن – إن تحقق – قد يكون المنقذ للكتاب الورقي من الانقراض. وفي حديث خاص مع مسؤول المكتب الاعلامي للمعرض الدكتور أكرم حمدان، قال: "الأجواء هذا العام مميزة بكل المقاييس. نشهد حركة ناشطة جداً منذ الأيام الأولى، واللافت هو التنوّع في الزوّار، من طلاب مدارس وجامعات، إلى عائلات ومهتمين من مختلف الخلفيات. التنظيم جيّد، والتعاون مع إدارات المدارس والمعاهد ساعد على إنجاح الحضور الطلابي. هناك أيضاً زخم واضح من حيث الفعاليات والندوات والتواقيع، ما أعطى المعرض نبضاً ثقافياً فعلياً، وليس فقط مساحة بيع كتب. نستطيع القول إن معرض بيروت العربي الدولي للكتاب في نسخته السادسة والستين، أثبت مجدداً مكانته كمحطة سنوية ينتظرها اللبنانيون، وخاصة الشباب، بشغف." من المعرض إلى البيت... هل تتابع القصة؟ السؤال الأهم بعد انتهاء المعرض هو: هل يعود الطلاب إلى القراءة في بيوتهم؟ هل يتحول الكتاب الذي اشتروه من تذكار إلى عادة؟ الإجابة عن هذا السؤال قد تكون صعبة الآن، لكنها تحدد مستقبل القراءة في هذا البلد الصغير. ما هو أكيد أن ما زرعه معرض بيروت الـ66 من فضول، تجربة، واحتكاك مباشر مع الكتاب، يستحق أن يُستثمر. فالكتاب لم يمت بعد. وعلى الرغم من ضجيج التكنولوجيا، هناك دائمًا مكان لصوت خافت ينبعث من بين الصفحات. جيل اليوم ليس أمّيًّا رقميًّا ولا قارئًا كلاسيكيًّا فقط. هو جيل يبحث عن التوازن، عن التجربة، عن هويته بين شاشة تضيء بلا روح، وورقة تصمت لكنها تبقى. زيارة معرض الكتاب لم تكن مجرد رحلة مدرسية، بل رحلة داخل الذات، قد تثمر قارئًا، أو على الأقل، متسائلًا، وهذا بحد ذاته، بداية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store