#أحدث الأخبار مع #XspVDsrPyGIndependent عربية٢٨-٠٤-٢٠٢٥علومIndependent عربيةأبو شرعان... عراب الفلك البدوي في السعودية"من عرف منازل القمر لم يُخطئ المطر"، هكذا لخص علماء العرب السابقين علم الفلك تبسيطاً وتسهيلاً لمن يقيمون في البادية أو يعيشون في الصحراء، وهي مقولة تداولها الأسلاف في الجزيرة العربية على مدى قرون عدة، إلى أن وصلت ملفي بن شرعان العريمة الحربي، والملقب بـ "أبو شرعان" الذي وافته المنية أمس الأحد، بعد ما يقرب من قرن إلا قليل، عاشه يراقب حركة السماء ونجومها. افترش الرمال أبو شرعان الذي ولد عام 1929 هو أحد أشهر الفلكيين الشفهيين في السعودية، إذ ارتبط اسمه بدخول المواسم المناخية والتنبؤ بالأحوال الجوية، وكذلك رؤية أهلة الأشهر الهجرية المعتمدة على حركة القمر ومنازله الـ 28 التي أجمع عليها علماء الفلك قديماً وحديثاً، حيث كان يتراءى له ذلك قبل تطور الرصد باستخدام الأشعة المختلفة أو أجهزة التضخيم الضوئي، بل وحتى قبل اختراع المسبار أو المجسات الفضائية. سكن أبو شرعان صحراء حائل (شمال السعودية)، إذ كان يفترش الرمال ولا توقف تأملاته جدران سوى التقاطعات البصرية التي تجمع الأرض بالسماء، بينما تظله النجوم العالقة في الكون، فيراقبها ويتأملها، حتى عرف منازل القمر وحركة الأفلاك، فأدرك الأثر واستنطق أحوال الطقس والتغيرات المناخية إلى أن أصبح مرجعاً فلكياً موثوقاً. اكتسب أبو شرعان أسس وثوابت علم الفلك ذاتياً، فمن خلال عيشه في البادية وتحديداً صحراء نفود الثويرات، الممتدة من شرق حائل إلى الزلفي (وسط السعودية)، راكم معارفه بربط الطوالع والفصول بأحوال النجوم وحركة السحب واحتمالات المطر والحر والبرد، حتى بات هادياً للبدوي والحضري من الهواة والباحثين على حد سواء، بل وأصبح معلماً لخبراء ورموز الفلك في الجامعات والجهات السعودية. لم تكن حياته سوى تعبير عن الوفاء، إذ عاش أعزباً طوال حياته بعدما رفض المجتمع ارتباطه بالفتاة التي أحبّها وعشقها بداعي التقاليد، فقرر قضاء عمره في مكان قريب منها، فوجد في تقلبات السماء قصة أشبه بتقلبات بني البشر وفق العادات والتقاليد أيضاً، فباتت السماء نافذة أمله عن الحب الضائع وخطفت رؤاه وأمعن تأملاتها، وعلى رغم أنه أمي لا يقرأ ولا يكتب، إلا أنه اتخذ من الرمال أوراقاً يدون عليها حراك النجوم ودوران الكون عبر الرسوم والأشكال. وترجل فلكي الوطن #ابوشرعان ذلك الرمز الوطني الذي زرته بالمستشفى رحمه الله واتصلت ب #أمير_منطقة_القصيم الذي وجه حفظه الله بالحال بالاهتمام به ومحاوله اقناعه البقاء بالمستشفى لمزيد من العنايه رغم عدم رغبة ابوشرعان بالبقاء ورغبته العودة للصحراء وعدم مفارقتها.#القصيم_الان — عبدالعزيز التويجري (@abdulaziztwegry) April 27, 2025 عقب إعلان وفاة أبو شرعان إثر جلطة دماغية، نعاه الخبير الفلكي المعروف خالد الزعاق في منشور عبر منصة "إكس" قال فيه "رحل معلّمي الأول، مَن علّمني حساب النجوم وأنا في الـ 13 من عمري"، متابعاً "ترددت عليه كثيراً في طفولتي وصباي بعمق الصحراء وتعلمت منه الأدب الجم والكرم، وتقديم المعلومة، كان إنساناً نقياً كريم السجايا والخلق، وهو آخر من سكن وعاش الصحراء، وكذلك توالت برقيات التعزية من خبراء الفلك والمتخصصين ومحبيه. حياة بسيطة وعن حياة أبو شرعان اليومية قال الزعاق لـ "اندبندنت عربية" إنه "قضى عمره في البادية فاستأنس حياتها، إذ كان يبدأ يومه بصلاة الفجر، ثم يقوم بحلب الإبل والماعز ويشرب الحليب طازجاً، ويبدأ مهام عمله اليومية يرعى قطعان الأغنام والإبل في الصحراء، وعندما تشتد حرارة الشمس يحتمي في خيمته من لهيبها حتى العصر، ثم فترة الجلوس مع النفس والتي تستمر حتى المغرب، وعند دخول الليل يمارس هوايته بمراقبة النجوم وتحسس الأشياء، وكذلك تتبع حركة الرياح وتخلقات السحب". وأضاف الزعاق "لم يستخدم أبو شرعان أي آلة فلكية، إذ كان يعتمد على المشاهدة أو على الإحساس بالتغيرات المناخية"، مشيراً إلى أنه كان يردد "قران القمر للثورية" حيث اعتمد على المقارنة من خلال المشاهدة بالعين المجردة "مثل قران حادي وقران ثالث وقران خامس وقران سابع وقران تاسع". وأكد الخبير الفلكي أن أبو شرعان كان يعرف النجوم المرتبطة بالمواسم المناخية ومنها نجم سهيل ونجم المرزم ونجم السليبين، وكذلك نجم الجوزة الأولى والجوزة الثانية، إضافة إلى نجوم المربعانية مثل مربعانية القيض ومربعانية الشتاء، وأيضاً مواقع نجوم الثورية. مضيفاً في حديثه لم يكن أبو شرعان معروفاً على نطاق واسع، لا بين أهله ولا محبيه، ولم يكن له تلاميذ ينهلون من علمه. فقد بدأ الناس يتعرفون إليه فقط عندما ذُكر اسمه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث جذب الانتباه إلى علمه وشخصيته. وختم الزعاق حديثه بالقول إن "أبو شرعان يمتاز بإحساس مرهف وعروبة أصيلة، ما جعله يختار حياة الصحراء على حياة الحاضرة، إذ وجد أن المدنية أثّرت سلباً في نفسيته، فآثر البقاء في ربوع البادية حيث يشعر بالانتماء وصفاء الروح". مطالع النجوم بدوره، حكى خبير المراصد الفلكية ورصد الأهلة والفصول الأربعة والتقويم الزراعي، محمد بن رده الثقفي عن مراحل تعلم أبو شرعان الحسابات الفلكية قائلاً "أبو شرعان تعلم في بداية طفولته من اتباع العالم الفلكي والشاعر راشد الخلاوي الذي دون علمه في قصيدته المشهورة 'مطالع النجوم' وتعلمها أبو شرعان كونه يقضي حياته اليومية في الصحراء، وبالتالي فهو يراقب مطالع النجوم ويربطها بأحوال المناخ والطقس ومواسم الأمطار، وذلك عبر مراقبة أبرز النجوم بالعين المجردة، فاكتسب خبرة في هذا المجال، ونقل هذا العلم لطلابه بالمشافهة والتلقين والتطبيق المباشر لقبة السماء". وكشف الثقفي عن أبرز النجوم أو الكواكب التي اعتمد عليها أبو شرعان في التنبؤ بالتغيرات المناخية، لافتاً إلى أنها "مطالع نجوم الثريا ونجم سهيل اليماني، أما الكوكبان المشهوران للعيان هما الزهرة والمشتري كونهما لامعين، فهو من خلالهما يحدد الاتجاهات في الصحراء ليلاً ويقتدي بهما في سفره، وكذلك معرفة تحديد المواقع عن طريق نجم الشمال". على رغم أميته، كان أبو شرعان يعلّم طلابه التمييز بين منازل القمر والطوالع الموسمية، حيث كان يتابع منازل القمر كل ليلة من بداية الشهر حتى نهايته، إذ يعتبر الرصد من الصحراء المظلمة أفضل من الرصد داخل المدن، وبذلك مارس عملية الرصد والمتابعة مع طلابه بالعين المجردة، وكذلك تابع طوالع النجوم الموسمية والفصلية، فرؤية النجوم والطلوع في الليالي المظلمة تكون أكثر وضوحاً، وهو ما كان ينقله واقعياً وعملياً لطلابه ساكني الصحراء، وفق ما ذكر محمد بن رده الثقفي. انظروا إلى الثريا وسلط الخبير الفلكي الضوء على دور أبو شرعان في الحفاظ على الموروث الفلكي الصحراوي في الجزيرة العربية من خلال نقله شفهياً إلى الآخرين، وذلك قبل ظهور منصات التواصل الاجتماعي وما قدمته لعملية الانتشار، موضحاً أنه كان دائماً يقول لطلابه وهو يوجههم "انظروا إلى الثريا، إذا غابت مع الفجر فاستعدوا للسموم". اللافت في حياة أبو شرعان أن ارتباطه بعلم الفلك لم يكن هدفاً من أهدافه، بل نتاج تفاعله مع البيئة الصحراوية التي يعيش فيها، فهو يعتبر راصداً للنجوم والطوالع، وكان يربطها بمواسم زراعية معينة ومواسم الأمطار وخروج الحر ودخول البرد وفق مسميات حياة البادية، حيث كان متعلقاً بتربية الإبل والأغنام والمواشي متنقلاً في الصحراء بحثاً عن المراعي والكلاء. قصة عشق وختم الثقفي حديثه مشيراً إلى أن مشاعر الحب تلعب دوراً محورياً في حياة الإنسان، إذ تؤثر في خياراته الاجتماعية، وقد تدفعه إلى تفضيل الاستقرار على البحث عن بدائل مستقبلية. وتجسدت هذه الصورة بوضوح في قصة أبي شرعان، الذي عاش حكاية حب قديمة ومؤثرة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) فقد ظل أبو شرعان وفياً لقصيدة عشق رفضتها التقاليد في زمانه، فآثر البقاء قريباً من المكان الذي جمعه بحبيبته الأولى، مفضلاً الانغماس في تعليم طلابه والحديث عن علم النجوم والأنواء، ليملأ فراغه بشغفه العلمي ويظل مخلصاً لذكريات لم تستطع السنوات محوها. وعقب الإعلان عن وفاة ملفي بن شرعان العريمة الحربي، بادرت جمعية العناية بمساجد الطرق بإطلاق مشروع بناء مسجد "أبو شرعان" بكلفة 1.5 مليون ريال (400 ألف دولار) تقديراً لإسهاماته في حفظ الموروث الفلكي الشعبي في الجزيرة العربية. وعقب تشييع جثمانه اجتمع تلاميذه ومحبيه في المشهد الوداعي لمعلمهم الأول، غالبتهم فيه الدموع، وبقيت معارفه راسخة في عقولهم، تأكيداً على تناقل العلم والحفاظ على الموروث، وإيماناً بأن البداوة الأصيلة لم تكن يوماً سوى انطلاقة للذكاء الفطري والتحرير المعرفي بالدرس والحدس والتأمل.
Independent عربية٢٨-٠٤-٢٠٢٥علومIndependent عربيةأبو شرعان... عراب الفلك البدوي في السعودية"من عرف منازل القمر لم يُخطئ المطر"، هكذا لخص علماء العرب السابقين علم الفلك تبسيطاً وتسهيلاً لمن يقيمون في البادية أو يعيشون في الصحراء، وهي مقولة تداولها الأسلاف في الجزيرة العربية على مدى قرون عدة، إلى أن وصلت ملفي بن شرعان العريمة الحربي، والملقب بـ "أبو شرعان" الذي وافته المنية أمس الأحد، بعد ما يقرب من قرن إلا قليل، عاشه يراقب حركة السماء ونجومها. افترش الرمال أبو شرعان الذي ولد عام 1929 هو أحد أشهر الفلكيين الشفهيين في السعودية، إذ ارتبط اسمه بدخول المواسم المناخية والتنبؤ بالأحوال الجوية، وكذلك رؤية أهلة الأشهر الهجرية المعتمدة على حركة القمر ومنازله الـ 28 التي أجمع عليها علماء الفلك قديماً وحديثاً، حيث كان يتراءى له ذلك قبل تطور الرصد باستخدام الأشعة المختلفة أو أجهزة التضخيم الضوئي، بل وحتى قبل اختراع المسبار أو المجسات الفضائية. سكن أبو شرعان صحراء حائل (شمال السعودية)، إذ كان يفترش الرمال ولا توقف تأملاته جدران سوى التقاطعات البصرية التي تجمع الأرض بالسماء، بينما تظله النجوم العالقة في الكون، فيراقبها ويتأملها، حتى عرف منازل القمر وحركة الأفلاك، فأدرك الأثر واستنطق أحوال الطقس والتغيرات المناخية إلى أن أصبح مرجعاً فلكياً موثوقاً. اكتسب أبو شرعان أسس وثوابت علم الفلك ذاتياً، فمن خلال عيشه في البادية وتحديداً صحراء نفود الثويرات، الممتدة من شرق حائل إلى الزلفي (وسط السعودية)، راكم معارفه بربط الطوالع والفصول بأحوال النجوم وحركة السحب واحتمالات المطر والحر والبرد، حتى بات هادياً للبدوي والحضري من الهواة والباحثين على حد سواء، بل وأصبح معلماً لخبراء ورموز الفلك في الجامعات والجهات السعودية. لم تكن حياته سوى تعبير عن الوفاء، إذ عاش أعزباً طوال حياته بعدما رفض المجتمع ارتباطه بالفتاة التي أحبّها وعشقها بداعي التقاليد، فقرر قضاء عمره في مكان قريب منها، فوجد في تقلبات السماء قصة أشبه بتقلبات بني البشر وفق العادات والتقاليد أيضاً، فباتت السماء نافذة أمله عن الحب الضائع وخطفت رؤاه وأمعن تأملاتها، وعلى رغم أنه أمي لا يقرأ ولا يكتب، إلا أنه اتخذ من الرمال أوراقاً يدون عليها حراك النجوم ودوران الكون عبر الرسوم والأشكال. وترجل فلكي الوطن #ابوشرعان ذلك الرمز الوطني الذي زرته بالمستشفى رحمه الله واتصلت ب #أمير_منطقة_القصيم الذي وجه حفظه الله بالحال بالاهتمام به ومحاوله اقناعه البقاء بالمستشفى لمزيد من العنايه رغم عدم رغبة ابوشرعان بالبقاء ورغبته العودة للصحراء وعدم مفارقتها.#القصيم_الان — عبدالعزيز التويجري (@abdulaziztwegry) April 27, 2025 عقب إعلان وفاة أبو شرعان إثر جلطة دماغية، نعاه الخبير الفلكي المعروف خالد الزعاق في منشور عبر منصة "إكس" قال فيه "رحل معلّمي الأول، مَن علّمني حساب النجوم وأنا في الـ 13 من عمري"، متابعاً "ترددت عليه كثيراً في طفولتي وصباي بعمق الصحراء وتعلمت منه الأدب الجم والكرم، وتقديم المعلومة، كان إنساناً نقياً كريم السجايا والخلق، وهو آخر من سكن وعاش الصحراء، وكذلك توالت برقيات التعزية من خبراء الفلك والمتخصصين ومحبيه. حياة بسيطة وعن حياة أبو شرعان اليومية قال الزعاق لـ "اندبندنت عربية" إنه "قضى عمره في البادية فاستأنس حياتها، إذ كان يبدأ يومه بصلاة الفجر، ثم يقوم بحلب الإبل والماعز ويشرب الحليب طازجاً، ويبدأ مهام عمله اليومية يرعى قطعان الأغنام والإبل في الصحراء، وعندما تشتد حرارة الشمس يحتمي في خيمته من لهيبها حتى العصر، ثم فترة الجلوس مع النفس والتي تستمر حتى المغرب، وعند دخول الليل يمارس هوايته بمراقبة النجوم وتحسس الأشياء، وكذلك تتبع حركة الرياح وتخلقات السحب". وأضاف الزعاق "لم يستخدم أبو شرعان أي آلة فلكية، إذ كان يعتمد على المشاهدة أو على الإحساس بالتغيرات المناخية"، مشيراً إلى أنه كان يردد "قران القمر للثورية" حيث اعتمد على المقارنة من خلال المشاهدة بالعين المجردة "مثل قران حادي وقران ثالث وقران خامس وقران سابع وقران تاسع". وأكد الخبير الفلكي أن أبو شرعان كان يعرف النجوم المرتبطة بالمواسم المناخية ومنها نجم سهيل ونجم المرزم ونجم السليبين، وكذلك نجم الجوزة الأولى والجوزة الثانية، إضافة إلى نجوم المربعانية مثل مربعانية القيض ومربعانية الشتاء، وأيضاً مواقع نجوم الثورية. مضيفاً في حديثه لم يكن أبو شرعان معروفاً على نطاق واسع، لا بين أهله ولا محبيه، ولم يكن له تلاميذ ينهلون من علمه. فقد بدأ الناس يتعرفون إليه فقط عندما ذُكر اسمه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث جذب الانتباه إلى علمه وشخصيته. وختم الزعاق حديثه بالقول إن "أبو شرعان يمتاز بإحساس مرهف وعروبة أصيلة، ما جعله يختار حياة الصحراء على حياة الحاضرة، إذ وجد أن المدنية أثّرت سلباً في نفسيته، فآثر البقاء في ربوع البادية حيث يشعر بالانتماء وصفاء الروح". مطالع النجوم بدوره، حكى خبير المراصد الفلكية ورصد الأهلة والفصول الأربعة والتقويم الزراعي، محمد بن رده الثقفي عن مراحل تعلم أبو شرعان الحسابات الفلكية قائلاً "أبو شرعان تعلم في بداية طفولته من اتباع العالم الفلكي والشاعر راشد الخلاوي الذي دون علمه في قصيدته المشهورة 'مطالع النجوم' وتعلمها أبو شرعان كونه يقضي حياته اليومية في الصحراء، وبالتالي فهو يراقب مطالع النجوم ويربطها بأحوال المناخ والطقس ومواسم الأمطار، وذلك عبر مراقبة أبرز النجوم بالعين المجردة، فاكتسب خبرة في هذا المجال، ونقل هذا العلم لطلابه بالمشافهة والتلقين والتطبيق المباشر لقبة السماء". وكشف الثقفي عن أبرز النجوم أو الكواكب التي اعتمد عليها أبو شرعان في التنبؤ بالتغيرات المناخية، لافتاً إلى أنها "مطالع نجوم الثريا ونجم سهيل اليماني، أما الكوكبان المشهوران للعيان هما الزهرة والمشتري كونهما لامعين، فهو من خلالهما يحدد الاتجاهات في الصحراء ليلاً ويقتدي بهما في سفره، وكذلك معرفة تحديد المواقع عن طريق نجم الشمال". على رغم أميته، كان أبو شرعان يعلّم طلابه التمييز بين منازل القمر والطوالع الموسمية، حيث كان يتابع منازل القمر كل ليلة من بداية الشهر حتى نهايته، إذ يعتبر الرصد من الصحراء المظلمة أفضل من الرصد داخل المدن، وبذلك مارس عملية الرصد والمتابعة مع طلابه بالعين المجردة، وكذلك تابع طوالع النجوم الموسمية والفصلية، فرؤية النجوم والطلوع في الليالي المظلمة تكون أكثر وضوحاً، وهو ما كان ينقله واقعياً وعملياً لطلابه ساكني الصحراء، وفق ما ذكر محمد بن رده الثقفي. انظروا إلى الثريا وسلط الخبير الفلكي الضوء على دور أبو شرعان في الحفاظ على الموروث الفلكي الصحراوي في الجزيرة العربية من خلال نقله شفهياً إلى الآخرين، وذلك قبل ظهور منصات التواصل الاجتماعي وما قدمته لعملية الانتشار، موضحاً أنه كان دائماً يقول لطلابه وهو يوجههم "انظروا إلى الثريا، إذا غابت مع الفجر فاستعدوا للسموم". اللافت في حياة أبو شرعان أن ارتباطه بعلم الفلك لم يكن هدفاً من أهدافه، بل نتاج تفاعله مع البيئة الصحراوية التي يعيش فيها، فهو يعتبر راصداً للنجوم والطوالع، وكان يربطها بمواسم زراعية معينة ومواسم الأمطار وخروج الحر ودخول البرد وفق مسميات حياة البادية، حيث كان متعلقاً بتربية الإبل والأغنام والمواشي متنقلاً في الصحراء بحثاً عن المراعي والكلاء. قصة عشق وختم الثقفي حديثه مشيراً إلى أن مشاعر الحب تلعب دوراً محورياً في حياة الإنسان، إذ تؤثر في خياراته الاجتماعية، وقد تدفعه إلى تفضيل الاستقرار على البحث عن بدائل مستقبلية. وتجسدت هذه الصورة بوضوح في قصة أبي شرعان، الذي عاش حكاية حب قديمة ومؤثرة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) فقد ظل أبو شرعان وفياً لقصيدة عشق رفضتها التقاليد في زمانه، فآثر البقاء قريباً من المكان الذي جمعه بحبيبته الأولى، مفضلاً الانغماس في تعليم طلابه والحديث عن علم النجوم والأنواء، ليملأ فراغه بشغفه العلمي ويظل مخلصاً لذكريات لم تستطع السنوات محوها. وعقب الإعلان عن وفاة ملفي بن شرعان العريمة الحربي، بادرت جمعية العناية بمساجد الطرق بإطلاق مشروع بناء مسجد "أبو شرعان" بكلفة 1.5 مليون ريال (400 ألف دولار) تقديراً لإسهاماته في حفظ الموروث الفلكي الشعبي في الجزيرة العربية. وعقب تشييع جثمانه اجتمع تلاميذه ومحبيه في المشهد الوداعي لمعلمهم الأول، غالبتهم فيه الدموع، وبقيت معارفه راسخة في عقولهم، تأكيداً على تناقل العلم والحفاظ على الموروث، وإيماناً بأن البداوة الأصيلة لم تكن يوماً سوى انطلاقة للذكاء الفطري والتحرير المعرفي بالدرس والحدس والتأمل.