أحدث الأخبار مع #«أجيال14
الشرق الأوسط
٢٦-٠٢-٢٠٢٥
- ترفيه
- الشرق الأوسط
«Têtes Brûlées»... عندما يواجه الأطفال فاجعة الفقد
حين يباغتنا الفقد، يصبح الصمت أكثر عمقاً، فالأماكن التي كانت تمتلئ بالضحك يوماً ما فقدت بريقها وحيويتها، لكن ما انعكاس الفقد على الأطفال؟ وكيف يواجهون الحزن عندما لا يكون لديهم كلمات كافية لوصفه؟ الفيلم الروائي التونسي - البلجيكي «Têtes Brûlées»، الذي عرض للمرة الأولى عالمياً في مسابقة «أجيال +14» بمهرجان «برلين السينمائي» عبّر عن كل هذه المشاعر، ونال تنويهين خاصين من لجنتي تحكيم المسابقة ولجنة التحكيم المستقلة. واعتبرت لجنة التحكيم الفيلم «عملاً أول رائعاً يقدم لمحة نادرة عن عالم من التضامن والحب من خلال عيون فتاة صغيرة، بأسلوب بصري متجدد وسرد عاطفي صادق، يسلط الضوء على تعقيدات الحزن، موضحاً كيف يمكن للفقدان أن يكون مؤلماً ودافعاً للتغيير»، معتبرة أنه «عمل جريء ورقيق في آنٍ واحد، يذكرنا بقوة التكاتف في الأوقات الصعبة». مشهد من الفيلم - (إدارة المهرجان) في الفيلم الروائي الجديد «Têtes Brûlées»، تطرح المخرجة التونسية ماية عجمية هذه الأسئلة من خلال قصة «إيا»، فتاة في الثانية عشرة من عمرها، تجد نفسها في مواجهة فقدان غير متوقع لأخيها الأكبر «يونس»، الشخص الذي كان يمثل عالمها بأكمله، في وجودها بصفتها تونسية في بروكسل، حيث التقاليد والعادات تحدد إيقاع الحياة والموت. على مدار الأحداث الممتدة لـ84 دقيقة، نشاهد «إيا» وهي تعيش حزنها الخاص وسط تضامن المجتمع الذي يحيط بها، لكنه لا يملك القدرة على انتزاع الحزن من قلبها، في تجربة سينمائية تعبر عن القوة في مواجهة الألم، والتضامن الذي يخفف وطأة الفقد، والإيمان الذي يمنح القوة في أحلك الأوقات. تقول المخرجة التونسية ماية عجمية لـ«الشرق الأوسط» إن «الفيلم يحمل بُعداً شخصياً، لكنه ليس سيرة ذاتية خالصة». مشيرة إلى أن «القصة مستوحاة جزئياً من حياتها، لكنها لم ترغب في أن يكون الفيلم وثائقياً عنها أو عن عائلتها، الأمر الذي دفعها لخلق مساحة روائية تجعل التجربة عالمية، لأن الحزن في النهاية تجربة مشتركة بين جميع البشر». توضح عجمية أن فكرة الفيلم بدأت من فيلم قصير كانت قد أخرجته حول الموضوع نفسه في عام 2022، حين التقت بالمنتج المشارك في الفيلم الذي أعجب بالفيلم القصير بعد مشاهدته، واقترح عليها تحويل العمل لفيلم طويل، لتبدأ في اليوم التالي في كتابته، وخلال عامين كانت قد انتهت من التصوير. مخرجة الفيلم وبطلته بعد الإعلان عن الجوائز (إدارة المهرجان) تقول عجمية إن من الصعب إيجاد تمويل لفيلم يتناول الحداد بهذه الطريقة، مشيرة إلى أن هناك مشاهد تُظهر «إيا» وهي تصلي، وهو ما كان مصدر قلق لبعض الجهات الداعمة، لكنها كانت مصرّة على إبقاء هذه المشاهد، لأنها جزء لا يتجزأ من التجربة الروحية للشخصية، وكانت ضرورة درامية لا يمكن التخلي عنها. أما عن اختيار الممثلين، فقد استغرقت عملية «الكاستنج» 10 أشهر، واعتمدت المخرجة على البحث في المدارس، وأندية الرياضة، ومنصات التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى أنها وجدت البطلة صفاء غرباوي، التي تلعب دور «إيا»، من خلال «تيك توك» بعدما نشرت إعلاناً تبحث فيه عن فتاة تشبه الشخصية، فأرسلت لها فيديو تقول فيه: «هذا أنا»، لافتة إلى أنها «بمجرد رؤيتها، عرفت أنها المرشحة المثالية للدور». لم تعتمد عجمية على التدريبات التقليدية مع الممثلين، بل ركزت على خلق روابط حقيقية بينهم، مشيرة إلى أنه بدلاً من التدريبات على المشاهد، كانوا يلعبون كرة القدم، ويذهبون إلى المطاعم، لقضاء وقت معاً، لافتة إلى أنها كانت تريد أن يشعر الممثلون وكأنهم عائلة حقيقية؛ لأن هذا سينعكس على الشاشة. لقطة من الفيلم (إدارة المهرجان) وعن عرض الفيلم في مهرجان برلين، قالت عجمية إنها لم تكن تتوقع هذا التفاعل الكبير، مشيرة إلى أنها كانت تتساءل إن كان الجمهور غير المسلم سيفهم الفيلم، لكنه لمس الجميع، بغض النظر عن خلفياتهم الثقافية، لافتة إلى أنه بعد العرض، «جاء إليّ مراهقون ألمان ليقولوا لي إنهم تأثروا بشدة بالقصة، وهو ما اعتبرته أكبر تأكيد على أن الفيلم نجح في نقل المشاعر التي قصدتها». في الوقت الحالي، تعمل المخرجة التونسية على مشروعها الجديد، لكنها لا تريد التسرع، مشيرة إلى أنها تحب مرحلة الكتابة، وتريد أن تستغرق وقتها في تطوير فكرتها التالية دون ضغوط، رغم تأكيدات البعض لها بأنها يجب أن تتحرك بسرعة؛ لأن الصناعة لا تنتظر، لكن قناعتها بأنها بحاجة إلى تقديم قصة تشبهها وتلامس عواطفها.
الشرق الأوسط
٢٦-٠٢-٢٠٢٥
- ترفيه
- الشرق الأوسط
«غروب الشمس في أميركا» يروي جانباً من أوجاع المهاجرين
فتاة صغيرة تسير وحدها في قلب المرتفعات العملاقة على ارتفاع نحو 4 آلاف متر فوق سطح البحر، محاولة عبور حدود غير مرئية وسط صقيع لا يرحم ووحدة ثقيلة، لحظات يتلاشى فيها الشعور بالأمان، حول هذه اللحظات تدور أحداث الفيلم التشيلي القصير «غروب الشمس في أميركا» الذي عرض للمرة الأولى ضمن برنامج «أجيال +14» في الدورة الماضية من مهرجان «برلين السينمائي»، ونال تنويهاً خاصاً من لجنة التحكيم. الفيلم الوثائقي الذي أخرجه التشيلي «ماتياس روخاس فالينسيا» يتطرق للحظات العبور والهجرة غير النظامية بوصف ذلك معركة وجودية بين الأمل واليأس، عبر 17 دقيقة من الأحداث المتلاحقة في رحلة محفوفة بالمخاطر، وهو العمل الذي نال إشادة من لجنة التحكيم في «برلين السينمائي»، ووصفته بأنه «رحلة بصرية وشاعرية تلتقط معنى الاقتلاع والفقدان»، مشيدة بقدرته «على إثارة مشاعر التأمل والوجع دون اللجوء إلى الاستعطاف العاطفي المباشر». عرض الفيلم تجربة شديدة الإنسانية (إدارة المهرجان) ويقول مخرج الفيلم روخاس فالينسيا لـ«الشرق الأوسط» إن «فكرة الفيلم جاءت رد فعل على خطاب عنصري صادم سمعه في أحد البرامج التلفزيونية التشيلية، حيث وصف أحد المذيعين المهاجرين بأنهم (نفايات)، مما أصابه بالصدمة من الطريقة التي يتم بها تجريد هؤلاء الأفراد من إنسانيتهم وتصويرهم كأنهم حشود مجهولة». وأضاف أنه قرر وقتها أن يقدم فيلماً يعيد إليهم أصواتهم، ليس من خلال البيانات والإحصاءات، ولكن من خلال شهادة حية لفتاة تعيش التجربة، مشيراً إلى أن خطط الفريق لتصوير الفيلم في «دارين غاب» بين كولومبيا وبنما، يعد أحد أخطر مسارات الهجرة في العالم، حيث يخوض المهاجرون رحلات مروعة عبر الأدغال والمستنقعات للوصول إلى أميركا الشمالية. وأشار إلى أنه مع تصاعد الخطاب العدائي تجاه المهاجرين داخل تشيلي، قرر البحث عن القصص القريبة منه، ليجد باربرا، الفتاة الفنزويلية التي أصبحت محور الفيلم، مشيراً إلى أن القرار بتصوير رحلتها كان انعكاساً لرغبة صناع الفيلم في تقديم شهادة صادقة عن واقع الهجرة. صناع الفيلم على المنصة بعد العرض في برلين (إدارة المهرجان) ويوضح المنتج الفني فرنسواز نيتو فونغ لـ«الشرق الأوسط» أن الفريق فكر في البداية بتوسيع نطاق السرد ليشمل أكثر من شهادة، ربما من خلال مقابلة باربرا ووالدتها، لكن سرعان ما أدرك أن الفيلم سيكون أكثر قوة وتأثيراً إذا كان الصوت الوحيد الذي يسمعه المشاهد هو صوت باربرا وحدها، حيث تعبر عن رحلتها كما عاشتها، دون تدخل أو إعادة صياغة. وأضاف أن التصوير تطلب استعداداً لمواجهة ظروف قاسية، حيث تم تصويره في هضبة التيبلانو بين بوليفيا وتشيلي، وهي منطقة تتميز بتضاريس وعرة ودرجات حرارة متجمدة مشيراً إلى أنه لم يكن أمامهم وقت للتأقلم مع الارتفاع ونقص الأكسجين، مع وصول الفريق قبل يوم واحد فقط إلى موقع التصوير. ويؤكد مخرج الفيلم الوثائقي أن ظروف الطقس لم تكن العقبة الوحيدة أمامهم مع استذكار المعاناة التي يعيشها المهاجرون، ولكن واجه أيضاً قيوداً أمنية صارمة، مع خضوع الحدود بين تشيلي وبوليفيا لمراقبة عسكرية مكثفة، وضرورة التسجيل رسمياً لدى الجيش التشيلي والحصول على موافقات مسبقة. وأوضح أن من بين الشروط التي فرضت عليهم، عدم عبور الخندق الحدودي بين البلدين، لكن لم يكن الالتزام بهذه القواعد ممكناً دائماً مع رغبتهم في توثيق الحقيقة، الأمر الذي دفعهم للمخاطرة وتجاوز بعض الخطوط الحمراء. نال الفيلم تنويهاً خاصاً لتميزه فنياً (إدارة المهرجان) وظف المخرج صوت باربرا بطلة الفيلم ليكون وحده هو الراوي بما يمنح المشاهد تجربة حسية مكثفة، تجعله يشعر كما لو كان يرافقها في رحلتها، فيسمع أنفاسها المرتجفة وسط البرد، ويدرك لحظات الخوف والضياع التي تعيشها، وهو ما يفسره روخاس فالينسيا برغبته في تركها تحكي قصتها بنفسها من دون تدخل، ومن دون فرض قيود على مشاعرها.
