logo
#

أحدث الأخبار مع #«أمريكانبروسبيكت»

نبيل عمر يكتب عن : جمهورية الموز العظمي علي الأبواب
نبيل عمر يكتب عن : جمهورية الموز العظمي علي الأبواب

البشاير

time٠٢-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • البشاير

نبيل عمر يكتب عن : جمهورية الموز العظمي علي الأبواب

يبدو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أقرب إلى مقامر أمام طاولة تديرها حسناء لامعة في ‏قاعة بـ«لاس فيجاس»، منه إلى رئيس دولة عظمى يجلس خلف المكتب البيضاوي في البيت ‏الأبيض، وقد انتقد الكاتب الصحفي البارز مايكل وولف سياسات ترامب وعقله وأفكاره ‏ووصفها بأنها معادلة صفرية، بمعنى أنه يعمل بقاعدة: كل شيء أو لا شيء، وهو عنوان آخر ‏كتاب لمايكل، وقد سبق له أن أصدر ثلاثة كتب يتتبع فيها صعود ترامب السياسي بسرعة ‏الصاروخ ويفسر فيها تفاصيل حياته وعلاقاته وحظوظه ونجاته من محاولتي اغتيال وأربع ‏قوائم من الاتهامات الجنائية، غير الدعاوى المدنية، وكان أول كتبه هو «نار وغضب» في ‏عام 2018، وحاول ترامب منع نشره، وقد بلغ غضب ترامب من الكتاب الأخير إلى حده ‏الأقصى، فقال عنه: عمل مزيف تمامًا مثل الخردة الأخرى التي كتبها، لكن الكتاب احتل ‏قائمة الأكثر مبيعًا!‏ من يتابع قرارات دونالد ترامب منذ قدومه إلى السلطة، يخيل إليه أنه أمام مسرحية ارتجالية، ‏بطلها يخرج على الناس بكل ما يعن له من أفكار، لا يهم أن تكون صالحة أو طالحة، المهم ‏أن تثير جدلًا وضجة، وبقدر الفوضى التي يحدثها في نظام التجارة العالمي، يصنع مثلها ‏داخل أمريكا، وربما أكثر صخبًا، وآخر المشاهد المثيرة هي المعركة الدائرة في مؤسسات ‏وزارة الخزانة الأمريكية، ووزارة الخزانة في أي دولة هي «كلمة السر» في أوضاعها ‏الاقتصادية والمالية وأحوال الناس المعيشية ، إذ تدل عليها موازنتها، بأرقام إيراداتها ‏ومصروفاتها، فالضرائب دالة على مستوى المعيشة، والجمارك دالة على حجم الواردات ‏والصادرات، وبنود الإنفاق دالة على أولويات الاهتمامات العامة.. وهكذا!‏ وقبل أيام كتب روبرت كوتنر مقالًا على موقع «أمريكان بروسبيكت» بعنوان كاشف هو: «الشخص العاقل الوحيد في غرفة ترامب»، وكان يقصد وزير الخزانة سكوت بيسنت، ‏ويتساءل: هل أصبحت أيامه معدودة مع الرئيس؟ والسؤال يشى بحجم الصراعات المتفجرة في واحدة من أهم الوزارات الأمريكية، وبالطبع ‏ترامب هو الذي يمسك بالمفجر في يديه ويضغط على زر فيه كل بضعة أيام، وأحيانًا كل ‏بضع ساعات والمسألة ليست التعريفات الجمركية فحسب..‏ قاعدة عدم الربحية في الأسبوع الماضي على سبيل المثال هدد ترامب بعض المؤسسات الأمريكية بسحب صفة ‏‏«عدم الربحية» التي تمنع عنها المحاسبة الضريبية، منها ثلاث جامعات كبرى: هارفارد ‏وبرينستون وكولومبيا، وهي جامعات شهدت تعاطفًا إنسانيًا مع أهل غزة، وتظاهر عدد غير ‏قليل من طلابها ضد جرائم جيش الإبادة الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، خاصة ضد الأطفال ‏والنساء، وهو ما اعتبره ترامب «معاداة للسامية»، كما لو أن السامية الصهيونية من حقها أن ‏ترتكب جرائم حرب كما تشاء ضد مدنيين عزل، وكان هؤلاء الطلبة يدافعون عما تبقى من ‏ضمير الحضارة الغربية، الذي مرمغته البربرية الإسرائيلية في تراب غزة، وهو ما لم يعجب ‏الرئيس الأمريكي ولا حزبه الجمهوري الولع بالصهيونية، وضم إلى الجامعات الثلاث ‏منظمة «مواطنون من أجل المسئولية»، وهي مؤسسة مجتمع مدني، رفعت عددًا من الدعاوى ‏القضائية ضد ترامب وقراراته وقالت: الحكم الرشيد هو قلب الديمقراطية، وسنواصل القيام ‏بعملنا لضمان حصول الأمريكيين على حكومة أخلاقية خاضعة للمساءلة.‏ تعليمات الي هارفرد وطلب ترامب من هارفارد تعديل سياسات القبول، حتى يضمن خلوها من ‏‏«أصحاب الضمائر المناهضين للجرائم الإسرائيلية»، بزعم أن تصرفات هؤلاء المناهضين ‏عرضت الطلاب اليهود للخطر، لكن الجامعة رفضت، فجمد حصتها من الأموال الفيدرالية ‏البالغة 2.2 مليار دولار.‏ بالطبع لم تسكت جامعة هارفارد، التي تحتل المرتبة الأولى على قائمة أفضل الجامعات في ‏العالم، ورفعت دعوى قضائية ضد إدارة ترامب لإلغاء قرار التجميد، الذي يمس مستوى ‏التعليم في تلك الجامعة العريقة.‏ لم يهدأ ترامب وراح يهددها بأن مصلحة الضرائب سوف تسحب من الجامعة الإعفاء ‏الضريبي بإلغاء صفة «عدم الربحية» عنها.‏ فردت الجامعة على لسان متحدثها الرسمي جيسون نيوتن: «لا يوجد أساس قانوني لإلغاء حالة ‏الإعفاء الضريبي».‏ وبالفعل عزل ترامب ميلاني كراوس المفوض العام لمصلحة الضرائب دون علم وزير ‏الخزانة سكوت بيسنت، وعين بدلًا منه «جارى شابلي»، حليف البلياردير إيلون ماسك ‏المشرف على الكفاءة في الحكومة الفيدرالية، وما كاد بيسنت يستوعب المفاجأة حتى هرع إلى ‏ترامب معترضًا، فمصلحة الضرائب جزء من وزارة الخزانة، وشابلي لا يصلح لها، وأن ‏الأجدر بالمنصب ذي المهام الصعبة هو مايكل فولكندر نائبه، الأستاذ السابق في علم المالية ‏العامة، والذي سبق له الخدمة بالوزارة في ولاية ترامب الأولى، وبالفعل اقتنع ترامب، ‏ليصبح فولكندر رابع رئيس لمصلحة الضرائب في أربعة أشهر فقط!!‏ حرب المنشورات واشتعلت حرب المنشورات على شبكات التواصل الاجتماعي بين بيسنت وماسك!‏ نعم.. تبدو التصرفات كأنها في دولة من دول العالم الثالث، أو أن أمريكا في طريقها أن تصبح ‏جمهورية الموز العظمى.‏ ‏ عمومًا لم تكن هذه أول مرة ينتقد فيه بيسنت رئيسه من قرار عشوائي، المرة السابقة حين ‏سلم ترامب دماغه لمستشاره الأكثر تطرفًا بيتر نافارو، الذي يلقب بالمهندس الرئيسي ‏للتعريفات الجمركية، فانهارت أسواق المال، لكن بيسنت تدخل واتصل بوزير التجارة هوارد ‏لوتنيك، وأقنعه بأن يذهبا معًا إلى ترامب، وبالفعل شرحا له مخاطر الانهيار المالي، وظلا ‏يتحدثان إليه حتى كتب منشورًا على موقع «سوشيال تروث» يعلق فيه الرسوم الجمركية عن ‏التنفيذ.‏ ويدور الهمس في واشنطن حاليًا أن بيسنت يحاول جاهدًا خلخلة فكرة ترامب المسيطرة عليه ‏بإقالة رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جاي بول، وقد ظهر على فضائية بلومبرج واصفاً ‏السياسة النقدية للبنك بأنها «صندوق مجوهرات يجب الحفاظ عليه»!‏ لكن ترامب لم يتراجع عن الهجوم على محافظ البنك، ووصفه بأنه «مستر متأخر جدًا»، وقال ‏بالنص على منصة إكس: يطالب الكثيرون بتخفيضات استباقية على أسعار الفائدة، ومع ‏انخفاض تكاليف الطاقة سوف تتجه أسعار المواد الغذائية إلى الانخفاض، ومعها معظم ‏الأشياء الأخرى، لا يوجد تضخم تقريبًا، لكن من الممكن أن يكون هناك تباطؤ في الاقتصاد، ‏ما لم يخفض مستر «متأخر جدًا» أسعار الفائدة، وهو الخاسر الرئيسي، أوروبا فعلتها سبع ‏مرات، لكن «باول» يأتي متأخرًا للغاية كالعادة، باستثناء المرة التي حدثت خلال الانتخابات، ‏وخفض راتبه من أجل مساعدة «جو بايدن» النائم، الذي تراجع لمصلحة كامالا هاريس!!‏ فعلًا مسألة غريبة جدًا.. هل يعقل أن تناقش السياسات المالية لأمريكا على صفحات التواصل ‏الاجتماعي؟ عمومًا لا تقف الخلافات عند سياسات المالية العامة، وإنما امتدت إلى كل الجوانب تقريبًا، ‏والخلافات تعني شائعات ونميمة وغيبيات، وهي علامات بارزة تصاحب ولاية الرئيس دونالد ‏ترامب، وقد حدثت في ولايته الأولى، لكن هذه المرة أكثر حدة وشراسة، بسبب الصراعات ‏بين كبار المسئولين بمن فيهم وزير الدفاع بيت هيجسيث، حول السياسات التجارية والأمن ‏القومي والولاء الداخلي!‏ هل تتخيلوا أن وزير الدفاع الأمريكي يتبادل معلومات عسكرية حساسة حول الغارات ‏الأمريكية على اليمن، على تطبيق مراسلات مشفر (سيجنال)، يضم في مجموعته زوجة ‏هيجيسث وشقيقه ومحاميه الشخصي، كما لو أن الأمن القومي مسألة مشاع.‏ هذه دولة عظمى في قلب إعصار عنيف، والمدهش أن الأمريكيين العاديين لا ينتبهون بالرغم ‏من تحذيرات كبار متعلميهم ومثقفيهم ومفكريهم، يبدو أن جمهورية الموز العظمى على ‏الأبواب!‏!‏

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store