#أحدث الأخبار مع #«أهلالله»الوسطمنذ 6 أيامترفيهالوسط«أهل الله».. من رذاذ البحر إلى تخوم الصحراءنواصل في الجزء الثاني من عرض كتاب «أهل الله» الصادر عن دار الفرجاني وترجمة الكاتب فرج الترهوني رصد انطباعات الكاتبة الأميركية أغنس كيث في رحلتها إلى بعض المدن الليبية؛ حيث ترى صبراتة من بين المواقع المفضلة عندها بسبب ما تضمه من آثار ولا يوجد مكان في العالم بحسب وصفها يعادلها روعة، بسبب شمسها الأفريقية الساخنة وسمائها الصافية داكنة الزرقة، وفي خلفية الآثار هناك أحجار الكلس المذهبة. تقول أغنس «دائما ما أترك المناطق الأثرية بعد زيارتي لها بقدمين مقرحتين ورأس مصدوع وظهر موجوع، بالإضافة إلى ابتهاج روحي وصدمة ناتجة عن إحساسي بوطأة التاريخ، لكن من النادر جدا أن يعمل ابتهاجي العاطفي على محو آلام جسمي نتيجة زيارة الآثار كما تفعل صبراتة الأثرية». فسيفساء وأعمدة وتماثيل تضيف «منذ ألف عام كانت مدينة رومانية مشهورة، وقبل ذلك كانت مكان تبادل تجاري للفنيقيين، مع ذلك نجد أن المتحف هذه الأيام لا يزال محتفظاً بأحد أجمل تشكيلات فسيفساء جستنيان في العالم، وفي الموقع نفسه هناك العديد من أعمدة المعبد البيض وتماثيل رومانية من الرخام الأبيض التي تحدد شكل المدينة الأثرية، وتبين موهبة سكانها القدامى في فن النحت، وكذلك هناك بقايا آثار المسرح الروماني العظيم الذي يقف شامخا بلون ذهبي على خلفية سماء أفريقية، هذه حقائق أركيولوجية ذات أهمية تاريخية، لكنها لا يمكن أن تحجب أو تنافس الجمال المثير لهذه المدينة الهادئة». تواصل أغنس «نقود السيارة عبر طريق محيط بأشجار السرو داكنة الخضرة، ونقترب من أعمدة ذهبية من الحجر الرملي التي رأيناها من مسافة على خلفية السماء، ونسمع صوت الأمواج الرغوية تتكسر فوق ما كانت في الماضي شواطئ رومانية حيث تمنح الرمال الصفراء دفئها لشباك الصيادين المحليين المنتشرة ولمخاطفيهم المعدنية في تناراتهم المنصوبة لأسماك التن. كانت رائحة الملح وأعشاب البحر ظاهرة بقوة في الجو، وكل الحيوية محيطة بنا وكأن المدينة الأثرية ما زالت تعج ببشر أحياء ربما هي كذلك، فالمدينة العتيقة تتخلى تماما عن أي روح شريرة لساكنيها القدامى. من صبراتة تنقلنا أغنس إلى بنغازي مرورا بسرت حيث أمضيا الليلة في نزل وفي مطعم قريب تناولوا وجبة السباقيتي حيث اشتهرت عائلة إيطالية طوال سنين بتقديم الوجبات للمسافرين من كل عرق ودين، وتضيف أغنس: ينبغي ملاحظة أنه بعد خمس سنين ومع اكتشاف النفط في ليبيا كان على المسافر أن يحجز غرفة قبلها بأسابيع في هذا النزل الصغير. بنغازي وشحات والكوف تصل أغنس إلى مدينة بنغازي عند الغروب متناولة جذور تسميتها بالقول «المدينة الأصلية في هذا الموقع هي هيسبريدس التي أوجدها الإغريق قبل أربعة قرون من ميلاد المسيح، بعد قرنين من ذلك صار اسمها بنيق على اسم الأميرة البطلمية برنيكي، ثم بعد ستة عشر قرنا تحولت إلى بنغازي وهذه المرة على اسم ولي صالح هو سيدي غازي». تتابع «جرى تدمير بنغازي الحديثة بالكامل تقريبا من قبل قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، ولم يكن لديَّ علم أن المدينة ستصبح سريعا موطنا لنا، في تلك الأيام كان الهدف الرئيس من زيارة بنغازي هو زيارة شحات أيقونة الآثار الإغريقية الساكنة في حضن الجبل الأخضر على ارتفاع 600 متر فوق سطح البحر وعلى مسافة 240 كيلو متر من بنغازي». وتمر أغنس بوادي الكوف الذي يقسم شرق برقة عن غربها كما ذكرت والذي عبرته في طريقها إلى شحات، وتضيف «بينما تهدم خلال الحرب جسره الإسمنتي الرائع الذي شيده الإيطاليون، لا يزال بعد ثمانية عشر عاما نعبر الوادي فوق جسر خشبي تركته القوات البريطانية خلفها، لكن ينذر أن يكون وادي الكوف جافا تماما فجنباته الخشنة تكثر فيها النباتات والأشجار ويمكن سماع أصوات الطيور وأزيز النحل فيمثل كل ذلك دعوة لزيارة المكان والتنزه، وحتى في أزمنة ما قبل التاريخ يبدو أن هذه بقعة مفضلة لارتيادها». السفر نحو الشمس في محطة أخرى من رحلاتها تطوف بنا الكاتبة الأميركية أغنس كيث عند تخوم الصحراء إلى غدامس حيث السفر نحو الشمس «ما يلاحظ أنه خارج بواباتها توجد مستوطنة خارجية كاملة من الخيام والأكواخ وهي مساكن قبائل الطوارق القوية الذين كانت المدينة تابعة لهم ذات يوم، وعلى الرغم من أن غدامس بنيت كمدينة للطوارق، إلا أن الطوارق أنفسهم لم يعيشوا داخلها، إنهم بدو رحل حقيقيون وشعب صحراوي حقيقي ولن يتخلوا أبدا عن الخيام أو يشيدوا مساكن داخل أسوار المدينة». تمضي أغنس في وصفها «داخل بوابة المدينة وجدنا فندق (عين الفرس) وهو مبنى جذاب من طابق واحد، وذو مظهر شرق أوسطي والذي سمعنا عنه أنه كان دائما مليئا بعائلات الضباط الفرنسيين التابعين لإدارة فزان الفرنسية الذين يقضون فيه عطلاتهم وأوقاتا مرحة». وتكمل «الآن بعد أن أصبحت فزان ليبية بالكامل، وغدامس مدينة من مستويين، وشوارع الطابق السفلي تشبه بشكل ملحوظ ممرات الأبراج المحصنة أو الأنفاق، فهي ممرات ضيقة ومظلمة، مضاءة فقط من خلال فجوات قليلة في السقف أو لمحة مفاجئة من الضوء في الفناء، فيها تدور مسرحية الضوء والظل واللون الأسود على المرمر، والظل العميق الذي تمزقه خيوط من أشعة الشمس الحارقة، هذه التغييرات المتباينة هي تعبير عن سحر المدينة وتضيف إلى غموضها».
الوسطمنذ 6 أيامترفيهالوسط«أهل الله».. من رذاذ البحر إلى تخوم الصحراءنواصل في الجزء الثاني من عرض كتاب «أهل الله» الصادر عن دار الفرجاني وترجمة الكاتب فرج الترهوني رصد انطباعات الكاتبة الأميركية أغنس كيث في رحلتها إلى بعض المدن الليبية؛ حيث ترى صبراتة من بين المواقع المفضلة عندها بسبب ما تضمه من آثار ولا يوجد مكان في العالم بحسب وصفها يعادلها روعة، بسبب شمسها الأفريقية الساخنة وسمائها الصافية داكنة الزرقة، وفي خلفية الآثار هناك أحجار الكلس المذهبة. تقول أغنس «دائما ما أترك المناطق الأثرية بعد زيارتي لها بقدمين مقرحتين ورأس مصدوع وظهر موجوع، بالإضافة إلى ابتهاج روحي وصدمة ناتجة عن إحساسي بوطأة التاريخ، لكن من النادر جدا أن يعمل ابتهاجي العاطفي على محو آلام جسمي نتيجة زيارة الآثار كما تفعل صبراتة الأثرية». فسيفساء وأعمدة وتماثيل تضيف «منذ ألف عام كانت مدينة رومانية مشهورة، وقبل ذلك كانت مكان تبادل تجاري للفنيقيين، مع ذلك نجد أن المتحف هذه الأيام لا يزال محتفظاً بأحد أجمل تشكيلات فسيفساء جستنيان في العالم، وفي الموقع نفسه هناك العديد من أعمدة المعبد البيض وتماثيل رومانية من الرخام الأبيض التي تحدد شكل المدينة الأثرية، وتبين موهبة سكانها القدامى في فن النحت، وكذلك هناك بقايا آثار المسرح الروماني العظيم الذي يقف شامخا بلون ذهبي على خلفية سماء أفريقية، هذه حقائق أركيولوجية ذات أهمية تاريخية، لكنها لا يمكن أن تحجب أو تنافس الجمال المثير لهذه المدينة الهادئة». تواصل أغنس «نقود السيارة عبر طريق محيط بأشجار السرو داكنة الخضرة، ونقترب من أعمدة ذهبية من الحجر الرملي التي رأيناها من مسافة على خلفية السماء، ونسمع صوت الأمواج الرغوية تتكسر فوق ما كانت في الماضي شواطئ رومانية حيث تمنح الرمال الصفراء دفئها لشباك الصيادين المحليين المنتشرة ولمخاطفيهم المعدنية في تناراتهم المنصوبة لأسماك التن. كانت رائحة الملح وأعشاب البحر ظاهرة بقوة في الجو، وكل الحيوية محيطة بنا وكأن المدينة الأثرية ما زالت تعج ببشر أحياء ربما هي كذلك، فالمدينة العتيقة تتخلى تماما عن أي روح شريرة لساكنيها القدامى. من صبراتة تنقلنا أغنس إلى بنغازي مرورا بسرت حيث أمضيا الليلة في نزل وفي مطعم قريب تناولوا وجبة السباقيتي حيث اشتهرت عائلة إيطالية طوال سنين بتقديم الوجبات للمسافرين من كل عرق ودين، وتضيف أغنس: ينبغي ملاحظة أنه بعد خمس سنين ومع اكتشاف النفط في ليبيا كان على المسافر أن يحجز غرفة قبلها بأسابيع في هذا النزل الصغير. بنغازي وشحات والكوف تصل أغنس إلى مدينة بنغازي عند الغروب متناولة جذور تسميتها بالقول «المدينة الأصلية في هذا الموقع هي هيسبريدس التي أوجدها الإغريق قبل أربعة قرون من ميلاد المسيح، بعد قرنين من ذلك صار اسمها بنيق على اسم الأميرة البطلمية برنيكي، ثم بعد ستة عشر قرنا تحولت إلى بنغازي وهذه المرة على اسم ولي صالح هو سيدي غازي». تتابع «جرى تدمير بنغازي الحديثة بالكامل تقريبا من قبل قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، ولم يكن لديَّ علم أن المدينة ستصبح سريعا موطنا لنا، في تلك الأيام كان الهدف الرئيس من زيارة بنغازي هو زيارة شحات أيقونة الآثار الإغريقية الساكنة في حضن الجبل الأخضر على ارتفاع 600 متر فوق سطح البحر وعلى مسافة 240 كيلو متر من بنغازي». وتمر أغنس بوادي الكوف الذي يقسم شرق برقة عن غربها كما ذكرت والذي عبرته في طريقها إلى شحات، وتضيف «بينما تهدم خلال الحرب جسره الإسمنتي الرائع الذي شيده الإيطاليون، لا يزال بعد ثمانية عشر عاما نعبر الوادي فوق جسر خشبي تركته القوات البريطانية خلفها، لكن ينذر أن يكون وادي الكوف جافا تماما فجنباته الخشنة تكثر فيها النباتات والأشجار ويمكن سماع أصوات الطيور وأزيز النحل فيمثل كل ذلك دعوة لزيارة المكان والتنزه، وحتى في أزمنة ما قبل التاريخ يبدو أن هذه بقعة مفضلة لارتيادها». السفر نحو الشمس في محطة أخرى من رحلاتها تطوف بنا الكاتبة الأميركية أغنس كيث عند تخوم الصحراء إلى غدامس حيث السفر نحو الشمس «ما يلاحظ أنه خارج بواباتها توجد مستوطنة خارجية كاملة من الخيام والأكواخ وهي مساكن قبائل الطوارق القوية الذين كانت المدينة تابعة لهم ذات يوم، وعلى الرغم من أن غدامس بنيت كمدينة للطوارق، إلا أن الطوارق أنفسهم لم يعيشوا داخلها، إنهم بدو رحل حقيقيون وشعب صحراوي حقيقي ولن يتخلوا أبدا عن الخيام أو يشيدوا مساكن داخل أسوار المدينة». تمضي أغنس في وصفها «داخل بوابة المدينة وجدنا فندق (عين الفرس) وهو مبنى جذاب من طابق واحد، وذو مظهر شرق أوسطي والذي سمعنا عنه أنه كان دائما مليئا بعائلات الضباط الفرنسيين التابعين لإدارة فزان الفرنسية الذين يقضون فيه عطلاتهم وأوقاتا مرحة». وتكمل «الآن بعد أن أصبحت فزان ليبية بالكامل، وغدامس مدينة من مستويين، وشوارع الطابق السفلي تشبه بشكل ملحوظ ممرات الأبراج المحصنة أو الأنفاق، فهي ممرات ضيقة ومظلمة، مضاءة فقط من خلال فجوات قليلة في السقف أو لمحة مفاجئة من الضوء في الفناء، فيها تدور مسرحية الضوء والظل واللون الأسود على المرمر، والظل العميق الذي تمزقه خيوط من أشعة الشمس الحارقة، هذه التغييرات المتباينة هي تعبير عن سحر المدينة وتضيف إلى غموضها».