أحدث الأخبار مع #«إفبىآى»


الدستور
١٦-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- الدستور
ترامب.. والرقم المرعب!
موجة غضب واسعة، رسمية وشعبية، أثارتها صورة على إنستجرام، نشرها جيمس كومى، المدير السابق، السابع، لمكتب التحقيقات الفيدرالى، ثم حذفها لاحقًا، بها تشكيل صدفى، أو صخرى، للرقمين «٨٦ و٤٧»، قيل إنه يحمل تحريضًا، ضمنيًا، على اغتيال الرئيس دونالد ترامب. وكان أكثر ما استوقفنا هو أن تايلور بودويتش، نائب رئيس موظفى البيت الأبيض، ربط هذا التحريض بـ«الخطاب التاريخى» الذى ألقاه ترامب فى السعودية، والذى أعلن فيه عن نهاية نفوذ «المحافظين الجدد ومهندسى التدخلات الدولية»! ستة وثمانون، هو عدد طبيعى يلى العدد ٨٥ ويسبق العدد ٨٧، لكنه فى قاموس «كاسيل» للعامية الأمريكية، وقواميس أخرى، يعنى «القتل، القتل العمد، أو تنفيذ حكم الإعدام»، والأرجح أنه يشير إلى حجم القبر القياسى، الذى يبلغ طوله ٨ أقدام وعمقه ٦ أقدام. وفى قاموس «ميريام وبستر» المصطلح بأنه «التخلص من» أو «طرد» شخص ما. كما تستخدمه المطاعم، للإشارة إلى إزالة عنصر من القائمة لأنه لم يعد متاحًا. ومع أن هذا الرقم أو المصطلح، ليس معتمدًا، بشكل رسمى، فى العقيدة العسكرية الأمريكية، لكن اعتاد الجنود أو البحارة أو الطيارون استخدامه، متأثرين باللغة المدنية، أو العامية، الأوسع. هكذا، جرى تفسير الصورة، التى نشرها المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالى على أنها تحريض على اغتيال الرئيس رقم ٤٧ للولايات المتحدة، الذى تزايدت المخاوف على حياته بعد محاولة اغتياله الفاشلة فى ملعب الجولف الخاص به، بولاية فلوريدا فى ١٥ سبتمبر الماضى، والتى سبقها بشهرين تقريبًا حادث إطلاق النار فى تجمع انتخابى للجمهوريين بولاية بنسلفانيا، أُصيب خلاله برصاصة فى أذنه. كومى، المولود فى ١٤ ديسمبر ١٩٦٠، عيّنه الرئيس الأسبق باراك أوباما، فى سبتمبر ٢٠١٣، مديرًا لمكتب التحقيقات الفيدرالى، إف بى آى، وظل يشغل هذا المنصب حتى قام الرئيس ترامب، فى مايو ٢٠١٧، بعزله أو طرده. وفى وقت لاحق من نفس الشهر، قام كومى بتسريب مذكرة كتبها بعد اجتماع خاص مع ترامب، ذكر فيها أن الأخير طلب منه إنهاء تحقيق يتعلق بمايكل فلين، مستشار الأمن القومى السابق. وجرى التعامل مع الإقالة، والمذكرة وشهادة كومى أمام الكونجرس، فى يونيو التالى، على أنها أدلة على محاولة ترامب عرقلة سير التحقيقات، فى قضية التدخلات الروسية فى انتخابات ٢٠١٦ الرئاسية! المهم، هو أن كريستى نويم، وزيرة الأمن الداخلى، ذكرت، أمس، أن الوزارة وجهاز الخدمة السرية يحققان فى منشور مدير مكتب التحقيقات الفيدرالى السابق، على أنه دعوة إلى اغتيال الرئيس الأمريكى. وفى حسابه على شبكة «إكس»، وجّه دونالد ترامب جونيور، الابن الأكبر للرئيس، اتهامًا مباشرًا لكومى بأنه يدعو إلى قتل والده. كما نقلت شبكة «إن بى سى» عن المتحدث باسم جهاز الخدمة السرية أن السلطات تأخذ هذا المنشور على محمل الجد، وأن مدير الـ«إف بى آى» السابق رهن التحقيق الآن. فى السياق ذاته، أو وسط هذه المعجنة، أعرب مايك جونسون، رئيس مجلس النواب الأمريكى، عن سعادته لأن وزيرة الأمن الداخلى والـ«إف بى آى» يحققان مع المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالى، ودعا النائب الجمهورى تيم بورشيت إلى اعتقال كومى فورًا، و... و... وكتب سيباستيان جوركا، مدير مكافحة الإرهاب فى مجلس الأمن القومى الأمريكى: «مرحبًا كومى.. نحن نعمل فى مجال مكافحة الإرهاب.. أنت تقول إنك لا تعرف معنى الرقم ٨٦؟ ماذا عن البند رقم ٨٧٩ من الباب ١٨ فى القانون الأمريكى؟ لقد ارتكبت جريمة بتهديدك حياة الرئيس ترامب، والعالم بأسره شاهد على جريمتك». .. وتبقى الإشارة إلى أن جيمس كومى له كتاب عنوانه «ولاء أكبر: الحقيقة والأكاذيب والزعامة»، صدر سنة ٢٠١٨، تناول فيه حياته المهنية كمدعٍ عام ومسئول فى وزارة العدل، وصولًا إلى توليه منصب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالى، وتفاصيل اجتماعاته الخاصة مع الرئيس ترامب، الذى وصفه بأنه «غوغائى يفضل الولاء الشخصى على القانون وليس لديه احترام يُذكر للأخلاق أو للحقيقة».


اليوم السابع
١٦-٠٢-٢٠٢٥
- سياسة
- اليوم السابع
كيف يستفيد العرب والفلسطينيون من اندفاعات ترامب ومناورات نيتنياهو؟
قد يكون من حسن الحظ أن تصريحات الرئيس الأمريكى ومخططاته لحرب التهجير، ليست المعركة الوحيدة التى يخوضها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فهو يشن هجوما على كندا وعدد من الدول التى تمثل بشكل عام حلفاء للولايات المتحدة. من الظاهر أن ما يفعله الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، يقع فى الداخل والخارج، بل إن هذه المعارك تكشف عن غياب المشروعية أو القرارات الواضحة، وكثرة المخططات تجعل هناك إمكانية للتعامل مع هذه التصرفات، باعتبار أن ترامب يصعد فقط فيما يتعلق بالقضية الفسطينية ومزاعم التهجير أو طرح مشروعات خيالية لا تضع فى اعتبارها حجم الدمار فى غزة مثلا، بينما هو يتحدث عن «ريفيرا» ومشروعات استثمارية وسياحية . الرئيس ترامب مثلا قرر - من طرف واحد - تغيير اسم خليج المكسيك إلى «خليج أمريكا»، ووقع الأمر وهو فى الطائرة وهنا يكشف عن طريقة فى الإدارة تخالف الكثير من القواعد والمثل، ولهذا فقد قالت رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم، إن حكومتها لن تستبعد رفع دعوى ضد شركة «جوجل» إذا أبقت على موقفها المتمثل فى تسمية المنطقة التى تنتمى إلى الجرف القارى المكسيكى، خليج المكسيك، بخليج أمريكا، وحسب ما نشرته صحيفة الإسبيكتاتور المكسيكية أعلنت رئيسة المكسيك رفض قرار «جوجل» بتغيير اسم خليج المكسيك، الموجود منذ 1907 كما أمر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وأضافت أن مرسوم الرئيس يقتصر على «الجرف القارى للولايات المتحدة». وعلى سبيل المثال حسب ما أعلنه ترامب أول فبراير فقد قرر إقالة عناصر فى مكتب التحقيقات الفيدرالى «إف بى آى» شاركوا فى التحقيقات حول الاعتداء على مبنى الكابيتول الذى شنه أنصار ترامب فى 6 يناير 2021، وذلك بهدف فصلهم، ويجرى الآن تقييم وضع عشرات من عناصر الشرطة الفيدرالية الذين انخرطوا فى التحقيقات، وذكرت شبكة «إن بى سى نيوز» أن أكثر من 20 من رؤساء مكاتب «إف بى آى»، بمن فى ذلك أولئك الموجودون فى ميامى وواشنطن، مهددون بهذا الإجراء، كما أن وزارة العدل فصلت العديد من المسؤولين الذين لعبوا دورا فى مقاضاة ترامب، الذى يخوض حربا أخرى مع الإدارة والأجهزة والمؤسسات، ربما على رأسها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية usAid، التى أعلن وزير الخارجية ماركو روبيرتو ضم الوكالة إلى إدارته وتعيينه مسؤولا عنها، لأنها حسب وصفه «تتمرد على الرئيس». كما يشن حربا على وزارة التعليم التى يرى أنها فاشلة وأنه لا يرضى على ترتيب التعليم الأمريكى وسط وزارات التعليم فى العالم، وبالتالى فإن ترامب يشن حروبا فى كل الاتجاهات، ومنها ما يصطدم بالمؤسسات الكبرى التى تمثل قوة الولايات المتحدة، بينما يستهين بها الرئيس، ولهذا يواجه غضبا وسخرية ومعارضة. وحتى فيما ما يتعلق بخطط التهجير هناك رفض لها من داخل الولايات المتحدة، وهو أمر ظهر فى الصحافة الأمريكية والغربية، والتى اعتبرت الدعوة لتهجير الفلسطينيين - فى حد ذاتها - جريمة تصفية عرقية، كما أعرب العشرات من نواب الكونجرس الأمريكى عن رفضهم لخطة الرئيس ترامب بشأن غزة، وكتب 145 نائبا خطابا موجها إلى ترامب يحثونه فيه على التراجع عن تصريحاته. وأكد الموقعون على الخطاب على ضرورة أن تلعب الولايات المتحدة أكثر من أى وقت سابق دورا بناءً فى حل الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، وهو ما جعلهم يشعرون بالقلق من أن رئيسا أمريكيا يدعو إلى إخراج قسرى وتهجير دائم لمليونى شخص، وحذر الخطاب من أن مثل هذا الإجراء لن يمكن الدفاع عنه أخلاقيا، وسيمثل انتهاكا لاتفاقية جنيف، ويعرض للخطر المصالح والقوات الأمريكيىة، ويقوض موقف الولايات المتحدة العالمى، وأشار الخطاب إلى أن مجرد الاقتراح بضرورة أن يوجِه للقوات الأمريكية أمرا لتنفيذ مثل هذه الجريمة فى منطقة حرب مشتعلة «خطير ومتهور»، وحتى محاولة الإخراج القسرى لمليونى شخص ستؤدى إلى عدد غير معلوم من الخسائر بين الأمريكيين، وزيادة هائلة فى الإرهاب حول العالم. وحذر النواب ترامب من أن تصريحاته تعرض للخطر فرصة أمريكا فى العمل مع شركائها بالحرب، والذين أكدوا التزامهم بالسلام الإقليمى الشامل بناء على إعادة إعمار غزة، والتوصل إلى حل الدولتين، ودعوا ترامب للسعى مع شركاء السلام للحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار وإيجاد حل سلمى للصراع من خلال خطة واقعية تجعل غزة قابلة للحياة. وبالتالى هناك تيار واسع يرفض دعاوى التهجير ويعتبرها جريمة، وهناك سخرية وأوصاف متعددة استعملتها الصحف والكتاب، فيما يتعلق بتوجهات فى بعض الأحيان خارج سياق العقل ، وتضع الولايات المتحدة فى واجهة الصدام مع العالم كله. ربما لهذا يعلن مراقبون عن توقعاتهم بأن تفقد توجهات الرئيس ترامب تأثيرها من كثرة ما تعكسه من استحالة التنفيذ، بجانب أنها تشير إلى توجه لتجاهل القانون أو التعامل باستهانة مع وقائع تستحق الالتفات إليها، بجانب أن العرب بالفعل لديهم أوراق قوية للتعامل مع مخططات التهجير، بجانب أن التوازنات الدولية والإقليمية تختلف عما كان قبل 4 سنوات، ويمكنهم التعامل مع المناورات. وبالفعل فقد كانت التحركات المصرية الحاسمة تتعامل مع هذه المخططات، بجانب دعوتها للقمة العربية، وتحركات مع أطراف إقليمية ودولية يمكنها التعامل فى مواجهة دعاوى التهجير، والتعامل مع اندفاعات من شأنها أن تهدد الاستقرار وهو ما طرحه النواب بالكونجرس الذين وقعوا المذكرة وطالبوا بالتراجع عن خطة التهجير التى تهدد مصالح الولايات المتحدة بل وتمثل تهديدا للسلم الإقليمى والدولى، ولعل هذا كله يضاعف من مسؤولية الأطراف المختلفة فى الفصائل الفسطينية، بالاستجابة لدعاوى ومحاولات مصر لتوحيد الفصائل، حتى يمكن الاستفادة من الزخم الحادث الذى تفرضه التطورات التى تجرى وإمكانية الاستفادة من الأزمة لتتحول إلى مكسب.

مصرس
١٠-٠٢-٢٠٢٥
- سياسة
- مصرس
ترامب يذهب أبعد من نتنياهو.. هل تُفرّط إيران بآخر أوراقها؟
ثلاثة أسابيع كانت كافية كى يُفجّر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، كمًا هائلًا من المفاجآت، التى أذهلت مؤيديه وخصومه، على حد سواء. من الحرب على مؤسسات «الدولة العميقة» فى الداخل، إلى الحروب التجارية واستخدام الإكراه الاقتصادى بديلًا من البوارج فى السياسة الخارجية، وتدمير كل المقومات التى قام عليها النظام الدولى بعد الحرب العالمية الثانية. لى ترامب ذراع بناما وجعلها تنسحب من «مبادرة الحزام والطريق» الصينية. قبلها أرغم كولومبيا على استقبال أفواج المهاجرين غير الشرعيين المُرحّلين من الولايات المتحدة. أجبر المكسيك وكندا على إرسال تعزيزات إلى حدودهما المشتركة مع أمريكا للحد من تهريب البشر والفنتانيل فى مقابل تجميد مرسوم زيادة الرسوم الجمركية على البلدين لمدة شهر وإعادة التفاوض على الاتفاقات التجارية. بعد الصين، سيستهدف ترامب الاتحاد الأوروبى بزيادة مؤلمة فى التعريفات الجمركية. ولن تنجو حتى اليابان من «اجتياح الرسوم الجمركية»!يشنُ ترامب حملة تطهير فى المؤسسات الفيدرالية، وفى مقدمها مكتب التحقيقات الفيدرالى «إف بى آى» الذى يتهمه بالعمل ضده، وفكّك الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ووجد آلاف الأشخاص فى وكالات حكومية أخرى، أنفسهم بلا عمل بعد منحهم إجازات إجبارية، بسبب الشك فى ولائهم. كل القضاة الذين حاكموا مثيرى الشغب الذين اقتحموا مبنى الكونجرس فى 6 يناير 2021، أحيلوا على التحقيق، بينما خرج المدانون من السجن بعفو رئاسى.لا ينى ترامب يُكرّر فى كل مناسبة، أن الله أنقذه من رصاصة بنسلفانيا الصيف الماضى، كى يُنقذ هو بدوره أمريكا ويجعلها "أمة عظيمة مرة أخرى". وإلى ما يراه تدخلًا إلهيًا أبقاه على قيد الحياة، يزعم ترامب أن الشعب الأمريكى أيضًا منحه تفويضًا كاسحًا فى "أعظم انتخابات فى تاريخ أمريكا" كى يمضى فى مهمته، علمًا أن نتائج الأصوات الشعبية تُظهر أنه فاز بفارق 1.5 فى المئة فقط على المرشحة الديموقراطية كامالا هاريس. ولعل العامل الأهم فى فوز ترامب، كان استياء الأمريكيين من السياسة الاقتصادية للرئيس السابق جو بايدن. وربما لو كان بايدن انسحب من السباق الرئاسى فى وقت أبكر، وأتاح المجال لإجراء انتخابات تمهيدية داخل الحزب الديموقراطى، لاختلفت النتائج كُليًا.• • •لم يأخذ كثيرون ترامب على محمل الجد، عندما تحدث قبل أسبوعين عن نقل سكان غزة إلى مصر والأردن. حتى أقرن ذلك باقتراح تجاوز كل تصور، يقضى بأن "تستولي" أمريكا على القطاع وتجعل منه "ريفييرا الشرق الأوسط" بعد ترحيل مليونى فلسطينى، من دون أن يستبعد إرسال قوات أمريكية إلى هناك."الريفييرا" المقترحة وتحويل غزة إلى مشروع عقارى ونزع أى بعد سياسى حقوقى لسكانها، هذه كُلّها جزء من رؤية ترامب لإحلال السلام فى المنطقة، وسيليها توسيع اتفاقات أبراهام، لتشمل السعودية، من دون دولة فلسطينية أو حتى إرساء مسار نحو قيام مثل هذه الدولة مستقبلًا. ولتهدئة أصوات المنتقدين من مؤيدى ترامب نفسه، على احتمال تورط عسكرى أمريكى آخر فى الخارج، سارع الرئيس الأمريكى إلى الإيضاح بأن خطته للاستيلاء على غزة لا تشمل انتشارًا للقوات الأمريكية، كما قال سابقًا، وبأن أمريكا ستتسلم القطاع من إسرائيل، وبأن تمويل إعادة الإعمار سيتوفر من دول إقليمية.ذهب ترامب أبعد بكثير مما يحلم نتنياهو وشركائه من اليمين المتطرف، إلى حد أن وزير الأمن القومى إيتمار بن غفير، الذى استقال من الحكومة بسبب قبول الحكومة بوقف النار فى غزة، بات يرى أن عودته إلى الحكومة صارت قريبة.ويعود رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو من أمريكا، بانتصار سياسى وشخصى، ولن يكون ملزمًا بعد اقتراح التهجير، بالانتقال التلقائى إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار، لأن ترامب خلط أوراق الصراع، ودفن «حل الدولتين» الذى كانت تؤيده إدارات أمريكية سابقة، وينادى به الاتحاد الأوروبى وروسيا والصين والأمم المتحدة.وعلى الأرجح، سيعمد نتنياهو إلى تصعيد شروطه للقبول بالانتقال إلى المرحلة الثانية، على غرار أن توافق «حماس» على التخلى عن حكم غزة وانتقال قادتها إلى الخارج.وفى الجولة التى يبدأها وزير الخارجية الأمريكى ماركو روبيو فى المنطقة الأسبوع المقبل، سيعمل على ترجمة عملية لأفكار ترامب، ملطفًا من بعض مضامينها المخيفة المتعلقة بتهجير دائم للفلسطينيين، والقول بدلًا من ذلك أن خروج السكان من غزة سيكون موقتًا ريثما يُعاد إعمارها.وللمفارقة أن الغزيين هم أحفاد الفلسطينيين الذين قيل لهم فى العام 1948 بأن تهجيرهم من أراضيهم سيكون موقتًا. وسيستخدم روبيو اقتراح ترامب وتردد نتنياهو فى الانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف النار، كأداتى ضغط على السعودية، كى توافق على التطبيع فى مقابل وعد أمريكى بإلزام نتنياهو بوقف النار، وليس فى مقابل قيام دولة فلسطينية وفق ما تطالب الرياض أو فى مقابل اعادة ترامب النظر فى تهجير الغزيين.• • •رؤية ترامب هى بمثابة «سلام قرطاجى»، أى المبنى على القوة وليس على الحق أو العدل. رؤية، سال لها لعاب نتنياهو الذى كان يقف إلى جوار ترامب فى البيت الأبيض، لأنها تُترجم المكاسب العسكرية للحرب الإسرائيلية الدائرة منذ 16 شهرًا، إلى واقع استراتيجى، ومهّد ترامب الأرضية للضغط أكثر على الشعب الفلسطينى، فأوقف المساهمة الأمريكية فى وكالة الأونروا، وانسحب من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية لإصدارها مذكرتى اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب فى غزة، ولن تكون محكمة العدل الدولية بعيدة عن مرمى العقوبات الأمريكية، فى حال استمرت فى النظر بدعوى جنوب إفريقيا التى تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة فى القطاع.غزة «الأمريكية» والضفة «الإسرائيلية»، بما تعنيان من تصفية للقضية الفلسطينية، هو الجزء الأول من الرؤية الترامبية، بينما الجزء الثانى أو المُتمّم، يتعلق بإيران التى ستكون فى هذه الحال تحت «الضغط الأقصى» الذى استرجعه الرئيس الأمريكى فى حضور نتنياهو، بهدف دفع طهران إلى طاولة المفاوضات حول برنامجها النووى، وعلى غرار ما أخذ ترامب على عاتقه حل مسألة غزة، جعل أيضًا من مسألة منع إيران من الوصول إلى القنبلة النووية، مسألة تخص أمريكا قبل إسرائيل. وهذا مغزى توقيعه على مرسوم رئاسى يمنع طهران من حيازة القنبلة النووية.واستتبع ذلك بدعوة الرئيس الإيرانى مسعود بزشكيان إلى الحوار، لأنه يرى الفرصة سانحة أكثر من أى يوم مضى بعد عام من الخسائر الاستراتيجية التى مُنيت بها طهران، فى ضوء تعرضها لضربتين إسرائيليتين مباشرتين وفقدانها سوريا، وإلحاق الضرر الكبير بمقدرات حليفيها الإقليميين: «حماس» و«حزب الله».هل تختار إيران المُتعبة اقتصاديًا والمصابة بخسائر إقليمية، التنازل عن آخر ورقة رابحة فى يدها، ألا وهى التطور الذى حقّقته على مستوى برنامجها النووى، ما يؤهلها لصنع رأسين نوويين، وفق خبراء غربيين؟هذا ما يضع إيران أمام خيارين كلاهما مر: اجتياز العتبة النووية أو اجتياز الحاجز النفسى والجلوس مع ترامب وجهًا لوجه. لا بد أن القيادة الإيرانية تعى حجم الأخطار التى تواجهها فى حال أقدمت على أى من الخيارين، وتضع دائمًا فى حسبانها كيفية الحفاظ على النظام فى الأساس، وعدم الجنوح إلى خيارات انتحارية.سميح صعبموقع 180النص الأصلي: