#أحدث الأخبار مع #«البنكالمصرىبوابة الأهرام١٠-٠٥-٢٠٢٥أعمالبوابة الأهرامفى ذكرى إنشاء بنك مصرفى 7 مايو 1920، بدأ بنك مصر نشاطه من مقره بشارع الشيخ أبو السباع بالقاهرة (صبرى أبو علم حاليا)، ومثّل هذا الحدث نقطة تحول كبرى فى التاريخ الاقتصادى المصري، وامتدت دلالته إلى الجانب السياسي، فقد كان إنشاء مثل هذا البنك حلما دعت إليه الحركة الوطنية المصرية على مدى سنوات طويلة. مع تبلور الحياة الاقتصادية فى مصر وازدياد أنشطة التصدير والاستيراد، ظهرت الحاجة إلى مكاتب أو هيئات تقوم بأعمال الإقراض والائتمان، وهى الأنشطة التى سيطرت عليها البنوك الأجنبية بالكامل. وتورد المصادر التاريخية معلومات عن جذور التفكير فى إقامة بنك وطني، مثل أن الوالى محمد على أمر بإنشاء بنك مصرى فى سنوات حكمه الأخيرة، وأنه فى عهد محمد سعيد باشا أنشئ «البنك المصرى « عام 1845، ودعوة عدد من التجار كان أبرزهم أمين شميل فى عام 1879، ثم ما ذكره «بلنت» من أن أحمد عرابى فكر فى إنشاء «مصرف تسليف» للفلاحين. وفى عام 1898، قام عدد من كبار التجار بإنشاء مصارف صغيرة قبلت الودائع وحولتها إلى الخارج، وتم القضاء على هذه المحاولة بسبب ضغوط فروع البنوك الأجنبية فى مصر. فى أكتوبر 1907، كتب محمد طلعت حرب – وكان فى الأربعين من عمره- مقالا نبه فيه إلى أهمية الاستقلال الاقتصادى ووجود صناعة وطنية باعتبارهما ضرورة لتحقيق الاستقلال الكامل لمصر، وذلك باعتبار أن «المال هو أس كل الأعمال فى هذا العصر وقوام كل مُلك». فى عام 1911، تزايدت الدعوة إلى إنشاء بنك مصري، باعتباره مطلبا وطنيا عاما، وتضمنت إحدى توصيات المؤتمر المصرى الأول الذى انعقد فى شهر أبريل، ضرورة العمل على إنشاء بنك مصرى ليكون «بنك البلد». وفى نوفمبر من نفس العام، أصدر طلعت حرب كتابه «علاج مصر الاقتصادى وإنشاء بنك للمصريين»، ركز فيه على ضعف الصناعة، وغياب «أدوات مالية مصرية»، وسيطرة الأجانب على معظم أعمال التجارة فى مصر. كما أسهم فى إنشاء شركة التعاون المالى بهدف تقديم القروض للمصريين. مع نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918، تحرك المصريون للدعوة إلى إنهاء الاحتلال والمطالبة بالاستقلال. وإزاء رفض السلطات البريطانية سفر وفد مصرى لعرض هذه المطالب على مؤتمر فرساى للسلام والقبض على سعد زغلول رئيس الوفد، اندلعت شرارة الثورة الشعبية الكبرى فى 8 مارس 1919. واكب ذلك تحرك طلعت حرب وعدد من كبار رجال المال والتجارة لإنشاء بنك وطنى مصري، فكان دافعًا لنمو الرأسمالية المصرية، وبناء الصناعة الوطنية. وتحقق ذلك عبر ثلاث خطوات: الأولى فى ذكرى اندلاع الثورة، أى فى 8 مارس 1920، وقع ثمانية مصريين عقد تأسيس شركة بنك مصر، ويلاحظ أن القائمة مثلت مكونات المجتمع المصرى وقتذاك من مسلمين ومسيحيون ويهود، فكان دليلًا على أنه ليس مجرد مشروع مالى وحسب ولكنه عمل وطنى يترقبه المصريون جميعا. أما الذين أسهموا فى إنشاء البنك فبلغ عددهم 126 مصريًا، وبلغت مساهماتهم80 ألف جنيه، موزعة على 20 ألف سهم بواقع 4 جنيهات للسهم الواحد، وكان أكبر المسهمين عبد العظيم المصرى بك من أعيان مغاغة الذى اشترى بمفرده ألف سهم. وكانت الخطوة الثانية فى 13 أبريل 1920، عندما نشرت الجريدة الرسمية وهى الوقائع المصرية مرسومًا لتأسيس شركة مساهمة مصرية تسمى «بنك مصر». ونص عقد الشركة على أن هدفها القيام بجميع أعمال البنوك، من خصم وتسليف على البضائع والمستندات والأوراق المالية والكامبيو والعمولة، وقبول الأمانات والودائع، وفتح الحسابات والاعتمادات، وبيع وشراء السندات والأوراق المالية، والاشتراك فى إصدار السندات، وغير ذلك مما يدخل فى أعمال البنوك بلا قيد أو تحديد. وبعدها، اجتمع المسهمون باعتبارهم الجمعية العمومية للبنك، وانتخبوا أول مجلس إدارة من تسعة أعضاء، شمل أحمد مدحت يكن باشا رئيسا، ويوسف أصلان قطاوى باشا وكيلا، وطلعت حرب بك نائبا للرئيس وعضو مجلس الإدارة المنتدب، ود.فؤاد سلطان بك عضو مجلس الإدارة المنتدب بالإنابة. ثم جاءت الخطوة الثالثة فى بدء نشاط البنك فى 7مايو 1920. وبهذه المناسبة أقيم حفل بدار الأوبرا ألقى فيه طلعت حرب خطابا، عن أهداف البنك وخططه وبرامجه. وأن الغرض هو إقامة بنك مصرى برأسمال مصرى وإدارة مصرية، تكون لغة تعامله العربية، على أن يقوم البنك بأخذ زمام المبادرة فى إنشاء الشركات الصناعية، وتشجيع الاستثمار الصناعي. وفى السنوات العشرين التالية، أوجد البنك حقائق صناعية جديدة على أرض مصر ، فأنشأ فى 1922 مطبعة مصر، وفى 1924 شركة مصر لحلج الأقطان، وفى 1925 شركتى مصر للنقل والملاحة، ومصر للتمثيل والسينما، وفى 1927 شركتى مصر للغزل والنسيج ومصر لمصايد الأسماك، وفى 1930 شركة مصر لتصدير القطن، وفى 1932شركتى مصر للطيران، وبيع المصنوعات المصرية، وفى 1934 ثلاث شركات مصر للتأمين، ومصر للملاحة، ومصر للسياحة، وفى 1938 خمس شركات هي: مصر للغزل والنسيج الرفيع، ومصر لأعمال الإسمنت المسلح، ومصر صباغى البيضا، ومصر للمناجم والمحاجر، ومصر لصناعة وتجارة الزيوت، وفى 1940 شركة مصر للمستحضرات الطبية. وهكذا، فخلال 18 عاما أنشأ البنك 19 شركة. ويلاحظ أن هذه الشركات شملت مختلف قطاعات الاقتصاد وأنها جميعا تبدأ باسم مصر دلالة على الهوية والانتماء. فى عام 1939 تعرض البنك لأزمة سيولة، ورغم أنه امتلك احتياطات وأصولا قوية فإن البنوك الأخرى لم تساعده. وفى اللحظة الأخيرة، تدخلت الحكومة المصرية لدعمه واشترطت إبعاد طلعت حرب عن إدارته وتغيير سياساته. وفى عام 1941، توفى هذا الرائد الاقتصادى العظيم حزنا وكمدا، ولكن البنك واصل دوره ورسالته التى اتسعت بنشوب ثورة 1952.
بوابة الأهرام١٠-٠٥-٢٠٢٥أعمالبوابة الأهرامفى ذكرى إنشاء بنك مصرفى 7 مايو 1920، بدأ بنك مصر نشاطه من مقره بشارع الشيخ أبو السباع بالقاهرة (صبرى أبو علم حاليا)، ومثّل هذا الحدث نقطة تحول كبرى فى التاريخ الاقتصادى المصري، وامتدت دلالته إلى الجانب السياسي، فقد كان إنشاء مثل هذا البنك حلما دعت إليه الحركة الوطنية المصرية على مدى سنوات طويلة. مع تبلور الحياة الاقتصادية فى مصر وازدياد أنشطة التصدير والاستيراد، ظهرت الحاجة إلى مكاتب أو هيئات تقوم بأعمال الإقراض والائتمان، وهى الأنشطة التى سيطرت عليها البنوك الأجنبية بالكامل. وتورد المصادر التاريخية معلومات عن جذور التفكير فى إقامة بنك وطني، مثل أن الوالى محمد على أمر بإنشاء بنك مصرى فى سنوات حكمه الأخيرة، وأنه فى عهد محمد سعيد باشا أنشئ «البنك المصرى « عام 1845، ودعوة عدد من التجار كان أبرزهم أمين شميل فى عام 1879، ثم ما ذكره «بلنت» من أن أحمد عرابى فكر فى إنشاء «مصرف تسليف» للفلاحين. وفى عام 1898، قام عدد من كبار التجار بإنشاء مصارف صغيرة قبلت الودائع وحولتها إلى الخارج، وتم القضاء على هذه المحاولة بسبب ضغوط فروع البنوك الأجنبية فى مصر. فى أكتوبر 1907، كتب محمد طلعت حرب – وكان فى الأربعين من عمره- مقالا نبه فيه إلى أهمية الاستقلال الاقتصادى ووجود صناعة وطنية باعتبارهما ضرورة لتحقيق الاستقلال الكامل لمصر، وذلك باعتبار أن «المال هو أس كل الأعمال فى هذا العصر وقوام كل مُلك». فى عام 1911، تزايدت الدعوة إلى إنشاء بنك مصري، باعتباره مطلبا وطنيا عاما، وتضمنت إحدى توصيات المؤتمر المصرى الأول الذى انعقد فى شهر أبريل، ضرورة العمل على إنشاء بنك مصرى ليكون «بنك البلد». وفى نوفمبر من نفس العام، أصدر طلعت حرب كتابه «علاج مصر الاقتصادى وإنشاء بنك للمصريين»، ركز فيه على ضعف الصناعة، وغياب «أدوات مالية مصرية»، وسيطرة الأجانب على معظم أعمال التجارة فى مصر. كما أسهم فى إنشاء شركة التعاون المالى بهدف تقديم القروض للمصريين. مع نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918، تحرك المصريون للدعوة إلى إنهاء الاحتلال والمطالبة بالاستقلال. وإزاء رفض السلطات البريطانية سفر وفد مصرى لعرض هذه المطالب على مؤتمر فرساى للسلام والقبض على سعد زغلول رئيس الوفد، اندلعت شرارة الثورة الشعبية الكبرى فى 8 مارس 1919. واكب ذلك تحرك طلعت حرب وعدد من كبار رجال المال والتجارة لإنشاء بنك وطنى مصري، فكان دافعًا لنمو الرأسمالية المصرية، وبناء الصناعة الوطنية. وتحقق ذلك عبر ثلاث خطوات: الأولى فى ذكرى اندلاع الثورة، أى فى 8 مارس 1920، وقع ثمانية مصريين عقد تأسيس شركة بنك مصر، ويلاحظ أن القائمة مثلت مكونات المجتمع المصرى وقتذاك من مسلمين ومسيحيون ويهود، فكان دليلًا على أنه ليس مجرد مشروع مالى وحسب ولكنه عمل وطنى يترقبه المصريون جميعا. أما الذين أسهموا فى إنشاء البنك فبلغ عددهم 126 مصريًا، وبلغت مساهماتهم80 ألف جنيه، موزعة على 20 ألف سهم بواقع 4 جنيهات للسهم الواحد، وكان أكبر المسهمين عبد العظيم المصرى بك من أعيان مغاغة الذى اشترى بمفرده ألف سهم. وكانت الخطوة الثانية فى 13 أبريل 1920، عندما نشرت الجريدة الرسمية وهى الوقائع المصرية مرسومًا لتأسيس شركة مساهمة مصرية تسمى «بنك مصر». ونص عقد الشركة على أن هدفها القيام بجميع أعمال البنوك، من خصم وتسليف على البضائع والمستندات والأوراق المالية والكامبيو والعمولة، وقبول الأمانات والودائع، وفتح الحسابات والاعتمادات، وبيع وشراء السندات والأوراق المالية، والاشتراك فى إصدار السندات، وغير ذلك مما يدخل فى أعمال البنوك بلا قيد أو تحديد. وبعدها، اجتمع المسهمون باعتبارهم الجمعية العمومية للبنك، وانتخبوا أول مجلس إدارة من تسعة أعضاء، شمل أحمد مدحت يكن باشا رئيسا، ويوسف أصلان قطاوى باشا وكيلا، وطلعت حرب بك نائبا للرئيس وعضو مجلس الإدارة المنتدب، ود.فؤاد سلطان بك عضو مجلس الإدارة المنتدب بالإنابة. ثم جاءت الخطوة الثالثة فى بدء نشاط البنك فى 7مايو 1920. وبهذه المناسبة أقيم حفل بدار الأوبرا ألقى فيه طلعت حرب خطابا، عن أهداف البنك وخططه وبرامجه. وأن الغرض هو إقامة بنك مصرى برأسمال مصرى وإدارة مصرية، تكون لغة تعامله العربية، على أن يقوم البنك بأخذ زمام المبادرة فى إنشاء الشركات الصناعية، وتشجيع الاستثمار الصناعي. وفى السنوات العشرين التالية، أوجد البنك حقائق صناعية جديدة على أرض مصر ، فأنشأ فى 1922 مطبعة مصر، وفى 1924 شركة مصر لحلج الأقطان، وفى 1925 شركتى مصر للنقل والملاحة، ومصر للتمثيل والسينما، وفى 1927 شركتى مصر للغزل والنسيج ومصر لمصايد الأسماك، وفى 1930 شركة مصر لتصدير القطن، وفى 1932شركتى مصر للطيران، وبيع المصنوعات المصرية، وفى 1934 ثلاث شركات مصر للتأمين، ومصر للملاحة، ومصر للسياحة، وفى 1938 خمس شركات هي: مصر للغزل والنسيج الرفيع، ومصر لأعمال الإسمنت المسلح، ومصر صباغى البيضا، ومصر للمناجم والمحاجر، ومصر لصناعة وتجارة الزيوت، وفى 1940 شركة مصر للمستحضرات الطبية. وهكذا، فخلال 18 عاما أنشأ البنك 19 شركة. ويلاحظ أن هذه الشركات شملت مختلف قطاعات الاقتصاد وأنها جميعا تبدأ باسم مصر دلالة على الهوية والانتماء. فى عام 1939 تعرض البنك لأزمة سيولة، ورغم أنه امتلك احتياطات وأصولا قوية فإن البنوك الأخرى لم تساعده. وفى اللحظة الأخيرة، تدخلت الحكومة المصرية لدعمه واشترطت إبعاد طلعت حرب عن إدارته وتغيير سياساته. وفى عام 1941، توفى هذا الرائد الاقتصادى العظيم حزنا وكمدا، ولكن البنك واصل دوره ورسالته التى اتسعت بنشوب ثورة 1952.