أحدث الأخبار مع #«العاصوف»


الرياض
٢٧-٠٣-٢٠٢٥
- ترفيه
- الرياض
فن الدراما.. بين الانعكاس الاجتماعي والتأثير في التغيير
تثير الدراما التلفزيونية أسئلة جوهرية حول العلاقة بين الفن والمجتمع: هل هي مجرد انعكاس لواقع موجود، أم أنها قوة فاعلة في صياغة وعي الأفراد ودفع عجلة التغيير الاجتماعي؟ ففي عصر تسيطر عليه الصورة والقصة المرئية، أصبحت المسلسلات الدرامية أكثر من مجرد وسيلة ترفيه؛ فهي أداة لقراءة المجتمعات، وفضاء لطرح الأسئلة المحرجة، ومحفّز لحوار قد يعيد تشكيل المفاهيم والقيم. هذا التداخل بين الدراما والواقع يعيدنا إلى التساؤل: هل تصبح الدراما مرآة صادقة للمجتمع، أم أنها تشكّله بذاتها؟ منذ فجر الحضارات، لعب الفن دوراً محورياً في ترجمة هموم الشعوب وأحلامها، تقول الدكتورة هبة رؤوف علام، أستاذة علم النفس الاجتماعي: «الفنون ليست زينة للحياة، بل هي لغة تعبّر عن التحديات الإنسانية وتسهم في بناء الهوية الجماعية». فالدراما، كفرع من فروع الفنون، تقدّم قصصاً تلامس يوميات الأفراد، مما يجعلها قادرة على ترسيخ قيم أو نقد ممارسات سلبية. على سبيل المثال، مسلسلات مثل «العاصوف» و»خيوط المعازيب» و»شارع الأعشى» و»الشميسي» والتي تناولت تحولات المجتمع السعودي عبر عقود، لم تكن مجرد سرد تاريخي، بل كانت محاولة لإثارة نقاش حول التغيير الثقافي والاجتماعي في المملكة. ومن الناحية الأنثروبولوجية، تساعد الدراما في الحفاظ على الذاكرة الجمعية، فعندما تقدّم الدراما قصصاً عن التراث أو الأزمات الوطنية، فإنها تحوّلها إلى وثائق حية، تذكّر الأجيال الجديدة بجذورها وتعرّفها بتحديات الماضي، هذا الدور التذكاري يعزز الانتماء ويسهّل نقل القيم بين الأجيال. لا تختلف المسلسلات الدرامية عن المرآة في قدرتها على عكس الواقع، لكنها ليست مرآة محايدة. ففي الوقت الذي تصوّر فيه قضايا مثل العنف الأسري، فإنها تختار زوايا معينة لقراءة الأحداث، مما يعطيها بعدا نقديا. مسلسل «الجماعة» للمؤلف وحيد حامد، الذي تناول صعود الجماعات الإسلامية في مصر، لم يكتف بسرد الوقائع، بل فتح باب النقاش حول علاقة الدين بالسياسة، وتأثير التيارات الأيديولوجية على المجتمع. هنا، تصبح الدراما أداة لتحليل الواقع لا مجرد عرض له. وقد أثبتت الدراسات قدرة الدراما على تغيير المفاهيم. ففي دراسة نشرت بمجلة «Population and Development Review»، تبيّن أن المسلسلات البرازيلية التي تناولت قضايا الصحة الإنجابية ساهمت في خفض معدلات المواليد عبر تصوير شخصيات تختار تنظيم الأسرة، وهذا المثال يظهر كيف تتحول الدراما من مرآة عاكسة إلى قوة تغيّر السلوكيات. الانتقال من مرحلة العرض إلى التأثير يتطلب أن تكون الدراما محمّلة برسائل واعية. فعندما تقدّم نماذج إيجابية لشخصيات تناضل من أجل العدالة أو المساواة، تصبح مصدر إلهام للمشاهدين. مسلسل «الهيبة» في العالم العربي، رغم انتقاده لتركيزه على العنف، أثار جدلاً حول غياب القانون في المناطق الريفية، مما دفع بعض النشطاء إلى المطالبة بتعزيز سيادة القانون. وعلى مستوى السياسات العامة، يمكن للدراما أن تمارس ضغوطاً غير مباشرة على صناع القرار. ففي الهند، نجح مسلسل «Satyamev Jayate» (الحق ينتصر) في إثارة الرأي العام حول قضايا مثل العنف ضد المرأة، مما دفع الحكومة لإطلاق حملات وطنية لمكافحة التمييز. هذا يظهر أن الدراما ليست مجرد فن، بل أداة للمحاسبة الاجتماعية. رغم إمكاناتها التغييرية، قد تسهم الدراما في تكريس الصور النمطية أو تزييف الواقع. فبعض المسلسلات تبالغ في تصوير الرفاهية أو تعزز فكرة «الحل السحري» للمشكلات الاجتماعية، مما يولد إحباطا لدى المشاهدين الذين يعجزون عن تقليد تلك النماذج. فعندما تقدّم الدراما نماذج استهلاكية غير واقعية، فإنها تشوّه مفهوم النجاح وتجعله مرتبطاً بالمال والسلطة بدلا من القيم الإنسانية. كما أن التركيز على الإثارة على حساب العمق قد يضعف الرسالة الاجتماعية. فمسلسلات تصوّر العنف كوسيلة لحل النزاعات، أو تقدّم المرأة ككائن تابع، تصبح جزءاً من المشكلة بدلا من الحل. هنا، تصبح الدراما مرآة مشوّهة تعكس رغبات الجماهير بدلا من حقائق الواقع. في النهاية، تظل الدراما أداة قوية تشبه السلاح: قد تستخدم لبناء الوعي أو تدميره. والدراما الناجحة تشبه المشرط الطبي، تكشف الجراح لتمهّد الطريق للعلاج. ولتحقيق هذا الهدف، يجب على صناع الدراما الموازنة بين حرية الإبداع والمسؤولية الاجتماعية، وبين إمتاع الجمهور وتنويره. فالدراما التي تصوّر الواقع بصدق، وتطرح أسئلة جريئة، وتقدّم حلولا واقعية، هي التي تصبح مرآة حقيقية للمجتمع، وقوة دافعة نحو التغيير.. يقول الكاتب البرازيلي أوجستو بوا :»الفن ليس مرآةً تعكس الواقع، بل أداةٌ لتفكيكه وإعادة بنائه».

سعورس
٢٦-٠٣-٢٠٢٥
- ترفيه
- سعورس
فن الدراما.. بين الانعكاس الاجتماعي والتأثير في التغيير
منذ فجر الحضارات، لعب الفن دوراً محورياً في ترجمة هموم الشعوب وأحلامها، تقول الدكتورة هبة رؤوف علام، أستاذة علم النفس الاجتماعي: «الفنون ليست زينة للحياة، بل هي لغة تعبّر عن التحديات الإنسانية وتسهم في بناء الهوية الجماعية». فالدراما، كفرع من فروع الفنون، تقدّم قصصاً تلامس يوميات الأفراد، مما يجعلها قادرة على ترسيخ قيم أو نقد ممارسات سلبية. على سبيل المثال، مسلسلات مثل «العاصوف» و»خيوط المعازيب» و»شارع الأعشى» و»الشميسي» والتي تناولت تحولات المجتمع السعودي عبر عقود، لم تكن مجرد سرد تاريخي، بل كانت محاولة لإثارة نقاش حول التغيير الثقافي والاجتماعي في المملكة. ومن الناحية الأنثروبولوجية، تساعد الدراما في الحفاظ على الذاكرة الجمعية، فعندما تقدّم الدراما قصصاً عن التراث أو الأزمات الوطنية، فإنها تحوّلها إلى وثائق حية، تذكّر الأجيال الجديدة بجذورها وتعرّفها بتحديات الماضي، هذا الدور التذكاري يعزز الانتماء ويسهّل نقل القيم بين الأجيال. لا تختلف المسلسلات الدرامية عن المرآة في قدرتها على عكس الواقع، لكنها ليست مرآة محايدة. ففي الوقت الذي تصوّر فيه قضايا مثل العنف الأسري، فإنها تختار زوايا معينة لقراءة الأحداث، مما يعطيها بعدا نقديا. مسلسل «الجماعة» للمؤلف وحيد حامد، الذي تناول صعود الجماعات الإسلامية في مصر، لم يكتف بسرد الوقائع، بل فتح باب النقاش حول علاقة الدين بالسياسة، وتأثير التيارات الأيديولوجية على المجتمع. هنا، تصبح الدراما أداة لتحليل الواقع لا مجرد عرض له. وقد أثبتت الدراسات قدرة الدراما على تغيير المفاهيم. ففي دراسة نشرت بمجلة «Population and Development Review»، تبيّن أن المسلسلات البرازيلية التي تناولت قضايا الصحة الإنجابية ساهمت في خفض معدلات المواليد عبر تصوير شخصيات تختار تنظيم الأسرة، وهذا المثال يظهر كيف تتحول الدراما من مرآة عاكسة إلى قوة تغيّر السلوكيات. الانتقال من مرحلة العرض إلى التأثير يتطلب أن تكون الدراما محمّلة برسائل واعية. فعندما تقدّم نماذج إيجابية لشخصيات تناضل من أجل العدالة أو المساواة، تصبح مصدر إلهام للمشاهدين. مسلسل «الهيبة» في العالم العربي، رغم انتقاده لتركيزه على العنف، أثار جدلاً حول غياب القانون في المناطق الريفية، مما دفع بعض النشطاء إلى المطالبة بتعزيز سيادة القانون. وعلى مستوى السياسات العامة، يمكن للدراما أن تمارس ضغوطاً غير مباشرة على صناع القرار. ففي الهند ، نجح مسلسل «Satyamev Jayate» (الحق ينتصر) في إثارة الرأي العام حول قضايا مثل العنف ضد المرأة، مما دفع الحكومة لإطلاق حملات وطنية لمكافحة التمييز. هذا يظهر أن الدراما ليست مجرد فن، بل أداة للمحاسبة الاجتماعية. رغم إمكاناتها التغييرية، قد تسهم الدراما في تكريس الصور النمطية أو تزييف الواقع. فبعض المسلسلات تبالغ في تصوير الرفاهية أو تعزز فكرة «الحل السحري» للمشكلات الاجتماعية، مما يولد إحباطا لدى المشاهدين الذين يعجزون عن تقليد تلك النماذج. فعندما تقدّم الدراما نماذج استهلاكية غير واقعية، فإنها تشوّه مفهوم النجاح وتجعله مرتبطاً بالمال والسلطة بدلا من القيم الإنسانية. كما أن التركيز على الإثارة على حساب العمق قد يضعف الرسالة الاجتماعية. فمسلسلات تصوّر العنف كوسيلة لحل النزاعات، أو تقدّم المرأة ككائن تابع، تصبح جزءاً من المشكلة بدلا من الحل. هنا، تصبح الدراما مرآة مشوّهة تعكس رغبات الجماهير بدلا من حقائق الواقع. في النهاية، تظل الدراما أداة قوية تشبه السلاح: قد تستخدم لبناء الوعي أو تدميره. والدراما الناجحة تشبه المشرط الطبي، تكشف الجراح لتمهّد الطريق للعلاج. ولتحقيق هذا الهدف، يجب على صناع الدراما الموازنة بين حرية الإبداع والمسؤولية الاجتماعية، وبين إمتاع الجمهور وتنويره. فالدراما التي تصوّر الواقع بصدق، وتطرح أسئلة جريئة، وتقدّم حلولا واقعية، هي التي تصبح مرآة حقيقية للمجتمع، وقوة دافعة نحو التغيير.. يقول الكاتب البرازيلي أوجستو بوا :»الفن ليس مرآةً تعكس الواقع، بل أداةٌ لتفكيكه وإعادة بنائه».


المناطق السعودية
٠٤-٠٣-٢٠٢٥
- ترفيه
- المناطق السعودية
الدراما السعودية بين التكرار والابتكار!
عبده الأسمري بدأت «الدراما السعودية» منذ عامين توهجها من خلال «أعمال» تحاكي البيئة المحلية وترصد تداعيات مختلفة وتعالج قضايا متجددة.. وقد رأينا الكثير من الأعمال المختلفة بعد أن ارتفعت أعداد المشاهدات لبعض الأفلام والمسلسلات المحلية.. مما أوقع بعض شركات الإنتاج في تكرار «الأفكار» وأوجد سقطات في بعض الأعمال نتيجة اللهاث خلف «التقليد». كثيرة هي الأعمال التي جاءت برداء مختلف ولكن «الخلل» يكمن في تكرار الفكرة في قوالب مختلفة تحت «العناوين» ذاتها والدليل الأكبر أن مسلسل «العاصوف» تكررت أجزاء منه في نسخ مختلفة من خلال «العرض» والقالب واللباس والحكايات والقصص والأسواق الشعبية وحكايات «الجدات» ومرويات «الأمهات» وكدح «الآباء» والتركيز على «اللهجات المحلية» التي تشابهت كثيراً إلى حد «الاستنساخ» ثم جاءت أفكار أخرى وآخرها عمل «شارع الأعشى» لتروي القضايا من زوايا مماثلة. وفي ذات النسق تحوم الفكرة حول مسلسل «الشميسي» وغيرها وكان قبل ذلك «ثانوية النسيم» لنرى الإمعان في التركيز على «الأماكن» كعنوان جاذب لارتباطه بدوائر الزمن ووجوده قائماً في «حد الذاكرة» مما يستدعي وجود الاهتمام بالاسم أولاً ثم تدوير حركة 'الشخصيات' في النصوص، ولكن التكرار يظل قائماً في نوعية «الحبكة» الدرامية والخروج من «الواقع» المفروض إلى «الخيال» المفترض بحثاً عن «تشويق» منتظر في مساحات قادمة من «التنبؤات». عانت الدراما السعودية في فترات سابقة من «أزمة نصوص» تحت «احتكار» أسماء معينة وظل «التكرار» مستمراً إلى حد «البؤس»؛ وكأن كتاب تلك «النصوص» يكتبون أعمالهم في مكان واحد وبتفكير متشابه؛ مما جعل «المشاهد» يبحث عن زوايا متجددة وأفكار مبتكرة. هنالك أبعاد متعددة للنجاح الدرامي تعتمد على النص والإنتاج والأداء مع أدوات أخرى تتجه إلى «سد فراغات» الخلل من خلال البحث عن «أسماء» ذات خبرة فنية توازي العمل مع ضرورة دراسة «الكاريزما» التي يمتلكها الممثل أو الممثلة والتي تمنحه «الأحقية» بتمثيل الدور وتبقى الفجوة في إسناد أدوار رئيسة إلى بعض «الفنانين والفنانات» على ضوء «المجاملات» أو من أجل نجاحات سابقة في حين أن الأدوار المحلية والتي ترتبط بالبيئة تحتاج إلى «شخصية» ذات قدرات عالية تصنع الفرق وتؤدي المطلوب بكفاءة عالية سواء في اللغة أو حركة الجسد أو تجويد الأداء. وبالنظر إلى المعايير الفنية الدقيقة والمقاييس الدرامية المفصلة فإن مسلسل «خيوط المعازيب» كان ولا يزال «أنموذجاً» حقيقياً للمواءمة بين الفكرة والنص والأداء والاحترافية في توزيع الأدوار واختيار ممثلين وممثلات من «ذات البيئة» المرتبطة بالعمل حتى يتم احتراف اللهجة وتسخير المهارات في خدمة المنتج دون الاعتماد على الأسماء وتاريخها فقط دون تحقيق «الانسجام» الفني بين النص والأداء وديناميكية الدور واحترافية الإنتاج. لابد أن يكون هنالك تفريق بين تحويل رواية كاملة لعب فيها «الخيال» لعبته وما بين مسلسل يقتضي تحوير «الإنتاج» ليحاكي البيئة مع ضرورة توظيف النصوص وتجسيدها فنياً وسلوكياً على أرض الواقع مع أهمية التفريق بين شخصيات وأحداث مقروءة وما بين حكايات وأحاديث مشاهدة والتي تتجلى على ضوئها «معايير» النقد. على شركات الإنتاج أن تستفيد من «تجارب سابقة» في بلدان الخليج والعالم العربي بعد أن ترسخت «الصورة الذهنية» عن الظواهر المتفشية في المجتمعات والمظاهر الشائعة في المناسبات حيث توقفت الأعمال الخليجية في أعوام خلت أمام «التكرار» في العنف وقضايا الطلاق والجريمة والمخدرات وترويج الحزن؛ وظلت الأعمال الدرامية الشامية تكرر نفسها بتراجع مخيف في المسلسلات المكررة؛ والحكايات المنسوجة من بعضها في الحارات القديمة. يجب التركيز على الابتكار والتعاطي مع القضايا المهمة والقصص الموثوقة دون الدخول في مساحة «الشبهات» التاريخية أو الأخطاء الجغرافية أو الأمور القبلية أو الاعتماد على «روايات» صنعت في أفق تخيلي وترويضها لتكون مسلسلاً يتحدث عن أزمنة وأمكنة تتقاطع مع ذاكرة المشاهد مع ضرورة البحث عن «كتاب» من طراز رفيع يمتلكون المهارات ويملكون «الحس الفكري» لصناعة الفارق بعيداً عن استنساخ الأفكار وتعاقب التكرار. * كاتب وإعلامي سعودي *نقلاً عن: