logo
#

أحدث الأخبار مع #«العودةإلىالمنفى»

أخبار العالم : كارمن ناصرعبدالمنعم: أرفض انعزال المثقفين.. وأعمل مع الشباب لأكتسب منهم المعرفة
أخبار العالم : كارمن ناصرعبدالمنعم: أرفض انعزال المثقفين.. وأعمل مع الشباب لأكتسب منهم المعرفة

نافذة على العالم

time٠٦-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • نافذة على العالم

أخبار العالم : كارمن ناصرعبدالمنعم: أرفض انعزال المثقفين.. وأعمل مع الشباب لأكتسب منهم المعرفة

الأحد 6 أبريل 2025 10:15 مساءً نافذة على العالم - قال المخرج ناصر عبدالمنعم إن إبراز جوهر النصوص الكلاسيكية للأجيال الجديدة يمثل جزءًا من مشروعه الفنى، ويمثل السر وراء تقديمه مسرحية «كارمن»، التى يركز خلالها على النص الأصلى والصراع بين ثقافتى المدينة والغجر، مؤكدًا أنه لا يخشى المقارنة مع المعالجات الكثيرة التى سبق تقديمها للمسرحية، لأنها لم تركز على جوهر الصراع فى هذا العمل. وأشار «عبدالمنعم»، خلال حديثه لـ«الدستور»، إلى أن الإبحار فى الزمان والمكان مثّل أكبر تحدياته فى إخراج «كارمن»، كما أنه كان من الصعب تجاوز موسيقى الفلامنكو، التى تمثل كنزًا من إبداعات الغجر، منوهًا بأنه يحب العمل مع الشباب لأنه يرفض انعزال المثقفين والمسرحيين، ولأنه يكتسب منهم معارف جديدة حول قضايا لا يعرفها. ويقدم ناصر عبدالمنعم حاليًا عرض «كارمن» على مسرح «الطليعة»، عن رواية الكاتب الفرنسى بروسبير ميريميه، ومن كتابة محمد على إبراهيم، وبطولة ريم أحمد، وميدو عبدالقادر، ونهال فهمى، ومحمد حسيب، وليديا سليمان، وعبدالرحمن الجميل، وأحمد علاء، ومحمد العرجاوى، ومحمد البدالى، ديكور وملابس أحمد شربى، استعراضات سالى أحمد، إضاءة أبوبكر الشريف، والموسيقى من إعداد حازم الكفراوى. ■ بداية.. ما الأسباب وراء تقديم عرض «كارمن» فى الفترة الحالية؟ - مسألة «مسرحة الرواية» هى أحد همومى، وتشكل جزءًا من مشروعى الفنى منذ سنوات طويلة، وكان أول عروضى التى قدمتها بالجامعة رواية لأبوالمعاطى أبوالنجا بعنوان «العودة إلى المنفى» عن خطيب الثورة العرابية عبدالله نديم، وهى رواية من جزأين، ولدىّ أيضًا عدد من التجارب لا بأس به فى التعامل مع الرواية، فالأمر يعد امتدادًا لميلى لـ«مسرحة الرواية». أما السبب الثانى فهو أن هناك قطعًا كلاسيكية تعد من أهم علامات الأدب الكلاسيكى فى العالم، ومنها «كارمن» و«أحدب نوتردام» وغيرهما، والتى يتم تناولها كثيرًا فى أماكن متفرقة، لكنها تفقد جوهرها الأساسى والقيمة التى كُتبت من أجلها. وأنا أميل من حين لآخر لتقديم قطع كلاسيكية تنتمى للأصل أكثر من كونها تنتمى للرؤية المعاصرة، كنوع من تعريف الأجيال الجديدة بكلاسيكيات الأدب العالمى، فقد قدمت رواية «كارمن» برؤى مختلفة، ويتم تناقلها حتى غابت الحقيقة وغاب جوهر العمل نفسه، وهو الصراع بين ثقافات المدنية وبين ثقافة الغجر. وهذه القضية مهمة جدًا عالميًا، وكانت ملهمة جدًا للأدب والكُتّاب والسينما وللفنون، لأن الغجر لا يدخلون تحت تنظيمات الدول التى يقيمون فيها وأعرافها وتقاليدها، لأنهم استطاعوا أن يحافظوا على مدى قرون على ثقافة شخصية وملامح ترفض الحالة المدنية الحديثة بكل مواضعاتها. والصراع الأساسى فى الرواية هو صراع بين هاتين الثقافتين، بين مواضعات المدنية بشكلها الحديث والنظام التى تضعه والقوانين والأعراف والتقاليد التى تتفق عليها، وبين جماعة ترفض أن تنضوى تحت هذه المظلة؛ وبالتالى ينشأ صراع بينهما، وهو نفس الصراع بين «كارمن» وبين الضابط «خوسيه»، فهو يمثل بشكل حقيقى المدينة بكل ما فيها، بينما تمثل «كارمن» النقيض، وينشأ بينهما الصراع الذى تُبنى عليه الرواية بأكملها. أى أنى أحاول إرجاع الأشياء لأصولها حتى تتعرف الأجيال الجديدة على القطعة الكلاسيكية النادرة «كارمن» فى جوهرها الفعلى. ■ ما الرؤية الأساسية التى تود طرحها من خلال هذا العرض؟ - كما سبق وأشرت، فإنى أردت أن أظهر الصراع فى الرواية بين هاتين الثقافتين، بين مواضعات المدنية بشكلها الحديث والنظام الذى تضعه، وبين جماعة ترفض أن تنضوى تحت هذه المظلة. وهذا الصراع نتجت عنه حالة تراجيدية مأساوية، فالضابط عاش صراعًا بين العاطفة والواجب، فقد ذهبت عاطفته وشعوره تجاه عالم الغجر بسبب جمال «كارمن» وبين واجبه كضابط، عليه أن ينفذ القانون وأن يكون حامى المدينة ونظام المدينة، وهو بالتحديد الجوهر الذى رأيته يغيب فى الرؤى الجديدة فأحببت العودة إليه، فقدمت قطعة كلاسيكية تحاول إظهار جوهر الرواية الأصلية التى كُتبت عام ١٨٨٥. ■ سبق للعديد من المخرجين تقديم «كارمن» ومعالجاتها ومن بينهم الفنان محمد صبحى.. ألا تخشى من المقارنة معهم؟ - لا، خاصة أن المخرجين الذين قدموا «كارمن» لم يقدموا الرواية بل قدموا معالجات عن الرواية، فعلى سبيل المثال فإن المسرحية التى قدمها الفنان محمد صبحى شبيهة بفيلم «كارلو الثورة»، فالفيلم السينمائى هو معالجة عن الرواية، وهو عن مخرج يقدم مسرحية «كارمن» فيقوم باختيار فتاة لتجسيد الشخصية، فتأتى له فتاة بها مقومات التمرد والنزوع للحرية والرغبة فى إثبات ذاتها، فتسير الأحداث بشكل موازٍ، أى البروفات والتحضير للعرض مع الجانب الشخصى، وهى رؤية عن «كارمن» وليست الرواية الأصلية، لكنى فى العرض عُدت للرواية الأصلية والجوهر الذى غاب. ■ بالعمل على الرواية الأصلية.. كيف قدمت معالجتك الخاصة لها؟ - معنا فى فريق العمل كاتب شاب متميز، وهو أحمد على إبراهيم، وهو كاتب سيكون له شأن كبير فى الكتابة المسرحية، وهو يعمل بشكل مختلف ويضع أساسًا للتغلب على صعوبات تحويل الرواية إلى عمل مسرحى، وقد كان موفقًا إلى حد بعيد فى ذلك، وأكملت هذا فى عملى، على أساس أننى أعمل على دوائر من السرد والإبحار فى الزمن، سواء للأمام أو للخلف. وتلك تقنية صعبة جدًا على خشبة المسرح، ولكنه كان تحديًا بالنسبة لى على مستوى الرؤية الفنية، وهو تكنيك يقترب لفكرة السينما فى السرد والإبحار فى الزمن، سواء بالاتجاه للمستقبل أو لأحداث وقعت فى الماضى، فى أمكنة متباينة ومختلفة وكثيرة، وكانت الفكرة فى تقنية الإخراج والرؤية البصرية وكيف نسير بين السرد والتجسيد حتى نقدم عالمًا متكاملًا يستطيع توصيل فكرة «كارمن» رغم صعوبتها. ■ كيف وظفت العناصر المسرحية فى خدمة دراما هذا العرض الكلاسيكى؟ - دائمًا ما أضع نصب عينى ما أريد توصيله من خلال العمل الذى أقدمه، وعلى هذا الأساس أختار العناصر المسرحية، ومعى الفنانة سالى أحمد، مصممة الاستعراضات والتعبير الحركى، وهى مصممة متميزة، ومن خلال متابعتى لأعمالها وعروضها أدرك جيدًا أننى سأحصل على الحالة التى أرغب فى تقديمها، لأننا نتحدث عن رقص الغجر والرقص الإسبانى. والفنانة سالى أحمد هى أستاذة فى المعهد العالى للباليه، وهم يدرسون بالمعهد رقص الشعوب والفوارق بينها، من أوروبا الشرقية إلى الغرب، ومن الغجر إلى الصعيد. وفى الديكور والأزياء اخترت مصمم الديكور أحمد شربى، والإضاءة الفنان أبوبكر الشريف، والموسيقى من إعداد حازم الكفراوى، وقد أصررت على أن يكون هناك إعداد موسيقى، لأن سبب شهرة «كارمن» هو موسيقى «جورج بيزيه»، المحفورة فى وجدان العالم بأكمله، ولدىّ أيضًا موسيقى ملهمة جدًا للغجر، فهم من قدموا «الفلامنكو»، وكان من الصعب ترك هذا الكنز. ■ ما أسباب اختيار الفنانة ريم أحمد لتجسيد شخصية «كارمن» وما أسس اختيار فريق العمل ككل؟ - قدمت ريم أحمد أحد العروض معى وهى طفلة، وكان عرضًا للأطفال، وأحببت موهبتها، فهى موهوبة ولديها ميزات لم تُستغل فى المسرح، فقد درست الباليه ثم المسرح، وجمعت بين القدرة على الرقص والتعبير الحركى وبين إمكاناتها التمثيلية. وقد كانت هذه فرصة لأن تخوض «ريم» التجربة، فقد تكوّنت فى معهد الباليه، وكذلك فى المعهد العالى للفنون المسرحية، وقدمت عروضًا مختلفة، وهى ممثلة حساسة ومرهفة، وقد قرأت لها بعض التصريحات عن حلمها بتقديم شخصية «كارمن» فحدث هذا التلاقى. أما عن فريق العمل، فمعنا الفنان الشاب ميدو عبدالقادر، من أعضاء فرقة «مسرح الطليعة»، وهو ممثل متميز جدًا، وهناك أيضًا مساحة لشباب جدد من طلبة المعهد، منهم نهال فهمى ومحمد الهرجاوى، وهناك مفاجأة وهى الممثلة ليديا سليمان، وهى خريجة جامعة بدر «قسم المسرح»، وتجمع بين الغناء والتمثيل. ومعنا أيضًا من «الثقافة الجماهيرية» ومن فرقة كفرالشيخ الممثل عبدالرحمن الجميل، الذى حصد جائزة عن دوره فى عرض «طقوس الإشارات والتحولات»، لأنى دائمًا أنتقى الممثلين الشباب المتميزين ليشاركوا فى عروضى. وأنا من ناحيتى أحاول قدر الإمكان التواصل مع الشباب والانفتاح على كل ما هو جديد، وأسعد كثيرًا عندما أشاهد عملًا فنيًا به أشياء لا أعلم عنها شيئًا. وعلى سبيل المثال، شاهدت مؤخرًا مسلسل «منتهى الصلاحية»، لأننى لا أعرف شيئًا عن هذا العالم، وقد أردت أن أتعرف عليه، خاصة أنه تصدى لموضوع مختلف وهو موضوع «المراهنات» الموجود فى كثير من الأماكن، ومنها مراكز الشباب والجيمز، وأعتبر أنه مثال على أننا كمسرحيين ومثقفين منعزلون ولنا مجتمعنا الخاص، وتقل صلتنا بالواقع، لذا يجب أن نغذى ثقافتنا من حين لآخر. ولذلك، أعمل دائمًا مع الشباب وأهتم بهم وبآرائهم، وأكتسب منهم معارف مختلفة، فقد دخلت عالم «الذكاء الاصطناعى» عن طريق مجموعة من طلبة جامعة القاهرة عندما كنت أقوم بالتحكيم فى إحدى المسابقات المسرحية. وأرى أن الفنان يجب أن يكون على صلة بالواقع، ومتطلباته المتغيرة، وبالشباب الذى يمثل الجمهور الرئيسى الذى يتم التوجه إليه، لأن العمل الفنى المقدم لكل الأعمار لا يتوقف فقط على الجودة، بل يجب أن يكون مصنوعًا بشكل متقن يحترم عقل الجماهير، ويقدم شيئًا جديدًا ومختلفًا. ■ ما أهم الآليات الفنية أو الدعائية التى تستخدمها لجذب الفئة المستهدفة من الجمهور لمشاهدة أعمالك؟ - كل عمل يحدد الفئة المستهدفة الخاصة به، وهناك أعمال تقدم بشكل عام لكل الفئات، خاصة فيما يتعلق بالموضوعات الإنسانية التى تمس كل الأفراد، وهذا موجود فى كل الأعمال العالمية الخالدة. أما عن التوجه النوعى، فلدىّ تجارب مع النوبة، فى أعمال «ناس النهر» و«نوبى دوت كوم»، وفيه كنا نخاطب جمهورًا نوعيًا بقضية تخصه، ومن الطبيعى بناء الدعاية والتوجهات فى اتجاه نشر تفاصيل العرض وزمانه ومكانه عند الفئات المستهدفة من هذا الجمهور النوعى، عن طريق معرفة أماكن تجمعاته، وهو هنا على سبيل المثال «النادى النوبى» والجمعيات والفرق النوبية للتمثيل والغناء، وهذا مثلًا يختلف عن العروض ذات التوجه الإنسانى العام. وهناك فترة شعرت فيها أن النصوص التقليدية للمسرح استنفدت مضامينها وأغراضها، وبدأت أدرك أن لدينا كنزًا يجب الذهاب إليه، سواء فى النوبة أو الصعيد، مثل أعمال «الطوق والأسورة»، أو فى الصحراء والموالد، مثل «أيام الإنسان السبعة» لعبدالحكيم قاسم. ونحن لدينا تنوع ثقافى على الأطرف، لكننا لسنا منتبهين له أو للكنز الذى يحويه؛ وبالتالى عندما قدمت أعمالًا عن النوبة كان الهدف منها هو الدخول فى عوالم جديدة ومناقشة قضايا جديدة وفنون جديدة، وهى موضوعات لم تقدم من قبل فى المسرح المصرى. وقد قدمت عرضين عن النوبة، وكان شريكى فى هذه الرحلة هو الدكتور حازم شحاتة، رحمه الله، وعملنا على رواية لـ«حجاج أدول» وهى «ناس النهر»، وبعد ذلك رواية لـ«إدريس على» وهى «نوبة دوت كوم»، وهذا المشروع كان من الممكن أن يكتمل لكن رحيل الناقد الكبير عطّل استمراره، كما أنى أحسست بعد هذين العملين أنه ليس لدىّ جديد أقدمه بخصوص النوبة، وبدأت البحث عن مناطق وموضوعات أخرى، وإن كان يمكن أن أعود للنوبة مرة أخرى إن وجدت ما يناسبنى. ■ ما أسباب توقفك عن العمل المسرحى لمدة ٤ سنوات متواصلة؟ - دائمًا ما يكون لدى الفنان أفكار ومشروعات لكنها ليست مُختمرة، فالمخرج ليس موظفًا، وأنا أنصح دائمًا شباب المخرجين بالقول «لا تعمل كأنك موظف»، أى أنه لا يجب عليك أن تكون موجودًا فقط لمجرد الوجود، ولكن فكّر كيف ستكون موجودًا وماذا ستقدم؟ وبالتالى، فإن التوقف يرجع لتلك الأسباب، كما أن جزءًا من توقفى نتج عن الألم والحزن والمرارة التى صاحبت الحرب فى غزة، لأنه لم يكن لدىّ طاقة للعمل والإبداع. ما التحديات التى تواجه المسرح فى عصر الذكاء الاصطناعى؟ - من حين لآخر تظهر تطورات تكنولوجية جديدة ننزعج منها وتفرض نفسها، لكنى لم أعد أنزعج حاليًا، فعلى سبيل المثال كنت أنزعج فيما مضى من الكمبيوتر، فقد كنا فى المسرح نعمل بشكل يدوى وننظم الإضاءة يدويًا، وكانت النقلة التكنولوجية غير مريحة، لكنها فيما بعد فرضت نفسها وبدأنا التعامل معها، وتعلمنا كيفية تنظيم الإضاءة بها. وهنا أحب أن أوضح أن التطور التكنولوجى المتلاحق يداهمنا فى كل حين؛ وبالتالى علينا أن نفهمه ونتعامل معه، لأنه واقع يفرض نفسه، وعلينا أن ننظر للأمر بشكل عملى، أى علينا بحث كيفية التعامل مع «الذكاء الاصطناعى» دون أن يفقدنا إبداعاتنا.

كارمن ناصرعبدالمنعم: أرفض انعزال المثقفين.. وأعمل مع الشباب لأكتسب منهم المعرفة
كارمن ناصرعبدالمنعم: أرفض انعزال المثقفين.. وأعمل مع الشباب لأكتسب منهم المعرفة

الدستور

time٠٦-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الدستور

كارمن ناصرعبدالمنعم: أرفض انعزال المثقفين.. وأعمل مع الشباب لأكتسب منهم المعرفة

قال المخرج ناصر عبدالمنعم إن إبراز جوهر النصوص الكلاسيكية للأجيال الجديدة يمثل جزءًا من مشروعه الفنى، ويمثل السر وراء تقديمه مسرحية «كارمن»، التى يركز خلالها على النص الأصلى والصراع بين ثقافتى المدينة والغجر، مؤكدًا أنه لا يخشى المقارنة مع المعالجات الكثيرة التى سبق تقديمها للمسرحية، لأنها لم تركز على جوهر الصراع فى هذا العمل. وأشار «عبدالمنعم»، خلال حديثه لـ«الدستور»، إلى أن الإبحار فى الزمان والمكان مثّل أكبر تحدياته فى إخراج «كارمن»، كما أنه كان من الصعب تجاوز موسيقى الفلامنكو، التى تمثل كنزًا من إبداعات الغجر، منوهًا بأنه يحب العمل مع الشباب لأنه يرفض انعزال المثقفين والمسرحيين، ولأنه يكتسب منهم معارف جديدة حول قضايا لا يعرفها. ويقدم ناصر عبدالمنعم حاليًا عرض «كارمن» على مسرح «الطليعة»، عن رواية الكاتب الفرنسى بروسبير ميريميه، ومن كتابة محمد على إبراهيم، وبطولة ريم أحمد، وميدو عبدالقادر، ونهال فهمى، ومحمد حسيب، وليديا سليمان، وعبدالرحمن الجميل، وأحمد علاء، ومحمد العرجاوى، ومحمد البدالى، ديكور وملابس أحمد شربى، استعراضات سالى أحمد، إضاءة أبوبكر الشريف، والموسيقى من إعداد حازم الكفراوى. ■ بداية.. ما الأسباب وراء تقديم عرض «كارمن» فى الفترة الحالية؟ - مسألة «مسرحة الرواية» هى أحد همومى، وتشكل جزءًا من مشروعى الفنى منذ سنوات طويلة، وكان أول عروضى التى قدمتها بالجامعة رواية لأبوالمعاطى أبوالنجا بعنوان «العودة إلى المنفى» عن خطيب الثورة العرابية عبدالله نديم، وهى رواية من جزأين، ولدىّ أيضًا عدد من التجارب لا بأس به فى التعامل مع الرواية، فالأمر يعد امتدادًا لميلى لـ«مسرحة الرواية». أما السبب الثانى فهو أن هناك قطعًا كلاسيكية تعد من أهم علامات الأدب الكلاسيكى فى العالم، ومنها «كارمن» و«أحدب نوتردام» وغيرهما، والتى يتم تناولها كثيرًا فى أماكن متفرقة، لكنها تفقد جوهرها الأساسى والقيمة التى كُتبت من أجلها. وأنا أميل من حين لآخر لتقديم قطع كلاسيكية تنتمى للأصل أكثر من كونها تنتمى للرؤية المعاصرة، كنوع من تعريف الأجيال الجديدة بكلاسيكيات الأدب العالمى، فقد قدمت رواية «كارمن» برؤى مختلفة، ويتم تناقلها حتى غابت الحقيقة وغاب جوهر العمل نفسه، وهو الصراع بين ثقافات المدنية وبين ثقافة الغجر. وهذه القضية مهمة جدًا عالميًا، وكانت ملهمة جدًا للأدب والكُتّاب والسينما وللفنون، لأن الغجر لا يدخلون تحت تنظيمات الدول التى يقيمون فيها وأعرافها وتقاليدها، لأنهم استطاعوا أن يحافظوا على مدى قرون على ثقافة شخصية وملامح ترفض الحالة المدنية الحديثة بكل مواضعاتها. والصراع الأساسى فى الرواية هو صراع بين هاتين الثقافتين، بين مواضعات المدنية بشكلها الحديث والنظام التى تضعه والقوانين والأعراف والتقاليد التى تتفق عليها، وبين جماعة ترفض أن تنضوى تحت هذه المظلة؛ وبالتالى ينشأ صراع بينهما، وهو نفس الصراع بين «كارمن» وبين الضابط «خوسيه»، فهو يمثل بشكل حقيقى المدينة بكل ما فيها، بينما تمثل «كارمن» النقيض، وينشأ بينهما الصراع الذى تُبنى عليه الرواية بأكملها. أى أنى أحاول إرجاع الأشياء لأصولها حتى تتعرف الأجيال الجديدة على القطعة الكلاسيكية النادرة «كارمن» فى جوهرها الفعلى. ■ ما الرؤية الأساسية التى تود طرحها من خلال هذا العرض؟ - كما سبق وأشرت، فإنى أردت أن أظهر الصراع فى الرواية بين هاتين الثقافتين، بين مواضعات المدنية بشكلها الحديث والنظام الذى تضعه، وبين جماعة ترفض أن تنضوى تحت هذه المظلة. وهذا الصراع نتجت عنه حالة تراجيدية مأساوية، فالضابط عاش صراعًا بين العاطفة والواجب، فقد ذهبت عاطفته وشعوره تجاه عالم الغجر بسبب جمال «كارمن» وبين واجبه كضابط، عليه أن ينفذ القانون وأن يكون حامى المدينة ونظام المدينة، وهو بالتحديد الجوهر الذى رأيته يغيب فى الرؤى الجديدة فأحببت العودة إليه، فقدمت قطعة كلاسيكية تحاول إظهار جوهر الرواية الأصلية التى كُتبت عام ١٨٨٥. ■ سبق للعديد من المخرجين تقديم «كارمن» ومعالجاتها ومن بينهم الفنان محمد صبحى.. ألا تخشى من المقارنة معهم؟ - لا، خاصة أن المخرجين الذين قدموا «كارمن» لم يقدموا الرواية بل قدموا معالجات عن الرواية، فعلى سبيل المثال فإن المسرحية التى قدمها الفنان محمد صبحى شبيهة بفيلم «كارلو الثورة»، فالفيلم السينمائى هو معالجة عن الرواية، وهو عن مخرج يقدم مسرحية «كارمن» فيقوم باختيار فتاة لتجسيد الشخصية، فتأتى له فتاة بها مقومات التمرد والنزوع للحرية والرغبة فى إثبات ذاتها، فتسير الأحداث بشكل موازٍ، أى البروفات والتحضير للعرض مع الجانب الشخصى، وهى رؤية عن «كارمن» وليست الرواية الأصلية، لكنى فى العرض عُدت للرواية الأصلية والجوهر الذى غاب. ■ بالعمل على الرواية الأصلية.. كيف قدمت معالجتك الخاصة لها؟ - معنا فى فريق العمل كاتب شاب متميز، وهو أحمد على إبراهيم، وهو كاتب سيكون له شأن كبير فى الكتابة المسرحية، وهو يعمل بشكل مختلف ويضع أساسًا للتغلب على صعوبات تحويل الرواية إلى عمل مسرحى، وقد كان موفقًا إلى حد بعيد فى ذلك، وأكملت هذا فى عملى، على أساس أننى أعمل على دوائر من السرد والإبحار فى الزمن، سواء للأمام أو للخلف. وتلك تقنية صعبة جدًا على خشبة المسرح، ولكنه كان تحديًا بالنسبة لى على مستوى الرؤية الفنية، وهو تكنيك يقترب لفكرة السينما فى السرد والإبحار فى الزمن، سواء بالاتجاه للمستقبل أو لأحداث وقعت فى الماضى، فى أمكنة متباينة ومختلفة وكثيرة، وكانت الفكرة فى تقنية الإخراج والرؤية البصرية وكيف نسير بين السرد والتجسيد حتى نقدم عالمًا متكاملًا يستطيع توصيل فكرة «كارمن» رغم صعوبتها. ■ كيف وظفت العناصر المسرحية فى خدمة دراما هذا العرض الكلاسيكى؟ - دائمًا ما أضع نصب عينى ما أريد توصيله من خلال العمل الذى أقدمه، وعلى هذا الأساس أختار العناصر المسرحية، ومعى الفنانة سالى أحمد، مصممة الاستعراضات والتعبير الحركى، وهى مصممة متميزة، ومن خلال متابعتى لأعمالها وعروضها أدرك جيدًا أننى سأحصل على الحالة التى أرغب فى تقديمها، لأننا نتحدث عن رقص الغجر والرقص الإسبانى. والفنانة سالى أحمد هى أستاذة فى المعهد العالى للباليه، وهم يدرسون بالمعهد رقص الشعوب والفوارق بينها، من أوروبا الشرقية إلى الغرب، ومن الغجر إلى الصعيد. وفى الديكور والأزياء اخترت مصمم الديكور أحمد شربى، والإضاءة الفنان أبوبكر الشريف، والموسيقى من إعداد حازم الكفراوى، وقد أصررت على أن يكون هناك إعداد موسيقى، لأن سبب شهرة «كارمن» هو موسيقى «جورج بيزيه»، المحفورة فى وجدان العالم بأكمله، ولدىّ أيضًا موسيقى ملهمة جدًا للغجر، فهم من قدموا «الفلامنكو»، وكان من الصعب ترك هذا الكنز. ■ ما أسباب اختيار الفنانة ريم أحمد لتجسيد شخصية «كارمن» وما أسس اختيار فريق العمل ككل؟ - قدمت ريم أحمد أحد العروض معى وهى طفلة، وكان عرضًا للأطفال، وأحببت موهبتها، فهى موهوبة ولديها ميزات لم تُستغل فى المسرح، فقد درست الباليه ثم المسرح، وجمعت بين القدرة على الرقص والتعبير الحركى وبين إمكاناتها التمثيلية. وقد كانت هذه فرصة لأن تخوض «ريم» التجربة، فقد تكوّنت فى معهد الباليه، وكذلك فى المعهد العالى للفنون المسرحية، وقدمت عروضًا مختلفة، وهى ممثلة حساسة ومرهفة، وقد قرأت لها بعض التصريحات عن حلمها بتقديم شخصية «كارمن» فحدث هذا التلاقى. أما عن فريق العمل، فمعنا الفنان الشاب ميدو عبدالقادر، من أعضاء فرقة «مسرح الطليعة»، وهو ممثل متميز جدًا، وهناك أيضًا مساحة لشباب جدد من طلبة المعهد، منهم نهال فهمى ومحمد الهرجاوى، وهناك مفاجأة وهى الممثلة ليديا سليمان، وهى خريجة جامعة بدر «قسم المسرح»، وتجمع بين الغناء والتمثيل. ومعنا أيضًا من «الثقافة الجماهيرية» ومن فرقة كفرالشيخ الممثل عبدالرحمن الجميل، الذى حصد جائزة عن دوره فى عرض «طقوس الإشارات والتحولات»، لأنى دائمًا أنتقى الممثلين الشباب المتميزين ليشاركوا فى عروضى. وأنا من ناحيتى أحاول قدر الإمكان التواصل مع الشباب والانفتاح على كل ما هو جديد، وأسعد كثيرًا عندما أشاهد عملًا فنيًا به أشياء لا أعلم عنها شيئًا. وعلى سبيل المثال، شاهدت مؤخرًا مسلسل «منتهى الصلاحية»، لأننى لا أعرف شيئًا عن هذا العالم، وقد أردت أن أتعرف عليه، خاصة أنه تصدى لموضوع مختلف وهو موضوع «المراهنات» الموجود فى كثير من الأماكن، ومنها مراكز الشباب والجيمز، وأعتبر أنه مثال على أننا كمسرحيين ومثقفين منعزلون ولنا مجتمعنا الخاص، وتقل صلتنا بالواقع، لذا يجب أن نغذى ثقافتنا من حين لآخر. ولذلك، أعمل دائمًا مع الشباب وأهتم بهم وبآرائهم، وأكتسب منهم معارف مختلفة، فقد دخلت عالم «الذكاء الاصطناعى» عن طريق مجموعة من طلبة جامعة القاهرة عندما كنت أقوم بالتحكيم فى إحدى المسابقات المسرحية. وأرى أن الفنان يجب أن يكون على صلة بالواقع، ومتطلباته المتغيرة، وبالشباب الذى يمثل الجمهور الرئيسى الذى يتم التوجه إليه، لأن العمل الفنى المقدم لكل الأعمار لا يتوقف فقط على الجودة، بل يجب أن يكون مصنوعًا بشكل متقن يحترم عقل الجماهير، ويقدم شيئًا جديدًا ومختلفًا. ■ ما أهم الآليات الفنية أو الدعائية التى تستخدمها لجذب الفئة المستهدفة من الجمهور لمشاهدة أعمالك؟ - كل عمل يحدد الفئة المستهدفة الخاصة به، وهناك أعمال تقدم بشكل عام لكل الفئات، خاصة فيما يتعلق بالموضوعات الإنسانية التى تمس كل الأفراد، وهذا موجود فى كل الأعمال العالمية الخالدة. أما عن التوجه النوعى، فلدىّ تجارب مع النوبة، فى أعمال «ناس النهر» و«نوبى دوت كوم»، وفيه كنا نخاطب جمهورًا نوعيًا بقضية تخصه، ومن الطبيعى بناء الدعاية والتوجهات فى اتجاه نشر تفاصيل العرض وزمانه ومكانه عند الفئات المستهدفة من هذا الجمهور النوعى، عن طريق معرفة أماكن تجمعاته، وهو هنا على سبيل المثال «النادى النوبى» والجمعيات والفرق النوبية للتمثيل والغناء، وهذا مثلًا يختلف عن العروض ذات التوجه الإنسانى العام. وهناك فترة شعرت فيها أن النصوص التقليدية للمسرح استنفدت مضامينها وأغراضها، وبدأت أدرك أن لدينا كنزًا يجب الذهاب إليه، سواء فى النوبة أو الصعيد، مثل أعمال «الطوق والأسورة»، أو فى الصحراء والموالد، مثل «أيام الإنسان السبعة» لعبدالحكيم قاسم. ونحن لدينا تنوع ثقافى على الأطرف، لكننا لسنا منتبهين له أو للكنز الذى يحويه؛ وبالتالى عندما قدمت أعمالًا عن النوبة كان الهدف منها هو الدخول فى عوالم جديدة ومناقشة قضايا جديدة وفنون جديدة، وهى موضوعات لم تقدم من قبل فى المسرح المصرى. وقد قدمت عرضين عن النوبة، وكان شريكى فى هذه الرحلة هو الدكتور حازم شحاتة، رحمه الله، وعملنا على رواية لـ«حجاج أدول» وهى «ناس النهر»، وبعد ذلك رواية لـ«إدريس على» وهى «نوبة دوت كوم»، وهذا المشروع كان من الممكن أن يكتمل لكن رحيل الناقد الكبير عطّل استمراره، كما أنى أحسست بعد هذين العملين أنه ليس لدىّ جديد أقدمه بخصوص النوبة، وبدأت البحث عن مناطق وموضوعات أخرى، وإن كان يمكن أن أعود للنوبة مرة أخرى إن وجدت ما يناسبنى. ■ ما أسباب توقفك عن العمل المسرحى لمدة ٤ سنوات متواصلة؟ - دائمًا ما يكون لدى الفنان أفكار ومشروعات لكنها ليست مُختمرة، فالمخرج ليس موظفًا، وأنا أنصح دائمًا شباب المخرجين بالقول «لا تعمل كأنك موظف»، أى أنه لا يجب عليك أن تكون موجودًا فقط لمجرد الوجود، ولكن فكّر كيف ستكون موجودًا وماذا ستقدم؟ وبالتالى، فإن التوقف يرجع لتلك الأسباب، كما أن جزءًا من توقفى نتج عن الألم والحزن والمرارة التى صاحبت الحرب فى غزة، لأنه لم يكن لدىّ طاقة للعمل والإبداع. ما التحديات التى تواجه المسرح فى عصر الذكاء الاصطناعى؟ - من حين لآخر تظهر تطورات تكنولوجية جديدة ننزعج منها وتفرض نفسها، لكنى لم أعد أنزعج حاليًا، فعلى سبيل المثال كنت أنزعج فيما مضى من الكمبيوتر، فقد كنا فى المسرح نعمل بشكل يدوى وننظم الإضاءة يدويًا، وكانت النقلة التكنولوجية غير مريحة، لكنها فيما بعد فرضت نفسها وبدأنا التعامل معها، وتعلمنا كيفية تنظيم الإضاءة بها. وهنا أحب أن أوضح أن التطور التكنولوجى المتلاحق يداهمنا فى كل حين؛ وبالتالى علينا أن نفهمه ونتعامل معه، لأنه واقع يفرض نفسه، وعلينا أن ننظر للأمر بشكل عملى، أى علينا بحث كيفية التعامل مع «الذكاء الاصطناعى» دون أن يفقدنا إبداعاتنا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store