logo
#

أحدث الأخبار مع #«الميغاسنتر»

من يتآمر على الميغاسنتر؟
من يتآمر على الميغاسنتر؟

MTV

timeمنذ 7 ساعات

  • سياسة
  • MTV

من يتآمر على الميغاسنتر؟

تضمن قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب رقم 44/2017 نصًا إصلاحيًا أساسيًا (المادة 84)، يفتح المجال لاعتماد بطاقة إلكترونية ممغنطة تتيح للناخب الاقتراع من أي مركز اقتراع (الميغاسنتر) قريب من محلّ إقامته بدلاً من الانتقال إلى مكان قيده الانتخابي. وتنص المادة 84، «على الحكومة بمرسوم… اتخاذ الإجراءات الآيلة إلى اعتماد البطاقة الإلكترونية الممغنطة في العملية الانتخابية المقبلة، واقتراح التعديلات اللازمة» لتنفيذ ذلك. وعليه، فإن تفعيل هذه البطاقة يفترض إنشاء مراكز اقتراع كبرى (ميغاسنتر) شاملة لجميع صناديق الدوائر، بحيث يصوت الناخب في المركز الأيسر له (حسب محل السكن)، مع الاحتفاظ بحقّه بانتخاب لائحته في دائرته الأصلية، بلا حاجة للتنقل إليها. الأهمية والإجراءات المطلوبة يوضح تحليل نشره مشروع «التقرير الدولي عن الديمقراطية»، أن اعتماد «الميغاسنتر» يزيد نسبة الاقتراع ويعزّز تنوّع التصويت، ما يدعم شفافية العملية الانتخابية وعدالتها. كما يوفر هذا النظام مراكز اقتراع معدّة لاستقبال ذوي الاحتياجات الخاصة، ويقضي على «تكلفة التنقل» التي كانت تُستخدم أشبه بالرّشوة المقنّعة للناخبين. والأهم، أن إلغاء ربط الصوت الانتخابي بمكان القيد يحدّ من قدرة الأحزاب والزعماء المحليين على «شحن» جمهورهم والتأثير على خيارات الناخبين عبر الإغراءات أو الضغوط بعبارة أخرى، يضع «الميغاسنتر» الناخب خارج دائرة نفوذ الزعيم المحلي، فتصعب مراقبته أو تطويعه وقت الاقتراع. من الناحية العملية، كان تفعيل «الميغاسنتر» يتطلب البنية التشريعية والإجرائية التالية: إصدار مرسوم حكومي بأغلبية الثلثين لتفعيل البطاقة الإلكترونية الممغنطة (وفق المادة 84 نفسها)، ثم تشريع تعديل قانون الانتخاب للسماح باستخدامها. وقد طالبت أوساط نيابية وحزبية بهذه الخطوة قبل انتخابات 2022، لكن وزارة الداخلية أبدت تحفّظات بسبب ضيق الوقت والتكلفة العالية. فقد قدر تقرير رسمي تكلفة إنشاء نحو 50 مركز «ميغاسنتر» بـ 100 مليون دولار، إضافة إلى حاجتها لخمسة أشهر عمل مكثّف لإعداد قاعدة بيانات الناخبين وتوزيع المراكز. وبرّرت الحكومة السابقة تأجيل تطبيق «الميغاسنتر» بكون «قانون الانتخاب لم ينصّ على إنشائه»، وأن الأمر يستلزم تعديل القانون أولًا، ثم استحداث المراكز خلال فترة خمسة أشهر. لذلك، صدرت تشريعات لاحقة تعلّق فعليًا العمل بالمادة 84 (وأخرى ذات صلة) «لمرة واحدة» في انتخابات 2018 و2022، وظل كل مشروع ممغنط للتصويت معطلاً بحجة التكلفة الزائدة أو إعداد بطاقة هوية إلكترونية عامة بديلًا عن البطاقة الانتخابية الممغنطة. ومن هنا حمل باحثون مجلس النواب والحكومات المتعاقبة مسؤولية تجاهل هذا الإصلاح الانتخابي. موقف «الثنائي الشيعي» عارضت قوى «الثنائي الشيعي» تقنيات الإِصلاح هذه خلال مناقشات اللجان الوزارية والنيابية. ففي جلسات لجنة قانون الانتخاب قبل انتخابات 2018 مثلًا، أفيد بأن «أمل وحزب الله والمردة والاشتراكي» اعترضوا على الميغاسنتر «لاستحالة إنشائها لضيق الوقت». ومع اقتراب انتخابات 2022 عاد الجدل، حيث أكدت مصادر موالية لـ «الثنائي» أنه «يرفض تعديل قانون الانتخابات»، بل ربط وجود «الميغاسنتر» بإصدار البطاقة الممغنطة ومنح المغتربين ستة مقاعد إضافية خارج البلاد. بعبارة أخرى، طرح «الثنائي» شروطًا قاسية: لا تنازل عن الانتخابات العادية، ولا تغيير لقانون الانتخاب إلا كحزمة متكاملة تشمل «الميغاسنتر» والبطاقة الممغنطة وحقوق المغتربين معًا. ويترتب على ذلك عملياً 3 خيارات يبدو أن «الحزب» يطرحها: لا «ميغاسنتر» أو التنفيذ لكن بشروط، أو تأجيل تقنيّ للانتخابات بحجة أن المتطلبات الإصلاحية لم تُستكمل. وقد أشارت تقارير سياسية إلى أن هذه المواقف تفسِّر «عرض الحصص» القضائية والتنفيذية للتأجيل إذا لم تُستوفَ البنود المقترحة. نتيجة تعليق «الميغاسنتر»، استمر التصويت بنظام الأقلام المحلية المرتبطة بسجلات النفوس، مما يُسهّل بقاء تأثير الزعماء التقليديين على الناخبين. وقد حذّرت تحليلات انتخابية من أن الغياب المستمر لهذا الإصلاح يشجّع على شراء الأصوات ويُعمّق تأثير الزبائنية. وعلمت مصادر بحثية أن كل قانون انتخاب أصدره البرلمان ضمن الانتخابات الماضية كان يعلّق العمل بالبطاقة الممغنطة، «مما يمهد الطريق إلى عدم تطبيق الميغاسنتر». كما لم تنجز الحكومة أي بطاقة ممغنطة رغم وعود سابقة بتغطية تكلفتها العالية، في حين اقترح بعض الخبراء تطوير بطاقة هوية إلكترونية عامة قابلة للتصويت كبديل. وبالإبقاء على تقنيات التصويت التقليدية، تحافظ الأحزاب المهيمنة على أدوات الضغط والتأثير على قواعدها الحزبية والمحلية. إذاً، وعلى الرغم من أن قانون الانتخاب 2017 تضمّن آلية لتحسين العملية الانتخابية عبر «الميغاسنتر» والبطاقة الممغنطة، لا تزال المماطلة مستمرة. فالوقت يداهم الجميع والمسؤولون يعلمون ذلك، ما يعني أن الاستمرار بتغييب «الميغاسنتر» وتأجيل البدء العملي بالتحضير لتطبيقه، سيكون مؤامرة حكومية عن سابق تصور وتصميم، بالتكافل والتضامن مع القوى الساعية إلى ضرب هذا البند الإصلاحي لا سيما بعد نتائج الانتخابات البلدية. فهل سيوضع الملف على نار حامية أم أن الهروب إلى الأمام سيستمر كي يقال بعد أشهر «الوقت داهمنا» و«يا ليتنا كنا نعلم»!

من يتآمر على الميغاسنتر؟
من يتآمر على الميغاسنتر؟

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 7 ساعات

  • سياسة
  • القناة الثالثة والعشرون

من يتآمر على الميغاسنتر؟

تضمن قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب رقم 44/2017 نصًا إصلاحيًا أساسيًا (المادة 84)، يفتح المجال لاعتماد بطاقة إلكترونية ممغنطة تتيح للناخب الاقتراع من أي مركز اقتراع (الميغاسنتر) قريب من محلّ إقامته بدلاً من الانتقال إلى مكان قيده الانتخابي. وتنص المادة 84، «على الحكومة بمرسوم… اتخاذ الإجراءات الآيلة إلى اعتماد البطاقة الإلكترونية الممغنطة في العملية الانتخابية المقبلة، واقتراح التعديلات اللازمة» لتنفيذ ذلك. وعليه، فإن تفعيل هذه البطاقة يفترض إنشاء مراكز اقتراع كبرى (ميغاسنتر) شاملة لجميع صناديق الدوائر، بحيث يصوت الناخب في المركز الأيسر له (حسب محل السكن)، مع الاحتفاظ بحقّه بانتخاب لائحته في دائرته الأصلية، بلا حاجة للتنقل إليها. الأهمية والإجراءات المطلوبة يوضح تحليل نشره مشروع «التقرير الدولي عن الديمقراطية»، أن اعتماد «الميغاسنتر» يزيد نسبة الاقتراع ويعزّز تنوّع التصويت، ما يدعم شفافية العملية الانتخابية وعدالتها. كما يوفر هذا النظام مراكز اقتراع معدّة لاستقبال ذوي الاحتياجات الخاصة، ويقضي على «تكلفة التنقل» التي كانت تُستخدم أشبه بالرّشوة المقنّعة للناخبين. والأهم، أن إلغاء ربط الصوت الانتخابي بمكان القيد يحدّ من قدرة الأحزاب والزعماء المحليين على «شحن» جمهورهم والتأثير على خيارات الناخبين عبر الإغراءات أو الضغوط بعبارة أخرى، يضع «الميغاسنتر» الناخب خارج دائرة نفوذ الزعيم المحلي، فتصعب مراقبته أو تطويعه وقت الاقتراع. من الناحية العملية، كان تفعيل «الميغاسنتر» يتطلب البنية التشريعية والإجرائية التالية: إصدار مرسوم حكومي بأغلبية الثلثين لتفعيل البطاقة الإلكترونية الممغنطة (وفق المادة 84 نفسها)، ثم تشريع تعديل قانون الانتخاب للسماح باستخدامها. وقد طالبت أوساط نيابية وحزبية بهذه الخطوة قبل انتخابات 2022، لكن وزارة الداخلية أبدت تحفّظات بسبب ضيق الوقت والتكلفة العالية. فقد قدر تقرير رسمي تكلفة إنشاء نحو 50 مركز «ميغاسنتر» بـ 100 مليون دولار، إضافة إلى حاجتها لخمسة أشهر عمل مكثّف لإعداد قاعدة بيانات الناخبين وتوزيع المراكز. وبرّرت الحكومة السابقة تأجيل تطبيق «الميغاسنتر» بكون «قانون الانتخاب لم ينصّ على إنشائه»، وأن الأمر يستلزم تعديل القانون أولًا، ثم استحداث المراكز خلال فترة خمسة أشهر. لذلك، صدرت تشريعات لاحقة تعلّق فعليًا العمل بالمادة 84 (وأخرى ذات صلة) «لمرة واحدة» في انتخابات 2018 و2022، وظل كل مشروع ممغنط للتصويت معطلاً بحجة التكلفة الزائدة أو إعداد بطاقة هوية إلكترونية عامة بديلًا عن البطاقة الانتخابية الممغنطة. ومن هنا حمل باحثون مجلس النواب والحكومات المتعاقبة مسؤولية تجاهل هذا الإصلاح الانتخابي. موقف «الثنائي الشيعي» عارضت قوى «الثنائي الشيعي» تقنيات الإِصلاح هذه خلال مناقشات اللجان الوزارية والنيابية. ففي جلسات لجنة قانون الانتخاب قبل انتخابات 2018 مثلًا، أفيد بأن «أمل وحزب الله والمردة والاشتراكي» اعترضوا على الميغاسنتر «لاستحالة إنشائها لضيق الوقت». ومع اقتراب انتخابات 2022 عاد الجدل، حيث أكدت مصادر موالية لـ «الثنائي» أنه «يرفض تعديل قانون الانتخابات»، بل ربط وجود «الميغاسنتر» بإصدار البطاقة الممغنطة ومنح المغتربين ستة مقاعد إضافية خارج البلاد. بعبارة أخرى، طرح «الثنائي» شروطًا قاسية: لا تنازل عن الانتخابات العادية، ولا تغيير لقانون الانتخاب إلا كحزمة متكاملة تشمل «الميغاسنتر» والبطاقة الممغنطة وحقوق المغتربين معًا. ويترتب على ذلك عملياً 3 خيارات يبدو أن «الحزب» يطرحها: لا «ميغاسنتر» أو التنفيذ لكن بشروط، أو تأجيل تقنيّ للانتخابات بحجة أن المتطلبات الإصلاحية لم تُستكمل. وقد أشارت تقارير سياسية إلى أن هذه المواقف تفسِّر «عرض الحصص» القضائية والتنفيذية للتأجيل إذا لم تُستوفَ البنود المقترحة. نتيجة تعليق «الميغاسنتر»، استمر التصويت بنظام الأقلام المحلية المرتبطة بسجلات النفوس، مما يُسهّل بقاء تأثير الزعماء التقليديين على الناخبين. وقد حذّرت تحليلات انتخابية من أن الغياب المستمر لهذا الإصلاح يشجّع على شراء الأصوات ويُعمّق تأثير الزبائنية. وعلمت مصادر بحثية أن كل قانون انتخاب أصدره البرلمان ضمن الانتخابات الماضية كان يعلّق العمل بالبطاقة الممغنطة، «مما يمهد الطريق إلى عدم تطبيق الميغاسنتر». كما لم تنجز الحكومة أي بطاقة ممغنطة رغم وعود سابقة بتغطية تكلفتها العالية، في حين اقترح بعض الخبراء تطوير بطاقة هوية إلكترونية عامة قابلة للتصويت كبديل. وبالإبقاء على تقنيات التصويت التقليدية، تحافظ الأحزاب المهيمنة على أدوات الضغط والتأثير على قواعدها الحزبية والمحلية. إذاً، وعلى الرغم من أن قانون الانتخاب 2017 تضمّن آلية لتحسين العملية الانتخابية عبر «الميغاسنتر» والبطاقة الممغنطة، لا تزال المماطلة مستمرة. فالوقت يداهم الجميع والمسؤولون يعلمون ذلك، ما يعني أن الاستمرار بتغييب «الميغاسنتر» وتأجيل البدء العملي بالتحضير لتطبيقه، سيكون مؤامرة حكومية عن سابق تصور وتصميم، بالتكافل والتضامن مع القوى الساعية إلى ضرب هذا البند الإصلاحي لا سيما بعد نتائج الانتخابات البلدية. فهل سيوضع الملف على نار حامية أم أن الهروب إلى الأمام سيستمر كي يقال بعد أشهر «الوقت داهمنا» و«يا ليتنا كنا نعلم»! نخلة عضيمي -نداء الوطن انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

صناديق 2025 في لبنان أكبر من «استحقاق بلدي» وأقل من «بروفة نيابية»… ورسائل متعددة الاتجاه
صناديق 2025 في لبنان أكبر من «استحقاق بلدي» وأقل من «بروفة نيابية»… ورسائل متعددة الاتجاه

القدس العربي

time٢٧-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • القدس العربي

صناديق 2025 في لبنان أكبر من «استحقاق بلدي» وأقل من «بروفة نيابية»… ورسائل متعددة الاتجاه

تختلف القراءات للانتخابات البلدية والاختيارية في لبنان، وما إذا كانت تُشكِّل في نتائجها «بروفه» للانتخابات النيابية المرتقبة في ربيع 2026. فأقل من سنة تفصل اللبنانيين عن الاستحقاق النيابي الذي سيرسم مشهد مجلس النواب لأربع سنوات مقبلة وموازين القوى بداخله، والمدى الذي سيعكس فيه معالم التحولات الحاصلة في المنطقة. الانطباع العام السياسي في الداخل والخارج مفاده أن ثمة إنجازات تُسجَّل على طريق إعادة بناء الدولة مند اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، من انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة، والقيام بتعيينات أمنية، والبدء بخطوات جدية في مسار الإصلاحات المطلوبة، وإعادة وصل ما انقطع بين لبنان ومحيطه العربي، وقَطْع شوطٍ في سياق انتشار الجيش منطقة جنوب الليطاني وإخلائها من البنى العسكرية لـ«حزب الله»، وهو عمل ليس بقليل في غضون خمسة أشهر من عمر العهد والحكومة، لكنها خطوات رغم ما تحمله من إيجابيات، تبدو بطيئة قياساً بحجم التبدلات الكبرى الحاصلة من حوله، وهي تالياً لم تُثبِّت بعد ركائز الدولة بوصفها الضمانة الحقيقية التي ينتظرها اللبنانيون ويتوقون إليها بعد سنوات من غياب الدولة وتحوُّلها إلى دولة فاشلة. لا شك في أن عملية إعادة الدولة تتطلب وقتاً، لكن لا بدَّ من التقاط الفرص التي تلوح في الأفق، وعدم تفويت قطار التغيير الذي تسير في ركابه دول عدة في المنطقة، وقد يفوت لبنان الالتحاق به إذا لم يسر على الوتيرة نفسها. فمَن كان يظن قبل أشهر أن وجه سوريا سيتبدَّل، وأن نظام الأسد سيسقط، وأن الرئيس الجديد للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، الاسم المدني لمحمد الجولاني زعيم «جبهة النصرة» سابقاً، سيتم احتضانه عربياً وخليجياً وسيُستقبل في قصر الإليزيه، وسيلتقيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في قلب الرياض، وسيتم رفع العقوبات عن سوريا، وستُفتح الأبواب أمام الدول والشركات للقدوم إليها بمشاريع استثمارية ومساعدات لإعادة بناء الدولة الجديدة فيها؟ فسرعة التحولات جعلت من المستحيل ممكناً، وهذا يُعبِّر، في مكان ما، عن القدرة على التقاط الفرصة التي لا تهبُّ مرتين. صحيح أن عهد العماد جوزف عون وحكومة نواف سلام سجَّلا في رصيدهما نقطة إيجابية يمكن صرفها عند المجتمع الدولي من باب تأكيد التزامهما باحترام المهل الدستورية للاستحقاقات الانتخابية، وإدارة العملية الإدارية والأمنية بشكل مقبول، لكنه مسار لا يزال في أول الطريق. فطيّ صفحة الانتخابات البلدية والاختيارية على النتائج التي أفضت إليها سيفتح «الكباش» السياسي على قانون الانتخابات النيابية، حيث بدأت اللجان النيابية المشتركة قبل أيام بدرس اقتراحات قوانين تتعلق بتعديلات على القانون النافذ، وإنشاء مجلس للشيوخ الذي هو أحد بنود اتفاق الطائف الذي بقي مُعلّقاً كما كثير من بنوده. وسيكون هذا الموضوع مدار جدل وتجاذب طوال الأشهر المقبلة، ولا سيما في ما خص مسائل أساسية تتعلق بتقسيم الدوائر الانتخابية وعددها، وطبيعة النظام النسبي، وطريقة احتساب الصوت التفضيلي، واقتراع المغتربين، والبطاقة الانتخابية، وإنشاء «الميغا سنتر». وهي مسائل من الطبيعي أن تكون خاضعة لحسابات ومصالح القوى السياسية الكبرى في كيفية الحفاظ على أحجام كتلها في البرلمان الجديد. الهواجس والاعتبارات والحسابات هل يمكن إسقاط الانتخابات البلدية على الانتخابات النيابية والخروج باستنتاجات حاسمة؟ يمكن الإجابة بـ«نعم»… ولكن، كما بـ«لا»… ولكن. صحيح أن الانتخابات البلدية يُفترض أن يكون لها طابعها الإنمائي، لكنها تتأثر بالعوامل العائلية؛ ودوائرها الانتخابية مختلفة عن النيابية ونظامها أكثري وليس نسبياً، وتنافسها يكون في مناطق عدة بين المكوِّن الطائفي نفسه، ولكن الصحيح أيضاً أن السياسة لا تغيب عن كل شيء كبير أو صغير ومهما كان العنوان. فالانتخابات البلدية عكست مزاجاً عاماً لدى الناس لا تغيب عنه الهواجس والاعتبارات والحسابات. انتهى الاستحقاق على استنتاجات أولية تحتاج إلى مزيد من التمحيص والتشريح بغية الخروج بالقراءات المفيدة، غير أن تلك القراءات لن تكون موحَّدة وستبرز وجهة نظر الجهة التي تمثلها بشكل أو بآخر. في الاستنتاجات العامة أن «الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل) لا يزالان مُمسِكَين بأرضهما، ولا تزال البيئة الشيعية تدين بالولاء لهما، وتتبنى خياراتهما السياسية. هذه وجهة نظر فيها الكثير من الصحة، ولكن على مقلب المناهضين، ثمة نظرة أخرى مفادها أن القوى المعترضة على «الثنائي» استطاعت أن تحقق ما يزيد على 30 في المئة من أصوات المقترعين، رغم الفرق الكبير في الإمكانات. فعلى سبيل المثال، لم تكن لدى لائحة «بعلبك مدينتي» إمكانات مادية ولوجستية لنقل الناخبين من بيروت إلى البقاع، كما فعلت الماكينات الانتخابية للأحزاب، وكان عدد مندوبيها قليلًا ومُخترَقاً، ولم تكن لديها قدرات مالية ولا سطوة، كما هو حال «الثنائي» ولا سيما «حزب الله» الذي استخدم كل الأساليب والضغوط والتجييش لصالح «لوائح المقاومة»، واعتبار أن من لا يُصوِّت لها خائن لـ«دم الشهداء» الذين لا تخلو منهم قرية أو بلدة بقاعية أو جنوبية. وكانت اللوائح المناهِضة وناسها تتعرَّض لترهيب مجتمعي، وتُفضِّل معه الانكفاء عن التصويت أو المجاهرة في خوض مواجهة ليست محسوبة النتائج ولا مستقبل أمنها مضمون، ذلك أن الدولة – وإن نجحت في مناطق سيطرة «الثنائي» بإظهار قدرٍ من قوّة عضلاتها – لكنها ما زالت غير مُمسكة بالأرض، وغير قادرة على تأمين الحماية المطلوبة لضمان حرية الناس مما قد يتعرضون له ما بعد الانتخابات. وبالتالي لا يمكن إسقاط الانتخابات البلدية على النيابية كنتائج محسومة، ولا سيما أن التحالفات فيها ستكون دوائرها أكبر وأوسع وباستطاعة الأصوات المعترِضة أن تحدث فرقاً في النظام النسبي. ويرى هؤلاء أنَّ إنشاء «الميغا سنتر» من شأنه أن يُقلِّل من سطوة الأحزاب وقوى الأمر الواقع، ويُحفِّز القوى الصامتة المنكفئة عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع، من دون مشقّة الانتقال إلى قراها البعيدة، وبالتالي تتساوى في هذا الجانب اللوائح المتنافسة، بين تلك التي تملك ماكينات منظمة قادرة على تأمين مصاريف الانتقال للناخبين، وتلك التي لا تملك القدرات نفسها. من الاستنتاجات أيضاً، أن «القوات اللبنانية» نجحت – من خلال الانتخابات البلدية – بإثبات تقدمها في المزاج المسيحي العام. وشكَّلت انتخابات زحلة التي حققت فيها «القوات» وحيدة انتصاراً ساحقاً على مختلف القوى السياسية في المدينة المتحالفة معاً والمدعومة من «حزب الله» علامة فارقة ورسالة سياسية. يقول رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب «القوات اللبنانية» شارل جبور إن «الأمور مترابطة في كل الاستحقاقات، وإن كانت بنسب مختلفة، لكنها تُعبِّر عن مزاج عام. فعلى سبيل المثال، كان مرتكز تكوين اللوائح في الانتخابات النيابية عام 2018 هو «التيار الوطني الحر» كون رئيس الجمهورية السابق ميشال عون كان في سدّة الرئاسة، وكان المزاج العام مع «التيار الوطني» بمعزل عن التركيبة التنظيمية لدى «القوات اللبنانية» التي لا تهتز. أما اليوم، فهناك مزاج عام عند المسيحيين باتجاه «القوات»، ما يجعلها المرتكز العام لأي عملية انتخابية وفي أي استحقاق مقبل، فضلًا عن أن خيار «القوات» السياسي في لبنان والمنطقة هو الدي ربح على الخيارات الأخرى. وهذا من شأنه أن يُعطيها دفعاً لا سيما أنها كانت ثابتة على مواقفها، وعملت على نهج تراكمي منذ 2005.» أقوى الأحزاب المسيحية ثمة قراءة لدى بعض السياسيين والمحللين بأن «القوات اللبنانية» هي أقوى الأحزاب المسيحية نظراً لما حققته من نتائج في الانتخابات البلدية، وتدرجها في خانة «التطرف المسيحي» المقابل لـ«التطرف الشيعي» بعد ما حققه «ثنائي حزب الله – أمل» من نتائج في هذه الانتخابات، والتي حاول «الثنائي» من خلالها القول إنه لا يزال الأكثر شعبية في بيئته رغم الخسارة التي مُني بها «الحزب» في الحرب مع إسرائيل والنكبة التي طالت طائفة بأكملها. ويتخوَّف هؤلاء السياسيون من أن يستجلب هذا «التطرف المسيحي»، وذاك «التطرف الشيعي»، تطرفاً في البيئة السُّنية وخصوصاً مع صعود أحمد الشرع في سوريا، وتماهي جزء كبير من سنّة لبنان مع الثورة السورية. وفي هذا الإطار يرى السياسي خلدون الشريف، ابن طرابلس، أن هذه القراءة غير صحيحة، وأن الشارع السُّني عموماً لم يُظهر تماهياً مع وصول الشرع إلى الحكم في سوريا، ولا أظهرت الانتخابات البلدية فوز الإخوان المسلمين في طرابلس على سبيل المثال. قد يكون «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» حاولا اللعب على هذا الوتر، ولكن ليس هناك مؤشرات على أن «القوات» استخدمت في خطابها السياسي هذا العنوان، فقد جاهرت «القوات» بتسمية الشرع «رفيقاً» لها، وهي على علاقة جيدة معه. موقف الشريف يتوافق معه جبور بشكل كليّ، ويعتبر أن البيئة السُّنية لم تتخلَ عن «لبنان أولاً» لمصلحة «طرابلس الشام». ويشير إلى أن «القوات اللبنانية» هي في «تحالف استراتيجي مع السُّنة في المنطقة، ولدينا مصلحة بأن تكون لدى السُّنة نقطة ارتكاز قوية مثل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس السوري أحمد الشرع، فهذان الرجلان ليسا مشاريع عابرة للدولة، بل هما مع مشاريع سيادة دولتيهما، وأولوياتهما هي مصلحة شعبيهما. أما المشروع الخطير، فهو المشروع الإيراني الذي هو مشروع توسعي على مستوى المنطقة كلها. ونحن بحاجة إلى دول قوية تستطيع أن تواجه المشاريع التوسعية.» وفي نظره، أن المشكلة مع «حزب الله» تتعلق بسلاحه ومشروعه المسلّح الذي يأخذ البلد إلى الحروب، وليست مرتبطة بقوته التمثيلية، فهذه مسألة يقررها الناخبون الشيعة شرط أن يكون «الحزب» تحت سقف الدولة. فلبنان بلد متعدِّد الطوائف، وفيه مجموعات لا يمكن تجاوزها، ويجب الذهاب إلى التمثيل الصحيح لكل المجموعات، إنما بشرط أن تكون تحت سقف الدولة. ولا مشكلة لدينا مع «الأحباش» إذا كانوا تحت سقف الدولة. نحن مع أن تفرز صناديق الاقتراع خيارات الناس. كان خيار المسيحيين عند ميشال عون في مرحلة معينة، وانتقل الخيار الأكثري إلى عند «القوات»، ولكن هذا لا يعني أنها تحتكر الساحة، فهناك خيارات أخرى عند المسيحيين موجودة بأحجام مختلفة. ولا مشكلة إن كان «حزب الله» يحتكر التمثيل الشيعي تحت سقف الدولة. تقود الاستنتاجات لدى فريق من السياسيين إلى أن قوى التغيير قد يكون انتهى مفعولها. فالزخم الذي جاءت به في انتخابات 2022، ولا سيما في العاصمة، ظهر أنه تلاشى في الانتخابات البلدية حتى قياساً مع ما شكَّلته «بيروت مدينتي» في الانتخابات البلدية 2016. ويذهب هذا الفريق إلى الاعتقاد بأن موقع القوى التغييرية في انتخابات 2026 سيتراجع بشكل كبير لمصلحة الأحزاب التي تُعبِّر عن حال طوائفها. هذا الاستنتاج يحمل بعضاً من الحقيقة، ولكن ليس كلها. فالقوى التغييرية كان بإمكانها في بيروت – لو تحالفت مع لوائح أخرى في وجه لائحة «بيروت تجمعنا» – أن تقلب الطاولة، لكن تمسكها بشعار «كلّن يعني كلّن» ورفضها التحالف مع قوى سياسية أخرى، أدى إلى هذه النتيجة، وهي مسألة تستدعي في رأي بعض التغييرين مراجعة في طريقة العمل، فالسياسة لا تعني ربحاً صافياً أو خسارة صافية. فتحالفها كان سيعني وصولها وآخرين، وهي في هذه الحالة، لا تُشكِّل رافعة لوصول آخرين بل شريكة قادرة على التفاهم على مشروع معيَّن. ما هو أكيد أن القوى التغييرية تحتاج إلى صياغة مشروع يمكنه أن يكون بديلاً أو جاذباً لكثير من الشرائح اللبنانية المنكفئة في بيوتها والتي تشكل قرابة 50 في المئة من الناخبين، ويمكنها أن تُشكِّل صمَّام أمان للناس للخروج من عباءة طوائفها، إنما عليها أيضاً ألّا تتحوَّل هي نفسها إلى مشروع إلغائي للجميع متعال عليهم، من دون أن تكون قد أثبتت أنها قادرة على أن تكون عابرة للطوائف والمناطق، وقادرة على تسييل قوتها الشعبية لمصلحة مشروع قيام الدولة، وهذا بحد ذاته لا يمكن توفره إذا لم تكن الدولة نفسها قادرة على أن تكون الضمانة الرديفة لضمانة الجماعات والطوائف. يذهب النائب السابق فارس سعيد، أحد مؤسِّسي تجمع «الدستور أولاً» (تجمّع حديث النشأة يهدف إلى دعم مسار بناء الدولة على أُسس الدستور و«اتفاق الطائف») إلى اعتبار أنه رغم كل الإيجابيات التي يمكن تسجيلها لمصلحة عهد جوزف عون وحكومة سلام خلال وقت قصير، غير أن النتائج أظهرت أن الانتخابات البلدية جرت على قاعدة أن الدولة لم تنجح بعد في تشكيل ضمانة حقيقية عند الناس، فراحت لتصوِّت للضمانات الرديفة المتوفرة في الأحزاب التي تعتبر أنها تُشكِّل شبكة الأمان لها. وبالتالي، فإن النتائج السياسية لهذه المعركة الانتخابية، تؤشر إلى أن الجهود من أجل إبراز عودة الدولة تدريجياً من انتخاب الرئيس إلى اليوم، هي أقل من المطلوب، ولا تتناسب مع سرعة التبدلات الكبيرة التي تحصل في المنطقة، وبالتالي هناك فارق في الوقت بين السلطة الحالية التي تنتهج سياسة التروي أو تحاول أن تعالج المسائل الأساسية، ولا سيما مسألتا السلاح والودائع، من الخارج باتجاه الداخل، وليس من خلال قوة الداخل في اتجاه الخارج. وبالتالي إذا لم تقم الدولة بخطوات حقيقية من أجل إعطاء أجوبة عن هواجس اللبنانيين، فنحن سنكون في انتخابات 2026 أمام نتائج مضخمة للانتخابات البلدية، وسيكون للأحزاب الطائفية الوزن الكبير داخل طوائفها على حساب التيار اللبناني. ويقول إنه بات واضحاً أن دعم ومساندة استكمال عملية بناء الدولة، وتكبير حجمها على حساب الأحزاب التي تشكل ضمانات رديفة للدولة، أمر مرهون بنقطة واحدة اسمها السلاح. لا شك أن واقع المنطقة من اليوم وإلى سنة مقبلة لن يكون على حاله، وليس واضحاً ما سيكون عليه واقع سلاح «حزب الله»، وما إذا كان سيحصل اتفاق أمريكي – إيراني أم لا، وكيف ستنتهي حرب غزة؟ وما إذا كانت إسرائيل ستستكمل الحرب في غزة وضد «الحزب» أم لا؟ وما سيكون عليه قانون الانتخاب بكل مندرجاته الذي من شأنه أن يرسم طبيعة التوازنات في البرلمان المقبل. ولعل السؤال الأهم يكمن في ما إذا كان العهد الجديد يستطيع أن يلتحق بالمشهد الجديد في المنطقة ومتى؟!

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store