logo
#

أحدث الأخبار مع #«الهوموسابيانس»

فوارق ومفارقات في الاستشراف
فوارق ومفارقات في الاستشراف

صحيفة الخليج

time١٥-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • صحيفة الخليج

فوارق ومفارقات في الاستشراف

هل لاحظتَ جيّداً، متابعاً ومراقباً، أن أهل المضارب الغربية حين يتحدثون عن المستقبل، مستشرفين، لا يحسبون حساباً لأحد؟ لا يتصوّرون ردود أفعال الآخرين. يتكلمون عن الغد البعيد وكأنهم ملكوا الأعصار، ودانت لهم الأمصار. المشكلة ليست فيهم؛ بل في عقدة الخواجة التي كَوْرَنَ فيروسُها الدولَ النامية. المشهد لا يخلو من مبرّرات منطقية، فالمعطيات دامغة؛ إذ للغرب القوى الاقتصادية العارمة، والجيوش والترسانات القاصمة، والعقول المخترعة العالمة، فمن أقدر منه على النظرات النوستراداموسيّة الاستشرافية الثاقبة؟ تَرى وتسمع رجال مال وأعمال في الإمبراطورية، لا يجدون أدنى حرج في الحديث عن المليار الذهبي، كأنهم لا يعون أن ذلك يعني إلغاء سبعة مليارات آدمي من الكوكب. منتهى الطرافة، فالمضمون المغلّف، هو أن اختفاء سبعة آلاف مليون من «الهوموسابيانس» لا يضيرهم ولا حتى بشرارة قشّة. تأمّل الإعجاز الفيزيائي في ظنونهم، فالمليار الذهبيّ هو زبدة الزبدة في القارات الخمس، لكن السعير سيكون برداً وسلاماً على الذين استثناهم الاستشراف العجيب. لا علينا بهذا الخبط العشوائي في النظر إلى الآتي، فهو لا يستحق سطراً على هامش كتاب ابن حبيب النيسابوري «عقلاء المجانين»، ولا هو أهل لدعابات ابن الجوزي في «أخبار الحمقى والمغفلين»، لكن موضوع الاستشراف أضحى همّ الهموم لدى كل متبصر بصير بالمصير، متفكر خبير بالأمور. يقيناً، لن يكون في المستقبل متسع من الوقت لبطء التفكير وطول التدبير. المشارق والمغارب غير متفائلة بما تبقى من السنوات الأربع الترامبية، تخشى أن تمرّ كعنوان رواية جنكيز آيتماتوف: «ويطول اليوم أكثر من قرن»، غير أن الاستشراف في العالم العربي، لا يلوح شافياً كافياً، لأن الواقع الذي سيشهده العالم في النصف الثاني من القرن، أي قريباً، لا يعلم أحد كيف سيكون ميزان القوى، مع صعود الصين والهند، تحديداً. قد لا تصدق أن أبا العلاء أرسل رسالة صوتية، إلى الإمبراطور، اقتصرت على مطلع قصيدته: «أرى العنقاء تَكبُرُ أن تُصادَا.. فعانِدْ من تُطيق له عنادَا»، وأنت تعلم أن في أساطير الصين رمزين مُهمّين مُهيمنين: التنين والعنقاء. مصدر آثر عدم ذكر اسمه، زعم أن الإمبراطور ردّ على المعري ببيت من القصيدة نفسها: «إذا ما النارُ لم تُطعَم ضراماً.. فأوشِكْ أن تَمرّ بها رمادَا». لزوم ما يلزم: النتيجة الإنقاذية: ضع في الحسبان أن المستقبل غير مستعد لاستقبال من لا يصنعونه.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store