#أحدث الأخبار مع #«بلاحدود»،صحيفة الشرقمنذ 4 أيامسياسةصحيفة الشرقالصراع على سوريا.. ليس بعد؟240 منذ فجر التاريخ، وللآن، كان من يسعى للسيطرة على الشرق الأوسط لا بد له من السيطرة على الشام أو سوريا، بموقعها المفصلي. واستقر علماء الجغرافيا السياسية على معادلة مفادها أنه «إِنْ سيطر حاكم العراق، وما وراءه، أي القادم من الشرق، على سوريا ملك الشرق الأوسط.. وإن سيطر حاكم مصر أو القادم من الغرب على سوريا ملك الشرق الأوسط». وتتحقق المعادلة عندما تكون سوريا ضعيفة ومفتتة حيث تخاض على أرضها الحروب المباشرة أو بالوكالة، كما هو الحال الآن. ويذكر التاريخ أن هذه المعادلة كانت قائمة عند الفراعنة منذ تُحتمس الثالث ورمسيس الثاني، حيث حكموا كل ما بين العراق وسوريا وقبرص إلى قلب أفريقيا مرورا بمصر. وكذلك فعل اليونانيون والرومان، وآثارهم في مصر وسوريا شاهدة على ذلك. كذلك كانت سيرة الدولة الإسلامية منذ بداياتها مرورا بصلاح الدين الأيوبي وصولا إلى العثمانيين ومحمد علي. وكذلك كانت الحال مع قوى الاستخراب العالمي التي ورثت أراضي الخلافة الإسلامية بعدما هدمتها. وقد بلور الفكرة سياسيا وأكاديميا كُتاب كثر، أشهرهم البريطاني باتريك سيل بكتب عدة أهمها، «الصراع على سوريا.. 1945- 1958»، الصادر عام 1965. ويؤكد سيل في كتابه المرجعي مفهوم أن سوريا هي مفتاح السيطرة على الشرق الأوسط. لكنه كان ينظر إلى القضية نظرة المنتمي للعالم الاستعماري، ما جعله يردد ادعاء ذلك العالم بأن «العرب أتيحت لهم، بعد الحرب الثانية، ممارسة سياسة مستقلة عن المستعمر»، وهي فكرة منافية للواقع، لأن ذلك الاستقلال كان «سرابيا»، على أحسن تقدير، ولأن المستعمر ظل محتفظا بهيمنته، مديرا للصراع من بعيد. كما أنه اعتمد في جمع كتابه على مفكرين وسياسيين عرب وأجانب؛ وهؤلاء ليس مضمونا صدقهم في كل ما قدموا من معلومات. ويكفي أن نعرف أن من بين من راجعوا كتابه، قبل طبعه، برنارد لويس العدو اللدود للعرب والمسلمين. كما أن سيل، وهو الذي عاش طفولته في سوريا وتلقى فيها تعليمه الأولي ثم عاش جزءا كبيرا من حياته مستشارا لرئيسها الأسد الأب، لا تُضمن أيضا نزاهته في كل ما كتب وقد يكون حاول ترسيخ مفاهيم معينة ونفي أخرى لمصلحة دولته الأم بريطانيا أو لغيرها، وهذا أمر معروف ومتداول في أجواء تلك الحقبة من التاريخ، ولا يزال. ولا عجب أنه هو ذاته يعترف في الكتاب بأنه لم يستطع أن يكون موضوعياً 100 %. على أن هذه لم تكن مشكلة سيل وحده فكثير ممن كتبوا عن سوريا، ومنهم، الباحث الكندي كمال ديب وكتابه «تاريخ سوريا المعاصر..»، وقعوا في فخ السردية الاستعمارية، التي أوهمت دول العالم الثالث بأنها نالت استقلالها، بالحديث عن «الدولة الوطنية المستقلة». * من زاوية تكاد تكون عكسية، يؤكد د. جمال حمدان، «فيلسوف الجغرافيا السياسية»، أهمية الشام الإستراتيجية لأمن مصر بقولته الشهيرة: «لم تخض مصر حرباً خارجية إلّا ربحتها، ولم تخض حرباً على أرضها إلّا خسرتها». كما يؤكد ذلك المؤرخ المرموق المستشار طارق البشري حيث أصّل لفكرة أن اتحاد مصر والشام كفيل بتأمين السيطرة على المنطقة، لكنه أضاف إليهما الحجاز، فجعل نطاق القوة مثلثًا أو محورا يضم المناطق الثلاثة. وأوضح البشري ذلك المفهوم في مناسبات عدة منها لقاء مهم مع برنامج «بلا حدود»، عام 2002. وفي كتابه «العرب في مواجهة العدوان»، في العام ذاته، ويشدد فيه على فكرة المحور السوري المصري السعودي من منطلق الأمن القومي العربي. ويدعم فكرته بأن الغرب عندما قرر ضرب تجربة محمد علي لم يهاجمه في مصر بل في الشام. كما يورد أن النحاس باشا كان أول سياسي مصري ينتبه، في العصر الحديث، لأهمية سلامة أرض فلسطين، التي هي جزء من الشام، لضمان أمن مصر. وهنا نستخلص فكرة مفادها أننا لو وضعنا سيل وأمثاله، ومنهم د. نيكلاوس فان دام وكتابه (الصراع من أجل السلطة في سوريا، 2011) والصهيوني إيتمار رابينوفيتش (له مقال حديث يدعم فيه أفكار سيل) في جانب، ووضعنا حمدان والبشري في جانب لتبين أنهما ينظران إلى نفس الفكرة ولكن الأول من منطلق رصد الثغرات والثاني من منطلق سدها. ومع الصراع المستعر كانت هناك محاولات متكررة لتحقيق وحدة كان الشام القاسم المشترك فيها. لكن للأسف كان يتم دائما فشل أو»إفشال» تلك المحاولات. فمثلا: انهارت تجربة الوحدة المصرية السورية، 1958- 1961، بانقلاب عبد الكريم النحلاوي في دمشق.... وفي أوائل 1963 فشلت محاولة أخرى لاتحاد بين العراق ومصر وسوريا، ولم تدم سوى 3 أشهر. كما فشلت محاولة اتحاد بين سوريا والعراق في بدايات 1979، بوصول صدام حسين للسلطة في يوليو ذلك العام. * ومع اعتبار البعض أن سوريا كانت الجائزة الكبرى التي حصل عليها ترامب من جولته الأخيرة.. قد يبدو أن الصراع على سوريا في هذه المرحلة قد حسم لمصلحة واشنطن! ولكن... التطورات لا تتوقف والصراع لا ينتهي! مساحة إعلانية
صحيفة الشرقمنذ 4 أيامسياسةصحيفة الشرقالصراع على سوريا.. ليس بعد؟240 منذ فجر التاريخ، وللآن، كان من يسعى للسيطرة على الشرق الأوسط لا بد له من السيطرة على الشام أو سوريا، بموقعها المفصلي. واستقر علماء الجغرافيا السياسية على معادلة مفادها أنه «إِنْ سيطر حاكم العراق، وما وراءه، أي القادم من الشرق، على سوريا ملك الشرق الأوسط.. وإن سيطر حاكم مصر أو القادم من الغرب على سوريا ملك الشرق الأوسط». وتتحقق المعادلة عندما تكون سوريا ضعيفة ومفتتة حيث تخاض على أرضها الحروب المباشرة أو بالوكالة، كما هو الحال الآن. ويذكر التاريخ أن هذه المعادلة كانت قائمة عند الفراعنة منذ تُحتمس الثالث ورمسيس الثاني، حيث حكموا كل ما بين العراق وسوريا وقبرص إلى قلب أفريقيا مرورا بمصر. وكذلك فعل اليونانيون والرومان، وآثارهم في مصر وسوريا شاهدة على ذلك. كذلك كانت سيرة الدولة الإسلامية منذ بداياتها مرورا بصلاح الدين الأيوبي وصولا إلى العثمانيين ومحمد علي. وكذلك كانت الحال مع قوى الاستخراب العالمي التي ورثت أراضي الخلافة الإسلامية بعدما هدمتها. وقد بلور الفكرة سياسيا وأكاديميا كُتاب كثر، أشهرهم البريطاني باتريك سيل بكتب عدة أهمها، «الصراع على سوريا.. 1945- 1958»، الصادر عام 1965. ويؤكد سيل في كتابه المرجعي مفهوم أن سوريا هي مفتاح السيطرة على الشرق الأوسط. لكنه كان ينظر إلى القضية نظرة المنتمي للعالم الاستعماري، ما جعله يردد ادعاء ذلك العالم بأن «العرب أتيحت لهم، بعد الحرب الثانية، ممارسة سياسة مستقلة عن المستعمر»، وهي فكرة منافية للواقع، لأن ذلك الاستقلال كان «سرابيا»، على أحسن تقدير، ولأن المستعمر ظل محتفظا بهيمنته، مديرا للصراع من بعيد. كما أنه اعتمد في جمع كتابه على مفكرين وسياسيين عرب وأجانب؛ وهؤلاء ليس مضمونا صدقهم في كل ما قدموا من معلومات. ويكفي أن نعرف أن من بين من راجعوا كتابه، قبل طبعه، برنارد لويس العدو اللدود للعرب والمسلمين. كما أن سيل، وهو الذي عاش طفولته في سوريا وتلقى فيها تعليمه الأولي ثم عاش جزءا كبيرا من حياته مستشارا لرئيسها الأسد الأب، لا تُضمن أيضا نزاهته في كل ما كتب وقد يكون حاول ترسيخ مفاهيم معينة ونفي أخرى لمصلحة دولته الأم بريطانيا أو لغيرها، وهذا أمر معروف ومتداول في أجواء تلك الحقبة من التاريخ، ولا يزال. ولا عجب أنه هو ذاته يعترف في الكتاب بأنه لم يستطع أن يكون موضوعياً 100 %. على أن هذه لم تكن مشكلة سيل وحده فكثير ممن كتبوا عن سوريا، ومنهم، الباحث الكندي كمال ديب وكتابه «تاريخ سوريا المعاصر..»، وقعوا في فخ السردية الاستعمارية، التي أوهمت دول العالم الثالث بأنها نالت استقلالها، بالحديث عن «الدولة الوطنية المستقلة». * من زاوية تكاد تكون عكسية، يؤكد د. جمال حمدان، «فيلسوف الجغرافيا السياسية»، أهمية الشام الإستراتيجية لأمن مصر بقولته الشهيرة: «لم تخض مصر حرباً خارجية إلّا ربحتها، ولم تخض حرباً على أرضها إلّا خسرتها». كما يؤكد ذلك المؤرخ المرموق المستشار طارق البشري حيث أصّل لفكرة أن اتحاد مصر والشام كفيل بتأمين السيطرة على المنطقة، لكنه أضاف إليهما الحجاز، فجعل نطاق القوة مثلثًا أو محورا يضم المناطق الثلاثة. وأوضح البشري ذلك المفهوم في مناسبات عدة منها لقاء مهم مع برنامج «بلا حدود»، عام 2002. وفي كتابه «العرب في مواجهة العدوان»، في العام ذاته، ويشدد فيه على فكرة المحور السوري المصري السعودي من منطلق الأمن القومي العربي. ويدعم فكرته بأن الغرب عندما قرر ضرب تجربة محمد علي لم يهاجمه في مصر بل في الشام. كما يورد أن النحاس باشا كان أول سياسي مصري ينتبه، في العصر الحديث، لأهمية سلامة أرض فلسطين، التي هي جزء من الشام، لضمان أمن مصر. وهنا نستخلص فكرة مفادها أننا لو وضعنا سيل وأمثاله، ومنهم د. نيكلاوس فان دام وكتابه (الصراع من أجل السلطة في سوريا، 2011) والصهيوني إيتمار رابينوفيتش (له مقال حديث يدعم فيه أفكار سيل) في جانب، ووضعنا حمدان والبشري في جانب لتبين أنهما ينظران إلى نفس الفكرة ولكن الأول من منطلق رصد الثغرات والثاني من منطلق سدها. ومع الصراع المستعر كانت هناك محاولات متكررة لتحقيق وحدة كان الشام القاسم المشترك فيها. لكن للأسف كان يتم دائما فشل أو»إفشال» تلك المحاولات. فمثلا: انهارت تجربة الوحدة المصرية السورية، 1958- 1961، بانقلاب عبد الكريم النحلاوي في دمشق.... وفي أوائل 1963 فشلت محاولة أخرى لاتحاد بين العراق ومصر وسوريا، ولم تدم سوى 3 أشهر. كما فشلت محاولة اتحاد بين سوريا والعراق في بدايات 1979، بوصول صدام حسين للسلطة في يوليو ذلك العام. * ومع اعتبار البعض أن سوريا كانت الجائزة الكبرى التي حصل عليها ترامب من جولته الأخيرة.. قد يبدو أن الصراع على سوريا في هذه المرحلة قد حسم لمصلحة واشنطن! ولكن... التطورات لا تتوقف والصراع لا ينتهي! مساحة إعلانية