logo
#

أحدث الأخبار مع #«سعدالدينالهلالى»،

قانون سعد الهلالي!
قانون سعد الهلالي!

المصري اليوم

time١١-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • المصري اليوم

قانون سعد الهلالي!

طالبت فى مداولات لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس النواب حول مشروع القانون المقدم من الحكومة بتنظيم إصدار الفتوى الشرعية، الابتعاد بمسافة عن أسماء بعينها قد يستهدفها القانون فى مادته (8) بالحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر أو الغرامة بما لا يقل عن خمسين ألف جنيه. طالبت بقانون عام ومجرد، وليس «قانون سعد الهلالى»، وهذا مسجل فى مضبطة اللجنة، ووافقنى بحكمة وأريحية الدكتور «على جمعة» رئيس لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب، وبموافقة الدكتور أسامة الأزهرى وزير الأوقاف. وقبل ظهور القانون (المرفوض ابتداء من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف) إلى النور، حدث ما تخوفت منه، وأثار قلقى على طائفة من العلماء يستهدفهم هذا القانون، بمنعهم قسرا عن الولوج إلى ساحة الفتوى التى باتت تشبه سَاحَة الوَغَى، بمعنى سَاحَة الْحَرْبِ، الْمَعْرَكَة، وفى المعجم اِعْتَرَكَ القَوْمُ فى ساحَةِ الوَغَى، تَقاتَلُوا، اِقْتَتَلُوا، على حق الفتوى، واحتكارها، وكما هناك كارتلات احتكارية اقتصادية، هناك كارتلات احتكارية دينية تحتكر الفتوى. أول تطبيق عملى لمشروع القانون المقدم من الحكومة بتنظيم إصدار الفتوى الشرعية (تحت الإصدار) حمله بلاغ إلى النائب العام تحت رقم (1185985 لسنة 2025)، وتضمن اتهام الدكتور «سعد الدين الهلالى»، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، بازدراء الدين الإسلامى، على خلفية تصريحات أشار فيها الهلالى إلى إمكانية المساواة فى الميراث. جملة اتهامات شنيعة، ربما يعاقب الهلالى بأكثر مما ورد فى المادة (8) من القانون، كوكتيل جرائم ترشحه للمؤبد جنائيا ناهيك عن تكفيره وتفسيقه دينيا.. يفكر بمصير طيب الذكر الدكتور «نصر أبوزيد» (الله يرحمه) الذى لقى ربه فى المنفى القسرى الذى ألجأته إليه مطاردات هددت حياته. كوكتيل من الجرائم فى بلاغ، نشر أخبار كاذبة، إثارة الفتن، زعزعة الاستقرار الاجتماعى، هدم القيم المجتمعية، مخالفة أحكام الدستور، والنيل من هيبة الدولة، وتعكير الصفو العام. لا تتعجب من العقلية التى حركت البلاغ، نفس العقلية التى حركت بعض الدعاة على المنابر الجمعة الماضى، وتبارى نفر منهم فى تقبيح وجه الهلالى (بالاسم)، العقلية التى تأبى إلا أن تغلق كل الأبواب إلا بابا واحدا لتحشر فيه الناس أجمعين، مع أن هناك أبوابا أخرى عديدة ومتسعة لمن يرغب للدخول منها!. إنها نفس العقلية التى تنصب نفسها حاكما على الخلق وتوهمهم أنها تحكم بأمر الله وحكم الله منها براء. ■ ■ بعض السطور أعلاه وردت فى كتاب «الإسلام وإنسانية الدولة» من مؤلفات الدكتور «سعد الدين الهلالى» الذى نذر حياته وعلمه لفتح الأعين والعقول على الفضاء الرحب فى الفقه الإسلامى الذى تراكم عبر قرون بفضل الله ثم بفضل جهود العلماء الثقات، والثقات يعد الكتاب مرجعا من المراجع العلمية الهامة فى علم الجرح والتعديل ومعرفة أحوال الرجال، يرجع إليه أئمة الحديث والمجتهدون فى الكشف عن أحوال الرجال ومعرفة الثقات من المجروحين. (الكتاب من تأليف ابن حبان). يقول «الهلالى» مع حفظ المقام: «ذلك الكنز الفقهى الذى كلما تعرفنا عليه أدركنا كم خسرنا عندما ضُيّق علينا، وأُريد بنا أن ننحصر وننحسر فى بقعة ضيقة عقيمة. وكانت النتيجة أن أصبحنا حائلا بين الخلق وخالقهم»! قد يبدو الكتاب صعبا بعض الشىء، ولكن إذا قُرئ بتأنٍ فستزول هذه الصعوبة، فعبارات الدكتور الهلالى سهلة، ومنطقه متسق، ينساب بعقلك فى هدوء ليصل بك إلى هدفه، بأدلة من الكتاب والسنة وبعيدا عن ثقافة الضجيج الفقهى السائدة اليوم! ■ ■ مراجعة صفحة الدكتور «سعد الدين الهلالى»، أستاذ الفقه المقارن فى كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، على فيسبوك، وأحاديثه الفضائية، واجتهاداته الفقهية، تؤشر على فقيه مصرى مجتهد يذكرنا بالمجتهدين الأوائل الذين ملأوا الدنيا نورا بعلمهم وفقههم على قاعدة التيسير على الطيبين. معلوم، الدكتور «سعد الدين الهلالى» من رواد «مدرسة العقل» وعادة لا يلقى قبول المعممين من خريجى مدرسة «النقل الحرفى» التى تجافى العقل، وبينه وبينهم فراسخ، سنوات ضوئية حتى يفقهوا مدرسته العقلية التى لا تخاصم النص ولكن تعقله، وقاعدته الراسخة الفتوى بحسب تغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات والعوائد، وهو أمر مقرر صحيح، وفى يقينه القعود عن الاجتهاد مثل التولى يوم الزحف. فى وصفه، ونرجو توفيقا فى تثمين اجتهاده الثمين، «الهلالى» فقيه صعب المراس، قوى الشكيمة، متبحر فى الفقه، مجدد، متجدد، درس المذاهب جميعا، ووقف مقارنا بينها، مستصحبا علومها، متفردا ببيان عرضها، لا ينحاز إلى مذهب، ولا يقف عند تفسير، ويؤمن بالقلب، وعنوانه الأثير وصية الحبيب صلى الله عليه وسلم، «اسْتَفْتِ قَلْبَكَ». والحديث أعلاه حديث القلب من الأربعين النووية، رواه الإمام أحمد عن وابصة بن معبد رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له: «جِئْتَ تَسْأَلُنِى عَنْ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ فَقَالَ نَعَمْ فَجَمَعَ أَنَامِلَهُ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِنَّ فِى صَدْرِى وَيَقُولُ يَا وَابِصَةُ اسْتَفْتِ قَلْبَكَ وَاسْتَفْتِ نَفْسَكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِى النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ فِى الصَّدْرِ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ». ■ ■ يُعدُّ الدكتور الهلالى نقلة نوعية فى مدرسة الفقه، ويصح أن يكون عنوانا لمدرسة التجديد المرتجاة. ملم إلمام الفقيه المحدث بالمذاهب جميعا، لا يغادر تفسيرا أو حديثا أو رواية إلا وأحصاها، ويقف على المتون ولا يهمل الحواشى، ويجتهد فى عرض الآراء جميعا غير منحاز أو مشايع، مع ترك فرجة واسعة للمسلم أن يتخير بقلبه، ويعمل عقله، دون سيطرة من عمامة، أو تسلط من شيخ، الإنسان المسلم هو الأصل، ولست عليهم بمسيطر، هكذا عنوانه العريض. قيمة الدكتور الهلالى العلمية يقدرها العلماء المنصفون، أما زاوية الرؤية الملفتة هى عطفة الهلالى على أصحاب الديانات الأخرى، سيما إخوتنا المسيحيين، يغبطهم حديث الهلالى الذى يفيض بالإنصاف والعدل الذى تعلمه من مدرسة القرآن الكريم، ومتّنها بدراساته فى المدرسة النبوية الشريفة، وتطويع ما تيسر من الحديث والتفسير ما يعلى من قيمة المواطنة والأخوة الإنسانية، ودائمًا ما يستشهد بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذى أخرجه الإمام أحمد: «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم». يحذو بثقة العالم حذو الفقيه المصرى «الليث بن سعد» الملقب بفقيه المواطنة، وهو لقب خلع عليه بعد رحيله بقرون، ولكنه يستحقه بامتياز. ■ ■ خطاب الهلالى يعرف من عناوين مؤلفاته القيمة التى تشتبك مع قضايا المجتمع لإيجاد حلول تجمع الناس على كلمة سواء، ومنها: «حقوق الإنسان فى الإسلام»، و«المعاملات المالية المركبة»، و«الأزمة المالية وحلول إسلامية»، و«البصمة الوراثية وعلائقها الشرعية»، و«الجانب الفقهى والتشريعى للاستنساخ»، و«حق السِّعاية فى الوظيفة المنسيَّة»، و«الأبُّوَّة الضائعة»، و«إبطال الطلاق الشَّفوى للمتزوجين رسميًّا»، و«الإسلام الدينى والسلام أو الإسلام السياسى والعنف»، و«قضايا وأحكام المسنين المعاصرة»، و«المهارة الأصولية وأثرها فى إنضاج الفقه وتجديده»، و«فقه المواريث على هدى الكتاب والسُّنة»، وأخرى كثيرة لا يستغنى عنها من يسعى إلى السِّلم الاجتماعى وقبول الآخر. الهلالى مصنف ضد الجماعات والشيخات وسطوة العمائم، يفضل ارتداء ثياب عموم الشَّعب دون أن يتميَّز بثياب شهرة، وهو الأزهرى القح ليس مجافيا ولكنه ليس من أصحاب العمائم فى الإعلام أو فى الطرق والمحافل العامة، لاستشهاده بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرتدى كآحاد الناس فى عصره، حتى دخل عليه أعرابى فلم يعرفه من بين جالسيه، فقال لهم: «أيُّكم محمد»؟ يقف صلبًا شامخًا ضد محاولة الوصاية على عقل المسلم، عنده المسلم هو الأساس، واختياره هو الأصل، وحكمه من القلب، وأن كل إنسان فقيه نفسه، وأمانه يوم القيامة مرهون بسلامة قلبه وطمأنينة نفسه، كما قال تعالى: «يوم لا ينفع مال ولا بنون إلَّا من أتى الله بقلب سليم»، وقوله سبحانه: «يا أيتها النَّفس المطمئنة ارجعى إلى ربِّك راضية مرضيَّة». يعلن الهلالى أن ولى الأمر هو رئيس الدولة بدستورها وقوانينها وأعرافها الجامعة لأبناء الشعب كلٌّ بدينه الذى اختاره على مسؤوليته الشَّخصيَّة، والتى سيحاجج بها عند ربه، على أن يلتزم فى الدنيا بسيادة العقود والقوانين الجامعة لتراضى المتعاملين، فلا نفوذ لفتوى تخالف عقدًا أو قانونًا مسبقًا. ومن هنا فإنه لا يأبه لمرشد، ولا يُنصّب نفسه شيخًا، ويُفقِّه المسلم ويُحفِّزه، أنت أمام ربك، ودليك فى قلبك، استفت قلبك، لا تحتاج إلى مرشد ولا إلى من يسوقك إلى الله، ويعرض على المتلقى – أمينا - كل الآراء، وكل المذاهب، وكل الأدلة، وكل ما ثبت عن الأقدمين، دون إغفال لرأى ولو كان نادرًا، أو لتفسير ولو كان غريبًا، يعرض الآراء كلها، حتى جواز الأضحية بطير توسيعًا وتيسيرًا وحتى لا يحرم المسلم من ثواب الأضحية. ■ ■ الهلالى يؤسس لإحياء تيار السماحة الدينية التى ترضى الله فى قلب كلِّ إنسان، وترضيه عن ربِّه، وتجعله مسؤولًا أمام نفسه فى الدنيا، كما أنه سيكون قاضًيا على نفسه يوم القيامة: «كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا»، فلا يكون تابعًا لغيره فى قطيع. إن الهلالى ينزع القداسة عن أوصياء الدين، ولا يركن إلى تفسير وحيد وإن كان إجماع الفقهاء، هناك دوما رأى مخفى عن عمد أو سهو، وهذا يخالف الأمانة العلمية والفقهية، ولا يستطيب رأى فينتصر لقائله، ولا يغفل اجتهادا منسوبًا لصاحبه. مدرسة الهلالى يصح وصفها بمدرسة «العصف الذهنى»، يعصف الهلالى بالذهن الراكد، يتواصل مع عموم الطيبين، بفكر وتدبر، وقاعدته المؤسسة «الفقه فهم الفقهاء من اجتهاد البشر، أما الشريعة فهى نصوص الوحى المقدسة التى من عند الله»، ويأبى أن تعامل طبقة الشيوخ بقداسة أو ترفيع لما هو فوق إعمال الفكر، وينظر إلى فقه الأقدمين نظرة حداثية لا تهمل ظرفًا مكانيًا أو زمانيًا إلا وأحصته وعرضته، وللمسلم حق الاختيار، لا يسلبه منه كائن من كان.. يرجو رضاء ربه فهو حسبه، أى يكفيه، لإيمانه بقوله تعالى: «يوم لا تملك نفس لنفس شيئًا والأمر يومئذ لله»، وقوله تعالى: «وكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه». ■ ■ أخيرًا: كلمة لمن يهمه الأمر، أما آن الأوان لتفعيل تلك الرؤية السمحة التى تليق بدين الله رحمة وعدلًا، وحماية هذا الرَّجل الأمين من سهام وكيد مانعى الوعى، وأوصياء الدِّين، أعداء السِّلم الاجتماعى، حتى يحيا الوطن بأهله لحمة واحدة، مهمومًا بمحو الأميَّة وبالتنمية المستدامة، وليس مشغولًا باختطاف حق الفتوى وبالفتن الدينية؟.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store