أحدث الأخبار مع #«شرفالبدوى»


اليوم السابع
٠١-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- اليوم السابع
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..1 مايو 1927.. عرض أول فيلم عربى طويل «قبلة فى الصحراء» بسينما أمريكية بالإسكندرية إنتاج إبراهيم وبدر لاما الفلسطينيين العائدين من «شيلى»
وصل إلى الإسكندرية شابان فلسطينيان هما «إبراهيم وبدر لاما» عام 1926، كانا فى طريقهما من شيلى بأمريكا الجنوبية إلى وطنهما فلسطين، ومعهما معدات للتصوير السينمائى، لأنهما يفكران فى إنشاء صناعة للسينما فى بلدهما فلسطين، لكن تفكيرهما تغير بعد أيام، واستقرا فى مصر، حسبما يذكر الكاتب والناقد سعد الدين توفيق فى كتابه «صناعة السينما فى مصر». يذكر «توفيق»، أن الأخوين لاما بعد مشاهدتهما النشاط الفنى بالإسكندرية وقتذاك قررا البقاء فيها ليجربا حظهما، وساهما فى شركة «مينا فيلم» ثم تخليا عن نشاط الهواة، وقاما بإنتاج فيلم صامت كان هو أول فيلم عربى طويل يعرض فى بلادنا وهو فيلم «قبلة فى الصحراء»، وعرض فى سينما «الكوزوموجراف» الأمريكانى بالإسكندرية فى أول مايو، مثل هذا اليوم، 1927، أى قبل فيلم عزيزة أمير «ليلى» بستة أشهر تقريبا. يتتبع «توفيق» قصة صناعة السينما فى مصر، مشيرا إلى أن أول عرض سينمائى تجارى فى العالم كان فى 28 ديسمبر 1895 فى الصالون الهندى بالمقهى الكبير «جران كافيه»، وبعد ذلك كان أول عرض سينمائى بمصر فى أوائل يناير 1896 بمقهى «زوانى» بالإسكندرية، وكان أول عرض بالقاهرة فى 28 يناير 1896 بسينما «سانتى» بالقرب من فندق شبرد القديم، وفى أوائل القرن العشرين ظهرت أفلام مصرية إخبارية قصيرة صورها أجانب مقيمون فى مصر، أما أول أفلام روائية فلم تظهر إلا فى سنة 1917، وأنتجتها الشركة السينمائية الإيطالية المصرية، وكانت شركة إيطالية قامت بتصوير فيلمين قصيرين هما «شرف البدوى» و«الأزهار المميتة»، وعرضا فى سينما «شانتكلير» بالإسكندرية ولم يحققا نجاحا يذكر لرداءة مستواهما الفنى. فى سنة 1918 أخرج مصور إيطالى اسمه «لاريتشى» فيلما فكاهيا قصيرا اسمه «مدام لوريتا»، ولعب بطولته فوزى الجزايرلى وابنته إحسان مع عدد من ممثلى فرقة الجزايرلى المسرحية، وعرض بسينما «الكلوب الحسينى» ولم تكن التجربة ناجحة، وتواصلت بعد ذلك محاولات أخرى، لكنها لم تكن أفلاما طويلة حتى كانت محاولة «الأخوين لاما» فى فيلمه «قبلة فى الصحراء»، ويذكر «توفيق» أن إبراهيم لاما كتب قصة الفيلم وأخرجه وصوره أيضا، بينما قام شقيقه بدر بتمثيل دور البطل، وتم تصوير المناظر الخارجية فى الشوارع والصحراء، أما المناظر الداخلية فتم تصويرها فى الفيلا التى استأجرها فى حى فيكتوريا بالإسكندرية، وكان «الأخوان لاما» يقومان بتحويل صالة فسيحة فى الفيلا اتخذا منها بلاتوها للتصوير من ديكور إلى آخر، ويستخدمان بضع لفائف من ورق الحائط يثبتانها على الجدران بدبابيس رفيعة غير ظاهرة، بحيث يمكن رفعها ووضع ورق آخر من لون وزخرفة مختلفين للمنظر التالى. ويذكر «توفيق»، أن قصة الفيلم توضح أن «الأخوين لاما» كانا متأثرين بنجاح فيلم «ابن الشيخ» الذى مثله «رودولف فالنتينو» فى هوليوود، وعن قصة فيلم «قبلة فى الصحراء»، يذكر «توفيق» أن مجلة «المصور» نشرتها فى بابها الأسبوعى «قصة سينمائية» فى سبتمبر 1927، وملخصها «شفيق شاب من الأعراب المقيمين فى الصحراء، رأته شابة أمريكية اسمها هيلدا أعجبت به وأحبها من أول نظرة، وكان شفيق مغرما بسباق الخيل وبالمراهنة عليه بينما كان عمه عبدالقادر ينصحه بألا يبدد ثروته لهذا السبب، وكان أفراد القبيلة يلاحظون هذه المشاحنات. وحدث أن عثر «شفيق» ذات يوم على عمه قتيلا، ورآه بعض أفراد القبيلة فظنوا أنه القاتل، وأبلغوا البوليس، ولم يجد شفيق بدا من الفرار، وأبلغ صديقه محمود أنه لن يستطيع إثبات براءته للبوليس، ولذلك سيهيم على وجهه فى الصحراء، وفى الصحراء أصبح شفيق عضوا فى عصابة من قطاع الطرق تهاجم القوافل، وهاجمت العصابة فى أحد الأيام قافلة رأى شفيق أنها تضم صديقته «هيلدا»، وعرفها ولكنها لم تعرفه لأنه كان مقنعا، وهنا أمر رفاقه بأن يتركوا القافلة تمر بسلام، ولكن هيلدا لمحت الخنجر المشدود إلى وسطه، فتذكرت صاحبه، وعرفت شخصيته وسارت القافلة، وبعد قليل فوجئ شفيق بهيلدا تعود إليه وتعترف له بحبها، فعانقها وقبلها ثم تذكر أنه طريد، ولا يستطيع أن يعود معها إلى المدينة ليعيشا كزوجين، فتركها وراح ينهب الأرض بجواده نهبا، واستأنفت هيلدا سيرها مع القافلة، ثم أتى صديقه محمود يحمل إليه نبأ براءته، فأسرع شفيق وراء قافلة هيلدا، وكانت لا تزال تسير على مسافة وراء القافلة، وهجم ثلاثة من اللصوص على هيلدا واختطفوها وولوا هاربين، فتبع شفيق اللصوص وقاتلهم قتالا عنيفا، وخلص حبيبته من براثنهم. يذكر «توفيق»، أن دور «الصديق محمود» فى الفيلم قام به ممثل من الشبان الأثرياء هواة السينما وهو إبراهيم عادل ذوالفقار بين سعيد ذوالفقار كبير الأمناء، وكانت هذه هى أول وآخر مرة يمثل فيها فى السينما، أما بدر لاما فكانت شخصية فالنتينو مسيطرة عليه، حتى أنه ظل لعدة سنوات يمثل أدورا مشابهة له فى الأفلام التى أنتجتها شركة «كوندور فيلم» التى أنشأها مع شقيقه إبراهيم فى الإسكندرية.

مصرس
٠٨-٠٢-٢٠٢٥
- ترفيه
- مصرس
عن الدراما واللغة العربية
سعدتُ منذ أيام بتلبية دعوة كريمة من د. أحمد عمّار، مدير مركز اللغة والثقافة العربية بجامعة القاهرة، للحديث فى ندوة بالمركز أدارها أخى وصديقى الناقد إيهاب الملاح، واختار د. عمّار للندوة موضوعًا شيقا هو «الدراما المصرية واللغة العربية»، فى مناسبة الاحتفال بيوم اللغة العربية. استجبت للدعوة بلا تردد، تقديرا لجهد د. عمار المشهود فى إقامة أنشطة ثقافية مميزة بالمركز، واهتمامًا بموضوع اللقاء، الذى فتح بالنسبة لى مجالًا واسعًا للبحث وللاكتشاف، خاصة فيما يتعلّق بعلاقة الفيلم السينمائى المصرى الروائى الطويل باللغة العربية.كان لقاء ثريا سعدت به، وربما يكون ملخّص ما ذكرته فى محاضرتى دليلًا جديدًا على علاقة السينما بجوانب الإبداع الدرامى التى سبقتها، فقد ذكرت مثلًا أنه لا يمكن الحديث عن السينما المصرية واللغة العربية، دون الحديث عن فنين راسخين سبقا الفيلم المصرى؛ هما: فن الغناء، وفن المسرح.تكلمت فى هذا الإطار عن أساطين الغناء المصرى عبده الحامولى ومحمد عثمان، وكلمات الأدوار الشهيرة الخالدة مثل: «عشنا وشفنا سنين» و«كادنى الهوى»، وعن بصمة شاعر كبير مثل إسماعيل صبرى، الذى كان لا يرى مشكلة فى كتابة عامية أقرب إلى الفصحى، ثم دور سلامة حجازى فى مجال المسرح الغنائى، واشتهاره بقصائد مغنّاة مثل: «إن كنتُ فى الجيش أدعى صاحب العلم»، ثم انتقال الراية إلى سيد درويش، الذى قدم أغنيات الطوائف العامية، جنبًا إلى جنب مع نشيد مثل «بلادى بلادى»، الذى كتبه الشيخ المعمم يونس القاضى، وكثير من أدوار سيد درويش مثل: «أنا هويت وانتهيت»، و«ضيّعت مستقبل حياتى»، تستلهم بناء الجملة الفصيحة، وإن نطقت بالعامية.المسرح والأغنية لم يكونا يعتبران أن المسافة هائلة بين الفصحى والعامية، ولم يتعامل الشعراء مع العامية على أنها لغة أجنبية، واللافت أن بيرم نفسه، وكان شوقى يخاف على الفصحى من أزجال بيرم، بدأ حياته شاعرا يكتب بالفصحى، واشتهرت له فى البداية قصيدة فصيحة معروفة هى «المجلس البلدى»، ولم يمضِ وقت طويل حتى كان شوقى أيضًا يكتب بالعامية لمحمد عبد الوهاب، ويقدم عامية مدهشة قريبة من الفصحى، تؤكد من جديد أن العامية هى ابنة الفصحى الشرعية، وهل ننسى مثلًا رائعته «فى الليل لما خلى»، والتى يقول فيها: «الفجر شقشق ولاح على سواد الخميلة»، فلا تعرف بالضبط حدود الفصحى والعامية فى هذا النظم البديع.جاءت السينما إلى مصر فى شكل محاولات روائية صامتة أولى، وظهر محمد كريم ممثلًا فى فيلم «شرف البدوى» الذى صوِّر فى مصر من إنتاج إيطالى، وظهرت مهنة اسمها «المفهماتى»، وهو مصرى يسرد الفيلم الأجنبى لجمهور لا يقرأ العناوين، ويضيف ما يشاء، فيطلق على البطل الكاوبوى مثلا لقب «شجيع السيما!».أهمية هذا الدور فى السينما الصامتة أنه كان من المحاولات الأولى لتمصير الفن نفسه، وإدراك أصحاب دور العرض أهمية أن تكون هناك أجواء مصرية محلية خالصة.عندما نطقت السينما، كانت الأغنية رافدًا جاهزا بمزيجها المرن بين الفصحى والعامية، وكان من اللافت أن تجتذب السينما كتّاب الأغانى مثل أحمد رامى وبديع خيرى وبيرم التونسى لكتابة حوار الأفلام، وهؤلاء كانوا متمكنين من الفصحى والعامية معا، ويمتلكون إيقاعًا موسيقيّا فى كتابة الحوار، لأنهم يمتلكون هذه الموسيقى أصلًا فى كتابة الأغانى.ارتبط إنتاج أول فيلم مصرى طويل بمناخ الاستقلال والتمصير، واكتشاف الهوية المصرية والعربية، وكان الفيلم المصرى بأغانيه وحكاياته وتعبيراته الفصيحة والعامية، سفيرًا للثقافة المصرية عمومًا، وفى دول المغرب العربى، كان عرض الفيلم المصرى مزعجا للاحتلال الفرنسى، بسبب تأثيره، وحضور اللغة العربية فيه، وليس أدل على هذا التأثير من الحكاية الشهيرة لتسمية نادى الوداد المغربى الشهير، ارتباطا واستلهاما من اسم فيلم «وداد» لأم كلثوم، والذى عرض فى تلك الفترة.ومع دخول يوسف وهبى بأعماله الميلودرامية، وخطبه الفصيحة التى اعتبرها لائقة بالمواقف الخطيرة، وجدت الفصحى طريقها للأفلام المصرية، جنبا إلى جنب مع عامية ظريفة تليق بالكوميديا، وعكست عناوين الأفلام هذه الفصحى كما فى أفلام شهيرة؛ مثل: «غرام وانتقام» و«العزيمة» و«ليت الشباب» و«كدت أهدم بيتى»، جنبا إلى جنب مع عناوين عامية مثل: «ما تقولش لحد»، و«عايزة أتجوز».فى الفيلم الواحد مثل «لست ملاكا» كنت تجد أغنية عامية مثل «عمرى ما هنسى يوم الاتنين» جنبا إلى جنب مع قصيدة شهيرة مثل «خطايا» لكامل الشناوى، أما مسألة السخرية من شخصية المعلّم الذى يتحدث الفصحى كما لعبها بعبقرية كل من عبدالفتاح القصرى، ثم محمد رضا، فلم تكن سخرية من اللغة العربية الفصحى، وإنما سخرية من الجهلاء المتعالمين، بينما لعب عبدالمنعم إبراهيم نموذجا كوميديا شهيرا هو الأزهرى الذى يتحدث الفصحى فى كل مكان وموقف، ولم يكن ذلك أيضا سخرية من الفصحى، ولكنه سخرية من نموذج موجود، يصنع مفارقة فى مخاطبة العوام بما لا يعرفون، وكان هذا النموذج حاضرا فى الواقع، وفيه الكثير من التصنّع والادعاء والتعالم أيضا، ولعبه عبدالمنعم إبراهيم بأستاذية، وبتنويعات مختلفة.كانت هناك محاولات لتقديم فيلم تاريخى بالعامية هو فيلم «واإسلاماه»، وكان فيلم «الناصر صلاح الدين» مزيجًا بين الفصحى والعامية فى مشاهد كثيرة، وظهر فيلم معاصر بلغة فصيحة أقرب إلى الشعر فى تجربة لم تتكرر فى فيلم «المومياء» لشادى عبدالسلام.هكذا ظلت العامية ابنة الفصحى ورفيقتها فى الدراما عمومًا، وحتى عندما ظهرت عامية الفئات الخاصة، والمصطلحات الجديدة، كما حدث فى أفلام محمد سعد مثلًا، فإننى لم أعتبر ذلك سوى مرآة لتغيرات المجتمع، وبما يشكل فرصة لدراسة أعمق لتغيرات اللغة وتحولاتها، ولتبدّل دلالات معانيها.اللغة محفوظة فى القواميس والمعاجم، ولكنها أيضًا كائن حى متلّون ومراوغ، وقد عكست الدراما هذين الوجهين، فى كل زمان ومكان.