logo
#

أحدث الأخبار مع #«صباحفارسي»،,«أحمدالشَّدوي»,يوسفالعارف»,«صباحفارسي»,«أونلاين»,ماريو

«محار» صباح فارسي
«محار» صباح فارسي

المدينة

time٢٢-١٠-٢٠٢٤

  • ترفيه
  • المدينة

«محار» صباح فارسي

عندمَا أهدتنِي الرِّوائيَّةُ المبدعةُ «صباح فارسي» روايتَهَا الجميلةَ سردًا ولُغةً وحبكةً «هَمْهَمة المحارِ»، توقَّفتُ كثيرًا عندَ كلِّ كلمةٍ، مِن أوَّلِ كلمةٍ حتَّى آخر كلمةٍ «تمَّت»، التِي ختمتْ بهَا أحداثُ الرِّوايةِ، العبارةُ التِي توقَّف عندهَا النَّاقدُ والشَّاعرُ الأكاديميُّ «د. يوسف العارف» فِي بدايةِ قراءتهِ العميقةِ للرِّوايةِ، لكنَّ الوقتَ عصفَ وأرعدَ؛ لينهيَ «عارف» قراءتَهُ الماتعةَ، وكنتُ أتمنَّى أنْ تقتصرَ الندوةُ علَى ناقدٍ واحدٍ فقطْ يكملُ قراءتَهُ الوافيةَ؛ لأنَّ أربعَ قراءاتٍ فِي صالونٍ ثقافيٍّ أكبرُ مِن الوقتِ، ومِن شغفِ الحضورِ للإنصاتِ والمداخلاتِ بحريَّةٍ دونَ رهابِ الوقتِ، السَّيفُ الذِي يُرفعُ ليبترَ قراءةَ النَّاقدِ والمداخلاتِ، لكنَّ «صباح فارسي» كانتْ محظوظةً بالقراءاتِ المتنوِّعةِ، التِي كمَّلَ بعضُهَا بعضًا، وغطَّتِ الرِّوايةُ مِن الغلافِ والإهداءِ والشَّذراتِ، أو كمَا يعرفهَا النَّقدُ بعتباتِ النَّصِّ، إلى اللغةِ الشعريَّةِ الآسرةِ التِي كانتْ هِي البطلُ الحقيقيُّ فِي روايةِ «هَمْهَمات المحارِ»، كذلكَ الإدارة المُحترِفة للنَّاقدِ الأستاذِ «أحمد الشَّدوي». الرواية مكتوبة بإتقان شديد، فالكاتبة توظف إحدى تقنيات تطوير الذات، وهي «الخرائط الذهنية»، في التخطيط وعمل الهيكل أو البناء المبدئي للرواية، وتستخدم القلم الرصاص خلال الكتابة، حتى تنتهي، ثم تعيد نقل المسودة على جهاز الكمبيوتر، وهي تكتب المسودة ثلاث مرات بالقلم الرصاص، هكذا تتمكن من هذا الإتقان البديع للرواية. يقولُ الأديبُ والنَّاقدُ «أحمد الشَّدوي» فِي مقالتِهِ المنشورةِ فِي جريدةِ الجمهوريَّة «أون لاين»: «ندركُ أنَّ الرِّوايةَ -أيَّ روايةٍ- تعتمدُ فِي الأساسِ علَى إيجادِ المفارقاتِ بينَ أحداثِهَا، وبينَ معرفتنَا العقليَّةِ (أيّ الممكنِ)، وقدْ وردَ ذلكَ تفصيلًا فِي معجمِ ماريو للفلسفةِ، غيرَ أنَّ الإمساكَ بهذَا الخيطِ فِي عالمٍ تكوَّن أساسًا للرِّوايةِ، كمَا هُو عالمُ الدانةِ لدَى «صباح فارسي»، فإنَّ الاشتغالَ سيظلُّ علَى حرفيَّةِ التقنيةِ؛ ليبقَى هذَا الخيطُ الخفيُّ متماسكًا حتَّى النهايةِ، وهذَا مَا أثارَ إِعجابِي بهذَا العملِ الرِّوائيِّ، حتَّى أنَّي أطلقتُ عليهَا رواية التقنياتِ السَّرديَّةِ المتماسكةِ، فِي قاعِ البحرِ وسطحِهِ». المكانُ الذِي جرتْ عليهِ أحداثُ الرِّوايةِ؛ جزيرةُ «الدَّانةِ»، أوْ كمَا تصفهَا «فارسي»: «القَوقَعةَ الكُبْرَى، جزيرةَ الحُبِّ والسِّحرِ، أرضَ الهباتِ واللَّعناتِ، تلقَّفت في صدرِهَا الصخريِّ ورمالِهَا البيضاءِ وشاطئهَا الحائرِ قلوبًا لقواقعَ جمَّةٍ لَا تُحصَى ولَا تُعدُّ، بعضهَا تظلُّ نائمةً فِي صخرةٍ حتَّى تقومَ قيامتهَا، وبعضهَا معقوفةُ الحوافِّ، حادَّةُ الطِّباعِ، مخالفةٌ لقوانِين العيشِ علَى أرضِ المحارِ، متمرِّدةٌ على قانونِ الضباعِ»، إذنْ الدَّانةُ جزيرةٌ افتراضيَّةٌ، لكنَّها عامرةٌ بالشخوصِ مِن مختلفِ صنوفِ البشرِ، ومِن كلِّ الفئاتِ، مِن أولئكَ الذِينَ يمتهنُونَ الغوصَ، «علَى ظهرِ السَّفينةِ، والبحرُ قبرهُم، ينشدُونَ أهازيجَ البحرِ..»، «الغوصُ رحلةُ الموتِ والحياةِ، جولةُ الانعتاقِ مِن الذَّات، لحظةُ الخروجِ مِن اليابسةِ والولوجِ إلى عالمِ الماءِ، والتمازجِ مع كينونةِ الكائناتِ، فِي أعماقِ الظلمةِ يصيرُ الغاصَّة جزءًا لا يتجزَّأُ من الكيانِ الأزرقِ، حينَ ذاكَ تصبحُ الدقائقُ قصيدةً موسيقيَّةً غامضةً، يستمعُونَ إليهَا برهافةِ حسِّهم، وبجُلِّ مشاعرِهِم...»، الغوصُ مهنةُ أهلِ الجزيرةِ منذُ القِدمِ، منحتهُ «صباح» مساحةً قليلةً مِن السَّردِ، لكنَّهَا مكثَّفةٌ وثريَّةٌ باللغةِ الشَّعريَّةِ. «الضباعُ»، أولئكَ الذِينَ يستغلُّونَ جهدَ الغاصِّينَ وأجسادَ الفتياتِ، يمسكُونَ بخناقِ «الدَّانةِ»، لَا يتورَّعُونَ عَن حرقِ بيوتِ الدَّانةِ التِي تشبهُ بيوتًا كثيرةً فِي مدنٍ وقُرى تساقطتْ حجارتهَا ومشربيَّاتها أمامَ سطوةِ الضباعِ. «هَمْهمةُ المحارِ»، هِي معاناةُ أهلِ الدَّانةِ معَ الفقرِ وضحايَا الغوصِ، واستفحالِ الضباعِ، هِي أيضًا معاناةُ «درَّة، لؤلؤة، وجمان»، أتصوَّرُ أنَّها روايةٌ تستعرضُ معاناةَ الأُنثَى، كمَا روايةِ «صباح» السَّابقةِ «عزف القنبوس»، التِي تصفُ معاناةَ بطلتهَا معَ التقاليدِ الباليةِ، لكنَّ هذهِ الرِّوايةَ يرتفعُ فيهَا صوتُ المعاناةِ مِن الجشعِ والحُبِّ الضَّائعِ. «الحبُّ أكذوبةُ رجلٍ وسذاجةُ امرأةٍ، كلاهمَا يتَّفقَانِ علَى قوانِين اللعبةِ، يصرُّ الرجلُ علَى المطاردةِ، وتلحُّ المرأةُ علَى الممانعةِ حتَّى ينفدَ صبرُ أحدهِمَا، فيصبحُ الخاسرُ منهمَا تحتَ قَدَرِ الماثلِ للشَّروطِ».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store