logo
#

أحدث الأخبار مع #«لورانسفريدمان»؛

هل الحروب قدر على الإنسانية التعايش معه؟
هل الحروب قدر على الإنسانية التعايش معه؟

بوابة الأهرام

time٠٢-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • بوابة الأهرام

هل الحروب قدر على الإنسانية التعايش معه؟

نعم ــ حاسمة ــ الحروب هى قدر الإنسان الذى عليه أن يتعايش معه. هكذا كانت خلاصة دراسة بعنوان: «زمن الحروب التى لا نهاية لها؛ أستاذ دراسات الحروب بكلية كنت بلندن البروفيسور «لورانس فريدمان»؛ والمنشورة فى عدد مايو/يونيو 2025 من دورية «فورين أفيرز الأمريكية. ينطلق «فريدمان» فى دراسته من أن كل الحروب والعمليات والحملات العسكرية كانت تبدأ بهدف تحقيق انتصارات حاسمة وسريعة، بدرجة أو أخرى، ولكن التاريخ يقول لنا بأنها كانت إما يطول مداها أو تفتح الباب إلى مزيد من الحروب اللاحقة. ولهذا أطلق على هذه الحروب: الحروب الممتدة والتى لا حد لها أو الحروب الأبدية Forever Wars؛ ويؤصل الكاتب لتاريخية هذه الحروب بالعودة إلى حروب القرن التاسع عشر التى انطلقت وفق تفكير عسكرى يعتمد التخطيط والتنفيذ لعمليات عسكرية هجومية تتسم بالمفاجأة ينتج عنها تحقيق انتصارات سريعة وحاسمة ونهائية. إلا أن الواقع دوما، بحسب حقائق التاريخ، أثبت، المرة تلو الأخرى، مدى صعوبة بلوغ انتصار مرض ومقنع فى وقت قصير. وليس أدل على أن القادة الأوروبيين العسكريين ــ والسياسيين ــ كانوا على يقين من أن الحرب التى بدأت فى صيف 1914 يمكن أن تحقق أهدافها بحلول «عيد الميلاد» من نفس السنة. ولكنها استمرت حتى نوفمبر من سنة 1918 وهى الحرب التى عُرفت بالحرب العالمية الأولى. وفى سنة 1940آمن النازيون بأنهم قادرون من خلال ما يعرف فى العسكرية الألمانية بالحرب الخاطفة blitzkrieg؛ على احتلال أوروبا. إلا أن الإنجازات العسكرية السريعة التى حققها الألمان خلال الأسابيع الأولى باستخدام الحرب الخاطفة، لم تمكنهم من انهاء الحرب سريعا. إذ امتدت الحرب إلى سنة 1945 حيث انتهت ليس فقط بهزيمة «الرايخ الثالث»(ألمانيا النازية) بل بانهياره كليا.ولم تقف الحرب عند هزيمة ألمانيا، بل امتدت الحرب إلى تدمير مدن يابانية بالقنبلة النووية. والأهم هو ترك خطوط تماس وحدود جغرافية مشتعلة أو قابلة للاشتعال فى أى وقت. دفعت محصلة الحربين العالميتين الولايات المتحدة الأمريكية القوة العظمى الجديدة وقائدة المعسكر الغربى الرأسمالى (ومعها أوروبا)، ومعها الاتحاد السوفيتى قائدة المعسكر الشرقى الاشتراكي، فى ظل الحرب الباردة، إلى نقل الحروب والعمليات العسكرية من مسرح الأغنياء والجبارين وذوى البأس الشديد، لتستقر أساسا لدى الجغرافيات العالم ــ ثالثية، حيث اعتاد الجباران الكبيران ــ حسب عالم السياسة الفرنسى برتران بادى التجابه والتعارض بالنيابة، وبتوكيل ممنوح إلى الصغار وإلى الفقراء. فى هذا الإطار تصور البعض أن الحروب قد صارت مستحيلة فى الشمال ذلك بنقلها إلى عالم الجنوب أو الفقراء. ظن الجميع أن الأمر سيستقر عند هذا الوضع. بيد أنه سرعان ما تجددت الحروب فى المركز أو قريبا منه كما رأينا فى حرب يوغوسلافيا ومن ثم تفكيكها وكان ذلك إيذانا بالعودة مجددا إلى زمن الاحتراب الأوروبى التاريخى من جانب، واشتعال المسألة البلقانية مرة أخرة من جانب آخر. واكب ما سبق انغماس الولايات المتحدة الأمريكية فى الحرب الأفغانية. لم يقف الأمر عند تلك الحروب المتعارف عليها بين الدول، بل فتح الباب على: الحروب الجديدة التى تحركها النزعات العصبية،ولكن ظلت فى إطار مؤسسات الدولة من جهة، والحروب بين الفواعل العسكرية والإرهابية المنتظمة خارج المؤسسية الشرعية والجيوش النظامية من جهة أثانية، والحروب الأهلية من جهة ثالثة. والأخطر فتح المجال أمام ما يمكن تسميتهم المرتزقة الجدد؛ سواء الذين يستحضرون للانخراط فى هيكليات ميلشية، أو الذين يتم توفيرهم عبر شركات الحرب أو ما بات يُعرف بشركات الخدمات الأمنية والعسكرية مثل شركتى «بلاك ووتر» الأمريكية و«فاجنر» الروسية. (لمزيد من التفاصيل حول عالم الحروب يمكن الرجوع للكتاب المرجعى الذى يتجدد طبعه حتى اليوم كتاب: الحروب الجديدة والقديمة .. العنف المنظم فى عصر عالمى New & Old Wars: Organized Violence in a Global Era؛ لمؤلفته البروفيسورة مارى كالدور مديرة وحدة أبحاث الصراع فى قسم التنمية الدولية بكلية لندن للاقتصاد). وبالعودة لدراسة «فريدمان» فإنه يؤكد أنه «لا نهاية ــ للحروب ــ فى المدى المرئي»No End In Sight. بات يعد من الأهمية بمكان «التمييز بين الانتصار وعدم الهزيمة». ومن ثم تصبح الحرب ممتدة ومستمرة حتى ولو قبل الطرفان المتحاربان وقف إطلاق النار. وفى هذا المقام، يستدعى الكاتب إلى الذاكرة وقف إطلاق النار الذى وضع حدا للحرب الكورية سنة 1953 دون انهاء الصراع بين الكوريتين ومن ورائهما، ومن ثم بقى الصراع مستعرا غير محسوم وممتدا على مدى أكثر من سبعين سنة حيث يحرص كل طرف على الاستعداد لنشوب الحرب فى أى وقت. وعلى هذا المنوال هناك الكثير من الصراعات «المعلقة» والممتدة فى شتى القارات مثل الصراع: الأرمينى الاذربيجاني، والصينى التايواني، والهندى الباكستاني،...،إلخ. وتوصف الصراعات المعلقة ــ القابلة لتجدد اشتعالها فى أى وقت ــ بأنها صراعات ذات حدود مفتوحة، تحمل غموضا حول إمكانية وضع حد لها. لذا يلفت الباحث نظرنا إلى أن «الإستراتيجية العسكرية الفعالة لخوض الحروب والتى كان هدفها السياسى واضحا ومحددا ومباشرا كانت تحقق نجاحات سريعة ــ بالفعل ــ مثل حرب الخليج عام 1991 لذلك لأن هدفها كان طرد العراق من الكويت فقط. فى المقابل طال أمد الحرب الروسية الأوكرانية لأن روسيا البوتينية القومية سعت إلى السيطرة السياسية على أوكرانيا بالتمام بدلا من التركيز على «دونباس» فقط. لذا فإنه كلما ارتفع سقف الطموحات الحربية اتسع نطاقها وطال أمدها. ومن ثم تتبدل السرديات التى «تشرعن الحرب». فمن كان يذهل إلى الحرب تحت ذريعة أنها حرب قصيرة لتأمين الحدود تتحول مع مرور الوقت إلى أنها حرب وجود. الخلاصة، أن الحروب، تاريخيا وراهنا، تفتح الباب دوما للمزيد من الحروب خاصة إذا ما ارتبطت بالسيطرة على الموارد والثروات والمواضع الجيوسياسية الاستراتيجية. ومن المتوقع أن تزيد احتمالات الحروب فى ظل التصارع الكونى بين الكتل الإمبريالية القديمة والجديدة التى تتنافس، بالفعل،حول مقدرات الشعوب، ما سيجعلها تتعايش مرغمة مع قدر الحروب.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store