#أحدث الأخبار مع #«ماكيتالقاهرة»بوابة الأهرام٠١-٠٥-٢٠٢٥ترفيهبوابة الأهرامأدباء وكتاب هاجموا الرواية دون أن يقرأوها.. «البوكر»مصرية والجدل بلا حدودمساء الخميس قبل الماضي، كان الموعد مع لحظة فارقة، اتجهت الأنظار خلالها صوب العاصمة الإماراتية أبوظبى حيث مقر إعلان نتيجة الجائزة العالمية للرواية العربية، المعروفة باسم «البوكر العربية». ومثل كل عام، عمَّ الحماس وساد القلق، وارتفعت وتيرة الترقب إلى أقصى حد، لمعرفة من يكون الفائز فى 2025، وفجأة.. «صلاة القلق».. تم إعلان فوز رواية الكاتب المصرى محمد سمير ندا بالجائزة، ليكون ثالث مصرى ينالها فى تاريخها. محمد سمير ندا يلقى كلمته فى الحفل ندا مع بعض الحضور فى الحفل فى كلمته القصيرة بعد إعلان النتيجة، استعاد الفائز ذكرى والده الكاتب الناصرى الراحل سمير ندا، ليختنق صوته بعدها بالدموع، ويُجرى بالتالى دموع المصريين المتابعين، المشتاقين منذ سنين إلى أن تعود الجائزة مصرية بعد فوز الكاتب الكبير الراحل بهاء طاهر بأول نسخة لها عام 2008، ثم الدكتور يوسف زيدان فى العام التالى 2009، ومن يومها غاب الأدب المصرى عن الجائزة العربية الكبرى.حتى اللحظة، بدا الأمر طبيعيًا، عاديًا، إنسانيًا؛ عمت الأفراح أوساط المصريين، وانهالت التهانى والمباركات على الكاتب، الذى أعادت روايته الجائزة لمصر بعد 16 عامًا من الغياب، وسط منافسة عربية محمومة، ومحمودة.. وهل هناك ما هو أجمل من تنافس الأشقاء فى مضمار الثقافة والأدب؟!لكن.. كأننا نستكثر الفرحة الصافية على أنفسنا؟!.. كأننا نستعذب الجدل!.. فمن قال إن كل البشر أنقياء طبيعيون؟!.. وليس هناك ما هو أسوأ من جدل فارغ يمسك بناصيته «مثقفون»!.استغل البعض جملة واحدة، وردت فى الصفحة الرسمية للجائزة، أشارت إلى أن الرواية الفائزة «تفتح باب التساؤل والجدل حول الرواية السائدة لهزيمة النكسة عام 1967، وما تلاها من أوهام النصر فى الوعى العربي»، وراح هؤلاء يزعمون أنها تشكك فى نصر أكتوبر 1973، وهو ما يقطع بأنهم لم يقرأوا الرواية من الأصل، إنما قرروا قطع الطريق بأقصى سرعة - دون رؤية أو معرفة- فى سبيل إظهار التعالم وإبداء الرأى دون فهم.تتحدث الرواية، فى إطار يخلط بين الفانتازيا والواقع، عن انفجار ضخم يصيب قرية مجهولة تحمل اسم «نجع المناسي» فى غضون عام 1977 فيصيب أهلها «المنسيين» - كما اسمها- بأعراض غريبة، تجعلهم كأنهم «مسوخ»، لنعرف من خلال الأحداث المروية بأصوات أبنائها أنهم شبه معزولين عن العالم، لا تربطهم به سوى صحيفة من صفحة واحدة اسمها «صوت الحرب» يوزعها «خليل الخوجة الممثل الرسمى لنجع المناسي»، باعتبار أن الوطن فى حالة حرب منذ عشر سنوات، بعد «نصر 67»!.. فمن أين جاء إذًا نقاد الرواية دون قراءة بفكرة أنها تشكك فى نصر 73؟!وتأتى الرؤية الأغرب لنفرٍ آخرين مضوا قائلين إن الرواية تهاجم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وهو رمز مصري، مجرد المساس به أمر مرفوض! وهذا قولٌ لا ينبغى مناقشته من الأساس، ففيه من عدم الجدية ما فيه، كما أنه عمل نقاد الأدب الواجب أن يكون بعد قراءة متعمقة، دون حجر على رأى أو تخوين، وإلا فإننا لو نظرنا إليه كرأى معتبر ما كُتِب تاريخٌ أو أدب، ولمُنعتْ رواياتٌ عديدة لكبار الأدباء المصريين عبر التاريخ!ويبقى أغرب ما قيل متمثلًا فى عدم جواز اعتبار الرواية مصرية من الأساس، لأنها منشورة فى دار نشر تونسية هى دار «ميسكلياني»، وهنا فإننا نعود إلى الوراء قليلًا، لثلاث سنوات فقط، لنتذكر رواية «ماكيت القاهرة» للكاتب طارق إمام التى وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة عام 2022، وكيف أشعل المصريون وقتها وسائل التواصل الاجتماعى شغفًا بفوز الرواية، والمفارقة أن ناشرها هو دار «منشورات المتوسط»، وهى دار نشر عربية مقرها إيطاليا!.. فما الأمر إذًا؟! .. ويحمل الرواية الفائزة «صلاة القلق» فزنا أو لم نفز.. الجدل مستمر.. والرأى سابقٌ دائمًا على المعرفة والفهم.. يستوى فى هذا من يُحسبون على «المثقفين» مع الجموع غير القارئين, فضلًا عن آراء مغرقة فى الابتذال شككت فى مصرية الكاتب عبر التعرض لملامحه.. ولن ننحدر إلى مناقشة مثل هذا كى لا نغوص فى الأوحال!وكأن هؤلاء جميعًا قرروا المزايدة على الدولة المصرية نفسها، التى بادر وزير الثقافة فيها الدكتور أحمد فؤاد هنو بالاتصال بالكاتب مهنئًا إياه بـ«الإنجاز الكبير الذى يُعد فخرًا للأدب المصرى والعربي»، فضلًا عن مناطحة قامة كبيرة فى قيمة الكاتب إبراهيم عبدالمجيد الذى أعاد نشر مقال سابق له اعتبر فيه أن «صلاة القلق» رواية رائعة تستحق اهتمامًا كبيرًا من النقاد لأنها «فارقة فى الكتابة يضع بها محمد سمير ندا نفسه فى أجمل مكان بين الروائيين»، وفقًا للكاتب الكبير.أصل الحكاية - فى نظرنا- أن الكاتب، الذى يعمل فى مجال السياحة، ويتعامل مع الكتابة كهواية، لكن بجدية، قادمٌ إلى منصة الفوز من خارج دوائر ما يُعرف بـ«المثقفين»، فهو ليس ابن «الوسط الثقافي» وليس عضوًا فى إحدى «شلل وسط البلد»، إنما هو مخلصٌ للكتابة فحسب، لذا فإنه يعوزه الأنصار من كتائب المنافحين! صلاة القلق محمد سمير ندا كاتبٌ جادٌ مبدعٌ مستقل، وليس واحدًا من أنصاف الموهوبين «المنتفخين»، قد يهديكَ روايته قبل الفوز - وهو أحد أعضاء القائمة القصيرة للجائزة من اللامعين- طالبًا بإصرار معرفة رأيك الحقيقى وملاحظاتك الصادقة عليها، دون أن يشترط - ولو بالتلميح- أن تكتب له عنها، كما يفعل الآخرون!.ما لكم كيف تحكمون؟!.. ولماذا يبدو «القلق» والجدل كـ«صلاة» مقدسة لدينا سواء فزنا أو لم نفز؟!.. أيًّا ما كان الأمر بدا المشهد كما لو كان محمد سمير ندا أحد أبطال روايته التى قال على لسانه: «أنا مُدوِّن الكَلِم غير المنطوق، القادمُ من بلاد الصوت المسروق، الهاربُ من أرضِ الحلم الواحد الذى يوزَّع على النيام قسرًا. أنا المحكومُ بالخرس أحكي؛ فهل نجوتم من أقدار الصمم حتى تسمعوا؟!».
بوابة الأهرام٠١-٠٥-٢٠٢٥ترفيهبوابة الأهرامأدباء وكتاب هاجموا الرواية دون أن يقرأوها.. «البوكر»مصرية والجدل بلا حدودمساء الخميس قبل الماضي، كان الموعد مع لحظة فارقة، اتجهت الأنظار خلالها صوب العاصمة الإماراتية أبوظبى حيث مقر إعلان نتيجة الجائزة العالمية للرواية العربية، المعروفة باسم «البوكر العربية». ومثل كل عام، عمَّ الحماس وساد القلق، وارتفعت وتيرة الترقب إلى أقصى حد، لمعرفة من يكون الفائز فى 2025، وفجأة.. «صلاة القلق».. تم إعلان فوز رواية الكاتب المصرى محمد سمير ندا بالجائزة، ليكون ثالث مصرى ينالها فى تاريخها. محمد سمير ندا يلقى كلمته فى الحفل ندا مع بعض الحضور فى الحفل فى كلمته القصيرة بعد إعلان النتيجة، استعاد الفائز ذكرى والده الكاتب الناصرى الراحل سمير ندا، ليختنق صوته بعدها بالدموع، ويُجرى بالتالى دموع المصريين المتابعين، المشتاقين منذ سنين إلى أن تعود الجائزة مصرية بعد فوز الكاتب الكبير الراحل بهاء طاهر بأول نسخة لها عام 2008، ثم الدكتور يوسف زيدان فى العام التالى 2009، ومن يومها غاب الأدب المصرى عن الجائزة العربية الكبرى.حتى اللحظة، بدا الأمر طبيعيًا، عاديًا، إنسانيًا؛ عمت الأفراح أوساط المصريين، وانهالت التهانى والمباركات على الكاتب، الذى أعادت روايته الجائزة لمصر بعد 16 عامًا من الغياب، وسط منافسة عربية محمومة، ومحمودة.. وهل هناك ما هو أجمل من تنافس الأشقاء فى مضمار الثقافة والأدب؟!لكن.. كأننا نستكثر الفرحة الصافية على أنفسنا؟!.. كأننا نستعذب الجدل!.. فمن قال إن كل البشر أنقياء طبيعيون؟!.. وليس هناك ما هو أسوأ من جدل فارغ يمسك بناصيته «مثقفون»!.استغل البعض جملة واحدة، وردت فى الصفحة الرسمية للجائزة، أشارت إلى أن الرواية الفائزة «تفتح باب التساؤل والجدل حول الرواية السائدة لهزيمة النكسة عام 1967، وما تلاها من أوهام النصر فى الوعى العربي»، وراح هؤلاء يزعمون أنها تشكك فى نصر أكتوبر 1973، وهو ما يقطع بأنهم لم يقرأوا الرواية من الأصل، إنما قرروا قطع الطريق بأقصى سرعة - دون رؤية أو معرفة- فى سبيل إظهار التعالم وإبداء الرأى دون فهم.تتحدث الرواية، فى إطار يخلط بين الفانتازيا والواقع، عن انفجار ضخم يصيب قرية مجهولة تحمل اسم «نجع المناسي» فى غضون عام 1977 فيصيب أهلها «المنسيين» - كما اسمها- بأعراض غريبة، تجعلهم كأنهم «مسوخ»، لنعرف من خلال الأحداث المروية بأصوات أبنائها أنهم شبه معزولين عن العالم، لا تربطهم به سوى صحيفة من صفحة واحدة اسمها «صوت الحرب» يوزعها «خليل الخوجة الممثل الرسمى لنجع المناسي»، باعتبار أن الوطن فى حالة حرب منذ عشر سنوات، بعد «نصر 67»!.. فمن أين جاء إذًا نقاد الرواية دون قراءة بفكرة أنها تشكك فى نصر 73؟!وتأتى الرؤية الأغرب لنفرٍ آخرين مضوا قائلين إن الرواية تهاجم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وهو رمز مصري، مجرد المساس به أمر مرفوض! وهذا قولٌ لا ينبغى مناقشته من الأساس، ففيه من عدم الجدية ما فيه، كما أنه عمل نقاد الأدب الواجب أن يكون بعد قراءة متعمقة، دون حجر على رأى أو تخوين، وإلا فإننا لو نظرنا إليه كرأى معتبر ما كُتِب تاريخٌ أو أدب، ولمُنعتْ رواياتٌ عديدة لكبار الأدباء المصريين عبر التاريخ!ويبقى أغرب ما قيل متمثلًا فى عدم جواز اعتبار الرواية مصرية من الأساس، لأنها منشورة فى دار نشر تونسية هى دار «ميسكلياني»، وهنا فإننا نعود إلى الوراء قليلًا، لثلاث سنوات فقط، لنتذكر رواية «ماكيت القاهرة» للكاتب طارق إمام التى وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة عام 2022، وكيف أشعل المصريون وقتها وسائل التواصل الاجتماعى شغفًا بفوز الرواية، والمفارقة أن ناشرها هو دار «منشورات المتوسط»، وهى دار نشر عربية مقرها إيطاليا!.. فما الأمر إذًا؟! .. ويحمل الرواية الفائزة «صلاة القلق» فزنا أو لم نفز.. الجدل مستمر.. والرأى سابقٌ دائمًا على المعرفة والفهم.. يستوى فى هذا من يُحسبون على «المثقفين» مع الجموع غير القارئين, فضلًا عن آراء مغرقة فى الابتذال شككت فى مصرية الكاتب عبر التعرض لملامحه.. ولن ننحدر إلى مناقشة مثل هذا كى لا نغوص فى الأوحال!وكأن هؤلاء جميعًا قرروا المزايدة على الدولة المصرية نفسها، التى بادر وزير الثقافة فيها الدكتور أحمد فؤاد هنو بالاتصال بالكاتب مهنئًا إياه بـ«الإنجاز الكبير الذى يُعد فخرًا للأدب المصرى والعربي»، فضلًا عن مناطحة قامة كبيرة فى قيمة الكاتب إبراهيم عبدالمجيد الذى أعاد نشر مقال سابق له اعتبر فيه أن «صلاة القلق» رواية رائعة تستحق اهتمامًا كبيرًا من النقاد لأنها «فارقة فى الكتابة يضع بها محمد سمير ندا نفسه فى أجمل مكان بين الروائيين»، وفقًا للكاتب الكبير.أصل الحكاية - فى نظرنا- أن الكاتب، الذى يعمل فى مجال السياحة، ويتعامل مع الكتابة كهواية، لكن بجدية، قادمٌ إلى منصة الفوز من خارج دوائر ما يُعرف بـ«المثقفين»، فهو ليس ابن «الوسط الثقافي» وليس عضوًا فى إحدى «شلل وسط البلد»، إنما هو مخلصٌ للكتابة فحسب، لذا فإنه يعوزه الأنصار من كتائب المنافحين! صلاة القلق محمد سمير ندا كاتبٌ جادٌ مبدعٌ مستقل، وليس واحدًا من أنصاف الموهوبين «المنتفخين»، قد يهديكَ روايته قبل الفوز - وهو أحد أعضاء القائمة القصيرة للجائزة من اللامعين- طالبًا بإصرار معرفة رأيك الحقيقى وملاحظاتك الصادقة عليها، دون أن يشترط - ولو بالتلميح- أن تكتب له عنها، كما يفعل الآخرون!.ما لكم كيف تحكمون؟!.. ولماذا يبدو «القلق» والجدل كـ«صلاة» مقدسة لدينا سواء فزنا أو لم نفز؟!.. أيًّا ما كان الأمر بدا المشهد كما لو كان محمد سمير ندا أحد أبطال روايته التى قال على لسانه: «أنا مُدوِّن الكَلِم غير المنطوق، القادمُ من بلاد الصوت المسروق، الهاربُ من أرضِ الحلم الواحد الذى يوزَّع على النيام قسرًا. أنا المحكومُ بالخرس أحكي؛ فهل نجوتم من أقدار الصمم حتى تسمعوا؟!».