logo
#

أحدث الأخبار مع #«مرطباتالكلام

مرطبات الكلام «الترطيب الاقتصادى» «4»
مرطبات الكلام «الترطيب الاقتصادى» «4»

بوابة الأهرام

timeمنذ 15 ساعات

  • أعمال
  • بوابة الأهرام

مرطبات الكلام «الترطيب الاقتصادى» «4»

مازالت «مرطبات الكلام « تمثل ضرورة للعديد من الدول والمجتمعات ولها وظائفها المتعددة التى تتمثل فى التهدئة والتطمين ، أو كما ذكرنا من قبل ( الترطيب أو التلطيف الإيجابى )...وفى مقالنا اليوم فى سلسلة مقالات «مرطبات الكلام « ، نستنطق هذا الترطيب فى السياق الاقتصادى .. ففى أوقات الأزمات الاقتصادية، لا تلجأ الحكومات فقط إلى الأدوات المالية والنقدية، بل تستخدم أداة خفية لكنها فعّالة أحياناً هى «مرطبات الكلام». وهى التصريحات اللفظية التى تهدف إلى تهدئة الأسواق وطمأنة المواطنين..وفى هذا المقال، نستعرض كيف استخدمت دول متقدمة هذه الأداة خلال أزماتها.. «فمرطبات الكلام» ليست اختراعا خاصا بدولة أو ثقافة ما ، بل استخدمتها كبرى الاقتصادات العالمية. من التصريحات فى أزمة 2008 إلى كبير المسئولين فى 2012 بأن البنك المركزى الأوروبى «سيفعل كل ما يلزم».... ويتضح من ذلك أن الخطاب يمكن أن يكون أداة تهدئة فعّالة. إلا أن مدى فعاليتها يرتبط بعوامل مثل ثقة الجمهور وقوة المؤسسات.. ففى عام 2008 استخدمت الولايات المتحدة خلال الأزمة المالية، «مرطبات الكلام» ...فقد أكد البنك الفيدرالى حينه أن النظام المصرفى «سليم»، رغم إفلاس بنوك كبري. وهدأت هذه التصريحات الأسواق مؤقتاً، لكنها لم تمنع التدخلات الفعلية لاحقاً. وكان السر فى نجاح الخطاب هو الثقة فى مؤسسات قوية وقدرتها على التدخل عند الحاجة. أما اليابان فى عقد التسعينيات ، فقد واجهت ركودا طويل الأمد، وزادت التصريحات المتكررة بأن «الوضع تحت السيطرة»، مما أدى طمأنة المواطنين، وزادت ثقة المستثمرين، مما قلّل من آثار الأزمة .. أما فى أزمة الديون 2012 فى أوروبا...فعندما قال رئيس البنك المركزى الأوروبى «سنفعل كل ما يلزم»، لم يتخذ قرارا فوريا، لكن الأسواق هدأت بسبب قوة الخطاب ومصداقية الجهة الناطقة. والرسالة كانت واضحة ومبنية على التزام مؤسسى فعلي. أما فى المملكة المتحدة فى أثناء استفتاء بريكست 2016 ، وفى وجه صدمة البريكست، أكدت الحكومة وبنك إنجلترا أن «الأسس الاقتصادية قوية»، مما أسهم فى الحد من الذعر. هنا أيضاً، ساعدت قوة العملة وثقة الأسواق فى تجاوز التأثير الفوري... كل تلك التجارب تؤكد عمليا أن «مرطبات الكلام» المصاحبة للتدخلات الإيجابية والاستراتيحيات الواضحة تؤتى مفعولها وثمارها وتسهم فى تحسين وتلطيف الأجواء لأى بلد يواجه تحديات اقتصادية .... فى النهاية، فإن «مرطبات الكلام» أداة مفيدة فى إدارة الأزمات، لكنها لا تغنى عن الفعل. ويمكن لمصر أن تستفيد من التجارب الدولية فى تحسين صياغة الخطاب الاقتصادي، شرط أن يُقرن بالكفاءة والشفافية والإجراءات المدروسة...»فمرطّبات الكلام» فى السياق الاقتصادى ليست مجرد تعبيرات لغوية، بل أدوات سياسية واجتماعية لها أثر عميق على وعى المواطن وسلوكه..و فى الحالة المصرية، اتخذت هذه المرطّبات طابعًا مركبًا، بين خطاب رسمى شفاف يسعى لاحتواء الأزمات، وخطاب شعبى يتأرجح بين التهكم والتكيف. ولعل التحدى الحقيقى يكمن فى خلق بيئة تُمكّن الناس من فهم واقعهم، دون تهويل ولا تهوين، ليتحول الوعى من التلقى إلى المشاركة الايجابية..أن المعنى الإيجابى لمفهوم «مرطّبات الكلام» فى الواقع المصري، يعتبر أداة تكيّف نفسى واجتماعي، وتُظهر كيف تسهم فى الصمود، وتخفيف التوتر، وتعزيز الأمل فى مواجهة التحديات الاقتصادية. «فمرطّبات الكلام» فى مصر وبامتياز هى بلسم لغوى فى مواجهة التحديات الاقتصادية (وغيرها)، «وهو ما سنعرضه ونناقشه ونستنطقه فى مقالات لاحقة» ..فحين تعصف الأزمات الاقتصادية بمجتمع ما، لا تكون الأرقام والسياسات وحدها هى ما يُعيد التوازن، بل كثيرًا ما تلعب اللغة دورًا خفيًا فى بناء قدرة الناس على التحمل. وفى السياق المصري، حيث تتشابك الضغوط الاقتصادية مع حساسيات نفسية واجتماعية، يبرز ما وضحناه سابقا بما سميناه «مرطّبات الكلام» كوسيلة خطابية تحمل بعدًا إيجابيًا مهمًا ، وهو التسكين الرمزي، وبث الأمل، وتقديم الواقع بشكلٍ يحتمل التعايش معه... وأخيرا فإن مصطلح «مرطّبات الكلام» يُحيل إلى التعبيرات اللغوية التى تُستخدم لتخفيف وقع الواقع، وتهذيب صوره القاسية. قد يُنظر إليها أحيانًا بوصفها تهوينًا أو تجميلًا للواقع، لكن فى السياق المصري، هى غالبًا جزء من أسلوب حياة جماعى قائم على «التجمُّل» لا «التجميل»؛ أى استخدام اللغة لتحفيز الصبر، وبث روح التماسك، وتسهيل تقبُّل الواقع إلى حين تحسّنه. وبعيدًا عن كونها مجرد «كلمات»، تلعب هذه «المرطبات» دورًا نفسيًا واجتماعيًا عميقًا فى مصر، خاصة فى الظروف الاقتصادية الصعبة، ومنها: تحويل الألم إلى أمل ... وتمتين الروابط الاجتماعية ، فاللغة التلطيفية ليست فردية، بل تُستخدم جماعيًا، مما يعزز من الإحساس بالانتماء..وكذلك منع الانهيار المعنوي.. ففى مجتمع يضم أكثر من 100 مليون نسمة، معظمهم من الطبقات المتوسطة والفقيرة، تلعب اللغة دورًا فى تفادى الاحتقان والانفجار.. بعض المنتقدين قد يرون أن «مرطبات الكلام» تستخدم لتخدير الناس او تزييف الوعى ، لكننا نعنى عكس ذلك (كما أسلفنا واستفضنا فى الشرح والتحليل والاستنطاق).. وأخيرا فالخطاب المُرطّب لا يُلغى الوعي، بل يؤجّل الانفعال، ويمنحه بُعدًا إنسانيًا قابلًا للتعايش..»وللحديث بقية»..

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store