logo
#

أحدث الأخبار مع #«مقلاعداوود»

غزة والشرق الأوسط: كيفية الخروج من مصيدة «اللاحسم»
غزة والشرق الأوسط: كيفية الخروج من مصيدة «اللاحسم»

الصحراء

time٠٧-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الصحراء

غزة والشرق الأوسط: كيفية الخروج من مصيدة «اللاحسم»

تبدو الحرب الإسرائيلية المتعددة الجبهات في الشرق الأوسط، وقد سقطت في مصيدة سياسية وعسكرية يمكن أن نطلق عليها «مصيدة اللاحسم». هذا الوضع يعني أن إسرائيل ستظل تدور حول نفسها في دائرة ضيقة، تعيد إنتاج مُخرَجات الفترة السابقة لاتفاق وقف إطلاق النار، الذي انهار رسميا في 18 مارس الماضي. لن يكون هناك جديد من الناحية النوعية أو الاستراتيجية، وإنما ستشهد المنطقة كما يقال more of the same أي تكرار العمليات العسكرية المتفرقة، غير المؤثرة، مهما كانت وحشيتها، على المشهد الكلي. إسرائيل أعلنت الاستعداد لاحتلال قطاع غزة بأكمله، وهو قرار يمكن وصفه بأنه مجرد «تقنين» لوضع قائم فعلا، ومواصلة سياسة القتل والتدمير والتهجير. حماس أعلنت رفض الحلول الجزئية، والاستمرار في القتال وعدم التخلي عن السلاح، ومع ذلك فإنها تستطيع تغيير الموقف العسكري جوهريا إذا تمكنت من أسر جندي واحد أو عدد من الجنود الإسرائيليين. طهران مشغولة بتطوير قوتها الصاروخية ومفاوضات تأمين استمرار برنامجها النووي. مصر معنية بتأمين حدودها وإدخال المساعدات إلى غزة. قطر مستمرة في السعي لتأمين صفقة لوقف القتال وتبادل الأسرى. المملكة الأردنية تحاول تأمين حدودها الغربية وضمان أمنها الداخلي. سوريا، التي لم يشفع لها أنها لم تعد جزءا مما يسمى «المحور الإيراني»، أصبحت فريسة سهلة لإسرائيل تنهش فيها كما تشاء، من الجنوب الدرزي، إلى الشمال السني، حتى داخل قصر الحكم في دمشق. العاصمة اللبنانية مستباحة، والجنوب يخضع لاحتلال عسكري إسرائيلي فعلي. تركيا تستخدم أوراقها للضغط على إسرائيل بحساب، وآخر ما فعلته كان رفض الإذن لطائرة نتنياهو للمرور عبر مجالها الجوي إلى أذربيجان، وانضمامها إلى دعوى جنوب افريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية. الولايات المتحدة تسعى لتأمين صفقة شبه مستحيلة مع إيران لتجريدها من القدرة على إنتاج سلاح نووي، وإبرام صفقات مالية وتسليحية ضخمة في الخليج. وهي لا ترغب في أن يتصرف أي طرف بطريقة يمكن أن تفسد هذه الصفقات المرجوة. «أنصار الله» وتغيير قواعد اللعبة القوة الوحيدة الإقليمية التي جرؤت على استخدام ما يمكن اعتباره سلاحا لـ»تغيير قواعد اللعبة» هي حكومة «أنصار الله» في اليمن، التي تعمل على نقل الحرب إلى داخل إسرائيل عن طريق استخدام الصواريخ المُطوَّرة، كما حدث في عملية استهداف مطار بن غوريون يوم الأحد الماضي، التي ردت عليها إسرائيل بضرب ميناء الحديدة ومناطق أخرى منها العاصمة صنعاء. الصاروخ استطاع الانطلاق بنجاح، رغم وجود القوات الأمريكية قبالة الساحل اليمني، التي لم تتمكن من رصده. ومن المعروف أن عملية الإطلاق ترافقها هزة أرضية مميزة، وارتفاع كبير في درجة حرارة الأرض حول موقع الإطلاق، يمكن رصدهما بأجهزة الاستشعار عن بعد. وقد واصل الصاروخ رحلته بنجاح، من دون أن ترصده شبكة الدفاع الجوي الصاروخي المتعددة الأطراف التي تخضع للقيادة العسكرية الوسطى الأمريكية. ثم اخترق المجال الجوي الإسرائيلي من دون اعتراض منظومة «آرو» للدفاع الصاروخي البعيد المدى، واستمر في مساره إلى الهدف مخترقا بطاريات «ثاد» و»باتريوت» الأمريكية، وبطاريات «مقلاع داوود» و»القبة الحديدية» الإسرائيلية، حتى ضرب الهدف، مخلفا حفرة بعمق 25 مترا وسلسلة انفجارات على بعد أمتار فقط من برج المراقبة. واقعة الصاروخ اليمني صباح الأحد الماضي، إذا تحولت إلى نمط للهجمات، وليس مجرد واقعة منفردة، قد تكون لها نتيجة استراتيجية مذهلة، تتمثل في تحييد قوة سلاح الجو الإسرائيلي أو إضعافها. وهي قوة تعتمد عليها إسرائيل في تحقيق التفوق العسكري النوعي الساحق على الدول المجاورة. ومع أن إسرائيل ردت على الهجوم الصاروخي بأكبر هجوم جوي على الإطلاق تقوم به ضد اليمن حتى الآن (شاركت فيه حوالي 30 طائرة تشمل قاذفات ومقاتلات وطائرات استطلاع، وأخرى لإعادة التموين)، فإن الأهداف التي تعرضت للضرب، وأهمها ميناء الحديدة، تعرضت لضربات شديدة من قبل بواسطة الطيران الإسرائيلي والأمريكي، دمرت خزانات الوقود وأرصفة الميناء. ومن الصعب حاليا تقييم أثر تلك الضربة حتى نرى كيف سيرد أنصار الله في الأيام المقبلة. ورغم أن الضربات الجوية الأمريكية لم تتوقف يوما منذ منتصف مارس الماضي فإن عدد الصواريخ اليمنية التي ضربت إسرائيل بلغ 27 صاروخا منذ استئناف العمليات العسكرية في غزة في 18 من الشهر نفسه. وتجري حاليا محاولة أمريكية – إسرائيلية – إماراتية لحشد قوة برية يمنية تقوم بالاشتباك مع قوات «أنصار الله» مباشرة على الأرض. كما تحاول الولايات المتحدة جر أطراف عربية إلى التورط في حرب اليمن، بحجة ضرورة المشاركة في الدفاع عن مصالحها في أمن الملاحة في البحر الأحمر. كسر مبادئ بن غوريون وضع بن غوريون بعد حرب 1948 عددا من المبادئ الرئيسية، التي يجب أن تلتزم بها إسرائيل في حروبها المستقبلية مع جيرانها. كان على رأس هذه المبادئ أولا أن تخوض حروبها على أرض الخصم وليس على أرضها. والمبدأ الثاني هو أن تكون الحرب سريعة وخاطفة ومكثفة تنتهي بالقضاء على الخصم. وإذا عدنا إلى تاريخ الحروب الإسرائيلية فإن الحرب الحالية، سواء أطلقنا عليها «حرب غزة» أو «حرب السبع جبهات» هي أطول الحروب. ومن ثم فإنها تكسر قاعدة بن غوريون الثانية بأن تكون الحرب مكثفة وخاطفة. وكلما طالت الحرب، وهو ما يتطلب صمودا صلبا للمقاومة، فإن إسرائيل ستنزف حتى تخور، داخليا وخارجيا. وقد لعبت حماس الدور الرئيسي في إطالة أمد الحرب، وتحمل الشعب الفلسطيني ولا يزال، تضحيات لم يتحملها شعب آخر في تاريخ البشرية، وإذا كانت حكومة الحرب الإسرائيلية قد قررت «السيطرة الكاملة على غزة» فإن ذلك لا يغير من الأمر شيئا. على العكس، فإن القرار يدفع إلى السطح المزيد من الخلافات بين قيادة الجيش والقيادة السياسية، لأن الهدفين المحددين للاحتلال، وهما القضاء على حماس واستعادة المحتجزين الإسرائيليين، يتناقض كل منهما مع الآخر، حسب رئيس الأركان الجديد إيال زامير، الذي قال للوزراء، إن إسرائيل يجب أن تكون مستعدة لاحتمال عدم استعادة المحتجزين أبدا، إذا كانت تريد القضاء على حماس نهائيا. أما المبدأ الأول من مبادئ بن غوريون للحرب، فإنه يتعلق بألا تسمح إسرائيل أن تكون الحرب مع أعدائها على ما تطلق عليه أنها «أرضها»، وأن تجري الحروب دائما على أرض الأعداء. وقد حاولت المقاومة الفلسطينية عدة مرات نقل الحرب هذه المرة إلى داخل الأراضي المحتلة قبل عام 1967، لكن هذه المحاولات كانت قصيرة ومتقطعة، واستهدفت مراكز مهمة مثل تل أبيب وحيفا وأسدود وبئر السبع، ثم انتهت بحرب إسرائيل في لبنان، التي أسفرت عن اغتيال معظم قيادات الصف الأول في «حزب الله» اللبناني، واحتلال جنوب لبنان مرة أخرى. ورغم اتفاق الانسحاب، فإن القوات الإسرائيلية تسيطر على التلال الخمسة الرئيسية التي تشرف على محاور الطرق والتجمعات السكنية في الجنوب، ما يضمن لها أن تستمر في الحرب هناك على أرض لبنان وليس في حيفا والجليل. وطبقا لمخرجات الفكر الاستراتيجي في مركز البحوث الرئيسي المرتبط بصنع السياسة للحكومة الحالية، وهو «معهد مسغاف للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية»، فإن كل المناطق المحيطة بإسرائيل الكبرى، بما فيها الضفة الغربية (تشمل القدس المحتلة) وقطاع غزة، يجب أن تفصلها عن إسرائيل مناطق عازلة، يُعتبر أي نشاط عسكري فيها «عملا عدائيا» يجب أن لا تسمح به، ويجب أن تتدخل لمنعه فورا. وسوف نجد أن هذه القاعدة الفرعية لاستراتيجية الحرب الصهيونية ستترك أثرا كبيرا على العلاقات مع مصر في الأشهر المقبلة. ما تفعله صواريخ «أنصار الله» يمثل تحديا لقانون بن غوريون الأول في الحرب، ألا تكون في داخلها وإنما على أرض العدو. وإذا نجحت صواريخ اليمن في تثبيت قدرتها على اختراق منظومة الدفاع الجوي والصاروخي الإسرائيلي، فإن هذا النجاح سيكسر واحدا من أهم قوانين الحرب الإسرائيلية، بعد أن نجحت حماس في كسر قانون الحرب الخاطفة. كذلك فإن هذا النجاح سيزيل أساس قدرة إسرائيل على الردع، ويضع سقفا لقدرتها على استخدام استراتيجية التصعيد المطلق escalation dominance الأمر الذي يسقط قدرتها على حرية التصعيد العسكري من دون سقف أو قيد. النتيجة النهائية لكسر قوانين بن غوريون في الحرب، وكسر استراتيجية التصعيد بلا سقف، هي إطلاق الوضع في الشرق الأوسط من «مصيدة اللاحسم» وفتح الباب لظهور استراتيجية سياسية عملية ومقبولة لإنهاء الصراع، بهذا المعنى فإن أي حلول تقتصر على معالجة الوضع في غزة فقط، لن توقف الحرب، ولن تؤدي إلى الحسم. كاتب مصري نقلا عن القدس العربي

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store