#أحدث الأخبار مع #«هيفوضى»الرأيمنذ يوم واحدترفيهالرأيهي فوضىشاهدت فيلم «هي فوضى» للمرة العاشرة تقريباً، لا لأني لا أحفظ تفاصيله، بل لأن كل مشاهدة تفتح لي باباً جديداً للفهم. أعدت مشاهدته هذه المرة كقارئ للمرحلة ومقارن بين زمنين، زمن كان الفن فيه يشتبك مع الواقع حتى وإن خنقته الرقابة، وزمن نعيش فيه اليوم اختار فيه الفن أن يبتعد ويتحول إلى مهرجان للإفيه والديكور والمبالغة. فيلم «هي فوضى»، الذي أخرجه العبقري يوسف شاهين، قبل رحيله بالتعاون مع خالد يوسف، هو شهادة فنية موثقة عن كيف يمكن أن تنقلب الدولة على نفسها حين تتحول أدوات الحماية إلى أدوات قمع. شخصية «حاتم» كانت مؤسسة كاملة اختزلها الفيلم في رجل فاسد واحد، متغوِّل، متسلط، مطمئن للإفلات من العقاب. في حقيقة الأمر، في تلك المشاهدة العاشرة، لم أُذهل من أداء خالد صالح، رحمه الله، رغم عبقريته، ولا من واقعية المشاهد التي تكاد تشم فيها رائحة قسم الشرطة ونحن نتابعها، ما صدمني فعلاً هو المقارنة المريرة بين ما كان يُقدّم قبل أقل من عقدين، وما يُقدّم اليوم تحت شعار «السينما للجمهور». في زمن «هي فوضى»، كانت السينما تقول ما لا يستطيع المواطن أن يصرّح به، كانت لسان الناس، وليست لسان السوق. أما الآن، فغالبية الأعمال تتحرك ضمن معادلة مكررة، خفة دم، حركة كاميرا، أغنية في النص، وسيناريو لا يخدش أحداً، ولا يُوجع أحداً، ولا يزعج أحداً. للأسف، لم يعد هناك من يتجرأ على تقديم شخصية مثل «حاتم» إلا لو تم تمييعها، وإفراغها من مضمونها، بحجة «الرمزية» أو «الخيال الفني»، الواقع لم يتغير كثيراً، وفي كثير من الأحيان ازداد تعقيداً، لكن الكاميرا لم تعد تبحث عنه، بل تتجنبه. نهاية المطاف: هي فوضى... لكنها ليست فقط في الشارع، أو في المؤسسات... بل على الشاشات أيضاً.
الرأيمنذ يوم واحدترفيهالرأيهي فوضىشاهدت فيلم «هي فوضى» للمرة العاشرة تقريباً، لا لأني لا أحفظ تفاصيله، بل لأن كل مشاهدة تفتح لي باباً جديداً للفهم. أعدت مشاهدته هذه المرة كقارئ للمرحلة ومقارن بين زمنين، زمن كان الفن فيه يشتبك مع الواقع حتى وإن خنقته الرقابة، وزمن نعيش فيه اليوم اختار فيه الفن أن يبتعد ويتحول إلى مهرجان للإفيه والديكور والمبالغة. فيلم «هي فوضى»، الذي أخرجه العبقري يوسف شاهين، قبل رحيله بالتعاون مع خالد يوسف، هو شهادة فنية موثقة عن كيف يمكن أن تنقلب الدولة على نفسها حين تتحول أدوات الحماية إلى أدوات قمع. شخصية «حاتم» كانت مؤسسة كاملة اختزلها الفيلم في رجل فاسد واحد، متغوِّل، متسلط، مطمئن للإفلات من العقاب. في حقيقة الأمر، في تلك المشاهدة العاشرة، لم أُذهل من أداء خالد صالح، رحمه الله، رغم عبقريته، ولا من واقعية المشاهد التي تكاد تشم فيها رائحة قسم الشرطة ونحن نتابعها، ما صدمني فعلاً هو المقارنة المريرة بين ما كان يُقدّم قبل أقل من عقدين، وما يُقدّم اليوم تحت شعار «السينما للجمهور». في زمن «هي فوضى»، كانت السينما تقول ما لا يستطيع المواطن أن يصرّح به، كانت لسان الناس، وليست لسان السوق. أما الآن، فغالبية الأعمال تتحرك ضمن معادلة مكررة، خفة دم، حركة كاميرا، أغنية في النص، وسيناريو لا يخدش أحداً، ولا يُوجع أحداً، ولا يزعج أحداً. للأسف، لم يعد هناك من يتجرأ على تقديم شخصية مثل «حاتم» إلا لو تم تمييعها، وإفراغها من مضمونها، بحجة «الرمزية» أو «الخيال الفني»، الواقع لم يتغير كثيراً، وفي كثير من الأحيان ازداد تعقيداً، لكن الكاميرا لم تعد تبحث عنه، بل تتجنبه. نهاية المطاف: هي فوضى... لكنها ليست فقط في الشارع، أو في المؤسسات... بل على الشاشات أيضاً.