logo
#

أحدث الأخبار مع #آيتانتشيران

المعادلة البسيطة للمؤمن: أن نكون كما يريدنا الله
المعادلة البسيطة للمؤمن: أن نكون كما يريدنا الله

إيطاليا تلغراف

time٢٢-٠٣-٢٠٢٥

  • منوعات
  • إيطاليا تلغراف

المعادلة البسيطة للمؤمن: أن نكون كما يريدنا الله

إيطاليا تلغراف د.رشيد حميمز أستاذ التعليم العالي باحث في العلوم الاجتماعية إرادة الله فوق كل شيء. تحمل الصورة دلالة رمزية ليوم الزحمة الكبرى، حيث تُحشر الخلائق، كلٌ يحمل محفظةً ترمز إلى أعماله في الدنيا. في خضم هذا المشهد المهيب، نلمح رجلًا يشقّ طريقه بهدوء وسط الجموع، على وجهه نور الرضا، وفي قلبه طمأنينة الغرس الطيب. يتقدّم بثبات نحو باب الخلاص، كأنما يعلم أن ما قدّمه في عمره لن يُخيّب رجاءه يقول الله تعالى في القرآن الكريم: «هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ، لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» (آل عمران، 6:3) هذه الآية تجسد السيادة المطلقة لله في خلق الإنسان منذ اللحظة الأولى. لم نختر ملامحنا، ولا قدراتنا، ولا حتى وجودنا ذاته، بل جُبلنا وفق إرادته، كما تؤكد الآية: «كَيْفَ يَشَاءُ». أن تكون مسلمًا يعني، قبل كل شيء، التسليم التام لهذه المشيئة. وكما شكّلنا الله في الأرحام كما يشاء، فإن مسؤوليتنا في هذه الحياة هي أن نكون كما يريد. العيش وفقًا لمشيئته يعني إكمال خلقه لنا بأن نصبح ما أرادنا أن نكون. لم يمنحنا الخيار حين صوَّرنا في بطون أمهاتنا، لكنه وهبنا الحرية في هذه الحياة لنقرر: أن نكون كما نريد نحن، أو أن نكون كما يريد هو. آيتان تشيران بوضوح إلى وجود هذا الاختيار – ولا يوجد خيار ثالث: 'وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ' (سورة البلد، الآية 10). 'إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا'.(سورة الإنسان، 76:3). إن سلكت طريقه، فأنت شاكر لا محالة، وإن اتبعت طريقك، فأنت كفور لا مفر. لا يوجد سوى طريقين: طريق الاستسلام لمشيئة الله، أو طريق الضلال والضياع. اتباع الأهواء طريق الضياع، ومن اختار ذلك، تركه الله لنفسه، وأسلمه إلى نزواته وأوهامه. جميع مآسي العالم الحديث — من أزماته، وفساده، والاختلالات التي تكشف عنها الأخبار الدولية — تعود في جوهرها إلى سبب واحد: أن الإنسان يتصرف وفق مشيئته الخاصة، لا وفق مشيئة خالقه. فعندما أخبر اللهُ الملائكةَ بنيّته خلق الإنسان، أدركوا فورًا خطورة أن يسلك هذا المخلوق طريق الإرادة الذاتية، فقالوا: «أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء، ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك؟» (البقرة، 2:30) أي أنهم تساءلوا، بمعنى آخر: «أتخلق مخلوقًا حرّ الإرادة، يتبع هواه، بينما نحن لا نتحرك إلا بأمرك وتحت سلطانك؟». هذه الحرية التي يُشاد بها كثيرًا، وتُقدَّم اليوم على أنها معيار للتقدّم — حيث تُمتدَح المجتمعات التي تزعم امتلاكها، وتُوصم الأخرى بالتخلّف لافتقادها — أصبحت تُستَخدم لتبرير كل شيء ونقيضه: من تغيير الجنس، واضطراب الهوية، إلى قلب المعايير الكونية للخير والشر أو الميزان الفطري للخير والشر. لكن ما يُسمّى 'حرية' هنا لا يعدو كونه ثمرة اختيار واحد: أن يتصرّف الإنسان وفق مشيئته الخاصة، متجاوزًا مشيئة خالقه، ومتجاهلًا مرجعيته. والحقيقة أن لا حرية حقيقية خارج دائرة الخضوع للخير الأسمى. فكل ما عدا ذلك وهم مزيَّن بشعارات مخادعة، أو نفاق مغلَّف بخطاب مزيّف. معادلة حياة المؤمن واضحة: – أين نجد ما يريده الله منا؟ في القرآن الكريم والسنة النبوية. – كيف نحقق ذلك؟ عبر مجاهدة النفس والتربية الروحية، وهو مسار يصبح شاقًا، بل غير مضمون، دون صحبة شيخ مربي عارف بالله. حين تسقط الأسئلة الفلسفية في ظل هذه المعادلة الواضحة التي تضيء حياة المؤمن، تفقد الأسئلة الفلسفية الكبرى ضرورتها. فالإنسان، حين يُترك لنفسه، يظل غارقًا في دوامة من التساؤلات التي لا تنتهي: من أنا؟ لماذا وُجدت؟ ما غاية حياتي؟ على مر العصور، حاولت الفلسفة الإجابة عن هذه التساؤلات، متنقلة بين الشك، النسبية، والتخمينات، دون أن تصل إلى حقيقة مطلقة. أما معادلة المؤمن، فهي تبدد كل هذه الحيرة في لحظة واحدة، لأنها لا تستند إلى فرضيات بشرية، بل إلى وحي إلهي. إنها تقدم إجابة واضحة وثابتة: نحن ما أرادنا الله أن نكون، ومهمتنا أن نحقق ما يريده منا. فلا حاجة للتيه في ظلام الفكر البشري، بل المطلوب هو القبول بهداية ربانية كاملة. بالتالي، تصبح الأسئلة الوجودية الكبرى – مثل الحرية والجبر، الذاتية والحقيقة المطلقة، غاية الوجود – مجرد تساؤلات ثانوية، بل غير ضرورية. فمن سلّم أن وجوده ومصيره بيد الخالق، لن يستهلك نفسه بهذه الشكوك. طريقه واضح: يعرف أين يجد الحقيقة (في الوحي)، وكيف يسير نحوها (بالتزكية والسلوك الروحي). حين يدور الفكر في حلقة مفرغة، يرسم الإيمان طريقًا مستقيمًا الفلسفة تُغرق الإنسان في أسئلة لا تنتهي، بينما يرسم الإيمان طريقًا مستقيمًا، واضح المعالم، لا التباس فيه. فمفتاح الوجود لا يكمن في محاولات العقل المحدود لفهم المطلق، بل في التسليم المطلق لإرادة الله. الإسلام… الحقيقة التي لا تُمحى قد يُحارب الإسلام، يُحاصر، يُشوه، وقد يسعى البعض لاستئصاله أو التضييق على أهله، لكن ذلك لا يغير من الحقيقة شيئًا. الإسلام – أي الخضوع لمشيئة الله – يظل البوابة الوحيدة للخلاص، قبل اللقاء الحتمي الذي ينتظر كل البشر. لن ينال النجاةَ إلا من كان حرًّا بحقّ، يوم الزِحام، حين تُكشَف السرائر، وتُوزَن الإرادات، ويُميَّز الخضوع من العناد. ولن يكون حرًّا حتى يتحرر من هواه، ويُذعن أو يُخضع إرادته لمشيئة خالقه. إيطاليا تلغراف

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store