منذ 10 ساعات
الفلسفة في مواجهة الغباء!
الفلسفة، هي حب الحكمة، وليست الحكمة ذاتها. أنْ تتفلسف لا يعني أنَّك حكيم.. لكن أنْ تحاول الوصول إلى الحقيقة النسبيَّة. فحب الحكمة يهدف إلى المعرفة كهدف أصيل مجرَّد من أي أغراض. إنَّ الفلسفة تحاول إرضاء النهم المعرفي الذي يؤرق الإنسان مهما حاول تجاهله، فهي غاية في حد ذاتها، بغض النظر عن ملاءمة إجابات التساؤلات التي تطرحها لمرجعيَّة الإنسان أو مألوفاته أو رغباته.إنَّ الصراع بين العقل والعاطفة أمر دارج في النفس البشريَّة، لذلك برزت أهميَّة الفلسفة في تحكيم التفكير النقدي، والتمييز بين الخطأ والصواب، وتوازن المشاعر والانفعالات في تأثيرها على الأحكام. ومن مهام الفلسفة «التوجيه والإرشاد» خلال محن وتقلبات الحياة، ومعرفة الطرق الأفضل لحياة الفضيلة والارتقاء بالأخلاق الإنسانيَّة، لاكتساب الطمأنينة النفسيَّة.إنَّ جمال الفلسفة يكمن في مساعدتنا على تحويل الألم والضجر، إلى معرفة ومتعة، والانتقال من حب الحكمة، إلى حب الناس، ومن فهم الذات، إلى فهم الحياة، ومن التشتت إلى الانسجام. يقول الفيلسوف الفرنسي (جيل دولوز): «إنَّ غياب الفلسفة يعني وجود الغباء في أعلى مستوياته.. إنَّ مهمَّة الفلسفة هي مقاومة الغباء».أمَّا الفيلسوف العربي (الكندي) فيرى أنَّ «الفلاسفة هم الجديرون بوراثة الأنبياء، واتصال علمهم، وأنَّ التعارض بين الفلسفة والدِّين تعارض مُزيَّف؛ أوجده بعض رجال الدِّين ممَّن كانوا يكرهون كل شيء يتماشى مع العقل».يقول أبو الفلسفة الحديثة (ديكارت): «الفلسفة هي التي تميِّزنا عن الأقوام الهمجيِّين والمتوحشين، وإنَّ حضارة كل أمة تُقاس بمقدار شيوع التفلسف فيها».لا يقترب من الحقيقة إلَّا ذلك المتشكك غير المطمئن بالضرورة لكل ما يعرف، بل يبحث عن الإجابات المجرَّدة ذات الطابع المحايد من دون حكم سابق، وهو أمر ليس باليسير. يقول الفيلسوف الإسلامي الكبير (ابن رشد): «الفلسفة هي أعلى غايات طبيعة الإنسان، ولكن قلَّ مَن يستطيع من الناس أنْ يبلغها».إنَّ هدف الفلسفة الحصول على حياة جيدة، وهذا يستدعي أنْ تعيش بمقتضى الفضيلة، وأهم بنودها أنْ تكون إنسانًا جيِّدًا يفيد الناس، ويحرص على مساعدتهم على العيش بطمأنينة نفسيَّة. يقول (سبينوزا): «الفضيلة وعبادة الله هما السعادة نفسها والحرية الكبرى. ليس النعيم ثواب الفضيلة، ولكن الفضيلة نفسها هي النعيم والسعادة».