أحدث الأخبار مع #أبوبكرسيسيه،


ليبانون ديبايت
٠١-٠٥-٢٠٢٥
- ليبانون ديبايت
جريمة الطعن في المسجد تثير تساؤلات حول تعامل فرنسا مع المسلمين
أثارت جريمة الطعن المميتة التي تعرّض لها مُصلٍّ مسلم في مسجد بفرنسا، انتقادات حادّة لمسؤولي الحكومة الذين لم يتعاملوا معها في البداية كجريمة كراهية محتملة، ولم يُظهروا درجة القلق نفسها التي أبدوها حيال هجمات مميتة أخرى، بحسب تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" وترجمته "عربي21". تعرّض الضحية، أبو بكر سيسيه، البالغ من العمر 21 عامًا ومن أصول مالية، لعشرات الطعنات صباح الجمعة أثناء صلاته في مسجد في لا غران كومب، وهي بلدة صغيرة جنوب فرنسا، على بُعد حوالي 80 كيلومتراً شمال غرب أفينيون. وأفادت وسائل إعلام فرنسية بأنّ المشتبه به الرئيسي، الذي صوّر نفسه واقفًا فوق الضحية، سُمع وهو يتفوّه بعبارات بذيئة بحق الذات الإلهية في مقطع فيديو نُشر عبر تطبيق "سناب شات". في البداية، أشار مدعٍ عام محلي – في ما تبيّن لاحقًا أنه خطأ – إلى أن جريمة القتل نجمت عن شجار بين مُصلّين. غير أنّ المدعي العام عبد الكريم غريني صرّح، يوم الأحد، في مقابلة تلفزيونية، بأنّ التحقيق جارٍ في الجريمة بوصفها "عملًا معاديًا للمسلمين" أو "فعلًا يحمل دلالات معادية للإسلام". وأضاف غريني أنّ التحقيق يشمل كذلك دوافع أخرى محتملة، من بينها "الهوس بالموت، والرغبة في القتل، والسعي لتصنيف القاتل كقاتل متسلسل". وصرّحت سيسيل جينساك، المدعية العامة في مدينة نيم، يوم الاثنين، بأنّ المشتبه به فرّ إلى إيطاليا قبل أن يسلّم نفسه يوم الأحد إلى مركز شرطة في مدينة بيستويا القريبة من فلورنسا. وتم تحديد هوية المشتبه به على أنه مواطن فرنسي من أصل بوسني، من مواليد 2004، ولم يكن معروفًا للشرطة سابقًا، ولم تُعلن أي تفاصيل إضافية عن خلفيته أو مواقفه، وفق التقرير. ولم يُعد حتى الآن إلى فرنسا، وقد يستغرق تسليمه أسابيع قبل توجيه أي تهمة جنائية إليه. من جهتها، قالت أميناتا كوناتي بون، المتحدثة باسم جماعة "سونينكي" العرقية التي ينتمي إليها الضحية، خلال مؤتمر صحافي جمعها مع عائلته يوم الثلاثاء: "إنها جريمة معادية للإسلام، إنها عمل إرهابي، واليوم نحن خائفون". وأضافت: "غدًا، ماذا سيحدث؟ هل سيطرقون أبوابنا لقتلنا؟ هل ستبدأ مطاردة للمسلمين؟". وأشار التقرير إلى أنّ الجريمة وقعت في اليوم التالي لعملية طعن أدّت إلى مقتل فتاة في مدرسة ثانوية بمدينة نانت، على يد طالب مفتون بهتلر. وقد أثار ذلك الهجوم ردًّا حكوميًا سريعًا، ما دفع منتقدين إلى اتهام السلطات بازدواجية المعايير. ونشر برونو ريتيلو، وزير الداخلية الفرنسي المحافظ، منشورًا عبر مواقع التواصل يوم الهجوم على المسجد، عبّر فيه عن دعمه لعائلة الضحية وللمجتمع المسلم. لكن على عكس ما حدث في نانت، حيث زار الوزير مسرح الجريمة بعد ساعات، لم يزر المسجد مباشرة، بل سافر يوم الأحد إلى مدينة أليس القريبة، حيث التقى المدعي العام المحلي ورؤساء بلديات المنطقة. كما لم يعلّق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الجريمة إلا يوم الأحد، وكتب عبر مواقع التواصل: "أُعرب عن دعم الأمة لعائلته ولمواطنينا المسلمين". وأضاف: "لن يكون للعنصرية والكراهية القائمة على الدين مكان في فرنسا. حرية العبادة مصونة". وقال يورو سيسيه، ابن عم الضحية، لوكالة "فرانس برس" يوم الثلاثاء، إنّ أيًا من المسؤولين لم يتواصل مع العائلة. وأضاف: "نريد أن نشعر بالأمان؛ فرنسا بلد نحبه. نريد أن نُعامل كأي شخص آخر". ووفقًا لدراسة أجراها المعهد الوطني للإحصاء عام 2023، يُشكّل المسلمون 10% من سكان فرنسا، وقد ازداد عددهم في وقتٍ يزداد فيه عدد من لا ينتمون إلى أي ديانة، ما يجعل الإسلام ثاني أكبر ديانة في البلاد. وتحافظ فرنسا على نموذج خاص من العلمانية يُعرف باسم "laïcité"، والذي يضمن حرية الضمير وحياد الدولة وبعض المؤسسات العامة. لكنّ هذا النموذج غالبًا ما يدخل في توتر مع المسلمين، إذ أثارت الملابس الإسلامية، مثل الحجاب والعباءات، جدلًا مستمرًا ومحاولات متكررة لحظرها. وقال حكيم القروي، وهو مستشار أعمال مسلم ومؤلف كتاب "الإسلام، دين فرنسي": "الحد الأدنى الذي يمكن قوله هو أن السلطات كانت بطيئة في ردّها على الجريمة". وأضاف: "الوقوف إلى جانب المسلمين ليس أمرًا مألوفًا حين تكون سياسيًا في فرنسا". وسار حوالي ألف شخص في صمت في لا غران كومب يوم الأحد تكريمًا للضحية سيسيه، فيما أشارت وسائل إعلام فرنسية إلى أن غياب السياسيين أثار استياء البعض. كما نُظّمت تظاهرة أخرى في اليوم نفسه في ساحة الجمهورية بباريس، بدعوة من سياسيين وجمعيات يسارية. وقال جان لوك ميلينشون، زعيم حزب "فرنسا الأبية" اليساري، خلال التظاهرة: "هذا العنف نتيجة مناخ معادٍ للإسلام متجذر منذ أشهر". واعتبر أنّ عدم زيارة وزير الداخلية للمسجد "أمر غير مفهوم". ويوم الثلاثاء، التزمت يائيل براون بيفيه، رئيسة الجمعية الوطنية، دقيقة صمت في مجلس النواب حدادًا على سيسيه، رغم أنها أشارت إلى عدم التوصل لاتفاق بين كبار المشرعين حول ذلك. وقال جبريل سيسيه، عم الضحية، إنه صُدم من التغطية الإعلامية وردود أفعال السياسيين، مضيفًا أن ابن شقيقه "كان شخصًا اجتماعيًا، وكان مصدر أمل لنا جميعًا".


الجزيرة
٢٨-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- الجزيرة
بعد جريمة مسجد غارد.. فرنسا في امتحان مكافحة العنصرية والإسلاموفوبيا
باريس- أحدثت جريمة القتل التي راح ضحيتها الشاب المالي أبو بكر سيسيه، يوم الجمعة، في مسجد خديجة الواقع ببلدة "لاغراند كومب" الصغيرة التي يقل عدد سكانها عن 5 آلاف نسمة، في منطقة غارد، موجة من ردود الفعل السياسية التي لم تتوقف بسبب فظاعتها وتداعياتها السياسية والاجتماعية. ووفقا للشهادات التي جمعت، يبلغ أبو بكر من العمر 23 عاما وكان معروفا وذا سمعة جيدة لدى السكان المحليين منذ سنوات. وفي صباح الجمعة، ذهب كعادته إلى المسجد لتنظيفه قبل قدوم المصلين قبل أن يفاجأ بهجوم المشتبه به أوليفييه هـ، وطعنه من 40 إلى 50 طعنة تحت أعين كاميرات المراقبة. وقد أعلن عبد الكريم غريني، المدعي العام في مدينة أليس الجنوبية، اعتقال المشتبه به أوليفييه هـ في مركز للشرطة في بيستويا بإيطاليا، وهو فرنسي في العشرينيات من عمره، وُلد في مدينة ليون لعائلة من أصل بوسني. وأكدت مصادر الشرطة أنه ليس مسلما. دقيقة صمت وحدادا على أبي بكر سيسيه، تم الوقوف دقيقة صمت بساحة الجمهورية في العاصمة الفرنسية باريس مساء أمس الأحد، بدعوة من حزب "فرنسا الأبية" اليساري والحزب الشيوعي الفرنسي والخضر على وسائل التواصل الاجتماعي. وخلال المظاهرة، قال زعيم الحزب اليساري جان لوك ميلانشون"لقد تم الحفاظ على أجواء مناخ معاد للإسلام وتنميتها. وعلى مدى أشهر، شعر الجميع، حتى أكثر المسؤولين، بأنهم مخولون بالإدلاء بتصريحات لم يكن نطاقها الكامل وعنفها على أولئك الذين اضطروا إلى تحملها، على قدر من اليقين". وتساءل ميلانشون: "عندما قال وزير الداخلية في اجتماع (يوم 27 مارس/آذار، خلال مظاهرة ضد الإسلام السياسي): يسقط الحجاب، هل يمكننا أن نتخيل أن أحدهم صاح: يسقط الصلبان؟"، معتبرا أنه مع استمرار هذا الجو "لا ينبغي توقع شيء آخر سوى أن تجد العقول المضطربة مبررا لأفعالها". وفي سياق متصل، أشار النائب عن حزب "فرنسا الأبية" جيروم لوغافر إلى تنظيم مظاهرة أخرى في شهر مايو/أيار المقبل للتأكيد على رفض تقسيم الناس على أساس أصولهم العرقية أو انتماءاتهم أو هويتهم الدينية والاجتماعية. وأضاف لوغافر، في حديث للجزيرة نت، أن "تصريحات السياسيين وما نشاهده في القنوات الإخبارية المحلية تستهدف جزءا من سكان فرنسا، وتستهدف بشكل خاص الفرنسيين من أصل عربي أفريقي. وأنا ألوم كل هؤلاء الذين يغذون هذا المناخ الخطير والمثير للاشمئزاز". إسلاموفوبيا أم عمل معادٍ؟ وفي كل مرة تتعرض لها الجالية المسلمة لجرائم مشابهة، يثير اختيار المصطلحات جدلا كبيرا بين المسؤولين المنتخبين. فعند سؤال وزير أقاليم وراء البحار مانويل فالس عن الجريمة في محطة إذاعة "آر تي إل"، قال إنها "عمل من أعمال الكراهية ضد الإسلام". وأضاف فالس "لا أتحدث أبدا عن الإسلاموفوبيا.. هذا المصطلح الذي اخترعه الملالي بإيران قبل أكثر من 30 عاما لتشويه سمعة بعض المنتقدين". من جانبه، نشر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تغريدة على منصة "إكس"، قال فيها إن "العنصرية والكراهية القائمة على الدين لن يكون لهما مكان في فرنسا"، مؤكدا أن "حرية العبادة مصونة". وتحدث السكرتير الأول للحزب الاشتراكي أوليفييه فور عن "عمل عنصري" في سياق "الخطابات التي تصف الأجانب والمهاجرين والمسلمين بأنهم أعداء" والتي "تدعم أذرع العنصريين وتضفي الشرعية على أفعالهم". وعلى غير عادته، انتظر وزير الداخلية برونو ريتيلو مرور أكثر من 48 ساعة لزيارة منطقة غارد والتعليق من هناك على الحادثة التي هزت البلاد. وعلى الرغم من تأكيد تضامن الحكومة الكامل مع الجالية المسلمة الفرنسية، اختار عدم استخدام مصطلح "الإسلاموفوبيا" واكتفى بوصف الجريمة "بالعمل المعادي للمسلمين". ومن وجهة نظر النائب الفرنسي لوغافر، فإنه على الرغم من اختلاف المصطلحات التي تستخدم اليوم، يظل الإسلام "مجرد ذريعة" لتقديم شكل ممنهج لزيادة الخوف من هذه الديانة، مشيرا إلى وجود عنصرية واضحة ضد العرب والسود. ضبط النفس وخلال مظاهرة باريس أمس الأحد، طالب ريتشي تيبو المساعد البرلماني للمنتخبة عن منطقة سين إيه مارن، إرسيليا سوديس، بإنشاء "ألوية دفاع ذاتي شعبية في أنحاء فرنسا للدفاع ضد الإسلاموفوبيا". كما اتهم تيبو بعض القنوات المحلية ذات الهوى اليميني وجميع أعضاء اليمين المتطرف السابقين، قائلا إن أيديهم "ملطخة بالدماء، واليمين المتطرف يقتل". وتعليقا على ذلك، يرى رئيس جمعية الإرشاد الإسلامي في فرنسا مصطفى أرسلان أن ألوية الدفاع عن النفس تشكل خطرا كبيرا وقد تصل إلى حد التجاوزات التي لا يمكن السيطرة عليها، مقترحا -كبديل عن ذلك- اليقظة وضبط النفس وتنبيه السلطات على وجوب وضع المسلمين تحت الحماية. وأشار أرسلان، في حديثه للجزيرة نت، إلى ضرورة إنشاء "صحوة وطنية" لأن وقوع هجمات مماثلة على أفراد الجالية المسلمة قد تؤدي إلى نتائج سيئة للغاية، قائلا "أتذكر الأوقات التي كانت تخرج فيها مظاهرات كبيرة مناهضة للعنصرية، ولا أعتقد أن أحدا يريد أن يتكرر ذلك مرة أخرى". بدوره، تطرق النائب جيروم لوغافر إلى الإجراءات المشددة التي تحدث عنها رئيس الوزراء بايرو قبل بضعة أشهر في ما يتعلق بملف المهاجرين، فضلا عن مشاركة وزير الداخلية ريتيلو في اجتماع نظمته شركة "إلنت" الإسرائيلية قبل أسابيع إذ ختم خطابه آنذاك بجملة: "انزعوا الحجاب". وتابع بالقول إن "الأمثلة كثيرة لكن هذه العناصر تقدم فكرة بسيطة عن المناخ السائد حاليا والمدعوم من أعلى مستويات السلطة في فرنسا، والذي يؤدي إلى أعمال وحشية غير مسبوقة". إعلان مناخ للعنصرية والكراهية ويرى مصطفى أرسلان أن الدولة الفرنسية يجب أن تتحمل مسؤوليتها وتفعل كل ما يلزم للتعامل مع الأشخاص الذين يهاجمون المسلمين باستمرار، والذين هم في أغلب الأحيان من اليمين المتطرف. ولأن هذا النوع من الجرائم يؤثر بشكل مباشر على المسلمين في فرنسا ويزيد من عدم شعورهم بالأمان، فهم يراقبون أماكن عبادتهم بأنفسهم لأنه لا توجد مراقبة حقيقية وفعالة من قبل الدولة، ووسائل الإعلام المحلية تسهم بإخفاء هذا النوع من المعلومات والتجاوزات، وفق أرسلان. وأضاف رئيس جمعية الإرشاد الإسلامي في فرنسا أن التصريحات التي يدلي بها السياسيون الفرنسيون -وعلى رأسهم إريك زمور ومارين لوبان وجوردان بارديلا وآخرون- زادت من الكراهية ضد المسلمين وهم مسؤولون عن ذلك، كما أنهم يجدون صعوبة حتى في نطق كلمة الإسلاموفوبيا بشكل صريح ومباشر. وقد وصف النائب عن حزب "فرنسا الأبية" ما يحدث بأنه "أمر خطير ومثير للقلق"، قائلا "تم استهداف أشخاص عدة بسبب انتمائهم للعقيدة الإسلامية". ويعتبر لوغافر أن ارتفاع العنصرية في هذا البلد تغذيه وسائل الإعلام والقادة السياسيون، بعضهم في حكومة فرانسوا بايرو الحالية وآخرون في حزب التجمع الوطني الذي جعل من الانقسام العنصري شعاره.


الجزيرة
٢٨-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- الجزيرة
بالصور: جريمة كراهية تهز فرنسا وتفضح تصاعد الإسلاموفوبيا
خرج مئات المتظاهرين في مدن فرنسية عدة للتنديد بتصاعد الإسلاموفوبيا والعنف العنصري، وذلك عقب مقتل الشاب الأفريقي أبو بكر سيسيه، إثر تعرضه للطعن داخل مسجد بقرية لا غران كومب، الواقعة في مقاطعة غارد جنوب فرنسا. وكان أبو بكر (22 عاما)، الذي ينحدر من أصول مالية، قد قُتل يوم الجمعة 25 أبريل/نيسان، بعد أن تعرّض لهجوم داخل المسجد أثناء أدائه الصلاة. وأعلن مدع عام فرنسي اليوم الاثنين أن الرجل المشتبه به في طعن مسلم نحو 50 طعنة حتى الموت، قد سلّم نفسه لمركز شرطة في إيطاليا، ويُعتقد أنه يحمل دوافع عنصرية ومعادية للإسلام. وحمّل مشاركون في المظاهرات الحكومة الفرنسية مسؤولية تفشي خطابات الكراهية ضد المسلمين، مطالبين باتخاذ إجراءات عاجلة للحد من التحريض الإعلامي والسياسي الذي يستهدف الجاليات المسلمة. وفي العاصمة باريس، تجمّع مئات الأشخاص أمام ساحة الجمهورية وهم يرفعون لافتات كتب عليها "لا للإسلاموفوبيا" و"العدالة لأبي بكر". كما ردّد المتظاهرون شعارات تطالب بحماية دور العبادة، ومحاسبة المحرضين على الكراهية الدينية. إعلان ودعا الرئيس إيمانويل ماكرون إلى "الوحدة الوطنية" وحثّ على "عدم الخلط بين الأديان والعنف الفردي". غير أن ناشطين حقوقيين اتهموا الحكومة بالتقاعس عن التصدي لموجة الإسلاموفوبيا، مشيرين إلى أن تزايد الاعتداءات على المسلمين ودور العبادة يترافق مع خطاب سياسي متشدد ضد المهاجرين والجاليات المسلمة. وبحسب مرصد الإسلاموفوبيا في فرنسا، فقد سجلت البلاد ارتفاعا بنسبة 30% في الاعتداءات على المسلمين خلال العام الماضي، وسط تصاعد في القوانين والإجراءات التي يرى البعض أنها تستهدف الهوية الدينية للمسلمين، خصوصا ما يتعلق باللباس والتعبيرات الدينية في الفضاء العام. وتأتي هذه الجريمة في وقت تشهد فيه فرنسا حالة من الاستقطاب السياسي والمجتمعي حول قضايا الهوية والهجرة، خاصة مع اقتراب الانتخابات الأوروبية المقررة في يونيو/حزيران المقبل. ويرى مراقبون أن خطاب بعض الأحزاب اليمينية المتشددة، الذي يربط بين الإسلام والتطرف، يسهم في خلق بيئة مشجعة على الكراهية والعنف ضد المسلمين. وفي قرية لا غران كومب، حيث وقعت الجريمة، ما زالت مشاعر الصدمة والحزن تخيم على السكان. وبينما تستمر التحقيقات، يبقى مقتل أبو بكر سيسيه تذكيرا مريرا بخطورة تجاهل خطابات الكراهية، والدعوة العاجلة لفرنسا كي تبني مستقبلا أكثر عدلا وسلاما لكل أبنائها.


المغرب الآن
٢٨-٠٤-٢٠٢٥
- المغرب الآن
الجريمة التي هزّت فرنسا: قاتل مسلم في مسجد يُسلم نفسه
فرار قاتل مصلٍّ إلى إيطاليا: جريمة كراهية تكشف قلق فرنسا الخفي في واقعة صادمة أعادت إلى الواجهة مخاوف تصاعد الكراهية الدينية في أوروبا، سلّم المشتبه به في مقتل الشاب المسلم أبوبكر سيسيه، نفسه إلى الشرطة الإيطالية بمدينة بيستويا، في مشهد درامي يعكس تطور مسار التحقيقات وتزايد الضغوط القضائية. ففي مساء الأحد، عند حدود الساعة الحادية عشرة، حُسمت إحدى أكثر القضايا إرباكًا للشارع الفرنسي مؤخرًا، بعدما أكدت السلطات أن الشاب 'أوليفييه أ.' — المنحدر من عائلة بوسنية، العاطل عن العمل والذي لم تكن له سوابق قضائية معروفة — قد ألقى بنفسه في قبضة العدالة، بعدما ضاقت به السبل أمام حشد أمني وملاحقات مكثفة. ماذا يعني تسليم نفسه بهذه الطريقة؟ يُثير اختيار المشتبه به تسليم نفسه في بلد أوروبي مجاور عدة تساؤلات: هل كان فراره محاولة منظمة للهروب إلى خارج الاتحاد الأوروبي؟ أم أن الضغط الأمني الفرنسي والإعلامي جعل بقاءه طليقًا مستحيلاً؟ في كلتا الحالتين، تكشف القصة عن يقظة أمنية، ولكنها تطرح أيضا تساؤلات عن مدى نجاعة أجهزة المراقبة والرصد في التصدي للتهديدات 'الصامتة' داخل المجتمعات المحلية، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بجريمة ذات خلفية دينية. حادثة هزت الضمير الفرنسي قتل أبوبكر سيسيه (24 عامًا)، الشاب المالي الطموح، بطريقة وحشية داخل مسجد 'خديجة' في بلدة لا غراند-كومب، حيث تلقى حوالي 50 طعنة غادرة. القاتل، كما أظهرت كاميرات المسجد، وثّق فعلته بنفسه، مُطلقًا عبارات نابية ضد الإسلام والإله، في دلالة لا تخطئها العين على الحقد الأعمى الذي حرّك جريمته. هنا، يبرز سؤال ملحّ: هل فرنسا بصدد مواجهة موجة جديدة من 'الإرهاب الفردي' المرتبط بالكراهية الدينية، ولكن هذه المرة ليس على يد متطرفين دينيين بل متطرفين معادين للأديان؟ ردود فعل متباينة: بين التضامن والاتهامات السياسية لم يقتصر وقع الحادثة على البلدة الصغيرة التي لا يتجاوز سكانها 5000 نسمة. ففي باريس، نزل مئات إلى الشارع، بينهم زعيم حركة 'فرنسا الأبية' جان-لوك ميلينشون الذي لم يتردد في توجيه أصابع الاتهام نحو وزير الداخلية، متهما إياه بـ'زرع مناخ كراهية ضد المسلمين'. في المقابل، حاول الرئيس إيمانويل ماكرون تطويق الموقف، مؤكدًا أن 'التمييز والكراهية بسبب الدين لن يكون لهما مكان في فرنسا'، في خطاب حاول تهدئة النفوس، ولكن هل يكفي الخطاب الرسمي في مواجهة حقائق ميدانية تتكلم بلغة الدم؟ الكراهية المزروعة: بيئة تُغذي الجرائم الصامتة تصريحات السياسيين تكشف أن القلق أكبر مما يظهر. فبغض النظر عن المسار القضائي الذي ستأخذه القضية، تظل الأسئلة الكبرى معلقة: إلى أي مدى تسهم خطابات التخويف من الآخر في تأجيج الكراهية اليومية؟ ما الذي يحول بعض الشباب إلى قنابل موقوتة، يفرغون أحقادهم في أقدس أماكن العبادة؟ الأخطر أن الحادثة جرت في منطقة لا تعرف تاريخيًا بحوادث العنف الطائفي، مما يؤشر إلى أن الموجة قد تنتقل إلى الهوامش بعدما كانت محصورة في المراكز الحضرية الكبرى. ختام مفتوح: بداية لسلسلة تحقيقات أشمل؟ في ظل انتظار تسليم المشتبه به لفرنسا عبر القنوات القضائية الأوروبية، تتجه الأنظار إلى كيفية تعاطي القضاء مع القضية: هل ستُعامل كجريمة كراهية دينية صريحة؟ أم ستُحاط بغموض قانوني يحولها إلى 'حادث معزول'؟ الشارع المسلم، ومكونات المجتمع المدني الفرنسي عمومًا، سيراقبون بحذر. إذ بات واضحًا أن فرنسا تقف اليوم أمام اختبار جديد لإثبات أن شعاراتها الثلاث: 'حرية، مساواة، أخوة' لا تزال قائمة، وليست مجرد ذكريات جميلة.