٠٥-٠٣-٢٠٢٥
بريطاني يواجه المحاكمة في السعودية بسبب تغريدة محذوفة منذ عام 2018
يستعد المواطن البريطاني أحمد الدوش للمثول أمام محكمة سعودية يوم الثلاثاء، على خلفية تغريدة محذوفة منذ عام 2018 وعلاقته المزعومة بشخص تعتبره السلطات تهديدًا للأمن القومي، وفقًا لما أفادت به عائلته وأصدقاؤه لموقع 'ميدل إيست آي'.
وكان الدوش، وهو أب لأربعة أطفال، في طريقه للعودة إلى المملكة المتحدة بعد قضاء إجازة في السعودية عندما تم اعتقاله في مطار الرياض في أغسطس الماضي، وهي المرة الأخيرة التي رأى فيها زوجته وأطفاله. وقد احتجز لمدة تزيد على خمسة أشهر، من بينها 33 يومًا في الحبس الانفرادي حيث خضع للاستجواب، قبل أن يُعرض على القاضي للمرة الأولى في يناير الماضي ويُبلَّغ رسميًا بالتهم الموجهة إليه.
بعد مثوله الأول أمام المحكمة، عينت السلطات السعودية محاميًا للدوش، إلا أن التواصل بينهما كان محدودًا، حيث أجرى الرجلان لقاءً افتراضيًا واحدًا فقط. وعندما حاولت زوجته، أماهر نور، التواصل مع المحامي، نفى الأخير معرفته بالقضية أو بزوجها، قبل أن يصبح لاحقًا أكثر تجاوبًا، لكنه أوضح أنه مقيد بقوانين حماية البيانات في الإفصاح عن المعلومات.
وتسلط هذه القضية الضوء على استمرار الاعتقالات في السعودية بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، على الرغم من الإفراج مؤخرًا عن عدد من المعتقلين في قضايا مشابهة، مثل سلمى الشهاب، طالبة الدكتوراه في جامعة ليدز، وأسعد الغامدي، شقيق معارض سعودي مقيم في المملكة المتحدة، وكلاهما اعتُقل بسبب تغريدات. كما تثير القضية تساؤلات حول مدى التزام الحكومة البريطانية بتعهداتها الانتخابية في دعم مواطنيها المحتجزين بالخارج، خاصة في القضايا التي تنطوي على انتهاكات لحقوق الإنسان.
منع القنصلية البريطانية من الوصول إلى الدوش
وتقول عائلة الدوش إن السلطات السعودية منعت الحكومة البريطانية من زيارته قنصليًا خلال الشهرين والنصف الأولين من احتجازه. وخلال هذه الفترة، رفضت وزارة الخارجية البريطانية مشاركة أي معلومات عن وضعه الصحي مع زوجته، بحجة قوانين حماية البيانات.
ورغم أن عائلته أصبحت الآن على دراية بمكان احتجازه وأسباب توقيفه، إلا أنهم قلقون من احتمال حرمانه من الأدوية التي يحتاجها لمشاكل في الغدة الدرقية والظهر منذ يناير الماضي. كما يشير أقاربه إلى أن المكالمات الهاتفية التي يجريها معهم أصبحت غير منتظمة، ويُعتقد أنها تُستخدم كوسيلة لمعاقبته بعدما سأل زوجته عن بعض السجناء الذين أُطلق سراحهم مؤخرًا.
وفي هذا السياق، قالت زوجته: 'في آخر المكالمات، كنت قلقة جدًا. لدي شعور بأنه خائف. لم يكن على طبيعته، ولم يكن مرتاحًا أثناء الحديث'.
تفاصيل الاعتقال والمصير المجهول
كان الدوش برفقة زوجته وأطفاله في مطار الرياض عندما أوقفته السلطات، حيث اقتاده رجال أمن بملابس مدنية إلى جهة غير معروفة. وبعد ساعتين، أُعيدت طفلتيه، هيا (5 سنوات) وليا (9 سنوات)، إلى والدتهما، ثم تلقت نور اتصالًا من زوجها أخبرها فيه أنه تم توقيفه بسبب مشكلة تتعلق بتأشيرته، وأن الأمر سيستغرق بضع ساعات فقط لحله. وأكد لها أنه سيلحق بهم إلى إسطنبول، حيث كان من المقرر أن يمروا عبرها في طريقهم إلى المملكة المتحدة.
لكن منذ تلك اللحظة، لم تره نور مرة أخرى، حيث أمضت الأشهر الستة الماضية في البحث عن إجابات حول سبب اعتقاله وكيفية إطلاق سراحه، بينما رُزقت بمولودها الرابع في ديسمبر الماضي.
وبعد عشرة أيام من اختفائه، تلقت عائلته اتصالًا من جهاز الأمن السعودي، أكدوا خلاله أنه محتجز لديهم، وطلبوا تفتيش متعلقاته الشخصية مثل أجهزة الكمبيوتر والهاتف، دون تقديم أي تفسير لسبب اعتقاله.
التحقيقات والتهم الموجهة إليه
وفي نوفمبر الماضي، اتصل الدوش بزوجته لأول مرة منذ احتجازه، وأخبرها أنه ظل في الحبس الانفرادي لمدة 33 يومًا وخضع خلالها للاستجواب بشأن نشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتشير المعلومات إلى أن السلطات السعودية استجوبته حول تغريدة قديمة تم حذفها في عام 2018، لكنه لم يكن يتذكر محتواها. وخلال التحقيق، قيل له إنه لولا نشاطه على 'تويتر'، لكان الآن في منزله بالمملكة المتحدة. وعند مراجعة حسابه، تبين أنه كان يضم 37 متابعًا وأربع تغريدات فقط، معظمها كانت ردودًا على مستخدمين آخرين، مما أثار دهشة عائلته وأصدقائه الذين أكدوا أنه ليس شخصًا ناشطًا سياسيًا.
وفي يناير الماضي، فوجئ الدوش بإحضاره إلى المحكمة دون سابق إنذار، حيث أُبلغ رسميًا بالتهم الموجهة إليه، وهي نشر أخبار كاذبة تضر بالسعودية، وعلاقته المزعومة بشخص تعتبره المملكة تهديدًا للأمن القومي. وتعتقد عائلته أن هذا الشخص هو نجل المعارض السعودي سعد الفقيه المقيم في المملكة المتحدة، رغم تأكيدهم أن الدوش لا يعرفه ولم يتواصل معه أبدًا.
ردود الفعل والضغوط الدولية
قدمت محاميته في المملكة المتحدة، هايدي ديكستال، شكوى رسمية إلى مجموعة العمل المعنية بالاحتجاز التعسفي التابعة للأمم المتحدة، مشيرة إلى أن احتجازه يعد انتهاكًا للقوانين الدولية لحقوق الإنسان.
وانتقدت ديكستال موقف الحكومة البريطانية، قائلة: 'من المقلق أن تتراجع الحكومة البريطانية وتلتزم الصمت في مواجهة انتهاكات واضحة لحقوق أحد مواطنيها'. وأضافت أن الحكومة البريطانية لم تتخذ موقفًا واضحًا حيال احتجاز الدوش، رغم تعهد حزب العمال قبل الانتخابات بتعزيز حقوق المواطنين البريطانيين المعتقلين في الخارج، خاصة في القضايا المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان.
وبدوره، دعا روبرت سكيلبيك، مدير منظمة 'ريدريس' الحقوقية، الحكومة البريطانية إلى منح المواطنين المعتقلين في الخارج حقًا قانونيًا في الحصول على الدعم القنصلي، بدلًا من ترك ذلك لسلطة تقديرية لوزارة الخارجية.
ورغم الضغوط المتزايدة، لم تصدر الحكومة البريطانية أي بيان رسمي بشأن قضية الدوش، واكتفت وزارة الخارجية بالإشارة إلى أنها تقدم الدعم لمواطن بريطاني محتجز في السعودية، وأنها على تواصل مع أسرته والسلطات المحلية.