logo
#

أحدث الأخبار مع #أحمدالسيدالصاوي

مصانع أوروبية تحاكي فن الخزف الإسلامي منذ ستة قرون
مصانع أوروبية تحاكي فن الخزف الإسلامي منذ ستة قرون

الشرق الأوسط

time١٢-٠٤-٢٠٢٥

  • أعمال
  • الشرق الأوسط

مصانع أوروبية تحاكي فن الخزف الإسلامي منذ ستة قرون

القاهرة في 12 أبريل/أ ش أ/ كتب / محمد المعبدي في الوقت الذي تسعى فيه أوروبا لتسويق منتجاتها في الشرق العربي وفرض الذوق الفني لتلك المنتجات، كانت المصانع الأوروبية التي تلبي احتياجات الأرستقراطية الصاعدة تجند كل طاقاتها لمحاكاة التحف التطبيقية الإسلامية وخاصة في منتجات الخزف والزجاج والمعادن. ويعود المسعى الأوروبي لمحاكاة وتقليد الفنون الإسلامية لقرون سابقة وبالتحديد للقرن الـ 15 الميلادي عندما شرعت مدينة البندقية الإيطالية التجارية في محاكاة بعض المشكاوات الزجاجية التي اشتهرت مصر والشام بإنتاجها في العصر المملوكي وكذلك المنتجات المعدنية ونجحت في أن تغزو بها أسواق الشرق لزهد أسعارها قبل أن يكتشف الناس زيفها. ولكن المحاولات الأوربية لتقليد الخزف والزجاج والمعادن الإسلامية اضطلعت بها مصانع خاصة تركزت غالبا في المدن الفرنسية مثل نيفار وبوردو وباريس مع مصانع أقل شهرة في إيطاليا والنمسا ووضعت نصب عينيها إنتاج تحف لقصور النخب الأوربية الصاعدة والتي كانت تدفع آنذاك مبالغ ضخمة لتجار العاديات الشرقية نظير شراء التحف الإسلامية. وأصبحت تلك التحف الأوروبية سوقا رائجة في صالات المزادات العالمية وقد يباع بعضها بأثمان تفوق التحف الإسلامية الأصلية إذا ما حملت توقيع الفنان أو المصمم الذي قام بتصميمها لتلك المصانع. وقال الدكتور أحمد السيد الصاوي أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة القاهرة، لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم، إنه من أشهر المصانع الأوربية التي بدأت مبكرا في تقليد الخزف الإسلامي تلك الورشة التي انشأها ثيودور ديك في عام 1856 م وهو في الأصل بحار منحته جولاته في البحار الشرقية خبرة تجارية بالعاديات الشرقية فاستقر بباريس وأنشأ بها ورشته للخزف وتعاون مع كبار الخزافين الفرنسيين آنذاك من أمثال رفاييل كولين وظل المصنع يعمل بنشاط في تقليد خزف مدينة إزنيك التركية بوجه خاص حتى بعد وفاة جوزيف ثيودور ديك في عام 1891 م. وأضاف الصاوي أنه عرضت مؤخرا بعض أعمال ثيودور ديك للبيع منها مزهرية من الخزف على هيئة المشكاة وهي تزدان برسوم الزهور والورود التي ذاعت في منتجات خزف مدينة إزنيك التركية تحت تأثير زخارف عصر السلطان أحمد الثالث والمعروف في الفنون العثمانية بعصر اللالا أو زهرة الزنبق. وأشار إلى أن أعمال ورشة ثيودور امتدت لتشمل أعمالا فنية تحاكي الفنون المملوكية ومن أمثلة ذلك مشكاة من الخزف تحاكي المشكاوات الزجاجية للمماليك في القرنين الثامن والتاسع للهجرة ويبدو أنه نقل رسومها عن مشكاة أصلية حتى أنه رسم عليها رنك الأمير المملوكي الذي كان يشغل وظيفة صاحب البريد ورنكه هو صورة البغل كما هو معروف. وهناك أيضا حوض زهور من الخزف صنعه تقليدا لأواني النحاس المملوكية وخاصة تلك التي أنتجت في عهد السلطان الأشرف قايتباي ومن إبداعات هذا المصنع مصباح كيروسين صنع على النمط المملوكي ببراعة تستلفت الأنظار. ولفت إلى أنه في نفس تلك الفترة نشط مصنع آخر في باريس لإنتاج الزجاج على النمط المملوكي وهو مصنع فيليب جوزيف بوركارد الذي توفي عام 1896 م، ومن أجمل منتجات هذا المصنع الباريسي مشكاة من الخزف المموه بالمينا على غرار المشكاوات المملوكية وهي تزدان بحروف من خط الثلث المملوكي وبألوان المينا الزرقاء والبيضاء والحمراء التي نفذت ببراعة ودقة كاملة على الزجاج الأخضر وقد تجاوز سعرها 45 ألف جنيه إسترليني. وقال الدكتور أحمد السيد الصاوي إنه من المصانع التي نشأت في نانت الفرنسية مصنع جاليه في النصف الثاني من القرن 19 م وجاء انخراط الابن إيميل في عمل هذا المصنع ليضيف لمنتجاته الفخمة روحا إسلامية ظاهرة وإن كانت بروح حديثة ومن أبرز المحاولات الفنية القائمة لليوم سعي هذا المصنع لإنتاج وحدات إضاءة فخمة من الزجاج وهي تلقى رواجا بين المشترين من الأوربيين والعرب على حد سواء بفضل زخارفها ذات الطابع الإسلامي وتصميماتها الوظيفية الملائمة لاستخدام المصابيح الكهربية مثلما نرى في مصباح زجاجي مزود بأطراف معدنية لضمان تعليق المصباح في الأسقف بواسطة سلاسل حديثة. وأوضح أن مدينة بوردو الفرنسية عرفت أيضا نشاطا كبيرا في مجال تقليد منتجات الخزف الإسلامي حيث إزدهرت بها عدة مصانع للخزف بدءا من النص الثاني من القرن 18 م.. قائلا "يعتبر مصنع جوليس فيلارد من أهم المصانع التي عملت في مجال تقليد الخزف ولدينا من إنتاجه مزهرية من الخزف المقلد لخزف مدينة إزنيك العثماني ، ولكن بمزيج من زخارف يندر أن يجتمع في آنية واحدة أصلية حيث استخدم زخرفة قشور السمك كأرضية لمناطق زخرفية متبادلة بإحداها رسوم نباتية وبالأخرى كتابة نسخية". وذكر أنه من المصانع الفرنسية التي نشطت في محاكاة أواني إزنيك من الخزف التركي مصنع سامسون في أواخر القرن التاسع عشر وبأسواق العاديات عدة مزهريات متماثلة كأزواج تستخدم للزينة وفقا لقواعد التماثل التي اشتهرت بها الفنون الإسلامية وهي تباع في المزادات كأزواج مقترنة وتحمل هذه الأواني نفس الزخارف النباتية التي اشتهرت بها أواني إزنيك المعروفة تجاريا باسم رودس وهي عبارة عن أوراق وزهور باللونين الأزرق والأحمر الطماطمي مع لمسات من اللون الأخضر على أرضية بيضاء قصديرية وإن جاءت أقل جمالا من القطع الأصلية التي كانت ألوانها الحمراء تضاف فوق بدن الإناء لتبدو بعجينتها الطينية بارزة صقيلة. وقال الدكتور أحمد السيد الصاوي"من مدينة نيفار بوسط فرنسا نجد أيضا بعض منتجات من الخزف المقلد لخزف إزنيك المعروف تجاريا بخزف رودس ومنها بوجه خاص أحواض الزهور التي تستجيب لاحتياجات المنازل الكبيرة والحقيقة أن تقليد الخزف التركي اجتذب العديد من مصانع الخزف الصغيرة بأوروبا وكذلك الورش الخاصة لبعض الفنانين ولم يتوقف إنتاجها عند الأنماط المعتادة من المزهريات أو دوارق الخزف ذات الأغطية بل نرى أيضا بعضا من البلاطات الخزفية التي حاكت بدقة كاملة لوحات الخزف التركي ومن أجملها بلاطات على نمط بلاطات إزنيك رسمها أدلبرت بوامنت لمصنع إيوجين كلونوت بفرنسا حوالي عام 1860 م". وتابع، "لدينا بعض من المنتجات المعدنية التي قلدت الأنماط التركية العثمانية وخاصة في أطقم الشاي والقهوة بما في ذلك الصواني والأباريق والفناجين التي زخرفت بزخارف نباتية وكتابية نفذت بالطلاء بالذهب والفضة وكان للنمسا أيضا نصيب وافر من الجهود الصناعية لتقليد التحف الإسلامية حيث تعرض لليوم كئوس شراب من الزجاج المموه بالمينا على النمط المملوكي من إنتاج مصنع لوبمير بفيينا وهي ذات كتابات نسخية رائعة". م س د/م ش ا أ ش أ

مآذن مصر.. تاريخ عريق يروي عظمة العمارة الإسلامية
مآذن مصر.. تاريخ عريق يروي عظمة العمارة الإسلامية

المصريين بالخارج

time١٨-٠٣-٢٠٢٥

  • منوعات
  • المصريين بالخارج

مآذن مصر.. تاريخ عريق يروي عظمة العمارة الإسلامية

يس من قبيل الصدفة أن تعرف القاهرة بأنها مدينة الألف مئذنة، فذلك تلخيص بارع لذلك الارتباط الوثيق بين مدينة القاهرة وعمارتها وتبيان ظاهر لحقيقة أن من تعاقب على حكمها أعطى الأولوية دوما للمنشآت الدينية بمختلف مسمياتها من المساجد والجوامع والمدارس وبيوت المتصوفة وجلها كانت تزود بالمآذن لإعلان دخول أوقات الصلاة من شرفاتها. وخلال العصور الوسطى ، كانت المنشآت الدينية والمدنية بالقاهرة لا يتجاوز ارتفاع مبانيها العشرة أمتار بينما تتسامق من بينها هامات المآذن بارتفاع عدة عشرات من الأمتار لتحتل أفق الرؤية ولا سيما أمام أنظار الواردين للعاصمة ولتستحق القاهرة أن تعرف عن جدارة واستحقاق بمدينة الألف مئذنة. أما من الناحية المعمارية، فإن المآذن القاهرية التي استقطبت اهتمام الباحثين في الآثار وتاريخ العمارة والفنون أيضا تفصح عن مسيرة تطور مزدهرة وشديدة الثراء والتنوع حتى ليصح القول بأن القاهرة من بين عواصم الإسلام كافة لا تمتلك فقط العدد الأكبر من المآذن بل وتحوز أكثر من نمط وطراز لتلك المآذن في تاريخ العمارة الإسلامية. فبعد أمثلة "تاريخية" قليلة ربما لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة لنمط "الصوامع" وهي تسمية المآذن التي عرفت بها في العصر الأموي وكانت متعامدة الأضلاع تأسيا بصوامع معبد حدد الآرامي التي استخدمت لإعلاء الآذان من فوقها بجامع دمشق الأول تجاوزت مصر هذا النمط الذي شيدت به أول مئذنة لجامع عمرو بن العاص بالفسطاط ، وانطلقت ترفد العمارة الإسلامية بأنماط وأشكال مبتكرة خلافا لبلاد المغرب والأندلس التي طورت مآذنها في إطار شكل الصومعة وحسب. وعرفت مصر في عهد أحمد بن طولون يقينا نمط مئذنة سامراء "الملوية" حسبما يستفاد من أقوال المؤرخين المبهمة وحسبما ينبئ عن ذلك تخطيط الجامع الطولوني المشابه لتخطيط مسجد سامراء الجامع ، ولكننا لحسن الحظ فقدنا تلك المئذنة لتقوم مكانها مئذنة لا مثيل لها في العمارة الإسلامية بالعالم كله وهي المئذنة الحالية لجامع أحمد بن طولون. وشهد بناء المآذن في مصر خلال عصر المماليك بشقيه البحري والبرجي تطورا هائلا سواء في التقاليد البنائية أو الأنماط والطرز . غير أن الزلزال الذي ضرب القاهرة في سنة 702 هـ وأصاب معظم مآذنها بدرجات متفاوتة من الخراب قد دفع المعماريين لتبني خطط إنشائية متنوعة بحسب حجم ومكان المنشآت لتحقيق هدفين بقيا متلازمين في المآذن المملوكية وهما الارتفاع الشاهق ومتانة البناء التي تقاوم عاديات الزمن. ويقول الدكتور أحمد السيد الصاوي أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة القاهرة، لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم/ الثلاثاء/، إنه من بين أشهر المآذن الإسلامية /المئذنة اليتيمة / بجامع أحمد ابن طولون فهي مئذنة لا مثيل لها في تاريخ العمارة الإسلامية ، خلاسية بالمعنى الحرفي للكلمة ، ولكنها تبقى مهيبة ومتناسقة التكوين، موضحا أن جامع أحمد بن طولون ارتبط بتاريخ السلطان المنصور حسام الدين لاجين الذي اختبأ بمئذنته المهدمة من مطاردة السلطان زين الدين كتبغ إذ نذر لله أن يعيد للجامع رونقه إذا ما صارت إليه ملك مصر ولما تولي الحكم سنة 696 هجرية وفي بنذره وأعاد ترميم الجامع وشيد المئذنة القائمة لليوم. وأضاف الصاوي أن تصميم المئذنة الفريد يجمع بين بدن الصوامع المربع المألوف في المغرب والأندلس وبقية من تصميم الملوية بعد تحويل المنحدر حولها لدرج سلم مع نهاية تجمع بين مرحلة التطور الفاطمي/الأيوبي وبدايات الشخصية المملوكية. وتابع قائلا :إنه من بين المآذن أيضا مئذنة مجموعة المنصور قلاوون، وهي ليست الأصلية لمجموعة قلاوون، إذ سقطت في زلزال 702 هجرية ، وأمر الناصر محمد بن قلاوون بتشييدها عام 703 هجرية وعهد بذلك إلى الأمير سيف الدين كهرداش المنصوري. وأوضح أن الطابقين الأول والثاني من المئذنة مربعان بينما الثالث مستدير حافل بالزخارف أما قمتها فهي أحدث عهدا ويعتقد أنها كانت مضلعة مخوصة مثل قمة المآذن المعاضرة مثل سلار والجاولي، لافتا أنه نظرا لقر المئذنة من المحكمة الشرعية بالمدرسة الصالحية النجمية كان القاضي والشهود يتوجهون لقمتها لاستطلاع أهلة الشهور الهجرية ، وأهمها وأكثر احتفاء كان استطلاع هلال شهر رمضان المبارك وهلال شهر شوال. وقال الصاوي إنه من بين المآذن العريقة مآذن الأزهر، حيث لم يكن الأزهر مجرد جامع كبير عتيد بقلب القاهرة التاريخية فقد كان فعليا معقلا علميا ..مشيرا الى أن المماليك اهتموا بالجامع الأزهر لاستجلاب رضاء العامة ومجتمع الأزهر بطلابه، واستخدمت مآذن الأزهر إلى جانب الآذان لأغراض تحشيد الأهالي ونشأت علاقة تعاضدية تستحق الدراسة بين الأزهر وحي الحسينية. ولفت إلى أن المقريزي أشار لابن السيوفي باعتباره رئيس المهندسين في أيام الناصر محمد بن قلاوون ونسب إليه أنه شيد المدرسة الأقبغاوية بالأزهر ومئذنتها التي يقرر أنها ثاني مئذنة تشيد بالحجر بعد مئذنة المنصورية وكانت المآذن قبلها تشيد بالآجر( مثل مئذنة الصالحية النجمية)، وحسب المقريزي أيضا فقد تولى ابن السيوفي تشييد جامع ألطنبغا الماردين خارج باب زويلة وكذلك مئذنته. وقال "الشيخونية مئذنتا غرفة العمليات"، مشيرا إلى أن الأمير شيخو العمري الناصري صاحب الجامع والخانقاه المواجهة له في أول شارع الصليبة من جهة ميدان القلعة، موضحا أن للجامع والخانقاه مئذنتين متماثلتين ولعل المثال الوحيد للمآذن التوأمية في بنائين متقابلين عبر الطريق العام. وأوضح أن طومان باي آخر سلاطين المماليك اتخذ من الشيخونية مقرا لقيادته الحرب ضد قوات سليم الأول وخطط من داخلها للهجمات التي أقضت مضاجع العثمانيين المتحصنين بقلعة الجبل، وشيد الجامع غالبا فيما بين عامي 748، و750 هجرية بينما شيدت الخانقاه عام 756 هجرية. وقال حاول السلطان الناصر حسن بن قلاوون أن يحول سلطنة المماليك لملكية وراثية لنسل المنصور قلاوون ولذا استعان في دولته بأولاد أمراء المماليك الذين عرفوا بــ /أولاد الناس/، مشيرا إلى أن الأثري الكبير حسن عبدالوهاب عثر ضمن كتابات المدرسة الحنفية على اسمه مهندسها "محمد بن بيليك المحسني" الذي شيد عمارة السلطان حسن. وأضاف، كان من المقرر أن تكون لمدرسة السلطان حسن أربع مآذن بواقع اثنتين على الواجهة الجنوبية واثنتين على جانبي المدخل فلما سقطت واحدة مع الأخيرتين تشائم السلطان وتوقف عن بنائها لتبقى مئذنتان فقط، موضحا أن المئذنة الجنوبية لطالما استخدمها المتمردون على السلطان لقصف القلعة بالمدافع منها حتى أنها أغلقت ومنع الآذان منها في 793 هجرية ثم أمر جقمق سنة 842 هجرية بهدم السلالم المؤدية لها. وقال الدكتور أحمد السيد الصاوي أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة القاهرة :تعد مئذنتا جامع المؤيد شيخ من أشهر المآذن، حيث حبس المؤيد شيخ عندما كان أميرا في خزانة شمائل السجن الرهيب بالقاهرة ، فنذر إن صار له الملك أن يهدم السجن ويحوله لمسجد وقد فعل، وتولى الإشراف على عمارة الجامع بهاء الدين بن البرجي وجعل للمسجد مئذنة قريبة من المدخل ولكنها انهارت سنة 821 هجرية لخلل بها فعزل عن البناء وكتبت في تلك الواقعة أبياتا من الشعر تدور حلو عين الحسد التي طالت بهاء الجامع وضخامته. وأشار إلى أنه خشية من أن يؤدي ارتفاع المآذن لمشاكل بنائية لجأ المهندس الجديد لاستغلال برجي باب زويلة أحد أبواب السور الفاطمي للقاهرة ليتخذ منها قاعدتين مرتفعتين لمئذنتين متماثلتين ارتفاعا وطرازا. وسجل محمد بن القزاز مهندس مئذنتي المؤيد شيخ اسمه على المئذنة الشرقية قائلا " عمل هذه المئذنة المباركة العبد الفقير إلى الله تعالى محمد بن القزاز وكان الفراغ أول رجب سنة اثنتين وعشرين وثمان مائة"..ثم عاد وسجل على المئذنة الغربية قائلا" أمر بإنشاء هاتين المنارتين المباركتين سيدنا ومولانا السلطان المالك الملك المؤيد أبو النصر شيخ عز نصره وذلك في نظر العبد الفقير إلى الله تعالى محمد بن القزاز والفراغ في شهر شعبان المعظم قدره سنة ثلاث وعشرين وثمان مائة". وقال الصاوي: لا جدال في أن تغافل المؤرخين وكتب التراجم عن تسجيل أية معلومات تخص هذا المهندس العبقري لهو أمر يؤسف له بشدة والعزاء أن باب زويلة الفاطمي محتملا المئذنتين المملوكيتين صار شعارا لمحافظة القاهرة اعترافا بعبقرية البناء ونباهته وسطوة إطلالته على المارة تحت الباب الذي شهد عقده وقائع تنفيذ الإعدام شنقا في لصوص وملوك Page 2

مآذن مصر.. تاريخ عريق يروي عظمة العمارة الإسلامية
مآذن مصر.. تاريخ عريق يروي عظمة العمارة الإسلامية

الصباح العربي

time١٨-٠٣-٢٠٢٥

  • منوعات
  • الصباح العربي

مآذن مصر.. تاريخ عريق يروي عظمة العمارة الإسلامية

ليس من قبيل الصدفة أن تعرف القاهرة بأنها مدينة الألف مئذنة، فذلك تلخيص بارع لذلك الارتباط الوثيق بين مدينة القاهرة وعمارتها وتبيان ظاهر لحقيقة أن من تعاقب على حكمها أعطى الأولوية دوما للمنشآت الدينية بمختلف مسمياتها من المساجد والجوامع والمدارس وبيوت المتصوفة وجلها كانت تزود بالمآذن لإعلان دخول أوقات الصلاة من شرفاتها. وخلال العصور الوسطى ، كانت المنشآت الدينية والمدنية بالقاهرة لا يتجاوز ارتفاع مبانيها العشرة أمتار بينما تتسامق من بينها هامات المآذن بارتفاع عدة عشرات من الأمتار لتحتل أفق الرؤية ولا سيما أمام أنظار الواردين للعاصمة ولتستحق القاهرة أن تعرف عن جدارة واستحقاق بمدينة الألف مئذنة. أما من الناحية المعمارية، فإن المآذن القاهرية التي استقطبت اهتمام الباحثين في الآثار وتاريخ العمارة والفنون أيضا تفصح عن مسيرة تطور مزدهرة وشديدة الثراء والتنوع حتى ليصح القول بأن القاهرة من بين عواصم الإسلام كافة لا تمتلك فقط العدد الأكبر من المآذن بل وتحوز أكثر من نمط وطراز لتلك المآذن في تاريخ العمارة الإسلامية. فبعد أمثلة "تاريخية" قليلة ربما لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة لنمط "الصوامع" وهي تسمية المآذن التي عرفت بها في العصر الأموي وكانت متعامدة الأضلاع تأسيا بصوامع معبد حدد الآرامي التي استخدمت لإعلاء الآذان من فوقها بجامع دمشق الأول تجاوزت مصر هذا النمط الذي شيدت به أول مئذنة لجامع عمرو بن العاص بالفسطاط ، وانطلقت ترفد العمارة الإسلامية بأنماط وأشكال مبتكرة خلافا لبلاد المغرب والأندلس التي طورت مآذنها في إطار شكل الصومعة وحسب. وعرفت مصر في عهد أحمد بن طولون يقينا نمط مئذنة سامراء "الملوية" حسبما يستفاد من أقوال المؤرخين المبهمة وحسبما ينبئ عن ذلك تخطيط الجامع الطولوني المشابه لتخطيط مسجد سامراء الجامع ، ولكننا لحسن الحظ فقدنا تلك المئذنة لتقوم مكانها مئذنة لا مثيل لها في العمارة الإسلامية بالعالم كله وهي المئذنة الحالية لجامع أحمد بن طولون. وشهد بناء المآذن في مصر خلال عصر المماليك بشقيه البحري والبرجي تطورا هائلا سواء في التقاليد البنائية أو الأنماط والطرز . غير أن الزلزال الذي ضرب القاهرة في سنة 702 هـ وأصاب معظم مآذنها بدرجات متفاوتة من الخراب قد دفع المعماريين لتبني خطط إنشائية متنوعة بحسب حجم ومكان المنشآت لتحقيق هدفين بقيا متلازمين في المآذن المملوكية وهما الارتفاع الشاهق ومتانة البناء التي تقاوم عاديات الزمن. ويقول الدكتور أحمد السيد الصاوي أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة القاهرة، لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم/ الثلاثاء/، إنه من بين أشهر المآذن الإسلامية /المئذنة اليتيمة / بجامع أحمد ابن طولون فهي مئذنة لا مثيل لها في تاريخ العمارة الإسلامية ، خلاسية بالمعنى الحرفي للكلمة ، ولكنها تبقى مهيبة ومتناسقة التكوين، موضحا أن جامع أحمد بن طولون ارتبط بتاريخ السلطان المنصور حسام الدين لاجين الذي اختبأ بمئذنته المهدمة من مطاردة السلطان زين الدين كتبغ إذ نذر لله أن يعيد للجامع رونقه إذا ما صارت إليه ملك مصر ولما تولي الحكم سنة 696 هجرية وفي بنذره وأعاد ترميم الجامع وشيد المئذنة القائمة لليوم. وأضاف الصاوي أن تصميم المئذنة الفريد يجمع بين بدن الصوامع المربع المألوف في المغرب والأندلس وبقية من تصميم الملوية بعد تحويل المنحدر حولها لدرج سلم مع نهاية تجمع بين مرحلة التطور الفاطمي/الأيوبي وبدايات الشخصية المملوكية. وتابع قائلا :إنه من بين المآذن أيضا مئذنة مجموعة المنصور قلاوون، وهي ليست الأصلية لمجموعة قلاوون، إذ سقطت في زلزال 702 هجرية ، وأمر الناصر محمد بن قلاوون بتشييدها عام 703 هجرية وعهد بذلك إلى الأمير سيف الدين كهرداش المنصوري. وأوضح أن الطابقين الأول والثاني من المئذنة مربعان بينما الثالث مستدير حافل بالزخارف أما قمتها فهي أحدث عهدا ويعتقد أنها كانت مضلعة مخوصة مثل قمة المآذن المعاضرة مثل سلار والجاولي، لافتا أنه نظرا لقر المئذنة من المحكمة الشرعية بالمدرسة الصالحية النجمية كان القاضي والشهود يتوجهون لقمتها لاستطلاع أهلة الشهور الهجرية ، وأهمها وأكثر احتفاء كان استطلاع هلال شهر رمضان المبارك وهلال شهر شوال. وقال الصاوي إنه من بين المآذن العريقة مآذن الأزهر، حيث لم يكن الأزهر مجرد جامع كبير عتيد بقلب القاهرة التاريخية فقد كان فعليا معقلا علميا ..مشيرا الى أن المماليك اهتموا بالجامع الأزهر لاستجلاب رضاء العامة ومجتمع الأزهر بطلابه، واستخدمت مآذن الأزهر إلى جانب الآذان لأغراض تحشيد الأهالي ونشأت علاقة تعاضدية تستحق الدراسة بين الأزهر وحي الحسينية. ولفت إلى أن المقريزي أشار لابن السيوفي باعتباره رئيس المهندسين في أيام الناصر محمد بن قلاوون ونسب إليه أنه شيد المدرسة الأقبغاوية بالأزهر ومئذنتها التي يقرر أنها ثاني مئذنة تشيد بالحجر بعد مئذنة المنصورية وكانت المآذن قبلها تشيد بالآجر( مثل مئذنة الصالحية النجمية)، وحسب المقريزي أيضا فقد تولى ابن السيوفي تشييد جامع ألطنبغا الماردين خارج باب زويلة وكذلك مئذنته. وقال "الشيخونية مئذنتا غرفة العمليات"، مشيرا إلى أن الأمير شيخو العمري الناصري صاحب الجامع والخانقاه المواجهة له في أول شارع الصليبة من جهة ميدان القلعة، موضحا أن للجامع والخانقاه مئذنتين متماثلتين ولعل المثال الوحيد للمآذن التوأمية في بنائين متقابلين عبر الطريق العام. وأوضح أن طومان باي آخر سلاطين المماليك اتخذ من الشيخونية مقرا لقيادته الحرب ضد قوات سليم الأول وخطط من داخلها للهجمات التي أقضت مضاجع العثمانيين المتحصنين بقلعة الجبل، وشيد الجامع غالبا فيما بين عامي 748، و750 هجرية بينما شيدت الخانقاه عام 756 هجرية. وقال حاول السلطان الناصر حسن بن قلاوون أن يحول سلطنة المماليك لملكية وراثية لنسل المنصور قلاوون ولذا استعان في دولته بأولاد أمراء المماليك الذين عرفوا بــ /أولاد الناس/، مشيرا إلى أن الأثري الكبير حسن عبدالوهاب عثر ضمن كتابات المدرسة الحنفية على اسمه مهندسها "محمد بن بيليك المحسني" الذي شيد عمارة السلطان حسن. وأضاف، كان من المقرر أن تكون لمدرسة السلطان حسن أربع مآذن بواقع اثنتين على الواجهة الجنوبية واثنتين على جانبي المدخل فلما سقطت واحدة مع الأخيرتين تشائم السلطان وتوقف عن بنائها لتبقى مئذنتان فقط، موضحا أن المئذنة الجنوبية لطالما استخدمها المتمردون على السلطان لقصف القلعة بالمدافع منها حتى أنها أغلقت ومنع الآذان منها في 793 هجرية ثم أمر جقمق سنة 842 هجرية بهدم السلالم المؤدية لها. وقال الدكتور أحمد السيد الصاوي أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة القاهرة :تعد مئذنتا جامع المؤيد شيخ من أشهر المآذن، حيث حبس المؤيد شيخ عندما كان أميرا في خزانة شمائل السجن الرهيب بالقاهرة ، فنذر إن صار له الملك أن يهدم السجن ويحوله لمسجد وقد فعل، وتولى الإشراف على عمارة الجامع بهاء الدين بن البرجي وجعل للمسجد مئذنة قريبة من المدخل ولكنها انهارت سنة 821 هجرية لخلل بها فعزل عن البناء وكتبت في تلك الواقعة أبياتا من الشعر تدور حلو عين الحسد التي طالت بهاء الجامع وضخامته. وأشار إلى أنه خشية من أن يؤدي ارتفاع المآذن لمشاكل بنائية لجأ المهندس الجديد لاستغلال برجي باب زويلة أحد أبواب السور الفاطمي للقاهرة ليتخذ منها قاعدتين مرتفعتين لمئذنتين متماثلتين ارتفاعا وطرازا. وسجل محمد بن القزاز مهندس مئذنتي المؤيد شيخ اسمه على المئذنة الشرقية قائلا " عمل هذه المئذنة المباركة العبد الفقير إلى الله تعالى محمد بن القزاز وكان الفراغ أول رجب سنة اثنتين وعشرين وثمان مائة"..ثم عاد وسجل على المئذنة الغربية قائلا" أمر بإنشاء هاتين المنارتين المباركتين سيدنا ومولانا السلطان المالك الملك المؤيد أبو النصر شيخ عز نصره وذلك في نظر العبد الفقير إلى الله تعالى محمد بن القزاز والفراغ في شهر شعبان المعظم قدره سنة ثلاث وعشرين وثمان مائة". وقال الصاوي: لا جدال في أن تغافل المؤرخين وكتب التراجم عن تسجيل أية معلومات تخص هذا المهندس العبقري لهو أمر يؤسف له بشدة والعزاء أن باب زويلة الفاطمي محتملا المئذنتين المملوكيتين صار شعارا لمحافظة القاهرة اعترافا بعبقرية البناء ونباهته وسطوة إطلالته على المارة تحت الباب الذي شهد عقده وقائع تنفيذ الإعدام شنقا في لصوص وملوك.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store