#أحدث الأخبار مع #أخيلاالدستورمنذ 13 ساعاتسياسةالدستورسلسلة «المسلمين في الأندلس»أ.د. محمد عبده حتاملة*الحلقة الأولى: فتح الأندلس والعهود التي مرت بهابدأ انهيار دولة القوط في إسبانيا يتسارع في عهد الملك غيطشة Witiza (709-701م)، فبعد وفاة أبيه أخيكا اعتلى العرش، مخالفاً مبدأ الانتخاب الذي اتفق عليه النبلاء والتزموا به، مما أثار حنقهم عليه. وأثار غضبهم أيضاً وغضب رجال الدين أمره بإزالة الأسوار عن المدن، ومنع استعمال الأسلحة حتى لا يثور عليه أحد. وزاد نقمة الناقمين عليه اختياره ابنه الصبي أخيلا (Achila) - أو كما تسميه المصادر العربية (وقلة) - حـاكـمـاً على طركونة وسبتمانيا، تمهيداً لاعتلائه العرش بعد وفاته، يضاف إلى ذلك أن غيطشة مال إلى إنصاف الناس من استبداد نبلاء القوط الذين أبعدهم عن نفسه، وحرمهم من بعض امتيازاتهم، وفرق شملهم، وقد اجتمعت كل هذه الأسباب لتكون حافزاً للنبلاء من أجل مضاعفة العمل للقضاء على غيطشة ودولته.وتوفى الملك غيطشة عام 709م تاركاً وراءه ثلاثة أبناء هم: أخيلا (وقلة)، وألمند، وأرطباس، بالإضافة إلى أخوين آخرين كان أحدهما أسقفاً لإشبيلية أبة (Oppa)، وكان الآخر وصياً على أخيلا المرشح لوراثة العرش. وعندما توفي غيطشة تخوف النبلاء من استبداد الوصي بالحكم، واجتمعت لديهم الأسباب كلها للامتناع عن طاعة أخيلا، بل اسـتـقـل بعضهم في الأطراف والنواحي، وعمت الفوضى والارتباك البلاد.وقد أسرع أخيلا (وقلة) بالعودة إلى العاصمة طليطلة قادماً من إحدى المقاطعات الشمالية حيث كان يقيم، ولكنه مُنع بالقوة العسكرية من دخول العاصمة، واختار النبلاء والقساوسة شخصاً آخر من غير الأسرة المالكة لتولي العرش، وهو الدوق لذريق (Rodrigo)، وأقاموه ملكاً على إسبانيا، وعندئذ انقسم الجيش والرأي العام على نفسه بين مؤيد للملك المخلوع ومعارض لـه، وعمت الفوضى السياسية البلاد.وقد كان لذريق رجلاً شجاعاً، وقائداً وفارساً، إلا أنه كان بحاجة ملحة للمال بسبب ظروف توليه العرش، ولذلك بدأ حكمه بالاستيلاء على خزائن من سلفه من الملوك.ولم يرض أتباع غيطشة ومؤيدوه وأفراد أسرته عن تعيين لذريق ملكاً، وأخذوا يتحينون الفرص، ويبحثون عمّن يعيد إليهم عرش أبيهم، ووجدوا ضالتهم في المسلمين الذين استكملوا فتح شمالي إفـريـقـيـة، وقد ظن أبناء غيطشة ومؤيدوهم أن المسلمين طلاب غنائم لا أكثر، ولذلك لن يستقروا في إسبانيا، فساعدوا في تمهيد الطريق أمامهم لدخولها.وقبل تناول فتح المسلمين إسبانيا التي أصبحت في عهدهم تعرف باسم (الأندلس) لا بد من الإشارة إلى أمر بالغ الأهمية، وهو أن طريق الفتح لم يكن سهلاً، أو مفتوحاً من دون عقبات، ذلك أن الاضطراب والـفــســاد الاجتماعي، والتخلف الاقتصادي الذي عانت منه إسبانيا قبـيـل الـفـتـح لا يعني أنها كانت بلا قوة عسكرية، فقد كان بإمكانها أن تحشد جيشاً قوياً مدرباً، ذلك أن دولة القوط ظلت رغم كل ما مر بها من ظروف تتمتع بقوة عسكرية كبيرة، وكان جيشها، بل جيوشها، تحارب على أرضها التي تعرفها جيداً، بينما كان جيش العرب المسلمين الفاتح يحارب في أرض مجهولة، كثيرة الشعاب، وعرة المسالك، إلا أنه كان مسلحاً بعقيدة يفتديها بالنفس، ويتحلى بقيم إنسانية، وروح جهادية ليس هدفها القتل والتدمير، وإنما نشر الإسلام، وإعلاء كلمة الله، ولذلك استطاع المسلمون فتح الأندلس خلال فترة وجيزة مع أنهم أقل عدداً وعدة من عدوهم الذي يحارب على أرضه، قريباً من إمداداته.وقد مرت الأندلس منذ بداية الفتح حتى سقوط غرناطة بثمانية عهود هي: عهد الفتح، وعهد الولاة، وعهد الإمارة الأموية، وعهد الخلافة الأموية، وعهد ملوك الطوائف، وعهد المرابطين، وعهد الموحدين، وعهد مملكة غرناطة. وفيما يلي نبذة مختصرة عن كل من هذه العهود التي استغرقت نحو ثمانية قرون من الزمان.أستاذ شرف في قسم التاريخ ـ الجامعة الأردنية
الدستورمنذ 13 ساعاتسياسةالدستورسلسلة «المسلمين في الأندلس»أ.د. محمد عبده حتاملة*الحلقة الأولى: فتح الأندلس والعهود التي مرت بهابدأ انهيار دولة القوط في إسبانيا يتسارع في عهد الملك غيطشة Witiza (709-701م)، فبعد وفاة أبيه أخيكا اعتلى العرش، مخالفاً مبدأ الانتخاب الذي اتفق عليه النبلاء والتزموا به، مما أثار حنقهم عليه. وأثار غضبهم أيضاً وغضب رجال الدين أمره بإزالة الأسوار عن المدن، ومنع استعمال الأسلحة حتى لا يثور عليه أحد. وزاد نقمة الناقمين عليه اختياره ابنه الصبي أخيلا (Achila) - أو كما تسميه المصادر العربية (وقلة) - حـاكـمـاً على طركونة وسبتمانيا، تمهيداً لاعتلائه العرش بعد وفاته، يضاف إلى ذلك أن غيطشة مال إلى إنصاف الناس من استبداد نبلاء القوط الذين أبعدهم عن نفسه، وحرمهم من بعض امتيازاتهم، وفرق شملهم، وقد اجتمعت كل هذه الأسباب لتكون حافزاً للنبلاء من أجل مضاعفة العمل للقضاء على غيطشة ودولته.وتوفى الملك غيطشة عام 709م تاركاً وراءه ثلاثة أبناء هم: أخيلا (وقلة)، وألمند، وأرطباس، بالإضافة إلى أخوين آخرين كان أحدهما أسقفاً لإشبيلية أبة (Oppa)، وكان الآخر وصياً على أخيلا المرشح لوراثة العرش. وعندما توفي غيطشة تخوف النبلاء من استبداد الوصي بالحكم، واجتمعت لديهم الأسباب كلها للامتناع عن طاعة أخيلا، بل اسـتـقـل بعضهم في الأطراف والنواحي، وعمت الفوضى والارتباك البلاد.وقد أسرع أخيلا (وقلة) بالعودة إلى العاصمة طليطلة قادماً من إحدى المقاطعات الشمالية حيث كان يقيم، ولكنه مُنع بالقوة العسكرية من دخول العاصمة، واختار النبلاء والقساوسة شخصاً آخر من غير الأسرة المالكة لتولي العرش، وهو الدوق لذريق (Rodrigo)، وأقاموه ملكاً على إسبانيا، وعندئذ انقسم الجيش والرأي العام على نفسه بين مؤيد للملك المخلوع ومعارض لـه، وعمت الفوضى السياسية البلاد.وقد كان لذريق رجلاً شجاعاً، وقائداً وفارساً، إلا أنه كان بحاجة ملحة للمال بسبب ظروف توليه العرش، ولذلك بدأ حكمه بالاستيلاء على خزائن من سلفه من الملوك.ولم يرض أتباع غيطشة ومؤيدوه وأفراد أسرته عن تعيين لذريق ملكاً، وأخذوا يتحينون الفرص، ويبحثون عمّن يعيد إليهم عرش أبيهم، ووجدوا ضالتهم في المسلمين الذين استكملوا فتح شمالي إفـريـقـيـة، وقد ظن أبناء غيطشة ومؤيدوهم أن المسلمين طلاب غنائم لا أكثر، ولذلك لن يستقروا في إسبانيا، فساعدوا في تمهيد الطريق أمامهم لدخولها.وقبل تناول فتح المسلمين إسبانيا التي أصبحت في عهدهم تعرف باسم (الأندلس) لا بد من الإشارة إلى أمر بالغ الأهمية، وهو أن طريق الفتح لم يكن سهلاً، أو مفتوحاً من دون عقبات، ذلك أن الاضطراب والـفــســاد الاجتماعي، والتخلف الاقتصادي الذي عانت منه إسبانيا قبـيـل الـفـتـح لا يعني أنها كانت بلا قوة عسكرية، فقد كان بإمكانها أن تحشد جيشاً قوياً مدرباً، ذلك أن دولة القوط ظلت رغم كل ما مر بها من ظروف تتمتع بقوة عسكرية كبيرة، وكان جيشها، بل جيوشها، تحارب على أرضها التي تعرفها جيداً، بينما كان جيش العرب المسلمين الفاتح يحارب في أرض مجهولة، كثيرة الشعاب، وعرة المسالك، إلا أنه كان مسلحاً بعقيدة يفتديها بالنفس، ويتحلى بقيم إنسانية، وروح جهادية ليس هدفها القتل والتدمير، وإنما نشر الإسلام، وإعلاء كلمة الله، ولذلك استطاع المسلمون فتح الأندلس خلال فترة وجيزة مع أنهم أقل عدداً وعدة من عدوهم الذي يحارب على أرضه، قريباً من إمداداته.وقد مرت الأندلس منذ بداية الفتح حتى سقوط غرناطة بثمانية عهود هي: عهد الفتح، وعهد الولاة، وعهد الإمارة الأموية، وعهد الخلافة الأموية، وعهد ملوك الطوائف، وعهد المرابطين، وعهد الموحدين، وعهد مملكة غرناطة. وفيما يلي نبذة مختصرة عن كل من هذه العهود التي استغرقت نحو ثمانية قرون من الزمان.أستاذ شرف في قسم التاريخ ـ الجامعة الأردنية