logo
#

أحدث الأخبار مع #أريفينونتحسنالمرابط

من هولاكو الى نتنياهو..غزة تعيد تاريخ مجازر المغول في بغداد
من هولاكو الى نتنياهو..غزة تعيد تاريخ مجازر المغول في بغداد

أريفينو.نت

time٢٩-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • أريفينو.نت

من هولاكو الى نتنياهو..غزة تعيد تاريخ مجازر المغول في بغداد

أريفينو.نت/ حسن المرابط التاريخ ليس مجرد سجل لأحداث مضت؛ إنه مرآة قاسية تعكس أحياناً فشلنا المستمر في التعلم. والمقارنة بين ما جرى لبغداد على يد هولاكو عام 1258 وما يجري لغزة اليوم تحت قصف بنيامين نتنياهو ليست مجرد تمرين أكاديمي، بل هي جرس إنذار يصم الآذان، يكشف عن استمرار ذات الأنماط المروعة من الوحشية، وذات التخاذل الإقليمي المقلق. لننظر إلى لغة الأرقام الصادمة، ولنستمع إلى أصداء الرعب القادم من عمق التاريخ: في بغداد عام 1258، لم تكن مجرد معركة، بل كانت مذبحة شاملة استمرت لأيام، وربما أسابيع. تتحدث المصادر التاريخية عن كارثة إنسانية لا يمكن تصورها، حيث تشير تقديرات مثل تقديرات ابن الأثير إلى مقتل ما بين 800 ألف إلى مليوني إنسان. لم يكن القتل عشوائياً فقط، بل كان ممنهجاً ووحشياً؛ هوجمت البيوت والمساجد والمستشفيات، ذُبح الرجال والنساء والأطفال دون تمييز، امتلأت الشوارع بالجثث المتعفنة لدرجة أن رائحة الموت أجبرت هولاكو نفسه على نقل معسكره خارج المدينة. ولعل أبشع صور التدمير الحضاري تمثلت في إحراق وتدمير 'بيت الحكمة'، مكتبة بغداد العظيمة، حيث تروي الروايات كيف أُلقيت ملايين المخطوطات والكتب في نهر دجلة حتى قيل إن لون مياهه تحول إلى السواد من حبر الكتب المذابة، أو الأحمر من دماء العلماء الذين قُتلوا وأُلقوا فيه. ولم يكتف المغول بذلك، بل أمعنوا في إذلال رمز المدينة، الخليفة المستعصم بالله، الذي قُتل (حسب روايات شائعة) دهساً بالخيول بعد لفه في سجادة، تجنباً لسفك دمه الملكي مباشرة على الأرض حسب معتقداتهم. وفي غزة اليوم (وفقاً لإحصاءات أبريل 2025)، وإن اختلفت الأدوات، فإن صدى تلك الوحشية يتردد. تجاوز عدد الشهداء 50 ألفاً، بينهم أكثر من 20 ألف طفل. نشاهد 90% من البنية التحتية تُسوّى بالأرض، و85% من السكان يُهجّرون قسراً. إقرأ ايضاً إنها ليست مجرد أضرار جانبية، بل استراتيجية تدمير للحاضر ومحاولة لمحو المستقبل، تذكرنا بمسح المغول لمعالم بغداد. لكن الوجه الآخر لهذه المأساة، والذي لا يقل مرارة، هو الصمت العربي أو ردود الفعل الباهتة. كما وقفت الممالك المجاورة موقف المتفرج – أو المتوجس على مصيره فقط – بينما كانت بغداد تُسحق وتُدمر مكتباتها ويُقتل علماؤها، نرى اليوم مواقف عربية رسمية تتراوح بين الشجب الخجول والتطبيع المستمر، وكأن دماء غزة وآلاف الأطفال فيها لا تستحق أكثر من بيانات موسمية. حيث ترك الفلسطينيون يواجهون مصيرهم أمام آلة حرب لا ترحم. أين ذهبت نخوة الماضي؟ وأين هي مسؤولية الجوار الأخلاقي والتاريخي؟ ولا يمكن إغفال التشابه الصارخ في عقلية القادة. هولاكو استخدم الترويع العلني لسحق الروح المعنوية، ونتنياهو، تحت شعارات الدفاع عن النفس ومحاربة الإرهاب، يمارس سياسة الأرض المحروقة والعقاب الجماعي ضد ملايين المدنيين المحاصرين. تجويع السكان، وتدمير مصادر الحياة، والخطابات التي تلمح إلى التهجير والإبادة، كلها تذكرنا بأحلك فصول التاريخ، وتؤكد أن الوحشية لا تتغير، وإن تغيرت أدواتها. لماذا يتكرر هذا المشهد؟ لأننا لم نعالج جذور الداء. الانقسام العربي لا يزال هو الثغرة التي ينفذ منها الأعداء، تماماً كما استغل هولاكو صراعات الأمس. والعدالة الدولية، التي يفترض أن تكون حصناً للمستضعفين، تبدو عاجزة أو مكبلة بمصالح القوى الكبرى، حيث يتحول 'الفيتو' في مجلس الأمن إلى رخصة لارتكاب الفظائع دون حساب. إن دماء بغداد، بأرقام ضحاياها المليونية ومكتباتها المدمرة، لم تجلب للمغول أمناً دائماً، ودماء غزة، بعشرات آلاف شهدائها ودمارها الواسع، لن تحقق لإسرائيل سلاماً حقيقياً. العنف يولد العنف، والكراهية تتوارثها الأجيال. السؤال الذي يجب أن يؤرقنا جميعاً: إلى متى سنظل أسرى لهذه الدائرة المفرغة؟ متى ستتحول الدول العربية من لعب دور المتفرج الحزين أو الشاهد العاجز، إلى قوة فاعلة قادرة على تغيير المسار وحماية شعوبها ومستقبلها؟ التاريخ يراقب، والأجيال القادمة لن ترحم صمتنا وتخاذلنا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store